كتاب التّعارض

آية الله السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي

كتاب التّعارض

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي


المحقق: الشيخ حلمي عبد الرؤوف السنان
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات مدين
المطبعة: الظهور
الطبعة: ١
ISBN: 964-8901-05-8
الصفحات: ٦٢٥

بالطرق ببعض دون بعض ، وإلا فيتطرق البحث إلى الأحكام الواقعيّة الأوليّة أيضا ، فإنّها أيضا لا تتعلق بالجاهل القاصر عن معرفتها ، فكما أنّ العامي مكلّف بالصلاة كالمجتهد ، فكذا مكلّف بالعمل بالخبر السليم عن المعارض ، أو بأحد الخبرين ، أو بأقواهما ، أو غير ذلك من سائر الأحكام الظاهريّة المجعولة للشاكّ والجاهل بالأحكام ـ أصلا كان أو طريقا ـ فإنّها كالأحكام الواقعيّة متعلّقة بالجميع ، لكنّها لا تتنجز إلا بعد إمكان العلم ، وإمكان الرجوع إلى العالم ، ففي أصل تعلّق الأحكام لا فرق بين الناس ، وكذا لا فرق في عدم تنجزها مع العجز ، وفي تنجزها مع إمكان العلم بلا واسطة كالمجتهد ، أو معها كالمقلّد.

وحينئذ فاللازم على المجتهد بيان حكم الواقعة للمقلّد ، ومن الواضح أنّ حكمها هو التخيير ؛ فكيف يفتي بالمعيّن الذي ليس هو حكم الله ؛ لا في حقه ولا في حق مقلّده ، فبحمد الله اتضح الحال ، ولم يبق للتأمّل فيه مجال.

ثمّ ذكر أنّه لا عبرة بنظر المقلّد إذا خالف نظر المجتهد ، وعلله بأنّه مكلّف بالرجوع إلى العالم ، لأنّ نظره ساقط عن الاعتبار ، فعليه التقليد في حكم المسألة ساعد نظره نظر مفتيه في بعض المقدمات أم لا ، إلا أنّه إذا قطع بفساد بعض مقدمات المجتهد يجب عليه تقليد غيره.

أقول : ظاهر كلامه كما ترى! دعوى الشركة في جميع المسائل (١) الأصوليّة ، ولو ما تعلّق منها بالاستنباط ، وقد عرفت حاله.

ثمّ أقول : يرد على ما ذكره (٢) من الابتناء منع ذلك ؛ فإنّ المسألة إذا كانت أصوليّة لا يجوز التقليد فيها ، ولو قلنا بالشركة حسبما عرفت ، وما ذكره (٣) هذا الفاضل من أنّه لا عبرة بنظر المقلّد إذا خالف المجتهد في بعض المقدّمات ، وأنّه لا يعمل بمقتضى نظره وإن كان قاطعا ؛ بل عليه التقليد في حكم المسألة ـ أي المسألة الفرعيّة ـ ناظر إلى هذا ؛ لأنّ اعتماده (٤) على نظر نفسه مستلزم للتقليد في المسألة الأصوليّة بالنسبة

__________________

(١) في نسخة (ب) و (د) : المطالب.

(٢) ورد في النسخة (ب) و (د) : ذكراه.

(٣) من هنا إلى قوله «إذا خالف المجتهد» يوجد اختلاف مع النسخة (ب) بالتقديم والتأخير.

(٤) في نسخة (د) : الاعتماد.

٢٨١

إلى سائر المقدمات ، فإنّ المفروض أنّه ليس مجتهدا فيها (١) ، فلا وجه لجزمه بأنّ المفتي يفتي بالتخيير ؛ مع أنّ التخيير مسألة أصوليّة وإذا جاز للمقلّد العمل بها فكيف لا يجوز له (٢) العمل برأيه في بعض المقدمات إذا خالف المجتهد.

فإن قلت : لعلّ نظره إلى أنّ التخيير مسألة فرعيّة ؛ فإنّه (٣) قائل بالتخيير العملي ، ولازمه كونه مسألة فرعيّة.

قلت : فلا وجه لتفريعه ذلك على الشركة في الأصول (٤).

ثمّ إنّه ممّا ذكرنا أيضا أنّه لا وجه لما يظهر من الشيخ (قدس سرّه) (٥) من ابتناء عدم جواز اعتماد المقلد على نظره في أعدليّة الراوي على مسألة الشركة أنّ الوجه في عدم العبرة بنظره كون العلاج بالترجيح مختصا بالمجتهد ، وذلك لأنّه ليس ذلك لما ذكر من عدم الشركة ؛ بل لما عرفت من أنّه مستلزم للتقليد في سائر المباني ، وهي مسألة أصوليّة لا يجوز التقليد فيها.

وجه الاستلزام : أنّ المفروض أنّه لا يأخذ الفتوى من المجتهد في المسألة الفرعيّة ؛ لأنّ المجتهد يأخذ بالخبر الآخر مثلا فلا يحكم بالتخيير ؛ وهو يقول بأعدليّة راوي هذا الخبر ، فإذا اعتبر نظره فلا بدّ من القول بالتقليد في سائر المقدمات.

وفيه ما لا يخفى (٦) أنّه لا وجه لقياس التخيير على الترجيح ، وأنّ اختيار أحد الخبرين المتعادلين مثل تعيين أحدهما بمثل (٧) المرجّحات ، فله الاختيار ، نظير العمل بالأرجح (٨) ، لا نظير تحصيل الأرجح ؛ بل نظيره تحصيل (٩) الترجيح بإعمال

__________________

(١) من قوله «بالنسبة ـ إلى قوله ـ فيها» لم ترد في نسخة (د).

(٢) في النسخ : لا يجوزه .. ، والصواب ما ذكرناه.

(٣) في نسخة (د) : لأنّه.

(٤) قد أورد في نسخة (د) ما كان قد أشرنا له سابقا من عدم وجوده فيها وهو قوله «بالنسبة إلى سائر المقدمات فإنّ المفروض أنّه ليس مجتهدا فيها».

(٥) أثبتناه من نسخة (د).

(٦) في نسخة (د) هكذا : ... في سائر المقدمات. ثمّ لا يخفى أنّه لا يعتبر ...

(٧) في نسخة (ب) و (د) : بإعمال.

(٨) في نسخة (ب) و (د) : بالخبر الأرجح.

(٩) ورد في نسخة (ب) و (د) : بدل «تحصيل الترجيح» «تحصيل التخيير».

٢٨٢

الأدلة الدالّة على أنّ المكلّف مخيّر ، ولعل الغرض المقايسة في مجرّد كونها (١) مسألة أصوليّة ، وإن كان أحدهما متعلّقا (٢) بالاستنباط والآخر بالعمل بالاستنباط.

