أقول : وما ذكره في كتاب المناقب ليس إلاّ تعليقة على الحديث الثاني في شرح قوله صلىاللهعليهوآله : « فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني » فقال : وهو طرف من قصّة خطبة علي ابنة أبي جهل ، وسيأتي مطوّلاً في ترجمة أبي العاص بن الربيع قريباً (١) ، وهذا ليس فيه أيّ إشكال.
وأمّا ما ذكره في كتاب المناقب أيضاً في ترجمة أبي العاص بن الربيع ، وهو الحديث الثالث كما مرّ ، فقد قال : « وإنّما خطب النبيّ صلىاللهعليهوآله ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به ، إمّا على سبيل الإيجاب ، وإمّا على سبيل الأولوية ، وغفل الشريف المرتضى عن هذه النكتة ، فزعم أنّ هذا الحديث موضوع ، لأنّه من رواية المسور ، وكان فيه انحراف عن علي ، وجاء من رواية ابن الزبير وهو أشدّ من ذلك ، وردّ كلامه بإطباق أصحاب الصحيح على تخريجه »! (٢).
ألا على العقول العفا إن كان هذا الردّ الباهت يصلح لردّ قول الشريف المرتضى ( قدس سره ) ، وكم في تلكم الكتب من أخبار موضوعة ، وقد نقدوها سنداً ودلالة ، وابن حجر نفسه في مقدّمة شرحه التي سمّاها هدى الساري ذكر شواهد كثيرة لا يسع المقام ذكرها ، فلتراجع.
ثمّ كان ما أورده أصحاب الصحيح أنزل من اللوح المحفوظ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولو انصف ابن حجر نفسه قبل إنصافه الشريف المرتضى ، فلم يذكر ردّه الذي هو غاية ما عنده لكان به أولى وعليه أبقى.
ثمّ إنّه أطال الكلام في الاختلاف في اسم المخطوبة من بنات أبي جهل ، كما أطال في شرح قوله : « حدّثني فصدّقني » ، ولم يأت بطائل.
__________________
١ ـ المصدر السابق ٧ / ٦٣.
٢ ـ المصدر السابق ٧ / ٦٨.