التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٨

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

سورة الزّلزلة

* س ١ : ما هو فضل سورة الزّلزلة؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تملوا من قراءة (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) فإنه من كانت قراءته بها في نوافله ، لم يصبه الله عزوجل بزلزلة أبدا ، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفات من آفات الدنيا حتى يموت ، فإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه ، فيقعد عند رأسه ، فيقول : يا ملك الموت أرفق بوليّ الله ، فإنه كان كثيرا ما يذكرني ويكثر تلاوة هذه السورة ، وتقول له السورة مثل ذلك ، فيقول ملك الموت : قد أمرني ربي أن أسمع له وأطيع ، ولا أخرج روحه حتى يأمرني بذلك ، فإذا أمرني أخرجت روحه ، ولا يزال ملك الموت عنده حتى يأمره بقبض روحه ، وإذا كشف له الغطاء ، فيرى منازله في الجنة ، فيخرج روحه في ألين ما يكون من العلاج ، ثم يشيّع روحه إلى الجنة سبعون ألف ملك يبتدرون بها إلى الجنة» (١).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [سورة الزّلزلة : ١ ـ ٨]؟!

الجواب / قالت فاطمة عليها‌السلام : «أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر ،

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٤.

٤٦١

ففزعوا إلى أبي بكر وعمر ، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه‌السلام ، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى [باب] علي عليه‌السلام ، فخرج إليهم علي عليه‌السلام غير مكترث لما هم فيه ، فمضى فاتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة (١) ، فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة ، فقال لهم علي عليه‌السلام كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط! فحرّك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ، ثم قال : مالك؟ اسكني ، فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم ، قال [لهم] : فإنكم قد تعجبتم من صنعي؟ قالوا : نعم ، قال : أنا الرجل الذي قال الله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) فأنا الإنسان الذي يقول لها : مالك (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) إياي تحدّث أخبارها» (٢).

وقال الفضل بن الزبير : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان جالسا في الرحبة (٣) فتزلزلت الأرض ، فضربها علي عليه‌السلام بيده ، ثم قال لها : «قرّي ، إنه ما هو قيام ، ولو كان ذلك لأخبرتني ، وإني أنا الذي تحدثه الأرض أخبارها ، ثم قرأ : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أما ترون أنها تحدّث عن ربها؟» (٤).

__________________

(١) التلعة : ما انهبط من الأرض ، وقيل : ما ارتفع ، وهو من الأضداد. «لسان العرب : ج ٨ ، ص ٣٦».

(٢) علل الشرائع : ص ٥٥٦ ، ح ٨.

(٣) الرّحبة : بالضم : بقرب القادسية ، على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة ، والرحبة ، بالفتح : هي محلة بالكوفة تنسب إلى خنيس بن سعد : «مراصد الإطلاع : ج ٢ ، ص ٦٠٨».

(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣٥ ، ح ٢.

٤٦٢

وقال تميم بن جذيم : كنا مع علي عليه‌السلام حيث توجهنا إلى البصرة ، فبينا نحن نزول إذ اضطربت الأرض ، فضربها علي عليه‌السلام بيده ، ثم قال : «مالك [اسكني]؟» فسكنت ، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف ، ثم قال لنا : «أما إنها لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله في كتابه لأجابتني ، ولكنها ليست تلك» (١).

وقال علي بن إبراهيم : في معنى السورة (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) قال : من الناس (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) ، قال : ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) إلى قوله تعالى : (أَشْتاتاً) ، قال : يجيئون أشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) قال : يقفون على ما فعلوه [ثم قال] : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) ، وهو ردّ على المجبرة الذين يزعمون أنه لا فعل لهم (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) : «يقول : إن كان من أهل النار [وكان] قد عمل مثقال ذرة في الدنيا خيرا [يره] يوم القيامة حسرة ، إن كان عمله لغير الله (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) يقول : إن كان من أهل الجنة رأى ذلك الشرّ يوم القيامة ، ثم غفر الله تعالى له» (٣).

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣٦ ، ح ٣.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٣.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٣.

٤٦٣
٤٦٤

تفسير سورة

العاديات ـ القارعة

التكاثر

رقم السورة

ـ ١٠٠ ـ ١٠١ ـ ١٠٢ ـ

٤٦٥
٤٦٦

سورة العاديات

* س ١ : ما هو فضل سورة العاديات؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قرأ سورة العاديات وأدمن قراءتها بعثه الله عزوجل مع أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم القيامة خاصّة ، وكان في حجره (١) ورفقائه» (٢).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر كمن قرأ القرآن ، ومن أدمن قراءتها وعليه دين أعانه الله على قضائه سريعا ، كائنا ما كان» (٣).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)) [سورة العاديات : ١ ـ ١١]؟!