وكيف كان فتحقيق المطلب أنّه لو قلنا إنّ التخيير بين الخبرين واقعي من جهة كون ما اختار من باب السببيّة وأنّه نظير تزاحم الواجبين ؛ فلا إشكال في أنّه يتخير المقلّد أيضا كالمجتهد ؛ لأنّه مثل التخيير في خصال (الكفارة) (٣) ، وكيف؟ وكأنّه تخيير في المسألة الفرعيّة ، بل هو كذلك ، إذ المفروض أنّ نفس العمل بالخبر مشتمل على مصلحة ، والمطلوب نفسي لا مقدمي ، وهذا واضح ، وكذلك لو قلنا ـ بناء على كونه ظاهريّا ـ أنّه عملي ؛ بمعنى أنّ في موضوع تعارض التخيير ـ مثلا ـ لطريقين (٤) حكم الشارع بالتخيير في مقام العمل ، فلو أفاد أحدهما الوجوب والآخر الحرمة فهو مخيّر بين العمل (٥) والترك ، ولو أفاد أحدهما وجوب شيء ، والآخر وجوب شيء آخر فهو مخير بينهما ، لا أنّه يبني على أحدهما ويعمل بمقتضاه ، حتى إنّه ينوي الوجوب لو أخذ ما دلّ عليه ، والحرمة لما دلّ عليها.

وفي الصورة الثانية ينوي الوجوب التعييني الذي هو مفاد كلّ واحد ، فبناء على التخيير العملي (٦) لا يجوز نيّة الإتيان بعنوان الوجوب ، أو الترك (٧) بعنوان الحرمة ، وفي الصورة الثانية (٨) ينوي الوجوب التخييري (٩) ولا يجوز نيّة الوجوب التعييني ، ووجهه أيضا (١٠) واضح ؛ لأنّه يرجع إلى التخيير في المسألة الفرعيّة ، ولا أخذ حينئذ بالخبر حتى تكون أصوليّة.

__________________

(١) في نسخة (ب) و (د) : كونهما.

(٢) في نسخة (د) : يتعلق.

(٣) أضفناها من نسخة (ب) و (د) ، وليس بعدها كلمة «وكيف».

(٤) في نسخة (ب) و (د) : الخبرين والطريقين ، وليس فيهما كلمة «التخيير مثلا».

(٥) في نسخة (د) : الفعل.

(٦) أثبتنا الكلمة من نسخة (ب) ، وكانت في الأصل العمل.

(٧) في نسخة (د) : والترك ...

(٨) هكذا في النسخة ، والصواب : الثالثة.

(٩) في النسخة (د) : التعييني ، كما لا توجد العبارة التي بعدها ، بل يتلوها مباشرة : ووجهه.

(١٠) لا توجد كلمة «أيضا» في نسخة (ب).

٢٨٣

وأمّا لو قلنا بالتخيير الأخذي فتبتني المسألة على أنّ اختيار أحد الخبرين هل هو من تتمة الاستنباط والاجتهاد ، وأنّه لم يتحصل للمجتهد دليل معتبر إلا بعد أخذ أحدهما؟ أو أنّه بعد ما فهم أنّ الشارع حكم بالتخيير في صورة التعادل ، وأنّهما متعادلان فقد تمّ اجتهاده وبقي العمل ، فيكون حاله حال من ترجّح عنده أحد الخبرين ، أو وجد خبرا بلا معارض في أنّه تمّ اجتهاده وبقي عمله ، كما أنّه على الأول ـ بعد الأخذ ـ يصير مثل من كان عنده خبر بلا معارض ، وقبله لا حجّة له فأخذه يجعل الخبر حجّة ؛ غاية الأمر أنّه قبل الأخذ له أن يأخذ كلّا منهما بعنوان الحجيّة ، فلهما هذه الشأنيّة ، لا أنّهما حجّتان بالفعل ، فعلى الأول لا يكون المقلّد مخيرا إلا (١) أنّ الحكم الشرعي بعد لم يتحقق للمجتهد حتى يقلّده العامي ، ولا يجب (٢) التقليد في الأصول خصوصا فيما يتعلّق بالاستنباط ممّا ليس وظيفة للعامي أصلا.

وعلى الثاني ؛ فيمكن أن يقال إنّه مخيّر ؛ لأنّ المفروض أنّه إذا بنى على أنّ الخبرين المتعادلين حكم الشارع بالتخيير بينهما فيكون فارغا عن الاجتهاد ، ويجب عليه العمل ، والمقلّد شريك معه في مقام العمل ، نظير ما لو تعيّن عنده خبر.

ويمكن أن يقال : إنّ التخيير بينهما مسألة أصوليّة ، ولا يجوز التقليد فيها فلا يجوز الإفتاء بالتخيير وإن تمّ الاجتهاد وبقي العمل ؛ إذ المفروض أنّ الواجب هو الأخذ بأحدهما.

ودعوى أنّ التخيير في المسألة الأصوليّة مستلزم للتخيير في المسألة الفرعيّة فيفتي بالتخيير من هذه الجهة لا بلحاظ أنّه مسألة أصوليّة.

مدفوعة بمنع الاستلزام ؛ فإنّه وإن صدق عليه قبل اختيار أحدهما أنّه من جهة أنّه مخيّر في الاختيار فتخير (٣) في مفادهما أيضا ، وهو التخيير في المسألة الفرعيّة إلا أنّه من قبيل التخيير في إدخال نفسه في كل من الموضوعين ، فيلحقه كل من الحكمين ، وهذا ليس تخييرا ، فهو نظير كون المسافر مختارا في الإقامة والعدم ،

__________________

(١) في نسخة (ب) بدل كلمة «إلا أنّ» كتب «لأنّ».

(٢) في نسخة (ب) و (د) : ولا يجوز.

(٣) في نسخة (د) : فمخيّر.

٢٨٤

فبملاحظة هذا يصدق أنّه له أن يقصر أو يتم إلا أنّه ليس هذا من التخيير في المسألة الفرعيّة ، وهو القصر والإتمام ، بل على فرض الإقامة يجب الإتمام عينا ، وعلى فرض العدم يجب القصر كذلك.

فالإنصاف (١) أنّه فرق بين المقامين وأنّ ما نحن فيه ليس من قبيل ما ذكر من مثال القصر والإتمام ؛ وذلك لأنّ معنى الأخذ بالخبر ليس هو البناء على العمل به حتى يكون هناك أمور ثلاثة ـ الأخذ والعمل بالخبر والإتيان بالمؤدى الذي هو عين العمل إلا أنّه بلحاظ أنّه حكم فرعي والأول بلحاظ أنّه حكم أصولي ـ بل هاهنا أمران أحدهما العمل بالخبر من حيث إنّه دليل ، وهذا معنى الأخذ بالخبر ، والثاني العمل بمقتضاه الذي هو حكم فرعي ، وهما متحدان في الخارج والتفاوت باللحاظ ، كما ذكرنا ، وذلك كما إذا كان الخبر بلا معارض فإنّه بعد إثبات حجيّته ليس إلا العمل به الذي هو عين الإتيان بالمسألة الفرعيّة ففيما نحن فيه إذا بنى على حجيّة الخبرين مخيرا بينهما فليس عليه إلا الإتيان بمؤدى كلّ منهما مخيّرا على أنّه حكم الله ، فيرجع التخيير في المسألة الأصوليّة إلى التخيير في المسألة الفرعيّة ، كما أنّ وجوب العمل بخبر معينا عين العمل بمؤداه.

فإن قلت : فعلى هذا يرجع ما ذكرت إلى التخيير العملي مع أنّك بنيت على التخيير الأخذي.

