الكتاب ، ولا يجحده إلاّ مجنون ، أو غير مخالط لأهل الملّة » (١).
وقد روى المفسّرون كلّهم : أنّ قول الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي ... ) نزلت في الإمام علي عليهالسلام ليلة المبيت على الفراش.
ولا نودّ التفصيل فيها أو ذكر مصادرها ، إذ كفانا العلاّمة الأميني ( قدس سره ) في الغدير (٢) ، فقد ذكر لها أكثر من ثلاثين مصدراً ، وأسهب في الحديث عنها مفصّلاً.
والمهمّ عندنا ليس نقل الواقعة ، ولا لفظها ومدلولها ، إذ ـ كما قلنا ـ هناك تواتر إجمالي على معناها ، والمهمّ فيها عندنا أنّنا نتساءل بحقّ جميع المقدّسات ، ليرجع كلّ عاقل منصف إلى ضميره ، ويرى هل يؤتمن على سرّ النبوّة والنواميس الإلهيّة ومقدّسات الأُمّة طفل ابن خمس سنين ، أو سبع سنين؟ وهو ليس أهل لحمل أعباء أمانة السماء وشؤون الوصاية؟!
وكيف نفسّر وضع رسول الله صلىاللهعليهوآله يده في يده ، ويعطيه صفقة يمينه بالأخوّة والوصاية والخلافة ، إلاّ وهو أهل لذلك؟ وهل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ لا سمح الله ـ يتجاهل؟ أو ـ والعياذ بالله ـ يفعل ما لا يرضاه الله سبحانه؟ أو ينطق عن الهوى؟! وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه ، ولم يلصق بأشكاله ، ولم يلاعب الصبيان ، أو يشكّك أو يتذبذب طوال مسيره الرسالي؟!
ولماذا قبلت منه السماء هذه المعاملة المقدّسة ( يَشْرِي )؟! وهل تصحّ المعاملة مع ليس هو أهل لذلك؟! أم هل يكون مثل هذا من صبي؟! والرسول يعامله معاملة الوزارة والوصاية آنذاك ، بحيث إنّ ذاك أصبح مرتكز الجميع ، وعيّر أبو طالب بذاك! ألا يفهم من هذا أنّه فوق كلّ الرجال؟
ثمّ لنا أن نتساءل : لو لم يقبل إسلامه فمتى إذاً أسلم وقُبل إسلامه؟ هل حدّثنا التاريخ بمثل هذا؟!
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١.
٢ ـ الغدير ٢ / ٤٧.