تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

تحتها ، فلما وصلت أمر الشريف بنصبها حول المطاف ، فنصبت مدة قليلة ثم رفعت. انتهى فاسي باختصار (١).

وفي ثمانمائة [وثمانية](٢) وأربعين وصل الركب المصري ومعه رسول صاحب العجم بكسوة للكعبة وصدقة لأهل مكة ، فكسيت الكعبة ، وفرقت الصدقة (٣).

وفي تسعمائة [واثنين](٤) وعشرين كان اختراع ساعة الجيب.

وفي تسعمائة [وثلاثة](٥) وعشرين استقر أمر الحجاز ومصر إلى ملوك بني عثمان ، وأول من ملك منهم ذلك السلطان سليم الفاتح أخذ مصر من الغوري بعد حروب يطول شرحها (٦).

عجيبة : في آخر دولة الغوري بمصر جعل ناس من اللوطية ولدا أمرد ، ولبسوه مثل المرأة من الثياب الفاخرة لأجل الفحش ، فما مضى الليل حتى نزلت عليهم صاعقة أحرقتهم مع تلك الدور والرباع ، وذلك قريب من قنطرة السباع ، ومكثت النار شهرين لم يقدر أحد على إطفائها (٧). كذا في نزهة الأبصار.

وفي تسعمائة [وثمانية](٨) وخمسين من الحوادث الشنيعة : إظهار عزل

__________________

(١) العقد الثمين (٣ / ٣٦٠ ـ ٣٦١).

(٢) في الأصل : ثمانية.

(٣) إتحاف الورى (٤ / ٢٣٨) ، والإعلام (ص : ٢١٧) ، والنجوم الزاهرة (١ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥).

(٤) في الأصل : اثنين.

(٥) في الأصل : ثلاثة.

(٦) أخذ السلطان سليم الأول العثماني مصر من" طومان باي" عندما هزمه في الريدانية سنة ٩٢٣ ه‍. أما الغوري فقد هزمه سليم في مرج دابق في الشام قبل ذلك بسنة ، وقتل سنة ٩٢٢ ه‍.

انظر : إتحاف فضلاء الزمن (٣٥٨ ـ ٣٥٩) ، ومنائح الكرم (٣ / ٢٠٧) ، والإعلام (ص : ٢٧٧ ـ ٢٧٨) ، وسمط النجوم (٤ / ٦٥) ، وخلاصة الكلام (ص : ٥٠).

(٧) تاج تواريخ البشر (٣ / ٢٧٢).

(٨) في الأصل : ثمانية.

٨٤١

الشريف صاحب مصر من غير حضوره في تلك السنة ، فنهب الحاج بمنى وطريقها ، وقتل بعض العسكر ، ولو لا لطف الله ما رجع أحد من الحجاج. حكاه في درر الفرائد (١).

وفي تسعمائة [واثنين](٢) وستين كان اختراع طبع الحروف بحروف الأرمني.

وفي تسعمائة وخمسة وثمانين خرج أهل الإسلام من الأندلس (٣).

وفي تسعمائة [وأربعة](٤) وثمانين كانت عمارة المسجد الحرام. وقد تقدم شرح ذلك (٥).

وفي ألف واثنا عشر حدث شرب الدخان بمصر في زمن علي باشا الملقب بالنمر ، وكذلك ظهر التنباك والدخان بأرض الحجاز ومكة والشام في هذا التاريخ ، ولم يعرف قبل ذلك. كذا في خلاصة الأثر.

وفي ألف وتسعة وثلاثين كان سقوط جانب البيت الشامي وبناؤه (٦). تقدم شرح ذلك (٧).

وفي خمسين بعد الألف سوغ استعمال النشوق بإسلامبول.

__________________

(١) درر الفرائد (ص : ٥٩٠) ، وخلاصة الكلام (ص : ٥٤).

(٢) في الأصل : اثنين.

(٣) الأندلس : مدينة كبيرة فيها عامر وغامر ، طولها نحو الشهر في نيف وعشرين مرحلة ، تغلب عليها المياه الجارية والشجر والثمر والرخص والسعة في الأحوال ، وعرض الخليج الخارج من البحر المحيط قدر اثني عشر ميلا بحيث يرى أهل الجانبين بعضهم بعضا ، ويتبينون زروعهم وبيادرهم (معجم البلدان ١ / ٢٦٢).

(٤) في الأصل : أربعة.

(٥) ص : ٦٥.

(٦) تاج تواريخ البشر (٣ / ٢٧٩).

(٧) ص : ١٢٦.

٨٤٢

وفي ألف [وواحد](١) وخمسين اختراع صحائف الوقائع بأوروبا.

وفي ألف ومائة [وخمسة](٢) وثلاثين ظهور صنعة الطبع بالحروف التركية [واختراع](٣) البالون.

وفي ألف ومائتين وستة عشر كان ظهور الوهابية بالحجاز (٤) ، واستولوا على مكة والمدينة والطائف وأعمالهم بعد حروب وقعت بينهم وبين الشريف غالب ، وقطعوا من مكة الطعام مدة حتى قاسى أهل مكة من الجوع أشد ما يكون ، وهم فرقة معتزلة ، ينكرون حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قبره وكذا شفاعته ، وينكرون كرامة الأولياء ، حتى هدموا قببهم التي بمكة والمدينة ، ولم يقدروا على هدم قبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلا أنهم أخذوا ما في الحجرة الشريفة من الذخائر ، وكانوا يؤذنون بحيّ على خير العمل (٥) ، ومكثوا نحو سبع سنين ، وانقطع الحج العراقي والشامي والمصري والمغربي بمدتهم ، وكانوا يكسون الكعبة السواد من غير كتابة في الثوب ، ثم أخرجهم الحاج محمد علي باشا صاحب مصر من الحجاز ، وقتل منهم بالمدينة جماعة كثيرة حتى أخرجهم من أرض الحجاز ، وكبيرهم سعود سنة ألف ومائتين [وثمان](٦) وعشرين (٧).

