دروس في الرسائل - ج ٣

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٨

وقال كاشف اللثام في مسألة المكان المشتبه بالنجس : «لعلّ الضابط أنّ ما يؤدّي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور ، كما أنّ اجتناب شاة أو امرأة مشتبهة في صقع من الأرض يؤدّي إلى الترك غالبا» ، انتهى ، واستصوبه في مفتاح الكرامة.

وفيه ما لا يخفى من عدم الضبط ، ويمكن أن يقال بملاحظة ما ذكرنا في الوجه الخامس : إنّ غير المحصور ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي الحاصل فيها.

ألا ترى أنّه لو نهى المولى عبده عن المعاملة مع زيد ، فعامل العبد مع واحد من أهل قرية كبيرة يعلم بوجود زيد فيها لم يكن ملوما وإن صادف زيدا ، وقد ذكرنا أنّ المعلوم بالإجمال قد يؤثّر مع قلّة الاحتمال ما لا يؤثّره مع الانتشار وكثرة الاحتمال ، كما قلناه في سبّ واحد مردّد بين اثنين أو ثلاثة ومردّد بين أهل بلدة.

____________________________________

باختلاف الزمان ، كما عرفت ، وقد يكون الشيء مردّدا بين امور يعسر عدّها ولا عسر في الاجتناب عنه ، فالرجوع إلى العرف لا يزيد إلّا تحيّرا.

(وقال كاشف اللثام في مسألة المكان المشتبه بالنجس : لعلّ الضابط) في كون الشبهة غير محصورة (أنّ ما يؤدّي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا) ، كما لو كان المكان النجس مردّدا بين أمكنة من صقع الأرض بحيث يؤدّي ترك الصلاة فيها إلى ترك أصل الصلاة بالنسبة إلى أغلب الناس في أغلب الأوقات ، (كما أنّ اجتناب شاة أو امرأة مشتبهة في صقع من الأرض يؤدّي إلى الترك غالبا) ، أي : إلى ترك أكل اللحم في الأوّل ، وترك التزويج في الثاني ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه.

(وفيه ما لا يخفى من عدم الضبط).

لأنّ الضابط المذكور يختصّ بمقدّمات الصلاة ، ذلك لأنّ طهارة مكان المصلي من مقدّمات الصلاة ، فلا يشمل غيرها من الشبهات غير المحصورة ، مع أنّ اشتباه النجس بين أمكنة صقع الأرض وإن كانت غير محصورة لا يؤدّي إلى ترك الصلاة غالبا ، وذلك لإمكان أداء الصلاة في غير الأرض ، كالصلاة على الفرش والخشب والسيارة وغيرها من موجودات صقع الأرض التي تكون خارجة عن أطراف الشبهة بالفرض.

(ويمكن أن يقال بملاحظة ما ذكرنا في الوجه الخامس : إنّ غير المحصور ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي).

٣٠١

ونحوه ما إذا علم إجمالا بوجود بعض القرائن الصارفة المختفية لبعض ظواهر الكتاب والسنّة ، أو حصول النقل في بعض الألفاظ ، إلى غير ذلك من الموارد التي لا يعتنى فيها بالعلوم الإجماليّة المترتّب عليها الآثار المتعلّقة بالمعاش والمعاد في كلّ مقام.

وليعلم أنّ العبرة في المحتملات ـ كثرة وقلّة ـ بالوقائع التي تقع موردا للحكم بوجوب

____________________________________

وحاصل هذا الوجه في بيان الضابط للشبهة غير المحصورة ـ نظرا إلى ما تقدّم في الوجه الخامس من عدم وجوب الاجتناب في غير المحصور ـ هو أنّ غير المحصور ما بلغ احتمال الحرام فيه من الضعف في أطراف الشبهة لأجل كثرتها إلى حدّ لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي بوجود الحرام فيها ، ولا يحكم العقل بوجوب الاجتناب عنها ، وذلك لكون احتمال العقاب في كلّ طرف في غاية الضعف.

ومن المعلوم أنّ العلم الإجمالي يؤثّر مع قلّة الأطراف ما لم يؤثّره مع كثرتها ، كما هو واضح في مثال سبّ واحد مردّد بين اثنين أو مردّد بين أهل بلدة ، حيث يتأثّر كلّ منهما في الأوّل ولا يتأثّر أحد منهم في الثاني.

(ونحوه ما إذا علم إجمالا بوجود بعض القرائن الصارفة المختفية لبعض ظواهر الكتاب والسنّة ، أو حصول النقل في بعض الألفاظ).

