تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

السادس : باب بني سفيان بن عبد الأسد ، ويقال له اليوم : باب البغلة (١).

قال الفاسي (٢) : ولم أدر ما سبب هذه التسمية ، وفيه طاقان ، وسماه صاحب النهاية : باب الحناطين.

قال القطب (٣) : وقد جدّد هذا الباب ولم يعمل عليه من الشرافات شيء.

السابع : باب [بني](٤) عدي بن كعب. كانت دور بني عدي ما بين المسجد إلى الصفا فتحولت بنو عدي إلى دور بني سهم ، وباعوا أرباعهم ومنازلهم هناك. ذكره الأزرقي (٥) ، ويقال له : باب بني مخزوم. ذكره القرشي (٦).

قال القطب (٧) : ويقال له باب الصفا (٨) ، وفيه خمس طاقات ، وقد جدّد هذا الباب تجديدا حسنا ، وعدد شرفاته تسع وعشرون.

فائدة : ذكر ابن بطوطة في رحلته قال (٩) : ويخرج الساعي بعد طوافه من باب الصفا جاعلا طريقه بين الاسطوانتين التي أقامهما أمير المؤمنين المهدي العباسي علما على طريق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اه.

__________________

(١) باب البغلة : أنشأه الخليفة المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٠).

(٢) شفاء الغرام (١ / ٤٥٠).

(٣) الإعلام (ص : ٤٢٣).

(٤) قوله : بني ، زيادة من البحر العميق (٣ / ٢٨٠) ، والأزرقي (٢ / ٩٠).

(٥) الأزرقي (٢ / ٩٠).

(٦) البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

(٧) الإعلام (ص : ٤٢٣).

(٨) باب الصفا : سمّي بذلك ؛ لأن الخارج منه يستقبل الصفا. أنشأه الخليفة المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢١).

(٩) رحلة ابن بطوطة (١ / ١٥٩).

٣٨١

[وهاتان الاسطوانتان](١) في الرواق قبالة الباب الوسط من بيبان الصفا ، وفيها كتابة تدل على ذلك ، وهي رخام آخرها على يمين الخارج إلى باب الصفا والأخرى على يساره.

الثامن : باب أجياد (٢) الصغير ، وسمّاه بذلك ابن جبير ، وسمّاه أيضا : باب الخليفتين.

قال الأزرقي (٣) : ويقال له باب بني مخزوم ، وفيه طاقان.

قال القطب (٤) : أجياد الصغير ، وقد جدّد هذا الباب وعدد شرافاته [تسع عشرة](٥).

التاسع : باب المجاهدية (٦) ؛ [لأن](٧) عنده مدرسة الملك المجاهد صاحب اليمن ، وفيه طاقان ، ويقال له باب الرحمة.

قال الفاسي (٨) : وما عرفت سبب هذه التسمية ، وهو من أبواب بني مخزوم ، وكذا باب جياد الصغير ، كما ذكره الأزرقي وسماه صاحب النهاية : باب التمّارين.

__________________

(١) في الأصل : وهذه الاسطوانتين.

(٢) باب أجياد : أنشأه الخليفة المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٢).

(٣) الأزرقي (٢ / ٩٠).

(٤) الإعلام (ص : ٤٢٣).

(٥) في الأصل : تسعة عشر.

(٦) باب المجاهدية : سمّي بذلك ؛ لكونه عند مدرسة الملك المجاهد صاحب اليمن (كما ذكر المصنف) ، ويقال له باب الرحمة ، ويسمى الآن باب أجياد ؛ لأنه أمام شارع أجياد ، وقد أنشأه الخليفة المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٣).

(٧) في الأصل : لأنه.

(٨) شفاء الغرام (١ / ٤٥٠).

٣٨٢

قال القطب (١) : وقد جدّد هذا الباب ، وعدد شرفاته عشرون.

العاشر : باب مدرسة الشريف عجلان بن رميثة (٢) ، وفيه طاقان ، ويقال له : باب بني تيم ، وسماه صاحب النهاية : باب العلّافين.

قال القطب (٣) : وقد جدّد هذا الباب وعدد شرافاته عشرون.

قلت : وفي زماننا يعرف بباب التكيّة ؛ لأنه مقابل التكيّة (٤) المصرية.

الحادي عشر : باب أم هانئ بنت أبي طالب (٥) ، وفيه طاقان ، وهذا الباب مما يلي دور بني عبد شمس وبني مخزوم ، ويقال لهذا الباب : باب الملاعبة ، ويقال له : باب الفرج ، على ما وجد بخط الأقشهري ، وسماه صاحب النهاية : باب أبي جهل.

قلت : وفي زماننا يعرف بباب الشريف ؛ لأنه كان يخرج منه الشريف سرور إلى بيته الذي بجياد. انتهى.

قال القطب (٦) : وقد جدّد هذا الباب ، وعدد شرافاته [ثلاث عشرة](٧) شرافة.

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٢٣).

(٢) باب مدرسة الشريف عجلان : موقعه أمام باب التكية المصرية. أنشأه الخليفة المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٤).

(٣) الإعلام (ص : ٤٢٣).