وفيها : أرسل مفاتيح الحرم لإسلامبول.

__________________

(١) في الأصل : واحد.

(٢) في الأصل : خمسة.

(٣) في الأصل : اختراع.

(٤) تقدم التعليق على هذا في ص : ١٥٦. فانظره هناك.

(٥) هذه من تجني المؤلف على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فمن المعروف أن الشيخ رحمه‌الله جعل أصله التمسك بالكتاب والسنة ، وأهل السنة والجماعة لا يؤذنون بمثل هذا الأذان ، بل هو عند الشيعة والزيدية ، وكان الأحرى بالمؤلف أن لا ينزلق في مستنقع التعرض للعلماء وإيذائهم.

(٦) في الأصل : ثمانية.

(٧) انظر : خلاصة الكلام (ص : ١٦١) ، وتاج تواريخ البشر (٣ / ٣٢٤) ، والفتوحات الإسلامية (٢ / ٢٣٤).

٨٤٣

ومحمد علي باشا المذكور استولى على مصر سنة ألف ومائتين [وتسع عشرة](١) ، ومولده في قوله سنة ألف ومائة [وثلاث](٢) وثمانين ، وفي ألف ومائتين [وأربع](٣) وستين توفي.

وفي ألف ومائتين [وثمانية](٤) وثلاثين كان الحريق بأستار الكعبة والبرقع [والحزام](٥) ، وذلك في صلاة العشاء في الركعة الأخيرة ، ثم طفئت بعد أن حرق جانب من الكسوة. وسبب الحريق : الشمع الذي يوضع قدام الباب ، مالت شمعة من ذلك على البرقع فحرقته ، واشتعلت النار في الكسوة ، وكان إذ ذاك قاضي مكة شيخ الإسلام عارف بيك ، وأتى في تلك السنة للحج فأهاله ذلك ، فأنشد يقول هذين البيتين :

تحمّل بيت الله عن كل زائر

ذنوبا بها [اسودّت](٦) لها الكسوة البيضا

ولما استحقوا النار من كل جانب

فما رام إلا أن تحملها أيضا (٧)

وفيها : أنشئ دار الطبع ببولاق.

وفي ألف ومائتين [وستة](٨) وأربعين ظهر بينبع النخل وقراها كلاب صغار علو الثعلب من الجبال وانتشرت ، وكانت الكلاب تخرج بالليل ، فكان الكلب إذا عضّ إنسان يعوي كالكلب ، وإن عضّ الشخص

__________________

(١) في الأصل : تسعة عشر.

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) في الأصل : أربعة.

(٤) في الأصل : ثمانية.

(٥) زيادة من تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٢).

(٦) في الأصل : اسود. والتصويب من تاج تواريخ البشر ، الموضع السابق.

(٧) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٢).

(٨) في الأصل : ستة.

٨٤٤

المعضوض [شخصا](١) آخر عوى مثله ، وهكذا ، ثم يموت ، وكانت حالة مزعجة ، وكذلك هذه الواقعة كانت بجبل الدروز من أرض الشام ، فإذا عضّ إنسان سلخوا كبشا ، وحطّوا الشخص الذي عض داخل الجلد ، [ويحفرون له](٢) ، ويدفنوه ثلاثة أيام فيها (٣).

وفي هذه السنة كانت بمكة امرأة عابدة اسمها فاطمة الفضلية (٤) ، وكانت تسكن بالبيت الذي بجانب باب الزيادة ، وكانت عميت وتكسحت ، فرأت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومسح على عينيها وجسدها فبرأت. كذا بخط بعض أصحابنا (٥).

وفي ألف ومائتين وأربعين وقعت بمكة فتنة بين تركي بلماز وإسماعيل بيك من أمراء محمد علي باشا صاحب مصر ، وكانت الغلبة لإسماعيل بيك ، ونهبت بعض دكاكين بالمسعى ، وخرج تركي بالماز إلى جدة ثم إلى اليمن.

وفي ألف ومائتين [وثمانية](٦) وأربعين خرج بعد العشاء ليلة الجمعة رجل بالمسجد الحرام أوعظ الناس وأخبر أن المهدي يخرج غدا ، فارتجت البلد لذلك ، فلما كان وقت الجمعة امتنع الخطيب من الخطبة ، إلا أن يحضر الأمير والعساكر حول المنبر ، فأجيب لذلك ، وكان الخطيب

__________________

(١) في الأصل : شخص.

(٢) زيادة من تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٣).

(٣) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣).

(٤) في تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٣) : الفضيلة.

(٥) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٣).

(٦) في الأصل : ثمانية.

٨٤٥

[تلك](١) الجمعة السيد محمد ميره ، فلما صعد المنبر أتى الشخص المدعي أنه المهدي فاستقبلته العساكر وقبضوا عليه وحبسوه إلى أن ينظروا أمره بعد صلاة العصر ، فلما جاء وقت العصر لم يجدوه في الحبس ، والحديد الذي كان مربوطا به محطوط محله (٢). كذا في نزهة الفكر لصاحبنا الشيخ أحمد الحضراوي.

