تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

أبيه ـ وهو الذي بنى القلعة على جبل أبي قبيس يتحصن بها ، ثم نقضت القلعة التي كان بناها ـ ونازعه إخوته ، ثم استمر إلى [ثلاث](١) وتسعين وخمسمائة فقام عليه ابن أخيه [منصور بن](٢) داود بن عيسى واستولى على مكة إلى أن غلب عليه الأمير قتادة.

قال تاج الدين : إن قتادة أخذ مكة من مكثر سنة [سبع](٣) وتسعين وخمسمائة ، والله أعلم. انتهى كلام صاحب العمدة.

الطبقة الرابعة : من بني حسن ولاة مكة وهم باقون إلى زماننا هذا أبقاهم الله إلى آخر الزمان ، وكان سابقا يقال لهم : القتادات.

نقل السيد النسابة في العمدة (٤) : أن السيد الشريف الأمير أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله [بن موسى بن عبد الله](٥) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (٦) ، ملك الحجاز بالسيف ، وطرد الهواشم عنها سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، والإمارة في ولده إلى الآن. كان جبارا فاتكا. انتهى.

__________________

(١) في الأصل : ثلاثة.

(٢) زيادة من عمدة الطالب (ص : ١٠٧).

(٣) في الأصل : سبعة.

(٤) عمدة الطالب (ص : ١٠٩).

(٥) ما بين المعكوفين زيادة على الأصل. وانظر مصادر ترجمته.

(٦) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٠) ، وغاية المرام (١ / ٥٥٠) ، والعقد الثمين (٥ / ٤٦٣) ، ومرآة الزمان (٨ / ٦١٧ ـ ٦١٨) ، وذيل الروضتين (١٢٣) ، وتاريخ الإسلام (٢٣٧) ، والعبر (٥ / ٦٩) ، والسلوك (١ / ٢٠٦) ، والنجوم الزاهرة (٦ / ٤٩ ـ ٥٠) ، وشذرات الذهب (٥ / ٧٦) ، وخلاصة الكلام (٢٢) ، وشفاء الغرام (٢ / ١٩٨) ، وتاريخ العصامي (٤ / ٢٠٨) ، وسير أعلام النبلاء (٢٢ / ١٥٩).

٧٤١

والملك الآن في قتادة ، ومنهم أمراء مكة إلى الآن والينبع والمدينة ، وأودية مكة والحجاز عامرة بهم. وعقبهم منتشر في المشرق ، وهؤلاء غير الثعالبة في أرض الحجاز فإنهم بنو ثعلب بن مطاعن بن عبد الكريم ، وغير الشكرة بالينبع فإنهم بنو صرخة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم.

وكان من أمر أبا عزيز قتادة بن إدريس أنه كان ملكا شجاعا ، عظيم النفس ، وكانت له قلعة بالينبع ، فلما رأى ضعف الهواشم غلب عليهم وأخذ مكة من يد مكثر بن فليتة آخر أمراء الهواشم. وتولى أبو عزيز قتادة بن إدريس ، كانت ولايته على مكة سنة سبع ، وقيل : ثمان ، وقيل : [تسع](١) وتسعين وخمسمائة ، وكثر العساكر ، واستكثر من المماليك التركية ، ودعي له على المنابر ، وخافته العرب. وكانت ولايته من حدود اليمن إلى المدينة ، وكان يقول الشعر الجيد ، وذكر أنه طلب مرة ليحضر عند أمير الحج العراقي كما جرت العادة بمجيء أمراء مكة ، فلم يفعل ، فعوتب من جهة الخليفة العباسي ، فبلغه فكتب إلى الإمام الناصر لدين الله يقول له هذه الأبيات :

ولي كفّ ضرغام أصول ببطشها

وأشري بها بين الورى وأبيع

تظلّ ملوك الأرض تلثم ظهرها

وفي بطنها للمجد بين ربيع

أأجعلها تحت الرحى (٢) ثم أبتغي

خلاصا لها إني إذا [لرفيع](٣)

وما أنا إلا المسك في كل بلدة

يضوع وأما عندكم فيبيع (٤)

ووقع له مع صاحب المدينة سالم بن قاسم الحسيني بن جماز بن شيحة

__________________

(١) في الأصل : تسعة.

(٢) في غاية المرام (١ / ٥٦٤) ، والعقد الثمين (٥ / ٤٦٩) : الثرى.

(٣) في غاية المرام ، والعقد الثمين : لرقيع.

(٤) في غاية المرام ، والعقد الثمين : أضوع وأما عندكم فأضيع.

٧٤٢

الحسني عدة حروب آخرها سنة [ثمان عشرة](١) وستمائة ، جمع قتادة جموعا وسيرها مع أخيه ومعه ابنه الحسن بن قتادة (٢) ، فلما بعدوا بلغ الحسن أن عمه قال لبعض الجند : إن أخي قتادة مريض ، وهو ميت لا محالة ، وطلب منهم أن يحلفوا له إن مات أخوه أن يكون هو الأمير على مكة بعد أخيه ، فجمع الحسن عند ذلك جماعة من الجند ، وأرسل إلى عمه ، وأحضر الأشراف ومماليك أبيه ، وقال لعمه : أنت قلت كذا وكذا ، فأنكر عمه ذلك ، فأمر الحسن بقتل عمه فامتنعوا وقالوا : أنت أميرنا وهذا أميرنا [ولا](٣) نقدر [أن](٤) نقتل أحدا منكم ، فقام إليه مملوكا لأبيه وقال له : نحن عبيد أبيك فأمرنا بما شئت ، فأمره بقتل عمه ، فوضع عمامة عمه في حلقه وقتله. فلما بلغ قتادة ذلك اغتاظ ، وحلف ليقتل ابنه الحسن. فلما بلغ ذلك الحسن من بعض أصحابه ، وأشار عليه أن يقتل أبيه قبل أن يقتله ، فعاد الحسن إلى مكة وقصد دار أبيه في نفر يسير ، فرأى على الباب جماعة كثيرة ، فصرفهم ودخل الحسن على أبيه قتادة ، فلما رآه أبوه سبه وبلغ في ذمه وتهدده ، فوثب الحسن على أبيه فخنقه في جماد الآخر سنة ستمائة [وثمان عشرة](٥) لوقته ، ثم خرج إلى الحرم وحضر الأشراف ، وقال : إن أبي قد اشتد مرضه ، وقد أمركم أن تحلفوا لي على أن أكون أميركم ،

__________________

(١) في الأصل : ثمانية عشر.

