تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

خاتمة : في ذكر مقابر مكة وفضلها

وذكر بعض من دفن بها ومن دفن بغيرها ـ أي بمكة ـ تبركا بذكر

أسمائهم

فمنها : المعلا.

قال الأزرقي (١) : كان أهل مكة في الجاهلية وفي صدر الإسلام يدفنون موتاهم في شعب [أبي دب](٢) ، وبين الحجون إلى الشعب الصفي ـ صفي السباب ـ ، وفي الشعب الملاصق لثنية المدنيين التي هي اليوم مقبرة أهل مكة ، ثم تمضي المقبرة مصعدة لاصقة بالجبل إلى ثنية أذاخر بحائط خرمان.

وكان أهل مكة يدفنون موتاهم بجانب الوادي بيمينه وشماله في الجاهلية وصدر الإسلام ، ثم حوّل الناس قبورهم في الشعب الأيسر للرواية الآتي ذكرها. وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم الشّعب ونعم المقبرة» (٣).

قال الأزرقي (٤) : لا نعلم شعبا بمكة مستطيلا ناحية القبلة ليس فيه انحراف إلا شعب المقبرة ، فإنه مستقبلا وجهة الكعبة.

وقال الأزرقي في محل آخر (٥) : وكان أهل مكة يدفنون موتاهم في جانب الوادي يمينه وشماله في الجاهلية وصدر الإسلام ، ثم حوّل الناس قبورهم إلى الشعب الأيسر. ثم قال : ففيه اليوم قبور أهل مكة إلا آل عبد

__________________

(١) الأزرقي (٢ / ٢٠٩) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٣٣).

(٢) في الأصل : أبي ذئب. والتصويب من الأزرقي.

وشعب أبي دب ، هو الشعب المسمى اليوم (دحلة الجن).

(٣) أخرجه الأزرقي (٢ / ٢١١).

(٤) الأزرقي (٢ / ٢٠٩).

(٥) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ٢١١) ، وشفاء الغرام (١ / ٥٣٦).

٦٤١

الله بن خالد بن أسد بن العيص بن عبد شمس ، وآل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فهم يدفنون في المقبرة العليا بحائط خرمان.

قال الفاسي (١) : وحائط خرمان هو : الموضع المعروف بالمعابدة ، وثنية أذاخر فوق هذا المكان ، وكانت تنتهي المقبرة إليها في الجاهلية.

أما فضل مقبرة المعلا ؛ فعن عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنهما قال لمقبرة مكة : نعم المقبرة هذه (٢). أخرجه أبو الفرج في مثير الغرام (٣).

وعن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه قال : وقف رسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الثنية ـ أي ثنية المقبرة ـ وليس بها يومئذ مقبرة فقال : «يبعث الله عزوجل من هذه البقعة أو من هذا الحرم [سبعين](٤) ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، يشفع كل واحد منهم لسبعين ألفا ، وجوههم كالقمر ليلة البدر». فقال أبو بكر الصديق رضي‌الله‌عنه : من هم يا رسول الله؟ قال : «الغرباء» (٥). أخرجه الملا في سيرته.

وعن حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من مات في أحد

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٥٣٦).

(٢) أخرجه عبد الرزاق (٣ / ٥٧٩ ح ٦٧٣٤) ، وأحمد (١ / ٣٦٧ ح ٣٤٧٢) ، والطبراني في الكبير (١١ / ١٣٧ ح ١١٢٨٢) ، والبخاري في الكبير (١ / ٢٨٤ ح ٩١٦) ، والأزرقي (٢ / ٢٠٩) ، والفاكهي (٤ / ٥٠ ح ٢٣٦٩). وذكره الهيثمي في مجمعه (٣ / ٣٩٧) وعزاه لأحمد ، والبزار ، والطبراني في الكبير. وذكره السيوطي في الكبير (١ / ٨٥٦) وعزاه للفاكهي ، والديلمي.

وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٥٣٣) وعزاه للأزرقي. كلهم من حديث ابن عباس مرفوعا.

(٣) مثير الغرام (ص : ٤٣٩).

(٤) في الأصل : سبعون.