وفي هذه السنة ماجت النجوم أكثر الليل واضطربت من كل جهة (٣).

وفيها : قتل السيد عبد الله دريب ببندر الحديدة (٤).

وفي ألف ومائتين [واثنين](٥) وخمسين وضع الإنكليز بنديرة (٦) بجدة وقنصل ولم يعهد قبل ذلك ، ووضع بعدهم الفرنساوي ولم يعهد كذلك (٧).

وفي ألف ومائتين وخمسين استعمال دبورات البحر.

وفي ألف ومائتين [وستة](٨) وخمسين خرج رجل من جبال اليمن زعم أنه المهدي ، فطاعته الجبال وسائر تلك الأقطار ، وكان يظهر كرامات ، وضرب سكّة مكتوب عليها إمام البر والبحر ، وما زال كذلك حتى قتل وصلب بصنعاء عريانا (٩).

__________________

(١) في الأصل : ذلك.

(٢) انظر : تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤).

(٣) تاج تواريخ البشر ، الموضع السابق.

(٤) مثل السابق.

(٥) في الأصل : اثنين.

(٦) أي : بيرقا (التاريخ القويم ٦ / ٣٤٤) ، وهو العلم أو الراية.

(٧) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٤) ، والتاريخ القويم (٦ / ٣٤٤).

(٨) في الأصل : ستة.

(٩) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٤).

٨٤٦

وفيها : انقطع الحج الشامي بسبب ما حصل بين السلطان عبد المجيد خان وبين إبراهيم باشا بن محمد علي باشا صاحب مصر ؛ لأنه كان تغلب على الشام والحجاز في مدة السلطان محمود. فلما ولي ولده السلطان عبد المجيد سنة ألف [ومائتين وخمسة](١) وخمسين انتزع منه الشام والحجاز.

وفي ألف ومائتين [وثمانية](٢) وستين أرسل مولانا السلطان عبد المجيد طوقا من ذهب (٣) ، وتقدم شرح ذلك (٤).

وفي ألف ومائتين [وتسعة](٥) وستين ابتدأ إنشاء طريق سكة الحديد من مصر إلى اسكندرية (٦).

وفي واحد وسبعين إنشاء التلغراف (٧) ببر مصر.

وفي سنة ألف ومائتين [واثنين](٨) وسبعين [لسبعة](٩) عشر خلت من صفر يوم الخميس ، وقعت فتنة بمكة عظيمة جرى فيها الدم بالحرم المكي وشوارعها (١٠). وتقدم هذا الخبر عند ذكر الأمراء (١١).

__________________

(١) في الأصل : مائتين خمسة.

(٢) في الأصل : ثمانية.

(٣) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٥).

(٤) ص : (١٩١).

(٥) في الأصل : تسعة.

(٦) الاسكندرية : مدينة عظيمة بمصر. واختلفوا في أول من أنشأ الاسكندرية التي بمصر اختلافا كثيرا (معجم البلدان ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣).

(٧) التلغراف : البرق. (المعجم الوسيط ١ / ٨٧).

(٨) في الأصل : اثنين.

(٩) في الأصل : لتسعة (انظر : ص : ٨١٠).

(١٠) تاج تواريخ البشر (٣ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧).

(١١) ص : (٨١٠).

٨٤٧

ذكر خبر أمطار مكة وسيولها والصواعق والزلازل

والغلاء والوباء بمكة ، وذكر ما يناسب ذلك مما وقع في بعض البلدان من

ظهور النار بقرب المدينة والدخان ، وما وقع من ذلك باليمن وغيره من

الخسف ، وظهور الكواكب وغير ذلك من العبر

قال الأزرقي (١) : إن وادي مكة سال في الجاهلية سيلا عظيما حين كانت خزاعة ولاة البيت ، وإن ذلك السيل هجم على مكة ودخل المسجد وأحاط بالكعبة ورمى بالشجر من أسفل مكة ، وجاء برجل وامرأة فعرفت المرأة ، فحينئذ بنت قريش الكعبة ، وجاء سيل في الجاهلية سد من الجبل إلى الجبل.

قال الأزرقي (٢) : وسيول مكة في الإسلام كثيرة ، منها : سيل في خلافة عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه يقال له : سيل أم نهشل ، دخل المسجد الحرام من الوادي من أعلاه من طريق الردم ، وكان ذلك السيل ذهب بأم نهشل بنت [عبيدة](٣) بن سعيد بن العاص بن أمية ، حتى استخرجت منه من أسفل مكة ، واقتلع السيل مقام إبراهيم وذهب به حتى وجد بأسفل مكة ، وغبى مكانه الذي [كان](٤) به ، فربطوه في جانب البيت إلى أن جاء عمر بن الخطاب في رمضان ورده إلى محله. وتقدم الكلام عليه ، وعمل

__________________

(١) الأزرقي (٢ / ١٦٦) ، والفاكهي (٣ / ١٠٣) ، والفاسي في شفاء الغرام (٢ / ٤٣٧).

(٢) الأزرقي (٢ / ١٦٧) ، والفاكهي (٣ / ١٠٤) ، والفاسي في شفاء الغرام (٢ / ٤٣٨) ، وإتحاف الورى (٢ / ٧ ـ ٨) ، والعقد الثمين (١ / ٢٠٥).

(٣) في الأصل : عبيد الله ، والصواب ما أثبتناه (انظر : نسب قريش لمصعب ١٧٤ ، والفاكهي ٣ / ١٠٥). وعبيدة هذا قتله الزبير بن العوام في معركة بدر كافرا.

