مكبّرين وعليهم السلاح ، فخرج ابن الزبير طالباً لنفسه النجاة ، وذهب الجدليّ ومن معه فأخرجوا بني هاشم من سجن عارم (١).
وهو القائل لابن عباس وكان يبلّغه تأنيبه وذمّه : « والله إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة » (٢).
قال ابن أبي الحديد : « وكان سبّاباً فاحشاً ، يبغض بني هاشم ، ويلعن ويسبّ علي بن أبي طالب عليهالسلام » (٣).
فمن كان هذا حاله ومقاله وفعاله ، كيف يصدَّق في حديثه لخطبة علي لابنة أبي جهل؟ فيما أخرجه عنه الترمذيّ في سننه ، قال : حدّثنا أحمد بن منيع ، أخبرنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن الزبير : أنّ علياً ذكر بنت أبي جهل ، فبلغ ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : « إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها ، وينصبني ما أنصبها ».
ثمّ قال الترمذيّ : « هذا حديث حسن صحيح ، هكذا قال أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن الزبير ، وقال غير واحد عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة ، ويحتمل أن يكون ابن أبي مليكة روى عنهما جميعاً » (٤).
وأخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك فقال : « حدّثنا بكر بن محمّد الصيرفيّ ، حدّثنا موسى بن سهل بن كثير ، حدّثنا إسماعيل بن علية ... » ، ثمّ ساق السند والحديث كما مرّ عن الترمذيّ وقال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه » (٥).
والذي يلفت النظر في المقام : إنّ الذهبيّ أهمل هذا الحديث في تلخيصه
__________________
١ ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٥٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٨.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٢ و ٢٠ / ١٤٨.
٣ ـ المصدر السابق ٤ / ٧٩.
٤ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٦٠.
٥ ـ المستدرك ٣ / ١٥٩.