دروس في الرسائل - ج ٣

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٨

وأمّا رواية غوالي اللآلئ (١) المتقدّمة الآمرة بالاحتياط وإن كانت أخصّ منها إلّا أنّك قد عرفت ما فيها ، مع إمكان حملها على صورة التمكّن من الاستعلام.

ومنه يظهر عدم جواز التمسّك بصحيحة ابن الحجّاج الواردة في جزاء الصيد ، بناء على استظهار شمولها باعتبار المناط لما نحن فيه.

____________________________________

وحاصل الدفع أنّ ما دلّ على التوقّف في خصوص المتعارضين ، كأخبار التوقّف مطلقا(مختصّ ـ أيضا ـ بصورة التمكّن من إزالة الشبهة بالرجوع إلى الإمام عليه‌السلام) ، وبذلك يكون خارجا عمّا نحن فيه.

قوله : (وأمّا رواية غوالي اللآلئ المتقدّمة الآمرة بالاحتياط وإن كانت أخصّ منها ... إلى آخره).

دفع لما يمكن أن يقال من أنّ رواية غوالي اللآلئ الآمرة بالاحتياط في خصوص التعارض تكون أخصّ من أخبار التخيير الواردة في باب التعارض ، حيث يكون الحكم في هذه الرواية بعد عدم إمكان الاحتياط ، ويكون الحكم بالتخيير في أخبار التخيير مطلقا يشمل صورة إمكان الاحتياط ، ومقتضى القاعدة هو تخصيص أخبار التخيير بهذه الرواية ، ومقتضى التخصيص هو وجوب الاحتياط فيما إذا كان ممكنا ، والتخيير فيما إذا لم يكن الاحتياط ممكنا ، وبهذا يثبت ما هو المطلوب عند المحدّثين المتقدّمين.

وحاصل الدفع والجواب عن الإشكال هو أنّ هذه الرواية وإن كانت أخصّ من أخبار التخيير ـ كما ذكر في تقريب الإشكال ـ إلّا إنّها مردودة من حيث السند كما تقدّم في محلّه ، فلا يجوز الاعتماد عليها ، هذا مع إمكان حملها على صورة التمكّن من الاستعلام ، وحينئذ تكون خارجة عمّا نحن فيه ، ولعلّ ما ذكرنا في هذا المقام أوضح ممّا ذكره الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته ، فراجع.

(ومنه يظهر عدم جواز التمسّك بصحيحة ابن الحجاج الواردة في جزاء الصيد بناء على استظهار شمولها باعتبار المناط لما نحن فيه).

فيقال : إنّها وإن كانت واردة في مورد فقدان النصّ ، إلّا إنّها تشمل مورد تعارض النصّين

__________________

(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.

٨١

وممّا يدلّ على الأمر بالتخيير ـ في خصوص ما نحن فيه من اشتباه الوجوب بغير الحرمة ـ التوقيع المرويّ في الاحتجاج عن الحميري ، حيث كتب إلى الصاحب عجّل الله فرجه :

سألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أن يكبّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه تكبيرة ويجوز أن يقول بحول الله وقوّته أقوم وأقعد.

الجواب : (في ذلك حديثان ، أمّا أحدهما : فإنّه إذا انتقل عن حالة إلى اخرى فعليه التكبير. وأمّا الحديث الآخر : فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، والتشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا) (١) ، الخبر.

____________________________________

باعتبار المناط ، حيث يكون المناط المستفاد من قوله عليه‌السلام : (إذا أصبتم بمثل هذا ، ولم تدروا فعليكم بالاحتياط) (٢) هو مطلق عدم العلم بالحكم الشرعي ، سواء كان السبب فيه عدم النصّ ، أو تعارض النصّين ، وممّا ذكر في الجواب عن رواية غوالي اللآلئ من أنّها على تقدير صحّتها سندا مختصّة بصورة التمكّن من الاستعلام ، يظهر الجواب عن صحيحة ابن الحجاج بأنّها مختصة بصورة التمكّن من إزالة الشبهة بالسؤال عن الإمام عليه‌السلام ، بقرينة قول الإمام عليه‌السلام في ذيلها : (حتى تسألوا عنه وتعلموا).

(وممّا يدلّ على الأمر بالتخيير ـ في خصوص ما نحن فيه من اشتباه الوجوب بغير الحرمة ـ التوقيع المرويّ في الاحتجاج عن الحميري ... إلى آخره).

وملخّص ما ذكر في هذا التوقيع من السؤال والجواب هو السؤال عن وجوب التكبير على المصلّي حال قيامه ، وانتقاله من التشهد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، فأجاب الإمام بما حاصله : إنّ في ذلك حديثين : مفاد أحدهما : وجوب التكبير حال انتقال المصلّي من حالة إلى اخرى. ومفاد الآخر : عدم وجوب التكبير بعد اتمام السجدة الثانية حال القيام.

ثمّ قال : (والتشهد الأوّل يجري هذا المجرى).

أي : يجري مجرى الجلوس بعد السجدة الثانية ، فلا يجب بعده التكبير إلى أن قال عليه‌السلام :

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٥٦٨. الوسائل ٦ : ٣٦٣ ، أبواب السجود ، ب ١٣ ، ح ٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١. الوسائل ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١.

٨٢

فإنّ الحديث الثاني وإن كان أخصّ من الأوّل وكان اللّازم تخصيص الأوّل به والحكم بعدم وجوب التكبير ، إلّا إنّ جوابه ، صلوات الله عليه وعلى آبائه ، بالأخذ بأحد الحديثين من باب التسليم يدلّ على أنّ الحديث الأوّل نقله الإمام عليه‌السلام بالمعنى وأراد شموله لحالة الانتقال من القعود إلى القيام ، بحيث لا يتمكّن إرادة ما عدا هذا الفرد منه ، فأجاب عليه‌السلام بالتخيير.

ثمّ إنّ وظيفة الإمام وإن كانت إزالة الشبهة عن الحكم الواقعي ، إلّا إنّ هذا

____________________________________

((وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا) الخبر).

فالمستفاد من هذا الكلام هو التخيير في مورد تعارض النصّين ، وهو المطلوب ، إذ به يردّ ما تقدّم من وجوب الاحتياط في كلام المحدّثين المذكورين.