(٤) قوله : كان ، زيادة من الأزرقي (٢ / ١٦٧).

٨٤٨

عمر في تلك السنة الردم (١) الذي على طريق المدعا.

قال الأزرقي (٢) : ولم يعلم سيل أتى من تلك الناحية منذ عمل الردم عمر بن الخطاب ، وأتت من بعده سيول عظام كل ذلك لا يعلوه. قاله الأزرقي.

وذكر ابن [جرير](٣) : أن في سنة [ثمان](٤) وثمانين أحرم عمر بن عبد العزيز من ذي الحليفة (٥) ومعه نفر ، فلقيهم بالتنعيم نفر من قريش وأخبروه أن مكة قليلة الماء يخاف على الحجاج العطش ، فدعى عمر رضي‌الله‌عنه بالمطر ، فلا والله ما وصلوا البيت ذلك اليوم إلا مع المطر ، وجاء سيل الوادي [فخافوا](٦) منه أهل مكة ، ومطرت عرفة ومنى وجمع ، وكانت مكة ذلك العام رخية.

ومنها : سيل [أبي](٧) شاكر في خلافة هشام بن عبد الملك سنة مائة

__________________

(١) الذي يقال له : ردم عمر. وردم عمر بن الخطاب ردمين كما ذكر البلاذري وغيره ، الأول : الردم الأعلى ، وهو عند بئر ابن جبير بالكمالية ، والثاني : الردم الأسفل ، ويقال له : ردم الأسيد ، وردم بني جمح ، وهو ردم بني قراد عند المدعى ، وكان ذلك السوق يسمى قديما سوق الحمارين ، كما ذكر البلاذري ، وسوق الكراع فيما بعد (هامش الأزرقي ٢ / ١٦٨).

(٢) الأزرقي (٢ / ١٦٧) ، والفاكهي (٣ / ١٠٥) ، والبلاذري في فتوح البلدان (ص : ٢٧١) ، والفاسي في شفاء الغرام (٢ / ٤٣٨).

(٣) في الأصل : جبير. وهو خطأ. وانظر تاريخ الطبري (٦ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨) ، وشفاء الغرام (٢ / ٤٤٢).

(٤) في الأصل : ثمانية.

(٥) ذو الحليفة : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، ومنها ميقات أهل المدينة ، وهو من مياه جشم ، بينهم وبين بني خفاجة من عقيل (معجم البلدان ٢ / ٢٩٥).

(٦) في الأصل : خافوا.

(٧) في الأصل : ابن. انظر : شفاء الغرام (٢ / ٤٤٣) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٥٣) ، والأزرقي (٢ / ٣١١) ، والفاكهي (٣ / ١٧٠).

٨٤٩

وعشرين عقب الحج (١).

ومنها : سيل [الليبري](٢) في خلافة المهدي سنة ستين ومائة ، وكان هذا السيل ليومين بقيا من المحرم. ذكره الفاكهي (٣).

ومنها : سيل الجحاف سنة ثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان ، وكان يوم التروية ، صبّح [الحاج](٤) ذلك وكانوا [آمنين](٥) ، ولم يكن بمكة إلا رشاش ، فذهب بأمتعتهم ، ودخل المسجد ، وأحاط بالكعبة ؛ لأنه دخل دفعة واحدة ، وهدم الدور الشارعة على الوادي ، وقتل [ناسا كثيرا](٦) ، ورقى الناس إلى الجبل واعتصموا ، فسمي بذلك سيل الجحاف (٧).

وجاء سيل عظيم سنة [أربع](٨) وثمانين أصاب الناس عقبه مرض شديد في أجسامهم وألسنتهم وشيء مثل الخبل ، دخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة (٩).

وفي اثنين وثمانين ومائة في خلافة المأمون : أتى سيل عظيم دخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة ، وكان دون الحجر ، ورفع المقام عن مكانه

__________________

(١) شفاء الغرام (٢ / ٤٤٣) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٥٣) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣١١) ، وأخبار مكة للفاكهي (٣ / ١٧٠).

(٢) في الأصل : البيري. وفي إتحاف الورى : اللبيري ، وفي شفاء الغرام : الأميري. والتصويب من الفاكهي (٣ / ١٠٨).

(٣) أخبار مكة للفاكهي (٣ / ١٠٨) ، وشفاء الغرام (٢ / ٤٤٣) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٠٣) ، والعقد الثمين (١ / ٢٠٦) ، طبعة مصر ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣١١) ملحق رقم ٣.

(٤) قوله : الحاج ، زيادة من الأزرقي (٢ / ١٦٨).

(٥) في الأصل : آمنون.

(٦) في الأصل : ناسا كثيرة ، وقوله : ناسا ، مطموس في الأصل.

(٧) شفاء الغرام (٢ / ٤٣٨) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ١٦٨) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٠٨).

(٨) في الأصل : أربعة.

(٩) شفاء الغرام (٢ / ٤٤٠) ، وإتحاف الورى (٢ / ١١١) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ١٦٩).

٨٥٠

خوفا عليه أن يذهب وخرّب دورا ، وغرق ناس فيه ، وأصاب الناس بعده مرض شديد من وباء وموت [فاش](١) ، فسمى ذلك السيل : سيل ابن حنظلة (٢).

ثم جاء سيل بعده في خلافة المأمون دخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة ، وكان أعظم من سيل ابن حنظلة.

