ولو بهلاك بعض ولدي ، ولكن قضى الله ما رأيت ، يا بني كاتبني حاجة تكون لك (١).
وذكر ابن الأثير أيضاً : إنّ يزيد بن معاوية لمّا وجه مسلم بن عقبة المري ـ وهو الذي سمّي مسرفاً ـ إلى المدينة المنوّرة لمقاتلة أهلها حين خلعوا بيعته ، قال له : فإذا ظهرت عليهم فأنهبها ثلاثاً ، فكلّ ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فأكفف عن الناس ، وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه ، واستوص به خيراً ، فإنّه لم يدخل مع الناس ، وإنّه قد أتاني كتابه.
وقد كان مروان بن الحكم كلّم ابن عمر لمّا أخرج أهل المدينة عامل يزيد وبني أُمية في أن يغيّب أهله عنده فلم يفعل ، فكلّم علي بن الحسين ، فقال : إنّ لي حرماً وحرمي يكون مع حرمك ، فقال : « أفعل » ، فبعث بامرأته وهي عائشة ابنة عثمان بن عفّان ، وحرمه إلى علي بن الحسين ، فخرج علي بحرمه وحرم مروان إلى ينبع ، وقيل : بل أرسل حُرم مروان ، وأرسل معهم ابنه عبد الله بن علي إلى الطائف (٢).
وجاء في إرشاد المفيد : « إنّ مسرف بن عقبة لمّا قدم المدينة أرسل إلى علي بن الحسين عليهماالسلام فأتاه ، فلمّا صار إليه قرّبه وأكرّمه وقال له : وصّاني أمير المؤمنين ببرّك وتمييزك من غيرك ... » (٣).
فممّا تقدّم تبيّن : أنّ الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام كان أرفع مكانة وأجلّ قدراً وأقوى موقعاً لدى الحاكمين من المسور بن مخرمة ، الذي رفسه مروان برجله كما مرّ ، وجلدوه الحدّ كما تقدّم ، فهو أذلّ من أن يتمكّن من قضاء حاجة لأحد عند الأمويّين.
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ ٤ / ٨٧.
٢ ـ المصدر السابق ٤ / ١١٣.
٣ ـ الإرشاد ٢ / ١٥٢.