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤١) ، وغاية المرام (١ / ٥٨٠) ، والعقد الثمين (٣ / ١٠٠٨) ، وذيل الروضتين (١٢٣) ، والنجوم الزاهرة (٦ / ٢١٠) ، والأعلام (٢ / ٢١١).

(٣) في الأصل : ولم.

(٤) قوله : أن ، زيادة على الأصل.

(٥) في الأصل : وثمانية عشر.

٧٤٣

فحلفوا له ، ثم [أظهر](١) تابوتا ودفنه ليظهر أنه مات ، وكان قتادة شيخا طويلا مهابا ، لا يخاف أحدا في الخلفاء والملوك ، ويرى أنه أحق بالأمر من كل أحد ، وكان الناصر يود لو أنه حضر عنده ليكرمه ، وكان يأبى ذلك ويمتنع ، وكان عدلا منصفا ، ذو نقمة على عبيده ، ثم عكس هذه السيرة وأخذ المكوس ، ونهب الحج غير مرة ، وكان له من العمر نحو [من](٢) تسعين سنة ، ثم استولى حسن بن قتادة بعد موت أبيه وعمه ، ولما استقرت له الإمارة أرسل لأخيه الذي بقلعة ينبع على لسان أبيه يستدعيه ، فلما حضر أخوه قتله ، وارتكب قتل عمه وأبيه وأخيه فلا جرم أن الله سلبه ملكه.

وكان لقتادة ابن آخر اسمه راجح ، وكان مقيما عند العرب بظاهر مكة ينازع أخاه في الإمارة ، فلما قدم الحج العراقي نزل أخوه راجح إلى أمير الحج ليساعده على أخيه الحسن ، وأن يكون هو أمير مكة ، فأجابه أمير الركب إلى ذلك ، فلما وصلوا الزاهر خرج إليهم الحسن بجموع كثيرة من العرب وغيرهم ، فقاتل أخاه راجح وأمير الحج العراقي فهزمها ، وهرب راجح وقتل أمير الحج.

قال الشريف النسابة : وعلق الحسن رأس أمير الحج في ميزاب الكعبة ، وأحاط أصحاب الحسن بالحجاج لينهبوهم ، فأرسل إليهم الحسن عمامته أمانا لهم ، فكفّ أصحابه عنه ، وأذن لهم الحسن في دخول مكة ، وأقامت مناسك الحج فدخلوا وقضوا مناسكهم ، وعادوا إلى العراق سالمين ، ودامت

__________________

(١) في الأصل : ظهر.

(٢) قوله : من ، زيادة على الأصل.

٧٤٤

ولاية الحسن إلى سنة [تسع عشرة](١) وستمائة إلى أن أخذها منه الملك المسعودي (٢) صاحب اليمن. قدم إليها سنة تسع عشرة وستمائة حاجا من اليمن ، ثم عاد إلى اليمن ولم يقم باليمن إلا يسيرا ، فحدثته نفسه بقصد مكة وانتزاعها من الحسن ، وكان الحسن قد أساء السيرة في الأشراف ومماليك أبيه ، وتفرقوا عنه ولم يبق معه إلا القليل ، فقدم الملك المسعودي قيس بن الملك الكامل أيوب إلى مكة في رابع ربيع الأول سنة عشرين وستمائة ، فلقيه الحسن بالمسعى وقاتله ببطن مكة ، ثم انهزم الحسن وفارق مكة بمن معه ، وتولى مكة المسعودي وأقام حسام الدين من طرفه على مكة ، وعاد إلى اليمن ، ومضى الحسن إلى دمشق فلم ير بها وجها ، ثم إلى بغداد فلم ير بها قبولا ، وكاد أن يقتل. ولم تزل مكة في ولاية المسعودي حتى مات سنة ستمائة [وست](٣) وعشرين.

ثم وليها ابنه الكامل إلى أن تغلب على اليمن المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول ، فجهز العساكر إلى مكة وأخذها ، وولى عليها الشريف راجح بن قتادة ، وأقام له الخطبة ، واستمر إلى سنة ستمائة [وسبع](٤) وأربعين.

ثم تولى [أبو سعد](٥) حسن بن قتادة (٦) ، واستمر إلى أن قتل سنة

__________________

(١) في الأصل : تسعة عشر. وكذا وردت في الموضع التالي.

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤١) ، وغاية المرام (١ / ٥٨٩) ، والعقد الثمين (٦ / ٢٥٥).

(٣) في الأصل : ستة.

(٤) في الأصل : سبعة.

(٥) في الأصل : أبو سعيد. وانظر مصادر ترجمته.

(٦) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، وغاية المرام (١ / ٦٣٣) ، والعقد الثمين (٣ / ٣٩٧).

٧٤٥

ستمائة [وإحدى](١) وخمسين في شوال ، قتله جماعة منهم جماز بن حسن بن قتادة (٢).