(٤) التكيّة : مكان يطبخ فيه الطعام ويقدّم للفقراء ، وكانت في مكة والمدينة تكايا من هذا النوع. ويبدو أن اسمها عربي ، وكأنها وضعت لمن يتّكي فلا يعمل ولا يطلب رزقا ، حتى إذا حان وقت الوجبة اتجه إلى ذلك المطعم فيحصل على حاجته. ورأيت من قال إنها فارسية الأصل (معجم الكلمات الأعجمية والغريبة للبلادي ص : ٢٩).

(٥) باب أم هانئ : سمّي بذلك ؛ لكونه واقع أمام دارها أو باب أبي جهل أو باب الفرج.

أنشأه المهدي عام ١٦٤ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٩٨٤ (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٤).

(٦) الإعلام (ص : ٤٢٣ ـ ٤٢٤).

(٧) في الأصل : ثلاثة عشر.

٣٨٣

وهذه الأبواب السبعة في الشق الذي يلي الوادي وهو الجانب اليماني.

الثاني عشر : باب الحزورة (١) ، سمّي باسم أمة لرجل يقال له : وكيع بن سلمة ، وكان إليه أمر البيت ، فبنى فيه ضريحا جعل فيه أمة يقال لها : حزورة ، فيها سميت حزورة. انتهى من شفاء الغرام (٢).

وعامة [أهل](٣) مكة يسمونه : باب العزورة ـ بالعين المهملة ـ وإنما هو بالحاء المهملة ، وهو الذي يلي المنارة التي تلي أجياد الكبير ، وفيه طاقان.

قال الأزرقي (٤) : ويقال له باب [بني](٥) حكيم بن حزام وبني الزبير بن العوام. ذكره القرشي (٦).

قلت : وفي زماننا يعرف بباب الوداع ؛ لأن الحجاج حين توجههم بعد الحج إلى بلادهم يخرجون من هذا الباب.

قال القطب (٧) : لم يعمر فيه شيء.

الثالث عشر : باب إبراهيم (٨) ، وفيه طاق كبير.

__________________

(١) باب الحزورة : اسم لسوق في الجاهلية كانت في هذا المكان ، دخلت في المسجد الحرام عند توسعته ، ويعرف بباب بني حكيم بن حزام أو باب الزبير بن العوام أو باب الحزامية أو باب البقالية ، ويعرف الآن بباب الوداع. أحدثه الخليفة المهدي وابنه موسى الهادي عام ١٦٩ ه‍ ، وجددت عمارته عام ٨٠٤ أيام السلطان فرج بن برقوق الجركسي على يد الأمير بيسق ، ولا يزال هذا الباب على حاله إلى العصر الحاضر بغاية المتانة (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٥).

(٢) شفاء الغرام (١ / ٤٥١).

(٣) زيادة من الغازي (١ / ٦٥٣).

(٤) الأزرقي (٢ / ٩١).

(٥) قوله : بني ، زيادة من الأزرقي ، الموضع السابق.

(٦) البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

(٧) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٨) باب إبراهيم : هو أوسع أبواب المسجد الحرام ، وإبراهيم المنسوب إليه هذا الباب كان خيّاطا عنده على ما ذكره البكري في المسالك والممالك ، وأن العوام نسبوه إليه ، وقد أنشأه

٣٨٤

وذكر أبو عبيد البكري : أن إبراهيم المنسوب إليه هذا الباب [كان](١) خياطا عنده على ما قيل ، ونسبه سعد الدين الإسفرائيني في زبدة الأعمال فقال : باب إبراهيم الأصفهاني ، وبعضهم نسبه إلى إبراهيم [خليل](٢) الرحمن ، ولا وجه لخصوصيته دون الأبواب بالنسبة إليه. والله أعلم. ذكره القرشي في البحر العميق (٣) ، وذكره صاحب تاريخ الخميس.

قال القطب (٤) : ولم يجدّد هذا الباب أيضا لعمارة قصر فوقه ، عمّره الغوري ؛ لأنه جعل على باب إبراهيم عقدا كبيرا ، وجعل علوه قصرا وفي جانبه مساكن وبيوت معدة للكراء حول باب إبراهيم ، ووقف الجميع على جهات الخير.

قال القطب (٥) : ولا يصح وقف ذلك القصر ؛ لأنه في هواء المسجد الحرام ، وكذا المسكنان ؛ لأن أكثرهما واقع في أرض المسجد ، ولا يجوز المكث فيه للجنب ولا للحائض ؛ لأن حكمه حكم المسجد ، وما أمكن أحد من العلماء أن ينكروا عليه ؛ لأن ذلك في أيام سلطنته ودولته لعدم إنصافه لأهل الشرع ، وبنى أيضا مياضي خارج باب إبراهيم على يمين الخارج. وسيأتي ذكرها إن شاء الله في ذكر المياضي. انتهى.

__________________

خيّاطا عنده على ما ذكره البكري في المسالك والممالك ، وأن العوام نسبوه إليه ، وقد أنشأه السلطان الغوري وبنى عليه قصرا (كما قال المصنف) ، ولا يزال على ذلك البناء. (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٧).

(١) في الأصل : كانا.

(٢) في الأصل : الخليل.

(٣) البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

(٤) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٥) الإعلام (ص : ٢٤٤).

٣٨٥

السوق فهي حادثة في سنة ألف ومائتين [واثنتين](١) وثمانين في دولة السلطان عبد العزيز خان لأجل منع السيل عن المسجد الحرام.

