كتاب التّعارض

آية الله السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي

كتاب التّعارض

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي


المحقق: الشيخ حلمي عبد الرؤوف السنان
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات مدين
المطبعة: الظهور
الطبعة: ١
ISBN: 964-8901-05-8
الصفحات: ٦٢٥

يظهر ممّا حكي عن المسالك موافقة أكثرهم على وجه يصدق الاستغراق العرفي ، واختاره في الرسالة (١) ، ويظهر من الوحيد البهبهاني (٢) كفاية موافقة البعض ، وهذا هو الأقوى (٣) ؛ لأنّه الظاهر من قوله عليه‌السلام «واترك ما وافق القوم» أو «خذ بما خالف العامّة» ، فإنّ الظاهر أنّ المراد موافقتهم في الجملة ؛ فلو كان أحد الخبرين موافقا لبعضهم ، وكان الباقون ساكتين يصدق أنّه موافق لهم ، ولا يضر كون لفظ القوم أو العامّة ظاهرا في الجميع من حيث هو ؛ لأنّ المنساق منهما في المقام ما ذكرنا ؛ خصوصا بملاحظة قوله في المقبولة «قلت : ـ جعلت فداك ـ فإن وافقهما الخبران ..» ، وفي المرفوعة «قلت : ربّما كانا موافقين لهم ، أو مخالفين ..» ، فإنّهما ظاهران في أنّ الراوي فهم من الموافقة الأعم من موافقة البعض والكل.

ودعوى أنّ المراد موافقة الخبرين معا لهما ؛ فلا يكون شاهدا على إرادة موافقة البعض بعيدة ، إذ الظاهر أنّ المراد أنّ كلّا منهما موافق لهم ؛ لا أنّ المجموع من حيث المجموع كذلك ، والإنصاف أنّ ظهور هذه الفقرة في كفاية البعض أقوى من ظهور الفقرة السابقة في اعتبار موافقة الكل ، فلا وجه لحملهما على صورة عدم هذا المرجح في شيء منهما ، وتساويهما من هذه الجهة على ما ذكره في الرسالة ، فعلى فرض عدم ظهور الفقرة الأولى في إرادة الموافقة في الجملة ، وظهورها في موافقة الكل لا بد من رفع اليد عنه ، بقرينة الفقرة الثانية.

هذا ؛ مضافا إلى ندرة اتفاق العامّة على مطلب ، ولو في عصر واحد ، بل ندرة اطّلاع الراوي على ذلك ؛ فضلا عن غيره ممّن يجيء بعده في الأزمنة المتأخرة ، فيلزم ندرة المورد لهذه الأخبار المتكثّرة ، هذا مع أنّه يمكن أن يتمسك لما ذكر بما في رواية ابن أسباط (٤) من قول الرضا عليه‌السلام : «ائت فقيه البلد واستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإنّ الحقّ فيه» ، مع أنّ الظاهر من قوله عليه‌السلام «فإنّ الرشد في

__________________

(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٣٤.

(٢) الفوائد الحائريّة : ٣٥٥.

(٣) في نسخة (د) : الحق الأقوى.

(٤) عيون أخبار الرضا : ١ / ٢٧٥.

٥٢١

خلافهم» (١) عدم وجود الحق في ما بينهم ؛ لأنّهم (٢) إذا اتفقوا على شيء يكون باطلا ، ويؤيده قوله عليه‌السلام «ما أنتم والله على شيء ممّا هم فيه ، ولا هم على شيء ممّا أنتم فيه ، فخالفوهم فإنّهم ليسوا من الحنيفيّة على شيء» (٣) ، إذ الظاهر منه عدم كون واحد منهم على الحنيفيّة ، ولا فرق فيما ذكرنا ـ من كفاية موافقة البعض مع سكوت الباقين أو كونهم مخالفين لكلا الخبرين ـ بين كون الوجه هو التقيّة أو كون الرشد في خلافهم.

نعم ؛ بناء على الأول يعتبر موافقة الخبر لمذهب الموجودين في عصر الإمام عليه‌السلام ، أو المتقدمين على زمانه بحيث يحتمل التقيّة منهم ، فلا يكفي موافقته لمذهب من تأخّر عن زمان صدور الخبر ، والمدار على من كان في بلد الإمام عليه‌السلام ، أو بلد الراوي ، بل يعتبر أن يكون ممّن يحتمل التقيّة منه ، فمع العلم بعدم التقيّة (٤) من جهته لا يرجح الخبر المخالف له ، بل يمكن أن يقال : يعتبر الظن بذلك ، فلا يكفي مجرّد الاحتمال ؛ لكن يدفعه إطلاق الأخبار.

وأمّا على الثاني : فيكفي موافقة الخبر لقول واحد منهم ، ولو في هذه الأزمان من غير فرق بين من كان في بلد الإمام عليه‌السلام أو غيره ، لأنّ ذلك مقتضى إطلاق كون الرشد (والحق في خلافهم ، لكنّ الإنصاف عدم كفاية قول واحد منهم في استكشاف كون الرشد في خلافه) (٥) ، وإن كان هو مقتضى قوله عليه‌السلام «ائت فيه البلد .. إلى آخره» ، فلا بدّ من اعتبار البعض المعتد به.

نعم ؛ لا تتفاوت الأمكنة والأزمنة ـ على ما ذكرنا ـ ولا يضرّ كون الحكم هو التخيير قبل حدوث القول الموافق لأحد الخبرين ؛ لأنّ حدوثه يكشف عن كون الحق من الأول في الخبر الآخر ، نعم يشكل الحال إذا انقلبت الموافقة والمخالفة ؛ لكن يمكن دفعه بأنّ ذلك يكشف عن عدم كون المخالفة الأولى مرجّحة في الواقع ؛ لمعارضتها

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ١٩.

(٢) في نسخة (د) : لا أنّهم.

(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٣٢.

(٤) المقصود : عدم موجب التقيّة.

(٥) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د).

٥٢٢

بالمخالفة الثانية بالنسبة إلى الخبر الآخر ، فترجيح (١) الخبر الأول كان ظاهريا ما دائميا ، فهو نظير ما إذا ظنّ أعدليّة أحدهما ، ثمّ زال الظن ؛ فتدبّر!

هذا ؛ ولو وافق كلّ من الخبرين بعضا منهم ، فيلاحظ ما كان مخالفا لميل قضاتهم أو حكّامهم بمعنى مذهبهم ، أو بمعنى عملهم ، وإن كان مخالفا لمذهبهم أو مع كون مذهبهم التخيير واختيارهم ما يوافق أحد الخبرين ، ولا بدّ من احتمال كون الإمام عليه‌السلام اتّقى عنهم ، أو الظن بذلك ؛ بناء على كون الوجه هو التقيّة ، وعلى الوجه الآخر يعتبر ميل القضاة ، وإن علم عدم التقيّة منهم ، ولا يضر كون الخبر الآخر موافقا لغير القضاة ، لأنّ المدار حينئذ ميل القضاة ؛ على ما استفيد من المقبولة.

