التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

فقالت : يا رسول الله ، كيف نبايعك؟ فقال : إني لا أصافح النساء ، فدعا بقدح من ماء ، فأدخل يده ثم أخرجها ، فقال : ادخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة» (١).

وقال عبد الله بن سنان : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، قال عليه‌السلام : «هو ما افترض الله عليهن من الصلاة والزكاة ، وما أمرهنّ به من خير» (٢).

وقال المفضل بن عمر : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف ماسح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النساء حين بايعهنّ؟ قال : «دعا بمركنه (٣) الذي كان يتوضأ فيه ، فصب فيه ماء ، ثم غمس يده اليمنى ، فكلما بايع واحدة منهن قال : اغمسي يدك ، فتغمس كما غمس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده ، فكان هذا مماسحته إياهن» (٤).

وقال سعدان بن مسلم : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أتدري كيف بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النساء؟»

قلت : الله أعلم وابن رسوله.

قال : «جمعهنّ حوله ثم دعا بتور برام (٥) وصب فيه نضوحا ، ثم غمس يده فيه ، ثم قال : اسمعن يا هؤلاء ، أبايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئا ، ولا تسرقن ، ولا تزنين ، ولا تقتلن أولادكن ، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢٧ ، ح ٥.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٤.

(٣) المركن : الإجانة التي تغسل فيها الثياب ونحوها. «لسان العرب : ج ١٣ ، ص ١٨٦».

(٤) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢٦ ، ح ١.

(٥) التور : هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة ، وقد يتوضأ منه ، والبرمة : القدر مطلقا ، وجمعها برام ، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن. «النهاية : ج ١ ، ص ١٢١ ، ١٩٩».

٦١

وأرجلكن ، ولا تعصين بعولتكن في معروف ، أقررتنّ؟ قلن : نعم ، فأخرج يده من التور ثم قال لهنّ : اغمسن أيديكن ، ففعلن ، فكانت يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطاهرة أطيب من أن يمسّ بها كفّ أنثى ليست له بمحرم» (١).

* س ٨ : ما هو تأويل قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)) [سورة الممتحنة : ١٣]؟!

الجواب / قال محمد بن صالح بن مسعود : حدثني أبو الجارود زياد بن المنذر ، عمن سمع عليا عليه‌السلام : «يقول العجب كل العجب بين جمادى ورجب».

فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه؟ فقال : «ثكلتك أمك ، وأي العجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته ، وذلك تأويل هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) فإذا اشتدّ القتل قلتم : مات أو هلك أو أي واد سلك ، وذلك تأويل هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٢)» (٣).

وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) : معطوف على قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) (٤).

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢٦ ، ح ٢.

(٢) الإسراء : ٦.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٤ ، ح ٢.

(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٤ ، والآية من سورة الممتحنة : ١.

٦٢

وقال محمد بن زيد الطبريّ : سمعت الرضا عليه‌السلام يتكلم في توحيد الله ، فقال : «أول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفة الله ـ جل اسمه ـ توحيده ، ونظام توحيده نفي التحديد عنه ، لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق ، وشهادة كل مخلوق ، أن له خالقا ليس بمخلوق ، والممتنع الحدث هو القديم في الأزل ، فليس عبد الله من نعت ذاته ، ولا إياه وحد من اكتنهه ، ولا حقيقته أصاب من مثّله ، ولا به صدّق من نهاه ، ولا صمد صمده (١) من أشار إليه بشيء من الحواسّ ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولا له عرف من بعضه ، ولا إياه أراد من توهّمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، بصنع الله يستدل عليه ، وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت محبته.

