أقول : ومن قول فاطمة عليهاالسلام لأبيها يظهر : أنّ الأذى كان قد لحق ببنات النبيّ صلىاللهعليهوآله قبلها من أزواجهن فلم يغضب لهن ، حتّى ذكرت له زعم قومه أنّه لا يغضب لبناته ، مستثيرة فيه غيرته وحميّته وشففته.
وإذا صحّ زعم المسور في ذلك ، فالنقد يتوجّه إلى أصهار النبيّ صلىاللهعليهوآله عدا أبي العاص الذي خصّه البخاريّ بالعنوان ، وذكره المسور في حديثه ، فلا يبقى إذاً سوى عثمان الذي كانت عنده أُمّ كلثوم ورقية وماتتا عنده ، وإليه يتوجّه النقد ، فهل شعر المسور بذلك؟ وهل يقبله وهو الذي كان مع عثمان كما مرّ؟
ولعلّ من أجل هذا أعرض شرّاح الصحيح عن شرح هذه الجملة من حديثه ، خصوصاً ابن حجر الذي تخطّى ذلك إلى شرح جملة : وهذا علي ناكح بنت أبي جهل ، فقال : في رواية الطبراني عن أبي اليمان ، وهذا علي ناكحاً بالنصب ، وكذا عند مسلم من هذا الوجه ، أطلقت عليه اسم ناكح مجازاً باعتبار ما كان قصد يفعل ، واختلف في اسم ابنة أبي جهل ....
فاستعرض الأقوال في اسمها ، ولا يعنينا تحقيق ذلك كثيراً الآن ، إلى أن قال في شرح قوله : « حدّثني فصدّقني » ، لعلّه كان شرط على نفسه أن لا يتزوّج على زينب ، وكذلك علي ، فإن لم يكن كذلك فهو محمول على أنّ علياً نسي ذلك الشرط ، فلذلك أقدم على الخطبة ، أو لم يقع عليه شرط ، إذ لم يصرّح بالشرط ، فلذلك أقدم على الخطبة ، لكن كان ينبغي له أن يراعي هذا القدر ، فلذلك وقعت المعاتبة ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله قلّ أن يواجه أحداً بما يعاب به ، ولعلّه إنّما جهر بمعاتبة علي مبالغة في رضا فاطمة عليهاالسلام ، وكانت هذه الواقعة بعد فتح مكّة ، ولم يكن حينئذ تأخّر من بنات النبيّ صلىاللهعليهوآله غيرها ، وكانت أصيبت بعد أُمّها بأخوتها ، فكان إدخال الغيرة عليها ممّا يزيد حزنها.
هذا ما قاله أشهر شرّاح الصحيح ، أن لم يكن أعلمهم ، فاقرأ ذلك واحكم عليه بما تقتضيه شريعة الإنصاف دون اعتساف.
ولنعد إلى فقرات الحديث لنقارن بينها وبين ما مرّ عنه في الحديث الأوّل في