الجواب / قال أبو بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) ، قال : «هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس».

__________________

(١) حجر فلان : أي في كنفه ومنعته ومنعه. «لسان العرب : ج ٤ ، ص ٦٨».

(٢) ثواب الأعمال : ص ١٢٥.

(٣) خواص القرآن.

٤٦٧

قال : قلت : وما كان حالهم وقصّتهم؟ قال : «إن أهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر ألف فارس ، وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على أن لا يتخلف رجل عن رجل ، ولا يخذل أحد أحدا ، ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد ، ويقتلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليا عليه‌السلام ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخبره بقصتهم وما تعاقدوا عليه ، وتواثقوا ، وأمره أن يبعث أبا بكر إليهم في أربعة آلاف فارس من المهاجرين والأنصار ، فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ، إن جبرئيل قد أخبرني أن أهل وادي اليابس اثنا عشر ألف فارس ، قد استعدوا وتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يغدر رجل منهم بصاحبه ولا يفرّ عنه ، ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي ابن أبي طالب ، [وقد] أمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس ، فخذوا في مسيركم ، واستعدوا لعدوكم ، وانهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى.

فأخذ المسلمون عدّتهم وتهيأوا ، وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر بأمره ، وكان فيما أمره به أنه إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام ، فإن بايعوك وإلا واقفهم ، فاقتل مقاتليهم ، واسب ذراريهم ، واستبح أموالهم ، وخرب ضياعهم وديارهم ، فمضى أبو بكر ومعه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدّة ، وأحسن هيئة ، يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس ، فلما نظر القوم نزول القوم عليهم ، ونزل أبا بكر وأصحابه قريبا منهم ، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مائتا رجل مدججين بالسلاح ، فلما صادفوهم قالوا لهم : من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه ؛ فخرج إليهم أبو بكر في نفر من أصحابه المسلمين ، فقال لهم : أنا أبو بكر صاحب رسول الله. قالوا : ما أقدمك علينا؟ قال : أمرني رسول الله أن

٤٦٨

أعرض عليكم الإسلام ، فإن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون ، لكم مالهم ، وعليكم ما عليهم ، وإلا فالحرب بيننا وبينكم ، قالوا : واللات والعزى ، لو لا رحم ماسة وقرابة قريبة لقتلناك وجميع من معك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم ، فارجع أنت ومن معك واربحوا العافية ، فإنا إنما نريد صاحبكم بعينه ، وأخاه علي بن أبي طالب.

فقال أبو بكر لأصحابه : يا قوم ، القوم أكثر منكم أضعافا ، وأعد منكم ، وقد نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين ، فارجعوا ؛ نعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحال القوم ، فقالوا له جميعا : خالفت ـ يا أبا بكر ـ قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما أمرك به ، فألق الله وواقع القوم ، ولا تخالف قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فقال : إني أعلم ما لا تعلمون ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فانصرف وانصرف الناس أجمعون ، فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقالة القوم ، وما ردّ عليهم أبو بكر ، فقال [رسول الله] صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا بكر ، خالفت أمري ، ولم تفعل ما أمرتك به ، وكنت لي والله عاصيا فيما أمرتك.

فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر المسلمين ، إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس ، وأن يعرض عليهم الإسلام ، ويدعوهم إلى الله ، فإن أجابوه وإلا واقعهم ، وإنه سار إليهم ، وخرج إليه منهم مائتا رجل ، فلما سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ سحره (١) ، ودخله الرعب منهم ، وترك قولي ، ولم يطع أمري ، وإن جبرئيل عليه‌السلام جاء من عند الله أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس ، فسر يا عمر على اسم الله ، ولا تعمل ما عمل أبو بكر أخوك ، فإنه قد عصى الله وعصاني ، وأمره بما أمر به أبا بكر.

__________________

(١) انتفخ سحره : امتلأ خوفا وجبن. «المعجم الوسيط : ج ١ ، ص ٤١٩».

٤٦٩

فخرج عمر والمهاجرين والأنصار الذين كانوا مع أبي بكر يقصد في سيره حتى شارف القوم وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه ، فخرج إليهم مائتا رجل ، فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر ، فانصرف وانصرف الناس معه ، وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم ، ورجع يهرب منهم ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما صنع عمر ، وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه.

فصعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وأخبرهم بما صنع عمر وما كان منه ، وأنه قد انصرف [وانصرف] المسلمون معه مخالفا لأمري ، عاصيا لقولي ، فقدم عليه فأخبره بمثل ما أخبر به صاحبه ، فقال : يا عمر ، عصيت الله في عرشه وعصيتني ، وخالفت قولي ، وعملت برأيك ، ألا قبح الله رأيك ، وإن جبرئيل عليه‌السلام قد أمرني أن أبعث علي بن أبي طالب في هؤلاء المسلمين ، وأخبرني أن الله يفتح عليه وعلى أصحابه ، فدعا عليا عليه‌السلام وأوصاه بما أوصى به أبا بكر وعمر وأصحابه الأربعة آلاف ، وأخبره أن الله سيفتح عليه وعلى أصحابه.

فخرج علي عليه‌السلام ومعه المهاجرون والأنصار ، فسار بهم سيرا غير سير أبي بكر وعمر ، وذلك أنه أعنف بهم في السير حتى خافوا أن يتقطعوا من التعب وتحفى (١) دوابهم ، فقال لهم : لا تخافوا فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمرني بأمر ، وأخبرني أن الله سيفتح علي وعليكم ، فأبشروا فإنكم على خير وإلى خير ، فطابت نفوسهم وقلوبهم ، وساروا على ذلك السير التعب ، حتى إذا كان قريبا منهم حيث يرونه ويراهم ، أمر أصحابه أن ينزلوا ، وسمع أهل وادي اليابس بمقدم علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأصحابه ، فخرج إليهم منهم مائتا

__________________

(١) حفي من كثرة المشي ، أي رقت قدمه أو حافره. «لسان العرب : ج ١٤ ، ص ١٨٧».

٤٧٠

رجل شاكين في السلاح ، فلما رآهم علي عليه‌السلام خرج إليهم في نفر من أصحابه ، فقالوا لهم : من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخوه ، ورسوله إليكم ، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ولكم [وإن آمنتم] ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشرّ. فقالوا له : إياك أردنا ، وأنت طلبتنا (١) ، قد سمعنا مقالتك وما عرضت علينا ، [هذا ما لا يوافقنا] ، فخذ حذرك ، واستعدّ للحرب العوان (٢) ، واعلم أنا قاتلوك وقاتلو أصحابك ، والموعود فيما بيننا وبينك غدا ضحوة ، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينك.

فقال [لهم] علي عليه‌السلام : ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم ، فأنا أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فانصرفوا إلى مراكزهم ، وانصرف علي عليه‌السلام إلى مركزه ، فلما جنّ الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم ويقضموا (٣) ويحسوا (٤) ويسرجوا ، فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس ، ثم أغار عليهم بأصحابه ، فلم يعلموا حتى وطئتهم الخيل ، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم ، وسبى ذراريهم ، واستباح أموالهم ، وخرب ديارهم ، وأقبل بالأسارى والأموال معه ، ونزل جبرئيل عليه‌السلام ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما فتح الله على علي عليه‌السلام وجماعة المسلمين ، فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ،

__________________

(١) الطلبة : أي المطلوب.

(٢) وهي الحرب التي قوتل فيها مرة بعد أخرى كأنهم جعلوا الأولى بكرا ، والحرب العوان هي أشد الحروب. «أقرب الموارد : ج ٢ ، ص ٨٥٠».

(٣) أقضم القوم : امتاروا شيئا قليلا في القحط ، وأقضم الدابة : علفها القضيم ، وهو نبت من الحمض.

(٤) حس الدابة : نفض التراب عنها بالمحسّة.

٤٧١

وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين ، وأعلمهم أنه لم يقتل منهم إلا رجلان ، فنزل ، وخرج يستقبل عليا عليه‌السلام في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة ، فلما رآه علي عليه‌السلام مقبلا نزل عن دابته ، ونزل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى التزمه ، وقبل ما بين عينيه ، فنزل جماعة المسلمين إلى علي عليه‌السلام حيث نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأقبل بالغنيمة والأسارى وما رزقهم الله به من أهل وادي اليابس».

ثم قال جعفر بن محمد عليهما‌السلام : «ما غنم المسلمون مثلها قطّ إلا أن يكون من خيبر ، فإنها مثل خيبر ، فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) يعني بالعاديات الخيل تعدو بالرجال ، والضّبح : صيحتها في أعنتها ولجمها (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) فقد أخبرتك أنها أغارت عليهم صبحا».