والتوقيع يحتاج إلى الدقّة ، لأنّ حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير لا ينسجم مع ظاهر الحديثين ، لأنّ ظاهرهما هو إمكان الجمع بينهما بتخصيص الحديث الأوّل بالحديث الثاني ، لأنّ النسبة بينهما هي العموم والخصوص ، والحديث الثاني أخصّ من الأوّل ، لأنّ الحديث الأوّل يدلّ على وجوب التكبير في مطلق الانتقال من حالة إلى اخرى ، فيشمل الانتقال من التشهد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، والحديث الثاني يدلّ على عدم وجوب التكبير في الانتقال إلى القيام بعد الجلوس من السجدة الثانية فقط ، إلّا إنّ حكم الإمام بالتخيير لا بالتخصيص يدلّ على أنّ تعارضهما كان على نحو التباين لا العموم والخصوص ، ويدلّ ـ أيضا ـ على أنّ الحديث الأوّل الظاهر في العموم نقله الإمام عليه‌السلام بالمعنى.

وكان في الواقع هذا الفرد أي : الانتقال من القعود إلى القيام ، خارجا عنه إلّا إنّه لا يتمكّن من إرادة ما عدا هذا الفرد بغير التعبير بالعموم ، وذلك لأنّ المصلحة التي يعلمها الإمام عليه‌السلام كانت تتمّ في التعبير بالعموم فقط ، أو حكم الإمام بالتخيير يكشف عن كونهما بمنزلة المتباينين في عدم تطرّق التخصيص ، نظرا إلى ثبوت التلازم بين أفراد العام بحسب الحكم ، فالتخصيص يوجب طرح العام رأسا ، فلا يمكن حصر الإرادة في غير مورد التعارض مع الخاص ، كما في بحر الفوائد ، ثمّ قال : وهذا هو المراد بقوله قدس‌سره : (بحيث لا يتمكّن إرادة ما عدا هذا الفرد منه).

أي : على وجه الحصر. انتهى كلامه قدس‌سره.

٨٣

الجواب لعلّه تعليم طريق العمل عند التعارض مع عدم وجوب التكبير عنده في الواقع ، وليس فيه الإغراء بالجهل من حيث قصد الوجوب في ما ليس بواجب من جهة كفاية قصد القربة في العمل.

وكيف كان ، فإذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وعدمه ، يثبت في ما نحن فيه من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ بالإجماع والأولويّة القطعيّة.

____________________________________

قوله : (ثمّ إنّ وظيفة الإمام عليه‌السلام وإن كانت إزالة الشبهة عن الحكم الواقعي).

دفع لما قد يرد على حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير من أنّ التخيير حكم ظاهري لا يناسب منصب الإمامة ، لأنّ مقتضى منصب الإمامة هو إزالة الشبهة ببيان الحكم الواقعي ، لا إرجاع الناس إلى الحكم الظاهري حينما يسألون منه عليه‌السلام عن حكم شيء ، فيكون حكمه بالتخيير مخالفا لمنصبه ووظيفته عليه‌السلام.

فدفع المصنّف قدس‌سره هذا الإيراد بما حاصله : من أنّ وظيفة الإمام عليه‌السلام وإن كانت إزالة الشبهة عن الحكم الواقعي لا بيان الحكم الظاهري ، لأنّ السائل قد سأله عن الحكم الواقعي المختصّ بالتكبير بعد التشهد الأوّل ولم يسأل عن الحكم الظاهري في مورد المتعارضين ، إلّا إنّ جوابه بالتخيير يدلّ على وجود مصلحة في الحكم الظاهري ، وتقرير الجاهل على جهله ، ولعلّ المصلحة في عدم بيان الواقع هي ليعلم الجاهل حكم صورة التعارض ، وطريق العمل عند التعارض ، ثمّ حكمه بوجوب التخيير يدلّ على عدم وجوب التكبير في الواقع ، فلا يلزم تفويت مصلحة الواجب حين تركه.

وبالجملة ، إنّ الإمام عليه‌السلام قد يبيّن الحكم الظاهري دون الواقعي لمصلحة يعلمها.

قوله : (وليس فيه الإغراء بالجهل من حيث قصد الوجوب في ما ليس بواجب).

دفع لما قد يتوهّم من أنّ في الحكم بالتخيير إغراء بالجهل من جهة قصد وجوب ما ليس بواجب واقعا.

وحاصل الدفع أنّ قصد القربة في العمل الواجب وهو الصلاة في مورد الحديث يكفي ولا حاجة إلى قصد الوجه سيّما في الجزء حتى ينجرّ إلى الإغراء ، هذا مضافا إلى إمكان قصد الوجه الظاهري وكفايته من جهة اختيار الحديث الدالّ على الوجوب.

قوله : (فإذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وعدمه ، يثبت في ما

٨٤

ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر ، وحكي عن الأكثر ترجيح الناقل ، وذكروا تعارض الخبر المفيد للوجوب والمفيد للإباحة ، وذهب جماعة إلى ترجيح الأوّل وذكروا تعارض الخبر المفيد للإباحة والمفيد للحظر ، وحكي

____________________________________

نحن فيه من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ بالإجماع والأولويّة القطعيّة).

قد يقال : إنّ حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير بين الخبرين المتعارضين في مورد السؤال عن وجوب التكبير الذي هو جزء الصلاة خارج عمّا نحن فيه ، لأنّ محلّ الكلام في المقام هو تعارض الخبرين في وجوب شيء مستقل ، بأن يدلّ أحدهما على وجوب الاستهلال والآخر على عدمه ولكنه مدفوع.

وحاصل الدفع هو أنّ مورد حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير ، وإن كان بين ما دلّ على وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وبين ما دلّ على عدمه ، حيث يرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في المكلّف به ، لأنّه مركّب في أجزاء يشكّ في كون المشكوك منها أو لا. وبهذا يخرج عن محل البحث ، لأنّ الشكّ في المقام شكّ في أصل التكليف لا في المكلّف به كما هو واضح.

إلّا إنّه إذا ثبت التخيير في مورد السؤال في التوقيع يثبت في ما نحن فيه ـ أيضا ـ بالإجماع المركّب ، إذ كلّ من قال بالتخيير في أحد الموردين قال به في المورد الآخر من دون تفصيل بينهما ، هذا أوّلا.

وثانيا : بالأولويّة القطعيّة ، وذلك لأنّ المفروض في المقام هو الشكّ في التكليف وفي مورد التوقيع هو الشكّ في المكلّف به ، فإذا لم يجب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به ، كما يظهر من الحكم بالتخيير ، لم يجب في محلّ الكلام وهو الشكّ في التكليف بطريق أولى.

قوله : (ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر).

دفع لما يتوهّم من التنافي بين ما ذكر هنا من الرجوع إلى التخيير في تعارض الخبرين ، وبين ما ذكره جماعة من الاصوليّين في باب التراجيح من الخلاف بينهم في ترجيح الناقل وهو ما يكون مخالفا للأصل ، أو المقرّر وهو ما يكون موافقا للأصل.