(٥) أخرجه الفاكهي (٤ / ٥١) ، وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٥٣٤) وعزاه للجندي في فضائل مكة ، والمتقي الهندي في كنز العمال (١٢ / ٢٦٢). وهو حديث إسناده متروك ، فيه عبد الرحيم بن زيد العمي ، كذبه ابن معين ، وعليه مدار الحديث.

٦٤٢

الحرمين بعث يوم القيامة من الآمنين» (١). أخرجه الدارقطني وأبو داود الطيالسي (٢).

وعن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما : أن من قبر بمكة مسلما بعث آمنا يوم القيامة. أخرجه أبو الفرج (٣). اه.

وروي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سأل الله تعالى عن أهل بقيع الغرقد فقال : لهم الجنة. فقال : «يا رب فلأهل المعلا»؟ قال : يا محمد سألتني عن جيرانك فلا تسألني عن جيراني (٤). ذكره القرشي (٥).

وسئل العالم العلامة أحمد بن محمد بن أحمد بن عثمان ابن عم القطب الشيخ إبراهيم المتبولي عما ورد فيمن مات بطريق مكة أو المدينة ذاهبا أو راجعا ، فأجاب : روى الأزرقي مرفوعا : من مات في طريق مكة ذاهبا أو راجعا لم يعرض ولم يحاسب ، وكتبت له كل سنة حجة وعمرة إلى يوم القيامة (٦).

وفي البدر المنير للشعراني : الحجون والبقيع [يؤخذ](٧) بأطرافهما وينثران في الجنة.

قال الشعراني : وهما مقبرة مكة والمدينة. أورده الزمخشري وبيّض له

__________________

(١) أخرجه الدارقطني (٢ / ٢٧٨) ، والطيالسي (ص : ١٢).

(٢) في الأصل : والطيالسي. والصواب ما أثبتناه.

(٣) مثير الغرام (ص : ٤٤٠).

(٤) ذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ١٦٢) ، والخوارزمي في إثارة الترغيب والتشويق (ص : ٢٥٣).

(٥) البحر العميق (١ / ٢٠).

(٦) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٢ / ١١٢) مختصرا ، وعزاه إلى الأصبهاني. ولم أقف عليه في الأزرقي.

(٧) في الأصل : يأخذان.

٦٤٣

ابن حجر.

وفي شفاء الغرام (١) : عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنهما : من مات بمكة فكأنما مات في سماء الدنيا. وعن الحسن البصري مثله ، وسنده ضعيف. انتهى كلام الفاسي.

وعن الجنيد : من مات بمكة ـ أي مسلما ـ بعث من الآمنين (٢). ذكره الفاسي أيضا (٣).

وفي ملخص معالم دار الهجرة لأبي بكر بن [حسين](٤) المراغي : روى ابن النجار عن أبى هريرة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكون أول من يبعث ، فأخرج أنا وأبو بكر وعمر ـ رضي‌الله‌عنهما ـ إلى البقيع فيبعثون ، ثم يبعث أهل مكة فأحشر بين الحرمين. انتهى.

ومما وجد بخط الشيخ مصطفى بن فتح الله قال : اتفق لي أني زرت المعلا مع الشيخ أحمد بن علي السند المصري المتوفى سنة [سبع](٥) وتسعين بعد الألف فتذاكرنا أنسها وعدم الوحشة فيها بالنسبة لمقابر غيرها في البلاد ، ومن فيها من الأولياء مما لا يحصى ، فذكرت له ما نقله المرجاني في تاريخ المدينة (٦) عن والده قال : سمعت أبا عبد الله الدلاصي يقول : سمعت الشيخ أبا عبد الله الديسي يقول : كشف لي عن أهل المعلا ، فقلت :

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ١٦١).

(٢) أخرجه الفاكهي (١ / ٣٨٧ ح ٨٠٩) من حديث جابر بن عبد الله.

(٣) شفاء الغرام (١ / ١٦٢).

(٤) في الأصل : حسن. وانظر ترجمته في الأعلام (٢ / ٦٣).

(٥) في الأصل : سبعة.

(٦) بهجة النفوس (٢ / ٤٢٣).

٦٤٤

هل تجدون نفعا بما يهدى إليكم من قراءة ونحوها؟ فقالوا : لسنا محتاجين إلى ذلك. فقلت لهم : ما منكم من أحد واقف الحال؟ فقال : لم يقف حال أحد في هذا المكان. فأعجب به ، فقال : أرجو الله أن أموت بمكة وأن أدفن بالمعلا. اه. خلاصة الأثر (١).