قلت : لا ؛ لأنّ مقتضى التخيير العملي أنّه في الدوران بين الوجوب والحرمة مباح ، وفي الدوران بين وجوب الظهر والجمعة (٢) أنّهما واجبان تخييريان ، وما ذكرت ليس كذلك ، بل إمّا يأتي به وجوبا ، أو يتركه بعنوان أنّه حرام ، وفي المثال الثاني إمّا (٣) يأتي بالظهر عينا أو بالجمعة كذلك ، وحاصله أنّه مخيّر بين الواجبين العينيين أو بين الواجب والحرام.

والحاصل : أنّ الأخذ بالخبر والبناء عليه ليس شيئا وراء العمل على طبقه إن

__________________

(١) في نسخة (ب) و (د) : والإنصاف.

(٢) في نسخة (ب) و (د) : أو الجمعة.

(٣) في نسخة ب : «له» بدل «إمّا».

٢٨٥

وجوبا فوجوبا وإن حرمة فحرمة ، فلو قلنا بعدم الشركة في الأصول أو بعدم جريان التقليد فيها أيضا نقول : له لن يفتي بالتخيير ؛ لأنّه لازم التخيير في الأخذين الذي هو مسألة أصوليّة ، وهذا بخلاف مسألة الإقامة وعدمها ، حيث إنّ القصد وعدمه غير الإتيان بالقصر والإتمام (١) ، ولهذا لو صلّى بدون القصد والبناء على الإقامة أو العدم بطلت.

وأمّا فيما نحن فيه فمجرّد موافقة أحد الخبرين كافية في الصحّة ، ولا يحتاج إلى البناء كما في صورة كون الخبر بلا معارض ، فإنّه بعد العلم به وكونه واجب العمل لا حاجة إلى مئونة شيء وراء العمل على طبقه.

فتحصّل أنّ التحقيق أنّ الاختيار ليس من تتمات الاستنباط وإن كان الخبران (٢) حجّة فعليّة بعنوان التخيير ، وأنّ التخيير بينهما مسألة أصوليّة وأنّه لا شركة في الأصول بما هي ، بل باعتبار ملازمته للفروع ، وأنّه لا تقليد في الأصول ـ على فرض الشركة ـ إلا من حيث إنّه عين التقليد في الفروع ، ومع ذلك فالمقلّد مخير كالمجتهد.

وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وقع لما يمكن أن يتخيّل في المقام من أنّ المقلّد لا بدّ أن يكون موافقا للمجتهد في الحكم ؛ لأنّه تابع له ، وعلى الإفتاء بالتخيير يلزم المخالفة ؛ لأنّه يختار خلاف ما اختاره (٣) المجتهد ، والفرق بين المقام وبين خصال الكفارة إذا اختار المقلّد خصلة غير ما اختاره المفتي أنّ كلّا من الخصلتين ليس متعلقا لحكم على حدة ، بخلاف مقامنا ؛ فإنّ مفاد كل من الخبرين حكم على حدة ؛ لأنّ المفروض أنّ أحدهما دالّ على الوجوب مثلا ، والآخر على الحرمة .. وهكذا ، وذلك لأنّ التبعيّة في أصل التخيير بين الحكمين كافية ولا يحتاج إلى أزيد من ذلك ، وإن شئت فقل إنّ التخيير إنّما هو بين الإتيان بعنوان الوجوب ، والترك بعنوان الحرمة فهذان الأمران نظير الخصلتين في أنّهما موردا الوجوب التخييري ، وإن كانت خصوصيّة كلّ منهما أيضا حكما شرعيّا ، فتدبّر.

__________________

(١) كلمة «والإتمام» لا توجد في نسخة (ب) وفي نسخة (د) : والتمام.

(٢) في نسخة (د) : وأنّ كلا الخبرين.

(٣) في نسخة (ب) : نختار ، وفي نسخة هكذا : لأنّه قد يختار خلاف مختار المجتهد.

٢٨٦

ثمّ لازم (١) ما ذكرنا من البيان أنّه يجب الإفتاء بالتخيير ولا يجوز الإفتاء بالمختار ؛ لأنّه إلزام بأحد الطرفين من غير ملزم ، وهو خلاف حكم الله.

فإن قلت : لازم ذلك عدم جواز التعيين في مقام القضاء أيضا ؛ لأنّ الحكم الشرعي إذا كان هو التخيير فكيف يقضي بخلاف حكم الله؟

قلت : إنّا نقول (٢) في صورة (٣) النزاع : التخيير ـ الذي هو حكم الله ـ مختص بالقاضي ، ولا يكون المترافعان مخيّرين ، بل يجب عليهما البناء على ما عينه القاضي ، فأدلّة التخيير غير شاملة لهما أصلا ؛ للزوم التشاجر ، بل أقول ـ بعد تعيين القاضي ـ ليس عملهما بالخبر الذي اختاره القاضي ، بل عليهما العمل بحكمه.

والحاصل : أنّ أدلّة التخيير خاصّة بغير صورة النزاع ؛ لأنّه لا يمكن التخيير فيها ، نعم هي شاملة للقاضي ؛ لأنّ القضاء عمله الخاص به ، فموضوع التخيير في هذه الصورة شخص خاص لا كل المكلّفين ، نعم غيره أيضا شريك معه لا في واقعة النزاع ، بل في سائر الوقائع ، فتدبّر إن كانت مماثلة لواقعة النزاع (٤).

فظهر من ذلك كله وجه القول بتعيين الفتوى بالمختار ، والقول بتعيين الفتوى بالتخيير.

وأمّا وجه القول بالتخيير بين الأمرين ـ وهو مختار شارح الوافية (٥) على ما يظهر منه ـ فهو أنّ كلّا من التخيير والمختار حكم شرعي ، فله الإفتاء بكلّ منهما سواء قلنا إنّ التخيير راجع إلى المسألة الفرعيّة أم لا ، أمّا على الثاني فواضح لكنّه يتوقف على جواز الفتوى بالمسألة الأصوليّة والتقليد فيها بعد الحكم بالاشتراك ، وأمّا على الأول فلأنّه كان (٦) هناك حكمان فرعيّان أحدهما التخيير بين الإتيانين والثاني

__________________

(١) في نسخة (د) : ثمّ إنّ لازم.

(٢) في نسخة (ب) : لا نقول ...

(٣) في نسخة (د) : إنّ في صورة.

(٤) في نسخة (ب) هكذا : إن كانت مماثلة لواقعة النزاع فتدبر ، وفي (د) مثلها إلا أنّه كتبت : وإن

(٥) الوافية : ٣٣٤.

(٦) كلمة «كان» لا توجد في النسخة (ب) ، وفي نسخة (د) : كأنّه.

٢٨٧

خصوص (١) كلّ منهما من حيث إنّه مفاد خصوص كل من الخبرين ، فتدبّر.

ثمّ إنّا وإن أطلنا زمام الكلام في المقام إلا أنّه ـ بحمد الله العلّام ـ أوضحنا سبيل المسألة وأطرافها بالتمام ، فعليك بالأخذ والاغتنام.