٨٥

عن الأكثر ، بل الكلّ ، تقديم الحاظر ، ولعلّ هذا كلّه مع قطع النظر عن الأخبار.

____________________________________

وهكذا ذهب جماعة إلى ترجيح الخبر المفيد للوجوب على الخبر المفيد للإباحة كما حكي عنهم ـ أيضا ـ تقديم الخبر المفيد للحظر على الخبر المفيد للإباحة.

وعلى جميع التقادير مع اختلافها يكون الحكم بالتخيير منافيا لما ذكروه في تلك الموارد.

وقد أشار المصنّف قدس‌سره إلى دفع هذا التوهّم بقوله :

(ولعلّ هذا كلّه مع قطع النظر عن الأخبار).

فيرتفع التنافي حينئذ ، لأنّ الحكم بالترجيح على اختلافه في تلك الموارد يكون مع قطع النظر عن الأخبار ، أمّا الحكم بالتخيير فيكون نظرا إلى أخبار التخيير.

***

٨٦

المسألة الرابعة

دوران الأمر بين الوجوب وغيره من جهة الاشتباه

في موضوع الحكم

ويدلّ عليه جميع ما تقدّم في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة من أدلّة البراءة عند الشكّ في التكليف.

وتقدّم فيها ـ أيضا ـ اندفاع توهّم أنّ التكليف إذا تعلّق بمفهوم وجب مقدّمة لامتثال التكليف في جميع أفراده موافقته في كلّ ما يحتمل أن يكون فردا له.

____________________________________

(المسألة الرابعة : دوران الأمر بين الوجوب وغيره من جهة الاشتباه في موضوع الحكم.

ويدلّ عليه جميع ما تقدّم في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة من أدلّة البراءة عند الشكّ في التكليف).

أي : يدلّ على البراءة في الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة جميع ما تقدّم في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة ، فكما تدلّ أدلّة البراءة عند الشكّ في التكليف على البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة ، كذلك تدلّ عليها في الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة.

والمقصود من الأدلّة الدالة على البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة هي الأدلّة الأربعة بما هي هي ، لا أشخاص ما دلّ على البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة ، لأنّ جملة منها كانت مختصّة بالشبهة التحريميّة ، فلا تجري في الشبهة الوجوبيّة ، فلا يرد ما ذكر في الأوثق ، فراجع وتأمّل.

(وتقدّم فيها ـ أيضا ـ اندفاع توهّم أنّ التكليف إذا تعلّق بمفهوم وجب مقدّمة لامتثال التكليف في جميع أفراده موافقته في كلّ ما يحتمل أن يكون فردا له).

وملخّص التوهّم أنّ التكليف بمفهوم كلّي كحكم الشارع في المقام بوجوب قضاء ما فات من المكلّف حيث يشمل جميع ما يصدق عليه ما فات علم به المكلّف أم لا ، فقوله : واقض ما فات ، بيان لحكم جميع الأفراد حتى ما هو المشكوك فوته إن فات في الواقع ، وحينئذ يجب على المكلّف الاحتياط ، والإتيان بكلّ ما يحتمل أن يكون فردا لما فات مقدّمة لامتثال التكليف والعلم به.

٨٧

ومن ذلك يعلم أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا تردّدت الفائتة بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة بناء على أنّ الأمر بقضاء جميع ما فات واقعا يقتضي لزوم الإتيان بالأكثر من باب المقدّمة.

توضيح ذلك : مضافا إلى ما تقدّم في الشبهة التحريميّة ، إنّ قوله : (اقض ما فات) ، يوجب

____________________________________

وملخّص الدفع أنّ بيان التكليف واقعا لا يكفي في وجوب الامتثال ، بل لا بدّ من البيان الواصل إلى المكلّف حتى يتنجّز عليه التكليف ، وهذا البيان لا يحصل إلّا بعلم المكلّف بالحكم والموضوع معا حتى يصدق كون هذه الصلاة فائتة ، وكلّ ما فات يجب قضاؤه ، فهذه الصلاة يجب قضاؤها ، فالتكليف بوجوب القضاء منجّز على المكلّف ، لعلمه بالموضوع والحكم تفصيلا ، وعلى هذا يختصّ وجوب القضاء في الافراد المعلومة إجمالا أو تفصيلا.

(ومن ذلك يعلم أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا تردّدت الفائتة بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة).

أي : وممّا ذكرنا من عدم وجوب ما يحتمل أن يكون فردا للمفهوم الكلّي المتعلّق للتكليف يعلم عدم الفرق بين الشبهة البدويّة ، والمقرونة بالعلم الإجمالي المردّد أطرافه بين الأقل والأكثر الاستقلاليّين في الرجوع إلى البراءة ، وعدم الاستناد إلى قاعدة الاشتغال ؛ لأنّ كالاستناد إليها مبنيّ على أن يكون الأمر بقضاء ما فات مقتضيا لوجوب جميع ما فات واقعا حتى يجب الإتيان بالأكثر من باب المقدّمة العلميّة ، فإنّ التكليف ـ حينئذ ـ مبيّن ، والمكلّف به مردّد بين الأقلّ والأكثر.

ومقتضى القاعدة هو الإتيان بالأكثر ، لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، وهي لا تحصل إلّا بالأكثر ، إلّا إنّ مقتضى الأمر أي : اقض ما فات ، ليس وجوب جميع ما فات واقعا ، بل وجوب ما تنجّز التكليف فيه ، فالواجب هو امتثال التكليف المنجّز بالعلم بالحكم والموضوع ، والبيان المنجّز للتكليف بالنسبة إلى الأقل متحقّق ، وأمّا بالنسبة إلى الزائد فيكون الشكّ فيه شكّا في أصل التكليف ، فيرجع فيه إلى البراءة ، فيجب قضاء الأقل لتنجّز التكليف ، ولا يجب قضاء الأكثر لعدم تنجّز التكليف فيه.

(توضيح ذلك : مضافا إلى ما تقدّم في الشبهة التحريميّة).

٨٨

العلم التفصيلي بوجوب قضاء ما علم فوته ، وهو الأقل ، ولا يدلّ أصلا على وجوب ما شكّ في فوته ، وليس فعله مقدّمة لواجب حتى يجب من باب المقدّمة ، فالأمر بقضاء ما فات واقعا لا يقتضي إلّا وجوب المعلوم فواته ، لا من جهة دلالة اللفظ على المعلوم حتى يقال : إنّ اللفظ ناظر إلى الواقع من غير تقييد بالعلم ، بل من جهة أنّ الأمر بقضاء الفائت الواقعي لا يعدّ دليلا إلّا على ما علم صدق الفائت عليه. وهذا لا يحتاج إلى مقدّمة ولا يعلم منه وجوب شيء آخر يحتاج إلى المقدّمة العلميّة.