ثم تولى جمّاز بن حسن بن قتادة (٣) ولم يطل أمره إلى أن تغلب عليه الشريف راجح بن قتادة (٤). ثم قعد عن الإمارة وولى ابنه غانم بن راجح بن قتادة (٥) في ربيع الأول سنة ستمائة [واثنتين](٦) وخمسين ، وعاش والده الشريف راجح إلى ستمائة [وأربع](٧) وخمسين ، وكان راجح يسكن بين السدين بين حلي (٨) ومكة ؛ لأن ملك اليمن ولاه حلي ونصف المخلاف ، ولم تزل مكة مع غانم بن راجح إلى أن تولى بعده عمه [إدريس بن قتادة](٩) وأبو نمي محمد بن [أبي سعد](١٠) بن حسن بن علي بن قتادة (١١) في

__________________

(١) في الأصل : وأحد.

(٢) إتحاف الورى (٣ / ٦٨) ، والعقود اللؤلؤية (١ / ٧٨).

(٣) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، وغاية المرام (١ / ٦٣٨) ، والعقد الثمين (٣ / ٢٨٣).

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، والعقد الثمين (٤ / ٧٨) ، والمنهل الصافي (٥ / ٣٣٩) ، وإتحاف الورى (٣ / ٧٨).

(٥) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، وغاية المرام (١ / ٦٣٩) ، والعقد الثمين (٥ / ٤٤٣).

(٦) في الأصل : اثنين.

(٧) في الأصل : أربعة.

(٨) حلي : مدينة باليمن على ساحل البحر ، بينها وبين السرين يوم واحد ، وبينها وبين مكة ثمانية أيام (معجم البلدان ٢ / ٢٩٧).

(٩) في الأصل : إدريس بن على بن حسن بن قتادة. وانظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، وغاية المرام (١ / ٦٤٠) ، والعقد الثمين (٣ / ١٧٥) ، والمنهل الصافي (٢ / ٢٨٧).

(١٠) في الأصل : أبي سعيد. وانظر مصادر ترجمته.

(١١) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٤) ، وغاية المرام (٢ / ٩) ، والعقد الثمين (٢ / ١٤٨) ، والجداول المرضية (١١٤) ، وخلاصة الكلام (٢٦) ، وشذرات الذهب (٦ / ٢) ، والنجوم الزاهرة (٨ / ١٩٩) ، والدرر الكامنة (٣ / ٤٢٢) ، والبداية والنهاية

٧٤٦

الخامس والعشرين من شوال سنة ستمائة [واثنتين](١) وخمسين.

ثم أخذها منهما برطاش (٢) قاصد صاحب اليمن في [ذي](٣) القعدة من السنة المذكورة ، وكان جهزه لمكة المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن في [مائتي](٤) فارس ، واستقر فيها برطاش إلى ستمائة [ثلاث](٥) وخمسين (٦) وخرج منها ، أخرجه الشريف إدريس وأبو نمي بعد أسره وفدائه (٧) ، ثم لما كان سنة ستمائة [وأربع](٨) وخمسين أخرج أبو نمي إدريس من مكة واستقل بالأمر وانفرد به ، ثم حصلت المشاركة بينهم إلى أن غاب الشريف أبو نمي عن مكة إلى بعض تهامة ، فاستولى على مكة أولاد الشريف حسن بن قتادة ، فلما قدم أبو نمي أخرجهم منها سنة ستمائة [وست](٩) وخمسين ، واستمر أبو نمي وإدريس متولين أمر مكة إلى ستمائة [وسبع](١٠) وستين فانفرد بها أبو نمي ، ثم عادا شريكين.

ثم إدريس بن قتادة ، انفرد بها أربعين يوما ، ثم قتله أبو نمي في حرب

__________________

(١٤ / ٢١) ، والأعلام (٦ / ٨٦).

(١) في الأصل : اثنين.

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٥) ، وغاية المرام (٢ / ٤٤) وفيه : برطاس ، والعقد الثمين (٥ / ٢٤٨).

(٣) قوله : ذي ، زيادة على الأصول.

(٤) في الأصل : مائتين.

(٥) في الأصل : ثلاثة.

(٦) إتحاف الورى (٣ / ٧٧).

(٧) إتحاف الورى (٣ / ٧٨).

(٨) في الأصل : أربعة.

(٩) في الأصل : ستة.

(١٠) في الأصل : سبعة.

٧٤٧

[كانت](١) بينهما بخليص (٢) سنة ستمائة [وسبع](٣) وستين ، واستقر الأمر لأبي نمي حتى أخرجه منها جماز بن شيحة (٤) صاحب المدينة [وغانم بن إدريس](٥) بن حسن صاحب ينبع سنة ستمائة [وسبع](٦) وستين ، ثم عاد أبو نمي بعد أربعين يوما واستمر فيها إلى أن أخرجه جماز بن شيحة ثانيا سنة ستمائة سبعة وسبعين بمعاونة بعض أمراء المنصور قلاوون صاحب مصر ، وخطب لجماز بمكة ، وضربت السكة باسمه ، وبطل ذلك بعد مدة يسيرة من السنة المذكورة.

ثم تولى ثانيا أبو نمي ، ولم يزل بها أميرا كل ذلك بعد حروب تركناها خوف الإطالة ، ولم يزل بها أبو نمي أميرا حتى تركها لولديه حميضة ورميثة قبل وفاته بيومين. وكان أبو نمي حليما ، ذو رأي وسياسة ، وعقل ومروءة ، وله شعر ومحاسن لطيفة.

توفي في رابع صفر سنة إحدى وسبعمائة ، [وكانت](٧) إقامته في الأمر نحو خمسين سنة ، انفرد بالأمر نحو ثلاثين سنة ، ثم ابنه حميضة (٨)

__________________

(١) في الأصل : كان.