[التخيير بدوي أم استمراري؟]

[التنبيه] الثاني (٢) : هل التخيير في الخبرين بدوي أو استمراري ، وجوه (٣) :

ثالثها : أنّه بدوي إلا مع قصد الاستمرار.

ورابعها : العكس ؛ يعني أنّه استمراري إلا مع قصد البدويّة ، وربما ينقل هنا احتمال آخر وهو التفصيل بين مقام الحاجة فبدوي ، وبين ما قبل زمان الحاجة فاستمراري.

وأنت خبير بأنّ هذا الاحتمال إنّما هو من فروع القول بالبدويّة ، فإنّه بعد البناء عليها لا بدّ من بيان أنّ المدار على مجرّد الأخذ ، أو مجيء زمان الحاجة ، أو على العمل ؛ بمعنى أنّه قبله له الرجوع لعدم اللزوم بمجرّد الأخذ ، أو بمجرّد مجيء زمان الحاجة.

وكيف كان ؛ الحق وهو (٤) القول بأنّه استمراري مطلقا ؛ وذلك لأنّ الدليل عليه إمّا الأخبار أو حكم العقل ـ بناء على أنّ مقتضى القاعدة هو التخيير (٥) ـ وعلى التقديرين فهو استمراري.

أمّا على الأول ؛ فلأنّها مطلقة في التوسعة والتخيير ، ومقتضاها ذلك ، خصوصا

__________________

(١) في نسخة ب هكذا : والثاني في خصوص ...

(٢) تقدّم التنبيه الأول منها في ص ٢٧١.

(٣) أحدها : أنّه بدوي مطلقا ، وثانيها : أنّه استمراري مطلقا.

(٤) في نسخة (ب) و (د) : هو.

(٥) الوجه في التقييد بهذا البناء هو أنّه لو كان التخيير على خلاف القاعدة لاقتصر فيه على مورد مخالفته للقاعدة ، ويرجع للقاعدة بما تفيده في تلك الموارد ، وليس في ذلك مشاحة من كون دليل التخيير عقليّا ؛ إذ هو من باب ضيق فم الركيّة ، فنفس حكم العقل من الأول وجد ضيّقا ، لا أنّه تخصيص في حكم العقل والممنوع منه الثاني لا الأول.

٢٨٨

مثل قوله عليه‌السلام : «.. حتى ترى القائم» (١) وقوله عليه‌السلام : «.. فهو في سعة حتى يلقاه» (٢) ، بل هذا هو الظاهر من قوله عليه‌السلام «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (٣) ، فإنّه يظهر فيه أنّ الوجه هو التسليم ، ومن المعلوم أنّه حاصل بالاستمرار ، بل للتسليم فيه بظهور بدوي من كونه بدويا (٤).

ودعوى : أن ظاهر قوله عليه‌السلام في مرفوعة زرارة (٥) : «إذن فتخير أحدهما ، فتأخذ به وتدع الآخر» البدويّة ، حيث إنّ (٦) ظاهره دوام الأخذ ودوام الترك.

مدفوعة : (٧) بأنّ المراد أنّه يجب الأخذ بأحدهما فقط في مقابل الأخذ بهما وتركهما ، فليس إلا في مقام بيان مجرّد التخيير ، غاية الأمر إهماله من حيث الاستمرار وعدمه ، ولا يضر بعد دلالة تلك الأخبار على ما ذكرنا.

(وما يقال) (٨) من أنّ الأخبار مسوقة لبيان وظيفة المتحيّر في ابتداء الأمر ، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى حال المتحيّر بعد الالتزام بأحدهما.

مدفوع : بمنع ذلك بعد ما عرفت من قوله عليه‌السلام «.. حتى ترى القائم» ، فإنّ مقتضى التوسعة إلى زمان القائم كونه استمراريّا ، وإلا فهو مثل التعيين في كونه ضيقا حيث إنّه إذا أخذ من أحدهما (٩) من أول وهلة (١٠) فلا يجوز له الأخذ بالآخر ؛ ومجرّد جواز أخذه من أول الأمر لكلّ منهما لا يستلزم التوسعة المذكورة (١١) ، ولعمري إنّه واضح.

فإن قلت : إنّ الموضوع إذا كان هو المتحيّر فبأخذ (١٢) أحدهما يرتفع التحيّر ؛ لأنّه

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٤١.

(٢) الكافي : ١ / ٥٣ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ ، حديث ٥.

(٣) الاحتجاج : ٢ / ٣٠٤ ، الوسائل : الباب ١٣ من أبواب السجود ـ الحديث ٨.

(٤) جاء في نسخة (د) هكذا : بل التسليم فيه أظهر وأقوى من كونه بدويا.

(٥) عوالي اللآلي : ٤ / ١٣٣ ، حديث ٢٢٩.

(٦) في نسخة (ب) : إنّه ...

(٧) هذه العبارة قد كتبت في هامش النسخة المعتمدة ؛ وعقبت بكلمة «صح».

(٨) أثبتناها من نسخة (د).

(٩) في نسخة (ب) و (د) : بأحدهما.

(١٠) في نسخة (ب) و (د) : الوهلة.

(١١) في نسخة (ب) و (د) : المزبورة.

(١٢) في النسخ : فيأخذ.

٢٨٩

ينكشف له الواقع بمقتضى مفاد ذلك المأخوذ.

قلت :

أولا : لا نسلم أنّ الموضوع هو المتحيّر بل من تعارض عنده خبران بلا مزيّة لأحدهما ، وهذا المعنى صادق بعد الأخذ بأحدهما أيضا.

وثانيا : ـ على فرض التسليم ـ نقول : إنّ الموضوع هو المتحيّر في أنّ أيّا من الخبرين حقّ ، وهذا المعنى أيضا لا يرتفع بالأخذ ، إذ لا ينكشف به أنّه هو الحق ، أو نقول إنّ الموضوع هو المتحير في أنّ (١) الحكم الواقعي الأولي ما ذا؟ وهو باق.

فإن قلت : سياق الأخبار أنّ الموضوع هو المتحيّر في الأخذ وأنّ أيّا منهما يجب أخذه ؛ فإذا أخذ بأحدهما فقد ارتفعت حيرته من حيث الأخذ.

قلت : سلّمنا أنّ الموضوع ذلك ؛ لكنّ حيرته إنّما هي في أنّ أيّا منهما يجب أخذه من حيث صدقه أو من حيث حجيّته ، والأخذ بمجرّد الميل النفساني لا يرفع هذه الحيرة ، نعم لو كانت حيرته في الأخذ من حيث الميل النفساني فقد ارتفع بالأخذ ؛ لأنّه لا يعقل إلا بعد وجود الميل إلى أحدهما.

هذا مع أنّ الحيرة من حيث الأخذ إنّما ترتفع بحكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير فلا يحتاج إلى الأخذ أيضا.

والحاصل : أنّه ـ على فرض تسليم أنّ الموضوع هو الحيرة في الأخذ ـ فإن كانت الحيرة من حيث إنّ أيّا منهما واجب الأخذ واقعا فهي باقية بعد الأخذ أيضا ، وإن كانت الحيرة في مقام الأخذ (٢) فقد ارتفعت بمجرّد حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير ، وإن كان الحيرة من حيث الدواعي النفسانيّة فلا معنى له.