وفي مائتين وثمانية جاء سيل في شوال ، والناس غافلون ، فامتلأ السد ثم فاض وانهدم السد ، فجاء السيل الذي جمع فيه مع سيل السّدرة (٣) ، والسيل الذي أقبل من وادي منى ، فاقتحم المسجد الحرام ، وأحاط بالكعبة ، وبلغ الحجر الأسود ، ورفعوا المقام خوفا أن يذهب به. هذا ما ذكره الأزرقي (٤) والفاكهي (٥) من أخبار السيول والأمطار.

وفي مائتين ثلاثة وثلاثين هبت ريح بالعراق شديدة السموم لم يعهد مثلها أحرقت زرع الكوفة والبصرة وبغداد ، دامت خمسين يوما واتصلت بهمدان والموصل. كذا في تاريخ الخلفاء (٦).

__________________

(١) في الأصل : فاحش. وانظر : الفاكهي (٣ / ١٠٩) ، والعقد الثمين (١ / ٢٠٥ ، ٧ / ٤٦٧) طبعة مصر ، وشفاء الغرام (٢ / ٤٤١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٧٩).

(٢) الفاكهي (٣ / ١٠٩) ، والعقد الثمين (١ / ٢٠٥ ، ٧ / ٤٦٧) طبعة مصر ، وشفاء الغرام (٢ / ٤٤١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٧٩).

وابن حنظلة هذا من بني مخزوم ، مترجم في : العقد الثمين (٧ / ٤٦٥) وما بعدها.

(٣) هي : سدرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، ويعرف موضعه اليوم ب (العدل) ، وقد سماها البلاذري في فتوح البلدان (ص : ٧٣) : سدرة عتاب بن أسيد بن أبي العيص.

ويسدرة خالد أشهر ، وإن كان عتّاب وخالد من فخذ واحد. وانظر ترجمة خالد هذا في : (نسب قريش ١٨٩ ، وتاريخ ابن جرير ٧ / ١٨٢ ، والعقد الفريد ١ / ١٠٥ ، ٤ / ٩٣).

(٤) الأزرقي (٢ / ١٧٠).

(٥) الفاكهي (٣ / ١٠٨). وانظر : شفاء الغرام (٢ / ٤٤١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٨٢).

(٦) تاريخ الخلفاء (ص : ٣٤٧).

٨٥١

وفي مائتين وأربعين سمع أهل [خلاط](١) صيحة عظيمة من جو السماء مات منها خلق كثير ، ووقع برد بالعراق كبيض الدجاج ، وخسفت ثلاثة عشر قرية من المغرب.

وفي [مائتين وواحد](٢) وأربعين ماجت النجوم في السماء وتناثرت الكواكب مثل الجراد أكثر من الليل وكان أمر مزعج.

وفيها : مات الإمام أحمد بن حنبل. حكاه في تاريخ الخميس (٣).

وفي مائتين اثنين وأربعين تزلزلت الأرض زلزلة عظيمة بتونس وأعمالها والري (٤) وخراسان ونيسابور (٥) وطبرستان (٦) ، وتشققت الأرض

__________________

(١) في الأصل : أخلاط. والتصويب من تاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

وخلاط : بكسر أوله وآخره طاء مهملة ، وهي قصبة أرمينية الوسطى ، فيها الفواكه الكثيرة والمياه الغزيرة ، وببردها في الشتاء يضرب المثل ، ولها البحيرة التي ليس لها في الدنيا نظير يجلب منها السمك المعروف بالطريخ إلى سائر البلاد ، وهي من عجائب الدنيا.

(معجم البلدان ٢ / ٣٨٠ ـ ٣٨١).

(٢) في الأصل : مائة واحد.

(٣) تاريخ الخميس (٢ / ٣٣٨). وانظر : تاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

(٤) الري : مدينة مشهورة ، كثيرة الفواكه والخيرات ، وهي محط الحاج على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا ، وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ، ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ، ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا (معجم البلدان ٣ / ١١٦).

(٥) نيسابور : مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة ، معدن الفضلاء ومنبع العلماء ، لم أر فيما طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها ، واختلف في تسميتها بهذا الاسم ، فقال بعضهم : إنما سميت بذلك ؛ لأن سابور مرّ بها ، وفيها قصب كثير ، فقال : يصلح أن يكون ههنا مدينة ، فقيل لها : نيسابور (معجم البلدان ٥ / ٣٣١).

(٦) طبرستان : هي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم ، خرج من نواحيه من لا يحصى كثرة من أهل العلم والأدب والفقه ، والغالب على هذه النواحي الجبال ، فمن أعيان بلدانها : دهستان ، وجرجان ، واستراباذ ، وآمل وهي قصبتها ، وسارية وهي مثلها ، وشالوس وهي مقاربة لها (معجم البلدان ٤ / ١٣).

٨٥٢

بقدر ما يدخل الرجل في الشق ، ورجمت قرية [السويداء](١) بناحية مصر من السماء ، وزن حجر منها ـ أي : من الحجارة التي رجمت بها ـ فكان عشرة أرطال ، [وسار](٢) جبل باليمن عليه مزارع حتى أتى مزارع [آخرين](٣) ، ووقع بحلب (٤) طائر أبيض دون الرخمة في رمضان من هذه السنة فصاح : يا معاشر الناس اتقوا الله ، صاح أربعين صوتا ثم طار وأتى من الغد ففعل مثل ذلك ، وكتب البريد بذلك وأشهد عليه [خمسمائة إنسان سمعوه](٥). حكاه في تاريخ الخميس (٦).