وبمقبرة مكة شرفها الله تعالى خلق كثير من كبار الصحابة والتابعين وجم غفير. ذكرهم الطبري في القرى ، والفاسي في العقد الثمين. فمن أراد ذلك فلينظره ثمة.

فائدة : في المدخل لابن الحاج المالكي (٢) : أما زيارة القبور فجائز ، خصوصا إن كان ممن ترجى بركته أو قرابته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيجوز التوسل بهم إلى الله ، وأن الله قد اختارهم وشرفهم وكرمهم ، فكما ينتفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر. فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل بهم ، فإنهم الوسيلة إلى الله تعالى لخلقه ، وما زال الناس من العلماء والأكابر [كابرا](٣) عن كابر ، يتبركون بهم شرقا وغربا ، يتبركون بزيارة قبورهم ويجدون بركة ذلك حسا ومعنى. وقد ذكر الشيخ أبو [عبد الله بن](٤) النعمان (٥) : أن زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل التبرك مع الاعتبار ، فإن بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت في حياتهم ، والدعاء عند قبور الصالحين والتوسل بهم معمول بها عند علمائنا المحققين من أئمة الدين (٦). انتهى.

__________________

(١) خلاصة الأثر (١ / ٢٥٦) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٣٤).

(٢) المدخل (١ / ٢٥٥).

(٣) في الأصل : كابر. والتصويب من المدخل (١ / ٢٥٥).

(٤) قوله : عبد الله بن ، زيادة من المدخل ، الموضع السابق.

(٥) كتابه المسمى : سفينة النجاء لأهل الالتجاء في كرامات الشيخ أبي النجاء.

(٦) إن التوسّل لا يجوز إلا لله عزوجل بالإيمان الصحيح ، وبالعمل الصالح المشروع من الكتاب والسنة ، والاستشفاع يكون بدعاء الصالحين الأحياء الذين يدعون الله عزوجل تضرعا وخفية ، فيستجيب لهم ، والتبرك يكون بما جعله الله مباركا ككتابه العظيم ، ونبيه الكريم ، ومجالس ذكره تعالى الخالية من البدع والضلالات ، والميت لا يتوسّل به إلى الله عزوجل ، ولا يدعى ، ولا يستغاث به ، ولا يطلب منه الدعاء للحي ، ولا الاستشفاع له عند الله ، حتى ولو كان نبيا ، ومن صنع ذلك فقد ارتكب باطلا ، كما يدل ذلك على سوء فهمه ، وفساد في عقيدته.

٦٤٥

وقال الغزالي في الإحياء في باب أدب السفر (١) : ويدخل في جملة زيارة [قبور](٢) الأنبياء وقبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء ، وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته (٣). انتهى باختصار.

وناهيك بمن دفن بالمعلا خصوصا السيدة خديجة ، والسيدة آمنة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن الزبير وغيرهم.

أما زيارة النساء القبور في هذا الزمان فحرام للثابت قطعا.

ولنذكر بعضا منهم تبركا بأسمائهم :

فممّن دفن بالمعلا : السابقة إلى الإسلام ، وهي أول من أسلم من النساء : السيدة خديجة الكبرى أم المؤمنين بنت خويلد بن عبد العزى بن قصي ، وفضائلها مشهورة ، أقامت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسا وعشرين عاما ، وتوفيت رضي‌الله‌عنها إحدى عشر رمضان قبل الهجرة بسبع سنين ، أو خمس ، أو أربع على ما قيل.

وقال أبو حاتم وأبو عمر الدولابي : ماتت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وعمرها خمس وستون سنة وستة أشهر ، ودفنت بالحجون. كذا في تاريخ الخميس (٤).

قال المرجاني (٥) : وقبرها بمكة غير معروف ، إلا أن بعض الصالحين رآها في المنام وكشف له بالقرب من طرف الشّعب عند قبر الفضيل بن عياض ، وقد وجد عليه [حجر مكتوب](٦) سنة سبعمائة [وتسع

__________________

(١) إحياء علوم الدين (٢ / ٢٤٧).