خلق الله تعالى الخلق حجابا بينه وبينهم ، ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم ، وابتداؤه لهم دليل على أن لا ابتداء له ، لعجز كل مبتدأ منهم عن ابتداء مثله ، فأسماؤه تعالى تعبير ، وأفعاله سبحانه تفهيم ، قد جهل الله من حدّه ، وقد تعدّاه من اشتمله ، وقد أخطأه من اكتنهه ، ومن قال : كيف هو ، فقد شبّهه ، ومن قال فيه : لم فقد علّله ، ومن قال : متى ، فقد وقّته ، ومن قال : فيم ، فقد ضمّنه ، ومن قال : إلام ، فقد نهاه ، ومن قال : حتّام ، فقد غيّاه ، ومن غيّاه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد ألحد فيه ، لا يتغير الله تعالى بتغاير المخلوق ، ولا يتحدد بتحديد المحدود ، واحد لا بتأويل عدد ، ظاهر لا بتأويل المباشرة ، متجلّ لا باستهلال رؤية ، باطن لا بمزايلة ، مباين لا بمسافة ، قريب لا بمداناة ، لطيف لا بتجسيم ، موجود لا عن عدم ، فاعل لا باضطراب ، مقدر لا بفكرة ، مدبر لا بحركة ، مريد لا بعزيمة ، شاء لا بهمّة ، مدرك لا بحاسّة ، سميع لا بآلة ، بصير لا بأداة ، لا تصحبه الأوقات ، ولا تضمّنه الأماكن ، ولا

__________________

(١) أي قصده واعتمده.

٦٣

تأخذه السنات ، لا تحدّه الصفات ، ولا تقيده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله.

بخلقه الأشياء علم أن لا شبه له ، وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والشر بالخير ، مؤلف بين متعاقباتها ، مفرق ين متدانياتها ، بتفريقها دل على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلفها ، قال الله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

له معنى الربوبية إذ لا مربوب ، وحقيقته الإلهية إذ لا مألوه ، ومعنى العالم ولا معلوم ، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق ، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث ، لا تغييه منذ ، ولا تدنيه قد ، ولا يحجبه لعل ، ولا يوقته متى ، ولا يشتمله حين ، ولا يقارنه مع ، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه ، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه ، لا تجري عليه الحركة والسكون ، كيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه؟ إذن لتفاوتت دلالته ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولما كان للبارىء معنى غير المبرأ ، لو حد له وراء لحد له أمام ، ولو التمس له التمام للزمه النقصان ، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع عن الحدث؟ وكيف ينشىء الأشياء من لا يمتنع من الأشياء؟ لو تعلّقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع ، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه ، ليس في مجال القول حجة ، ولا في المسألة عنه جواب ، لا إله إلا الله العلي العظيم» (١).

__________________

(١) الأمالي : ج ١ ، ص ٢٢.

٦٤

تفسير

سورة الصّفّ

رقم السورة ـ ٦١ ـ

٦٥
٦٦

سورة الصّفّ

* س ١ : ما هو فضل سورة الصف؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من قرأ سورة الصف وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله ، صفّه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين إن شاء الله تعالى» (١).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قال : «من قرأ هذه السورة كان عيسى عليه‌السلام مصليا عليه ومستغفرا له ما دام في الدنيا ، وإن مات كان رفيقه في الآخرة. ومن أدمن قراءتها في سفره حفظه الله ، وكفي طوارقه حتى يرجع» (٢).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)) [سورة الصف : ١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : مر تفسير هذه الآية سابقا وإنما أعيد ههنا ، لأنه استفتاح السورة بتعظيم الله من جهة ما سبح له بالآية التي فيه ، كما يستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم. وإذا دخل المعنى في تعظيم الله حسن الاستفتاح به (٣).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ص ١١٨.

(٢) خواص القرآن : ص ٩ «مخطوط».

(٣) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٦٠.

٦٧

* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُون (٣)) [سورة الصف : ٢ ـ ٣]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : مخاطبة لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين وعدوه أن ينصروه ولا يخالفوا أمره ولا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فعلم الله أنهم لا يفون بما يقولون فقال : (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ) الآية ، وقد سمّاهم الله مؤمنين بإقرارهم وإن لم يصدقوا (١).

