دروس في الرسائل - ج ٣

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٨

تنبيهات

وينبغي التنبيه على امور :

الأوّل : إنّه لا فرق في وجوب الاجتناب عن المشتبه الحرام بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة وغير ذلك ، لعموم ما تقدّم من الأدلّة.

ويظهر من كلام صاحب الحدائق التفصيل ، فإنّه ذكر كلام صاحب المدارك في مقام تأييد ما قوّاه من عدم وجوب الاجتناب من المشتبهين.

وهو : «إنّ المستفاد من قواعد الأصحاب أنّه لو تعلّق الشكّ بوقوع النجاسة في الإناء وخارجه لم يمنع من استعماله ، وهو مؤيّد لما ذكرناه ـ قال مجيبا عن ذلك ـ :

أوّلا : بأنّه من باب الشبهة غير المحصورة.

____________________________________

(وينبغي التنبيه على امور :

الأوّل : إنّه لا فرق في وجوب الاجتناب عن المشتبه الحرام بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة وغير ذلك ، لعموم ما تقدّم من الأدلّة).

وحاصل هذا الأمر الأوّل ، هو أنّه هل يفرّق على القول بوجوب الاجتناب عن جميع أطراف الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، بين أن تكون الأطراف داخلة تحت حقيقة واحدة ، كالعلم الإجمالي بنجاسة الماء في أحد الإناءين أو الأواني ، وبين ما لم يكن كذلك ، كالعلم الإجمالي بنجاسة الإناء ، أو ما يكون خارجا عنه من الأرض أو غيرها أم لا؟ ، والمصنّف قدس‌سره قال بعدم الفرق.

(ويظهر من كلام صاحب الحدائق التفصيل) والفرق ، حيث يقول بوجوب الاجتناب في الأوّل دون الثاني ، ويذكر صاحب الحدائق لذلك كلام صاحب المدارك القائل بعدم وجوب الاجتناب من المشتبهين ، حيث قال في مقام تأييد ما قوّاه صاحب المدارك قدس‌سره : («إنّ المستفاد من قواعد الأصحاب أنّه لو تعلّق الشكّ بوقوع النجاسة في الإناء وخارجه لم يمنع من استعماله ، وهو مؤيّد لما ذكرناه») انتهى كلام صاحب المدارك.

ثمّ (قال) صاحب الحدائق (مجيبا عن ذلك : أوّلا : بأنّه من باب الشبهة غير المحصورة) نظرا إلى عدم انحصار خارج الإناء.

٢٠١

وثانيا : إنّ القاعدة المذكورة إنّما تتعلّق بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة والجزئيّات التي تحويها حقيقة واحدة إذا اشتبه طاهرها بنجسها ، وحلالها بحرامها.

____________________________________

(وثانيا : إنّ القاعدة المذكورة إنّما تتعلّق بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة ... إلى آخره).

أي : أنّ القاعدة التي ذكرها الأصحاب وهي وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة إنّما تتعلّق بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة ، فلا تجري في الأفراد غير المندرجة تحت ماهيّة واحدة.

ولهذا حكموا بجواز استعمال الإناء فيما إذا شكّ بوقوع النجاسة فيه أو في خارجه ، لأنّ الأفراد في هذا المثال ليست مندرجة تحت ماهيّة واحدة ، هذا توضيح ما أجاب به صاحب الحدائق ثانيا عن كلام صاحب المدارك.

والمستفاد من هذا الجواب الثاني هو التفصيل المتقدّم ، هذا ما قلنا حول كلام صاحب الحدائق تبعا للآخرين ، ولكن للملاحظة في كلامه مجال ، وذلك لأنّ ما ذكره في الجواب عن كلام صاحب المدارك ثانيا ، حيث قال : (وثانيا : إنّ القاعدة المذكورة) ظاهرة في أنّ المراد بها ما هو المذكور في كلام صاحب المدارك ، حيث قال : (إنّ المستفاد من قواعد الأصحاب ... إلى آخره) حيث تمسّك صاحب المدارك بهذه القاعدة على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة ، فحمل المحشّين القاعدة المذكورة في كلام صاحب الحدائق على قاعدة وجوب الاحتياط على خلاف كلام صاحب الحدائق ، إلّا أنّهم نظرا إلى تطبيق كلام صاحب الحدائق على التفصيل ارتكبوا ذلك.

ولكنّ الأولى أن يقال : إنّ كلمة «إنّما» خطأ من الناسخ ، بل كان مكانها كلمة «لا» ، فكانت العبارة هكذا :

وثانيا : إنّ القاعدة المذكورة عند الأصحاب التي تمسّك بها صاحب المدارك على عدم وجوب الاحتياط ، لا تتعلّق بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة ، حتى تكون دليلا على ما ذهب إليه صاحب المدارك من عدم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة ، بل تتعلّق بالأفراد غير المندرجة تحت ماهيّة واحدة ، كما يظهر من المثال المذكور ، فإنّهم يقولون بوجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة إذا كانت الأفراد مندرجة تحت ماهيّة واحدة ، فما

٢٠٢

فيفرّق بين المحصور وغير المحصور بما تضمّنه تلك الأخبار ، لا وقوع الاشتباه كيف اتّفق» ، انتهى كلامه رفع مقامه.

وفيه : بعد منع كون ما حكاه صاحب المدارك عن الأصحاب مختصّا بغير المحصور ، بل لو شكّ في وقوع النجاسة في الإناء أو ظهر الإناء ، فظاهرهم الحكم بطهارة الماء أيضا.

____________________________________

تخيّله صاحب المدارك من أنّ القاعدة عندهم تقتضي عدم وجوب الاحتياط مطلقا ليس بصحيح ، فيمكن ـ حينئذ ـ حمل كلام صاحب الحدائق على ظاهره ، ومع ذلك يظهر منه التفصيل المذكور.

وكيف كان ، فإنّنا سنرجع إلى توضيح العبارة استنادا إلى ما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته.

(فيفرّق بين المحصور وغير المحصور بما تضمّنه تلك الأخبار) المختلفة من حيث الدلالة ، فيحمل ما دلّ على وجوب الاحتياط على الشبهة المحصورة ، وما دلّ على الحلّية والبراءة على الشبهة غير المحصورة ، ولا يجب الاحتياط في الشبهة المحصورة مطلقا و (كيف اتفق) ، بل يجب فيما إذا كانت الأطراف مندرجة تحت ماهيّة واحدة ، وإلّا فحكمها حكم الشبهة غير المحصورة ، في عدم وجوب الاحتياط ، ولهذا لا يجب الاجتناب عن الإناء فيما إذا شكّ بوقوع النجاسة فيه أو في خارجه ، لأنّ أطراف العلم الإجمالي لم تكن مندرجة تحت ماهيّة واحدة.