وأمّا على الثاني ؛ فلأنّ العقل ـ بناء على حكمه بالتخيير ـ إنّما يحكم من حيث إنّ مناط الحجيّة وهو المصلحة الموجودة في الخبر (٣) موجود في كلّ واحد ، وإذا كان كذلك ـ بناء على السببيّة ـ فلازمه الاستمرار ؛ لأنّ التخيير حينئذ نظير التخيير بين

__________________

(١) في نسخة (د) : هو التحير في الأخذ في أنّ الحكم ...

(٢) قد كتبت قبل هذه الكلمة : العمل ، ورسم عليه الحرف خ مكررا.

(٣) في نسخة (ب) : في هذا الخبر.

٢٩٠

الخصال ، بل لو حكم بالتخيير بناء على الطريقيّة ـ وإن كان خلاف التحقيق ـ فهو لوجود المناط وهو الإيصال النوعي إلى الواقع ، والظن النوعي في كل حين ، والمفروض أنّه موجود في كلّ منهما في كل حين ولازمه الاستمرار أيضا ، فلا يكون الخبر الآخر بعد أخذ أحدهما مشكوك الحجيّة في حكم العقل على البناء المذكور حتى يقال الأصل عدم حجيّته فهو نظير التخيير العقلي في تعارض الاحتمالين حيث إنّ العقل يحكم بالاستمرار أيضا.

وما يقال من أنّ العقل ساكت عن الأخذ بعد الاختيار فهو مبني على فرض عدم حكمه بالتخيير ، وأنّ حكمه مجرّد عدم طرح كليهما ، وإلا فبناء على حكمه فيحكم بما ذكرنا لا من حيث إنّ العقل لا يتخير في حكمه كما هو مذهب القائل ، بل لأنّ الواقع ـ كما ذكرنا ـ من حيث إنّ المناط معلوم.

هذا ولكنّ التحقيق عدم حكم العقل بالتخيير إلا بناء على السببيّة التي هي خلاف التحقيق كما عرفت مرارا ، وعلى فرضه أيضا يمكن الخدشة في استمراريّة التخيير من جهة احتمال أنّ المناط في حكم العقل العمل بكلّ من الخبرين على ما هو مفاده ، وهو كون الحكم كذا دائما ، فكون المصلحة في العمل بكل واقعة واقعة مشكوك ، فبناء على السببيّة ليس المقام من قبيل خصال الكفارة إلا في صورة العمل بكل من الخبرين دائما ، بل أقول بناء على حكم العقل بالتخيير على الطريقيّة كونه استمراريا أوضح ، وذلك للعلم بعدم (١) إناطة مصلحة الطريقيّة بالعمل دائما ، إذ الطريقيّة في كل واقعة ليست مقيّدة بأخرى بخلاف مصلحة سماع قول العادل ، فإنّها يمكن أن تكون خاصّة بما إذا عمل به في جميع الوقائع ، فتدبّر.

هذا ؛ وقد يستدل على المختار باستصحاب التخيير ، ولا بأس به بناء على عدم الإطلاق في الأخبار ، ولا يضره كون الشك في المقتضي بعد عدم الفرق عندنا في حجيّة الاستصحاب.

وما يقال من أنّ الموضوع هو المتحيّر وقد ارتفع التحير بالأخذ لا أقل من الشك في الموضوع ؛ وأنّه باق أم لا؟ فمدفوع بمنع ذلك بل الموضوع من تعارض عنده

__________________

(١) لا توجد كلمة «بعدم» في النسخة (ب).

٢٩١

خبران ، مع أنّ (١) التحير أيضا غير مرتفع كما عرفت.

فإن قلت : لعل الموضوع من لم يختر وإذا اختار أحدهما يرتفع الموضوع.

قلت : هذا الاحتمال مدفوع بملاحظة أنّ تشخيص الموضوع في الاستصحاب بيد العرف ، إذ الموضوع عندهم في مثل المقام هو الشخص المتعارض عنده خبران وهذا واضح.

وعن العلّامة في النهاية (٢) الاستدلال على جواز الحكم في واقعة أخرى على طبق الخبر الآخر بأنّه ليس في العقل ما يدلّ على خلاف ذلك ، ولا يستبعد وقوعه كما لو تغير اجتهاده ، قال : إلا أن يدلّ دليل شرعي خارجي على عدم جوازه كما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأبي بكر : «لا تقض في الشيء الواحد بحكمين مختلفين».

قلت : وظاهر هذا الاستدلال كما ترى! ويمكن أن يوجه بأنّ نظره إلى إطلاق الأخبار ، وغرضه عدم الرادع عن الإطلاق ، ويمكن أن يكون نظره إلى أنّ العقل إذا لم يجد مانعا عن التخيير الاستمراري بعد التأمّل في جهات الحكم فيحكم به ؛ لأنّ بناء العقلاء على العمل بما لم يجد العقل مانعا عنه ، وإن احتمل كونه ممنوعا تعبدا ، يعني أنّ دليل حجيّة الخبر كاف بعد عدم مضايقة العقل عن العمل به بعد العمل بالخبر الآخر.

هذا ولكنّه على الأول يرجع (٣) إلى التمسك بإطلاق الأخبار ، وعلى الثاني غير تمام (٤) كما لا يخفى ، وعلى فرضه فلا فرق بين الحكم والفتوى بل الفتوى أولى بالاستمراريّة (٥) من الحكم كما لا يخفى.

ثمّ إنّ ما نقله من الخبر غير معتبر ، وعلى فرضه يمكن أن يكون المراد عدم الحكم في واقعة واحدة جزئيّة بحكمين مختلفين .. يعني بحيث يرجع إلى نقض الحكم الأول ، فتدبّر.

__________________

(١) سقطت من النسخة (ب) كلمة «أنّ».

(٢) حكاه عنه الميرزا الرشتي في بدائع الأفكار : ٤٢٦.

(٣) في نسخة (د) : راجع.

(٤) كذا في النسخ ؛ والأصح : تام.

(٥) في نسخة (ب) : بالاستمراري.

٢٩٢

ثمّ إنّ هذا كلّه بناء على كون التخيير في المقام أخذيّا لا عمليّا ، وأمّا بناء على كونه عمليّا فلا ينبغي التأمّل في كونه استمراريّا ، إذ على هذا يرجع إلى الإباحة فيما لو كان أحد الخبرين دالا على الوجوب والآخر على الحرمة ، وإلى الوجوب التخييري بين الفعلين لو كان كلّ منهما دالا على وجوب شيء ، ولذا لا ينبغي الإشكال في استمراريّة التخيير بين الفعل والترك في صورة الاحتمالين ، وإن استشكل من جهة لزوم المخالفة القطعيّة ، لكن بعد الجواب عنه لا يبقى الإشكال.

ثمّ إنّه يمكن أن يستدلّ على البدويّة أيضا بوجوه :

أحدها : أنها القدر المتيقن بعد عدم الإطلاق ؛ لما ذكر من كون الموضوع المتحير الغير المختار ؛ إذ بعد اختيار أحدهما يشك في حجيّة الآخر ، والأصل عدم حجيّته ولازم هذا أن تكون حجيّة كلّ منهما مخيّرا في معنى حجيّة ما يختاره المكلّف وإلا فلا معنى لحجيّة كليهما وسقوط الآخر عن الحجيّة ، أو في معنى أنّ في كل منهما الحجيّة الشأنيّة ، بمعنى شأنيّة جعل كلّ واحد منهما حجّة ، فإذا أخذ بأحدهما فصار (١) هو الحجّة دون الآخر.