____________________________________

من عدم جريان المقدّمة العلميّة ما لم يكن موضوع الحكم معلوما ولو إجمالا ، وعدم الخلاف في عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعيّة.

(إنّ قوله : (اقض ما فات) ، يوجب العلم التفصيلي بوجوب قضاء ما علم فوته ، وهو الأقل ... إلى آخره).

فيجب الإتيان به قطعا ، لحصول البيان المنجّز للتكليف بالنسبة إليه.

(ولا يدلّ أصلا على وجوب ما شكّ في فوته).

وهو الزائد ، لعدم حصول البيان المنجّز للتكليف بالنسبة إليه ، وذلك لانحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي إلى الأقل ، وإلى الشكّ البدوي في أصل التكليف بالنسبة إلى الزائد ، فلا يبقى العلم الإجمالي حتى يتنجّز التكليف به ، وإنّما يجب الإتيان بالأكثر من باب المقدّمة.

فالأمر بوجوب القضاء لا يقتضي إلّا وجوب ما هو المعلوم فواته ، وذلك لا من جهة دلالة اللفظ على المعلوم حتى يرد عليه بأنّ اللفظ ناظر إلى الواقع من دون تقييده بالعلم ، لأنّ الألفاظ وضعت لذات المعاني المعلومة.

(بل من جهة أنّ الأمر بقضاء الفائت الواقعي لا يعدّ دليلا) منجّزا للتكليف ، (إلّا على ما علم صدق الفائت عليه).

وهو الأقل في المقام ، فيجب الإتيان به من دون حاجة إلى مقدّمة أصلا.

(ولا يعلم منه وجوب شيء آخر يحتاج إلى المقدّمة العلميّة).

أي : ولا يعلم من الأمر بقضاء ما فات وجوب شيء آخر غير ما علم فواته ، بأن يدلّ على وجوب ما فات واقعا ، وإن لم يكن معلوما حتى إلى المقدّمة العلميّة.

٨٩

والحاصل أنّ المقدّمة العلميّة المتّصفة بالوجوب لا تكون إلّا مع العلم الإجمالي.

نعم ، لو اجري في المقام أصالة عدم الإتيان بالفعل في الوقت فيجب قضاؤه ، فله وجه ، وسيجيء الكلام عليه.

هذا ، ولكنّ المشهور بين الأصحاب ، رضوان الله عليهم ، بل المقطوع به من المفيد قدس‌سره إلى الشهيد الثاني أنّه لو لم يعلم كميّة ما فات قضى حتى يظنّ الفراغ عنها.

وظاهر ذلك ، خصوصا بملاحظة ما يظهر من استدلال بعضهم من كون الاكتفاء بالظنّ رخصة ، وأنّ القاعدة تقتضي وجوب العلم بالفراغ كون الحكم على القاعدة.

____________________________________

(والحاصل أنّ المقدّمة العلميّة المتّصفة بالوجوب لا تكون إلّا مع العلم الإجمالي) غير المنحل ، كما لو كان الفائت مردّدا بين الظهر والعصر ، فيجب الرجوع إلى قاعدة الاشتغال تحصيلا للبراءة اليقينيّة بعد الاشتغال اليقيني ، إلّا إنّ العلم الإجمالي في المقام ينحلّ إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقل ، وإلى الشكّ البدوي بالنسبة إلى الأكثر ، وبذلك لا يبقى ـ حينئذ ـ موضوع للمقدّمة العلميّة.

(نعم ، لو اجري في المقام أصالة عدم الإتيان بالفعل في الوقت ، فيجب قضاؤه ، فله وجه).

لأنّ هذا الأصل على تقدير جريانه يكون أصلا موضوعيّا حاكما على أصالة البراءة ، وقد تقدّم كون الأصل الموضوعي حاكما عليها في تنبيهات الشبهة التحريميّة.

(ولكنّ المشهور بين الأصحاب ، رضوان الله عليهم ، بل المقطوع به من المفيد قدس‌سره إلى الشهيد الثاني أنّه لو لم يعلم كميّة ما فات قضى حتى يظنّ الفراغ عنها).

وقد ذهب المصنّف قدس‌سره في مسألة وجوب القضاء إلى البراءة فيما إذا كان الفائت مردّدا بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة ، إلّا إنّ المشهور بين الأصحاب قدس‌سره ، بل المقطوع به من زمان المفيد قدس‌سره إلى الشهيد الثاني في ما لم يعلم المكلّف كميّة ما فات كثرة ، هو الرجوع إلى قاعدة الاشتغال لا إلى أصالة البراءة ، حيث قالوا : قضى حتى يظنّ الفراغ بما فات من العدد والكميّة.

ثمّ إنّ اكتفاءهم بالظنّ بالفراغ ـ كما يظهر من استدلالهم ـ يكون من باب الرخصة من جهة كون تحصيل العلم بالفراغ حرجيّا يكون ظاهرا في كون الحكم بوجوب تحصيل العلم بالفراغ على القاعدة ، فيكون الحكم بقضاء الأكثر على طبق القاعدة ، وهي قاعدة

٩٠

قال في التذكرة : «لو فاتته صلوات معلومة العين غير معلومة العدد صلّى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنّه الوفاء لاشتغال الذمّة بالفائت ، فلا تحصل البراءة قطعا إلّا بذلك.

ولو كانت واحدة ولم يعلم العدد صلّى تلك الصلاة مكرّرا حتى يظنّ الوفاء.

ثمّ احتمل في المسألة احتمالين آخرين :

أحدهما : تحصيل العلم ، لعدم البراءة إلّا باليقين.

والثاني : الأخذ بالقدر المعلوم ، لأنّ الظاهر أنّ المسلم لا يفوّت الصلاة.

ثمّ نسب كلا الوجهين إلى الشافعيّة» ، انتهى.

____________________________________

الاشتغال.

ثمّ يذكر المصنّف قدس‌سره كلام بعض من يظهر من كلامه وجوب الإتيان بالأكثر حتى يحصل الظنّ بالوفاء ، أو العلم به.

(قال في التذكرة : «لو فاتته صلوات معلومة العين غير معلومة العدد) بأن يعلم أنّها يوميّة ، ولا يعلم عددها كثرة هل هو مقدار شهر أو أكثر؟ (صلّى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنّه الوفاء لاشتغال الذمّة بالفائت ، فلا تحصل البراءة قطعا إلّا بذلك).