(٢) خليص : قرية قريبة من مكة في طريق المدينة المنورة ، وهي مشهورة بهذا الاسم إلى الآن (انظر إتحاف الورى ٣ / ٩٩ ، ودرر الفرائد ص : ٨٣). وقال ياقوت : حصن بين مكة والمدينة (معجم البلدان ٢ / ٣٨٧).

(٣) في الأصل : سبعة.

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٦) ، وغاية المرام (٢ / ٤٨) ، والعقد الثمين (٣ / ٢٨٤).

(٥) في الأصل : وإدريس. وانظر ما ذكره الفاسي في العقد الثمين (٥ / ٤٤٣) من أجل ذلك.

وانظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٦) ، وغاية المرام (٢ / ٤٧).

(٦) في الأصل : سبعة. وكذا وردت في الموضع التالي.

(٧) في الأصل : وكان.

(٨) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٦) ، وغاية المرام (٢ / ٥٣) ، والعقد الثمين (٣ / ٤٤٥) ، وشذرات الذهب (٨ / ٩٧) ، وإتحاف الورى (٣ / ١٢٦).

٧٤٨

ورميثة (١) إلى أن قبض عليهما أبو الغيث وعطيفة سنة ستمائة [وإحدى](٢) وثمانين.

ثم تولاها أبو الغيث (٣) وعطيفة (٤) ابنا أبي نمي ، وقيل : عزلا بأبي الغيث ومحمد بن إدريس ، ثم عاد وتولى كل من حميضة ورميثة في آخر العام وأظهرا عدلا وأسقطا المكوس ، ثم ساءت سيرتهما ، فبعث الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر من يقبض عليهما فانهزما. ثم لما حج الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر سنة سبعمائة [واثنتا عشرة](٥) فرّا منه أيضا ، ثم عزلهما سنة سبعمائة [وثلاث عشرة](٦).

ثم ولي بعدهما أبو الغيث وعطيفة ابنا أبي (٧) نمي ، وجهز معهما عسكرا واستولى على مكة أيام الموسم من السنة المذكورة ، ثم أقام العسكر عند أبي الغيث شهرين فضجر من النفقة عليهم ، فكتب لهم بخطه بالاستعفاء والاستغناء عنهم وفارقوه ، فلم يلبث بعدهم جمعة حتى قصده أخوه حميضة فقابله ، فالتقيا في رابع ذي الحجة سنة سبعمائة [وأربع

__________________

(١) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٦) ، وغاية المرام (٢ / ٧٨) ، والعقد الثمين (٤ / ١٠٠) ، وشذرات الذهب (٨ / ٢٥٧) ، والدرر الكامنة (٢ / ١١١) ، وخلاصة الكلام (٢٨ ـ ٣٠) ، والنجوم الزاهرة (١٠ / ١٤٤) ، والأعلام (٣ / ٣٣).

(٢) في الأصل : إحدى.

(٣) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٧) ، وغاية المرام (٢ / ١١١) ، والعقد الثمين (٦ / ٣٠٧).

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٧) ، وغاية المرام (٢ / ١١٣) ، والعقد الثمين (٥ / ٢١٢) ، والدرر الكامنة (٢ / ٤٥٥) ، وخلاصة الكلام (٣٠ ـ ٣١) ، والأعلام (٤ / ٢٣٧).

(٥) في الأصل : واثنا عشر.

(٦) في الأصل : وثلاثة عشر.

(٧) في الأصل : أبو.

٧٤٩

عشرة](١) ، فغلب حميضة أبا الغيث وأسره ، وأمر بعض عبيده فقتله (٢) ، واستمر حميضة متفردا بأمر مكة حتى فارقها في رمضان سبعمائة وخمسة عشر لما سمع أن أخيه رميثة جاء متوليا من مصر ومعه العساكر ، فهرب حميضة وقصد العراق ، واستنصر بالملك خدبندة (٣) ، وأنفذ معه عسكر لمساعدته ، وتوجهوا فكبسهم محمد بن عيسى أخو مهنا ونهب ما معهم ، وذلك في آخر سنة سبعمائة [وست عشرة](٤) ، ونجا حميضة بعد أن قاتل قتالا شديدا ، وأتى إلى مكة ومعه جماعة من العسكر ، فسمع الملك الناصر وأرسل لإحضارهم فلم يحضروا (٥).

ثم تولى حميضة في آخر سنة سبعمائة [وسبع عشرة](٦) ، وخرج منها أخوه رميثة إلى نخلة ، وقطع حميضة خطبة الناصر ، وخطب إلى خدبندة ، فانزعج الناصر وأرسل عسكر لإحضار حميضة فلم يظفروا به ، ولم يزل مهججا في البرية حتى قتل في جماد الآخر سنة سبعمائة وعشرين ، قتله مملوك (٧).

ثم رميثة بن أبي نمي مدة تهجج حميضة ، وبعد انقضاء الحج سنة سبعمائة [وثمان عشرة](٨) عزل رميثة عن مكة لما نسب إليه من أن ما يفعله حميضة يوافقه عليه رميثة في الباطن.

__________________

(١) في الأصل : وأربعة عشر.

(٢) الدرر الكامنة (٢ / ٧٩) ، وإتحاف الورى (٣ / ١٥٣) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٩٤ ـ ٢٩٥).

(٣) في شفاء الغرام (٢ / ٣٤٧) : خربندا.

(٤) في الأصل : وستة عشر.

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨).

(٦) في الأصل : سبعة عشر.

(٧) الدرر الكامنة (٢ / ٨١) ، وإتحاف الورى (٣ / ١٦٨).

(٨) في الأصل : وثمانية عشر.

