وفي جواب الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام هذا ما يقطع جهيزة كلّ متنطّع لتصويب عرض المسور بن مخرمة ، فهو لم يخش عبد الملك بن مروان ولا سلطته ، وهو هو في عتوّه وجبروته.
وثالثاً : لنرى ثالثة الأثافي ، وتلك هي فرية المسور في قوله : إنّ علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليهاالسلام ، فسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يخطب الناس في ذلك على منبره ، هذا وأنا يومئذ محتلم فقال : « إنّ فاطمة منّي ... ».
هنا مسائل : ما هو الربط في هذه الرواية بين قصّة طلبه السيف وبين قصّة الخطبة المزعومة؟
والجواب هو ما أربك شرّاح صحيح البخاريّ فصالوا وجالوا , ليوافقوا بين القصّتين فلم يوفّقوا.
وللطرافة ننقل للقارئ بعض ما ذكره ابن حجر في فتح الباري حيث قال : « وقال الكرماني : مناسبة ذكر المسور لقصّة خطبة بنت أبي جهل عند طلبه للسيف من جهة ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يحترز عمّا يوجب التكدير بين الأقرباء ، أي فكذلك ينبغي أن تعطيني السيف حتّى لا يحصل بينك وبين أقربائك كدورة بسببه ، أو كما أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يراعي جانب بني عمّه العباسيّين ، فأنت أيضاً راع جانب بني عمّك النوفليين ، لأنّ المسور نوفلي كذا قال ، والمسور زهري لا نوفلي.
قال : أو كما أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يحبّ رفاهية خاطر فاطمة عليهاالسلام ، فأنا أيضاً أحبّ رفاهية خاطرك لكونك ابن ابنها ، فأعطني السيف حتّى أحفظه لك.
قلت ـ والقائل هو ابن حجر ـ : وهذا الأخير هو المعتمد ، وما قبله ظاهر التكلّف ، وسأذكر إشكالاً يتعلّق بذلك في كتاب المناقب إن شاء الله تعالى » (١).
__________________
١ ـ فتح الباري ٦ / ١٤٩.