أي : بالظنّ بالوفاء فيما إذا لم يكن مكلّفا بتحصيل العلم بالوفاء لاستلزامه العسر والحرج مثلا ، ولا فرق في هذا الحكم بين ما إذا كان الفائت مختلفا بالنوع كالمثال المذكور ، أو متّحدا كما أشار إليه بقوله :

(ولو كانت واحدة ولم يعلم العدد) كصلاة الصبح مثلا(صلّى تلك الصلاة مكرّرا حتى يظنّ الوفاء).

بأن يأتي بصلاة الصبح عددا يظنّ معه بفراغ ذمّته عمّا فات عليه.

(ثمّ احتمل في المسألة احتمالين آخرين : أحدهما : تحصيل العلم ، لعدم البراءة إلّا باليقين).

فإنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة وهي لا تحصل إلّا بتحصيل اليقين بالوفاء.

(والثاني : الأخذ بالقدر المعلوم) من باب الأخذ بظاهر حال المسلم (لأنّ الظاهر أنّ المسلم لا يفوّت الصلاة).

ومن المعلوم أنّ الظاهر يكون من الأمارات والأدلّة الاجتهاديّة التي لا تجري معها

٩١

وحكي هذا الكلام بعينه عن النهاية وصرّح الشهيدان بوجوب تحصيل العلم مع الإمكان ، وصرّح في الرياض ـ أيضا ـ بأنّ مقتضى الأصل القضاء حتى يحصل العلم بالوفاء تحصيلا للبراءة اليقينيّة.

وقد سبقهم في هذا الاستدلال الشيخ قدس‌سره في التهذيب حيث قال : «أمّا ما يدلّ على أنّه يجب أن يكثر منها فهو ما ثبت أنّ قضاء الفرائض واجب ، وإذا ثبت وجوبها ولا يمكنه أن يتخلّص من ذلك إلّا بأن يستكثر منها وجب» ، انتهى.

وقد عرفت أنّ المورد من موارد جريان أصالة البراءة والأخذ بالأقلّ عند دوران

____________________________________

الاصول العمليّة التي منها قاعدة الاشتغال.

(وحكي هذا الكلام بعينه عن النهاية).

أي : ما تقدّم في التذكرة من كلام العلّامة قدس‌سره بعينه حكي عن النهاية.

(وصرّح الشهيدان بوجوب تحصيل العلم مع الإمكان).

أي : بوجوب تحصيل العلم بالوفاء ، والفراغ مع الإمكان ، وهو في صورة ما إذا لم يكن تحصيل العلم حرجيّا.

(وصرّح في الرياض أيضا).

بما حاصله من أنّ مقتضى قاعدة الاشتغال هو وجوب القضاء حتى يحصل العلم بالوفاء ، تحصيلا للبراءة اليقينيّة.

(وقد سبقهم في هذا الاستدلال).

أي : الاستدلال بقاعدة الاشتغال على وجوب قضاء الأكثر.

(الشيخ قدس‌سره في التهذيب حيث قال : «أمّا ما يدلّ على أنّه يجب أن يكثر منها ... إلى آخره).

وحاصل ما أفاده الشيخ قدس‌سره في هذا المقام هو أنّ ما يدلّ على وجوب الأكثر من القضاء يكون لأجل ثبوت وجوب قضاء الفرائض من الشرع بالدليل القطعي ، فإذا لم يتمكّن المكلّف مع علمه بأصل القضاء أن يتخلّص منها إلّا بأن يكثر من القضاء وجب عليه الإكثار.

(وقد عرفت أنّ المورد من موارد جريان أصالة البراءة ... إلى آخره).

هذا الكلام من المصنّف قدس‌سره ردّ على من يظهر منه جريان قاعدة الاشتغال في المقام ، فيقول المصنّف قدس‌سره وقد عرفت أنّ المورد ـ أي : دوران الفائت بين الأقل والأكثر ـ يكون من

٩٢

الأمر بينه وبين الأكثر ، كما لو شكّ في مقدار الدّين الذي يجب قضاؤه ، أو في أنّ الفائت منه صلاة العصر فقط أو هي مع الظهر ، فإنّ الظاهر عدم إفتائهم بلزوم قضاء الظهر. وكذا لو تردّد في ما فات عن أبويه ، أو في ما تحمّله بالإجارة بين الأقلّ والأكثر.

وربّما يظهر من بعض المحقّقين الفرق بين هذه الأمثلة وبين ما نحن فيه ، حيث حكي عنه ، في ردّ صاحب الذخيرة القائل بأنّ مقتضى القاعدة في المقام الرجوع إلى البراءة ، قال : «إنّ المكلّف حين علم بالفوائت صار مكلّفا بقضاء هذه الفائتة قطعا ، وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا.

____________________________________

موارد جريان أصالة البراءة ، والأخذ بالأقل عند دوران الأمر بينه وبين الأكثر ، لا من موارد جريان قاعدة الاشتغال والأخذ بالأكثر ، فإنّ العلم الإجمالي في مورد دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليّين ينحلّ إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقل ، وإلى الشكّ البدوي بالنسبة إلى الزائد.

وبذلك تجري أصالة البراءة في الجزء الزائد ، (كما لو شكّ في مقدار الدّين الذي يجب قضاؤه) حيث يكتفي بأداء الأقل ، لأنّه متيقّن ، دون الأكثر ، أو كما شكّ (في أنّ الفائت منه صلاة العصر فقط ، أو هي مع الظهر) فلا يجب قضاء الظهر ، ولهذا لم يظهر منهم الإفتاء بوجوب الظهر ، وكذا لم يفتوا بوجوب الأكثر ، فيما إذا تردّد ما فات عن أبويه بين الأقل والأكثر.

(وربّما يظهر من بعض المحقّقين الفرق بين هذه الأمثلة وبين ما نحن فيه).

والمراد من بعض المحقّقين هو العلّامة الطباطبائي قدس‌سره على ما في شرح التنكابني ، والشيخ البهائي على ما في الأوثق ، والبهبهاني على ما في تعليقة غلام رضا على الرسائل.

وكيف كان ، فإنّ غرض بعض المحقّقين من الفرق هو ردّ من رجع إلى أصالة البراءة في مسألة وجوب القضاء حيث بنى على هذا الفرق ردّ من رجع إلى البراءة ، فلا بدّ أوّلا من بيان الفرق ، ثمّ بيان عدم صحّة الرجوع إلى البراءة.

