تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

وفي الإعلام (١) : وعمّر هذا المسجد قريبا ، ثم انهدم وبنى حوله العربان بيوتهم ، وهم يصلون فيه الآن ، إلا أنه يحتاج إلى بناء عظيم.

قال الفاسي : وطول هذا المسجد من الجدار الذي فيه المحراب إلى الجدار المقابل له : ثمانية عشر ذراعا ، وعرضه كذلك ، كل ذلك بذراع الحديد ، [ويقصده](٢) الناس صبح يوم السبت من ذي القعدة. قال الفاسي : وما عرفت سبب ذلك. انتهى. (٣).

قلت : وهذا المسجد بالمعابدة معروف ، وهو الآن عمار ، عمّر زمن السلطان عبد المجيد خان يزار ويصلون فيه ، وفيه يقرؤون الأطفال القرآن. انتهى.

قال القرشي في البحر العميق : إن بسوق الليل بقرب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسجد يقال له : المختبأ ، يزوره الناس في صبيحة اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل سنة. ثم قال القرشي : ولم أر أحدا تعرّض لذكره ، ولا يعرف شيء من أخباره. انتهى (٤).

قال الفاسي (٥) : وذرع هذا المسجد من وسط الجدار إلى وسط الجدار المقابل له الذي فيه المحراب : ثمانية أذرع إلا [ثلثا](٦) ، وعرضه سبعة أذرع وثلث ، الجميع بذراع الحديد.

قلت : هذا المسجد لم يعرف الآن.

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٥٣).

(٢) في الأصل : ويقصدونه.

(٣) شفاء الغرام (١ / ٤٩٦).

(٤) البحر العميق (٣ / ٢٨٨).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٤٩٥).

(٦) في الأصل : ثلث.

٥٢١

ومنها : مسجد بأسفل مكة ينسب إلى أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه ، يقال : إنه من داره التي هاجر منها إلى المدينة. انتهى (١).

وفي تاريخ الشيخ مصطفى جنابي : أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي‌الله‌عنه ولد بمنى.

ومنها : مسجد سيدنا خالد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، وهو الموضع الذي غرز فيه رايته يوم فتح مكة. ففي المواهب اللدنية (٢) من رواية موسى بن عقبة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث خالد بن الوليد يوم فتح مكة في قبائل قضاعة وسليم ، وأمره أن يدخل من أسفل مكة ، وأمره أن يغرز رايته عند أدنى البيوت ـ أي : أقربها إلى الثنية ـ وكان مغرز رايته في أول بيوت مكة. اه.

قال العلامة الشيخ جمال شيخ المكي : وقد بني في هذا الموضع مسجد على يمين الصاعد إلى التنعيم بحارة المسماة الآن بحارة الباب ، وهذه العمارة الموجودة الآن [عمرت](٣) سنة ألف ومائتين وثمانين ، بناها حسن أفندي ناظر التكية ، ثم وسّعه رجل هندي [في السنة المذكورة](٤). انتهى.

ومن ذلك : مسجد بذي طوى ، نزل هناك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين اعتمر وحين حج تحت شجرة في موضع المسجد.

قال ابن الجوزي في المثير (٥) : وقد بنته زبيدة. كذا في البحر العميق (٦).

وفي منسك ابن جماعة : كان ينزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذي طوى حتى يصلي الصبح ،

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٤٩٥) ، والبحر العميق (٣ / ٢٨٨).

(٢) المواهب اللدنية (١ / ٥٧٠).

(٣) زيادة من الغازي (١ / ٧٢٣).

(٤) في الأصل : سنة ألف ومائتين وثمانين. والتصويب من الغازي (١ / ٧٢٣).

(٥) مثير الغرام (ص : ٣٤٥).

(٦) البحر العميق (٣ / ٢٨٩).

٥٢٢

ومصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أكمة غليظة ليس في المسجد الذي بني ثمّ ولكن أسفل من ذلك ، وأنه استقبل صلى‌الله‌عليه‌وسلم عرض الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل نحو الكعبة ، يجعل المسجد الذي بني ثمّ يسار المسجد الذي بطرف الأكمة ، ومصلّاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسفل منه على أكمة سوداء ، يدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها ثم يستقبل العرض من الجبل الطويل [الذي](١) بينك وبين الكعبة فهو مصلاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم. اه.

وفي حاشية الشيخ يحيى الحباب : مسجد بذي طوى ، روي عن ابن الزبير أنه قال : حج ألف نبي من بني إسرائيل خلفوا رواحلهم بذي طوى واغتسلوا منه.

وقال ابن الضياء : إن الملائكة استمرت فيه ألف عام ، ينتظرون قدوم آدم عليه‌السلام ، وبه خلع نعليه حين قدومه للبيت ، وسلك على منواله [سبعون](٢) نبيا. انتهى.

قلت : وقد دثر هذا المسجد ولم يعرف الآن. انتهى.

ومنها : مسجد بأجياد يقال له : المتكأ ، يقال : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اتكأ هناك. ذكره المحب الطبري (٣) ، وأنكره الأزرقي (٤) غير أنه أثبت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى في أجياد الصغير. اه.

