التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

قول الله عزوجل : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي لنأخذنه بالناصية ، فنلقيه في النار.

قوله : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) قال : لما مات أبو طالب ، نادى أبو جهل والوليد عليهما لعائن الله : هلموا فاقتلوا محمدا ، فقد مات الذي كان ينصره ، فقال الله : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) ، قال : كما دعا إلى قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نحن أيضا ندعو الزبانية.

ثم قال : (كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) أي لا يصيعون لما دعاهم إليه ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجاره مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ولم يجسر عليه أحد (١).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٠.

٤٤١
٤٤٢

تفسير سورة

القدر ـ البينة

الزلزلة

رقم السورة

ـ ٩٧ ـ ٩٨ ـ ٩٩ ـ

٤٤٣
٤٤٤

سورة القدر

* س ١ : ما هو فضل سورة القدر؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من قرأ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) يجهر بها صوته ، كان كالشاهر سيفه في سبيل الله ، ومن قرأها سرا كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله ، ومن قرأها عشر مرات غفر له على [نحو] ألف ذنب من ذنوبه» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قرأ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) في فريضة من فرائض الله نادى مناد : يا عبد الله ، غفر الله لك ما مضى فاستأنف العمل» (٢).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «من قرأ هذه السورة ، كان له من الأجر كمن صام شهر رمضان ، وإن وافق ليلة القدر ، كان له ثواب كثواب من قاتل في سبيل الله ، ومن قرأها على باب مخزن سلمه الله تعالى من كل آفة وسوء إلى أن يخرج صاحبه ما فيه» (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأها كان له يوم القيامة خير البرية رفيقا وصاحبا ، وإن كتبت في إناء جديد ، ونظر فيه صاحب اللقوة (٤) شفاه الله تعالى» (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥٤ ، ح ٦.

(٢) ثواب الأعمال : ص ١٢٤.

(٣) خواص القرآن : ص ١٤ «مخطوط».

(٤) اللّقوة : داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق. «لسان العرب : ج ١٥ ، ص ٢٥٣».

(٥) خواص القرآن : ص ١٤ «مخطوط».

٤٤٥

وقال الصادق عليه‌السلام : «من قرأها بعد عشاء الآخرة خمس عشرة مرة ، كان في أمان الله إلى تلك الليلة الأخرى ، ومن قرأها في كل ليلة سبع مرات أمن في تلك الليلة إلى طلوع الفجر ، ومن قرأها على ما يدخر ذهبا أو فضة أو أثاث بارك الله فيه من جميع ما يضره ، وإن قرئت على ما فيه غلة (١) نفعه بإذن الله تعالى» (٢).

* س ٢ : ما هو معنى ، وسبب نزول ، قوله تعالى :

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)) [سورة القدر : ١ ـ ٥]؟!

الجواب / أقول : وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام في معنى هذه السورة نذكر منها عدد من الروايات اختصارا للبحث :

١ ـ معنى الروح : قال أبو بصير : كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام ، فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد ، فقال : «استوجب زيادة الروح في ليلة القدر». فقلت له : جعلت فداك ، أليس الروح جبرئيل؟ فقال : «جبرئيل من الملائكة ، والروح [خلق] أعظم من الملائكة ، أليس الله عزوجل يقول : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ)؟ (٣).

٢ ـ ما ينزل في تلك الليلة : قال أبو جعفر عليه‌السلام ، قال : «قال الله عزوجل في ليلة القدر : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(٤) يقول : ينزل فيها كل أمر

__________________

(١) الغلة : الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن. «لسان العرب : ج ١١ ، ص ٥٠٤».

(٢) خواص القرآن : ص ١٤ «نحوه».

(٣) بصائر الدرجات : ص ٤٨٤ ، ح ٤.

(٤) الدخان : ٤.

٤٤٦

حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف لمحكمه من حكم الله عزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت ، إنه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم من علم الله عزّ ذكره الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر» ثم قرأ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(١).