وملخّص الفرق بين الأمثلة الأربعة وبين المقام أنّ الأمثلة غير مسبوقة بالعلم التفصيلي حتى يتنجّز بها التكليف ، بخلاف ما نحن فيه حيث يعلم المكلّف تفصيلا فوت ما فات عليه حين الفوت فيتنجّز التكليف به عليه حال الفوت ، ثمّ عرض له النسيان ، وانقلب العلم

٩٣

ومجرّد عروض النسيان كيف يرفع الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب ، بل الإجماع أيضا؟ وأي شخص يحصل منه التأمّل في أنّه إلى ما قبل صدور النسيان كان مكلّفا ، وبمجرّد عروض النسيان يرتفع التكليف الثابت؟ وإن أنكر حجيّة الاستصحاب فهو يسلّم أنّ الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ـ إلى أن قال : ـ نعم ، في الصورة التي يحصل للمكلّف علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها ، لكن لا يعلم مقدارها ، فإنّه يمكن ـ حينئذ ـ أن يقال : لا نسلّم تحقّق الشغل بأزيد من المقدار الذي تيقّنه ـ إلى أن قال : ـ والحاصل أنّ المكلّف إذا حصل له القطع باشتغال ذمّته بمتعدّد والتبس عليه ذلك كمّا وأمكنه الخروج عن عهدته فالأمر كما أفتى به الأصحاب ، وإن لم يحصل ذلك بأن يكون ما علم به خصوص اثنتين أو ثلاث ، وأمّا أزيد عن ذلك فلا ، بل احتمال احتمله ، فالأمر كما ذكره في الذخيرة.

____________________________________

التفصيلي بطروّ النسيان إلى العلم الإجمالي ، ومن المعلوم أنّ مجرّد النسيان لا يرتفع به أثر العلم ، وهو تنجّز التكليف واقعا.

هذا ملخّص الفرق ، ومنه يظهر عدم صحّة الرجوع إلى أصالة البراءة ؛ لأنّ مقتضى القاعدة بعد تنجّز التكليف واقعا ـ كما هو المفروض ـ هو وجوب القضاء حتى يحصل العلم بالفراغ ولا يحصل العلم به إلّا بإتيان الأكثر ، فلا تجري فيه أصالة البراءة.

(نعم ، في الصورة التي يحصل للمكلّف علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها ، لكن لا يعلم مقدارها ... إلى آخره).

أي : لو علم المكلّف من الأوّل إجمالا من غير سبق علم تفصيلي ، وعروض النسيان عليه بأن يعلم إجمالا باشتمال عدّة من صلواته السابقة على خلل موجب للبطلان ، ولم يعلم كميّتها ، لكان مقتضى القاعدة هو الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الزائد عن القدر المتيقّن ، والأمثلة الأربعة هي من هذا القبيل.

(والحاصل أنّ المكلّف إذا حصل له القطع باشتغال ذمّته) تدريجا (بمتعدّد والتبس عليه) بحيث لا يعلم مقداره (وأمكنه الخروج عن عهدته فالأمر كما أفتى به الأصحاب) من تحصيل الظنّ ، أو العلم بالفراغ (وإن لم يحصل ذلك) أي : القطع تدريجا(بأن يكون ما علم) دفعة (فالأمر كما ذكره في الذخيرة) من وجوب الإتيان بالقدر المتيقّن ، والرجوع إلى البراءة

٩٤

ومن هنا لو لم يعلم ولا يظنّ فوته أصلا فليس عليه إلّا الفريضة الواحدة دون الأكثر (المحتمل خ ل) لكونه شكّا بعد خروج الوقت والمفروض أنّه ليس عليه قضاؤها ، بل لعلّه المفتى به» انتهى كلامه رفع مقامه.

ويظهر النظر فيه ممّا ذكرناه سابقا ، ولا يحضرني الآن حكم لأصحابنا بوجوب الاحتياط في نظير المقام ، بل الظاهر منهم إجراء أصل البراءة في أمثال ما نحن فيه ممّا لا يحصى.

وربّما يوجّه الحكم في ما نحن فيه بأنّ الأصل عدم الإتيان بالصلاة الواجبة فيترتّب عليه وجوب القضاء إلّا في صلاة علم الإتيان بها في وقتها.

____________________________________

بالنسبة إلى الزائد المشكوك ، انتهى كلامه قدس‌سره.

(ويظهر النظر فيه ممّا ذكرناه سابقا ... إلى آخره).

من أنّ الشكّ في الزائد شكّ في أصل التكليف المستقل ، فلا بدّ من الرجوع إلى البراءة في جميع الأمثلة من دون فرق بينها ؛ وذلك لانحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقل ، وإلى الشكّ البدوي بالنسبة إلى الزائد في جميع الصور والأمثلة ؛ لأنّ المناط في الرجوع إلى البراءة هو الشكّ في أصل التكليف ، وهذا المناط موجود في جميع الأمثلة المتقدّمة ؛ لأنّ الشكّ فيها بعد الانحلال المذكور شكّ في أصل التكليف ، ففي مثال الدّين وإن كان المديون عالما تفصيلا حال أخذه إلّا إنّه زال ثمّ عرض له النسيان ، والشكّ في أصل التكليف بالنسبة إلى الزائد ، فيجوز له الرجوع إلى البراءة بالنسبة إليه.

(وربّما يوجّه الحكم في ما نحن فيه بأن الأصل عدم الإتيان بالصلاة الواجبة ... إلى آخره).

أي : ربّما يوجّه حكم المشهور المتقدّم وهو وجوب القضاء حتى يظنّ أو يعلم بالفراغ بوجوه :

منها : ما أشار إليه بقوله : (بأنّ الأصل عدم الإتيان بالصلاة الواجبة).

فاستصحاب عدم الإتيان بالمشكوك يكون حاكما على أصالة البراءة ، حيث يثبت بهذا الاستصحاب بقاء الأمر الأوّل على القول بكون القضاء تابعا للأداء ، وحدوث الأمر الجديد على القول بكونه بالأمر الجديد ، وعلى التقديرين يجب الرجوع إليه لما تقدّم من كونه حاكما على أصالة البراءة.

(فيترتّب عليه وجوب القضاء إلّا في صلاة علم الإتيان بها في وقتها).

٩٥

ودعوى : «ترتّب وجوب القضاء على صدق الفوت الغير الثابت بالأصل ، لا مجرّد عدم الإتيان الثابت بالأصل» ممنوعة ، لما يظهر من الأخبار وكلمات الأصحاب من أنّ المراد بالفوت مجرّد الترك كما بيّناه في الفقه ، وأمّا ما دلّ على أنّ الشكّ في إتيان الصلاة بعد وقتها لا يعتدّ به لا يشمل ما نحن فيه.

____________________________________

ومن هنا يظهر أنّ وجوب القضاء ومطلوبيّته في خارج الوقت يكون من باب تعدّد المطلوب ، سواء قلنا بأنّ القضاء بالأمر الأوّل أو بالأمر الجديد ، وأمّا على الأوّل فيكون نظير الأمر بالحجّ في العام الأوّل من الاستطاعة ، وإن لم يأت به ففي العام الثاني ، وهكذا ففي المقام تجب الصلاة في وقتها وإن لم يأت بها فيه ففي خارج الوقت.