٧٥٠

ثم تولى عطيفة بن أبي نمي ، ولّاه الناصر صاحب مصر ، وأرسل معه عسكر إلى مكة فوصلها سنة سبعمائة [وتسع عشرة](١) ، واستمر متوليا عليها إلى أن وصل العساكر من مصر سنة سبعمائة [وإحدى](٢) وثلاثين بسبب قتل ابن الزمن صاحب أرطأة ، كان قتله سنة سبعمائة وثلاثين ؛ لأنهم اتهموا عطيفة بقتله ، ولما وصلت العساكر عزل وولي رميثة أخو عطيفة بمفرده ، ومضى عطيفة إلى مصر ومكث بها مدة ، ثم رجع ثانيا إلى مكة متوليا شريكا لأخيه سنة [أربع](٣) وثلاثين (٤) ، ثم أخرجه منها رميثة ليلة رحيل الحاج من هذه السنة ، ثم اشتركا في الأمر في ذي الحجة سنة [خمس](٥) وثلاثين ، ثم سافر عطيفة سنة [ست](٦) وثلاثين ، [فهاجم](٧) رميثة مكة وخرج منها ، ثم اشتركا في الأمر سنة [سبع](٨) وثلاثين وسبعمائة ، كل ذلك بعد حروب تركناها خوف الإطالة ، ثم توجها إلى مصر مطلوبين معا ، فأقام عطيفة فيها ـ أي في مصر ـ معزولا حتى مات سنة [ثلاث](٩) وأربعين وسبعمائة.

وعاد رميثة متوليا منفردا ، ولم يزل منفردا بها إلى أن عزل عنها سنة

__________________

(١) في الأصل : وتسعة عشر.

انظر الخبر في : الدرر الكامنة (٢ / ٤٥٦) ، وإتحاف الورى (٣ / ١٦٣).

(٢) في الأصل : وأحد.

(٣) في الأصل : أربعة.

(٤) إتحاف الورى (٣ / ٢٠٤) ، ودرر الفرائد (ص : ٣٠٥).

(٥) في الأصل : خمسة.

(٦) في الأصل : ستة.

(٧) في الأصل : فهجم.

(٨) في الأصل : سبعة.

(٩) في الأصل : ثلاثة.

٧٥١

سبعمائة [ست](١) وأربعين.

ثم السيد عجلان بن رميثة ـ سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ـ بن أبي نمي (٢) ، وكان الكامل ولاه مكة بمصر ، فدخل مكة في حياة أبيه ، وتوفي والده في النصف من ذي القعدة من السنة المذكورة (٣).

واستمر عجلان منفردا بأمر مكة ، ثم أخوه ثقبة (٤) شريكا ، ثم انفرد كل منهما بوقت ، ثم إن ثقبة قبض على أخيه عجلان وحبسه ، ثم نجا أخوه عجلان ، ثم اصطلحا واشتركا في الأمر معا باتفاقهما على ذلك في أيام الموسم سنة سبعمائة [وثمان](٥) وخمسين ، واستمرا حتى عزلا عن مكة سنة سبعمائة وستين.

ثم أخوهما سند بن رميثة (٦) ومحمد بن عطيفة (٧) ، وجهز الملك الناصر عسكرا لتأييدهما [يقدمه](٨) الأمير بكتمر (٩) ، وانصلح لذلك حال مكة ،

__________________

(١) في الأصل : ستة.

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٤٩) ، وغاية المرام (٢ / ١٣٧) ، والعقد الثمين (٥ / ١٨٩) ، والدرر الكامنة (٢ / ٤٥٣) ، وخلاصة الكلام (ص : ٣١) ، وسمط النجوم العوالي (٤ / ٢٣٩) ، والأعلام (٤ / ٢١٦) ، وإنباء الغمر (١ / ١١٥).

(٣) إتحاف الورى (٣ / ٣٢٠) ، والسلوك (٢ / ٣ / ٦٨٥).

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٠) ، وغاية المرام (٢ / ١٣٠) ، والعقد الثمين (٣ / ٢٥٦) ، والدرر الكامنة (١ / ٥٣٠) ، والبدر الطالع (١ / ١٨١) ، والنجوم الزاهرة (١٠ / ٢٢٦) ، والدليل الشافي (١ / ٢٣٣١ / ٨٠٤) ، والسلوك (٣ / ٧٢) ، والمنهل الصافي (٤ / ١٩٩) ، والأعلام (٢ / ١٠٠).

(٥) في الأصل : ثمانية.

(٦) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٠) ، وغاية المرام (٢ / ١٦٨) ، والعقد الثمين (٤ / ٢٤٥).

(٧) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٠) ، وغاية المرام (٢ / ١٧٥) ، والعقد الثمين (٤ / ٢٦٣).

(٨) في الأصل : يقدمهما.

(٩) في شفاء الغرام وغاية المرام والعقد الثمين : جركتمر.

٧٥٢

واستمر كذلك حتى انقضى الحج من سنة سبعمائة وإحدى وستين ، ثم قامت فتنة بين بني حسن (١) والعسكر الذين وصلوا من مصر والشام ، وكان الظفر للأشراف ، وأخرجوا العسكر من مكة ، وكان محمد بن عطيفة قد تأخر عن نصرة العسكر ، فخرج عن مكة ، وأتى ثقبة مكة وشارك أخاه في الأمر ، ثم أتى عجلان من مصر متوليا عوضا عن ثقبة في الإمارة ، وأشرك معه ابنه أحمد بن عجلان (٢) ، فبلغت شهاب الدين أبا سليمان فجعل له ربع الحاصل ، ثم جعل له ربعا آخر ، ثم ترك له الإمارة على أن لا يسقط اسمه من الخطبة والتعريف على زمزم بعد المغرب ، فوفى له ابنه أحمد بذلك حتى توفي السيد عجلان في جماد الآخر سنة [سبع](٣) وسبعين وسبعمائة بمكة.

