وثانياً : لنقرأ قول المسور لعلي بن الحسين : فهل أنت معطي سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإنّي أخاف أن يغلبك القوم عليه ، ونحن لا نناقشه في أمر السيف وكيفية وصوله إلى علي بن الحسين ، وهو من مواريث النبوّة ... وهذا عنده ، وقوله ينافي القول بعدم ميراث الأنبياء ، ولكن هل لنا أن نسأل المسور : من هم القوم الذين يخشى أن يغلبوا علي بن الحسين على سيف جدّه غير بني أُمية؟ وإذا كانوا هم ، فهل كان ذلك قبل واقعة الحرّة أو بعدها؟
فإن كان قبلها ، فالإمام علي بن الحسين كان أعزّ منه منعة ، وهم كانوا أذلّ وأضعف جنداً ، خصوصاً بعد أن أخرج الأمويّون واتباعهم من المدينة ، حتّى أنّ مروان استودع الإمام عياله كما مرّ.
وإن كان بعدها فالإمام هو الوحيد الذي لم يتعرّض له بسوء ، بوصية من يزيد ، وقد مرّ ذلك أيضاً ، فأيّ حال تلك التي كان المسور يخشاها على الإمام أن يغلب فيها على سيف جدّه؟
ولو لم يكن ثمّة تحديد زمني في الحديث ، حيث ورد أنّ المسور لقي علي بن الحسين عليهماالسلام حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية بعد مقتل الحسين بن علي.
أقول : لو لم يكن ذلك التحديد لاحتملنا أنّ المسور قال ذلك بعد أن بلغه طلب عبد الملك بن مروان من الإمام علي بن الحسين ذلك السيف يستوهبه منه ويسأله الحاجة ، فأبى عليه ، فكتب إليه عبد الملك يهدّده وأنّه يقطع رزقه من بيت المال ، فأجابه عليهالسلام : « أمّا بعد ، فإنّ الله ضمن للمتّقين المخرج من حيث يكرهون ، والرزق من حيث لا يحتسبون ، وقال جلّ ذكره : ( إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) (١) فانظر أيّنا أولى بهذه الآية » (٢).
____________
١ ـ الحجّ : ٣٨.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٠٣.