وفي الإعلام : أن المتكأ دكة مرتفعة عن الأرض ملاصقة لدور بعض بني شيبة ، وهذا المكان داثر ، وما بقي منه إلا بعض أحجارها ، وطالما

__________________

(١) في الأصل : التي.

(٢) في الأصل : سبعين.

(٣) القرى (ص : ٦٦٥).

(٤) الأزرقي (٢ / ٢٠٢).

٥٢٣

سألت كثيرا من الناس الأعيان أن يعمروها [ويعيدوها](١) كما كانت ، فما وفق أحد لذلك ليكون ذلك الثواب نصيبا (٢) له. انتهى (٣).

قلت : هذا المحل لم يعرف الآن ، ولعله عند زاوية السيد الحدّاد.

ومن ذلك : مسجد على أبي قبيس ، يقال له : مسجد خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام.

قال الأزرقي : سمعت يوسف بن محمد بن إبراهيم يسأل عنه : هل هو مسجد إبراهيم خليل الرحمن؟ فرأيته ينكر ذلك ويقول : إنما قيل هذا حدثا من الدهر ، ولم أسمع أحدا من أهل العلم يثبته.

قال الأزرقي : وسألت جدي عنه : هل هذا المسجد مسجد إبراهيم خليل الرحمن؟ فكان ينكر ذلك ويقول : إنما هو مسجد إبراهيم [القبيسي](٤) ، إنسان كان في جبل أبي قبيس. اه (٥).

قلت : ولم يعرف هذا المسجد ، والمسجد الذي مبني به الآن بناه رجل هندي من التجار سنة ألف ومائتين [وخمس](٦) وسبعين. اه.

ومنها : مسجد في المحل المعروف الآن بالمحناطة ، على يمين الذاهب إلى الحرم ، في قبالة القبان ، بجانب ربع الرز وربع المغازل ، [وهذان الربعان](٧) من أوقاف السلطان قايتباي. كذا في حاشية السيد يحيى المؤذن.

__________________

(١) زيادة من الإعلام (ص : ٤٤٢).

(٢) في الأصل : نصيب. والصواب ما أثبتناه.

(٣) الإعلام (ص : ٤٤٢).

(٤) قوله : القبيسي ، زيادة من الأزرقي ، الموضع السابق ، والبحر العميق (٣ / ٢٨٩).

(٥) الأزرقي (٢ / ٢٠٢) ، والبحر العميق (٣ / ٢٨٩).

(٦) في الأصل : خمسة.

(٧) في الأصل : وهذين الربعين.

٥٢٤

يقال : إنه من عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. كذا في الحاشية. انتهى.

ذكر المساجد التي بمنى وما قاربها مما هو في الحرم

فمن ذلك : مسجد البيعة (١). وهي البيعة التي بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها الأنصار بحضرة عمه العباس بن عبد المطلب على ما ذكره أهل السير في شعب علي يسار الذاهب إلى منى ، قدام جبل الصراصر ، وهو بقرب عقبة منى الذي [فيه](٢) الدرج ، وفيه حجران مكتوب في أحدهما أن المنصور العباسي أمر ببناء هذا المسجد ، وهو مسجد البيعة التي كانت أول بيعة بايع بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعمّره بعد ذلك المستنصر العباسي. ذكره القرشي (٣).

وذكره القطب (٤) وقال : إنه على يسار الذاهب إلى منى ، بينه وبين العقبة بقدر غلوة (٥) أو أكثر ، وهذا المسجد تهدم ، فيه حجران مكتوب فيهما ما يدل على ذلك ، في أحدهما أمر عبد الله أمير المؤمنين أكرمه الله ببناء هذا المسجد ، مسجد البيعة التي كانت أول بيعة بايع فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عقد له العباس بن عبد المطلب ، وأنه بني في سنة [أربع](٦) وأربعين ومائة ، والمشار إليه أبو جعفر المنصور العباسي ، وعمّره أيضا المستنصر

__________________

(١) وهي البيعة المعروفة ببيعة العقبة الثانية التي كانت سببا مباشرا للهجرة النبوية. (انظر :تاريخ الطبري ١ / ٥٦٥).

(٢) في الأصل : فيها. والتصويب من الغازي (١ / ٧٢٥).

(٣) البحر العميق (٣ / ٢٨٨).

(٤) الإعلام (ص : ٤٤١).

(٥) الغلوة : قدر رمية بسهم (اللسان ، مادة : غلا). وتقدّر بثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة (المعجم الوسيط ٢ / ٦٦٠).

(٦) في الأصل : أربعة.