حيث لا يعتنى بالعلم الإجمالي المذكور ، ولا يتوقّف به في العمل بظواهر الكتاب والسنّة (الآثار المتعلّقة بالمعاش والمعاد) والأوّل كمثال المعاملة ، والثاني كمثال ظواهر الكتاب والسنّة على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه.

إلّا أنّ هذا الضابط لا يكون صحيحا من جهة كونه موجبا لجواز المخالفة القطعيّة في الشبهة غير المحصورة ، ولهذا قال غلام رضا قدس‌سره في تعليقته على الرسائل ما هذا لفظه :

«والأولى في بيان الضابط أن يقال : إنّ غير المحصور ما كثر أطرافه وكان الاجتناب عنها مورثا للحرج ، فالمناط في تحقّقه كثرة الأطراف وإيراث الاجتناب عنها للحرج ، أمّا الأوّل ، فيستفاد من فهم العرف ، فإنّهم لا يفهمون من لفظ غير المحصور إلّا الكثرة ، وأمّا الثاني ، فيستفاد من الاستدلال في المسألة بدليل الحرج ، لأنّ الدليل الخاصّ ـ كما تقدّم ـ يخصّص العنوان العام» انتهى مورد الحاجة من كلامه.

(وليعلم أنّ العبرة في المحتملات ـ كثرة وقلّة ـ بالوقائع التي تقع موردا للحكم بوجوب

٣٠٢

الاجتناب مع العلم التفصيلي بالحرام.

فإذا علم بحبّة أرز محرّمة أو نجسة في ألف حبّة ، والمفروض أنّ تناول ألف حبّة من الأرز في العادة بعشر لقمات ، فالحرام مردّد بين عشرة محتملات لا ألف محتمل ، لأنّ كلّ لقمة يكون فيها الحبّة حرام أخذها لاشتمالها على مال الغير ، أو مضغها لكونه مضغا للنجس ، فكأنّه علم إجمالا بحرمة واحدة من عشر لقمات.

نعم ، لو اتّفق تناول الحبوب في مقام يكون تناول كلّ حبّة واقعة مستقلّة كان له حكم غير المحصور ، وهذا غاية ما ذكروا ، أو يمكن أن يذكر في ضابط المحصور وغيره ، ومع ذلك فلم يحصل للنفس وثوق بشيء منها.

فالأولى الرجوع في موارد الشكّ إلى حكم العقلاء بوجوب مراعاة العلم الإجمالي الموجود في ذلك المورد ، فإنّ قوله : اجتنب عن الخمر ، لا فرق في دلالته على تنجّز التكليف بالاجتناب عن الخمر بين الخمر المعلوم المردّد بين امور محصورة وبين الموجود المردّد بين امور غير محصورة.

____________________________________

الاجتناب مع العلم التفصيلي بالحرام).

فيكون ـ حينئذ ـ اشتباه حبّة أرز محرّمة أو نجسة بين ألف حبّة شبهة محصورة لا غير محصورة ، وذلك أنّ ألف حبة في مقام تناولها لا تزيد عن عشر لقمات عادة ، فكلّ لقمة تعدّ واقعة يحكم فيها بالحرمة أو الحلّية ، فتكون أطراف الشبهة عشرة ، ومن المعلوم أنّ اشتباه الحرام بين عدد العشر يكون من الشبهات المحصورة.

نعم ، لو فرض تعلّق الحكم بكلّ حبّة أصبحت كلّ حبّة واقعة مستقلّة ، فتكون الشبهة حينئذ غير محصورة.

(فالأولى الرجوع في موارد الشكّ إلى حكم العقلاء بوجوب مراعاة العلم الإجمالي الموجود في ذلك المورد).

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره هو أنّ الأولى هو الأخذ بالاحتياط في موارد الشكّ في كون الشبهة محصورة أو غيرها ، وذلك أنّ مقتضى قول الشارع : اجتنب عن الخمر ، هو الاجتناب عن الخمر لتنجّز التكليف بالعلم الإجمالي ، من دون فرق بين كون الشبهة محصورة أو غيرها.

٣٠٣

غاية الأمر قيام الدليل في غير المحصورة على اكتفاء الشارع على الحرام الواقعي ببعض محتملاته ، كما تقدّم سابقا ، فإذا شكّ في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة شكّ في قيام الدليل على قيام بعض المحتملات مقام الحرام الواقعي في الاكتفاء عن امتثاله بترك ذلك البعض ، فيجب ترك جميع المحتملات لعدم الأمن من الوقوع في العقاب بارتكاب البعض.