ولعلّ ذلك من جهة كون الغالب في أفعالهم وأقوالهم الفساد ، بمعنى أنّهم أقرب إليه من غيرهم ، وإن كنّا لا نعرف ذلك ، فالاحتمال كاف على ما عرفت ، نعم مع العلم بعدم الغلبة المذكورة ـ لو فرض ـ يشكل الترجيح ، ومع عدم ما ذكر من ميل القضاة ، أو كون أحدهما موافقا لبعضهم والآخر لآخر فالمدار على ظنّ التقيّة بالنسبة إلى أحدهما ، بملاحظة زمان الإمام عليه‌السلام وبلده وقضاة عصره وبلده ، وأكثريّة أحد الطرفين أو أقليّته ، أو نحو ذلك من أمارات التقيّة ، ويخرج عن النصوص ويكون من باب الترجيح بكل مزيّة.

هذا ؛ بناء على كون الوجه هو التقيّة ، وعلى الوجه الآخر يسقط هذا المرجّح إلا أن يحصل الظن بالفساد بالنسبة إلى أحد الطرفين ؛ لأكثريّة أو غيرها.

وممّا ذكرنا ظهرت ثمرة أخرى غير الثمرات المتقدمة بين الوجهين ، وهي : ثبوت الترجيح بالمخالفة على الوجه الثاني ، وهو كون الرشد في خلافهم ؛ فيما إذا كان قول العامّة متقدما على زمان الإمام عليه‌السلام ، بحيث علم عدم اتقائه من جهته ، أو متأخرا كذلك .. ونحو ذلك ، وسقوطه على الوجه الأول ، وسقوطه على الثاني في صورة اختلاف العامّة ، وكون الخبرين موافقين لهم ، وثبوته على الوجه الأول في الجملة على ما عرفت.

__________________

(١) في نسخة (د) : فيترجح.

٥٢٣

ثمّ لو علم موافقة أحد الخبرين لبعضهم ، وشكّ في موافقة الآخر لبعض آخر وعدمها ، فالظاهر الترجيح ـ بناء على التعدي ـ بل وكذا لو ظنّ موافقة أحدهما وشكّ في الآخر ، بل وكذا لو شكّ في موافقة أحدهما وعلم عدمها في الآخر ، والظاهر عدم الفرق في ذلك كلّه بين الوجهين ، ويمكن أن يستفاد بعض ذلك من قوله عليه‌السلام «ائت فقيه البلد واستفته» (١) حيث إنّه يحتمل موافقة الخبر الآخر لفقيه بلد آخر.

فتحصّل : أنّ مخالفة الجميع أو الأكثر على وجه يكون القول الآخر ملحقا بالمعدوم ، أو البعض مع سكوت الباقين ، أو البعض مع مخالفة الباقين لكلا الخبرين أو الحكّام والقضاة في صورة موافقتهما لهم .. مرجّحة على الوجهين.

وأمّا مع موافقتهما وعدم مخالفة أحدهما لميل الحكّام والقضاة ، وكذا مع مخالفتهما لا ترجيح على الوجه الثاني ، وعلى الأول يرجّح أحدهما إذا اقترنت مع الآخر أمارة نوعيّة على التقيّة ، بناء على التعدي عن المنصوصات ، ويظهر من الفصول (٢) الترجيح على الوجه الثاني أيضا ، مع (٣) موافقتهما لهم إذا كان أحدهما موافقا لمن يكون أشدهم عنادا لأهل الحق ، فإنّ قوله أبعد عن الحق ، وأقرب إلى الباطل وهو مشكل.

بقي هنا شيء ؛ وهو أنّه إذا كان أحد الخبرين موافقا لهم في بعض مضمونه ، أو بعض فقراته دون البعض الآخر يرجح الآخر عليه ، بالنسبة إلى تمام مضمونه أو فقراته إذا كانت المعارضة بين الجميع ، بناء على الوجه الأول ، لأنّ التقيّة في بعض المضمون أو الفقرات كافية في الحمل عليها ؛ فتأمّل.

وعلى الوجه الثاني لا يرجح عليه إلا بالنسبة إلى ذلك المقدار ، لأنّ الترجيح على هذا الوجه مضموني يقتصر على مقدار المرجّح ، وأمّا إذا كانت المعارضة بين الخبر الآخر وبعض مضمون هذا الخبر فالبعض الآخر يعمل به ، ولو كان موافقا للعامّة ، فضلا عن عدم كونه كذلك.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ١ / ٢٧٥.

(٢) الفصول الغرويّة : ٤٢٧.

(٣) لا توجد كلمة «مع» في نسخة (د).

٥٢٤

هذا ؛ ولو كان أحد الخبرين موافقا لهم في بعض مضمونه أو فقراته ، مخالفا لهم في البعض الآخر ؛ مع كون المعارضة بين الجميع ، فإن أمكن التفكيك يفكك فيؤخذ ببعض هذا وببعض ذاك ، وإلا فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، لكن يبعد التفكيك على الوجه الأول إذا كانت الموافقة والمخالفة بالنسبة إلى بعض المضمون ، فإنّ اللفظ واحد ، فهو إمّا صادر تقيّة أو غيرها ؛ فتدبّر!.

الأمر الخامس : [الموافقة والمخالفة لا تلحظ فى كل الأخبار المتعارضة]

إذا كانت المعارضة بين أخبار ثلاثة : كأن يدلّ أحدها على الوجوب والآخر على الاستحباب ، والثالث على الحرمة مثلا ، وكان أحدها موافقا للعامّة دون الآخرين فيطرح الموافق ، ويلاحظ التعارض بين الآخرين ، فيرجح أحدها (١) على الآخر إذا كان هناك مرجّح ، وإلا فيحكم بالتخيير بينهما ، وكذا الكلام بالنسبة إلى سائر المرجّحات في الصورة المفروضة.

الأمر السادس : [أثر تنقيح جهة الصدور]

إذا علم كون أحد الخبرين ـ على فرض صدقه ـ صادرا على وجه التقيّة ، وجب العمل بالآخر مطلقا ، سواء كانا موافقين للعامّة أو مخالفين ، أو مختلفين ، بناء على مذهب صاحب الحدائق من أنّ التقيّة قد تكون لمجرد إلقاء الخلاف ، وكذا إذا اقترن بأحد الخبرين أمارات التقيّة بحيث خرج عن ظهور كونه لبيان حكم الله الواقعي ، فإنّه يخرج عن الحجيّة ويبقى الخبر الآخر حجّة ، وسقوطه ليس لأجل المعارضة كما هو واضح.

وإذا علم أنّه ـ على فرض الصدور ـ صادر لا على وجه التقيّة (٢) ، فيقدم على الخبر الآخر المحتمل للتقيّة مطلقا ، حتى في صورة كونه موافقا للعامّة ، والآخر مخالفا ، بناء على كون الوجه في التقديم هو التقيّة فقط ، وبناء على كون الوجه كون الرشد في خلافهم يقدم الآخر في هذه الصورة ، لإطلاق قوله عليه‌السلام «خذ ما خالف القوم ..» (٣) ،

__________________

(١) في نسخة (د) : أحدهما.