(٢) قوله : قبور ، زيادة من الإحياء.

(٣) انظر تعليقنا في ص ٦٤٥.

(٤) تاريخ الخميس (١ / ٣٠١).

(٥) بهجة النفوس (٢ / ٤٢٩).

(٦) في الأصل : حجرا مكتوبا. والتصويب من الغازي (٢ / ٧٧).

٦٤٦

وعشرين](١) أن هذا قبر السيدة خديجة رضي‌الله‌عنها. ذكره القرشي (٢).

وذكر القطبي (٣) : أن قبرها بالمعلا وهو في محل في شعب بني هاشم ـ أي المدفونون به ـ لا الشعب الذي كانوا يسكنونه ، وكان على قبرها تابوت [من](٤) خشب يزار ، فبني على قبرها قبة من الحجر ؛ أمر ببنائها محمد بن سليمان ، دفتدار مصر في سنة خمسين وتسعمائة ، وكسا التابوت كسوة فاخرة ، وعيّن لها خادما ورتّب له النفقة في خيرات آل عثمان. انتهى كلامه.

قلت : وقد جدّدت هذه القبة في سنة ألف ومائتين [واثنتين](٥) وأربعين وهي الآن عمار ، وعلى القبر الشريف تابوت ، وعلى التابوت كسوة خضراء أرسلت بها والدة والي مصر عباس باشا في نيف وستين وألف ومائتين.

وفي كل ليلة إحدى عشر من كل شهر يخرج الناس إلى هذا المحل ويقرؤون القرآن والمواليد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويذكرون الله تعالى ، وتظهر عليهم البركات والخيرات بسببها رضي‌الله‌عنها (٦).

وبجانب قبرها مما يلي القبلة ضريح أمير مكة المشرفة سيدنا الشريف عبد المطلب بن غالب. توفي سنة ١٣٠٠ ، وعلى قبره تابوت من خشب.

وبها الدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة ، السيدة آمنة ، الأمينة والدة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومناقبها مشهورة ، توفيت رضي‌الله‌عنها (٧) والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن خمس

__________________

(١) في الأصل : تسعة وعشرين. وفي البحر العميق وبهجة النفوس : وتسع وأربعين.

(٢) البحر العميق (١ / ٢٠).

(٣) الإعلام (ص : ٤٤٣ ـ ٤٤٤).

(٤) زيادة من الغازي (٢ / ٧٨).

(٥) في الأصل : اثنين.

(٦) لم يثبت أن صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا خلفاءه الراشدون ولا الأئمة الأربعة أن احتفلوا بمولده ، وهم أولى الناس به ، لذا فأمر الاحتفال بالمولد يعد بدعة ، والبدعة منهي عنها.

(٧) لا يصح أن يقال : رضي‌الله‌عنها ؛ لأن آمنة والدة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل الفترة.

٦٤٧

سنين ، وقيل : بعد مولده بأربع سنين وبه صدر في المواهب ، وقيل : بست سنين ، وقيل : بسبع سنين ، وقيل : بثمان سنين. روايات ذكرها الحلبي (١).

قيل : إنها دفنت بالأبواء ؛ قرية من أعمال الفرع (٢) ، بينها وبين الجحفة (٣) مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا. ذكره القاضي عياض في المشارق (٤).

وقيل : بمقبرة مكة بالحجون.

وجمع بعض العلماء بأنها دفنت أولا بالأبواء ، ثم نقلت ودفنت بالحجون بمعلا مكة ، ويؤيد أنها دفنت بالحجون ما روي عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : حج بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حجة الوداع ومرّ بي على شعبة الحجون ... الحديث ، إلى أن قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ذهبت إلى قبر أمي فسألت ربي أن يحييها فأحياها ... الحديث» (٥).

وقبرها معروف ، وبنى عليها قبة : عيسى شيخ الحرم ، وذلك في سنة ألف ومائتين واثنتين (٦) وأربعين على ما هو مكتوب في حجر على بابها ، وعلى القبر الشريف تابوت وعليه كسوة حمراء بعث بها عباس باشا والي مصر مع كسوة تابوت السيدة خديجة رضي‌الله‌عنهم ، وذلك في نيف وستين وألف ومائتين. ثم غيرت الكسوتين بأخريين خضر مطرزتين

__________________

(١) السيرة الحلبية (١ / ١٧٢).