(وفيه : بعد منع كون ما حكاه صاحب المدارك عن الأصحاب مختصّا بغير المحصور ... إلى آخره).

وحاصل ما أجاب به المصنّف قدس‌سره عن تفصيل صاحب الحدائق يرجع إلى وجهين :

أحدهما : منع اختصاص ما حكاه صاحب المدارك عن الأصحاب من حكمهم بعدم وجوب الاحتياط في المثال المذكور بالشبهة غير المحصورة ، فحكمهم بعدم وجوب الاحتياط فيه ليس من جهة كون الشبهة عندهم غير محصورة ، كما أجاب به صاحب الحدائق أوّلا.

ولا من جهة عدم كون الأطراف داخلة تحت ماهيّة واحدة ، كما توهّمه صاحب الحدائق وجعله جوابا ثانيا عمّا حكاه صاحب المدارك.

٢٠٣

كما يدلّ عليه تأويلهم لصحيحة (١) عليّ بن جعفر الواردة في الدم غير المستبين في الماء بذلك ، أنّه لا وجه لما ذكره من اختصاص القاعدة.

____________________________________

ولا من جهة عدم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عندهم ، كما تخيّله صاحب المدارك قدس‌سره ، بل من جهة انتفاء شرط وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عندهم ، لأنّ وجوب الاحتياط فيها يكون مشروطا بكون جميع أطراف العلم الإجمالي محلّا لابتلاء المكلّف ، فلو خرج بعضها عن محلّ الابتلاء لم يؤثّر العلم الإجمالي في إيجاب الاحتياط ، والمثال المذكور يكون من هذا القبيل حيث يكون خارج الإناء خارجا عن محلّ الابتلاء ، فلهذا حكموا بجواز استعماله.

وحينئذ إذا لم يكن بعض الأطراف خارجا عن محلّ الابتلاء ، لكان بناؤهم على وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة مطلقا ، من غير فرق بين كون الأطراف داخلة في حقيقة واحدة ومندرجة تحت ماهيّة واحدة أم لم تكن كذلك ، فما ذكره صاحب الحدائق من التفصيل لا يرجع إلى محصّل صحيح.

وبالجملة ، إنّ حكم الأصحاب بعدم وجوب الاحتياط في مثال الإناء يكون من جهة كون خارج الإناء خارجا عن محلّ الابتلاء ، فيكون ظاهرهم هو الحكم بطهارة الماء في الإناء أيضا.

(كما يدلّ عليه تأويلهم لصحيحة عليّ بن جعفر الواردة في الدم غير المستبين في الماء بذلك).

أي : بكون خارج ظرف الماء خارجا عن محلّ الابتلاء ، فعدم استبانة الدم في الماء يوجب احتمال إصابة الدم في خارج الإناء ، وحينئذ لا يجب الاحتياط لكون بعض أطراف العلم الإجمالي خارجا عن محلّ الابتلاء. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل.

وثانيهما : ما أشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله :

(إنّه لا وجه لما ذكره من اختصاص القاعدة ، أمّا أوّلا : فلعموم الأدلّة المذكورة ... إلى آخره).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٧٤ / ١٦. التهذيب ١ : ٤١٢ / ١٢٩٩. الاستبصار ١ : ٢٣ / ٥٧. الوسائل ١ : ١٥١ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٨ ، ح ١.

٢٠٤

أمّا أوّلا : فلعموم الأدلّة المذكورة خصوصا عمدتها ، وهي أدلّة الاجتناب من العناوين المحرّمة الواقعيّة ، كالنجس والخمر ومال الغير وغير ذلك [بضميمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل].

وأمّا ثانيا : فلأنّه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهيّة واحدة ، ولم يعلم الفرق بين تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه ، أو بين الماء وقطعة من الأرض ، أو بين الماء ومائع آخر ، أو بين مائعين مختلفي الحقيقة وبين تردّده ما بين ماءين ، أو ثوبين ، أو مائعين متّحدي الحقيقة.

____________________________________

وحاصل هذا الوجه الثاني الذي أجاب به المصنّف قدس‌سره عن تفصيل صاحب الحدائق ، هو منع اختصاص قاعدة وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة ، وذلك لأحد وجهين :

أحدهما : ما أشار إليه بقوله : (أمّا أوّلا ، فلعموم الأدلّة المذكورة) لوجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة من غير فرق بين كون أطراف الشبهة مندرجة تحت ماهيّة واحدة ، كالماءين ، وبين عدم كونها كذلك ، كالخلّ والماء المعلوم تنجّس أحدهما إجمالا ، ومقتضى الأدلّة المذكورة ، وهي أدلّة الاجتناب عن العناوين المحرّمة الواقعيّة كالنجس والخمر وغيرهما ، وقاعدة الاشتغال ، وقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل هو وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة مطلقا.

وثانيهما : ما أشار إليه بقوله :

(وأمّا ثانيا : فلأنّه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهيّة واحدة).

وذلك لعدم وضوح المراد من الماهيّة الواحدة ، حيث لا يعلم بأنّ المراد بها هل هو النوع كالماءين أو النجس القريب كالمائعين ، أو البعيد كالشيئين؟ وعلى الأخير يمكن إدراج أطراف كلّ شبهة محصورة تحت ماهيّة واحدة.

وحينئذ لا يعلم وجه (الفرق بين تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه ، أو بين الماء وقطعة من الأرض ... إلى آخره).

حيث تكون أطراف الشبهة مندرجة في حقيقة واحدة جنسيّة ، كما في مثال تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه أو بين الماء وقطعة من الأرض ، أو مندرجة في حقيقة

٢٠٥

نعم ، هنا شيء آخر ، وهو أنّه هل يشترط في العنوان المحرّم الواقعي والنجس الواقعي المردّد بين المشتبهين أن يكون على كلّ تقدير متعلّقا لحكم واحد أم لا؟.

مثلا : إذا كان أحد المشتبهين ثوبا والآخر مسجدا ، حيث إنّ المحرّم في أحدهما اللبس وفي الآخر السجدة ، فليس هنا خطاب جامع للنجس الواقعي ، بل العلم بالتكليف مستفاد من مجموع قول الشارع : «لا تلبس النجس في الصلاة ولا تسجد على النجس».

____________________________________

واحدة نوعيّة ، كما في مثال تردّده بين الماءين أو الثوبين ، ويجب الاجتناب في جميع الأمثلة المذكورة في المتن من دون فرق بينها ، إلّا من جهة خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء ، فلا يجب الاجتناب من هذه الجهة.