الرابع عشر : باب بني سهم ، ويقال له اليوم : باب العمرة (٢) ، وفيه طاق واحد.

قال القطب (٣) : وقد جدّد هذا الباب ، وعدد شرافاته [ثمان](٤). وهذه الأبواب الثلاثة في الجانب الغربي.

الخامس عشر : باب [السدّة](٥). وقال صاحب النهاية : باب [سدة](٦) الوعظ (٧). انتهى.

ويقال له باب عمرو بن العاص على ما ذكره الأزرقي (٨) ، وفيه طاق واحد صغير. ذكره القرشي (٩).

__________________

(١) في الأصل : اثنين.

(٢) باب العمرة : ويقال له باب بني سهم. وقد أنشأه الخليفة أبو جعفر المنصور عام ١٣٧ ه‍ ، وجدّده الخليفة المهدي عام ١٦٠ ، ثم جددت عمارته مرة ثانية عام ٩٨٤ أيام السلطان سليم بن مراد خان (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٨).

(٣) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٤) في الأصل : ثمانية.

(٥) في الأصل : السدرة. والتصويب من البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

وباب السدة : سمّي بذلك ؛ لكونه سدّ ثم فتح. أنشأه الخليفة أبو جعفر المنصور عام ١٣٧ ه‍ ، ثم جدّده الخليفة المهدي عام ١٦٠ ، ثم جدّدت عمارته عام ٩٨٤ ، ويسمّى الآن بباب العتيق لكونه قريبا من دار ابن عتيق ، وهو أحد أعيان مكة ووجهائها (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٩).

(٦) في الأصل : سدرة. والتصويب من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٧) في البحر العميق : الوهوط.

(٨) الأزرقي (٢ / ٩٣).

(٩) البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

٣٨٦

قال القطب (١) : وقد جدّد هذا الباب وعدد شرافاته [ثمان](٢).

قلت : ويعرف الآن باب العتيق (٣).

السادس عشر : باب العجلة ، ويعرف الآن : باب الباسطية (٤).

قال القطب (٥) : وقد جدّد هذا الباب أيضا ، وعدد شرافاته [سبع](٦).

وسمي باب الباسطية ؛ لاتصاله بمدرسة الخواجه عبد الباسط ، وهي على يمين الخارج ، أوقفها على الفقراء ، وهي في غاية الإحكام والإتقان ، ولها شبابيك تكشف على الحرم ، وجعل [سبيلا](٧) بجانب المدرسة من خارج.

قال القطب : هي باقية إلى زماننا ، يسكنها البخارى أئمة الحنفية ، توفي عبد الباسط سنة ثمانمائة وإحدى وثمانين. انتهى (٨).

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٢) في الأصل : ثمانية.

(٣) ابن عتيق : هو عبد الرحمن بن عتيق. كان وزير الشريف حسن ، ظالما ، عسوفا ، سفّاكا ، جبارا ، عنيدا. قبض عليه الشريف أبو طالب وسجنه ، ولما يئس من الخلاص قتل نفسه عام ١١١٢ ، ثم ردت المظالم لأهلها. أبطل كثيرا من المسائل الشرعية ، كالعتق والوصايا والتدبير (خلاصة الكلام ص : ٦٣ ، وخلاصة الأثر ٢ / ٣٦١).

(٤) باب العجلة : نسبة إلى دار كانت تسمّى قديما بدار العجلة ، وهو الباب الثاني الذي يقع في الجهة الشمالية من المسجد الحرام ، وترتيبه الثاني ، عرف بعد ذلك بباب الباسطية.

والباسطية : نسبة إلى عبد الباسط ناظر الجيش في دولة الملك الأشرف برسباي ؛ لأنه عمّر بجواره مدرسة للفقراء في غاية الإحكام والإتقان ، أنشأه الخليفة العباسي محمد المهدي في عمارته سنة ١٦٠ ه‍ ، وجدد في سنة ٩٨٤ ه‍ (انظر : الأزرقي ٢ / ٩٣ ، وشفاء الغرام ١ / ٤٥٢ ، والإعلام ص : ٤٢٤ ، ومرآة الحرمين ١ / ٢٣٤ ، وتاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٣٠).

(٥) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٦) في الأصل : سبعة.

(٧) في الأصل : سبيل. والتصويب من الغازي (١ / ٦٥٤).

(٨) الإعلام (ص : ٢١٢).

٣٨٧

السابع عشر : باب دار الندوة ، وهو في غربه زيادة دار الندوة.

قلت : الآن يعرف بباب القطبي.

قال القطبي (١) : لم يجدّد هذا الباب ، وهو طاق واحد صغير.

الثامن عشر : باب زيادة دار الندوة (٢).

قال الأزرقي (٣) : وهو باب دار بني شيبة بن عثمان يسلك منه إلى السويقة (٤) ، وفيه ثلاثة طاقات (٥). [ذكره](٦) القرشي (٧).

قال القطب (٨) : وكان قديما [طاقين](٩) إلى أن بنيت المدرسة السليمانية ففتح طاقا ثالثا ، ثم هدمت الطاقات الثلاثة عند بناء المسجد الحرام ، وأعيدت كما كانت ، وعدد شرافاته اثنتان (١٠) وعشرون شرافة.