وفيه : ما عرفت من أنّ الإطلاق موجود مع بعد التزام أنّ الحجة خصوص ما اختار ، إذ ظاهر الأخبار حجيّة كليهما.

فإن قلت : لازم التخيير سقوط الآخر عن الوجوب كما هو الشأن في جميع الموارد ألا ترى أنّه إذا أتى بإحدى الخصال يسقط الوجوب عن البقيّة ، ففي المقام أيضا نلتزم بحجيّة كلّ منهما قبل الاختيار ، وسقوطها عن الآخر بعده.

قلت : سقوط الوجوب في سائر المقامات إنّما يكون بعد العمل بمقتضى التخيير وعدم بقاء محلّ للآخر ، وفي المقام يلزم السقوط مع بقاء المحلّ بالنسبة إلى سائر الوقائع ؛ نعم في تلك الواقعة لم يبق محل للعمل بالآخر ، فتدبر.

الثاني : استصحاب الحكم المختار.

وفيه : أنّه معارض بما هو حاكم عليه من استصحاب بقاء التخيير مع أنّ الإطلاق يمنع عن العمل بالاستصحاب ، وقد يجاب عنه بأنّ الكلام في تعيين ما اختار ، فلا

__________________

(١) هكذا ؛ والظاهر زيادة الفاء.

٢٩٣

يكون هناك حالة مطابقة (١) ، ولا يخفى ما فيه ؛ لأنّه إذا بنى على العمل بأحد الخبرين فقد ثبت في حقّه مفاده ، وهو الوجوب أو الحرمة أو نحوهما ، ومع الشك في ارتفاعه (٢) بالعدول إلى الآخر .. الأصل بقاؤه ، نعم إذا بنينا على كون التخيير عمليّا صحّ منع الاستصحاب ، لكن قد عرفت أنّه خلاف مقتضى الخبرين ، مع أنّه على تقديره لا شك في الاستمراريّة.

الثالث : ما عن المفاتيح (٣) من أنّه يلزم ـ بناء على الاستمراريّة (٤) ـ ترك الواجب لا إلى بدل ، إذ لو أخذ بالخبر الدال على الوجوب فقد وجب عليه أبدا ومع (٥) العدول إلى الآخر يلزم ترك الواجب مع عدم البدل ؛ إذ مفاد الخبر الآخر ليس بدلا عنه خصوصا إذا كان هو جواز الترك أو وجوبه.

والجواب : أنّ هذا ليس من ترك الواجب بل من إدخال النفس تحت موضوع لا يجب عليه الفعل ، وهو مخيّر بين الموضوعين ، كما إذا سافر من وجب عليه الصوم فإنّه لا يقال إنّه ترك الصوم الواجب ، وهذا واضح.

وقد يجاب بأنّ وجوب المختار السابق على وجه التعيين أول الكلام ، مع أنّ ما ذكره من أنّه ترك الواجب لا إلى بدل كما في التخيير الواقعي واضح الضعف ؛ لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة التخيير ثبوت التخيير بينهما واقعا ، وإن كان موضوعه ومحلّه تعارض الخبرين ، فيكون كلّ منهما بدلا عن الآخر كما في الخصال.

قلت : لا يخفى (٦) ما في هذا الجواب ؛ فإنّ الترك كيف يكون بدلا عن الواجب إذا كان مفاد الآخر الحرمة ، مع أنّ التزام التخيير الواقعي لا معنى له كما لا يخفى ، بناء على اعتبار الأخبار من باب الطريقيّة كما هو مذهب القائل ، فالجواب هو ما ذكرنا.

الرابع : ما اختاره بعض من أنّه لو جاز العدول لم يبق للتخيير فائدة ، قال بعض

__________________

(١) في نسخة (د) : سابقة.

(٢) في نسخة (د) : ارتفاعهما.

(٣) مفاتيح الأصول : ص ٦٨٦ س ٩.

(٤) في نسخة (د) : استمراريته.

(٥) في نسخة (ب) : أو مع ...

(٦) لم ترد كلمة «لا يخفى» في نسخة (د).

٢٩٤

الأفاضل : وهو جيّد كما نبّهنا عليه في صدر الباب (١) حيث وجّهنا كلام المانعين عن جواز تعادل الأمارتين ، لكنّه إنّما يتم فيما فرضه من المثال يعني فيما لو كان أحد الخبرين دالّا على الوجوب والآخر على الحرمة ، وأمّا في غيره كما في المعاملات أو في تعيين الواجب كالقصر والإتمام فلا ، كما هو ظاهر.

قلت : قد قدّمنا عدم سلامته ، وأنّه فرق بين الإباحة وبين التخيير بين الخبرين المذكورين ، فنمنع عدم الفائدة في التخيير مع أنّه لا فائدة أعظم من كون المكلّف ذا طريق إلى الواقع كما في الخبر الدالّ على الإباحة إذا لم يكن له معارض ، فإنّ كون مقتضى الأصل أيضا (٢) الإباحة لا يمنع عن حجيّة الخبر ، وهذا واضح غايته.

الخامس : أنّه يلزم من الاستمرار المخالفة القطعيّة في بعض الوقائع ، وهي غير جائزة.

وفيه : أنّه لا بأس بها مع كون كلّ من الواقعتين على حدة ومورد الرخصة (٣) الشرعيّة ، كإطلاق الأخبار في المقام أو الأصل الموجود فيها إذا أغمضنا عن الأخبار ، نعم مع قطع النظر عن الأخبار ، إذ (٤) فرضنا كون التكليف بكلّ من الواقعتين (٥) المتدرجتين منجّزا بأن يكون من قبيل الواجب المعلّق نمنع جواز المخالفة القطعيّة ، لكن هذا لا يصير دليلا على الكليّة ، مع أنّ الإطلاق إذا كان موجودا ـ كما هو المفروض ـ فلا يثمر أصلا.

السادس : ما يمكن أن يقال من أنّ المفروض التخيير بين الخبرين ، ومن المعلوم أنّ مفاد كلّ منهما كون الحكم كذا أبدا ، إذ حكم الله لا يختلف بالأزمان والأحوال فمقتضى الأخذ بكلّ منهما الأخذ به دائما ، والأخذ في بعض الأزمان ليس أخذا بالخبر ، فلا بدّ من كون التخيير بدويا ، وإلا فليس عاملا بواحد منهما.

وكذا نقول في التقليد أيضا إنّه لا يجوز العدول عن فتوى المجتهد ما دام باقيا على

__________________

(١) قوله «في صدر الباب» لم ترد في النسخة (د).

(٢) لا توجد كلمة «أيضا» في نسخة (د).

(٣) في نسخة (ب) (د) : وموردا للرخصة.

(٤) في نسخة (د) : لو.

(٥) في النسخ : الواقعيتين.