(نعم ، هنا شيء آخر ... إلى آخره).

يمكن أن يكون مرادا لصاحب الحدائق وهو وحدة أطراف الشبهة حكما وخطابا ، ثمّ وحدة الخطاب تلازم أن تكون الأطراف مندرجة في حقيقة واحدة ومعنونة بعنوان واحد تعلّق باعتباره نهي مولوي من الشارع ، كقوله : لا تشرب الماء النجس المردّد بين الإناءين أو أكثر ، حيث يكون نوع الخطاب معلوما بالتفصيل ، والترديد يكون في متعلّقه.

وهذا بخلاف ما إذا كان متعلّق الخطاب مردّدا بين عناوين تعلّق بكلّ واحد منها نهي مولوي ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين أو غصبيّة الآخر مثلا ، حيث يكون الخطاب في أحدهما مخالفا للخطاب في الآخر ، فإنّ الخطاب في الأوّل هو : لا تشرب النجس ، وفي الثاني : لا تتصرّف في مال الغير بدون إذنه ، فيجب الاجتناب فيما إذا كان الخطاب معلوما تفصيلا ، لحرمة مخالفة الخطاب المعلوم تفصيلا ، كما في مثال الأوّل ، ولا يجب الاجتناب فيما إذا كان الخطاب مردّدا بين الخطابين كالمثال الثاني ، حيث قيل بجواز المخالفة في الخطاب المردّد بين الخطابين تمسّكا بأنّ حسن المؤاخذة إنّما هو في مخالفة الخطاب المعلوم تفصيلا وإن كان متعلّقه مردّدا بين الأمرين.

وأمّا العقاب على مخالفة الخطاب المردّد بين الخطابين ، فيرجع إلى العقاب على أمر مجهول ، فيكون من العقاب من غير بيان ، فالملاك في وجوب الاحتياط هو وحدة الخطاب ، وفي عدم وجوبه هو تعدّد الخطاب ، وإن كان العنوان الذي تعلّق به النهي التحريمي متّحدا ، كما إذا كان أحد المشتبهين بالنجس ثوبا ، والآخر مسجدا ـ بالكسر ـ

٢٠٦

وأولى من ذلك بالإشكال ما لو كان المحرّم على كلّ تقدير عنوانا غيره على التقدير الآخر ، كما لو دار الأمر بين كون أحد المائعين نجسا وكون الآخر مال الغير لإمكان تكليف إدراج الفرض الأوّل تحت خطاب الاجتناب عن النجس بخلاف الثاني.

وأولى من ذلك ما لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة أو كون هذا المائع خمرا.

____________________________________

حيث يكون الخطاب في الأوّل هو : لا تلبس الثوب النجس ، وفي الثاني : لا تسجد على النجس.

وما ذكر في كلام صاحب المدارك يكون من هذا القبيل ، فإنّ الخطاب بالإناء يكون من جهة حرمة الشرب ، أي : لا تشرب النجس وبخارجه من جهة حرمة السجدة أو التيمّم في النجس ، أي : لا تسجد في النجس ، أو : لا تتيمّم فيه.

وكيف كان ، فالخطاب في هذا المثال وسابقه مردّد بين الخطابين ، فلا يجب الاحتياط ، إلّا أنّ المثال السابق ـ وهو ما إذا كان متعلّق الخطاب مردّدا بين العنوانين ـ أولى بالإشكال ممّا لم يكن كذلك ، وذلك لإمكان اعتبار الخطاب التفصيلي المعلوم تفصيلا فيما إذا كان متعلّق الخطابين عنوانا واحدا كالنجاسة في المثال المتقدّم ، فيرجع الخطاب المردّد إلى الخطاب المعلوم تفصيلا ، وهو : اجتنب عن النجس ، فيمكن ـ حينئذ ـ الحكم بوجوب الاحتياط والموافقة وحرمة المخالفة ، لأنّ المناط في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة هو وحدة الخطاب على الفرض.

وأولى ممّا ذكرناه من كون متعلّق الخطاب مردّدا بين العنوانين بالإشكال (ما لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة أو كون هذا المائع خمرا).

حيث يكون الخطاب في الأوّل : لا تزن ولا تنظر إلى الأجنبيّة ، وفي الثاني : لا تشرب الخمر ، والوجه في كون الإشكال فيه أولى من السابق مع اشتراكهما في تعدّد العنوان واختلاف الخطاب هو كون الأطراف في المثال السابق مندرجة تحت حقيقة واحدة ، حيث إنّ المفروض هو العلم بنجاسة أحد المائعين وغصبيّة الآخر ، فيمكن إرجاع الخطابين فيهما إلى خطاب تفصيلي واحد ، وهو : اجتنب عن المائع الحرام ، وهذا بخلاف مثال تردّد الحرام بين الأجنبيّة والخمر ، حيث لا يتصوّر بينهما جامع.

٢٠٧

وتوهّم إدراج ذلك كلّه في وجوب الاجتناب عن الحرام مدفوع بأنّ الاجتناب عن الحرام عنوان منتزع عن الأدلّة المتعلّقة بالعناوين الواقعيّة ، فالاعتبار بها لا به ، كما لا يخفى.

والأقوى أنّ المخالفة القطعيّة في جميع ذلك غير جائزة ، ولا فرق عقلا وعرفا في مخالفة نواهي الشارع بين العلم التفصيلي بخصوص ما خالفه وبين العلم الإجمالي بمخالفة أحد النهيين ، ألا ترى أنّه لو ارتكب مائعا واحدا يعلم أنّه مال الغير أو نجس لم يعذر لجهله

____________________________________

(وتوهّم إدراج ذلك كلّه في وجوب الاجتناب عن الحرام).

فيرجع الخطاب المردّد مطلقا إلى خطاب تفصيلي واحد ، وهو : اجتنب عن الحرام ، فلا وجه لما ذكره من أنّ تردّد الأمر بين كون المرأة أجنبيّة وبين كون هذا المائع خمرا ، أولى بالإشكال من المثالين السابقين ، حيث يرجع الخطاب المردّد في مثال الاشتباه بالنجس إلى خطاب واحد ، وهو : اجتنب عن النجس ، وفي مثال اشتباه النجاسة بالغصبيّة إلى اجتنب عن المائع الحرام ؛ وذلك لأنّ الخطاب المردّد في جميع الأمثلة يرجع إلى خطاب تفصيلي واحد ، وهو : اجتنب عن الحرام ، فلا وجه لأولويّة بعضها على البعض.