الثالث : إذا كان المردّد بين الامور الغير المحصورة أفرادا كثيرة ، نسبة مجموعها إلى المشتبهات كنسبة الشيء إلى الامور المحصورة ، كما إذا علم بوجود خمسمائة شاة محرّمة في ألف وخمسمائة شاة ، فإنّ نسبة مجموع المحرّمات إلى المشتبهات كنسبة الواحد إلى الثلاثة ،

____________________________________

غاية الأمر فيما إذا كانت الشبهة غير محصورة اكتفى الشارع بترك بعض المحتملات بدلا عن الحرام الواقعي ، فحينئذ يرجع الشكّ في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة إلى الشكّ في قيام الدليل على قيام بعض المحتملات مقام الحرام الواقعي على فرض كون الشبهة غير محصورة وعدم قيام ذلك.

(فيجب ترك جميع المحتملات لعدم الأمن من الوقوع في العقاب بارتكاب البعض).

وذلك لوجود المقتضي لوجوب الاجتناب عن جميع الأطراف وعدم إحراز المانع ، أي : قيام الدليل على كفاية ترك بعض المحتملات بدلا عن الحرام الواقعي في موارد الشكّ.

(الثالث : إذا كان المردّد بين الامور الغير المحصورة أفرادا كثيرة ، نسبة مجموعها إلى المشتبهات كنسبة الشيء إلى الامور المحصورة ... إلى آخره).

ومحلّ البحث في هذا المورد الثالث يتّضح بعد ذكر مقدّمة ، وهي : إنّ الحرام المشتبه على قسمين :

الأوّل : أن يكون واحدا.

والثاني : أن يكون متعدّدا.

ثمّ إنّ القسم الأوّل ـ أيضا ـ على قسمين :

أحدهما : الحرام الواحد مشتبها بين امور قليلة.

وثانيهما : أن يكون مردّدا بين امور كثيرة.

ويسمّى القسم الأوّل من هذين القسمين بالشبهة المحصورة ، كما يسمّى بشبهة القليل في القليل.

٣٠٤

فالظاهر أنّه ملحق بالشبهة المحصورة ، لأنّ الأمر متعلّق بالاجتناب عن مجموع الخمسمائة في المثال ، ومحتملات هذا الحرام المتباينة ثلاثة ، فهو كاشتباه الواحد في الثلاثة ، وأمّا ما عدا هذه الثلاثة من الاحتمالات فهي احتمالات لا تنفكّ عن الاشتمال على الحرام.

____________________________________

ويسمّى القسم الثاني بالشبهة غير المحصورة ، كما يسمّى بشبهة القليل في الكثير ، وقد تقدّم حكمهما.

والقسم الثاني من التقسيم الأوّل يسمّى بشبهة الكثير في الكثير.

إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ محلّ البحث في المقام هو القسم الثاني من التقسيم الأوّل ، أي : شبهة الكثير في الكثير. هذا تمام الكلام في تحرير محلّ البحث في هذا المقام.

وأمّا توضيح العبارة ، فنذكر ما أفاده الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته ، حيث قال : «إنّ نسبة خمسمائة شاة محرّمة إلى أطراف العلم الإجمالي وهي ألف وخمسمائة هي نسبة الواحد إلى الثلاثة ، فتكون الشبهة شبهة محصورة يجب الاجتناب فيها عن جميع أطراف الشبهة (لأنّ الأمر) لم يتعلّق باجتناب واحد منها ، بل (متعلّق بالاجتناب عن مجموع الخمسمائة في المثال) ، إذ المحتملات المتعارضة ـ حينئذ ـ ثلاثة ، بمعنى أنّ خمسمائة شاة محرّمة مردّدة بين ثلاثة طوائف كلّ واحدة منها خمسمائة بالفرض ، فيقال : إنّ الطائفة المحرّمة ؛ إمّا هذه ، أو الثانية ، أو الثالثة.

(وأمّا ما عدا هذه الثلاثة من الاحتمالات) ، بأن تجعل المحتملات مائة مائة مثلا(فهي احتمالات لا تنفكّ عن الاشتمال على الحرام) ؛ لأنّ الحرام أكثر من مائة ، فما فوقها داخل في سائر المحتملات ، فلا يكون احتمال حرمة كلّ واحدة من مائة معارضا لاحتمال حرمة مائة اخرى ، وذلك لوجود احتمال الحرمة في مائة اخرى أيضا.