وأمّا على الثاني ، فلأنّ الأمر الجديد بالقضاء كاشف عن استمرار مطلوبيّة الصلاة من دخول وقتها إلى آخر زمان تمكّن المكلّف منها ، غاية الأمر كون ذلك من باب تعدّد المطلوب ، بأن يكون الكلّي المشترك بين ما في الوقت وخارجه مطلوبا وكونه في الوقت مطلوبا آخر ، كما سيجيء في قوله : إن شئت تطبيق ذلك.

(ودعوى : «ترتّب وجوب القضاء على صدق الفوت الغير الثابت بالأصل ، لا مجرّد عدم الإتيان الثابت بالأصل» ممنوعة ، لما يظهر من الأخبار وكلمات الأصحاب من أنّ المراد بالفوت مجرّد الترك).

وتقريب هذا الإيراد على الاستصحاب بالمذكور يتّضح بعد ذكر مقدمة وهي : إنّ وجوب القضاء هو فوت الواجب المشتمل على المصلحة فيكون أمرا وجوديّا ، ومنه يتّضح لك الإيراد المذكور لأنّ الثابت بالأصل وهو عدم الإتيان لم يكن موضوعا لوجوب القضاء ، وما هو الموضوع لوجوب القضاء يكون أمرا وجوديّا لا يثبت بالأصل المذكور ، لأنّ إثبات الفوت بهذا المعنى باستصحاب عدم الإتيان داخل في الأصل المثبت الذي ليس بحجّة.

وحاصل الجواب ما أشار إليه بقوله :

(لما يظهر من الأخبار وكلمات الأصحاب من أنّ المراد بالفوت) هو عدم الإتيان الثابت بالأصل المذكور.

قوله : (وأمّا ما دلّ على أنّ الشكّ في إتيان الصلاة بعد وقتها لا يعتدّ به لا يشمل ما نحن

٩٦

وإن شئت تطبيق ذلك على قاعدة الاحتياط اللّازم ، فتوضيحه : إنّ القضاء وإن كان بأمر جديد إلّا إنّ ذلك الأمر كاشف عن استمرار مطلوبيّة الصلاة من عند دخول وقتها إلى آخر زمان التمكّن من المكلّف.

غاية الأمر كون هذا على سبيل تعدّد المطلوب بأن يكون الكلّي المشترك بين ما في الوقت وخارجه مطلوبا وكون إتيانه في الوقت مطلوبا آخر. كما أنّ أداء الدّين وردّ السلام واجب في أوّل أوقات الإمكان ، ولو لم يفعل ففي الآن الثاني ، وهكذا ، وحينئذ فإذا دخل الوقت وجب إبراء الذمّة عن ذلك الكلّي ، فإذا شكّ في براءة ذمّته بعد الوقت ، فمقتضى حكم العقل باقتضاء الشغل اليقيني للبراءة اليقينيّة وجوب الإتيان كما لو شكّ في البراءة قبل خروج الوقت وكما لو شكّ في أداء الدّين الفوري ، فلا يقال :

إنّ الطلب في الزمان الأول قد ارتفع بالعصيان ، ووجوده في الزمان الثاني مشكوك فيه ، وكذلك جواب السلام.

____________________________________

فيه).

دفع لما يرد ثانيا على الاستصحاب المذكور من أنّ ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد الوقت حاكم على هذا الاستصحاب ، إذ لا أثر لهذا الشكّ حتى يحكم بوجوب القضاء بعد استصحاب عدم الإتيان ، بل يبني على الإتيان ، وبذلك لا يبقى موضوع للاستصحاب.

وحاصل الدفع هو أنّ ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد الوقت مختصّ في الشكّ البدوي ، أي : الشكّ في أصل الفوت ، فلا يشمل ما نحن فيه ، أي : صورة العلم الإجمالي بالفوت.

ومنها : أي : ومن الوجوه التي يمكن جعلها وجها لحكم المشهور بوجوب القضاء حتى يظنّ أو يعلم بالفراغ ما أشار إليه بقوله :

(وإن شئت تطبيق ذلك على قاعدة الاحتياط اللّازم ، فتوضيحه : إنّ القضاء وإن كان بأمر جديد إلّا إنّ ذلك الأمر كاشف عن استمرار مطلوبيّة الصلاة من عند دخول وقتها إلى آخر زمان التمكّن من المكلّف).

وقد تقدّم تقريبه ، والمطلب واضح لا يحتاج إلى التوضيح.

ولا يرد على فرض تعدّد المطلوب ما يرد على فرض وحدة المطلوب من (أنّ الطلب

٩٧

والحاصل أنّ التكليف المتعدّد بالمطلق والمقيّد لا ينافي جريان الاستصحاب وقاعدة الاشتغال بالنسبة إلى المطلق فلا يكون المقام مجرى البراءة.

هذا ولكنّ الإنصاف ضعف هذا التوجيه لو سلّم استناد الأصحاب إليه في المقام.

أمّا أوّلا : فلأنّ من المحتمل ، بل الظاهر ، على القول بكون القضاء بأمر جديد كون كلّ من الأداء والقضاء تكليفا مغايرا للآخر ، فهو من قبيل وجوب الشيء ووجوب تداركه بعد فوته ، كما يكشف عن ذلك تعلّق أمر الأداء بنفس الفعل وأمر القضاء به بوصف الفوت.

____________________________________

في الزمان الأوّل قد ارتفع) أمّا بالإطاعة ، أو (بالعصيان ، ووجوده في الزمان الثاني مشكوك فيه) لأنّ انقطاع الطلب مشكوك على فرض تعدّد المطلوب ، فيرجع إلى الاشتغال.

(والحاصل أنّ التكليف المتعدّد بالمطلق والمقيّد).

بأن يكون كل منهما مطلوبا على حدة ، بحيث تكون الصلاة مطلوبة مطلقا ، ووقوعها في الوقت مطلوبا آخر مقيّدا.

(لا ينافي جريان الاستصحاب).

أي : استصحاب الاشتغال من جهة اليقين السابق بالاشتغال ، (وقاعدة الاشتغال) التي يكفي فيها مجرّد الشكّ في الفراغ (بالنسبة إلى المطلق) ، لأنّ انقطاع التكليف معلوم بالنسبة إلى المقيّد دون المطلق ، فلا يكون المقام الذي هو مجرى الاشتغال مجرى البراءة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته.

(ولكنّ الإنصاف ضعف هذا التوجيه لو سلّم استناد الأصحاب إليه في المقام.