(٢) الفرع : قرية من نواحي المدينة عن يسار السقيا ، بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة ، بها منبر ونخل ومياه كثيرة ، وهي قرية غناء كبيرة (معجم البلدان ٤ / ٢٥٢).

(٣) الجحفة : كانت قرية كبيرة على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام (معجم البلدان ٢ / ١١١).

(٤) مشارق الأنوار (١ / ٥٧).

(٥) ذكره ابن حجر في لسان الميزان (٤ / ٣٠٥) ، والعجلوني في كشف الخفاء (١ / ٦٣).

(٦) في الأصل : اثنين.

٦٤٨

بالفضة ، بعثت بها والدة إسماعيل باشا والي مصر سنة ... (١) ه.

وفي كل ليلة [ثمان](٢) من كل شهر يقرؤون عند القبر الشريف القرآن ، ويذكرون الله تعالى ، وتظهر عليهم البركة. انتهى (٣).

وبجانب قبرها مما يلي القبلة قبر سيدنا الشريف محمد بن عبد الله بن عون أمير مكة ، توفي في شعبان سنة ١٢٧٤.

وممن دفن بها : عبد الله بن الزبير رضي‌الله‌عنهما حواري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو أول مولود ولد بالمدينة للمهاجرين ، وحنّكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومناقبه مشهورة ، مات شهيدا رضي‌الله‌عنه ، قتل عند باب الكعبة ، قتله الحجّاج الثقفي الخبيث لما بويع له بالخلافة ، وأطاعه أهل اليمن والحجاز وخراسان والعراق ، وكان وفاته رضي‌الله‌عنه سنة [اثنتين](٤) وسبعين أو [ثلاث](٥) وسبعين يوم الثلاثاء النصف من جمادى الآخرة أو ستة عشر أو سبعة عشر. ذكره الحلبي والقرشي (٦).

ودفنت جثته بالمعلا ، وأما رأسه فأرسل بها الحجّاج إلى عبد الملك بن مروان ، وقصته مشهورة في كتب السير ، وقبره مشهور ـ أي في شعبة النور ـ.

وعلى قبره حوطة دائرة قدر القامة ، وبهذه الحوطة ثلاثة قبور ، قبر على يمين قبره ، وقبر على شماله ، والوسط هو قبر سيدنا عبد الله. هكذا يقولون الناس. والله أعلم.

__________________

(١) كذا في الأصل.

(٢) في الأصل : ثمانية.

(٣) انظر تعليقنا ص : ٦٤٥.

(٤) في الأصل : اثنتين.

(٥) في الأصل : ثلاثة.

(٦) السيرة الحلبية (١ / ٢٨٩) ، والبحر العميق (١ / ٢٠).

٦٤٩

وممن دفن بها : سيدتنا أسماء بنت أبي بكر الصديق أخت السيدة عائشة رضي‌الله‌عنها ، وفضلها مشهور توفيت رضي‌الله‌عنها بعد ولدها سيدنا عبد الله بن الزبير رضي‌الله‌عنهم بجمعة في الشهر الذي مات فيه ولدها ، فعلى هذا فتكون توفيت في جمادى الأخرى في ثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين خلت منه. قاله أبو عمر. انتهى. ودفنت بالمعلا.

قلت : وقبرها يعرف الآن ، وهو قبالة قبر ولدها من جهة مشرق الشمس ، بينهما طريق نافذ ، وعلى قبرها بناء.

وبها : قبر سيدنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنهم ، وفضله مشهور ، وكان موته رضي‌الله‌عنه فجاءة ليلة الثاني عشر من جماد الأول سنة ثمان وخمسين في نومة نامها في جبل بأسفل مكة قريبا منها ، وقيل : على نحو عشرة أميال من مكة ، ثم حمل على أعناق الرجال ودفن بمكة.

وفي رواية : أدخلته أخته عائشة رضي‌الله‌عنها الحرم ودفنته فيه. ذكره القرشي (١).

قلت : وقبره الآن يعرف بالمعلا ، وهو على يمين الذاهب إلى قبر السيدة خديجة متوسط بين باب المقبرة وقبر السيدة خديجة ؛ وهو أقرب إلى قبر السيدة ، وعليه الآن بيت مربع بني في زمن السلطان عبد المجيد خان ، وكان قبل ذلك تابوت من خشب على القبر. انتهى.