٣ ـ المعنى : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) صدق الله عزوجل ، أنزل [الله] القرآن في ليلة القدر (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا أدري. قال الله عزوجل : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ليس فيها ليلة القدر. قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال : لا. قال : لأنها تنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر ، وإذا أذن الله عزوجل بشيء فقد رضيه (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يقول : تسلم عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر.

ثم قال في بعض كتابه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(٢) في (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، وقال في بعض كتابه : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٣) يقول في الآية

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٩٢ ، ح ٣ ، والآية من سورة لقمان : ٢٧.

(٢) الأنفال : ٢٥.

(٣) آل عمران : ١٤٤.

٤٤٧

الأولى : إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهذه فتنة أصابتهم خاصة ، وبها ارتدوا على أعقابهم لأنهم إن قالوا : لم تذهب ، فلا بد أن يكون الله عزوجل فيها أمر ، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب الأمر بدّ» (١).

٤ ـ ليلة القدر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «كان علي عليه‌السلام كثيرا ما يقول : ما اجتمع التيمي والعدويّ عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقرأ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) بتخشع وبكاء ، فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة! فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما رأت عيني ووعى قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي ، فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال : فيكتب لهما في التّراب (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ).

قال : ثم يقول : هل بقي شيء بعد قوله عزوجل : (كُلِّ أَمْرٍ)؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان : أنت يا رسول الله. فيقول : نعم. فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان : نعم ، قال : فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان : نعم. فيقول : إلى من؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي ، قال : فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من شدة ما يداخلهما من الرعب» (٢).

٥ ـ سؤال وجواب : قال رجل لأبي جعفر عليه‌السلام : يابن رسول الله ، لا تغضب علي. قال : «لماذا؟». قال : لما أريد أن أسألك عنه. قال : «قل». قال : ولا تغضب. قال : «ولا أغضب». قال : أرأيت قولك في ليلة القدر ؛ تنزّل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء ، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٩٣ ، ح ٤.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ١٩٣ ، ح ٥.

٤٤٨

قد علمه ، [أو يأتونهم بأمر كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلمه] وقد علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات وليس من علمه شيء إلا وعلي عليه‌السلام له واع؟

قال أبو جعفر عليه‌السلام : «مالي ومالك أيها الرجل ، ومن أدخلك علي»؟ قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين ، قال : «فأفهم ما أقول لك ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر ، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام قد علم جمل العلم ، ويأتي تفسيره في ليالي القدر ، كما كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

قال السائل : أو ما كان في الجمل تفسيره؟ قال : «بلى ، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تبارك وتعالى في ليالي القدر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه ، أمروا كيف يعملون فيه».

قلت : فسّر لي هذا؟ قال : «لم يمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا حافظا لجملة العلم وتفسيره».

قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر ، علم ما هو؟ قال : «الأمر واليسر فيما كان قد علم».

قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال : «هذا مما أمروا بكتمانه ، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عزوجل».

قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟

قال : «لا ، وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه؟».

قال السائل : فهل يسعنا أن نقول : إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟

قال : «لا ، لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه ، وإنما تنزل

٤٤٩

الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد».

قال السائل : وما كانوا علموا ذلك الحكم؟

قال : «بلى ، قد علموه ، ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة».

قال السائل : يا أبا جعفر ، لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من أنكره فليس منا».

قال السائل : يا أبا جعفر ، أرأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟

قال : «لا يحل لك أن تسأل عن هذا ، أما علم ما كان وما يكون؟ فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه ، أما هذا العلم الذي تسأل عنه ، فإن الله عزوجل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم».

قال السائل : يا بن رسول الله ، كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟

قال : «إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة ، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه» (١).

٦ ـ متى ليلة القدر : قال علي بن أبي حمزة الثمالي : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال [له] أبو بصير : جعلت فداك ، الليلة التي يرجى فيها ما يرجى؟ فقال : «في إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين». قال : فإن لم أقو على كلتيهما؟ فقال : «ما أيسر ليلتين فيما تطلب!».