(٢) في نسخة (د) : العقليّة. وهو خطأ.

(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ٣٠ ، وفيه : خذوا.

٥٢٥

ولا يعارضه احتمال التقيّة فيه دون الأول ؛ لأنّ الترجيح بهذا الاحتمال إمّا للنص أو للقاعدة ، أمّا النص فمختصّ بصورة كون محتمل التقيّة موافقا للعامّة ، والآخر مخالفا والمفروض في المقام العكس.

وأمّا القاعدة ؛ فلأنّ الظنّ الحاصل من المخالفة أقوى من هذا الاحتمال ؛ فتأمّل! فإنّ الترجيح بالمخالفة إنّما هو من باب غلبة البطلان في أحكامهم ، وباحتمال التقيّة أيضا من باب غلبتها ، فكلّ منهما ناش من الغلبة ولا أقوائيّة لإحدى الغلبتين ، فبناء على التعدي عن المنصوصات يحصل التعارض بين الوجهين ، نعم بناء على عدم التعدي يقدم الخبر المخالف ؛ لما مرّ من إطلاق النص.

الأمر السابع : [لو دار الأمر بين التقيّة والمعنى التأويلي أو المجاز]

قد أشرنا سابقا إلى أنّ الخبر الصادر تقيّة أو المحمول عليها ، سواء كان له معارض أولا ؛ لا يؤخذ بمعناه التأويلي ، وإن كان قريبا بل متعيّنا ، وقلنا بوجوب التورية إلا أن تكون التقيّة في إلقاء الظهور لا في أصل الصدور ، فما حكاه في الجواهر (١) عن بعض مشايخه من أنّ الخبر إذا صدر تقيّة في وجوب أو تحريم يحمل على إرادة الندب أو الكراهة لا وجه له ، لا لما ذكره في الجواهر من أنّ الأصل الحقيقة ؛ وذلك لأنّ أصالة الحقيقة إنّما تنفع إذا أمكن الأخذ بها ، وفي المقام لا يمكن ؛ لأنّ المفروض صدوره تقيّة فلا يؤخذ بظاهره ، مع أنّه مبنيّ على عدم احتمال التورية ، وهي محتملة إن لم نقل بوجوبها ، بل لما عرفت من أنّ الصدور إذا كان عن تقيّة فلا دليل على إرادة المعنى المجازي الذي يكون حكما شرعيّا ، لاحتمال عدم مجاز يطابق الحكم الشرعي ، أو كون الحكم الشرعي مطابقا للمجاز البعيد.

نعم ؛ هاهنا كلام وهو : إنّه لو دار الأمر بين الحمل على التقيّة وبين الحمل على المعنى المجازي كالاستحباب والكراهة فيما ظاهره الوجوب أو الحرمة ، بعد العلم بعدم إرادة الظاهر ؛ فهل يحمل على التقيّة أو المجاز؟ وجهان : أقواهما الثاني ؛ لأنّه مقتضى كون الأصل في الدليل الإعمال (٢) ، مع أنّ الأصل عدم وجود سبب التقيّة

__________________

(١) جواهر الكلام : ١٢ / ٩.

(٢) إذ أنّ إرادة التقيّة منه يعني عدم إرادة الحكم الواقعي فيعني عدم الإعمال له.

٥٢٦

والأصل إرادة (١) بيان الحكم الواقعي ؛ لأنّ الظاهر من حال المتكلّم ذلك ، وهذا الأصل غير أصالة الحقيقة المقطوع بعدم إرادتها بالفرض ، كما لا يخفى.

مضافا إلى إمكان دعوى أشيعيّة (٢) المجاز من التقيّة في الأخبار ؛ بل يمكن أن يقال : إنّه إذا كان ذلك في الخبرين المتعارضين فهو راجع إلى الجمع الدلالي المقدّم على الرجوع إلى المرجّحات ، وإن كان يمكن منعه ؛ لأنّ مجرّد العلم بعدم إرادة الظاهر لا يخرج الخبرين عن التعارض الذي هو ملاك الجمع الدلالي ، إذ المسلّم منه ما إذا كان أحد الخبرين نصّا أو أظهر من حيث هو ، والآخر ظاهرا كذلك ، لا بملاحظة حصول العلم من الخارج بعدم إرادة ظاهره على أنّه حكم الله الواقعي ، كما هو المفروض.

وعلى ما ذكرنا فمورد الترجيح بمخالفة العامّة ، والحمل على التقيّة إنّما هو فيما لم يعلم عدم إرادة الظاهر من الخبر الموافق ، بأن يكون كلّ من الخبرين محتمل التأويل والعدم ، وزيادة (٣) احتمال التقيّة في الخبر الموافق ، والمقام ليس كذلك ، لا لعدم احتمال التأويل في المخالف ؛ لأنّه أيضا محتمل له في حدّ نفسه ؛ بل للعلم بعدم إرادة الظاهر في الموافق ، فتعين (٤) التأويل فيه ، أو حمله على التقيّة ، فيبقى الخبر الآخر لا مانع من الأخذ بظاهره ، وهذا بخلاف ما إذا لم يعلم عدم إرادة ظاهره ، فإنّه لا يتعيّن فيه طرح الظاهر ، ليبقى الآخر بلا معارض ، فيجب إعمال المرجّحات فتدبّر.

الأمر الثامن : [هل يشترط شذوذ الخبر الموافق في الترجيح بمخالفة العامّة]

حكي عن المفيد قدس‌سره أنّ الترجيح بمخالفة العامّة إنّما يكون إذا كان الخبر الموافق شاذا والمخالف معمولا به عليه (٥) بين الأصحاب ، وهذا الكلام بظاهره مختلّ النظام ، إذ لو أريد من الشاذّ ما لا يكون بالغا حدّ الحجيّة بأن يكون موهونا بإعراض

__________________

(١) لا توجد كلمة «إرادة» في نسخة (د).

(٢) المراد أنّ إرادة المجاز أكثر شيوعا في الأخبار من التقيّة.

(٣) في نسخة (د) : وزاد.

(٤) في نسخة (د) : فيتعين.

(٥) هكذا في النسخة ؛ والظاهر زيادة «عليه».

٥٢٧

الأصحاب ، فهو خارج عن باب التعارض والترجيح ، وإن أريد منه ما يكون حجّة من حيث هو ؛ لكن كان الخبر الآخر مشهورا دونه ؛ فهو راجع إلى الترجيح بالشهرة والشذوذ ، ولا دخل له بالترجيح بمخالفة العامّة ، نعم يمكن أن يكون مراده أنّه يشترط في الترجيح بمخالفة العامّة كون الخبر المخالف معمولا به بين الأصحاب بأن يكون موافقا للشهرة الفتوائيّة ، وكون الموافق شاذا بمعنى كونه على خلاف المشهور ، وعلى هذا فلا يخرج عن المقام ؛ إلا أنّ هذا الاشتراط مخالف لإطلاق الأخبار ، مع أنّه مخالف لما حكي عنه من منع الترجيح بمخالفة العامّة ، وتأويل الأخبار الدالّة عليه بما هو خارج عن المقام ، ولا بدّ من الرجوع إلى كلامه ؛ فلعلّ في النقل خللا.