وقد أشار المصنّف قدس‌سره إلى دفع هذا التوهّم بقوله :

(مدفوع بأنّ الاجتناب عن الحرام عنوان منتزع عن الأدلّة المتعلّقة بالعناوين الواقعيّة) ، كالخمريّة والنجاسة والغصبيّة وغيرها ، فالاعتبار بهذه الأدلّة ، لا بوجوب الاجتناب عن الحرام المنتزع منها ، إذ لا أثر للأمر الانتزاعي.

والحاصل من جميع ما ذكرناه هو وجوب الاحتياط فيما إذا كان الخطاب معلوما بالتفصيل دون ما إذا كان مردّدا بين الخطابين ، ولمّا كان الخطاب في مثال العلم بنجاسة الإناء أو خارجه مردّدا بين الخطابين ، حكم صاحب الحدائق بعدم وجوب الاحتياط فيه وجعله جوابا عن كلام صاحب المدارك ، فيرجع جوابه إلى أنّ وجوب الاحتياط عند الأصحاب في الشبهة المحصورة يكون مختصّا فيما إذا كان الخطاب في أطراف الشبهة مندرجا تحت خطاب واحد ، والمثال ليس كذلك.

(والأقوى أنّ المخالفة القطعيّة في جميع ذلك غير جائزة ، ولا فرق عقلا وعرفا في مخالفة نواهي الشارع بين العلم التفصيلي بخصوص ما خالفه وبين العلم الإجمالي بمخالفة أحد النهيين).

٢٠٨

التفصيلي بما خالفه؟! فكذا حال من ارتكب النظر إلى المرأة وشرب المائع في المثال الأخير.

والحاصل أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور.

فكما تقدّم أنّه لا يجتمع نهي الشارع عن أمر واقعي واحد ، كالخمر مع الإذن في ارتكاب المائعين المردّد بينهما الخمر ، فكذا لا يجتمع النهي عن عدّة امور مع الإذن في ارتكاب كلا الأمرين المعلوم وجود أحد تلك الامور فيهما.

____________________________________

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره هو عدم الفرق بين الموارد المذكورة في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة القطعيّة ، لأنّ العقل يحكم مستقلّا بوجوب امتثال الخطاب المعلوم تفصيلا أو إجمالا ، ويحكم بحسن العقاب إذا خالف الخطاب المعلوم إجمالا ، ولو كان مردّدا بين الخطابين ولم يعلم المكلّف الخصوصيّة ، إذ ليس لمعرفة خصوصيّة الخمريّة أو الغصبيّة دخل في حكم العقل بوجوب الإطاعة وحرمة المخالفة.

فحكم جميع الأمثلة المتقدّمة في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة القطعيّة واحد.

(والحاصل أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور ... إلى آخره).

أي : أنّ النواهي الشرعيّة وإن كانت كثيرة مثل : اجتنب عن الخمر ، واجتنب عن النجس ، واجتنب عن الأجنبيّة ، واجتنب عن الميتة ... إلخ ، إلّا أنّها بعد العلم بحرمة الامور المذكورة تكون بمنزلة : اجتنب عن هذه الامور ، وحينئذ فكما يجب الاجتناب عن الخمر المعلوم إجمالا ، كذلك يجب الاجتناب عن الحرام المعلوم إجمالا ، وذلك لانطباق الكبرى ، وهي قوله تعالى : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(١) على كلا الموردين ، فإنّ الخمر ممّا نهى عنه الرسول ، فيجب الانتهاء والاجتناب عنه ، وإن كان مردّدا بين المائعين.

غاية الأمر في صورة تردّد الخمر بين الإناءين والمائعين يجب الاجتناب عنهما ليحصل العلم بالاجتناب عن الخمر ، وكذا لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة ، أو كون هذا المائع خمرا ، لكان النهي المعلوم إجمالا صغرى لتلك الكبرى ، فيقال :

إنّ أحد هذين الأمرين ـ أي : المرأة أو المائع ـ ممّا نهى عنه الرسول ، وكلّ ما نهى عنه

__________________

(١) الحشر : ٧.

٢٠٩

وأمّا الموافقة القطعيّة فالأقوى ـ أيضا ـ وجوبها ، لعدم جريان أدلّة الحلّية ولا أدلّة البراءة عقليّها ونقليّها.

أمّا النقليّة ، فلما تقدّم من استوائها بالنسبة إلى كلّ من المشتبهين ، وإبقاؤهما يوجب التنافي مع أدلّة تحريم العناوين الواقعيّة ، وإبقاء واحد على سبيل البدل غير جائز ، إذ بعد

____________________________________

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يجب الاجتناب عنه ، فيجب الاجتناب عن المرأة والمائع ليحصل العلم بالاجتناب عمّا نهى عنه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

هذا تمام الكلام في حرمة المخالفة القطعيّة.

ولا فرق فيها بين أن تكون أطراف الشبهة مندرجة تحت حقيقة واحدة وبين أن لا تكون كذلك.

وهكذا لا فرق فيها بين أن يكون متعلّق الخطاب عنوانا واحدا أو عنوانين ، كما تقدّم التفصيل.

(وأمّا الموافقة القطعيّة فالأقوى ـ أيضا ـ وجوبها) كذلك ، من دون فرق بين الأمثلة المتقدّمة في حرمة المخالفة القطعيّة ، وذلك لعدم المانع بعد ثبوت المقتضي كما تقدّم ، لأنّ المانع في الشبهة التحريميّة هو جريان أدلّة الحلّية ، وأدلّة الحلّية لا تجري في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، كما تقدّم ، وقد أشار اليه المصنّف قدس‌سره بقوله :

(لعدم جريان أدلّة الحلّية ، ولا أدلّة البراءة عقليّها ونقليّها.

أمّا النقليّة ، فلما تقدّم من استوائها بالنسبة إلى كلّ من المشتبهين).

لأنّ كلّ واحد من المشتبهين في نفسه يكون مشكوك الحلّ والحرمة ، فتشمل الأدلّة كلا المشتبهين ، فحينئذ :

(إبقاؤهما يوجب التنافي ... إلى آخره).

أي : إبقاء كلا المشتبهين تحت أدلّة الحلّ والبراءة يوجب التنافي والتعارض بين أدلّة الحلّ والبراءة (مع أدلّة تحريم العناوين الواقعيّة) كالخمر والغصب وغيرهما.

إذ مقتضى هذه الأدلّة هو وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إذا علم بكون أحدهما خمرا أو غصبا ، مع أنّ أدلّة الحلّ تقتضي الحلّية وجواز الارتكاب.

