أبي جهل ، فبعث إليه النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إن كنت متزوّجاً فرد علينا بنتنا » (١).
أقول : فحديث يرويه عبيد الله بن تمام الذي مرّ حاله ، وينتهي سنده إلى عكرمة الخارجي الكذّاب ، الذي حبسه علي بن عبد الله بن عباس على باب الكنيف ، لأنّه كان يكذب على أبيه ، وحديث كذبه شائع ذائع حتّى إنّ ابن عمر حذّر غلامه أن يكذب عليه ، كما كذّب عكرمة على ابن عباس ، وقد أكذبه آخرون ، مضافاً إلى أنّه كان خارجياً يبغض الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فهل يمكن أن نصدّق أنّ ابن عباس روى ذلك؟
وثمّة حديث آخر وهو موضوع ، لأنّه أشدّ تعفّناً ممّا سبق ، حيث رووا عن علي نفسه إقراره بموجدة النبيّ صلىاللهعليهوآله منه لذلك ، واستشفاعه بأبي بكر ، إلى غير ذلك ، ممّا يستبطن كذبه في سياق ما رواه المتّقي الهندي عن الحارث عن علي ، قال : « لمّا خطبت بنت أبي جهل بن هشام ، وجد النبيّ صلىاللهعليهوآله موجدة ، فرأيت في وجهه ، فخرجت إلى أبي بكر فأخذت بيده ، فأدخلته على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا رأى النبيّ صلىاللهعليهوآله أبا بكر مقبلاً ، تهلّل وجهر النبيّ صلىاللهعليهوآله فرحاً ، فقلت : يا رسول الله رأيت في وجهك ما أكره ، فلمّا نظرت إلى أبي بكر تهلّل وجهك إليه فرحاً »!
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ما يمنعني أن تهلّل وجهي إلى أبي بكر فرحاً ، وأبو بكر أوّل الناس إسلاماً ، وأقدمهم إيماناً ، وأطولهم سمتاً ، وأكثرهم مناقب ، رفيقي في الهجرة إلى المدينة ، وأنيسي في وحشة الغار ، ومن بعد ذلك ضجيعي في قبري ، كيف لا يتهلّل وجهي إلى أبي بكر فرحاً »؟ (٢).
ولا تعليق لنا على ذلك إلاّ تنبيه القارئ على مدى العبث في التاريخ ، والمغالاة في صياغة الشخصية المحبوبة عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والنزعة الخفية في التفضيل ، وأنّ أبا بكر هو الأنموذج الأمثل للصحابة.
__________________
١ ـ لسان الميزان ٤ / ٩٧.
٢ ـ كنز العمّال ١٢ / ٥١٦.