٥٢٨

فصل : في المرجّحات المضمونيّة ؛ وهي قسمان :

الأول : ما يكون غير معتبر بنفسه ؛ أي مع قطع النظر عن الخبرين.

الثاني : ما يكون معتبرا بنفسه بحيث لو لم يكن خبر كان هو المرجع.

[الأول : ما يكون غير معتبر بنفسه ؛ أي مع قطع النظر عن الخبرين]

أمّا القسم الأول ؛ فهو إمّا داخلي أو خارجي ، والداخلي : إمّا منصوص أو غيره ، والخارجي إمّا لم ينه عن العمل به بالخصوص ، أو نهي عنه كالقياس ، أمّا الداخلي المنصوص فكالأفقهيّة وشهرة الرواية ومخالفة العامّة ـ بناء على كون الوجه في الترجيح كون الرشد في خلافهم ـ وغير المنصوص كالنقل باللفظ على وجه ، والأكثريّة على وجه.

وأمّا الخارجي الغير المنهي عنه بالخصوص فكالشهرة الفتوائيّة والإجماع المنقول ، أو اللاخلاف (١) وظهور الاجماع ، والاستقراء ، والأولويّة ، والخبر الضعيف ، بل مطلق الظن الفعلي ، والمراد بشهرة الرواية أن يكون الخبر مشهورا في جميع الطبقات أو بعضها ، بأن يكون الراوي عن الإمام عليه‌السلام أو عن بعض الرواة متعددا بالغا حدّ الشهرة ، سواء علم عملهم به أو علم عدمه أو شكّ في عملهم به أو بخلافه ، ويحتمل أن يكون المراد به كونه معروفا بين الكل ، بأن يكون جميع الأصحاب ناقلين له حتى راوي الشاذ أيضا ، ولا يضرّ كونه متواترا في الطبقة الأولى أو بعض الطبقات اللاحقة ؛ على الوجهين في معنى الشهرة.

والمراد من الأصحاب أعمّ من رواة الحديث والعلماء الموجودين في الأعصار المتأخرة ، أو المراد من قوله عليه‌السلام «أصحابك الشيعة ..» لا الموجودين في عصر الإمام عليه‌السلام المروي عنه هذا الحديث ، ولا مطلق الرواة ، فيكفي في كون الخبر مشهورا نقل العلماء له في كتبهم الاستدلاليّة إذا كانوا عاملين به ، وأمّا مع عدم عملهم به فلا ؛ خصوصا إذا وصفوه بالشذوذ.

نعم ؛ لا يبعد صدق الشهرة إذا ذكروه وأجابوا عنه بالتأويل في ظاهره ، وأمّا مجرّد

__________________

(١) هكذا في النسخة المعتمدة ؛ ولعل المقصود : حكاية الإجماع بنحو نفي الخلاف ، وفي نسخة (د) : والإخلال.

٥٢٩

عمل مشهور الرواة أو العلماء على طبق أحد الخبرين من دون استناد إليه فلا يوجب كونه مشهور الرواية.

وعلى هذا فلا تكون الشهرة الفتوائيّة المجرّدة من المرجّحات المنصوصة ، وربّما تجعل منها بدعوى أنّ قوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر بين أصحابك ..» تعليق للحكم على وصف الاشتهار المشعر بالعليّة (١) ، فيستفاد منه كفاية مطلق الشهرة في الترجيح ، وهذه الدعوى ضعيفة كدعوى أنّها داخلة في قوله عليه‌السلام «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ..» بعد كون المراد من المجمع عليه : المشهور (٢) ؛ بقرينة قوله عليه‌السلام «ما اشتهر ..» ، وبقرينة قوله «قلت يا سيدي إذا كان الخبران معا مشهورين ..» ، إذ فيه أنّ الظاهر أنّ المراد الخبر المجمع عليه لا مطلق المجمع عليه ، وإلا أفاد حجيّة الشهرة المجرّدة عن الخبر ؛ مع إنّه يمكن أن يكون المراد من المجمع عليه ظاهره ، ولا ينافيه فرض الشهرة في الخبرين معا ، لإمكان كون كل من الخبرين مجمعا على نقله.

لكنّ الإنصاف أنّ المراد أعمّ من المشهور والمجمع عليه ؛ لأنّ المراد من المشهور الواضح المعروف ، وهو يصدق بنقل جلّ الأصحاب له ، ولا يلزم فيه نقل كلّهم له فالأولى ما ذكرناه أولا من أنّ المراد من المجمع عليه الخبر المشهور لا كلّ مشهور كيف؟ ولو كان كذلك يلزم منه بعد كون المراد من نفي الريب نفيه بالإضافة إلى حجيّة كلّ شيء لا ريب فيه بالنسبة إلى ما فيه ريب ، فإذا كان في المسألة قولان أحدهما أبعد عن الريب من الآخر بجهة من الجهات ، يجب البناء عليه بمقتضى عموم العلّة ، وإن لم تكن شهرة فتوائيّة أيضا ، مع أنّه لا يلتزم به أحد ، فبناء على التعدي عن مورد العلّة ـ كما هو المختار ـ لا يمكن إرادة مطلق المشهور من المجمع عليه ، وهذا بخلاف ما لو أريد خصوص خبر كذلك ، فمقتضى التعدي حجيّة كل خبر يكون أبعد من الريب بالإضافة إلى الآخر ، ولا إشكال فيه.

__________________

(١) قد يقال : إنّ تعليق الحكم على وصف وإن كان يشعر بالعليّة ولكنّ العمدة تحقق الظهور فما لم يصل إلى درجة الظهور فلا اعتبار به ، نعم لو كان الوصف مذكورا في مقام التحديد استفيد منه المفهوم ، فافهم.

(٢) كما اختاره الوحيد في فوائده : الفائدة ٢١ ، ص ٢١٩.

٥٣٠

هذا ؛ مع أنّه لو أريد من المجمع عليه المشهور بالمعنى الأعم من الروايتي والفتوائي فيكون دالا على حجيّة الشهرة الفتوائيّة من حيث هي ، لا في مقام الترجيح إلا بملاحظة التعدي عن المنصوصات ، حيث إنّه يصير من قبيل معاضدة أحد الخبرين بدليل معتبر آخر وهو الشهرة ، والمقصود إثبات دلالة الخبر مع قطع النظر عن التعدي المستفاد منه على الترجيح بالشهرة الفتوائيّة ، كما يدلّ على الترجيح بشهرة الرواية ، وعلى التقدير المذكور ليس كذلك ، فهو نظير ما قيل من أنّ المراد بقوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر ..» أعم من الشهرة المجرّدة والمقرونة بالخبر ، فإنّه أيضا لا يقتضي كون الترجيح بالشهرة الفتوائيّة منصوصا ، والحاصل أنّ دلالة الخبر على حجيّة الشهرة غير دلالته على الترجيح بها ، والمقصود إثبات الثاني بمنطوق الخبر وعلى التقديرين المذكورين لا دلالة للخبر عليه ، نعم بناء على التعدي من حيث إنّ المستفاد منه الترجيح بكل ما يكون أبعد عن الريب يثبت ذلك ؛ لكن لا حاجة معه إلى دعوى كون الموصول أعمّ (١) ، أو كون المراد من المجمع عليه الأعم ، بل مع إرادة خصوص الخبر المشهور روايته أيضا كذلك ، بمقتضى المفهوم ؛ فتدبّر!.