فالاحتمالات فيما عدا الثلاثة غير متعارضة ، والاحتمالات الثلاثيّة متعارضة ، إذ لو فرضنا خمسمائة محرّمة بالتمام ، لكان ما بقي من العدد المذكور ـ وهو الألف ـ حلالا بالتمام ، فحينئذ يكون احتمال حرمة كلّ واحدة من خمسمائة معارضا باحتمال حرمة كلّ واحدة من الطائفتين الباقيتين على سبيل البدل ، فيكون كاشتباه الواحد في الثلاثة ، حيث يكون حرمة كلّ واحد من الثلاثة معارضا باحتمال حرمة كلّ واحد من الباقيين على سبيل البدل.

٣٠٥

الرابع : إنّا ذكرنا في المطلب الأوّل المتكفّل لبيان حكم أقسام الشكّ في الحرام مع العلم بالحرمة أنّ مسائله أربع : الاولى منها الشبهة الموضوعيّة.

وأمّا [المسائل] الثلاث الأخر : وهي ما إذا اشتبه الحرام بغير الواجب ، لاشتباه الحكم من جهة عدم النصّ ، أو إجمال النصّ ، أو تعارض النصّين. فحكمها يظهر ممّا ذكرنا في الشبهة الموضوعيّة.

____________________________________

وهذا مختصر الكلام في هذا المقام ، وقد أعرضنا عن بسط الكلام فيه تجنّبا عن التطويل ، فمن يريد التفصيل والشقوق والاحتمالات فله أن يراجع إلى الكتب المبسوطة.

(الرابع : إنّا ذكرنا في المطلب الأوّل المتكفّل لبيان حكم أقسام الشكّ في الحرام مع العلم بالحرمة أنّ مسائله أربع).

أي : مسائل المطلب الأوّل أربع :

(الاولى : منها الشبهة الموضوعيّة) وهي : ما يكون الشكّ فيه ناشئا عن الامور الخارجيّة ، وقد تقدّم بيان أقسامها مع حكم كلّ منها ، حيث كانت أقسامها ثلاثة :

الاولى : شبهة القليل في القليل أو المحصورة.

والثانية : شبهة القليل في الكثير أو غير المحصور.

والثالثة : شبهة الكثير ، في الكثير ، وحكم الأخيرة كالاولى وجوب الاحتياط وحكم الثانية عدمه.

وبقي الكلام في المسائل الثلاث الأخر ، (وهي ما إذا اشتبه الحرام بغير الواجب ، لاشتباه الحكم من جهة عدم النصّ ، أو إجمال النصّ ، أو تعارض النصّين).

والمصنّف لم يتعرّض لحكم هذه المسائل الثلاث ، بل اكتفى بالاشارة إليه بقوله :

(فحكمها يظهر ممّا ذكرنا في الشبهة الموضوعيّة).

أي : حكم المسائل الثلاث الباقية يظهر من حكم المسألة الاولى ، وهي الشبهة الموضوعيّة ، وظاهر هذا الكلام من المصنّف قدس‌سره هو وجوب الاحتياط في جميع صور الشبهة الحكميّة إذا كانت الشبهة فيها من شبهة القليل في القليل ، أي : الشبهة المحصورة كما هي كذلك ، لأنّ فرض الشبهة غير المحصورة في الشبهة الحكميّة نادر ، بل معدوم ، لأنّ المكلّف به في الشبهة الحكميّة مردّد بين امور محصورة دائما.

٣٠٦

لكنّ أكثر ما يوجد من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني ، كما إذا تردّد الغناء المحرّم بين مفهومين بينهما عموم من وجه ، فإنّ مادّتي الافتراق من هذا القسم.

ومثل ما إذا ثبت بالدليل حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة واختلف في تعيينه ،

____________________________________

والحاصل : إنّ الحكم في جميع مسائل الشبهة الحكميّة هو وجوب الاحتياط.

(لكنّ أكثر ما يوجد من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني).

أي : ما يكون اشتباه الحكم فيه من جهة إجمال النصّ ، حيث يصدق إجمال النصّ على ما إذا كان متعلّق الحكم مجملا ، كما تقدّم في بحث البراءة.

(كما إذا تردّد الغناء المحرّم بين مفهومين) ، أي : الصوت المطرب ، والصوت مع ترجيع و (بينهما عموم من وجه) ومادّة الاجتماع هي ما إذا كان الصوت جامعا لكلا الوصفين ، ولا شكّ في كونه حراما.