قلت : فربما رأينا الهلال عندنا ، وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٩٥ ، ح ٨.

٤٥٠

أرض أخرى؟ فقال : «ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها!».

قلت : جعلت فداك ، ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجهني (١)؟ فقال : «إن ذلك ليقال».

قلت : جعلت فداك ، إن سليمان بن خالد روى : في تسع عشرة [يكتب] وفد الحاج؟ فقال لي : «يا أبا محمد ، وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا والبلايا والأرزاق وما يكون إلى مثلها في قابل ، فاطلبها في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة ، وأحيهما إن استطعت إلى النور ، واغتسل فيهما».

قال : قلت : فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟ قال : «فصل وأنت جالس». قلت : فإن لم أستطع؟ قال : «فعلى فراشك ، لا عليك أن تكتحل أول الليل بشيء من النوم ، إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين ، وتقبل أعمال المؤمنين ، نعم الشهر رمضان ، كان يسمى على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرزوق» (٢).

٧ ـ ما هي علامة ليلة القدر : قال محمد بن مسلم سألت أحدهما عليهما‌السلام ، عن علامة ليلة القدر؟ فقال : «علامتها أن تطيب ريحها ، وإن كانت في برد دفئت ، وإن كانت في حر بردت وطابت».

__________________

(١) قال المجلسي (رحمه‌الله) : قوله عليه‌السلام : «ليلة الجهني» إشارة إلى ما رواه في الفقيه عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان فقال : ليلة تسع عشرة ، وليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وقال : ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني ، وحديثه : أنه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن منزلي ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها ، فأمره بليلة ثلاث وعشرين ، ثم قال الصدوق (رحمه‌الله) : واسم الجهني عبد الله بن أنيس الأنصاري. «مرآة العقول : ج ١٦ ، ص ٣٨٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ، ص ١٠٣ ، ح ٤٦١».

(٢) الكافي : ج ٤ ، ص ١٥٦ ، ح ٢.

٤٥١

قال : وسئل عن ليلة القدر. فقال : «تنزّل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا ، فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد ، وأمره عنده موقوف [له] ، وفيه المشيئة ، فيقدّم [منه] ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء. ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب» (١).

٨ ـ أي شيء عنى بـ (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) : قال حمران : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٢) ، قال : «نعم ليلة القدر ، وهي في كل سنة في شهر رمضان ، في العشر الأواخر ، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر ، قال الله عزوجل : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(٣) قال : يقدّر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل خير وشرّ وطاعة ومعصية ومولود وأجل أو رزق ، فما قدّر في تلك السنة وقضي فهو المحتوم ، ولله عزوجل فيه المشيئة».

قال : قلت : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي شيء عنى بذلك؟ فقال : «العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير ، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، ولو لا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ، ما بلغوا ، ولكن الله يضاعف لهم الحسنات» (٤).

٩ ـ متى تقسم الأرزاق : قال إسحاق بن عمار : سمعته يقول وناس يسألونه ، يقولون : إن الأرزاق تقسّم ليلة النصف من شعبان؟ قال : فقال : «لا والله ، ما ذاك إلا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فإنه في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان ، وفي ليلة إحدى وعشرين يفرق كل أمر حكيم ، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضى ما أراد الله عزوجل من

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ١٥٧ ، ح ٣.

(٢) الدخان : ٣.

(٣) الدخان : ٤.

(٤) الكافي : ج ٤ ، ص ١٥٧ ، ح ٦.

٤٥٢

ذلك ، وهي ليلة القدر التي قال الله جلّ وعزّ : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

قال : قلت : ما معنى قوله : «يلتقي الجمعان؟» قال : «يجمع الله فيها ما أراد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه».

قال : قلت : فما معنى يمضيه في ثلاث وعشرين؟ قال : «إنه يفرق في ليلة إحدى وعشرين إمضاؤه ، ويكون له فيه البداء ، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه ، فيكون من المحتوم الذي لا يبدو [له] فيه تبارك وتعالى» (١).