٥٢٥

العباسي كما في حجر آخر بناه في سنة [تسع](١) وعشرين وستمائة ، وتلك الحجارة ملقاة في ذلك المسجد الخراب ، يخشى عليها الضياع فيندثر أثر هذا المسجد ، وكان المرحوم إبراهيم دفتدار مصر سابقا شرع في تجديد هذا المسجد ، وأسسه وبنى بعض [طاقاته](٢) ، وتوفي رحمه‌الله قبل أن يتمّه ، وهو من المساجد المأثورة ، وهو الذي بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه سبعون من الأنصار بحضرة عمه العباس رضي‌الله‌عنه ، فنادى مناد بالعقبة (٣) ـ وهو شيطان ذلك المكان ـ : معاشر قريش ، إن الأوس والخزرج بايعوا محمدا على أن ينصروه ، فأمسكت الأنصار رضي‌الله‌عنهم بقوائم سيوفهم وقالوا : لنقاتلن الأحمر والأسود دون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكفاهم الله تعالى ببركة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم شر ذلك الشيطان ، وهو مسجد شريف يستجاب الدعاء فيه ، رحم الله من يكون سببا في تجديده وعمارته. انتهى ما ذكره القطب.

قلت : قد عمّر هذا المسجد في دولة السلطان عبد المجيد في سنة ألف ومائتين ونيف وخمسين ، وهو رواق واحد من جهة القبلة ، وفي صدره محراب ، وقدام الرواق صحن كبير ، وعلى الصحن حائط عال ، والآن [عمار](٤). انتهى.

وطول هذا المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة ثمانية وثلاثون ذراعا وسدس.

__________________

(١) في الأصل : تسعة.

(٢) في الأصل : طاقته. والتصويب من الإعلام.

(٣) في الإعلام : فنادى أزب العقبة.

(٤) في الأصل : عمارة. والتصويب من الغازي (١ / ٧٢٧).

٥٢٦

وذكر الفاسي (١) : أن هذا المسجد كان له رواقان كل منهما (٢) مسقف بثلاث قبب على أربعة عقود ، وخلفها رحبة ، ولها بابان في الجهة الشامية ، [وبابان](٣) في الجهة اليمانية ، وطول الرواق المقدم من الجهة الشامية إلى الجهة اليمانية : ثلاثة وعشرون ، وعرضه أربعة عشر ، والرواق الثاني نحو ذلك ، وطول الرحبة من جدارها الشامي إلى اليماني : أربعة وعشرون ذراعا ونصف ، وعرضها : ثلاثة وعشرون ذراعا ونصف (٤).

ومنها : ـ أي من المساجد التي بمنى ـ المسجد الذي يقال له : مسجد الكبش.

قال القليوبي : جبل ثبير ، وفيه مسجد الكبش ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوقه حين أراده الكفار فقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ابرز عني ، فإني لا أحب أن تقتل فوقي ، وهو أعلى جبل بمنى ، وهو على يسار الذاهب إلى عرفة ، والمسجد بلحف جبل ثبير ، وهو مشهور بمنى ، وهو ليس مسجدا مسقفا ، وإنما هو حائط مبني على المحل ، طول الحائط قدر نصف القامة ، وهو على صخيرات ، وبجنبه مغارة ـ أي : مغارة الفتح ـ وهي التي كان يتعبد فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل مبعثه ، على ما ذكره أهل السير والتواريخ مما يلي الشمال ـ أي : شمال الشمس ـ. انتهى.

قال عبد الرحمن بن حسن بن القاسم عن أبيه : لما فدى الله تعالى إسماعيل بالذبح نظر إبراهيم عليه‌السلام فإذا كبش منهبط من ثبير على

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٤٩٧).

(٢) في الأصل : منها. وانظر شفاء الغرام (١ / ٤٩٧).

(٣) في الأصل : وباب. والمثبت من شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٤) في شفاء الغرام : وعرضها : ثلاثة وثلاثون ذراعا وسدس.

٥٢٧

العرق الأبيض الذي على باب الشعب ، فجاء إسماعيل وسعى ليأخذ الكبش [فزاغ](١) عنه ، فلم يزل يعرض له حتى أخذه على الصخار التي بأصل الجبل على باب الشعب الذي يقال له : مسجد الكبش ، ثم اقتاده إبراهيم عليه الصلاة والسلام حتى نحره في المنحر (٢) ، وقيل : نحره على ذلك الصفا ـ أي : الصخار الصافية ـ. ذكره الشيخ سعد الدين الإسفرائيني في زبدة الأعمال (٣).

وذكر الفاكهي (٤) خبرا على أنه يقتضى أن هذا الكبش نحر بين الجمرتين بمنى ـ أي : الجمرة الأولى والوسطى ـ بقرب مسجد النحر. ويؤيده : ما ذكره المحب الطبري (٥) عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام نحر الكبش في المحل الذي ينحر فيه الخلفاء اليوم.

قال المحب الطبري (٦) : وذلك في سفح الجبل المقابل له ـ أي : لثبير ـ. وأشار المحب الطبري إلى الموضع الذي يقال له اليوم : دار النحر بمنى ، فإن أمامها كان ينحر هدي صاحب اليمن قريبا من العقبة. ذكره القرشي (٧). وذكر القطب قصة الذبيح وهي مشهورة معلومة (٨).

__________________

(١) في زبدة الأعمال والأزرقي : فحاد.

(٢) أخرجه الأزرقي (٢ / ١٧٥).

(٣) زبدة الأعمال (ص : ١٥١ ـ ١٥٢).