وفي إنباء الغمر للحافظ ابن حجر (٤) : كان عجلان ذا عقل ومروءة وشهامة (٥) ، اقتنى من العقار والعبيد [شيئا كثيرا](٦) ، وكان يحترم أهل السّنّة ويراعى الرعية ، وفي أيامه عوّض عن المكس الذي كان يأخذه من المأكولات بمكة ألف إردب قمح تحمل إليه من مصر. انتهى.

__________________

(١) بنو حسن : هم عقب الحسن بن أبي نمي الثاني ، وهم أكثر النمويين عددا وأبعدهم ذكرا.

انتشر أفراد هذا العقب بين الحجاز ونجد ، فمنهم في مكة وضواحيها والطائف وتربة الخرمية والخرمة ورنية (انظر : قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص : ٤٤ ـ ٤٥).

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥١) ، وغاية المرام (٢ / ١٨١) ، والعقد الثمين (٣ / ٥٥) ، والدليل الشافي (١ / ٥٩) ، وإنباء الغمر (١ / ٣٢٠) ، ونزهة النفوس (١ / ١٤٦) ، والمنهل الصافي (١ / ٣٨٩) ، والعقود اللؤلؤية (٢ / ١٨٧) ، والدرر الكامنة (١ / ٢٠٢) ، وخلاصة الكلام (٣٣ ـ ٣٤) ، والأعلام (١ / ١٦٨).

(٣) في الأصل : سبعة.

(٤) إنباء الغمر (١ / ١١٥).

(٥) في الأصل : وشهام.

(٦) في الأصل : شيء كثير.

٧٥٣

وكان الشريف عجلان حارب أحمد بن عيسى الخزاعي صاحب حلي ، وكان النصر لعجلان ، ثم إن أحمد المذكور قبض على أشراف من بني حسن أقاربه وغيرهم واعتقلهم في الحبس ، وكانوا جماعة. انتهى.

ثم تولى الشريف أحمد بن عجلان أميرا على مكة بعد وفاة أبيه مستقلا بأمرها من ابتداء سبع وسبعين حتى توفي في العشرين من شعبان سنة سبعمائة [وثمان](١) وثمانين.

وفي إنباء الغمر لابن حجر (٢) : وكان أحمد بن عجلان عظيم الرئاسة [والحشمة](٣). اقتنى من العقار والعبيد شيئا كثيرا ، وكان ولّاه أبوه عجلان أميرا على مكة وهو حي ، وكان قبل ذلك ينظر في الأمور نيابة عن أبيه أيام مشاركة أبيه وعمه ثقبة ، ولم يزل أحمد يتقدم في الأمور إلى أن غلب على أبيه عجلان إلى أن أفرده بالإمارة ، واستمر إلى أن توفي ، وكانت له بمكة خطوب وحروب.

ثم محمد بن أحمد بن عجلان (٤) ، وكان أحمد والده حبس جماعة من جملتهم عمه محمد بن عجلان وأحمد بن ثقبة وولده حسن بن ثقبة وغيرهم من الأشراف ، وكان عنان بن مغامس بن رميثة بن أبي نمي (٥) من جملة المحبوسين ، فهرب من الحبس ، ووصل إلى القاهرة وشكى إلى صاحب مصر

__________________

(١) في الأصل : ثمانية.

(٢) إنباء الغمر (١ / ٣٢٠).

(٣) في الأصل : والحشم. وانظر إنباء الغمر.

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ١٩٥) ، والعقد الثمين (٢ / ٣٣) ، والعقود اللؤلؤية (٢ / ١٨٩) ، والنجوم الزاهرة (١١ / ٢٤٥) ، والأعلام (٥ / ٣٢٩).

(٥) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ٢٠٠) ، والعقد الثمين (٥ / ٤١٦) ، والإكليل (١٠ / ١٣٥ ، ١٥٨) ، والأعلام (٥ / ٩٠).

٧٥٤

فيما فعله كبيشة بأمر ابن أخيه محمد بن أحمد بن عجلان والتزم بتعمير مكة ، وسأل إمارتها فأجيب إلى سؤاله.

وفي مستهل ذي الحجة من هذه السنة حضر أمير مكة محمد بن أحمد إلى المحمل المصري بظاهر مكة على عادة أمراء مكة ، فابتدره شخص من الجند فقتله ، وزعم أن السلطان أذن له في ذلك ، فجمع أمير الحج عساكره وخرج من مكة خوفا عليهم وعلى الحجاج ، وكان الشريف عنان بن مغامس بن رميثة صحب الحج مختفيا ، فلما حصل ما حصل ألبسه أمير الحج الخلعة (١) عوضا عن السلطان وأن يكون هو أمير مكة.

وفي الأخبار المستفادة لصلاح الدين المكي : أن سبب غيظ السلطان على الشريف محمد بن أحمد من فعله بعمه ومن معه من الأشراف ، فعوجل محمد في هذه السنة المدة اليسيرة ، ومدة ولايته على مكة بعد أبيه مائة يوم.

ثم تولى عنان بن مغامس ، واشترك معه في الأمر ابن عمه : [أحمد بن](٢) ثقبة (٣) ، وعقيل بن مبارك (٤) ، [وأخوه](٥) علي (٦) ، واستمر عنان

__________________

(١) الخلعة : بدلة أو بعض لباس كالجبّة ونحوها ، ترسل من السلطان إلى أمير أو وال ، وهي علامة الرضا والاستمرار في العمل (معجم الكلمات الأعجمية والغريبة للبلادي ص : ٤٤).

(٢) قوله : أحمد بن ، زيادة على الأصل. وانظر مصادر ترجمته.