التاسع عشر : باب الدريبة (١١) ، وفيه طاق واحد. وهذه الأبواب الخمسة في الجانب الشمالي فهذه أبواب المسجد الحرام. انتهى من البحر

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٢) باب زيادة دار الندوة : أنشئ في عهد الخليفة المعتضد العباسي عام ٢٨١ ه‍ ، وهو الباب الأثري ، وهو باق على بنائه القديم ، ولم يجدّد ، ويعرف بباب القطبي ؛ لكونه بجوار مدرسة قطب الدين النهرواني (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٣١).

(٣) الأزرقي (٢ / ٩٤).

(٤) السويقة : السوق الصغير (المعجم الوسيط ١ / ٤٦٥).

(٥) في البحر العميق : وفيه طاقان.

(٦) في الأصل : ذكر.

(٧) البحر العميق (٣ / ٢٨٠).

(٨) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٩) في الأصل : طاقان. وانظر : الإعلام ، الموضع السابق.

(١٠) في الأصل : اثنان.

(١١) باب الدريبة : يقع في ركن المسجد الحرام ، وينفذ إلى شارع سويقة ، ولا يعلم سبب التسمية ، وقد جدّده الأمير قاسم عند بناء المدارس الأربعة السليمانية (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٣٣).

٣٨٨

العميق للقرشي والإعلام للقطبي الحنفي (١).

قلت : وفي زماننا موجودة بيبان صغار أخر ، فما علمت هل كانت قبل وإلا فتحت بعد ؛ لأني لم أر من ذكرها من المؤرخين ، وهي خمسة ؛ فاثنان منها (٢) بين باب إبراهيم وباب العمرة ، إحداها : يدخل إلى بيت السيد عقيل ويخرج منه إلى السوق الصغير ، والثاني : يدخل منه إلى مدرسة الداودية (٣) ويخرج إلى [السوق](٤) الصغير ، والثالث : بين باب الباسطية وباب العتيق يدخل منه إلى الزمامية (٥) ويخرج منه إلى الشارع ، [والرابع](٦) : في أحد المدارس الأربع السليمانية (٧) يدخل منه إلى المحكمة ويخرج [منه](٨) إلى الشارع ، والخامس : في أحد المدارس السليمانية يدخل منه إلى بيت أحمد باشا ويخرج منه إلى الشارع ، والباب الذي يخرج إلى الشارع فتح بعد الألف والمائتين والستين ، وباب آخر يدخل منه إلى مدرسة

__________________

(١) البحر العميق (٣ / ٢٨٠) ، والإعلام (ص : ٤٢٤).

(٢) في الأصل زيادة : باب.

(٣) باب مدرسة الداودية : نسبة إلى داود باشا ، وهذا الباب بمنفذ واحد موصل إلى السوق الصغير الآن بمكة (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٢٨).

(٤) قوله : السوق ، ساقط من الأصل ، والمثبت من ب.

(٥) باب الزمامية : وهو تابع للمدرسة ، وينفذ على الجادة الموصلة إلى قاعة الشفاعة (تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ١٣٠).

(٦) في الأصل : الرابع.

(٧) المدارس السليمانية : أي المدارس التي أنشأها قاسم بك أمير جدة للسلطان سليمان خان ، ووضع أساسها عام ٩٧٢ ، ولم يتم بناؤها إلا في زمن السلطان سليم بن سليمان ، وتسمى بالمدارس الأربعة ، حيث كان يدرس بكل مدرسة مذهب من المذاهب الأربعة ، وعين السلطان لها الوظائف والمرتبات من أوقافه بالشام ، وأما حالتها الآن فقد صارت إحداها مركزا لرئاسة القضاء ، والثانية مركزا للقضاء الشرعي ، والثالثة دارا للكتب الموقوفة لعموم القراء ، والرابعة باعها أحمدباشا عامل محمدعلي باشا خديوي مصر وأصبحت ممتلكة (الإعلام للنهرواني ص : ٢٣٧ ، تاريخ عمارة المسجد الحرام ص : ٨١).

(٨) قوله : منه ، زيادة على الأصل.

٣٨٩

قايتباي ويخرج إلى شارع المسعى ، لكنه مغلوق من جهة الحرم. فهذه جملة بيبان الحرم. وهذه الأبواب الستة تفتح على طاق واحد. انتهى.

الفصل الثالث : فيما حدث في المسجد الحرام لأجل مصلحة

فمنها : منائر المسجد الحرام. وللأديب إبراهيم المهتار المكي (١) يوصف المنائر في رمضان :

كأنّ المنائر [إذ](٢) أسرجت

قناديلها في دياجي الظّلام

عرائس قامت عليها الحليّ

لتنظر بيت إله الأنام

قال القطب (٣) : منائر المسجد الحرام الآن سبعة ، [يؤذّن](٤) عليها في الأوقات الخمس :

أولها : منارة باب العمرة ، عمّرها أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء من بني العباس ، وعمّرها بعده وزير صاحب الموصل محمد الجواد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وكان رئيس المؤذنين يؤذن عليها زمن الفاكهي ويتبعه سائر [المؤذنين](٥) ، ثم في زمن الفاسي يؤذن رئيس المؤذنين في منارة باب السلام ويتبعوه.

قال القطب (٦) : وهو الآن ـ أي : في زمنه ـ يؤذن على قبة زمزم.