(٤) أخبار مكة (٥ / ١٢٤).

(٥) القرى (ص : ٤٤٨).

(٦) القرى (ص : ٤٤٩).

(٧) البحر العميق (٣ / ٢٨٨).

(٨) الإعلام (ص : ٤٥١).

٥٢٨

قال الفاسي (١) : [ولهذا المسجد](٢) ثلاثة أروقة مكشوفة لا سقف لها ، وفي كل من المقدّمين عقدان ، وله أبواب خمسة : اثنان في جدره القبلي على يمين المحراب ويساره ، واثنان في مؤخره ، وفي الرواق الأوسط باب يدخل منه إلى الرواق المقدم ، وفي مؤخره عند بابه الذي يلي المشرق حفرة صغيرة ، فيها حجر مبني في الجدار ، فيه [أثر](٣) يقال : إنه أثر الكبش الذي فدي به الذبيح ابن إبراهيم عليهما‌السلام.

وطول هذا المسجد من مؤخره إلى جدره القبلي : ستة عشر ذراعا وربع ، وعرضه : ثلاثة عشر ذراعا (٤) ، والجميع بذراع الحديد ، وأكثر هذا المسجد الآن خراب ، وكان [كل من](٥) راوقيه المقدمين مسقوفا بثلاث قبب ، [وسقط](٦) جميع ذلك. اه.

ومنها : مسجد بمنى عند الدار المعروفة بدار النحر ، بين الجمرة الأولى والوسطى ، وهي قريبة للوسطى على يمين الصاعد إلى عرفة ، يقال : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه ، ونحر هديه على ما هو موجود في حجر فيه مكتوب ذلك ، وفيه : أن الملك قطب الدين أبا بكر بن المنصور صاحب اليمن أمر بعمارته في سنة خمس وأربعين وستمائة (٧).

قال القطب (٨) : نحر فيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة ، وأمر

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٤٩٩).

(٢) في الأصل : وهذا لمسجد. وانظر : شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٣) في الأصل : أنه. والمثبت شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٤) في شفاء الغرام زيادة : وسدس.

(٥) قوله : كل من ، ساقط من الأصل ، والمثبت من ب ، وانظر شفاء الغرام (١ / ٤٩٩).

(٦) في الأصل : سقط. والصواب ما أثبتناه.

(٧) إتحاف الورى (٣ / ٦٦).

(٨) الإعلام (ص : ٤٣٨).

٥٢٩

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يكمل نحر المائة بدنة عنه ، وهو موضع مأثور مشهور ، غير أنه دثر ، عمّر من عمّره. انتهى كلامه.

وطول هذا المسجد على ما ذكره الفاسي (١) : ثمانية أذرع ، وعرضه سبعة ، الجميع بذراع الحديد.

قلت : وهو الآن عمار ، والحجران المكتوبان موجودان في حائطه بجانب المحراب ، وهو في زقاق وهو مشهور. انتهى.

ومنها : مسجد الخيف (٢) ، وهو مسجد مشهور عظيم الفضل.

قال ابن فارس اللغوي : الخيف : ما ارتفع من الأرض وانحدر من الجبل ، ومسجد منى المشهور يسمى : مسجد الخيف ؛ لأنه في سفح جبلها.

قال الأزرقي رحمه‌الله (٣) : ذراع مسجد الخيف من وجهه في طوله من حدته إلى حدّ دار الإمارة التي تلي عرفة مائتا ذراع وثلاثة [وتسعون](٤) ذراعا واثنا عشر أصبعا ، [ومن](٥) حدّته التي [تلي](٦) الطريق السفلى في عرضه إلى حدته التي تلي الجبل مائتا ذراع وأربع أذرع واثنا عشر أصبعا ، وطوله مما يلي الجبل من حدته السفلى [إلى حدته](٧) التي تلي دار الإمارة

__________________

(١) الفاسي (١ / ٤٩٨).

(٢) مسجد الخيف : الخيف : ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ، ومنه سمي مسجد الخيف من منى ، وهو خيف بني كنانة (معجم البلدان ٢ / ٤١٢). ويسمى مسجد العيشومة ، وهي شجرة كانت نابتة هناك. أنشأه الخليفة العباسي المعتمد على الله سنة ٢٥٦ ه‍. عمّر عدة مرات ، كان آخرها في العهد السعودي (الأزرقي ٢ / ١٧٤ ، والجامع اللطيف ص : ٣٢٧ ، ومرآة الحرمين ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٥ ، ومعالم مكة التاريخية ص : ٢٧١).

(٣) الأزرقي (٢ / ١٨١ ـ ١٨٢).

(٤) في الأصل : وسبعون. والمثبت من الأزرقي (٢ / ١٨١).

(٥) في الأصل : من.

(٦) في الأصل : تلطم. والمثبت من الأزرقي (٢ / ١٨١) ، والبحر العميق (٣ / ٢٨٩).

(٧) زيادة من الأزرقي والبحر العميق ، انظر الموضعين السابقين.