فظهر ضعف التمسك لكون الترجيح بالشهرة الفتوائيّة من المنصوصات (٢) بالوجوه المذكورة ؛ من إشعار التعليق بالوصف بالعليّة ، ومن عموم الموصول للشهرتين ، ومن عموم اللفظ المجمع عليه لهما ، ومثلها في الضعف ما قد قيل من أنّ قوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر ..» مجمل ، إذ لا يعلم أنّ المراد ما اشتهر روايته أو ما اشتهر العمل به ، فلا بدّ من متعلّق ، وحذف المتعلّق مع عدم أظهريته في بعض الأفراد يقتضي العموم ، فالمراد خبر اشتهرت روايته ، أو خبر اشتهر العمل به ، بأن يكون عمل المشهور على طبقه ، وإن لم يكن باستناد منهم إليه (٣) ، فالمراد من الموصول

__________________

(١) في نسخة (د) : أعم منها.

(٢) المقصود أنّه ظهر لنا ضعف كون الشهرة الفتوائيّة من المرجّحات المنصوص عليها بالتمسك بالوجوه المذكورة سابقا ، إذ قد أثبتنا أنّها ليست منها من تلك الوجوه ، وهذا لا يفهم منه نفي أصل مرجحيّة الشهرة الفتوائيّة بوجوه أخرى.

(٣) فيكون المراد الشهرة العمليّة لا الاستناديّة بناء على الفرق بينهما مصداقا ولو بنحو الموجبة الجزئية.

٥٣١

وإن كان خصوص الخبر إلا أنّه أعمّ من القسمين ، وحمله على إرادة خبر يكون مشهور الرواية والعمل معا بعيد (١).

ووجه الضعف أنّ الإجمال ممنوع ، ولا يحتاج إلى متعلّق ، بل المراد خبر يكون نفسه مشهورا ، وهو لا يصدق إلا إذا كان مشهور الرواية ، سواء كان مع العمل أو مجرّدا عن العمل ، فالضمير في قوله «اشتهر ..» راجع إلى نفس الموصول ، والتقدير لا دليل عليه ، فتحصّل أنّ المرجّح المضموني المنصوص بالخصوص منحصر في الأفقهيّة وشهرة الرواية.

بقي هنا شيء لا بأس بالإشارة إليه وإن كان خارجا عن المقام ، وهو أنّه قيل : ما يستفاد من المقبولة كون الشهرة الفتوائيّة صالحة لجبر الخبر الضعيف ، وأنّها دالّة على حجيّة الخبر الضعيف المجبور بها ، وإن لم تكن هي بنفسها حجّة ؛ وذلك لأنّ قوله «خذ بما اشتهر ..» أعمّ من الخبر الذي له معارض والخبر الذي لا معارض له ، وعلى فرض إرادة الأول ـ لأنّ الموصول يحمل على العموم حيث لا عهد ، وهو موجود ؛ لأنّ الكلام في تعارض الخبرين ـ نقول : إنّ قوله «فإنّ الجمع عليه» أعم من الأمرين ، ولا يمكن حمله على خصوص صورة المعارضة ، وإلا لزم لغويّة التعليل أو كونه تأكيدا لما علم أولا من قوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر ..» حيث استفيد منه وجوب الأخذ بالمشهور من المتعارضين ؛ فيجب أن يكون المراد من التعليل أعمّ منه ومن غير المعارض ، فإنّ ذكر العلّة بعد ذكر حكم المعلول لا بدّ أن يكون توطئة لإعطاء الكليّة ، وأيضا العلّة في مقام الاستدلال ، وهو قاض بالتعدي عن مورد الاستدلال إلى ما يكون من سنخه ، وهو الخبر المشهور الخالي عن المعارض ، وإلا فيكون الاستدلال خاليا عن الفائدة.

ودعوى أنّ لازم هذا حجيّة الشهرة المجردة أيضا ؛ لأنّها داخلة في عموم قوله عليه‌السلام «فإنّ المجمع عليه» ـ بعد عدم تخصيصه بالمورد وهو الخبر الذي له معارض ـ

__________________

(١) لعل وجه البعد تحقق التفكيك بين شهرة الرواية دون العمل كثيرا ، فيندر أن يكون خبر مشتهر الرواية والعمل معا ، وبالتالي لا موجب لحمل الخبر على مراد بعيد ونادر أو أنّ جهة البعد فيه لزوم استعمال اللفظ في معنيين للشهرة متخالفين في آن واحد.

٥٣٢

مدفوعة بأنّ مقتضى العهد الذكري تخصيصه بخصوص (١) المتعارضين ؛ إلا أنّا عمّمناه إلى الخبر الغير المعارض ؛ صونا للاستدلال عن اللغويّة ، وهذا المقدار يكفي للخروج عنها ، فلا حاجة إلى حكم بإرادة مطلق المشهور ، وإن لم يكن معه خبر.

فإن قلت : مقتضى القاعدة عدم كون المورد مخصّصا ؛ فلا بدّ من الأخذ بعموم قوله «فإنّ المجمع عليه» والحكم بأنّ الشهرة حجّة بعد إرادتها من لفظ المجمع عليه.

قلت : هذه القاعدة مشروطة بشرطين :

أحدهما : كون الجواب ممّا يصح الابتداء به ؛ بأن لا يكون مرتبطا بالسؤال ، كما في قوله : ماء البئر واسع ، بعد السؤال عن بئر الصاعة ، فإنّ هذا الجواب ممّا يمكن أن يكون كلاما مستقلا.

والثاني : أن يكون عموم الجواب وضعيّا لا حكميّا يضره احتمال العهد ، وفي المقام نقول : إنّ كلا الشرطين مفقود ، إذ بملاحظة الفاء الرابطة لا يمكن أن يكون قوله عليه‌السلام «فإنّ المجمع عليه» كلاما مستقلا ، وأيضا عموم المفرد المحلّى باللام ليس وضعيّا ، بل من باب الحكمة (٢) ، فيضرّه احتمال العهد وهو الخبر المشهور.

ومن ذلك يظهر أنّه لا يمكن الأخذ بعموم قوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر ..» فإنّ عموم الموصول أيضا ليس وضعيّا ، فيضره احتمال العهد.