وإنّما الكلام في مادّتي الافتراق وهي الصوت مع الترجيع من دون الإطراب أو مع الإطراب من دون الترجيع ، وحكمهما هو وجوب الاحتياط عند المصنّف قدس‌سره ، هذا فيما إذا تردّد الغناء بين كونه صوتا مشتملا على الترجيع وإن لم يكن مطربا ، وبين كونه صوتا مشتملا على التطريب وإن لم يكن مرجّعا ، فيعلم إجمالا بحرمة أحدهما ، فيجب الاحتياط بتركهما معا ، وأمّا لو احتمل كون الغناء مادّة الاجتماع ، لكان مثال الغناء خارجا عن المفروض وداخلا في دوران الأمر في الحرام بين الأقلّ والأكثر.

(ومثل ما إذا ثبت بالدليل حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة واختلف في تعيينه).

فقيل : إنّ المراد منه هو الأذان الثاني بعد الأذان الواقع في وقت ظهر الجمعة ، سواء كان هذا الأذان الثاني بين يدي الخطيب أم على المنارة أم على غيرها ، وعلّل بأنّه بدعة لكونه لم يفعل في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا في عهد الأوّلين ، وإنّما أحدثه عثمان أو معاوية على اختلاف النقلة ، فيكون بدعة وإحداثا في الدين ، كما قيل بأنّه يسمّى ثالثا ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله شرّع في الصلاة أذانا وإقامة ، فالأذان الثاني بالنسبة إليهما يكون ثالثا.

وقيل أيضا : إنّ المراد به أذان العصر ، وسمّي ثالثا لكونه ثالثا بالنسبة إلى أذان الصبح والظهر ، كما في الأوثق ، وكيف كان ، فقد دلّت بعض الروايات على حرمة الأذان الثالث يوم الجمعة لكونه بدعة ، فيجب ترك ما يحتمل أن يكون منه احتياطا.

٣٠٧

مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من جدّد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الإسلام) (١) حيث قرئ : جدّد بالجيم ، والحاء المهملة ، والخاء المعجمة ، وقرئ جدّث بالجيم والثاء المثلّثة.

____________________________________

و (مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من جدّد قبرا أو مثّل مثالا فقد خرج عن الإسلام) ، حيث قرئ : جدّد بالجيم).

ومعناه ـ حينئذ ـ هو تجديد القبر بعد اندراسه ، وحمل الحديث على كراهة تجديد القبر بعد الاندراس.

وقرئ (بالحاء المهملة) فمعناه تحديد القبر ، أي : ترفيعه.

(والخاء المعجمة) ، قرئ بالخاء ، فمعناه تخديد القبر.

قال الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه : «لعلّ المراد به هو نبش القبر ، واحتمل في بحر الفوائد هذا المعنى في جدّد بالجيم ، حيث قال بعد ذكره قدس‌سره جدث القبر : فلا ندري ما عنى به ، والذي أذهب إليه أنّه جدّد بالجيم ومعناه نبش القبر أو جدّده». انتهى.

وأيضا قال الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه : «لعلّ المراد بالتحديث هو جعل القبر قبرا ثانيا» وكيف كان ، فيجب الاحتياط بالاجتناب عن المعاني المذكورة ، وذلك للعلم إجمالا بحرمة واحد منها. وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فقد خرج عن الإسلام) يحمل على المبالغة في العصيان.

هذا تمام الكلام في المطلب الأوّل وهو اشتباه الحرام بغير الواجب ولله الحمد.

***

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٢٠ / ٥٧٩. التهذيب ١ : ٤٥٩ / ١٤٩٧. المحاسن ٢ : ٤٥٣ / ٢٥٦٠. الوسائل ٥ : ٣٠٦ ، أبواب أحكام المساكن ، ب ٣ ، ح ١٠ ، وفي جميعها وردت الرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٠٨

المطلب الثاني

في اشتباه الواجب بغير الحرام

وهو على قسمين ؛ لأنّ الواجب :

إمّا مردّد بين أمرين متباينين ، كما إذا تردّد الأمر بين وجوب الظهر والجمعة في يوم الجمعة ، وبين القصر والإتمام في بعض المسائل.

وإمّا مردّد بين الأقلّ والأكثر ، كما إذا تردّدت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها ، للشكّ في كون السورة جزء.

____________________________________

(المطلب الثاني : في اشتباه الواجب بغير الحرام).

والواجب المشتبه بغير الحرام على قسمين :

أحدهما : ما أشار إليه بقوله :

(إمّا مردّد بين أمرين متباينين) وهو ما(إذا تردّد الأمر بين وجوب الظهر والجمعة في يوم الجمعة ، وبين القصر والإتمام في بعض المسائل).

