تحقيق النصّ الذي سمعه من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فسنجد بينهما من التفاوت ما يدعو إلى الريبة في الأمر ، حتّى في الصحيح ، لاتفاق سند الحديثين من الزهريّ إلى المسور ، وإنّما ذكر البخاريّ الحديث الأوّل عن محمّد بن عمرو بن طلحة عن الزهريّ ، والحديث الثاني ذكره عن شعيب عن الزهريّ ، ثمّ قال : وزاد محمّد بن عمرو بن طلحة ... ، فذكر بعضاً من تلك الزيادة خصوصاً جملة : « وإنّي لست أحرّم حلالاً ، ولا أحلّ حراماً » ، فراجع الحديث وقارن بينهما بدقّة ، لترى مدى التفاوت متناً مع اتحاد السند ، وأنّه لأمر مريب!
وأمّا الحديث الرابع ، فنلاحظ عليه :
أوّلاً : غرابة العنوان الذي جعله البخاريّ للباب الذي أورد الحديث فيه ، ولم يورد فيه غيره ، فراجع.
ثانياً : إنّه ذكره بسنده عن الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور ، بينما أخرجه الترمذيّ عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير ، وذكر الاختلاف فيه ، ثمّ قال : يحتمل أن يكون ابن أبي مليكة حمله عنهما جميعاً.
قال ابن حجر بعد ترجيحه رواية الليث عن ابن أبي مليكة ، لكونه توبع من رواية عمرو بن دينار وغيره ، ولكون الحديث قد جاء عن المسور من غير رواية ابن أبي مليكة ، فقد تقدّم في فرض الخمس.
وفي المناقب ، من طريق الزهريّ عن علي بن الحسين بن علي عن المسور ، وزاد فيه في الخمس قصّة سيف النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وذلك سبب تحديث المسور لعلي بن الحسين بهذا الحديث ، وقد ذكرت ـ والكلام لابن حجر ـ ما يتعلّق بقصّة السيف عنه هناك.
ولا أزال أتعجّب من المسور كيف بالغ في تعصّبه لعلي بن الحسين حتّى قال : إنّه لو أودع عنده السيف لا يمكّن أحداً منه حتّى تزهق روحه ، رعاية لكونه ابن فاطمة ، محتجّاً بحديث الباب ، ولم يراع خاطره في أنّ ظاهر سياق الحديث المذكور غضاضة على علي بن الحسين ، لما فيه من إيهام غضّ من جدّه علي بن