٥٣٠

مائتا ذراع وأربع وستون ذراعا وثمانية عشر أصبعا ، وعرضه مما يلي دار الإمارة مائتا ذراع. ثم عدّ أطلاله ـ أي : أروقته وبيبانه وأساطينه وشرفاته وطول جداره وعرض بيبانه وطولها ـ ثم قال : وفيه منارة في وسطه مربعة عرضها ستة أذرع واثنا عشر أصبعا في مثلها ، وطولها في السماء أربعة وعشرون ذراعا ، وفيها من الدرج إحدى [وأربعون](١) درجة من ذلك من الخارج درجتان ، وفيها ثمان مستراحات ، وفيها ثمان كوات ، وبابها طاق ، وفوقها ثمان شرافات على كل وجه شرافتان. انتهى.

وممن عمّر المسجد : أم الخليفة الناصر ، واسمها مكتوب على بابه الكبير ، وعمّره قبل ذلك الجواد وزير صاحب الموصل ، وعمّره سنة عشرين وسبعمائة تاجر دمشقي يقال له : ابن المرجاني. كذا في البحر العميق (٢).

ومصلّاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المسجد.

عن يزيد بن الأسود قال : شهدت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجّته ، فصلّيت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف (٣). رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

وعن خالد بن مضرس أنه رأى مشايخ من الأنصار يتحرون مصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمام المنارة أو قربها. رواه الأزرقي (٤) وقال : حذو الأحجار

__________________

(١) في الأصل : وأربعين.

(٢) البحر العميق (٣ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩).

(٣) أخرجه الترمذي (١ / ٤٢٥) ، والنسائي (٢ / ١١٢). ولم أقف عليه في سنن ابن ماجه.

(٤) أخرجه الأزرقي (٢ / ١٧٤) ، والفاكهي (٤ / ٢٦٩). وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٥٠١) ، والطبري في القرى (ص : ٥٣٩) وعزاه للأزرقي ، وأبي ذر. وانظر التاريخ الكبير (٣ / ١٧٤).

٥٣١

التي بين يدي المنارة ، وهو موضع مصلّاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفي الإعلام (١) : وقد بني قبة على موضع مصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. اه.

وفي حاشية الشيخ يحيى الحباب : مصلّاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو في محل المحراب الذي في القبة الكبيرة التي في وسط مسجد الخيف. اه.

ثم قال القطب في الإعلام (٢) : وهذه القبة التي بصحن المسجد التي على موضع مصلاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بناها السلطان قايتباي وذلك في آخر سنة [سبع](٣) وسبعين وثمانمائة أو التي بعدها ـ [وقد](٤) أمر السلطان قايتباي ببناء مسجد الخيف وغيّر الصفة التي ذكرها الأزرقي ـ.

قال : وفي قبالة المسجد مما يلي دار الإمارة ثلاث ظلال ، وفي [الشق](٥) الثاني الذي يلي أسفل منى ظلة واحدة ، وفي الشق الذي يلي الجبل ظلة واحدة.

وأما الصفة التي بناها قايتباي وهي [التي](٦) هي عليه اليوم أربعة جدر دائرة به ، وفي صدره مما يلي القبلة أروقة ومحراب في وسطه ، والجهات الباقية ليس بها أروقة ، وجعل بلصق القبة التي هي محل صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مأذنة غير المأذنة التي على عقد الباب ، وجعل في وسط المسجد صهريجا يملأ من المطر لشرب الحجاج ، وجعل للمسجد بابا من جهة السوق ، كبيرا ، وبابا من جهة عرفة صغيرا ، وخوخة صغيرة من جهة

__________________

(١) الإعلام (ص : ٢٢٣).

(٢) انظر : الإعلام (٢٢٣ ـ ٢٢٤).

(٣) في الأصل : سبعة.

(٤) زيادة على الأصل.

(٥) في الأصل : شق.

(٦) في الأصل : الذي.

٥٣٢

الجبل. اه.

وذكر الفاسي في شفاء الغرام (١) هذا المسجد وصفته وذرعه ، فلا يحتاج إلى ذكر ذلك ؛ لأن الصفة التي كانت بزمن الأزرقي وزمنه قد غيرت.

وأما ذكر فضائله ؛ [ففي](٢) البحر العميق أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صلّى في مسجد الخيف سبعون نبيا» (٣).

وفي معجم الطبراني الكبير عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «[صلّى](٤) في مسجد الخيف سبعون نبيا ، منهم موسى» (٥).

ومن ذلك : ما أخرجه البزار في مسنده (٦) ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا» (٧). رجال إسناده ثقات. قال الفاسي (٨) : رجاله ثقات والذي قبله.

وعن مجاهد قال : حج البيت [خمسة](٩) وسبعون نبيا كلهم قد طافوا بالبيت وصلّوا في مسجد الخيف ـ أي : مسجد منى ـ فإن استطعت أن لا تفوتك الصلاة فيه فافعل (١٠).

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٥٠١).

(٢) في الأصل : في.

(٣) البحر العميق (١ / ٣٤).

(٤) زيادة من المعجم الكبير.

(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١١ / ٤٥٢).

(٦) لم أقف عليه عند البزار.