(وإبقاء واحد على سبيل البدل غير جائز).

٢١٠

خروج كلّ منهما بالخصوص ليس الواحد لا بعينه فردا ثالثا يبقى تحت أصالة العموم.

وأمّا العقليّة ، فلمنع استقلاله في المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردّد بين الأمرين ، بل الظاهر استقلال العقل في المقام بعد عدم القبح المذكور بوجوب دفع الضرر ، أعني : العقاب المحتمل في ارتكاب أحدهما.

وبالجملة ، فالظاهر عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة ،

____________________________________

أي : إبقاء واحد من المشتبهين تحت أدلّة الحلّ غير جائز ؛ وذلك لأنّ المراد من واحد منهما لا يخلو عن أحد احتمالين :

أحدهما : هو أحدهما المفهومي المبهم.

وثانيهما : هو أحدهما المصداقي.

وكلا الاحتمالين باطل.

أمّا الاحتمال الأوّل ، فلما ذكر المصنّف قدس‌سره من أنّ بعد فرض خروج كلّ واحد من المشتبهين عن أدلّة الحلّ بأدلّة تحريم العناوين الواقعيّة بعد حكم العقل بوجوب الإطاعة لا يبقى شيء تحت أدلّة الحلّ ، لأنّ أحدهما المفهومي الكلّي ليس فردا ثالثا حتى يحكم ببقائه تحت أصالة العموم.

وأمّا الاحتمال الثاني ، فلأجل كونه مستلزما لاستعمال أدلّة الحلّ في معنيين ، أي : حلّية المشتبهات في الشبهات البدويّة معيّنا ، وحلّية المشتبهات في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي تخييرا ، وقد ثبت في محلّه عدم جواز استعمال اللفظ الواحد في المعنيين ، فلا بدّ ـ حينئذ ـ من حمل أدلّة الحلّ على الشبهات البدويّة فقط.

والمتحصّل ممّا ذكرنا هو عدم المانع النقلي عن وجوب الموافقة القطعيّة.

(وأمّا العقليّة ، فلمنع استقلاله في المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردّد بين الأمرين ... إلى آخره).

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره في عدم المانع العقلي عن وجوب الموافقة القطعيّة هو أنّ العقل لا يحكم بقبح مؤاخذة من ارتكب أحد المشتبهين ، فصادف الحرام ، بل يحكم بوجوب الموافقة القطعيّة ، لأنّ في ارتكاب أحد المشتبهين ضرر محتمل ، والعقل يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فيجب الاجتناب عن كلا المشتبهين.

٢١١

فإمّا أن يجوّز الاولى وإمّا أن يمنع الثانية.

الثاني : إنّ وجوب الاجتناب عن كلّ من المشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعي ، فلا مؤاخذة إلّا على تقدير الوقوع في الحرام ، أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنّه مشتبه ، فيستحقّ المؤاخذة بارتكاب أحدهما ، ولو لم يصادف الحرام ، ولو ارتكبهما استحقّ عقابين؟ فيه وجهان ، بل قولان ، أقواهما الأوّل ، لأنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر هو بمعنى العقاب

____________________________________

(وبالجملة ، فالظاهر عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة ... إلى آخره).

وذلك لأنّ التكليف في مورد العلم الإجمالي لا يخلو عن أحد أمرين :

أحدهما : تنجّزه بالعلم الإجمالي.

وثانيهما : عدم تنجّزه به.

فعلى الأوّل تجب الموافقة القطعيّة فضلا عن حرمة المخالفة القطعيّة ، وعلى الثاني تجوز المخالفة القطعيّة فضلا عن المخالفة الاحتماليّة.

(الثاني : إنّ وجوب الاجتناب عن كلّ من المشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعي ، فلا مؤاخذة إلّا على تقدير الوقوع في الحرام ، أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنّه مشتبه ، فيستحق المؤاخذة بارتكاب أحدهما ، ولو لم يصادف الحرام ، ولو ارتكبهما استحق عقابين؟ فيه وجهان ، بل قولان ، أقواهما الأوّل).

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره في الأمر الثاني يرجع إلى أنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين بعد القول بوجوب الموافقة القطعيّة في الشبهة المحصورة ، هل هو إرشادي فلا يترتّب على مخالفته إلّا ما يترتّب على الواقع ، كما هو شأن الأوامر الإرشاديّة ، بحيث لو ارتكب أحدهما ولم يصادف الحرام الواقعي لم يعاقب إلّا من حيث التجرّي ، على القول بكونه موجبا للعقاب ، وإن صادف يعاقب عقابا واحدا ، وهكذا لو ارتكبهما معا ، أو وجوب مولوي ظاهري ، فيعاقب عقابا واحدا لو ارتكب أحدهما ، وعقابين لو ارتكب كلا المشتبهين؟ وذلك لأنّ موضوع الحكم الظاهري ـ حينئذ ـ هو المشتبه وهو يصدق على كلّ

٢١٢

المحتمل ، بل المقطوع حكم إرشادي.

وكذا لو فرض أمر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل أو مقطوع بقوله : تحرّز عن الوقوع في معصية النهي عن الزنا ، لم يكن إلّا إرشاديّا ، ولم يترتّب على موافقته ومخالفته

____________________________________

واحد من المشتبهين فهما موضوعان آخران ، وحكمهما هو الحرمة ظاهرا ، ولهذا لو ارتكبهما استحقّ عقابين ، بل ينضم إليهما عقاب ثالث على مخالفة الحرام الواقعي بعد تنجّزه بالعلم الإجمالي.

وعلى القول باستحقاق المتجرّي للعقاب يستحق من ارتكبهما خمس عقابات ، ثمّ إنّ المصنّف قدس‌سره يختار الاحتمال الأوّل ، حيث يقول :

(أقواهما الأوّل ، لأنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر هو بمعنى العقاب المحتمل ، بل المقطوع حكم إرشادي).

فلو فرض أمر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل أو مقطوع لم يكن إلّا إرشاديّا ، كما هو واضح في المتن.

وكيف كان ، فإنّ العنوان المذكور كما في تعليقة غلام رضا لا يناسب ما ذهب إليه الاصوليّون في المقام ، لأنّهم بين من حمل أخبار الاحتياط على الاستحباب ومن حملها على الإرشاد ، وعلى التقديرين ينتفي احتمال وجوب الاحتياط الشرعي بالأمر المولوي ، وحينئذ فلا وجه للالتزام بالوجوب الشرعي في المقام.