قال المرجاني : وبها القاسم ابن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وطاووس ، توفي وهو ابن بضع وسبعين سنة حين جاء حاجا إلى مكة قبل يوم التروية

__________________

(١) البحر العميق (١ / ٢٠).

٦٥٠

[بيوم](١) ، وصلّى عليه [هشام](٢) بن عبد الملك.

وبها : أبو محذورة مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصاحبه ، مات بمكة سنة تسع وخمسين ، وبقي الأذان في أولاده وأولاد أولاده ؛ أي : هم المؤذنون بمكة إلى زمن الشافعي. كما ذكره النووي (٣).

وبها : سهل بن حنيف ، مات بمكة ودفن بالمعلا.

وبها : أبو قحافة والد سيدنا أبو بكر الصديق رضي‌الله‌عنه ، أسلم يوم الفتح ومات بها ودفن بالمعلا.

وبها : أبو عبيد القاسم بن سلام ، مات بمكة ودفن بالمعلا.

وبها : عطاء بن رباح ، مات بمكة ودفن بالمعلا.

وبها : سفيان بن عيينة ، مات بمكة ودفن بالحجون.

وبها : الإمام أسعد اليافعي الصوفي اليمني ، كان من أكابر العارفين. ذكر هؤلاء القرشي (٤).

وبها : الفضيل بن عياض ، وهو في حوطة فيها جماعة من الأولياء الكبار ؛ منهم تقي الدين السبكي ، والشيخ عبد الله المعروف بالطواشي صاحب حلي ، وحوطة الطواشي بالشعب الأقصى قريب من السيدة خديجة.

قال الشيخ يحيى الحباب : وتعرف بحوطة الشيخ عبد الرؤوف المناوي قريب من السيدة خديجة ، وكثير من مشاهير الصالحين آخرهم الشيخ

__________________

(١) زيادة من البحر العميق (١ / ٢٠).

(٢) في الأصل : هاشم. والتصويب من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٤ / ٨٠).

(٤) البحر العميق (١ / ٢٠).

٦٥١

عبد الله النقشبندي الرومي.

ومنهم : الشيخ أبو الحسن الشولي. توفي في صفر سنة ستمائة وأربع (١) وأربعين ، ودفن بالمعلا بسفح الجبل مقابل الشيخ العرابي ، وهو علي ابن الكرام الشولي ، والدعاء يستجاب عنده. ذكره الشيخ خليل المالكي.

[وممن](٢) يستجاب الدعاء عندهم سماسرة الخير بين ضريح العرابي والبئر التي يغسل منها الموتى وهي إليها أقرب ، تستقبل القبلة بحيث تكون تربة الملك المسعودي ملك اليمن بحذائك على يسارك ، وقد دثرت الآن تربة الملك المسعودي ؛ إلا أن محلها فوق البئر المعروفة ببئر أم سليمان الموجودة الآن مرتفعا على طريق السبيل (٣).

وبها : قبر الدلاصي بالقرب من الجبل.

وبها الشيخ علاء الدين الكرماني النقشبندي (٤) ، المتوفى سنة سبع (٥) وعشرين وتسعمائة. اه ما ذكره القطب (٦).

وبها : قبر الإمام أحمد بن حجر المكي (٧) بقرب ضريح العرابي قبيله بقليل ، على يسار الذاهب إلى المعلا ، وبحذائه قبر ابن كثير (٨) أحد القراء السبعة. كذا في حاشية يحيى الحباب. انتهى.

__________________

(١) في الأصل : أربعة.

(٢) في الأصل : ومما.

(٣) إن الذي اتخذ القبور مكانا ليستجاب الدعاء عنده انتقص الله انتقاصا عظيما ، حيث قاسه بالمخلوق ، وقد أخبر الله عزوجل أن من يفعل ذلك هم المشركون الذين يعتقدون في أحجارهم وأشجارهم ، ونحوها ، وذلك بقوله عزوجل (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)[الزمر : ٣].

(٤) في الأصل : النخشبندي. والتصويب من الإعلام.

(٥) في الإعلام : تسع.