كما في السير إلى أربعة فراسخ ، وكما لو نوى الإقامة ثمّ عدل عنها بعد الرباعيّة أو قبلها ، وهو جاهل عاجز عن التعلّم ، فيشكّ في أنّ الواجب هل هو القصر ، أو الإتمام؟ على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي بتصرّف.

وثانيهما : ما أشار إليه بقوله :

(وإمّا مردّد بين الأقلّ والأكثر ، كما إذا تردّدت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها ، للشكّ في كون السورة جزء).

والواجب المردّد بين الأقلّ والأكثر على قسمين :

أحدهما : دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، بمعنى أن الأمر لا يسقط بالنسبة إلى الأقلّ عند الإتيان به لو كان الواجب في الواقع هو الأكثر.

وثانيهما : دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، بمعنى أنّ الأمر يسقط بالنسبة إلى ما أتى به من الأقلّ وإن كان الواجب في الواقع هو الأكثر ، ومثال ذلك هو قضاء الفوائت المردّدة بين الأقلّ والأكثر ، وأداء الدين المردّد بينهما.

ولا يخفى عليك أنّ هذا القسم الثاني خارج عن المقام ، لأنّ الشكّ فيه يرجع إلى الشكّ

٣٠٩

وليس المثالان الأوّلان من الأقلّ والأكثر ، كما لا يخفى.

____________________________________

في أصل التكليف بعد انحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ ، والشكّ البدوي في وجوب الزائد.

ثمّ إنّ القسم الأوّل ـ وهو دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ـ على قسمين :

أحدهما : أن يكون الجزء المشكوك من الأجزاء الخارجيّة.

وثانيهما : أن يكون من الأجزاء الذهنيّة ، كما سيأتي تفصيل ذلك في كلام المصنّف قدس‌سره.

وبالجملة ، إنّ الواجب المشتبه بغير الحرام ؛ إمّا مردّد بين المتباينين ، أو مردّد بين الأقلّ والأكثر. والأقلّ والأكثر ؛ إمّا ارتباطيان أو استقلاليان ، فمجموع صور اشتباه الواجب بغير الحرام ثلاثة ، ويبحث عن كلّ واحد منها في أربع مسائل من جهة أنّ اشتباه الواجب في كلّ منها :

إمّا من جهة الموضوع والامور الخارجيّة ، أو من جهة عدم النصّ أو إجماله ، أو تعارض النصّين.

فحاصل ضرب الثلاثة في الأربعة هو اثنتا عشرة مسألة ، ولم يتعرّض المصنّف قدس‌سره لدوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، لرجوع الشكّ فيه إلى الشكّ في التكليف لا المكلّف به فتبقى ثمانية مسائل.

قوله : (وليس المثالان الأوّلان من الأقلّ والأكثر).

دفع لما يتوهّم من أنّ المثالين المذكورين لم يكونا من المتباينين ، بل هما مثالان للأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، لأنّ الظهر والجمعة متّحدان في الحقيقة متفاوتان في القلّة والكثرة ، وكذلك القصر والتمام حيث يكون التمام مشتملا على القصر.

فدوران الواجب في المثالين يكون بين الأقلّ والأكثر كدوران الصلاة بين ذات السورة وفاقدتها في المثال الثالث.

وحاصل الدفع : ليس المثالان الأوّلان من مثال الأقلّ والأكثر ، لأنّ الأقلّ في كلا المثالين هي الماهيّة بشرط لا ، أي : الركعتان بشرط عدم الزيادة ، والأكثر فيهما هي الماهيّة بشرط شيء ، أي : الركعتان بشرط الزيادة ، والتباين بين الماهيّة بشرط لا وبشرط شيء لا يحتاج إلى البيان ؛ لأنّهما من أقسام الماهيّة من اللابشرط المقسمي ، والتباين بين الأقسام أظهر من الشمس.

٣١٠

واعلم أنّا لم نذكر في الشبهة التحريميّة من الشكّ في المكلّف به صور دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، لأنّ مرجع الدوران بينهما في تلك الشبهة ، إلى الشكّ في أصل التكليف ، لأنّ الأكثر معلوم الحرمة ، والشكّ في حرمة الأقلّ.