نعم ، ما ذكره من العنوان المذكور يناسب مذاق الأخباريّين لأنّهم بين من يقول بالوجوب الشرعي ، ومن يقول بالوجوب الإرشادي. انتهى مورد الحاجة من كلامه مع توضيح منّا.

قال الاستاذ الاعتمادي في وجه كون أمر الشارع فرضا بقوله : (تحرّز عن الوقوع في معصية النهي عن الزنا ... إلى آخره) للإرشاد ، ما هذا لفظه : «لأنّ كونه مولويّا مستلزم للتسلسل ، لأنّ الأمر المذكور لو كان مولويّا موجبا للعقاب على نفس مخالفته وإن لم يصادف الحرام لوجب على الشارع أمر آخر بالاجتناب عن مخالفة هذا الأمر وهكذا ، فيتسلسل» انتهى.

وما ذكره في وجه كون الأمر المذكور للإرشاد لا يخلو عن مناقشة ، إذ ليس على الشارع

٢١٣

سوى خاصيّة نفس المأمور به وتركه ، كما هو شأن الطلب الإرشادي ، وإلى هذا المعنى أشار صلوات الله عليه ، بقوله : (اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس) (١) ، وقوله : (من ارتكب الشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم) (٢).

ومن هنا ظهر أنّه لا فرق في ذلك بين الاستناد في وجوب الاجتناب إلى حكم العقل ، وبين الاستناد فيه إلى حكم الشرع بوجوب الاحتياط.

وأمّا حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون شرعا واستحقاق العقاب على تركه وإن لم يصادف الواقع فهو خارج عمّا نحن فيه ، لأنّ الضرر الدنيوي ارتكابه مع العلم حرام شرعا ،

____________________________________

أن يأمر بالاجتناب عن مخالفة الأمر المولوي أمرا مولويّا حتى يلزم التسلسل ، بل يكفي أن يأمر بالاجتناب عن المخالفة إرشادا إلى ما حكم به العقل من وجوب الإطاعة وقبح المخالفة وحرمتها ، فالأمر بترك المخالفة والمعصية لو صدر عن الشارع كان إرشاديّا قطعا.

(وإلى هذا المعنى أشار صلوات الله عليه ، بقوله : (اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس)).

أي : إلى كون الأمر للإرشاد أشار صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : (اتركوا ما لا بأس به ... إلى آخره) وذلك لأنّ الأمر بالترك إرشادي بقرينة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (حذرا عمّا به البأس) ، إذ معناه انحصار البأس في الحرام الواقعي ، والحذر إنّما يجب عن الحرام الواقعي.

(ومن هنا ظهر أنّه لا فرق في ذلك) ، أي : في كون الأمر بوجوب الاجتناب عن المشتبهين إرشاديّا(بين الاستناد في وجوب الاجتناب إلى حكم العقل ، وبين الاستناد فيه إلى حكم الشرع بوجوب الاحتياط) ، إذ قد عرفت كون أمر الشارع بوجوب الاحتياط للإرشاد.

قوله : (وأمّا حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون شرعا واستحقاق العقاب على تركه وإن لم يصادف الواقع).

دفع لما يتوهّم من أنّ دفع الضرر المظنون الدنيوي واجب مولوي ، فيترتّب على

__________________

(١) مصباح الشريعة : ٣٩.

(٢) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠. الفقيه ٣ : ٦ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٥٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٩.

٢١٤

والمفروض أنّ الظنّ في باب الضرر طريق شرعي ، فالمقدم مع الظنّ كالمقدم مع القطع مستحقّ للعقاب كما لو ظنّ سائر المحرّمات بالظنّ المعتبر.

نعم ، لو شكّ في هذا الضرر يرجع إلى أصالة الإباحة وعدم الضرر ، لعدم استحالة ترخيص الشارع في الإقدام على الضرر الدنيوي المقطوع ، إذا كان في الترخيص مصلحة اخرويّة فيجوز ترخيصه بالإقدام على المحتمل لمصلحة ولو كانت تسهيل الأمر على المكلّف

____________________________________

مخالفته العقاب ، وإن لم يقع المكلّف في الضرر ، فكيف يمكن أن يقال : بأنّ مخالفة الضرر الاخروي مع القطع به لا يترتّب عليها العقاب لكون الأمر بوجوب دفع الضرر الاخروي إرشاديّا ، فإذا لم يقتض ارتكاب الضرر المقطوع ترتّب العقاب لا يقتضي ارتكاب الضرر المظنون ترتّب العقاب بطريق أولى ، مع أنّ الفقهاء حكموا بترتّب العقاب على ارتكاب الضرر المظنون الدنيوي؟!

وحاصل الجواب عن هذا التوهّم ، هو الفرق بين الضرر الاخروي حيث يكون وجوبه إرشاديّا ، وإن كان الضرر مقطوعا ، وبين الضرر الدنيوي حيث يكون وجوبه مولويا ، وإن كان مظنونا ، وقد أشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله :

(فهو خارج عمّا نحن فيه).

لأنّ ما نحن فيه هو الضرر الاخروي الذي لا يكون وجوب دفعه إلّا إرشاديّا سواء كان الضرر قطعيّا أو ظنيّا أو احتماليّا ، وأمّا الضرر الدنيوي فارتكابه حرام شرعا ، سواء كان معلوما أو مظنونا ، لأنّ الظنّ طريق شرعي في باب الضرر.

(فالمقدم مع الظنّ كالمقدم مع القطع مستحق للعقاب).

فكما أنّ المقدم مع القطع بالضرر الدنيوي مستحقّ للعقاب ، كذلك المقدم مع الظنّ به مستحقّ للعقاب ، لأنّ الشارع جعل الضرر الدنيوي من جملة المحرّمات كالخمر ، وجعل الظنّ طريقا إليه ، كما جعله طريقا إلى سائر المحرّمات.

وبالجملة ، إنّ العقل وإن كان يحكم بوجوب دفع الضرر الدنيوي ـ مقطوعا كان ، أو مظنونا ـ بوجوب إرشادي ، إلّا أنّ حكم الشرع الملازم لحكم العقل في الضرر الدنيوي مولوي.

(نعم ، لو شكّ في هذا الضرر يرجع إلى أصالة الإباحة ... إلى آخره).

٢١٥

بوكول الإقدام على إرادته ، وهذا بخلاف الضرر الاخروي ، فإنّه على تقدير ثبوته يقبح من الشارع الترخيص فيه.

نعم ، وجوب دفعه عقلي ولو مع الشكّ ، لكن لا يترتّب على الترك دفعه إلّا نفسه ، على تقدير ثبوته واقعا حتى إنّه لو قطع به ثمّ لم يدفعه واتّفق عدمه واقعا لم يعاقب عليه إلّا من باب التجرّي ، وقد تقدّم في المقصد الأوّل المتكفّل لبيان مسائل حجيّة القطع الكلام فيه وسيجيء أيضا.