أمّا أوّلا : فلأنّ من المحتمل ، بل الظاهر ، على القول بكون القضاء بأمر جديد ، كون كلّ من الأداء والقضاء تكليفا مغايرا للآخر ... إلى آخره).

أي : الإنصاف هو ضعف ما ذكر من التوجيه بكلا تقريريه ، خصوصا تقرير الرجوع إلى قاعدة الاشتغال من جهة تعدّد المطلوب ، لأنّ تعدّد المطلوب إنّما يصحّ فيما إذا كان القضاء بالأمر السابق.

فيقال : إنّ الكلّي المشترك بين ما في الوقت وخارجه يكون مطلوبا ، وكون إتيانه في الوقت مطلوبا آخر ، فيستمر الأمر إلى زمن الإتيان من باب تعدّد المطلوب ، فالشكّ في سقوطه بعد الوقت ، كالشكّ في سقوطه قبل الوقت ، يكون مجرى الاشتغال.

٩٨

ويؤيّده بعض ما دلّ على أنّ لكلّ من الفرائض بدلا وهو قضاؤه عدا الولاية ، لا من باب الأمر بالكلّي والأمر بفرد خاص منه كقوله : صم وصم يوم الخميس ، أو الأمر بالكلّي والأمر بتعجيله ، كردّ السلام وقضاء الدّين ، فلا مجرى لقاعدة الاشتغال واستصحابه.

وأمّا ثانيا : فلأنّ منع عموم ما دلّ على أنّ الشكّ في الإتيان بعد خروج الوقت لا يعتدّ به للمقام خال عن السند.

خصوصا مع اعتضاده بما دلّ على أنّ الشكّ في الشيء لا يعتنى به بعد تجاوزه. مثل

____________________________________

وأمّا على القول بكون القضاء بالأمر الجديد ، فلم يكن الأمر الجديد كاشفا عن تعدّد المطلوب ، واستمرار الأمر السابق إلى آخر زمان تمكّن المكلّف من الإتيان ، بل المحتمل أنّ التكليف بالقضاء بالأمر الجديد مغاير ومباين للتكليف بالأداء بالأمر السابق ، فيكون الأمر بالأداء حادثا من أوّل الوقت وباقيا إلى آخره ، والأمر بالقضاء حادثا بعد خروج الوقت وباقيا إلى زمان تمكّن المكلّف من الإتيان.

فحينئذ يكون الشكّ في وجوب القضاء بعد خروج الوقت شكّا في أصل حدوث التكليف ، وهو مجرى أصل البراءة لا أصل الاشتغال ، كما لا يخفى.

(ويؤيّده بعض ما دلّ على أنّ لكلّ من الفرائض بدلا ، وهو قضاؤه عدا الولاية).

حيث يكون جعل القضاء بدلا للفائت ظاهرا في المغايرة بينهما ، لا أحدهما فردا للآخر ، كما هو لازم تعدّد المطلوب.

(وأمّا ثانيا : فلأنّ منع عموم ما دلّ على أنّ الشكّ في الإتيان بعد خروج الوقت لا يعتدّ به للمقام خال عن السند).

وأمّا ما يرد ثانيا على ما ذكر من التوجيه لحكم المشهور بالرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، فيرجع إلى منع عدم شمول ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ في الإتيان للمقام ، هو الشكّ في فوت الأكثر بعد خروج الوقت ، فإنّ ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ في الإتيان بعد خروج الوقت لا يختصّ فيما إذا كان الشكّ في أصل الفوت ، بل يشمل ما إذا كان الشكّ في فوت الأكثر أيضا. فلا يعتنى بهذا الشكّ ، كما لا يعتنى بالشكّ في أصل الفوت ، بل يبنى على الإتيان (خصوصا مع اعتضاده بما دلّ على أنّ الشكّ في الشيء لا يعتنى به بعد تجاوزه) ، فيكون عدم الاعتناء به بعد الفراغ ـ كما في المقام ـ بالأولوية (ومع اعتضاده في

٩٩

قوله عليه‌السلام : (إنّما الشكّ في شيء لم تجزه) (١) ، ومع اعتضاده في بعض المقامات بظاهر حال المسلم في عدم ترك الصلاة.

وأمّا ثالثا : فلأنّه لو تمّ ذلك جرى في ما يقضيه عن أبويه إذا شكّ في مقدار ما فات منهما ، ولا أظنّهم يلتزمون بذلك ، وإن التزموا بأنّه إذا وجب على الميّت لجهله بما فات به مقدار معيّن يعلم أو يظنّ معه البراءة وجب على الولي قضاء ذلك المقدار ، لوجوبه ظاهرا

____________________________________

بعض المقامات بظاهر حال المسلم في عدم ترك الصلاة) ، لأنّ المسلم لا يترك الصلاة عمدا ، فينتفي هذا الاحتمال بظهور حاله.

فمع هذين المعاضدين ينتفي انصراف ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد خروج الوقت إلى الشكّ في أصل الفوت ، بل يشمل الشكّ في فوت الأكثر ، فيكون منع شمول هذا الدليل للمقام خاليا عن السند ، فيكون هذا الدليل حاكما على قاعدة الاشتغال من غير فرق بين أن يكون القضاء بالأمر السابق أو بالأمر الجديد ، وعلى فرض كون القضاء بالأمر الجديد ، لا فرق بين كون الأمر الجديد كاشفا عن استمرار الأمر السابق حتى يكون من قبيل تعدّد المطلوب ، وبين كونه تكليفا جديدا مغايرا للتكليف المستفاد من الأمر الأوّل ، وعلى جميع التقادير يكون عموم ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد الوقت حاكما على أصل الاشتغال ، لكونه دليلا اجتهاديّا.

(وأمّا ثالثا : فلأنّه لو تمّ ذلك جرى في ما يقضيه عن أبويه إذا شكّ في مقدار ما فات منهما ، ولا أظنّهم يلتزمون بذلك ... إلى آخره).

وأمّا الإيراد الثالث على التوجيه المذكور ، فلأنّه لو تمّ الاشتغال في ما نحن فيه لجرى في ما يقضيه عن أبويه ، مع أنّهم لم يلتزموا بالاشتغال في ما يقضيه عن أبويه فيما إذا شكّ في مقدار ما فات منهما ، ومنه نكشف عدم التزامهم بالاشتغال في المقام أيضا.

نعم ، التزموا بوجوب القضاء عن الميّت على الولي فيما إذا علم الولي أنّ الميت قد شكّ حال حياته بمقدار ما فات منه ، فيجب عليه الإتيان بمقدار معيّن يعلم أو يظنّ معه البراءة على مذهب الأصحاب ، إلّا إنّه لم يأت به في حال حياته فوجب على الولي

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٢. الوسائل ١ : ٤٧٠ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ٢.

١٠٠