____________________________________

وهذا بخلاف المثال الثالث ، فإنّ الأكثر فيه وإن كان بشرط الزيادة ، إلّا أنّ الأقلّ فيه لم يؤخذ بشرط عدم الزيادة ، بل اخذ على نحو لا بشرط شيء ، ومن المعروف أنّ اللابشرط يجتمع مع الشرط ، ولا ينافيه ، حتى يكون ما اخذ بشرط شيء مباينا مع ما اخذ لا بشرط شيء.

(واعلم أنّا لم نذكر في الشبهة التحريميّة من الشكّ في المكلّف به صور دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، لأنّ مرجع الدوران بينهما في تلك الشبهة إلى الشكّ في أصل التكليف ، لأنّ الأكثر معلوم الحرمة ، والشكّ في حرمة الأقلّ).

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره هو الدفع لما يمكن أن يقال : إنّه قد ذكر في الشبهة الوجوبيّة صور دوران الواجب بين المتباينين وصور دورانه بين الأقلّ والأكثر ، مع أنّه لم يذكر في الشبهة التحريميّة في الشكّ في المكلّف به صور دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر ، ومن هنا منشأ التوهّم ، حيث يقال : لما ذا ترك المصنّف قدس‌سره صور دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر وذكر صور دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر؟!

ولكن ممّا ذكره المصنّف قدس‌سره لم يبق مجال لهذا التوهّم ، وذلك أنّ دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر يكون خارجا عن المقام ، لأنّ الشكّ فيه يرجع إلى الشكّ في أصل التكليف.

ومحلّ الكلام في المقام هو الشكّ في المكلّف به ، فدوران الحرام بين الأقلّ والأكثر يرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في أصل التكليف ، وإن كان الأقلّ والأكثر ارتباطيّين فضلا عن كونهما استقلاليّين ، إلّا أنّ ظاهر كلام المصنّف قدس‌سره في الأوّل بقرينة قوله : (لأنّ الأكثر معلوم الحرمة) ، فإنّ الأكثر يكون معلوم الحرمة فيما إذا دار الحرام بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، ومثاله هو نقش صورة الحيوان ذي الروح ، حيث يدور أمر الحرام فيه بين الأقلّ وهو نقش الصورة الناقصة ، وبين الأكثر وهو نقش الصورة الكاملة ، وحرمة الأكثر وهو نقش تمام الصورة معلومة ، وحرمة الأقلّ وهو نقش الناقص مشكوكة ، فتجري فيه البراءة ، وذلك لانحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأكثر ، والشكّ البدوي بالنسبة إلى الأقلّ.

٣١١

القسم الأول

دوران الواجب بين المتباينين

أمّا القسم الأوّل : [فيما إذا دار الأمر في الواجب بين أمرين متباينين] فالكلام فيه يقع في أربع مسائل ، على ما ذكرنا في أوّل الباب ، لأنّه إمّا أن يشتبه الواجب بغير الحرام من جهة عدم النصّ المعتبر ، أو إجماله ، أو تعارض النصّين ، أو من جهة اشتباه الموضوع.

____________________________________

وأمّا مثال دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين كقراءة العزيمة على الحائض ، حيث يدور الحرام فيها بين الأقلّ وهي قراءة آية السجدة فقط ، وبين الأكثر وهي قراءة تمام السورة ، فحرمة الأقلّ متيقّنة ، وحرمة الأكثر مشكوكة ، فتجري فيه البراءة لرجوع الشكّ بالنسبة إلى الأكثر إلى الشكّ في أصل التكليف.

وكيف كان ، فصور دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر مطلقا تكون خارجة عن المقام ، لرجوع الشكّ فيها إلى الشكّ في أصل التكليف ، فلذا ترك ذكرها المصنّف قدس‌سره إلّا أنّ تعليل المصنّف قدس‌سره وهو قوله : (لأنّ الأكثر معلوم الحرمة) لا يشمل دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، وكان عليه أن يعلّل بما يشملهما.

تنبيه :

لا بأس أن نذكر جميع الصور والاحتمالات المتصوّرة في الشبهة التحريميّة في الشكّ في المكلّف به ، وكذلك ما يتصوّر في الشبهة الوجوبيّة المبحوث عنها في المقام ، كما ذكرها الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته مع الأمثلة ، إلّا أنّا نزيد عليه ترتيبا مشتملا على الجدول لتسهيل المحصّلين.

فنقول بعون الله تعالى : في صور الشبهة التحريميّة أنّ اشتباه الحرام بغير الواجب :

إمّا يكون من جهة الامور الخارجيّة.

أو من جهة عدم النصّ.

أو من جهة إجمال النصّ.

أو من جهة تعارض النصّين.