قلت : وفي زماننا يؤذن الرئيس على قبة زمزم ، ثم يتبعونه.

__________________

(١) انظر : خلاصة الأثر (١ / ٥٧).

(٢) في الأصل : إذا ، وقد صححت ليستقيم الوزن الشعري.

(٣) الإعلام (ص : ٤٢٤).

(٤) في الأصل : يؤذنون.

(٥) في الأصل : المؤذنون ، وكذا وردت في الموضع التالي.

(٦) الإعلام (ص : ٤٢٥).

٣٩٠

قال القطب (١) : وقد أدركنا هذه المنارة وهي عتيقة البناء ، فأمر بتجديدها السلطان سليمان ، فهدمت إلى الأرض وبنيت بالآجر ، وأعيدت كما كانت بدور واحد ، إلا أنهم غيروا [رأسها](٢) على رسم بلاد الروم ، وكانت قبل ذلك على أسلوب منائر مصر ، وكان ذلك في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. انتهى.

قلت : وقد جدّدها الشريف سرور ، وجعل لها دورين في سنة ألف ومائتين وواحد على ما هو مكتوب على باب خلوة تحتها. انتهى.

وثانيها : منارة باب السلام ، عمّرها المهدي [بن](٣) المنصور العباسي الذي أمر بتوسعة المسجد الحرام في سنة [ثمانية](٤) وستين ومائة ، وهي بدورين ، ثم هدمت في زمن الناصر فرج [بن](٥) برقوق في سنة عشر وثمانمائة ، وعمّرها ، وهي باقية إلى الآن.

وثالثها : منارة باب علي ، وأول من عمّرها المهدي العباسي لما عمّر منارة باب السلام (٦).

قال القطب (٧) : وقد أدركناها وهي مائلة وآلت إلى الخراب ، وكانت بدور واحد في أعلاها ، فأمر بعمارتها السلطان سليمان خان رحمه‌الله ،

__________________

(١) الإعلام ، الموضع السابق.

(٢) في الأصل : رسمها. والتصويب من الإعلام ، الموضع السابق.

(٣) قوله : بن ، زيادة على الأصل.

(٤) في الأصل : أربعة. وانظر هذا الخبر في : شفاء الغرام (١ / ٤٥٥) ، ومرآة الحرمين (١ / ٢٣٥) ، ومنائح الكرم (٣ / ٤٨٦).

(٥) قوله : بن ، زيادة من الإعلام (ص : ٤٢٥).

(٦) أي سنة ١٦٨ ه‍. وانظر هذا الخبر في : المواضع السابقة.

(٧) الإعلام (ص : ٤٢٥).

٣٩١

فهدمت وأعيد بنيانها بالحجر الشميسي ، وجعل لها دورين [أعلا](١) وأسفل ، وغيّر رسمها على رسم بلاد الروم ، وهي في غاية الصنعة.

والرابعة : منارة الحزورة ، وهي بدورين ، أول من بناها المهدي العباسي ، ثم عمرت في زمن الأشرف شعبان بن حسين صاحب [مصر](٢) ، كانت سقطت في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ـ بتقديم السين ـ وسلم الناس منها ، وهي باقية إلى الآن.

والخامسة : منارة باب الزيادة بدورين ، بناها المعتضد العباسي لما بنى زيادة دار الندوة ، ثم سقطت وأنشأها الأشرف بارسباي في عام ثمانية وثلاثين وثمانمائة كما هو في حجر جنب المئذنة ، وعمرت سنة ألف ومائة [وثلاث عشرة](٣) [حين](٤) وقع دورها فأمر ببنائها ورشها.

والسادسة : منارة السلطان قايتباي ، بناها على عقد باب مدرسته التي إلى جهة المسعى في غاية الصناعة بثلاثة أدوار ، وهي باقية إلى الآن ، وبنى نظيرها على باب مسجد الخيف بمنى.

والسابعة : منارة السلطان سليمان خان ، أمر ببنائها في أحد مدارسه الأربع فيما بين باب السلام وباب الزيادة ، وهي منارة في غاية العلو والارتفاع ، مبنية بالحجر الشميسي الأصفر ، لها دورين ، بناها سنة [ثلاث](٥) وسبعين وتسعمائة.

__________________

(١) في الأصل : أعلاها. والتصويب من الإعلام ، الموضع السابق.

(٢) في الأصل : الموصل. وانظر : الأعلام (٣ / ١٦٣).

(٣) في الأصل : وثلاثة عشر.

(٤) قوله : حين ، زيادة على الأصل.

(٥) في الأصل : ثلاثة.

٣٩٢

وهذه هي المنائر السبعة التي حول الحرم. انتهى من الإعلام (١).

وكانت [على](٢) المسجد الحرام منائر أخر ذكرها أهل التواريخ ؛ منها : على باب إبراهيم منارة تشبه الصومعة (٣) هدمها بعض ملوك مكة لإشرافها على داره. ذكرها الفاسي (٤).

ومنها : منارة على باب الصفا وهي أصغرهم ، وهي علم لباب الصفا.

ومنها : منارة عند الميل الذي يهرول عنده. ذكره الفاكهي (٥).

وهذه المنائر [الثلاث](٦) كانت من جملة منائر المسجد الحرام. قال الفاسي : ولم يعلم من بناها ولا متى بنيت ولا متى هدمت.