[قلن] : قوله : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)؟ قال : «يعني الخيل ، فأثرن بالوادي نقعا (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً).

قلت : قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)؟ قال : «لكفور». (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) قال : «يعنيهما جميعا ، قد شهدا جميعا وادي اليابس ، وكانا لحب الحياة حريصين».

[قلن :] قوله : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)؟ قال : «نزلت الآيتان فيهما خاصّة ، كانا يضمران ضمير السوء ويعملان به ، فأخبر الله خبرهما وفعالهما ، فهذه قصة أهل وادي اليابس وتفسير العاديات» (١).

ثم قال علي بن إبراهيم أيضا في تفسير (الْعادِياتِ ضَبْحاً) : أي عدوا

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٤.

٤٧٢

عليهم في الضّبح ، ضباح الكلاب : صوتها ، (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) كانت بلادهم فيها حجارة ، فإذا وطئتها سنابك الخيل كانت تنقدح منها النار ، (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) أي صبحهم بالغارة (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) قال : ثارت الغبرة من ركض الخيل (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ، قال : توسّط المشركين بجمعهم (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي كفور ، وهم الذين أمروا وأشاروا على أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يدع الطريق مما حسدوه ، وكان علي عليه‌السلام قد أخذ بهم على غير الطريق الذي أخذ فيه أبو بكر وعمر ، فعلموا أنه يظفر بالقوم ، فقال عمرو بن العاص لأبي بكر : إن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق ، وهذا طريق مسبع (١) لا يؤمن فيه السّباع ، فمشيا إليه ، وقالا له : يا أبا الحسن ، هذا الطريق الذي أخذت فيه طريق مسبع ، فلو رجعت إلى الطريق؟ فقال لهما أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الزما رحالكما ، وكفا عما لا يعنيكما ، واسمعا وأطيعا ، فإني أعلم بما أصنع» فسكتا.

وقوله : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) أي على العداوة (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) يعني الحياة حيث خافا السّباع على أنفسهما ، فقال الله عزوجل : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) أي يجمع ويظهر (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)(٢).

وقال جابر بن يزيد : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) ، قال : «ركض الخيل في قتالها» (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) ، قال : «توري قدم النار من حوافرها» (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) ، قال : «أغار علي عليه‌السلام عليهم صباحا» (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) ، قال : «أثر بهم علي عليه‌السلام

__________________

(١) أسبع الطريق : كثرت به السباع. «المعجم الوسيط : ج ١ ، ص ٤١٤».

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٩.

٤٧٣

وأصحابه الجراحات حتى استنقعوا في دمائهم» (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ، قال : «توسط علي عليه‌السلام وأصحابه ديارهم» (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) ، قال : «إن فلانا لربه لكنود» (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) ، قال : «إن الله شهيد عليهم» (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ، قال : «ذاك أمير المؤمنين عليه‌السلام» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله عزوجل : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) ، «كفور بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام» (٢).

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٤٣ ، ح ٣.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٤٣ ، ح ٤.

٤٧٤

سورة القارعة

* س ١ : ما هو فضل سورة القارعة؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من قرأ وأكثر من قراءة القارعة آمنه الله عزوجل من فتنة الدجّال أن يؤمن به ، ومن فيح (١) جهنم يوم القيامة إن شاء الله تعالى» (٢).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «من قرأ هذه السورة ثقل الله ميزانه من الحسنات يوم القيامة ، ومن كتبها وعلقها على محارف (٣) معسر من أهله وخدمه ، فتح الله على يديه ورزقه» (٤).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١)) [سورة القارعة : ١ ـ ١١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما

__________________

(١) الفيح : سطوع الحر وفورانه. «لسان العرب : ج ٢ ، ص ٥٥٠».

(٢) ثواب الأعمال : ص ١٢٥.

(٣) يقال للمحروم الذي قتر عليه رزقه محارف. «لسان العرب : ج ٩ ، ص ٤٣».

(٤) خواص القرآن : ص ١٥ «مخطوط».

٤٧٥

أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) يردّدها الله لهولها وفزع الناس بها (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) ، قال : العهن : الصّوف (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) بالحسنات (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) ، قال : من الحسنات (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) ، قال : أمّ رأسه ، يقذف في النار على رأسه ، ثم قال : (وَما أَدْراكَ) يا محمد (ما هِيَهْ) يعني الهاوية ، ثم قال : (نارٌ حامِيَةٌ)(١).