ولعل كان ظهوره في السنة التي أرسلوا فيها بإخراج سيدنا أبو بكر وعمر ، وخسف بهم على ما تقدم. انتهى.

وفي رقائق ابن المبارك بسنده إلى ربيعة بن لقيط أنه كان مع عمرو بن

__________________

(١) في الأصل : السويد. والتصويب من حسن المحاضرة (٢ / ١٦٥) وبهجة النفوس والأسرار (١ / ١١٤) ، وتاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

(٢) في الأصل : وساخ. والمثبت من بهجة النفوس والأسرار (١ / ١١٤) ، وتاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

(٣) في الأصل : أخر. والمثبت من الموضعين السابقين.

(٤) حلب : مدينة عظيمة واسعة ، كثيرة الخيرات ، طيبة الهواء ، صحيحة الأديم ظاهرا ، وهي قصبة جند قنسرين في أيامنا هذه ، قال الزجاجي : سميت حلب ؛ لأن إبراهيم عليه‌السلام كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدق به ، فيقول الفقراء : حلب ، حلب ، فسمي به.

قال ياقوت : هذا فيه نظر ؛ لأن إبراهيم عليه‌السلام وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا ، إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل عليه‌السلام وقحطان ، على أن لإبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن ، فإن كان لهذه اللفظة ـ أعني حلب ـ أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك ؛ لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة (معجم البلدان ٢ / ٢٨٢).

(٥) في الأصل : خمسين. والمثبت من بهجة النفوس والأسرار (١ / ١١٤) ، وتاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

(٦) لم أقف عليه في المطبوع من تاريخ الخميس. وانظر هذه الأخبار في بهجة النفوس والأسرار (١ / ١١٤) ، وحسن المحاضرة (٢ / ١٦٥) ، وتاج تواريخ البشر (٣ / ٢٤٦).

٨٥٣

العاص وقد مطرت السماء دما. قال ربيعة : كنت أنصب الإناء فيمتلئ دما ، فظن الناس أنها هي ، وماج بعضهم إلى بعض ، فقام عمرو بن العاص فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس! أصلحوا فيما بينكم وبين الله ، ولا يضركم لو اصطدم [هذان](١) الجبلان (٢). ذكره رحمه‌الله في باب اليقين والتوكل. اه.

وفي آخر كتاب الأستاذ أبي القاسم ما نصه : ثم كان في زمن جعفر المتوكل من بني العباس بعد الأربعين ومائتين حوادث عظيمة ، منها ما ظهر في الشمس ، ومنها ما ظهر في الكواكب ، ومنها زلازل وخسوف وظلمة لم ير الناس فيها بعضهم بعضا ، ومنها مطر أحمر كالدم نزل من جهة المشرق. قال : ولم يسمع بمثل هذا في تاريخ علمته حتى كان بعد الستين والخمسمائة نزل بأكثر بلاد إشبيلة مطر يشبه الدم ، ثم كان في ذلك العام سيول كثيرة. قال الشيخ الفقيه الحاج أبو الحجاج بن الشيخ : حدثني من أثق به أنه حضر بإشبيلة نزول ذلك الماء الأحمر الذي يشبه الدم ، وهال الناس أمره ورآه الذي حدثني وقال : حدثني رجل في ذلك الوقت أنه كانت في وسط داره صحفة فيها بيض ، فنزل من ذلك الماء في الصحفة واستنقع فيها ، فلما وصل الماء إلى البيض انصبغ. حدثني بذلك سنة إحدى وستين وستمائة.

وفي مائتين [وخمسة](٣) وأربعين عمت الزلازل في الدنيا ، [وأخربت](٤) المدن والقلاع والقناطر ، وسقط من أنطاكية جبل في البحر ،

__________________

(١) في الأصل : هذا. والتصويب من الزهد والرقائق (ص : ١٩٧).

(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق (ص : ١٩٧ ح ٥٦١).

(٣) في الأصل : خمسة.

(٤) في الأصل : أخربت.

٨٥٤

وسمع من السماء أصوات هائلة ، ومات خلق من أهل بلبيس ، وغارت عيون مكة ، فأرسل المتوكل مائة ألف لإجراء الماء إلى عرفات. حكاه السيوطي في تاريخ الخلفاء (١).

وفي مائتين [وثلاثة](٢) وخمسين جاء سيل دخل المسجد الحرام ، وأحاط بالكعبة ، وبلغ قريبا من الركن الأسود (٣).

ومنها في [مائتين واثنين وستين](٤) جاء سيل عظيم ذهب بحصباء المسجد الحرام وأحاط بالكعبة (٥).

ومنها سيل سنة [ثلاث](٦) وستين ومائتين ، دخل السيل من أبواب المسجد ، فامتلأ المسجد ، وبلغ قريبا من الركن الأسود ، ورفع المقام خوفا أن يذهب. ذكر هذه السيول الفاكهي (٧) والخزاعي راوي تاريخ الأزرقي (٨).

وفي ستة وستين في المحرم كسفت الشمس وخسف القمر ، واجتماعهما في شهر واحد نادر. قاله في المرآة.

__________________

(١) تاريخ الخلفاء (ص : ٣٤٩).

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) شفاء الغرام (٢ / ٤٤٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٣١) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣١١) ملحق سيول مكة رقم ٢١٦ ، ودرر الفرائد (ص : ٢٣٠) ، وأخبار مكة للفاكهي (٣ / ١١٣).