(٧) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٢٩٧) وعزاه للبزار وقال : رجاله ثقات. (وانظر : كشف الأستار ٢ / ٤٨ ـ ٤٩ ، وأخبار مكة للفاكهي ٤ / ٢٦٦).

(٨) شفاء الغرام (١ / ٥٠٠).

(٩) في الأصل : خمس.

(١٠) أخرجه الأزرقي (٢ / ١٧٤) ، والفاكهي (٤ / ٢٦٨ ح ٢٥٩٩) ، وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٥٠٠).

٥٣٣

وعن عطاء قال : [قال](١) أبو هريرة رضي‌الله‌عنه : لو كنت من أهل مكة لأتيت منى كل سبت (٢). رواه الأزرقي.

وعن الجنيد مثله ، عن أبي هريرة : لو كنت امرأ من أهل مكة لأتيت مسجد الخيف كل سبت فأصلي فيه. ذكره الفاسي (٣).

وفي المعجم (٤) : لا تشدّ الرحال إلا لثلاثة : مسجد الخيف والمسجد الحرام ومسجدي هذا. إسناده ضعيف.

ذكره الفاسي في شفاء الغرام ثم قال (٥) : إن قبر آدم فيه بعد أن صلّى عليه جبريل عليه‌السلام عند باب الكعبة. انتهى.

قال الأزرقي (٦) : إن قبر آدم عليه الصلاة والسلام بقرب المنارة فيها. ذكره القرشي (٧).

وقيل : قبره في جبل [أبي](٨) قبيس ، وقيل : في الهند ، وقيل : غير ذلك.

قال المرجاني في بهجة النفوس : يروى أن أربعمائة نبي عليهم‌السلام ماتوا بالقمل في مسجد الخيف. ذكره الأزرقي. قاله القرشي (٩).

قال بعض الصالحين : وفي كل سنة من الموسم يجتمع الخضر وإلياس عليهما‌السلام بمسجد الخيف بمنى وكثيرا من الأولياء يأتون إليه. انتهى.

__________________

(١) قوله : قال ، زيادة على الأصل.

(٢) أخرجه الأزرقي (٢ / ١٧٤).

(٣) الفاسي (١ / ٥٠١).

(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٥ / ٢١١ ح ٥١١٠) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٤) وعزاه للطبراني. وانظر : شفاء الغرام (١ / ٤٩٩).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٥٠٠) ، وانظر : أخبار مكة للفاكهي (٤ / ٢٦٨).

(٦) الأزرقي (٢ / ١٧٤).

(٧) البحر العميق (١ / ٣٤).

(٨) في الأصل : أبو.

(٩) البحر العميق ، الموضع السابق.

٥٣٤

ومنها : خلف هذا المسجد مما يلي الجبل في مقابلة ركنه الذي من جهة عرفات مكان يعرف بمسجد المرسلات ؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه قال : بينما نحن مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه : (وَالْمُرْسَلاتِ) [المرسلات : ١ ـ ٥٠] وإنه ليتلوها وأنا أتلقاها من فيه ، وإن فاه لرطب [بها](١) إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اقتلوها» ، فابتدرناها فذهبت ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وقيت شرّكم كما وقيتم شرّها» (٢). متفق عليه واللفظ للبخاري.

قال الشيخ تقي الدين الفاسي : بلغنا عن الشيخ المجد الفيروزآبادي أنه قرأ في هذا الغار سورة (وَالْمُرْسَلاتِ) في جماعة ، فخرجت عليهم حية ، فابتدروها ليقتلوها فهربت ، قال : وهذا أغرب في الاتفاق لموافقة القصة التي [وقعت](٣) للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ذكره القرشي (٤).

قال القطب (٥) : وفيه أثر رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال ابن جبير (٦) بعد أن ذكر مسجد الخيف : وبقربه حجر [مسند](٧) إلى سفح الجبل مرتفع عن الأرض يظل ما تحته ، يذكر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قعد تحته مستظلا رأسه الشريف ، فلان الحجر حتى أثّر فيه تأثيرا بيّنا. وذكر قصة المجد الفيروزآبادي. لكن ذكر في محل آخر عند ذكر المحلات التي

__________________

(١) قوله : بها ، زيادة من الصحيحين.

(٢) أخرجه البخاري (٢ / ٦٥٠ / ح ١٧٣٣) ، ومسلم (٤ / ١٧٥٥ / ح ٢٢٣٤).

(٣) في الأصل : اتفقت. والتصويب من الإعلام (ص : ٤٥٢).

(٤) البحر العميق (١ / ٣٤).

(٥) الإعلام (ص : ٤٥٢).

(٦) رحلة ابن جبير (ص : ١٢١).

(٧) في الأصل : مستدير. والتصويب من الإعلام (ص : ٤٣٨) ، ورحلة ابن جبير ، الموضع السابق.

٥٣٥

يستجاب فيها الدعاء إلى أن قال :

وزاد الحافظ ابن الجوزي : وفي مسجد الخيف على يمين الذاهب إلى عرفات ، وبجنبه غار فيه تجويف في سقفه ، يزعم العامة أنه لان لرأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيضع الزائر فيه رأسه تبركا بموضع رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم أقف على خبر أعتمده في ذلك ، إلا أن الأثر وارد بنزول سورة (وَالْمُرْسَلاتِ) [المرسلات : ١ ـ ٥٠]. انتهى (١).