وقال محمد بن مسلم : قال أحدهما عليهما‌السلام : «ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمد وآل محمد ، وإن الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل (٢) به ، فيخرج الصلاة على محمد فيضعها في ميزانه فترجح» (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : التسبيح نصف الميزان ، والحمد لله يملأ الميزان ، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض» (٤).

وقال : الإمامان الجعفران عليهما‌السلام في قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) : «فهو أمير المؤمنين عليه‌السلام (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) وأنكر ولاية علي عليه‌السلام (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) فهي النار ، جعلها الله أمه ومأواه» (٥).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «بينا عيسى بن مريم عليه‌السلام في سياحته إذ مر بقرية ، فوجد أهلها موتى في الطريق والدور ، قال : فقال : إن هؤلاء ماتوا بسخطة ، ولو ماتوا بغيرها تدافنوا ، قال : فقال أصحابه : وددنا أنا عرفنا قصتهم ، فقيل له : نادهم يا روح الله ، قال : فقال : يا أهل القرية ، فأجابهم

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٤٠.

(٢) أي تميل الأعمال بالميزان.

(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٥.

(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٦٧ ، ح ٣.

(٥) المناقب : ج ٢ ، ص ١٥١.

٤٧٦

مجيب منهم : لبيك يا روح الله ، قال : ما حالكم وما قصتكم؟ قال : أصبحنا في عافية ، وبتنا في الهاوية ، قال : فقال : وما الهاوية؟ قال : بحار من نار فيها جبال من نار ، قال : وما بلغ بكم ما أرى؟ قال : حب الدنيا وعبادة الطواغيت. قال : وما بلغ من حبكم الدنيا؟ قال : كحب الصبي لأمه ، إذا أقبلت فرح ، وإذا أدبرت حزن. قال : وما بلغ من عبادتكم الطواغيت؟ قال : كانوا إذا أمرونا أطعناهم. قال : فكيف أجبتني [أنت] من بينهم؟ قال : لأنهم ملجمون بلجم من نار ، عليهم ملائكة غلاظ شداد ، وإني كنت فيهم ولم أكن منهم ، فلما أصابهم العذاب أصابني معهم ، فأنا معلق بشجرة أخاف أن أكبكب في النار ، قال : فقال عيسى عليه‌السلام لأصحابه : النوم على المزابل ، وأكل خبز الشعير ، خير مع سلامة الدين» (١).

__________________

(١) علل الشرائع : ص ٤٦٦ ، ح ٢١.

٤٧٧
٤٧٨

سورة التّكاثر

* س ١ : ما هو فضل سورة التّكاثر؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) عند النوم وقي فتنة القبر» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قرأ سورة (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) في فريضة كتب الله له ثواب أجر مائة شهيد ، ومن قرأها في نافلة كتب الله له ثواب خمسين شهيدا ، وصلّى معه في فريضته أربعون صفا من الملائكة إن شاء الله تعالى» (٢).

ومن (خواص القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : «من قرأ هذه السورة لم يحاسبه الله بالنّعم التي أنعم بها عليه في الدنيا ، ومن قرأها عند نزول المطر غفر الله ذنوبه وقت فراغه» (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : «من قرأها وقت نزول المطر ، غفر الله له ، ومن قرأها وقت صلاة العصر كان في أمان الله إلى غروب الشمس من اليوم الثاني بإذن الله تعالى» (٤).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥٦ ، ح ١٤.

(٢) ثواب الأعمال : ص ١٢٥.

(٣) خواص القرآن : ص ١٦ «مخطوط».

(٤) خواص القرآن : ص ١٦ «مخطوط».

٤٧٩

سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)) [سورة التّكاثر : ١ ـ ٨]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) أي أغفلكم كثرتكم (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ولم تذكروا الموتى (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) أي لا بد [من] أن ترونها (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [أي] عن الولاية ، والدليل على ذلك قوله : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) عن الولاية» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) قال : «المعاينة» (٢).

وقال عبد الله بن نجيح اليماني : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قوله عزوجل : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)؟ قال : «يعني مرّة في الكرة ، ومرة أخرى يوم القيامة» (٣).

وقال ابن الفارسي في (روضة الواعظين) : قال ابن عباس : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) ثم قال : «تكاثر الأموال : جمعها من غير حقها ، ومنعها من حقها ، وشدها في الأوعية (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) حتى دخلتم قبوركم (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) ، قال : وذلك حين يؤتى بالصراط فينصب بين جسري

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٤٠ ، والآية من سورة الصافات : ٢٤.

(٢) المحاسن : ص ٢٤٧ ـ ٢٥٠.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٥٠ ، ح ١.

٤٨٠