أقول : هذا الكلام مختل النظام :

أمّا أولا : فلأنّ مورد المقبولة الخبران المعتبران في حدّ نفسهما ، بحيث لا مانع لهما إلا المعارضة ، فالخبر الغير المعتبر غير داخل فيها سواء كان له معارض أو لا ، فقوله عليه‌السلام «خذ بما اشتهر ..» وارد على ما ذكر من الخبر المعتبر المعارض بمثله كما هو واضح ، ولا يمكن إرادة الخبر الغير المعارض منه ـ سواء كان معتبرا أو لا ـ لقوله «ودع الشاذ النادر ..» إذ المراد بالشاذ النادر المعارض الشاذ لا مطلقه ، وإلا لزم ترك

__________________

(١) في نسخة (د) : بحصول.

(٢) أي من باب مقدمات الحكمة ؛ وهذا مبنى في المسألة ولعل الوجه فيه تعدد دلالة اللام اللاحقة للفظ المفرد ، فتعيين إرادة العموم بمجرد الوضع غير تام ، بل لا بدّ من انضمام مقدمات الحكمة ، بل لا موجب للاستناد للوضع مع تماميّة مقدمات الحكمة ، وخلاصة مراده أنّ دلالة المفرد المحلى باللام على العموم ليست بالوضع.

٥٣٣

العمل بالخبر الشاذ وإن لم يكن معارضا بغيره ؛ وليس كذلك قطعا.

وأمّا قوله عليه‌السلام «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» فهو وإن كان قابلا لإرادة مطلق المشهور منه ، سواء كان مع الخبر أو لا معه ، وسواء كان الخبر معارضا أو لا ، وسواء كان معتبرا أو لا ، إلا أنّه يتعيّن في المقام إرادة الخبر المعتبر المعارض بمثله ، كما هو مورد الرواية ؛ وذلك لأنّ غيره لا يكون ممّا لا ريب فيه سواء أريد منه نفي الريب من جميع الجهات ، أو نفي الريب بالنسبة.

أمّا الأول فواضح ، مع أنّه غير مراد جزما ، وأمّا الثاني فلأنّ الشهرة المجردة أو الخبر الغير المعتبر الموافق لها لا يصدق عليهما عدم الريب النسبي ، إذ ليس لهما طرف آخر حتى يقال إنّه لا ريب فيه بالنسبة إلى ذلك الطرف.

فإن قلت : الطرف الآخر القول الشاذ المقابل للمشهور ، والاحتمال الموجود في مقابل الخبر الغير المعتبر أو الخبر الآخر الغير المعتبر في مقابل هذا الخبر الموافق للمشهور.

قلت : نمنع عدم الريب بالنسبة إلى ما ذكر أيضا ؛ لأنّه لا يتعيّن الأخذ بالمشهور أو بالطرف المقابل ، بمعنى أنّه ليس الأمر دائرا بينهما ، بل يمكن الطرح والرجوع إلى الأصول العمليّة ، بل مقابل الأخذ بالمشهور في الحقيقة هو الأصل العملي وليس هو ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه ، بل الأمر بالعكس ، وهذا بخلاف الخبر المعتبر المشهور والمعارض بمثله ، فإنّه ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه بل (١) بعد كون الأمر دائرا بينهما كما هو المفروض ؛ لأنّه لو لا الترجيح يحكم بالتخيير ؛ مع أنّه على التقدير المذكور يلزم الأخذ بكلّ احتمال يكون ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى احتمال آخر ، وإن احتمل كون الحق في ثالث ، مع أنّه ليس كذلك قطعا.

والحاصل : أنّ مفاد التعليل وجوب الأخذ بكل ما لا ريب فيه بالنسبة إلى الطرف المقابل ، مع انحصار الأمر فيهما ، والخبران المعتبران المتعارضان من هذا القبيل بخلاف الخبر الضعيف ؛ فإنّ مقابله الأصل ، وليس هو ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه

__________________

(١) لا توجد كلمة «بل» في نسخة (د).

٥٣٤

ولا يكفيه كونه ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى أحد الاحتمالات الأخر ، وكذا الشهرة المجرّدة.

نعم ؛ لو حمل نفي الريب على التعبّد بأن يكون إنشاء من الإمام عليه‌السلام بعدم الريب بأن يكون حاصل المعنى أنّه يجب الأخذ بالمجمع عليه فإني جعلته حجّة ، أمكن إرادة الشهرة والخبر الضعيف الموافق لها ، لكن من المعلوم أنّ هذا بعيد عن ظاهر التعليل ، فإنّه إحالة على ما هو المعلوم (خارجا) (١) ؛ لا أنّه إنشاء لعدم الريب كما لا يخفى! فتبيّن أنّه لا يمكن شمول عموم التعليل للخبر الضعيف أو للشهرة المجردة ، وإلا فعلى فرض الإمكان لا حاجة إلى ما ذكره من اللغويّة ؛ إذ سرّ الأخذ بعموم التعليل ليس هو الخروج عن اللغويّة ، بل الظهور العرفي كما هو واضح ، مع أنّ لزوم اللغويّة على فرض عدم شمول الخبر الضعيف ممنوع ، فإنّه يكفي في ذلك كون مقتضى التعليل الترجيح بكل احتمال يكون معه أحد الخبرين أبعد عن الريب أو أقرب إليه ، ولو كان غير الشهرة ، فلو لم يذكر التعليل لم يدلّ إلا على الترجيح بالشهرة ، ومع ذكره يستفاد منه الترجيح بمطلق عدم الريب النسبي من أي جهة كان ، كما هو واضح.

وأيضا مورد الخبر خصوص الخبرين الواردين في الدّين والميراث ، ويستفاد من التعليل التعدي إلى كل خبرين متعارضين : أحدهما مشهور والآخر شاذ ، فتأمل! مع أنّا نمنع لزوم كون التعليل مفيدا لأزيد ممّا استفيد من المعلّل.

وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكره من الشرطين في الأخذ بعموم الجواب وعموم التعليل كما ترى! ألا ترى أنّه إذا سئل عن حال الرمّان فقال لا تأكل الرمّان فإنّه حامض يستفاد منه عدم جواز أكل مطلق الحامض ، مع أنّه فاقد للشرطين معا ، مع أنّ مجرّد ذكر الفاء في الجواب لا يقتضي عدم جواز الابتداء بها ، فإنّ الابتداء (٢) لا يلزم أن يكون مع ذكر الفاء ، مع أنّ الفاء إنّما تمنع عن الحمل على العموم ـ على فرض تسليمه ـ إذا كان في أول الجواب ، لا في مثل المقام ، فإنّه مذكور في أثناء الجواب.

__________________

(١) أثبتناها من نسخة (د).

(٢) في نسخة (د) : فإنّ الابتداء به.

٥٣٥

ثمّ إنّ عموم التعليل لا دخل له بمسألة الجواب العام عن السؤال الخاص ، فذكر الفاء وكون العموم حكميّا إنّما يمنعان عن حمل الجواب على العموم في تلك المسألة ، لا مسألة عموم العلّة ، مثلا إذا قال القائل وقع في بئرنا إنسان فقال في الجواب فانزح سبعين ، أو قال انزح سبعين للإنسان ، يمكن دعوى عدم الحمل على العموم إلا بترك الاستفصال (١) ، ومسألتنا ليست من هذا القبيل كما هو واضح.