ذكر المواضع المباركة بمكة

المعروفة بالمواليد

قال القرشي (٢) : اعلم أن هذه المواضع مساجد ، وإنما اشتهرت بالمواليد عند الناس فأفردت عن المساجد بالذّكر.

منها : الموضع الذي يقال له : مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو مشهور في الموضع الذي يقال له : سوق الليل.

وفي حاشية شيخنا على مولد الدردير : ولد بسوق الليل على الصحيح ، في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف [أخي](٣) الحجاج ، وكانت قبل ذلك بيد عقيل بن أبي طالب.

قال ابن الأثير (٤) : قيل إن المصطفى وهبها له ، فلم تزل بيده حتى توفي عنها ، فباعها ولده لمحمد بن يوسف ، وقيل : إن عقيلا باعها بعد الهجرة تبعا

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٣٨).

(٢) البحر العميق (٣ / ٢٨٩).

(٣) في الأصل : أخ.

(٤) الكامل (١ / ٣٥٥).

٥٣٦

لقريش حين باعوا دور المهاجرين. اه.

قال الأزرقي (١) : البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو في دار محمد بن يوسف (٢) ، كان عقيل بن أبي طالب أخذه حين هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفيه وفي غيره يقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام حجة الوداع : وهل ترك لنا [عقيل](٣) من ظل؟ فلم يزل بيده وبيد ولده حتى باعه ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج ، فأدخله في داره التي يقال لها : البيضاء ، ثم تعرف بدار ابن يوسف ، فلم يزل ذلك البيت في الدار حتى حجّت الخيزران أم الخليفتين موسى الهادي وهارون الرشيد ، فجعلته مسجدا يصلّى فيه ، وأخرجته من الدار ، وأشرعته في الزقاق الذي في أصل تلك الدار يقال له : زقاق المولد.

قال الأزرقي (٤) : سمعت جدي ويوسف بن محمد يثبتان أمر المولد ، وأنه ذلك البيت بلا خلاف فيه عند أهل مكة.

وموضع مسقط رأسه الشريف في هذا المحل معروف إلى الآن ، وهو موضع مثل التنور. انتهى.

وقال السهيلي (٥) : ولد بالشعب ، وقيل : بالدار [التي](٦) عند الصفا ، وكانت لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج ، ثم بنتها زبيدة مسجدا حين حجّت أيضا.

__________________

(١) الأزرقي (٢ / ١٩٨).

(٢) دار ابن يوسف : في شعب علي ، وهو المعروف ب (المولد) قامت عليه مكتبة عامة عامرة.

(٣) في الأصل : عقيلا. والتصويب من الأزرقي ، الموضع السابق.

(٤) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ١٩٩) ، وانظر : أخبار مكة للفاكهي (٤ / ٥) ، وشفاء الغرام (١ / ٥٠٨).

(٥) الروض الأنف (١ / ٢٨٣). وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٠٩).

(٦) في الأصل : الذي.

٥٣٧

وهذا غريب. وأغرب من هذا ما قيل : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولد بالردم ـ أي : ردم بني جمح ـ وقيل : بعسفان. ذكر هذين القولين مغلطاي في السيرة. والمعروف من موضع مولده صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما سبق ، وأنه بسوق الليل.

وممن عمّر البيت الذي بسوق الليل الذي محل مولده الشريف : الناصر العباسي سنة [ست](١) وسبعين وخمسمائة ، ثم المظفر صاحب اليمن سنة ست [وستين](٢) وستمائة ، ثم حفيده الملك المجاهد علي بن المؤيد سنة [أربعين وسبعمائة](٣) ، وبعد ذلك عمّر مرارا. كذا في البحر العميق (٤).

وذكر الفاسي في شفاء الغرام (٥) ونصّه : أما صفته التي أدركناها عليه ، فإنه بيت مربع ، وفيه أسطوانة عليها عقدان ، [وفي](٦) ركنه الغربي مما يلي الجنوب زاوية كبيرة قبالة الباب الذي يلي الجبل ، وله باب آخر في جانبه الشرقي وفيه [عشرة](٧) شبابيك ، أربعة في حائطه الشرقي ، وهو الذي فيه الباب المقدم ذكره ، وفي حائطه الشامي ثلاثة ، وفي الغربي واحد. وفي الزاوية [اثنان](٨) ، واحد في جانبها الشمالي وواحد في جانبها اليماني ، وفيه محراب. وذرع تربيع الحفرة التي هي علامة على مسقط رأسه الشريف من كل ناحية : ذراع وسدس ، الجميع [بذراع الحديد](٩) ، وفي وسط الحفرة

__________________

(١) في الأصل : ستة ، وكذا وردت في الموضع التالي.

(٢) في الأصل : وسبعين. والتصويب من البحر العميق (٣ / ٢٩٠) ، والغازي (١ / ٧٤٥).