٢٩٥

شرائط الفتوى ، ولم يتبدل رأيه ، وأمّا في تعارض الاحتمالين فليس أخذا بخبر حتى يكون التخيير بدويا ، ومن هنا يظهر أنّ التخيير في المقام وفي التقليد بدوي بمقتضى القاعدة ، وفي الاحتمالين استمراري.

والإنصاف أنّ هذا الوجه تمام مع الإغماض عن إطلاق الأخبار ، وممّا ذكرنا يندفع (١) الاستبعاد السابق ـ بناء على البدويّة من لزوم حجيّة خصوص ما اختار أو سقوط الآخر عن الحجيّة بعد كونه حجّة ـ وذلك لأنّه إذا كان معنى العمل ما ذكرنا فيكون السقوط من جهة العمل بمقتضى التخيير ، ولا بأس به كما في سائر المقامات حيث لا يبقى محل للآخر (٢).

بقي الكلام في وجه التفصيل بين ما لو قصد الاستمرار وبين ما لم يقصده ، ويمكن أن يقال إنّه لو قصد الاستمرار فكأنّه لم يأخذ بالخبر بالنسبة إلى بقيّة الوقائع حتى يتعين عليه مفاده ، فالتخيير بعد باق بخلاف ما لو لم يقصده ، فإنّه يتعين في حقّه المختار (٣) ويرتفع تحيره ، وأمّا وجه العكس من أنّه (٤) لو قصد البدويّة فقد التزم بمفاد الخبر مطلقا فليس له العدول ، ومع عدمه فلا ، وإن لم يقصد الاستمرار أيضا ؛ لأنّ مجرّد الأخذ بالخبر لا يفيد تعيين المفاد مع عدم البناء على الالتزام به أبدا ، وفيها ما لا يخفى ؛ وهنا أمور :

الأول : نقل الشيخ (٥) في الرسالة (٦) عن بعض معاصريه أنّه استجود كلام العلّامة في كون التخيير للقاضي استمراريا ، مع أنّه منع العدول (٧) عن أمارة إلى الأخرى ، وعن مجتهد إلى آخر ، ثمّ قال بعد هذا النقل : فتدبّر.

أقول : (٨) الظاهر أنّ مراد ذلك المعاصر من الأمارة غير الخبر ففي الخبرين قائل

__________________

(١) في نسخة (د) : يظهر اندفاع.

(٢) أثبتناها من النسخة (ب).

(٣) في نسخة (ب) و (د) : في حقه مفاد المختار.

(٤) في نسخة (د) : فهو أنّه.

(٥) في نسخة (ب) : الشيخ رحمه‌الله.

(٦) فرائد الأصول : ٤ / ٤٤ ، والمستجود له هو صاحب مفاتيح الأصول : ٦٨٢ ، ٦٨٦.

(٧) في نسخة (ب) و (د) : عن العدول.

(٨) لا توجد في نسخة (د).

٢٩٦

بالاستمراري ولو بالنسبة إلى غير القاضي ، وليس غرضه اختصاص ذلك بالقاضي ، وأمّا أمر الشيخ بالتدبّر فلعلّه للإشارة إلى عدم الفرق بين المقامات ، والحق ما ذكره ذلك المعاصر ؛ لما عرفت من أنّ مقتضى القاعدة هو كون التخيير بدويّا ؛ لأنّ مفاد الخبر والأمارة ، وقول المجتهد إنّ الحكم كذا في جميع الوقائع فالعمل به لا يتحقق إلا بالدوام عليه ، وفي خصوص الخبرين وردت الأخبار الظاهرة في الاستمرار فلا بدّ من الرجوع في سائر الأمارات إلى القاعدة.

ويمكن أن يكون غرض الشيخ أيضا التأمّل لتحصيل (١) وجه الفرق.

الثاني : قال في الرسالة (٢) أيضا ـ بعد ما اختار كون التخيير بدويّا ، وأن لا إطلاق في الأخبار ، وأنّ العقل ساكت من هذه الجهة ، وأنّ الأصل عدم حجيّة الآخر بعد الالتزام بأحدهما ـ : نعم لو كان الحكم بالتخيير في المقام (٣) من باب تزاحم الواجبين كان الأقوى استمراره ؛ لأنّ المقتضي له في السابق موجود بعينه بخلاف التخيير الظاهري في تعارض الطريقين ، فإنّ احتمال تعيين ما التزمه قائم بخلاف التخيير الواقعي ، فتأمّل ، انتهى.

ومراده من كون التخيير من باب تزاحم الواجبين أنّه لو قلنا به من باب حكم العقل بناء على حجيّة الأخبار من باب السببيّة سواء تمسكنا بالأخبار في المقام أيضا أو لا ؛ لأنّ سكوت الأخبار لا ينافي دلالة العقل على الاستمرار من باب وجود المصلحة على وجه الاستمرار ، وليس مراده مجرد الإخبار على (٤) بيان التخيير الواقعي بناء على التمسك بها ، وهذا واضح ، وحينئذ فأمره بالتأمّل لعلّه للإشارة إلى أنّه يمكن أن يقال ـ بناء على كون المقام من باب التزاحم أيضا ـ أنّ المقتضي للعمل يقتضي العمل على وجه الاستمرار بأن تكون المصلحة مقيّدة بالعمل بكلّ واحد منهما دائما ، وإذا كان هذا محتملا فلا يمكن الحكم بالاستمراريّة ، فليس المقام من قبيل الخصال ، ويؤيده ما ذكرنا سابقا من أنّ معنى العمل بالخبر هو ذلك ، والمفروض أنّ المصلحة

__________________

(١) في نسخة (د) : في وجه الفرق.

(٢) فرائد الأصول : ٤ / ٤٤.

(٣) في نسخة (ب) : في المقام بالتخيير.

(٤) من قوله (من باب السببيّة ـ إلى قوله ـ على» لا يوجد في نسخة (د).

٢٩٧

إنّما هي في العمل بالخبر.

ويحتمل بعيدا أن يكون مراده في التخيير الظاهري بين الطريقين أيضا يمكن أن يقال بالاستمراريّة من جهة أنّ وجه حجيّة الخبرين حينئذ وجود مناط الحجيّة وهو الطريقيّة في كلّ منهما (١) ، فيكون كالتخيير الواقعي ، ويندفع معه احتمال التعيين فكأنّه استفدنا من الأخبار الدالّة على التخيير أنّ وجهه ومناطه ما ذكر ، فنحن وإن لم نقل بالتخيير من حيث القاعدة بناء على الطريقيّة ، وقلنا إنّ مثل هذا الظن النوعي لا يكفي في مقام الطريقيّة إلّا أنّا نقول بكفايته بعد ورود الأخبار ، فإنّ محملهما (٢) بعد العلم بأنّ حجيّة الأخبار من باب الطريقيّة هو ذلك ، وأنّ الشارع اكتفى بهذا المقدار.

ومن المعلوم تحقق هذا المعنى في جميع الوقائع ؛ فلا بدّ من كون التخيير استمراريّا ولو على الطريقيّة أيضا ، لا لإطلاق الأخبار بل لفهم المناط المقتضي لذلك فتدبّر!