١٠ ـ سبب النزول : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [في منامه] بني أمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقري ، فأصبح [كئيبا] حزينا ، قال : فهبط عليه جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : يا رسول الله ، ما لي أراك كئيبا حزينا؟ قال : يا جبرئيل ، إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ، ويضلون الناس عن الصراط القهقري! فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ، إنني ما اطلعت عليه ؛ فعرج إلى السماء ، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها [قال] : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ)(٢) ، وأنزل عليه (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) جعل الله عزوجل ليلة القدر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيرا من ألف شهر ملك بني أمية» (٣).

١١ ـ التفسير : قال علي بن إبراهيم القمي ، في معنى السورة : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة ، وعلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طول [ثلاث و] عشرين سنة (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ومعنى ليلة القدر أن الله تعالى يقدّر فيها الآجال والأرزاق وكل أمر

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ١٥٨ ، ح ٨.

(٢) الشعراء : ٢٠٥ ـ ٢٠٧.

(٣) الكافي : ج ٤ ، ص ١٥٩ ، ح ١٠.

٤٥٣

يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شر ، كما قال الله : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(١) إلى سنة.

قوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) قال : تنزل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ، ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور.

قوله : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ، قال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نومه كأن قردة يصعدون منبره فغمه ذلك ، فأنزل الله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) تملكه بنو أمية ليس فيها ليلة القدر.

قوله : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ) قال : تحية يحيي بها الإمام إلى أن يطلع الفجر.

وقيل لأبي جعفر عليه‌السلام : تعرفون ليلة القدر؟ فقال : «وكيف لا نعرف [ليلة القدر] والملائكة تطوف بنا فيها!» (٢).

__________________

(١) الدخان : ٤.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣١.

٤٥٤

سورة البيّنة

* س ١ : ما هو فضل سورة البيّنة؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من قرأ سورة (لَمْ يَكُنِ) كان بريئا من المشركين ، وأدخل في دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعثه الله عزوجل مؤمنا ، وحاسبه حسابا يسيرا» (١).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «من قرأ هذه السورة كان يوم القيامة مع خير البرية رفيقا وصاحبا ، وهو علي عليه‌السلام ، وإن كتبت في إناء جديد ونظر فيها صاحب اللقوة بعينيه برىء منها» (٢).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من كتبها على خبز رقاق وأطعمها سارق غصّ ، ويفتضح من ساعته ، ومن قرأها على خاتم باسم سارق تحرك الخاتم» (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : «من كتبها وعلّقها عليه ، وكان فيه يرقان (٤) ، زال عنه ، وإذا علقت على بياض بالعين ، والبرص ، وشرب ماؤها ، دفعه الله عنه ، وإن شربت ماءها الحوامل نفعتها ، وسلمتها من سموم الطعام ، وإذا كتبت على جميع الأورام أزالتها بقدرة الله تعالى» (٥).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ص ١٢٤.

(٢) خواص القرآن : ص ٥٣.

(٣) البرهان : ج ١٠ ، ص ٣٥٧.

(٤) اليرقان : حالة مرضية منع الصفراء من بلوغ المعى بسهولة. «المعجم الوسيط : ج ٢ ، ح ١٠٦٤».

(٥) خواص القرآن : ص ١٥ «مخطوط».

٤٥٥

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)) [سورة البيّنة : ١ ـ ٨]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، قال : «هم مكذبو الشيعة ، لأنّ الكتاب هو الآيات ، وأهل الكتاب الشيعة».

وقوله : (وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) يعني المرجئة (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ، قال : حتى يتضح لهم الحق ، وقوله : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ) يعني محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) يعني يدل على أولي الأمر من بعده وهم الأئمة عليهم‌السلام وهم الصحف المطهرة.

وقوله (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) أي عندهم الحق المبين ، وقوله : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعني مكذبي الشيعة ، وقوله : (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) أي من بعد ما جاءهم الحق (وَما أُمِرُوا) هؤلاء الأصناف (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) والإخلاص : الإيمان بالله ورسوله والأئمة عليهم‌السلام ، وقوله : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) فالصلاة والزكاة : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ). قال : هي فاطمة عليها‌السلام.