(٣) في الأصل : أربع وسبعين. والتصويب من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٤) البحر العميق (٣ / ٢٩٠).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٥١٠ ـ ٥١١).

(٦) في الأصل : في. والتصويب من شفاء الغرام (١ / ٥١٠).

(٧) في الأصل : عشر.

(٨) قوله : اثنان ، زيادة من شفاء الغرام (١ / ٥١٠).

(٩) قوله : بذراع الحديد ، زيادة من شفاء الغرام ، الموضع السابق.

٥٣٨

رخامة صغيرة خضراء ، وكانت هذه الرخامة مطوّقة بفضة. وذكر أن سعتها مع الفضة ثلثا شبر.

وذرع المكان [طولا](١) : أربعة وعشرون ذراعا وربع ذراع ، وذرعه من [الجدار](٢) الشمالي إلى الجدار المقابل له ـ وهو الجنوبي ـ الذي يلي الجبل ، وذرعه عرضا : [أحد](٣) عشر ذراعا وثمن ؛ وذلك من المشرق الذي فيه الباب إلى الجدار الغربي المقابل له ، وطول الزاوية المشار إليها : ثلاثة عشر ذراعا ونصف ، وعرضها : ثمانية ونصف. انتهى.

وفي منائح الكرم (٤) : وممن عمّره السلطان سليمان في سنة تسعمائة [وتسع](٥) وخمسين (٦). وعمّر منارته الموجودة الآن. انتهى.

وفي شرح ابن الجمال على الإيضاح قال : وعليه الآن قبة عالية بناها السلطان محمد خان بن السلطان مراد. وسيأتي خبر عمارته عند أمراء مكة. اه.

قلت : وممن عمّره محمد علي باشا صاحب مصر حين كان واليا على مكة ، وذلك في نيف وثلاثين بعد المائتين بعد الألف.

وممن عمّر فيه السلطان عبد المجيد خان ، وهو الآن عمار. اه.

وفي الإعلام (٧) : أنه يستجاب الدعاء في مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو موضع

__________________

(١) في الأصل : طوله. والمثبت من شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٢) في ب : الجدر. وكذا وردت في الأماكن التالية.

(٣) في الأصل : إحدى.

(٤) منائح الكرم (٣ / ٤٨٦).

(٥) في الأصل : تسعة.

(٦) منائح الكرم (٣ / ٢٦٤) ، وقد ذكر عمارته في سنة ٩٣٥ ه‍.

(٧) الإعلام (ص : ٤٣٨ ـ ٤٣٩).

٥٣٩

مشهور يزار إلى الآن ، ويكون كل ليلة [اثنتي عشرة](١) من ربيع الأول في كل عام ، تجتمع الفقهاء والأعيان مع نظّار الحرم والقضاة الأربعة بمكة بعد صلاة المغرب بالشموع الكثيرة والفوانيس والمشاعل ، والمشايخ مع طوائفهم بالأعلام الكثيرة ، ويخرجون من المسجد إلى سوق الليل ، ويمشون فيه إلى المحل الشريف بازدحام ، ويخطب فيه شخص ويدعو فيه للسلطان ، ثم يعودون إلى المسجد الحرام ، ويجلسون صفوفا من جهة الباب الشريف خلف المقام ، ويقف رئيس زمزم بين يدي ناظر الحرم والقضاة [ويدعو](٢) للسلطان ، ثم يؤذن للعشاء ، ويصلون على عادتهم ثم يتفرقون ، ويأتي (٣) الناس من البدو والحضر [وأهل جدة وسكان الأودية في تلك الليلة لإحياء هذه الليلة ويفرحون بها](٤) ، وكيف لا يفرح المؤمنون بليلة ظهر فيها أشرف الأنبياء والمرسلين ، وكيف لا يجعلونه [عيدا](٥) من [أكبر](٦) أعيادهم (٧) ، غير أن بعض [المتعسفين](٨) أنكر حصول هذا الجمع على هذا الوجه لما أنه تجتمع فيه من الملاهي والغوغاء ، واجتماع الرجال مع النساء ، فيكون ذلك بدعة ، ولم يحك عن السلف بشيء من ذلك.

قال القطب (٩) : والصواب أن هذه الجمعية إن حفظت من الجمع بين النساء والرجال وما يتوقع فيها من مواقع الملاهي فهي بدعة حسنة ،

__________________

(١) في الأصل : اثنا عشر.

(٢) في الأصل : ويدعون. والتصويب من الإعلام (ص : ٤٣٩).

(٣) في الأصل : ويأت.

(٤) في الأصل : إلى المولد. والمثبت من الإعلام ، الموضع السابق.

(٥) قوله : عيدا ، زيادة من الإعلام ، الموضع السابق.

(٦) في الأصل : أكبار. والتصويب من الإعلام ، الموضع السابق.

(٧) الإحتفال بالمولد والإجتماع له أمر لم يؤثر عن صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المقتدون بهديه والملتزمون بأمره ونهيه ، ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

(٨) في الأصل : المتقشفين. والتصويب من الإعلام ، الموضع السابق.

(٩) الإعلام (ص : ٤٣٩ ـ ٤٤٠).

٥٤٠