____________________________________

أي : لو شكّ في الضرر الدنيوي يرجع إلى أصالة الإباحة وعدم الضرر ، كما يرجع إلى أدلّة الحلّ والبراءة في الشكّ في خمريّة شيء لعدم وجوب الاحتياط بالاتّفاق في الشبهة الموضوعيّة.

قوله : (لعدم استحالة ترخيص الشارع في الإقدام على الضرر الدنيوي المقطوع ، إذا كان في الترخيص مصلحة اخرويّة ... إلى آخره).

دفع لما يتوهّم من أنّ العقل يحكم بوجوب دفع الضرر الدنيوي مقطوعا كان أو مظنونا ، بل محتملا ، فحينئذ كيف يحكم الشرع بالإباحة؟!

وحاصل الدفع ، هو عدم استحالة ترخيص الشارع بالإقدام على الضرر الدنيوي المقطوع ، كالجهاد ، وإعطاء النفس لإجراء الحدود والقصاص ، إذا كان في الترخيص مصلحة اخرويّة ، كما يرخّص الشارع شرب الخمر للتداوي ، فإذا جاز الترخيص في الضرر الدنيوي المقطوع كالأمثلة المذكورة يجوز ترخيصه في الإقدام على الضرر المحتمل بطريق أولى.

(لمصلحة ولو كانت تسهيل الأمر على المكلّف بوكول الإقدام على إرادته).

والحاصل أنّه يجوز ترخيص الشارع بالإقدام على الضرر الدنيوي إذا كان فيه المصلحة.

(وهذا بخلاف الضرر الاخروي) حيث لا يجوز ترخيصه من الشارع أصلا ، وذلك لعدم إمكان تداركه بالمصلحة.

ومن هنا يظهر أنّ الفرق بين الضرر الدنيوي والاخروي من وجهين ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته :

أحدهما : إمكان تدارك الضرر الدنيوي دون الضرر الاخروي ، ولهذا يجوز الترخيص في

٢١٦

فإن قلت : قد ذكر العدليّة في الاستدلال بوجوب دفع الضرر على وجوب شكر المنعم ، بأنّ في تركه احتمال المضرّة ، وجعلوا ثمرة وجوب شكر المنعم وعدم وجوبه استحقاق العقاب على ترك الشكر لمن لم يبلغه دعوة نبيّ زمانه ، فيدلّ ذلك على استحقاق العقاب بمجرّد ترك دفع الضرر الاخروي المحتمل.

____________________________________

الأوّل دون الثاني.

وثانيهما : إنّ حكم الشرع الملازم لحكم العقل بوجوب دفع الضرر الاخروي كحكم العقل إرشادي ، ولكن حكم الشرع بوجوب دفع الضرر الدنيوي ليس كحكم العقل للإرشاد ، بل يمكن أن يكون مولويّا ، كما عرفت.

(فإن قلت : قد ذكر العدليّة في الاستدلال بوجوب دفع الضرر على وجوب شكر المنعم ، بأنّ في تركه احتمال المضرة) ، أي : العقاب.

والإشكال المذكور يردّ ما ذكر من عدم ترتّب العقاب على ترك دفع العقاب المحتمل ، إلّا نفس العقاب المحتمل على تقدير ثبوته واقعا ، لأنّ العقاب يترتّب حتى على احتمال العقاب ، وإن لم يكن ثابتا في الواقع ؛ وذلك لأنّ العدليّة استدلّوا على وجوب شكر المنعم بوجوب دفع الضرر المحتمل ، حيث قالوا بأنّ في ترك شكر المنعم احتمال المضرّة والعقاب الاخروي ، فيجب دفعا لاحتمال الضرر ، (وجعلوا ثمرة وجوب شكر المنعم وعدم وجوبه استحقاق العقاب على ترك الشكر) على القول بوجوب الشكر على من لم يبلغه دعوة نبيّ زمانه ، فيجب عليه الفحص عن نبيّ لو احتمل أنّه لو تفحّص عنه لوجده.

والمستفاد منهم في مسألة وجوب شكر المنعم هو أنّ شكر المنعم شبهة وجوبيّة يحتمل في تركه العقاب ، فالعقل يحكم بوجوبه وإتيانه دفعا للعقاب المحتمل ، فمن خالف حكم العقل وترك شكر المنعم استحقّ العقاب ، سواء صادف الواقع أم لا.

ومن هنا يمكن أن يقال في ما نحن فيه : إنّ كلّ واحد من المشتبهين في الشبهة المحصورة شبهة تحريميّة يحتمل في ارتكابه العقاب ، فالعقل يحكم بوجوب الاجتناب عن كلّ واحد منهما دفعا للعقاب المحتمل ، سواء صادف الواقع أم لا ، فما ذكر من عدم ترتّب العقاب على ارتكاب ما يحتمل فيه العقاب ، إلّا نفس العقاب إن صادف الواقع غير صحيح ، بل الظاهر هو ترتّب العقاب في الارتكاب وإن لم يكن ما ارتكبه حراما في الواقع.

٢١٧

قلت : حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد احتمال الضرر في تركه لأجل مصادفة الاحتمال للواقع ، فإنّا لمّا علمنا بوجوبه عند الشارع وترتّب العقاب على تركه ، فإذا احتمل العاقل العقاب على تركه ، فإن قلنا بحكومة العقل في مسألة دفع الضرر المحتمل صحّ عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجّة عليه بمخالفة عقله ، وإلّا فلا ، فغرضهم أنّ ثمرة حكومة العقل بدفع الضرر المحتمل إنّما تظهر في الضرر الثابت شرعا مع عدم العلم به من

____________________________________

وحينئذ لا وجه لما ذكر من أنّ وجوب الاجتناب عن المشتبهين إرشادي لا يترتّب عليه إلّا ما يترتّب على الحرام الواقعي من العقاب.

(قلت : حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد احتمال الضرر في تركه لأجل مصادفة الاحتمال للواقع).