٣١٢

____________________________________

والحرام المشتبه في جميع الصور الأربع :

إمّا مردّد بين المتباينين.

أو بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.

أو بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين.

وحاصل ضرب الثلاثة في الأربعة هي اثنتا عشرة صورة ومسألة.

ونفس الصور المذكورة في الشبهة التحريميّة تأتي في الشبهة الوجوبيّة أيضا ، لأنّ اشتباه الواجب بغير الحرام لا يخلو عن امور :

منها : الامور الخارجيّة.

ومنها : عدم النصّ.

ومنها : إجماله.

ومنها : تعارض النصّين.

ثمّ إنّ الواجب المشتبه في جميع الصور الأربع كذلك ؛ إمّا مردّد بين المتباينين ، أو بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، أو الاستقلاليّين ، ونتيجة ضرب الثلاثة في الأربعة هي اثنتا عشرة صورة ، فمجموع الصور المتصوّرة في كلتا الشبهتين هي أربع وعشرون صورة ، فلا بدّ من جداول مشتملة على هذه الصور ، فعليك بالجداول :

٣١٣

____________________________________

الجدول الأوّل لصور اشتباه الحرام بغير الواجب

٣١٤

____________________________________

الجدول الثاني لصور اشتباه الحرام بغير الواجب

٣١٥

____________________________________

الجدول الثالث لصور اشتباه الحرام بغير الواجب

٣١٦

____________________________________

الجدول الأوّل لصور اشتباه الواجب بغير الحرام

٣١٧

____________________________________

الجدول الثاني لصور اشتباه الواجب بغير الحرام

٣١٨

____________________________________

الجدول الثالث لصور اشتباه الواجب بغير الحرام

ثمّ إنّ ما ذكرنا من أنّ مجموع صور الشكّ في المكلّف به ـ تحريما ووجوبا ـ هي أربع وعشرون صورة أولى ممّا ذكر في شرح الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه ، حيث جعل صور الشكّ في المكلّف به في كلتا الشبهتين ، أي : التحريميّة والوجوبيّة ، اثنتي عشرة صورة.

وكيف كان ، فيبدأ المصنّف قدس‌سره في بيان حكم القسم الأوّل وهو دوران الواجب بين أمرين متباينين في ضمن أربع مسائل ، وقد أشار إلى المسألة الاولى بقوله :

٣١٩

المسألة الاولى

عدم النص المعتبر

أمّا المسألة الاولى : ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغير الحرام من جهة عدم النصّ المعتبر ، فالكلام فيها :

إمّا في جواز المخالفة القطعيّة في غير ما علم بإجماع أو ضرورة حرمتها ، كما في المثالين السابقين ، فإنّ ترك الصلاتين فيهما رأسا مخالف للإجماع بل الضرورة.

وإمّا في وجوب الموافقة القطعيّة.

أمّا الأوّل : فالظاهر حرمة المخالفة القطعيّة ، لأنّها عند العقلاء معصية ، فإنّهم لا يفرّقون بين الخطاب المعلوم تفصيلا أو إجمالا في حرمة مخالفته وفي عدّها معصية ، ويظهر من المحقّق

____________________________________

(أمّا المسألة الاولى : ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغير الحرام من جهة عدم النصّ المعتبر).

بأن لم يدلّ دليل معتبر على وجوب الظهر أو الجمعة ، إلّا أنّ الامّة قد اختلفت على قولين : أحدهما هو وجوب الجمعة ، والآخر هو وجوب الظهر.

والكلام في المسألة الاولى ؛ تارة : يقع في جواز المخالفة القطعيّة فيما لم تعلم حرمتها بإجماع أو ضرورة ، كالمثال المتقدّم ، حيث يكون ترك الصلاتين فيه مخالفا للإجماع ، بل الضرورة.

واخرى : يقع الكلام في وجوب الموافقة القطعيّة.

(أمّا الأوّل : فالظاهر حرمة المخالفة القطعيّة).

إذ لا ريب في قبح المخالفة القطعيّة عقلا وحرمتها شرعا ، وذلك لوجود المقتضي وعدم المانع.

أمّا الأوّل ، فلشمول الخطاب للمعلوم بالإجمال لاشتراك الخطاب الواقعي بين العالم والجاهل.

وأمّا الثاني ، فلعدم الفرق عند العقلاء بين الخطاب المعلوم تفصيلا أو إجمالا في حرمة المخالفة وكونها معصية ، فمن حكمهم بحرمة المخالفة في مطلق الخطاب وإن لم

٣٢٠