فهذا حاصل ما قيل في منائر المسجد الحرام. انتهى.

قال الفاسي (٧) : كانت بمكة منائر كثيرة في شعابها وغيرها ، وكان في فجاج مكة منائر كثيرة ذكرها الفاكهي (٨) منها لعبد الله الخزاعي على أبي قبيس مشرفة على المسجد ، وأخرى بحذائها مشرفة على جياد ، وأخرى إلى جنبها ، وأخرى تحتها ، فتلك أربع ، ولعبد الله بن مالك منارة مشرفة على شعب عامر ، ثم منارة على رأس الفلق بناها مولى أمير المؤمنين الذي يكنى بأبي موسى (٩) ، ولعبد الله بن مالك منارة تكشف على المجزرة ، وله هناك

__________________

(١) الإعلام (ص : ٤٢٤ ـ ٤٢٦).

(٢) في الأصل : في. والتصويب من الإعلام (ص : ٤٢٦) ، وإتحاف فضلاء الزمن (١ / ٥٤٩).

(٣) الصّومعة : من البناء. سميت صومعة ؛ لتلطيف أعلاها ، والصومعة : منار الراهب (لسان العرب ، مادة : صمع).

(٤) شفاء الغرام (١ / ٤٥٤ ـ ٤٥٥) ، وانظر الإعلام ، الموضع السابق.

(٥) أخبار مكة (٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣).

(٦) في الأصل : الثلاثة.

(٧) شفاء الغرام (١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨).

(٨) انظر : أخبار مكة (٢ / ٢٠٢).

(٩) هو : بغا الكبير ، أبو موسى التركي. أحد قواد المتوكل وأكبرهم ، له فتوحات ووقعات ،

٣٩٣

منارتان على جبل تفاحة (١) ، وله منارة على رأس الأحمر ، بناها على موضع يقال له : الكثيب مرتفع على جبل [الأحمر](٢) ، ومنارة لبغا أيضا مولى أمير المؤمنين.

ولعبد الله بن مالك منارة على جبل ابن عمر ومعها منارة لبغا أيضا ، ولعبد الله على كديّ منارة تشرف على وادي مكة ، ولبغا منارة على جبل المقبرة ، وله ـ أيضا ـ منارة على جبل الحزورة ، وله [منارتان](٣) على جبل عمر بن الخطاب ، وعلى جبل [الأنصار](٤) الذي على جياد ، وله منارة على ثنية أم الحارث تشرف على الحصحاص (٥) ، ولبغا منارة تشرف على حائط خرمان. فكانت على هذه المنائر أقوام يؤذنون للصلاة وتجرى عليهم الأرزاق في كل شهر زمن الفاكهي. انتهى. شفاء الغرام.

أقول : لم يبق بمكة ـ أي : فجاج مكة ـ إلا ثلاثة [منائر](٦) :

أحدها : بمولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بناها السلطان سليمان لما عمّر مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والثانية : بمسجد الراية (٧) ، ويعرف الآن بزاوية البدوي.

__________________

مات حوالي سنة ٢٥٠ ه‍. انظر ترجمته في : الوافي بالوفيات (١٠ / ١٧٢ ـ ١٧٣ برقم : ٤٦٥٦).

(١) جبل تفاحة : الجبل المشرف على دار سلم بن زياد ، ودار الحمّام ، وزقاق النار ، وتفّاحة : مولاة لمعاوية ، كانت أول من بنى في ذلك الجبل (معجم معالم الحجاز ٢ / ٣٦).

(٢) في الأصل : أحمر.

(٣) في الأصل : منارة. انظر شفاء الغرام (١ / ٤٥٨).

(٤) في الأصل : الأنصاب ، وهو خطأ. والتصويب من شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٥) الحصحاص : جبل مشرف على ذي طوى (معجم البلدان ٢ / ٢٦٣).

(٦) زيادة من الغازي (١ / ٦٦١).

(٧) مسجد الراية : ما زال معروفا إلى الآن بهذا الاسم ، وهو المسجد الواقع بالجودرية على يمين الصاعد من المدعا إلى المعلا ، وقد جدّد عام ١٣٦١ ه‍ ، وعند حفر أساسه عثر على حجرين مكتوبين يدلّان على أن هذا المسجد هو مسجد الراية ، أحدهما تاريخه ٨٩٨ ه‍ ،

٣٩٤

والثالثة : بحارة السليمانية بسوق المعلا. فهذه الثلاثة هي الموجودة الآن بفجاج مكة.

فائدة : في روح البيان (١) عند قوله تعالى : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٥٨] ففي الحديث : «أنا أول الناس دخولا الجنة ، ثم الشهداء ، ثم مؤذنوا الكعبة» (٢). انظر تمام الكلام هناك إن شئت. انتهى.

فائدة : كان الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر ، ولما كثر المسلمون أمر عثمان بن عفان ، وقيل : عمر ، وقيل : معاوية رضي‌الله‌عنهم بأن يؤذن قبله على المنائر ، وأول من أحدثه بمكة الحجّاج. كذا في السيرة الحلبية (٣).

وفي القول البديع (٤) : قضيت أحداث الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عقب الأذان للصلاة الخمس.