(٤) في الأصل : مائتين وستين. وانظر : شفاء الغرام (٢ / ٤٤٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٣٨) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣١٢).

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٤٤٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٣٨) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣١٢).

(٦) في الأصل : ثلاثة.

(٧) أخبار مكة للفاكهي (١ / ٤٨٢). وانظر : شفاء الغرام (٢ / ٤٤٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٣٩).

(٨) الأزرقي (٢ / ١٧٠).

٨٥٥

وفيها ـ أي سنة [ست](١) وستين ـ ظهر [ثلاثة](٢) كواكب [مذنبة](٣) ، أحدها في رمضان ، واثنان في ذي القعدة تبقى أياما ثم تضمحلّ. حكاه ابن الجوزي.

وفيها : استخرج من كنز [بمصر](٤) خمسمائة ألف دينار من غير موانع ، ووجد في هذا الكنز ضلع إنسان طوله أربعة عشر شبرا وعرضه [شبر](٥) ، فبعث به إلى الخليفة المقتدر ، وأهدي معه من مصر تيس له ضرع يحلب لبنا. حكى ذلك الصولي وصاحب المرآة وابن كثير (٦). كذا في حسن المحاضرة (٧).

وفي ثمانية وسبعين ومائتين ـ قال ابن الجوزي : لليلتين بقيتا من المحرم ـ طلع نجم ذو جمة ثم صارت الجمة ذؤابة ، قال : وفيها غار نيل مصر ولم يبق منه شيء ، وهذا شيء لم يعهد مثله ولا بلغنا في الأخبار السالفة.

وفي أيام أحمد بن [طولون](٨) تساقطت النجوم فراعه ذلك ، فسأل العلماء والمنجّمين عن ذلك فما أجابوه بشيء ، فدخل عليه الجمل الشاعر فقال :

[هذي النجوم الساقطات](٩)

نجوم أعداء الأمير

__________________

(١) في الأصل : ستة.

(٢) في الأصل : ثلاث.

(٣) في الأصل : بأذناب. والتصويب من حسن المحاضرة (٢ / ١٦٦).

(٤) في الأصل : مصر. والتصويب من حسن المحاضرة ، الموضع السابق.

(٥) في الأصل : شبرا. والتصويب من حسن المحاضرة ، الموضع السابق.

(٦) البداية والنهاية (١١ / ١١٦).

(٧) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٦).

(٨) في الأصل : طالون.

(٩) في الأصل : هذه النجوم لساقطات. والمثبت من حسن المحاضرة.

٨٥٦

فتفائل ابن طولون بذلك ، وأحسن إليه. كذا في حسن المحاضرة (١).

وفي مائتين وثمانين كسف القمر في الدبيل ، فأصبحت الدنيا مظلمة إلى العصر ، ثم هبت ريح سوداء دامت إلى ثلث الليل ، وأعقبها زلزلة عظيمة أذهبت مدنا من الدبيل وكان عدة من أخرج من تحت الردم خلق كثير.

وفي هذه السنة طلع نجم ذو جمة ، فصارت الجمّة ذؤابة.

وفي مائتين [وواحد](٢) وثمانين أصاب مكة أمطار كثيرة وسال واديها ، وكثر ماء زمزم حتى كان ماؤها أعذب من مياه مكة. وفي ذلك خبر رواه الخزاعي : يأتي زمان تكون فيه زمزم أحلى من النيل والفرات (٣).

[وذكر](٤) المسعودي (٥) في (٦) سنة [سبع](٧) وتسعين ومائتين : أن أركان البيت غرقت ، وفاض بئر زمزم ، وأن ذلك لم يعهد.

وفيها : غارت مياه الري وطبرستان حتى بلغ الماء ثلاثة أرطال بدرهم.

وفيها : هدمت دار الندوة ، وأدخلت في المسجد الحرام. وتقدم خبرها (٨).

وفي أربعة وثمانين ومائتين ظهرت بمصر حمرة عظيمة حتى كان

__________________

(١) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٦).

(٢) في الأصل : واحد.

(٣) أخرجه الأزرقي من حديث الضحاك بن مزاحم (٢ / ٥٤) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ١٥٣) وعزاه إلى الأزرقي.

(٤) قوله : وذكر ، زيادة على الأصل.

(٥) مروج الذهب (٤ / ٣٠٧) ، وانظر : شفاء الغرام (٢ / ٤٤٥) ، والمنتظم (٦ / ٩٠) ، والبداية والنهاية (١١ / ١١٠) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٦١) ، وأخبار مكة للأزرقي (الملحق ، ٢ / ٣١٢).

(٦) في الأصل : زيادة : أن.

(٧) في الأصل : تسعة. وانظر المراجع السابقة.

(٨) ص : (٣٤٩).

٨٥٧

الرجل ينظر إلى وجه الرجل فيراه أحمر ، وكذا الحيطان ، فتضرعت الناس بالدعاء ، وكان من العصر إلى الليل (١). حكاه في تاريخ الخلفاء (٢).

وفي ثلاثمائة ساخ جبل بالدينور (٣) بالأرض ، وخرج من تحته ماء كثير أغرق القرى. كذا في [تاريخ](٤) الخميس.

وفي سبعة وثلاثمائة انقض كوكب عظيم وتقطع ثلاث قطع ، وسمع بعد انقضاضه صوت رعد شديد هائل من غير غيم.

وفي عشرة وثلاثمائة في جمادى الأول ظهر كوكب له ذنب طويل طوله ذراعان ، وذلك في برج السنبلة.