وقال بعض الأفاضل (٣) في وجه التأمل : إنّه يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ موضوعات الأحكام أسباب لها سواء كانت واقعيّة مثل الخمر حرام ، أو ظاهريّة مثل كل شيء طاهر حتى تعلم ، والخبر حجّة فتعارض الخبرين موضوع وسبب للتخيير الظاهري الذي جعله الشارع ، وإن كان الخبر ـ بالقياس إلى مفاده ومدلوله ـ طريقا ؛ إذ الطريقيّة والسببيّة إنّما يلاحظان بالقياس إلى مدلول الخبر الذي هو طريق إليه لا بالقياس إلى ما هو موضوع له حتى لو نظمنا قياسا لجعلناه وسطا ، خلاف ما هو إليه طريق فحينئذ ينبغي الحكم بالاستمرار لوجود المقتضي السابق وهو تعارض الخبرين بعينه حسبما عرفته في التخيير الواقعي ، أو إشارة إلى أنّ العبرة في المقام بل في كلّ مقام من مقامات التخيير بإطلاق دليله ، حتى لو كان (٤) التخيير واقعيّا شرعيّا كما في خصال الكفّارة دارت استمراريّة التخيير فيه مدار إطلاق دليله ، فلو كان في الدليل قصور لا يحكم بالاستمرار في الواقعي أيضا ، بل يرجع إلى مقتضى

__________________

(١) في النسخة (ب) : في كل واحد منهما.

(٢) هكذا في النسخ ؛ ويحتمل رسمها : محملها.

(٣) بدائع الأفكار : ٤٢٦.

(٤) في نسخة (ب) : فيكونان حتى لو كان.

٢٩٨

الأصول ؛ فالعبرة في المقام بإطلاق أخبار التخيير وعدمه لا بكونه ظاهريّا أو واقعيّا ، انتهى.

أقول : ملخّص الوجه الأول أنّ حال الخبرين ـ بناء على الطريقيّة ـ كحال الموضوعيّة ، بل يرجع إليها ؛ وذلك لأنّ الخبر وإن كان طريقا إلى الواقع إلا أنّ موضوع التخيير ـ وهو التعارض ـ سبب له ، فيكون مثل تزاحم الواجبين في أنّه مخيّر بينهما دائما ؛ إذ ما دام الموضوع ـ وهو التعارض ـ بتحقق التخيير ففي الواقعة الثانية التعارض موجود ، فحكمه ـ وهو التخيير ـ لا بدّ أن يكون موجودا.

وأنت خبير بما فيه ؛ إذ لو فرضنا عدم الإطلاق في الأخبار كما هو مفروض الشيخ والمفروض أنّه بناء على الطريقيّة لا يعلم المناط والمصلحة في جميع الوقائع بخلافه بناء على السببيّة ، فلا يمكن الحكم بالاستمرار ولو كان الموضوع موجودا ؛ إذ يمكن أن يكون التعارض سببا للتخيير البدوي ، فمن أين نعلم الاستمرار ففي كل واقعة التعارض سبب التخيير (١) البدوي ، إذ التعارض الذي هو السبب هو التعارض الأولي ، ولم يتجدد بعد تعارض آخر حتى يتجدد تخيير آخر ، وهذا بخلاف التخيير في الخصال ؛ فإنّ السبب هو العصيان (٢) وقد تكرّر ، ولعمري إنّه واضح والحكم بالاستمرار من جهة ما ذكره نظير أن يقال : إنّ خيار الغبن استمراري وليس فوريا ، وذلك لأنّ موضوع الخيار ـ وهو بيع المغبون فيه ـ وهو متحقق دائما فينبغي أن يكون الخيار دائما ، وإن لم يكن الدليل مطلقا.

هذا وأمّا ما ذكره ثانيا في وجه التأمّل فأجنبي عن مقالة الشيخ (قدس‌سره) (٣) ؛ إذ نظره ليس (٤) إلى التخيير المستفاد من الأخبار بل إلى حكم العقل بناء على السببيّة ، ووجود المناط ولا دخل له بالإطلاق وعدمه ، ولعلّه فهم من كلام الشيخ أنّه يريد أن يتمسك بالأخبار ويحمل التخيير فيها على الواقعي ، نظير تزاحم الواجبين ، وقد عرفت أنّه ليس كذلك ، وإلا لم يحتج إلى التنظير بتزاحم الواجبين.

__________________

(١) في نسخة (د) : سبب للتخيير.

(٢) في نسخة (د) : وهو العصيان.

(٣) أثبتناه من نسخة (د).

(٤) لا توجد كلمة «ليس» في نسخة (د).

٢٩٩

ثمّ إنّ غرض الشيخ (قدس سرّه) (١) ليس الفرق بين مجرّد الواقعي والظاهري بل الواقعي الكذائي والظاهري ، وإلا فمن المعلوم أنّه لو لم يعلم المصلحة في المقام وأنّها بم تتحقق لا يمكن الحكم بالاستمرار إلا بقدر دلالة الأخبار ، فمع عدم الإطلاق (٢) لا يحكم بالاستمرار وإن كان مفادها التخيير الواقعي.

ثمّ إنّ ما ذكره من أنّ التخيير في الخصال أيضا يدور مدار الإطلاق أو أراد (٣) ذلك بالنسبة إلى ما لو فرض أنّه قال إذا فعلت كذا فافعل في كل يوم كذا وكذا (٤) وأنّه لو أراد أن يختار في اليوم الثاني خلاف ما اختاره في الأول (٥) فهو دائر مدار الإطلاق وعدمه فهو حقّ ، وإن كان مراده أنّه بالنسبة إلى سائر الوقائع لو أوجد ما يوجب الكفّارة فلا يجوز له اختيار خلاف ما اختاره في الكفّارة الأولى إلا مع وجود الإطلاق ففاسد ؛ إذ مقتضى حقيقة التخيير جواز اختيار كلّ منهما بعد دلالة الدليل على أنّ في كل مرّة أوجد الفعل الفلاني يجب عليه كذا وكذا مخيّرا ، ولا يحتاج إلى الإطلاق ، وهذا أيضا واضح.

الثالث : بناء على البدويّة هل المدار في تعيين المختار على مجرّد الأخذ أو مع مجيء زمان الحاجة ، أو مع الشروع في العمل ، أو على تمام العمل في واقعة واحدة وجوه لا يخفى وجهها ، وهذا نظير مسألة عدم جواز الرجوع عن التقليد.

ويمكن أن تبنى (٦) المسألة على أنّ معنى الأخذ (٧)

بالتخيير (٨) ما هو؟

والأولى أن يقال إنّ الحكم يختلف باختلاف مدرك البدويّة ، فإن جعلنا المدرك لزوم المخالفة القطعيّة أو أنّ معنى العمل هو العمل دائما وفي جميع الوقائع ،

__________________

(١) أثبتناه من نسخة (د).

(٢) في نسخة (د) : الإطلاق فيها.

(٣) في نسخة (د) : إن أراد.

(٤) في نسخة (ب) : أو كذا.

(٥) في نسخة (ب) : في اليوم الأول.

(٦) في نسخة (ب) : يبتني.

(٧) توجد بعدها كلمة «بالخبر» في نسخة (ب).

(٨) لا توجد هذه الكلمة في نسخة (د).

٣٠٠