وحاصل جواب المصنّف قدس‌سره هو أنّ ما ذكر من عدم ترتّب العقاب على ترك دفع احتمال الضرر الاخروي إلّا نفسه ـ على تقدير ثبوته واقعا ـ صحيح لا إشكال عليه ، وحكم العدليّة باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرّد ترك دفع الضرر المحتمل ليس لأجل ترتّب العقاب على ترك دفع الضرر المحتمل ، حتى ينافي كون وجوب دفع الضرر المحتمل عقلا إرشاديّا ، بل لأجل مصادفة احتمال العقاب للواقع ، فلا ينافي الوجوب الإرشادي ؛ وذلك لأنّ العدليّة كانوا قاطعين بوجوب شكر المنعم واستحقاق العقاب على تركه من البراهين العلميّة ، فمن احتمل العقاب في ترك الشكر ليحكم عقله بوجوب الشكر دفعا لاحتمال العقاب في تركه ، فإذا خالف حكم عقله بترك الشكر صحّ للعدليّة أن يقولوا بأنّه مستحقّ للعقاب.

وهذا الحكم منهم ليس من جهة مخالفة هذا الشخص لحكم العقل وكون الحكم المذكور مولويّا ، بل من جهة علمهم بأنّ ما احتمله من العقاب في ترك الشكر مطابق للواقع ، وإن كان لا يعلم تارك الشكر بأنّه مطابق للواقع ، إلّا أنّه خالف ما حكم به عقله ، فقد تمّت الحجّة عليه بواسطة حكم العقل ، كما أشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله : (صحّ عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجّة عليه بمخالفة عقله).

هذا إن قلنا بحكومة العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل كما هو الحقّ.

(وإلّا فلا) ، أي : إن لم نقل بحكومة العقل كما عليه الأشاعرة ، فلا يصحّ عقاب تارك

٢١٨

طريق الشرع.

لا أنّ الشخص يعاقب بمخالفة العقل وإن لم يكن ضرر في الواقع ، وقد تقدّم في بعض مسائل الشبهة التحريميّة شطر من الكلام في ذلك.

وقد يتمسّك لإثبات الحرمة في المقام بكونه تجرّيا ، فيكون قبيحا عقلا فيحرم شرعا ، وقد تقدّم في فروع حجيّة العلم الكلام في حرمة التجرّي حتى مع القطع بالحرمة إذا كان مخالفا للواقع ، كما أفتى به في التذكرة فيما إذا اعتقد ضيق الوقت فأخّر وانكشف بقاء الوقت وإن تردّد في النهاية.

وأضعف من ذلك التمسّك بالأدلّة الشرعيّة الدالّة على الاحتياط ، لما تقدّم من أنّ الظاهر من مادّة الاحتياط التحرّز عن الوقوع في الحرام.

كما يوضّح ذلك النبويّان السابقان وقولهم صلوات الله عليهم : (إنّ الوقوف عند الشبهة

____________________________________

الشكر لعدم إتمام الحجّة عليه ، (فغرضهم أنّ ثمرة حكومة العقل بدفع الضرر المحتمل إنّما تظهر) في صورة مصادفة احتمال العقاب للواقع ، كما أشار إليه بقوله : (في الضرر الثابت شرعا مع عدم العلم به من طريق الشرع) ، أي : مع عدم علم التارك بوجوب الشكر ، لعدم بلوغ دعوة نبيّه إليه ، ثمّ يعاقب لأجل ما حكم به عقله من وجوب دفع الضرر المحتمل ومصادفته للواقع لا أنّه يعاقب بمخالفة العقل وإن لم يكن ضرر في الواقع ، حتى يكون وجوب دفع الضرر من العقل مولويّا ، كما في الإشكال.

(وقد يتمسّك لإثبات الحرمة في المقام بكونه تجرّيا ، فيكون قبيحا عقلا فيحرم شرعا).

إلّا أنّ التجرّي لم يكن حراما شرعا عند المصنّف قدس‌سره ، لأنّ قبح التجرّي عنده فاعلي ، فلا يوجب إلّا الذمّ ، وليس قبحه فعليّا حتى يوجب الحرمة شرعا ، كما تقدّم في بحث القطع.

(وأضعف من ذلك التمسّك بالأدلّة الشرعيّة الدالّة على الاحتياط).

أي : أضعف من التمسّك لإثبات الحرمة في المقام بالتجرّي التمسّك بالأدلّة الشرعيّة ... إلى آخره ، وذلك لما تقدّم في جواب الأخباريّين (من أنّ الظاهر من مادّة الاحتياط) هو (التحرّز عن الوقوع في الحرام) فيكون الأمر بالاحتياط إرشاديّا.

(كما يوضّح ذلك النبويّان السابقان).

٢١٩

أولى من الاقتحام في الهلكة) (١).

الثالث : إنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنّما هو مع تنجّز التكليف بالحرام الواقعي على كلّ تقدير بأن يكون كلّ منهما بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكليف بالاجتناب منجّزا.

____________________________________

وهما قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس) (٢) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من ارتكب الشبهات وقع في المحرمات ... الخ) (٣) وتقدّم كون الأوامر في الأخبار المذكورة في المتن للإرشاد ، فلا حاجة إلى البيان ثانيا.

(الثالث : إنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنّما هو مع تنجّز التكليف بالحرام الواقعي على كلّ تقدير).

يبيّن المصنّف قدس‌سره في هذا الأمر ـ الثالث ـ ما يعتبر في تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي بعد التزامه بتنجّز التكليف بالعلم الإجمالي ، ولهذا قال بحرمة مخالفته مطلقا ووجوب موافقته القطعيّة ، إذ يجب الاجتناب عن كلّ واحد من المشتبهين من باب المقدّمة للاجتناب عن الحرام الواقعي المعلوم إجمالا.

ومن المعلوم أنّ وجوب المقدّمة يتوقّف على وجوب ذي المقدّمة ، فلا بدّ أن يكون التكليف في جانب ذي المقدّمة ، وهو الحرام الواقعي منجّزا ، ويشترط في تنجّزه أن يكون كلّ واحد من أطراف العلم الإجمالي على نحو لو علم تفصيلا بكونه هو الحرام الواقعي المعلوم إجمالا لتنجّز التكليف بالاجتناب عنه فعلا ، وهو معنى قوله : (تنجّز التكليف بالحرام الواقعي على كلّ تقدير).

ثمّ إنّ الاشتراط المذكور يتحقّق فيما إذا كان العلم الإجمالي سببا لحدوث تنجّز التكليف في جميع الأطراف ، بحيث لم يكن التكليف في بعض الأطراف منجّزا بدون العلم الإجمالي ، ولم يكن مانعا عن تنجّز التكليف في بعض الأطراف ، ككون بعض

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤٧٤ / ١٩٠٤. الوسائل ٢٠ : ٢٥٩ ، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ، ب ١٥٧ ، ح ٢ ، وفيهما : (خير) بدل (أولى).

(٢) مصباح الشريعة : ٣٩.

(٣) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠. الفقيه ٣ : ٦ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٥٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٩.

٢٢٠