ثمّ إنّ هذا القائل لو استدلّ على جبر الشهرة للخبر الضعيف بأنّ قوله «خذ بما اشتهر» يشمل الخبر المعارض بخبر آخر سواء كان معتبرا أو لا ، وإذا وجب الأخذ بالخبر الغير المعتبر المعارض بآخر بمقتضى هذا الخبر ، فبمقتضى عدم القول بالفصل تثبت حجيّة الخبر الضعيف الغير المعارض بمثله أيضا ، بل هو أولى بالحجيّة كما لا يخفى! كان أولى (٢) ممّا ذكره ، مع الإغماض عمّا ذكرنا من أنّ المورد خصوص الخبرين المعتبرين وأنّ الكلام بعد الفراغ عن اعتبارهما في حدّ نفسهما.

وبالجملة : لا وجه للاستناد إلى المقبولة أو المرفوعة في إثبات حجيّة الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة ، ولو كانت روايته بأن كانت استناديّة فضلا عمّا لو كانت تطابقيّة فتوائيّة كما هو مقصود المستدل.

نعم ؛ يمكن إثبات حجيّة القسم الأول بآية النبأ (٣) ، حيث إنّ عمل المشهور بالخبر والاستناد إليه نوع تبيّن له ، بناء على أنّ المراد أعمّ من التبين الظنّي والقطعي ، وتمام الكلام في محلّه.

ثمّ إنّ مقتضى ما ذكره هذا القائل إمكان إثبات كون الشهرة الفتوائيّة موهنة للخبر المعتبر في حدّ نفسه ، وإن لم يكن له معارض ؛ لقوله «ودع الشاذ النادر ..» ، ولا قائل به فإنّ مجرّد الشهرة على الخلاف لا توجب عدم الحجيّة ، نعم بعض أفرادها ربّما

__________________

(١) الظاهر أنّ صحّة العبارة تتم ـ بنحو نفي النفي ـ بقوله : لا يمكن دعوى .. ، أو بحذف أداة الاستثناء.

(٢) هذه الجملة واقعة في جواب «لو» من قوله : لو استدل ...

(٣) وهي قوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ..) الحجرات ـ ٦ ـ ، وقد ناقش الشيخ في فرائده هذا الاحتمال من أعميّة التبين من التبين الظني والقطعي.

٥٣٦

يصير إلى هذا الحدّ ، ومعه لا حاجة إلى التمسك بهذا الخبر ، والغرض أنّه بناء على ما ذكره يلزم الحكم بعدم حجيّة كلّ خبر كانت الشهرة على خلافه ، وإن لم يكن موهونا من حيث هو بمجرّد هذه الشهرة فتدبّر.

واعلم أنّ شهرة الرواية لا توجب القطع بصدورها ، ولو كانت في جميع الطبقات ، إذا كان المراد منها كون الخبر معروفا عند الكل أو الجلّ ، وإن لم يكن بعنوان النقل عن الإمام عليه‌السلام أو عن أحد الرواة ، كأن يكون بحيث لو سئل عن كل واحد من الأصحاب المعروف عندهم الخبر لا ينقله عن الإمام بقوله سمعته يقول كذا ، أو عن الراوي كذلك ، بل يذكر الخبر من جهة مجرّد اشتهاره بين الأصحاب فإنّ مجرّد هذا لا يوجب القطع بالصدور عن الإمام عليه‌السلام ، أو عن بعض الرواة.

نعم ؛ لو كان المراد منها خصوص كون الخبر منقولا عن الإمام عليه‌السلام أو عن الراوي بحيث يكون كلّ واحد من الأصحاب يذكره على وجه النقل بقوله سمعت الإمام عليه‌السلام أو سمعت زرارة يقول كذا ؛ فهي توجب القطع في أي طبقة حصلت بالنسبة إلى تلك الطبقة ، سواء أريد منها [أنّ] (نقل الكل بأن يكون المراد من الشهرة الإجماع ، أو نقل الجلّ بأن يكون الأمر بالعكس ، لأنّ) (١) نقل المشهور للخبر يوجب القطع بصدوره عمن نقل عنه ، إذ هو أعلى من التواتر كما لا يخفى! لكن لا يكون من المتواتر ـ على هذا الفرض أيضا ـ في غير الطبقة الأولى ، وهي طبقة النقل عن الإمام عليه‌السلام ، إذ في الطبقات المتأخرة يمكن أن يكون جميع الناقلين ناقلين عن واحد من الرواة الناقلين عن الإمام عليه‌السلام أو عن الراوي السابق ، فمجرّد الشهرة في الرواية لا توجب كون الخبر متواترا وإن كانت على وجه النقل ، وكانت في جميع الطبقات ، فضلا عمّا لو كانت بالمعنى الأول ، أو كانت في بعض الطبقات ، نعم قد توجب التواتر إذا كان كلّ واحد من الطبقة اللاحقة ناقلا عن غير من نقل عنه الآخرون ، فما قد يتخيل من كون الرواية المشهورة قطعيّة الصدور أو كونها متواترة ليس في محلّه ؛ خصوصا إذا كانت في بعض الطبقات.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في النسخة (د).

٥٣٧

ومن هنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الأفاضل (١) من أنّ المراد من الشهرة الإجماع ، لقوله «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» ، قال : ولا داعي إلى حمل الإجماع على الشهرة ، وحينئذ فيكون الخبر المجمع عليه قطعي الصدور ، والخبر من الأول كان شاملا للقطعيين والظنيين ، فأرجع الإمام عليه‌السلام إلى صفات الراوي ، وبعد فرض التساوي أرجع إلى الأخذ بقطعي الصدور من جهة كونه مجمعا عليه ، وبعد فرض قطعيتهما أرجع إلى موافقة الكتاب ومخالفة العامة ، وبنى على هذا عدم كون الشهرة الفتوائيّة مرجّحة ولا جابرة ، بعد ما استدلّ على كونها مرجّحة وجابرة بما مرّ من كون حذف المتعلّق مفيدا للعموم ، ومن أنّ مقتضى التعليل التعميم ، وإلا لزم اللغويّة ، فقال : إنّ ذلك كلّه مبني على كون المراد من المجمع عليه المشهور ، ومن عدم الريب عدم الريب النسبي ، وأمّا على إرادة المجمع عليه من المشهور حسبما ذكر ، ولازمه إمكان كون نفي الريب حقيقيا فلا.

[ثم] قال : نعم المرفوعة سليمة عن هذا الإشكال لعدم ذكر لفظ المجمع عليه فيها ، مع أنّه بعد ذكر الشهرة ذكر فيها صفات الراوي ، فيعلم من ذلك عدم كون المراد من الشهرة الإجماع ، فيمكن دعوى دلالتها على كون الشهرة الفتوائيّة مرجّحة إلا أنّها ضعيفة السند ، لكن لا يضرّ ذلك ؛ لأنّها منجبرة بالشهرة ، حيث إنّ المشهور على الترجيح بالشهرة الفتوائية ، وهذا كاف في جبر سندها ؛ لأنّ جبر الشهرة الفتوائيّة للخبر الضعيف بمقتضى القاعدة ، وإن لم تكن باستناد إلى ذلك الخبر ، وحينئذ فنأخذ بالمرفوعة ، ونحكم بكون الشهرة الفتوائيّة مرجّحة بالبيان السابق : من أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم.