وقال هشام بن سالم : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له ، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ، ولمقته تعرض ، وذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٢).

* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤)) [سورة الصف : ٤]؟!

الجواب / قال ابن عباس (رضي الله عنه) : كان علي عليه‌السلام إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص ، يتبع ما قال الله فيه ، فمدحه الله ، وما قتل من المشركين كقتله أحد (٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وحمزة ، وعبيدة بن الحارث ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمّة ، وأبي دجانة

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٥.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٧٠ ، ح ١.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٦ ، ح ٣.

٦٨

الأنصاري ، والمقداد بن الأسود الكندي» (١).

وقال علي بن إبراهيم : ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا وقاتلوا في سبيل الله فقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) ، قال : يصطفون كالبنيان الذي لا يزول (٢).

* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)) [سورة الصف : ٥ ـ ٦]؟!

الجواب / ١ ـ قال الطبرسي : ذكر سبحانه حديث موسى عليه‌السلام في صدق نيته ، وثبات عزيمته على الصبر في أذى قومه ، تسليه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تكذيبهم إياه فقال : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) هذا إنكار عليهم إيذاءه بعدما علموا أنه رسول الله ، والرسول يعظم ، ويبجل ، ولا يؤذى. وكان قومه آذوه بأنواع من الأذى ، وهو قولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً) ، و (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا). وما روي في قصة قارون أنه دس إليه امرأة ، وزعم أنه زنى بها ، ورموه بقتل هارون. وقيل : إن ذلك حين رموه بالأدرة (٣).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم القمّي : في قوله تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أي شكك الله قلوبهم ، ثم حكى قول عيسى بن مريم عليها‌السلام لنبي

__________________

(١) تحفة الإخوان : ص ٩٥ «مخطوط».

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٥.

(٣) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٦١.

٦٩

إسرائيل (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ).

قال : وسأل بعض اليهود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فقال : لم سميت محمدا وأحمد وبشيرا ونذيرا؟ فقال : «أمّا محمدّ فانّي في الأرض محمود ، وأما أحمد فإني في السماء أحمد [منه في الأرض]. وأما البشير فأبشر من أطاع الله بالجنة ، وأما النذير فأنذر من عصى الله بالنار» (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ «فلما نزلت التوراة على موسى عليه‌السلام بشر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [وكان بين يوسف وموسى من الأنبياء عشرة (٢) ، وكان وصي موسى يوشع بن نون عليه‌السلام ، وهو فتاه الذي ذكره الله عزوجل في كتابه ، فلم تزل الأنبياء تبشّر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم فبشر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم] وكان ذلك قوله تعالى : (يَجِدُونَهُ) يعني اليهود والنصارى (مَكْتُوباً) يعني صفة محمد واسمه (عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٣) وهو قول الله عزوجل يخبر عن عيسى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) وبشر موسى وعيسى بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما بشّر الأنبياء عليهم‌السلام بعضهم ببعض حتى بلغت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٤).

٣ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمْ) أحمد (بِالْبَيِّناتِ) أي بالدلالات الظاهرة ، والمعجزات الباهرة (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي ظاهر (٥).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٥ ، والمخطوط : ص ١٢٩.

(٢) (عشرة) من كمال الدين.

(٣) الأعراف : ١٥٧.

(٤) الكافي : ج ٨ ، ص ١١٧ ، ح ٩٢ ، كمال الدين : ص ٢١٣ ، ح ٢.

(٥) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٦٣.

٧٠

* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧)) [سورة الصف : ٧]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي من أشد ظلما ممن اختلق الكذب على الله ، وقال لمعجزاته : سحر ، وللرسول : إنه ساحر كذاب. (وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) الذي فيه نجاته. وقيل : يدعى إلى الاستسلام لأمره ، والانقياد لطاعته (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بفعل الكفر والمعاصي. قال ابن جريج : هم الكفار والمنافقون ، ويدل عليه قوله بعد : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) (١).