وفيها في شعبان أهدى صاحب مصر إلى الخليفة المقتدر هدايا ، من جملتها : بغلة معها فلوها يتبعها ويرضع منها ، وغلام يصل لسانه إلى طرف أنفه. حكاه صاحب المرآة ، وابن كثير (٥). كذا في حسن المحاضرة (٦).

وفي ثلاثمائة [وثلاثة](٧) وعشرين هبت ريح عظيمة ببغداد اسودت منها الدنيا ، وأظلمت من العصر إلى المغرب ، وانقضت النجوم سائر الليل انقضاضا عظيما ما رؤي مثله.

__________________

(١) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٦).

(٢) تاريخ الخلفاء (ص : ٣٧٠).

(٣) الدينور : مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين ، ينسب إليها خلق كثير ، وبين الدينور وهمذان نيف وعشرون فرسخا ، ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل ، والدينور بمقدار ثلثي همذان ، وهي كثيرة الثمار والزروع ، ولها مياه ومستشرف ، وأهلها أجود طبعا من أهل همذان (معجم البلدان ٢ / ٥٤٥).

(٤) قوله : تاريخ ، زيادة على الأصل.

(٥) البداية والنهاية (١١ / ١٤٥).

(٦) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٧).

(٧) في الأصل : ثلاثة.

٨٥٨

وفيها : ظهر محمد بن [أبي القراقر](١) ، وقد شاع أنه يدعي الألوهية ، وأنه يحيي الموتى. حكاه في تاريخ الخلفاء (٢).

وفيها : أمطر ببغداد حصى ، كل حصاة زنة رطل قتلت خلقا كثيرا ، وانتشر الغلاء حتى أكلت الناس لحوم بني آدم. حكاه السيوطي.

وفيها في آخر المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس فأضاءت الدنيا معه ، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد.

وفيها غيرت كسوة الكعبة ، وجعل لمقام الحنفي سقيفة (٣) على أربعة أعواد.

وفي ثلاثين وثلاثمائة في المحرم ظهر كوكب بذنب ، رأسه إلى المغرب وذنبه إلى المشرق ، وكان عظيما جدا ، وذنبه منتشر ، وبقي ثلاثة عشر يوما إلى أن اضمحل. كذا في حسن المحاضرة (٤).

وفي ثلاثمائة [وستة](٥) وأربعين ـ قال ابن الجوزي : ـ كان بالريّ زلزلة عظيمة ، وخسفت بلد الطالقان (٦) ولم يفلت من أهلها إلا نحو ثلاثين ، وخسف بمائة وخمسين قرية ، قال : وعلقت قرية بين السماء والأرض نصف

__________________

(١) في الأصل : بن الفراقر. والتصويب من تاريخ الخلفاء (ص : ٣٩١).

(٢) تاريخ الخلفاء (ص : ٣٩١).

(٣) السقيفة : هي العريش يستظل به ، وأيضا هي كل حجر عريض يستطاع أن يسقف به حفرة ونحوها (انظر : المعجم الوسيط ١ / ٤٣٦).

(٤) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٧).

(٥) في الأصل : ستة.

(٦) الطالقان : بخراسان بين مرو الروذ وبلخ ، بينها وبين مرو الروذ ثلاث مراحل. وقال الإصطخري : أكبر مدينة بطخارستان طالقان ، وهي مدينة في مستوى من الأرض ، وبينها وبين الجبل غلوة سهم ، ولها نهر كبير وبساتين ، ومقدار الطالقان نحو ثلث بلخ (معجم البلدان ٤ / ٦).

٨٥٩

يوم ، ثم خسفت وصارت كلها نارا ، وخرج منها دخان عظيم ، وقذفت الأرض جميع ما في بطنها حتى عظام الموتى ، ودامت الزلزلة نحو أربعين يوما تسكن وتعود ، فهدمت [الأبنية](١) وغارت المياه وهلك أمم كثيرة ، وكذلك كانت ببلاد الجبال وقم ونواحيها زلازل كثيرة متتابعة. وفيها نقص البحر ثمانين ذراعا ، وغارت المياه فظهر فيه جزائر وجبال وغيرها.

وفيها (٢) [انصرف](٣) حجاج مصر فنزلوا واديا وباتوا فيه ، فأتاهم سيل في الليل فأخذهم جميعا مع أثقالهم وأحمالهم ورماهم البحر. كذا في تاريخ الخميس (٤).

وفي ثلاثمائة [وتسعة](٥) وخمسين انقض كوكب في ذي الحجة فأضاء الدنيا حتى بقي له شعاع كالشمس ، ثم سمع له صوت كالرعد.

وفي ستين وثلاثمائة سار رجل من مصر إلى بغداد وله قرنان فقطعهما وكواهما ، وكان يضربان عليه. حكاه صاحب المرآة. كذا في حسن المحاضرة (٦).

وفي ثلاثمائة [وواحد](٧) وستين انقض كوكب عظيم له نور ، سمع عند انقضاضه صوت كالرعد وذلك في صفر (٨).

__________________

(١) قوله : الأبنية ، زيادة من تاريخ الخميس.

(٢) في تاريخ الخميس : في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.

(٣) في الأصل : انصرفوا.

(٤) تاريخ الخميس (٢ / ٣٥٤).

(٥) في الأصل : تسعة.

(٦) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٧ ـ ١٦٨).

(٧) في الأصل : واحد.

(٨) تاريخ الخميس (٢ / ٣٥٤).

٨٦٠