(٣) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ٢٢٣) ، والعقد الثمين (٣ / ١٣) ، والدليل الشافي (١ / ٤٢) ، والنجوم الزاهرة (١٣ / ١٧٧) ، وإنباء الغمر (٢ / ٤٣٦) ، والضوء اللامع (١ / ٢٦٦) ، والمنهل الصافي (١ / ٢٥٨).

(٤) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ٢٢٤) ، والعقد الثمين (٥ / ٢٢٥) ، والضوء اللامع (٥ / ١٤٨).

(٥) في الأصل : وأخيه. وهو لحن.

(٦) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ٢٢٥) ، والعقد الثمين

٧٥٥

في الأمر حتى عزل في رجب سنة سبعمائة [تسع](١) وثمانين.

ثم علي بن عجلان (٢) ، وكان قبل ذلك جمع كبيش العربان ونهب جدة وأخذ منها [ثلاثة](٣) مراكب ، وتقاتل هو وعنان فقتل كبيش في المعركة بعد أن كاد يتم له النصر ، ولما قدم علي بن أبي عنان بن مغامس أبى [أن](٤) يسلم الأمر إليه ، فقاتله وانتصر عليه ، ورجع علي ومن معه إلى وادي مرّ ، واستمر عنان ومن معه مقيما بمكة حتى فارقوه عند وصول الحاج المصري إليها ، وقصد بجيلة ، فقصدهم علي بن عجلان وطائفة من الترك فغنموا خيلا وسلاحا كثيرا ، وعادوا إلى مكة في عشر ذي الحجة من السنة المذكورة ، ولما رجعوا تولى السيد علي بن عجلان بمفرده حتى شاركه فيها عنان بن مغامس.

وفي إنباء الغمر (٥) لابن حجر ونصه : وفي سنة سبعمائة وتسعين كانت الوقعة بين (٦) عنان بن مغامس وعلي بن عجلان فانكسر عنان ، وصوب عنان عزيمته إلى القاهرة فوصلها في شوال سنة سبعمائة [وثلاث](٧) وتسعين.

__________________

(٥ / ٢٩٢) ، والضوء اللامع (٥ / ٢٧٧).

(١) في الأصل : تسعة.

(٢) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٢) ، وغاية المرام (٢ / ٢٢٧) ، والعقد الثمين (٥ / ٢٨١) ، وابن الفرات (٩ / ٤٢٠) ، وشذرات الذهب (٦ / ٣٥٠) ، وابن إياس (١ / ٣٠٤) ، وخلاصة الكلام (ص : ٣٦) ، والأعلام (٤ / ٣١٢).

(٣) في الأصل : ثلاث.

(٤) قوله : أن ، زيادة على الأصل.

(٥) إنباء الغمر (١ / ٣٥٠).

(٦) في الأصل زيادة : بن. وهو خطأ.

(٧) في الأصل : ثلاثة.

٧٥٦

ووقعت بمصر فتنة انزعج منها السلطان ، ثم انطفئت فكان أول من بشّر السلطان بإطفائها عنان بن مغامس ، فشكره السلطان وأنعم عليه ، وأن يكون شريكا لعلي بن عجلان في إمارة مكة ، فسافر عنان من مصر ثاني عشر ربيع الآخر بعد أن استخدم عدة من الترك ، وكان وصوله مكة في شعبان من هذه السنة ، واستقر شريكا لعلي ، واصطلحا على أن يكون القواد مع عنان والأشراف مع علي ، وأن يقيم كل منهم بمكة ما شاء ولا يدخلها إلا لضرورة ، فلم ينتظم الأمر ، ونهب ركب اليمن وبعض المصريين.

وفي الأخبار المستفادة : واستمر عنان شريكا لعلي حتى فارقها متخوفا من آل عجلان ؛ لأنهم أرادوا الفتك به في المسعى في صفر سنة [أربع](١) وتسعين وسبعمائة ، وقطع ذكره في الخطبة وعلى زمزم بعد المغرب ، ثم آل الأمر إلى أن توجها إلى مصر واجتمعا عند السلطان ، وأجلس علي فوق عنان ، وأعطى الملك الظاهر عليا مالا وخيلا ومن الحبوب شيئا كثيرا ، ورجع إلى مكة وسار سيرة حسنة ، وأقام عنان بمصر محبوسا معزولا حتى مات في ربيع الأول سنة [خمس](٢) وثمانمائة ، وكان شجاعا كريما ، ذا رأي ، له نظر إلا أنه قليل الحظ. توفي وله من العمر [ثلاث وستون سنة](٣). انتهى.

ودخل علي بن عجلان وقت الموسم عام أربعة وتسعين وسبعمائة ،

__________________

(١) في الأصل : أربعة.

(٢) في الأصل : خمسة.

(٣) في الأصل : ثلاثة وستين. وقوله : سنة ، زيادة من ب.

٧٥٧

وفي آخر يوم منها قبض على سبعين [نفرا](١) من القواد والأشراف ، ولم يزالوا به حتى خدع وأطلقهم فكمنوا له وشوشوا عليه حتى قتلوه مع بعض أقاربه في شوال سنة [سبع](٢) وتسعين وسبعمائة بوادي مرّ الظهران (٣) ، وهرب الذين قتلوه ، وحمل إلى مكة ودفن ليلا بالمعلا.

وكان عليا هذا شابا حسن الصورة كريما عاقلا رزين العقل. وكان أمير مكة وما معها وابن أميرها ، ومدة إمارته ثمان سنين وشهرين لأنه ولي الأمر سنة [تسع](٤) وثمانين وسبعمائة.