* س ٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨)) [سورة الصف : ٨]؟!

الجواب / قال محمد بن الفضيل : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ)؟!

قال عليه‌السلام : «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام بأفواههم».

قلت : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)؟ قال : «والله متم الإمامة لقوله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) (٢) فالنور هو الإمام».

قلت : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ)؟ قال : «هو [الذي] أمر رسوله محمدا بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحق».

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٦٣.

(٢) التغابن : ٨.

٧١

قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (١)؟ قال : «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه‌السلام».

قال : «يقول الله عزوجل : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) بولاية القائم عليه‌السلام (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) بولاية علي»

قلت : هذا تنزيل؟

قال : «نعم أما هذا الحرف فتنزيل ، وأما غيره فتأويل» (٢).

وقال علي عليه‌السلام : «صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فقال : إن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم ، ثم نظر ثانية فاختار عليا أخي ووزيري ووارثي ووصيي ، وخليفتي في أمتي ، وولي كل مؤمن بعدي ، من تولاه تولى الله ، ومن عاداه عادى الله ، ومن أحبه أحبه الله ، ومن أبغضه أبغضه الله ، والله لا يحبه إلا مؤمن ، ولا يبغضه إلا كافر ، وهو نور الأرض بعدي وركنها ، وهو كلمة التقوى والعروة الوثقى ، ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣). يا أيها الناس ، ليبلّغ مقالتي هذه شاهدكم غائبكم ، اللهم إني أشهدك عليهم.

أيها الناس ، وإن الله نظر ثالثة ، واختار بعدي وبعد علي بن أبي طالب أحد عشر إماما ، واحدا بعد واحد ، كلما هلك واحد قام واحد ، كمثل نجوم السماء ، كلما غاب نجم طلع نجم ، هداة مهديون ، لا يضرهم كيد من كادهم ، وخذلان من خذلهم ، [هم] حجة الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، هم مع القرآن والقرآن

__________________

(١) الصف : ٩.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٥٨ ، ح ٩١ ، تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٦ ، ح ٥.

(٣) التوبة : ٣٢.

٧٢

معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى ، يردوا علي الحوض» (١).

* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)) [سورة الصف : ٩]؟!

الجواب / قال أبو بصير : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن قول الله عزوجل في كتابه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، فقال : «والله ما نزل تأويلها بعد».

قلت : جعلت فداك ، ومتى ينزل تأويلها ، قال : «حين يقوم القائم إن شاء الله تعالى ، فإذا خرج القائم عليه‌السلام لم يبق كافر أو مشرك إلا كره خروجه حتى لو أن كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة : يا مؤمن ، في بطني كافر أو مشرك فاقتله ، فيجيئه فيقتله» (٢).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أظهر ذلك بعد؟ كلا ـ والذي نفسي بيده ـ حتى لا تبقى قرية إلا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، بكرة وعشيا» (٣).

وقال ابن عباس : لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا صار إلى الإسلام ، حتى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحية ، [و] حتى لا تقرض فأرة جرابا ، وحتى توضع الجزية ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، وهو قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وذلك يكون عند قيام القائم عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٧ ، ح ٦.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٨ ، ح ٧.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٩ ، ح ٨.

(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٩ ، ح ٩.

٧٣

وقال محمد بن الفضيل قلت لأبي الحسن الماضي عليه‌السلام : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ)؟ قال : «هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحق».

قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)؟ قال : «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه‌السلام» (١).

* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣)) [سورة الصف : ١٠ ـ ١٣]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) : «فقالوا : لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد ، فقال تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) إلى قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) يعني في الدنيا بفتح القائم ، وأيضا فتح مكة» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم التي دل الله عليها في كتابه ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٣).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٥٨ ، ح ٩١.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٥.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٨٩ ، ح ١٠.