٤٥٦

وقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، قال : الذين آمنوا بالله ورسوله وبأولي الأمر وأطاعوهم بما أمروهم به ، فذلك هو الإيمان والعمل الصالح (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) : «الله راض عن المؤمن في الدنيا والآخرة ، والمؤمن وإن كان راضيا عن الله فإن في قلبه ما فيه ، لما يرى في هذه الدنيا من التمحيص ، فإذا عاين الثواب يوم القيامة رضي عن الله الحق حق الرضا ، وهو قوله : (وَرَضُوا عَنْهُ) ، وقوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي أطاع ربه» (٢).

وقال يزيد بن شراحيل كاتب علي عليه‌السلام : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : «حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا مسنده إلى صدري ، وعائشة عند أذني ، فأصغت عائشة لتسمع إلى ما يقول ، فقال : أي أخي ، ألم تسمع قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم تدعون غرا محجلين شباعا مرويّين» (٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : قال جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة عليها‌السلام : يا بنية بأبي أنت وأمي ، أرسلي إلى بعلك فادعيه إلي ، فقالت فاطمة للحسن عليهما‌السلام : انطلق إلى أبيك ، فقل له : إن جدي يدعوك. فانطلق إليه الحسن فدعاه ، فأقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة عنده ، وهي تقول : واكرباه لكربك يا أبتاه. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كرب على أبيك بعد هذا

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٢٩ ، ح ١.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣١ ، ح ١.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣١ ، ح ٣.

٤٥٧

اليوم. يا فاطمة ، إن النبي لا يشق عليه الجيب ، ولا يخمش عليه الوجه ، ولا يدعى عليه بالويل ، ولكن قولي كما قال أبوك على ابنه إبراهيم : تدمع العين ، وقد يوجع القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، وإنا بك ـ يا إبراهيم ـ لمحزونون ، ولو عاش إبراهيم لكان نبيا.

ثم قال : يا علي ادن مني ، فدنا منه ، فقال : أدخل أذنك في فمي. ففعل ، فقال : يا أخي ، ألم تسمع قول الله عزوجل في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)؟ قال : بلى ، يا رسول الله. قال : هم أنت وشيعتك ، تجيئون غرا محجلين شباعا مرويين ، ألم تسمع قول الله عزوجل في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)؟ قال : بلى ، يا رسول الله قال : هم أعداؤك وشيعتهم ، يجيئون يوم القيامة مسودّة وجوههم ظماء مظمئين ، أشقياء معذبين ، كفارا منافقين ، ذاك لك ولشيعتك ، وهذا لعدوّك وشيعتهم» (١).

وقال علي بن إبراهيم القمي ، في معنى السورة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) يعني قريشا (مُنْفَكِّينَ) قال : هم في كفرهم حتى تأتيهم البيّنة (٢). ثم قال : وفي رواية أبي الجارود ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : «البينة : محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

[وقال] علي بن إبراهيم ، [في قوله] : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) ، قال : لما جاءهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقرآن خالفوه وتفرقوا بعده ، قوله : (حُنَفاءَ) ، قال : طاهرين ، قوله : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ، أي دين قيم ، قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣٢ ، ح ٥.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٢.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٢.

٤٥٨

جَهَنَّمَ خالِدِينَ) قال : أنزل عليهم القرآن فارتدوا وكفروا وعصوا أمير المؤمنين عليه‌السلام (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) ، قال : نزلت في آل الرسول عليهم‌السلام (١).

ثم قال علي بن إبراهيم : ... قال ابن عباس ، في قوله : (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) يريد خير الخلق (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) لا يصف الواصفون خير ما فيها (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) يريد رضي أعمالهم (وَرَضُوا عَنْهُ) رضوا بثواب الله (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) يريد لمن خاف وتناهى عن معاصي الله (٢).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٢.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٢.

٤٥٩
٤٦٠