ولئن قيل عن المسور : إنّه كان مع خاله عبد الرحمن بن عوف مقبلاً ومدبراً في أمر الشورى كما سيأتي ، فإنّا نقول عن ابن الزبير : لقد كان مقبلاً ومدبراً في حرب الجمل مع خالته عائشة ، وكان هو الذي زيّن لها مسيرها إلى البصرة.
وهو الذي أتى إليها بأربعين شاهد زور شهدوا حين نبحتها كلاب الحوأب ، وأرادت الرجوع لتحذير النبيّ صلىاللهعليهوآله لها من ذلك ، لكن ابن الزبير جاءها بالشهود ، فشهدوا أنّ ذلك المكان ليس هو الحوأب ، فكانت أوّل شهادة زور في الإسلام.
وهو الذي عيّر أباه بالجبن حين عزم على الرجوع عن محاربة الإمام بعد تذكير الإمام له بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أمّا إنّك ستقاتله وأنت له ظالم » (١). فرجع فتلقّاه ابنه عبد الله ، فعيّره مستثيراً له على حرب الإمام.
ويكفينا قول الإمام فيه : « ما زال الزبير منّا حتّى نشأ بنوه ، فصرفوه عنّا » (٢) ، وفي رواية ابن أبي الحديد : « حتّى نشأ ابنه عبد الله ، فأفسده » (٣).
أليس هو الذي كان يحقد على الإمام لقتله عمّ أبيه نوفل بن خويلد ، الذي كان يقال له أسد قريش وأسد المطيّبين؟ وقتل الإمام له هو قول عامّة الرواة ، كما يقول ابن حزم (٤).
أليس هو الذي حبس ابن عباس وابن الحنفية ومن معهما من أهلهما في سجن عارم ، وأمّلهم إلى الجمعة إن لم يبايعوا ، وجعل الحطب على بابه ، ففاجأه أبو عبد الله الجدليّ الذي أرسله المختار في جماعة ، فدخلوا المسجد الحرام
__________________
١ ـ المصدر السابق ٢ / ١٦٧ ، كنز العمّال ١١ / ١٩٦ و ٣٣٠ و ٣٤٠ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٥١٤ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٢ ، جواهر المطالب ٢ / ٣١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٤٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٨٨.
٢ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٢٨.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٩.
٤ ـ جمهرة أنساب العرب : ١٢٠.