ثم ولي أخوه حسن بن عجلان (٥) بعد أن كان محاصرا بالزاهر ، وكان [قد](٦) توجه إلى مصر ، فلما وصل الخبر بموت أخيه فوّض إليه الملك الظاهر إمارة مكة ، وجاء الخبر بولايته وقت الموسم ، وكان أخوه محمد بن عجلان (٧) وأحمد بن عجلان وعبيد أبيه قد استولوا على مكة وحفظوها حتى وصل إلى مكة في ربيع الآخر سنة [ثمان](٨) وتسعين وسبعمائة ومعه بلاغ الناصر في جماعة كثيرة من الترك ، ولم تتم السنة حتى وقع بين السيد حسن وبين من قتل أخيه وقعة عظيمة في الخامس والعشرين من شوال من

__________________

(١) في الأصل : نفر.

(٢) في الأصل : سبعة.

(٣) مرّ الظهران : موضع على مرحلة من مكة ، كانت به عيون كثيرة لأسلم وهذيل وغاضرة (معجم البلدان ٥ / ١٠٤).

(٤) في الأصل : تسعة.

(٥) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٤) ، وغاية المرام (٢ / ٢٤٦) ، والعقد الثمين (٣ / ٣٤٧) ، والأعلام (٢ / ١٩٨).

(٦) قوله : قد ، زيادة على الأصل.

(٧) انظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٤) ، وغاية المرام (٢ / ٢٤٢) ، والعقد الثمين (٢ / ٢٦٠) ، والضوء اللامع (٨ / ١٥٠).

(٨) في الأصل : ثمانية.

٧٥٨

هذه السنة ، وكان الظفر لحسن بحيث لم يقتل من جماعته إلا مملوكا واحدا ، وقتل منهم من الأشراف سبع ، ومن أتباعهم نحو الثلاثين ، وعظم بذلك أمره واستفحل حتى قهر كل من عانده ، وساس الأمور بمكة وجدة مع التجار [وروّع](١) الرعية ، واستمر في زيادة وهيبة في القلوب إلى أن استقر في نيابة السلطنة بالأقطار الحجازية جميعها ، واستناب بالمدينة الشريف عجلان بن [نعير](٢) ، وخطب له على منبر المدينة المنورة.

وفي ثمانمائة واثنين توفي بمكة الشريف محمد بن عجلان الذي كان أعماه كبيش ، وكان نائبا في إمارة مكة ، واستمر خاملا إلى أن توفي.

وفي ثمانمائة وثلاثة توفي بمكة محمد بن [محمود](٣) بن أحمد بن رميثة بن أبي نمي (٤) من بيت الملك ، وكان نائبا في إمارة مكة ، وكان خاله علي بن عجلان لا يقطع أمرا دونه ، وكانت لديه فضيلة ، وينظم الشعر ، مع كرم وعقل.

مات في شوال سنة ثمانمائة وسبعين ، وقد جاوز الأربعين.

وفي سنة ثمانمائة وسبعين في أيامه حدث بمكة قاضيان : حنفي ومالكي ، فالحنفي : شهاب الدين أحمد بن الضياء محمد بن محمد بن سعيد الهندي. والمالكي : المحدث تقي الدين أحمد بن علي الفاسي ، ثم إن السيد حسن أرسل إلى صاحب مصر رسالة وسأله أن يكون نصف الأمر لولده أحمد فأجابه ، واستمر السيد حسن وولده إلى اثني عشر وثمانمائة فعزله

__________________

(١) في الأصل : وراع.

(٢) في الأصل : نفير. وانظر ترجمته في : شفاء الغرام (٢ / ٣٥٥) ، والضوء اللامع (٥ / ١٤٥).

(٣) في الأصل : محمد. وانظر مصادر ترجمته.

(٤) انظر ترجمته في : العقد الثمين (٢ / ٣٩٨) ، والضوء اللامع (١٠ / ٤٢).

٧٥٩

السلطان ، ثم ولي الشريف علي بن مبارك بن رميثة بن أبي نمي ولم يتم أمره.

وفي تاريخ الصلاح : استعد أمير الحج لمحاربة السيد حسن وأولاده ، واستعد السيد حسن كذلك ، وحصل لأهل مكة غاية التعب ، ثم أخمد الله الفتنة بوصول الأمير فيروز من خواص الملك الظاهر بتشاريف للسيد حسن وولديه ، فقرأ العهد في مستهل ذي الحجة من السنة المذكورة.

وفيها : توفي السيد أحمد بن ثقبة بن رميثة أحد أمراء مكة ، وكان قد اشترك مع عنان في الولاية الأولى مع كونه كان مكحولا ، كحّله كبيش كما تقدم.

وفي ثمانمائة وأربعة عشر قتل وبير بن بختار (١) بن محمد بن عقيل بن راجح بن إدريس بن قتادة الحسني أمير ينبع ، له في إمارتها أزيد من عشرين سنة ، وقتل معه [أخوه](٢) وابنه علي وجملة قتلا ، واستقر الشريف عقيل بن وبير.

وفي خمسة عشر في جماد الآخر سنة [خمس عشرة](٣) وثمانمائة هجم ابن [أخي](٤) الشريف حسن وهو رميثة بن محمد بن عجلان ، دخل مكة في جمع كثير من أصحابه ، وأقاموا بها إلى الظهر ، ولم يحدثوا شيئا وخرجوا منها ، وقام جابر بن عبد الله الحراشي والي جدة من طرف الحسن في الصلح ، وكان جابر بمنزلة رفيعة عند الشريف حسن ، ولّاه الشريف

__________________

(١) في الدر الكمين (٢ / ٧٣٤) ذكر أنه : نخبار ، وفي إتحاف الورى (٥ / ٣٧١) والعقد الثمين (٤ / ١٤٤) : مخبار ، وفي جداول أمراء مكة : محبار ، مشجرة رقم ٢.

(٢) في الأصل : أخاه ، وهو لحن.

(٣) في الأصل : خمسة عشر.

(٤) في الأصل : أخ.

٧٦٠