قال المقريزي ما معناه : وأمر الحاكم بأمر الله في سنة أربعمائة المؤذنين أن يقولوا : «حي على خير العمل» في الأذان ، وأن يقولوا في صلاة الصبح : الصلاة خير من النوم ، وأن يكون ذلك من مؤذني [المصر](٥) عند قولهم : السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله ، ثم في سنة أربعمائة وخمس (٦) وأربعين أمروا أن يقولوا بدل : السلام على أمير المؤمنين : الصلاة رحمك

__________________

والثاني سنة ألف.

(١) روح البيان (٢ / ٤٠٩).

(٢) ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية (١ / ٣٩١) ، والبستي في المجروحين (٢ / ٢٥٧).

(٣) السيرة الحلبية (٢ / ٣١٢).

(٤) القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص : ١٨٥).

(٥) في الأصل : القصر.

(٦) في الأصل : خمسة.

٣٩٥

الله. قال : ولهذا الفعل أصل.

قال الواقدي : كان بلال رضي‌الله‌عنه يقف عند باب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : السلام عليك يا رسول الله وربما قال : السلام عليك يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، السلام عليك يا رسول الله.

قال البلاذري : فلما استخلف أبو بكر كان سعد القرظي يقف على بابه فيقول : السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله ، حي على الصلاة ، الصلاة يا خليفة رسول الله. وزاد مثله في عمر. وما زال المؤذنون يسلمون على الخلفاء وأمراء الأعمال بعد السلام الصلاة ، فيخرج الخليفة أو الأمير هكذا كان العمل مدة بني أمية ثم مدة خلافة بني العباس. فلما ترك خلفاء بني العباس واستولوا العجم سلّم المؤذنون في أيامهم على الخليفة بعد الأذان للفجر فوق المنارة ، فلما انقضت أيامهم غيّر السلطان صلاح الدين رسومهم فجعل المؤذنين عوض السلام على الخليفة السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستمر ذلك قبل الأذان للفجر في كل ليلة بمصر والشام والحجاز ، ثم أمر السلطان صلاح الدين أن يزيدوا في ليلة الجمعة الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستمر ذلك إلى شعبان سنة سبعمائة وإحدى (١) وسبعين ، ثم أمر المحتسب نجم الدين أن يزيدوا في الصلوات الخمس بعد الأذان الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما عدا المغرب ، وبعد أذان الصبح الثاني ، وكذا أذان الجمعة ، فتكون الصلاة على النبي قبل ذلك ، واستمر ذلك في بلاد مصر والشام والحجاز ما عدا بلاد المغرب ، فإنهم يؤذنون فقط ثم تقام الصلاة.

__________________

(١) في الأصل : إحدى.

٣٩٦

ومما حدث أيضا : التذكير يوم الجمعة ، وكان ذلك بعد السبعمائة.

قال ابن كثير : في يوم الجمعة سادس ربيع الآخر سنة سبعمائة [وأربع](١) وأربعين. انتهى.

قال الحلبي في السيرة (٢) : وفي كلام بعضهم : التبليغ بدعة منكرة باتفاق الأئمة الأربعة حيث بلغ المأمومين صوت الإمام. انتهى.

وأول حدوث التسبيح بالأسحار في ملتنا زمن معاوية على يد نائبه بمصر مخلد ، وهو أول من جعل بنيان المنائر التي هي محل التأذين في المساجد. انتهى. إنسان العيون (٣).

الفصل الرابع : فيما وضع في المسجد الحرام لمصلحة

فمن ذلك : قبة كبيرة بين سقاية العباس وزمزم ، وعمّرت في زمن الناصر العباسي ، وكانت موجودة من قبل كما ذكره ابن عبد ربه في العقد.

وذكر ابن جبير (٤) أنها تنسب لليهودية ولم يبين هذه النسبة.

وفي ألف [وثلاثة](٥) وستين هدمت القبة المذكورة وعمّرت على ما هي عليه الآن ، وأرّخ عمارتها القاضي تاج الدين. كذا في الدرر. اه.

ومن ذلك : المقامات التي هي الآن بالمسجد الحرام.

قال التقي الفاسي (٦) : لم يعرف متى حدثت ، لكن ذكر أن مقام الحنفي

__________________

(١) في الأصل : أربعة.

(٢) السيرة الحلبية (٢ / ٣١٣).

(٣) المرجع السابق (٢ / ٣١٤).

(٤) رحلة ابن جبير (ص : ٧٦).

(٥) في الأصل : ثلاثة.

(٦) شفاء الغرام (١ / ٤٦٥).

٣٩٧

والمالكي كانا موجودين سنة [سبع](١) وتسعين وأربعمائة.

وأما مقام الحنبلي فلم يكن موجودا في عشرة الأربعين وخمسمائة. ولما حج مرجان خادم المقتفي العباسي قلع مقام الحنبلي وأبطل إمامتهم على ما ذكر ابن الجوزي في المرآة ، وذكر أنه كان يقول : تصدى قلع مقام الحنبلي ولم يتم له ذلك.

وأما حكم تكرر الصلاة في المسجد فيها في وقت واحد فقيل بالمنع ، وقيل بالجواز. فمن قال بالمنع نظر إلى كونها مسجدا واحدا ، ومن قال بالجواز نظر أن كل مقام من المقامات مسجدا على حدته إن كان مرتبا بأمر الإمام ، وهي في كتب الفقه مفصلة على حسب المذاهب. انتهى.