قلت : قد عرفت أنّ مجرّد الشهرة في الرواية ـ وإن كان المراد منها الإجماع ـ لا توجب القطع بالصدور إلا إذا كانت في جميع الطبقات ، وكانت بمعنى نقل الأصحاب للرواية ، لا بالمعنى الأول الذي ذكرنا ، ويؤيد ذلك ذكر صفات الراوي في المرفوعة بعد ذكر الشهرة.

__________________

(١) الدرر النجفيّة : ١ / ٣١٤ ـ ٣١٥ ، وكذا احتمله الميرزا الرشتي في خاتمة بدائعه : ٤٤٠.

٥٣٨

ثمّ إنّ ما ذكره في المقام ـ من أنّ الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة إنّما هو بعد فرض قطعيّة صدور الخبرين ـ مناف لما مرّ منه من أنّ أخبار التراجيح (١) لا تشمل القطعيّات ، وأنّ الرجوع إليها إنّما يكون في الأخبار الظنيّة سوى مخالفة العامّة ؛ بناء على كون الوجه هو الحمل على التقيّة.

وما مرّ منه من أنّ المراد من عدم الريب الظن ؛ لأنّه أقرب المجازات إلى نفي الريب الحقيقي أي المعلوم.

ثمّ إنّ جبر الشهرة التطابقيّة الفتوائيّة للخبر الضعيف لا دليل عليه ، فلا وجه لدعوى كونه بمقتضى القاعدة ، بل إثبات كون الشهرة الفتوائيّة مرجّحة لأحد الخبرين أسهل منه ، فلا حاجة إلى التمسك فيه بالمرفوعة بالوجه المذكور بعد هذه الدعوى التي لا بيّنة عليها ، كيف؟ ولو كان بمقتضى القاعدة لم يحتج إلى الإتعاب في دلالة المقبولة عليه بما مرّ من لزوم اللغويّة ، على ما عرفت منه ؛ فتدبّر!.

ثمّ اعلم أنّ الشهرة في الرواية قد توجب سقوط الخبر الشاذ عن الحجيّة فيكون الأخذ بتلك الرواية من جهة عدم حجيّة الشاذ من حيث هو ، لا من باب الترجيح ، وقد لا تبلغ إلى هذا الحدّ فيكون الأخذ من باب الترجيح ، والظاهر شمول المقبولة والمرفوعة لكلتا الصورتين ، وإن كانت الأولى خارجة عن باب الترجيح في الحقيقة ؛ لأنّ موردهما وإن كان خصوص الخبرين المعتبرين المتعارضين إلا أنّه لا يلزم أن يكون الخبر المطروح باقيا على شرائط الحجيّة ، ولو بعد ملاحظة المرجّح.

نعم ؛ يعتبر كونه واجدا لشرائطها في حدّ نفسه ، مع قطع النظر عن ملاحظة المرجّح ، ولذا ذكرنا أنّ مفروض السائل في المقبولة الخبران المتعارضان الواجدان لشرائط الحجيّة ، فلا يشمل الخبر الغير المعتبر المعارض بآخر ، فالمقام نظير قوله «خذ ما وافق الكتاب واطرح ما خالفه» ، حيث إنّه يشمل المخالف الذي لو كان بلا معارض أيضا كان واجب الطرح ، من جهة مخالفته للكتاب على وجه التباين ، وإن كان خارجا عن باب الترجيح في الحقيقة ، فالمسئول عنه في المقبولة ؛ بل وسائر

__________________

(١) في نسخة (د) : الترجيح.

٥٣٩

الأخبار الخبران المعتبران من حيث هما ، مع قطع النظر عن ملاحظة المرجح ، وإن خرج أحدهما عن الحجيّة بعد ملاحظته فتدبّر!.

ثمّ إنّه لا إشكال في اعتبار المرجّحات المضمونيّة المنصوصة ؛ كالأفقهيّة وشهرة الرواية ، وأمّا غيرها ممّا ليس منهيّا عنه بالخصوص ، فكذلك بناء على المختار من التعدي عن المنصوصات من غير فرق بين الداخليّة كالنقل بالمعنى وشهرة الرواية بالمعنى المقابل للإجماع ـ بناء على (اختصاص المنصوصة بالإجماع ـ وكمخالفة العامّة ، والخارجية كالشهرة الفتوائيّة ـ بناء) (١) على عدم دخولها في المقبولة ـ كما عرفت ، والإجماع المنقول واللاخلاف (٢) .. ونحوها ؛ وذلك لأنّ جميعها يوجب قوّة في أحد الخبرين في طريقيته ، وقد عرفت أنّها الملاك في الترجيح ، فيكون أحد الخبرين موافقا للشهرة الفتوائيّة وإن لم تكن عن استناد نوع قوّة في ذلك الخبر ، وإن لم تكن حجّة بنفسها ؛ لأنّ الظنّ النوعي الحاصل منه أقوى من الآخر ؛ وهكذا ..

ولكن يظهر من الشيخ المحقق في الرسالة الاستشكال في المرجّحات الخارجيّة كالشهرة وأخواتها ؛ لأنّ القدر المتيقّن من أدلّة التعدي هو المرجّح الداخلي الذي يوجب قوّة في نفس أحد الخبرين دون الخارجي الذي لا يكون معه الخبر أقوى من الآخر في نفسه ، لكنّه اختار اعتبارها أيضا بدعوى أولها إلى الداخليّة ؛ لأنّها تكشف ولو ظنا عن خلل في الخبر الآخر من حيث صدوره ، أو جهة صدوره ، فكان الخبر الموافق للمرجّح يكون أقوى في نفسه من حيث عدم وجود ذلك الخلل فيه.

قال (٣) : ثمّ الدليل على الترجيح بهذا النحو من المرجّح ـ يعني الأمارة المستقلّة غير المعتبرة كالشهرة وأخواتها ـ ما يستفاد من الأخبار من الترجيح بكل ما يوجب أقربيّة أحدهما إلى الواقع ، وإن كان خارجا عن الخبرين ، بل يرجع هذا النوع إلى المرجح الداخلي ، فإنّ أحد الخبرين إذا طابق أمارة ظنيّة فلازمه الظن بوجود خلل

__________________

(١) ما بين القوسين ليس موجودا في النسخة (د).

(٢) هكذا في النسخة أو قريب منها وكذلك في نسخة (د) ؛ فيكون المعنى مثل دعوى عدم الخلاف والتي هي قريبة من دعوى الإجماع على بعض المباني.

(٣) فرائد الأصول : ٤ / ١٤٠.

٥٤٠