٧٤

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله تعالى : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) : «قصر من لؤلؤ في الجنة ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون ، على كل فراش امرأة من الحور العين ، في كل بيت سبعون مائدة ، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام ، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة ، قال : فيعطى المؤمن من القوة ما يأتي بها كل غداة واحدة إلى أن يأتي على ذلك كله في ساعة واحدة» (١).

أقول : ولهذا فإنه سبحانه يبارك للمؤمنين تجارتهم العظيمة هذه ، ويزف لهم البشرى بقوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).

* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤)) [سورة الصف : ١٤]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) ، قال : التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى عليه‌السلام وصلبته ، والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى عليه‌السلام حتى لا يقتل. فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته ، وهو قوله تعالى : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)(٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن حواريي عيسى عليه‌السلام كانوا شيعته ، وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواريو عيسى بأطوع له من حواريينا لنا ، وإنما قال

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٩٠ ، ح ١٢.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٦.

٧٥

عيسى عليه‌السلام للحواريين : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) ، فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه ، وشيعتنا والله لا يزالون منذ قضى الله عزّ ذكره رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينصروننا ، ويقاتلون دوننا ، ويحرقون ويعذبون ، ويشردون في البلدان ، جزاهم الله عنا خيرا. وقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : والله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا ، والله لو أدنيت مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا» (١).

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٩١ ، ح ١٣.

٧٦

تفسير

سورة الجمعة

رقم السورة ـ ٦٢ ـ

٧٧
٧٨

سورة الجمعة

* س ١ : ما هو فضل سورة الجمعة؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة ، أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الأعلى ، وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين ، فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل كعمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنّة» (١).

ومن (خواصّ القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «من قرأ هذه السورة كتب الله له عشر حسنات بعدد من اجتمع في الجمعة في جميع الأمصار ، ومن قرأها في كل ليلة أو نهار ، أمن مما يخاف وصرف عنه كل محذور» (٢).

وقال الصادق عليه‌السلام : «من قرأها ليلا أو نهارا في صباحه ومسائه ، أمن من وسوسة الشيطان ، وغفر له ما يأتي في ذلك اليوم إلى اليوم الثاني» (٣).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)) [سورة الجمعة : ١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي ينزهه سبحانه كل شيء ، ويشهد له بالوحدانية والربوبية ، بما

__________________

(١) ثواب الأعمال : ص ١١٨.

(٢) البرهان : ج ٩ ، ص ٥٠٤.

(٣) خواص القرآن : ص ١٠ «مخطوط».

٧٩

ركب فيها من بدائع الحكمة ، وعجائب الصنعة الدالة على أنه قادر ، عالم ، حي ، قديم ، سميع ، بصير ، حكيم ، لا يشبه شيئا ، ولا يشبهه شيء. وإنما قال مرة سبح ، ومرة يسبح ، إشارة إلى دوام تنزيهه في الماضي والمستقبل (الْمَلِكِ) أي القادر على تصريف الأشياء (الْقُدُّوسِ) أي المستحق للتعظيم ، الطاهر عن كل نقص (الْعَزِيزِ) القادر الذي لا يمتنع عليه شيء (الْحَكِيمِ) العالم الذي يضع الأشياء موضعها (١).

* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢)) [سورة الجمعة : ٢]؟!

الجواب / قال جعفر بن محمد الصّوفي : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ، فقلت : يا بن رسول الله ، لم سمي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمّي؟ فقال : «ما يقول الناس؟»

قلت : يزعمون أنه إنما سمي الأمّي لأنه لم يحسن أن يكتب. فقال عليه‌السلام : «كذبوا عليهم لعنة الله ، أنى ذلك والله يقول في محكم كتابه : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) فكيف كان يعلمهم ما لم يحسن؟ والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ ويكتب باثنين ـ أو قال : بثلاثة ـ وسبعين لسانا ، وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ، ومكة من أمهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) (٢)» (٣).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٦.

(٢) الأنعام : ٩٢.

(٣) علل الشرائع : ص ١٢٤ ، ح ١.

٨٠