وأما كيفية الصلاة في هذه المقامات : فقد ذكر ابن بطوطة في رحلته لما حج سنة سبعمائة [وخمس](٢) وعشرين أن أوّل من يصلى من أئمة المذاهب : الشافعي خلف مقام إبراهيم في حطيم بديع ، والحطيم خشبتان موصول ما بينهما بأذرع شبه السلم تقابلهما خشبتان على صفتهما ، وقد عقدت على أرجل مجصصة ، فإذا صلى الشافعي صلى بعده المالكي في محراب قبالة الركن اليماني ، فإذا صلى المالكي صلى معه الحنبلي في وقت واحد ، ثم بعدهم يصلي الحنفي ، هكذا في الأوقات الأربعة. وأما المغرب فيصلوا جميعا. اه (٣).

وذكر القرشي في البحر العميق (٤) أنهم كانوا يصلون : الشافعي ، ثم

__________________

(١) في الأصل : سبعة.

(٢) في الأصل : خمسة.

(٣) رحلة ابن بطوطة (١ / ١٧٩).

(٤) البحر العميق (٣ / ٢٨١ ـ ٢٨٢) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٤٦٤).

٣٩٨

الحنفي ، ثم المالكي ، ثم الحنبلي ، وكلام ابن جبير (١) يقتضي أن المالكي كان يصلي قبل الحنفي ، ثم تقدم عليه الحنفي بعد سنة تسعين وسبعمائة. واضطرب كلام ابن جبير في الحنفي والحنبلي ؛ لأنه ذكر أن كلا [منهما](٢) كان يصلي قبل الآخر ، هذا كله في غير صلاة المغرب. أما فيها فإنهم يصلون جميعا في وقت واحد ، ثم بطل ذلك في موسم سنة [إحدى عشرة](٣) وثمانمائة بأمر الناصر فرج ، وصار الشافعي يصلي بالناس وحده المغرب ، واستمر ذلك إلى أن ورد أمر المؤيد أبي النصر شيخ صاحب مصر بأن يصلي الأئمة الثلاثة المغرب كما كانوا يصلون قبل ذلك ففعلوا ذلك ، وأول وقت فعل فيه ذلك ليلة السادس من ذي الحجة سنة [ست عشرة](٤) وثمانمائة. انتهى ما ذكره القرشي.

واستمر ذلك إلى مدة السلطان سليم خان فعرض عليه ذلك فصدر الأمر منه بالنظر في ذلك إلى العلماء ، فاتفق الأمر أنه يقدم الشافعي ، فبعد سلامه يقدم الحنفي ، ولا يصلي المالكي في هذا الوقت ، وهذا العمل هو الجاري في زماننا.

وأما بقية الأوقات فيصلي الصبح أولا الشافعي ، ثم المالكي ، ثم الحنبلي ، ثم الحنفي ، وفي الظهر يقدم الحنفي ، ثم الشافعي ، ثم المالكي ، وفي العصر كذلك ، وفي العشاء كذلك. ذكره في منائح [الكرم](٥) ، ولم

__________________

(١) رحلة ابن جبير (ص : ٨٥).

(٢) في الأصل : منهم.

(٣) في الأصل : أحد عشر.

(٤) في الأصل : ستة عشر.

(٥) في الأصل : الكرام.

٣٩٩

[يصلّ](١) الحنبلي إلا الصبح فقط.

قلت : وفي زماننا يقدم الحنفي في جميع الأوقات إلا الصبح فإنه يصلي آخر الأئمة. انتهى.

وفي سنة ألف ومائتين [وثلاثة](٢) صار الحنبلي يصلي بعد المالكي جميع الأوقات ما عدا المغرب ، وذلك بأمر أمير مكة سيدنا الشريف عون الرفيق بن سيدنا الشريف محمد بن عون ... إلخ النسب.

فائدة : أول من أدار الصفوف حول الكعبة خالد بن عبد الله القسري ، وسبب ذلك : أنه ضاق على الناس موقفهم وراء الإمام فأدارهم حول الكعبة.

وقال الزركشي : أول من فعل ذلك عبد الله بن الزبير ، وكان الناس يقومون قيام شهر رمضان في أعلا المسجد الحرام ، تركز حربة خلف مقام إبراهيم بربوة ، فيصلي الإمام خلف الحربة والناس وراءه ، فمن أراد صلّى مع الإمام ، ومن أراد طاف وركع خلف المقام. فلما ولي خالد بن عبد الله القسري مكة من طرف عبد الملك بن مروان ، فلما حضر شهر رمضان أمر خالد أن يتقدموا [فيصلوا](٣) خلف المقام ، وأدار الصفوف حول الكعبة ، وذلك لأن الناس ضاق عليهم أعلا المسجد فأدارهم حول الكعبة ، وكان عطاء [وعمرو](٤) بن دينار وأنظارهم يرون ذلك ولا ينكرون.

قال ابن جريج : سألت عطاء : إذا قلّ الناس في المسجد أحبّ إليك أن

__________________

(١) في الأصل : يصلي.

(٢) في الأصل : وثلاثمائة.

(٣) في الأصل : فيصلون.

(٤) في الأصل : وعمر (انظر : التقريب ص : ٤٢١).

٤٠٠