(٦) الإعلام (ص : ٤٤٤ ـ ٤٤٥).

(٧) ترجمته في : المختصر من نشر النور والزهر (ت : ٩٩ ، ص : ١٢٢) ، والنور السافر (ص : ٢٨٧).

(٨) ترجمته في : وفيات الأعيان (٣ / ٤١) ، وسير أعلام النبلاء (٥ / ٣١٨) ، ومعرفة القراء الكبار (١ / ٨٦) ، والنجوم الزاهرة (١ / ٢٨٣) ، والأعلام (٤ / ١١٥).

٦٥٢

لطيفة : اعترض ابن حجر على السيد العيدروس نفعنا الله به حين دخل الحرم بالطبول والمزامير وما يخالف الشريعة ، فاعترض عليه ، فسلب كل من اعترضه إلا ابن حجر ، فإنه قال : وجدت بيني وبينه سورا من بولاد ، فقال ابن حجر لما بلغه ذلك : إنه سور الشريعة ، أي فإنه لم يكن في اعتراضه شائبة حظ نفسه بل هو لمحض الشريعة بخلاف غيره. اه.

وبها : أبو طالب المكي ، وليس هو أبو طالب صاحب قوت القلوب ؛ لأن ذاك دفن ببغداد سنة ٣٨٦ (١) في جمادى الآخر كما هو في وفيات الأعيان (٢) ، وهذا كنيته أبو طالب ، واسمه : محمد بن عطية الجمحي ثم المكي ، نشأ بمكة وتوفي بها ، ودفن بأول الحجون. ويقال : دفن بقبته الشريف أبو طالب بن حسن أمير مكة.

وبها : قبر السيد العيدروس ؛ فهو أبو بكر بن حسين بن محمد بن أحمد بن حسين بن الشيخ عبد الله العيدروس (٣). نزيل مكة. ولد بتريم (٤) سنة تسعمائة [وسبع وتسعين](٥) ، كف بصره وهو صغير ، حفظ القرآن [وكثيرا](٦) من المتون ، وبرع في الحديث والفقه ، أخذ عن جماعة ؛ كالشيخ عمر البصري ، والشيخ أحمد بن علان توفي لتسع خلون من صفر سنة

__________________

(١) في الأصل : ٢٣٦ ، وهو خطأ ، والتصويب من مصادر ترجمته.

(٢) وفيات الأعيان (٤ / ٣٠٣). وانظر : سير أعلام النبلاء (١٦ / ٥٣٦) ، وشذرات الذهب (٢ / ١٢٠) ، ومعجم المؤلفين (١١ / ٢٧).

(٣) ترجمته في : خلاصة الأثر (١ / ٨١) ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٣١ ، ص : ٦٧) ، وملحق البدر الطالع (٢ / ٢٢٣).

(٤) تريم : اسم إحدى مدينتي حضرموت ؛ لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها ، ومدينتاها شبام وتريم ، وهما قبيلتان سميت المدينتان باسميهما (معجم البلدان ٢ / ٢٨).

(٥) في الأصل : سبعة وسبعين. والتصويب من مصادر الترجمة.

(٦) في الأصل : وكثير.

٦٥٣

ثمان (١) وستين بعد الألف بالمعلا بحوطة آل شيخان. اه.

وحوطة آل شيخان المدفون بها السيد العيدروس دفن بها المرحوم الشريف سلطان بن المرحوم الشريف محمد بن عون ، وأخته الشريفة صرّة ، وأخته الشريفة مصباح ، وابن عمه الشريف عبد الله بن ناصر وأم الشهيد الشريف حسين بن المرحوم الشريف محمد بن عون ، وهذه الحوطة فيها ثلاثة قبور على دكة مرتفعة على يمين الذاهب مقابل باب السيدة خديجة بينهما الطريق.

وبها : الشيخ عبد الوهاب بن عبد الغني النهرواني الصديقي الفتني الحنفي المكي (٢) ، فهو : عبد الوهاب بن عبد الغني بن عبد الله النهرواني بن عبد القادر بن عبد الغني بن آدم بن عبد الله بن موسى بن إلياس بن عمر بن يوسف بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن قاسم بن نصر بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه. جاء من الهند وأقام بالينبع ، وجاور بالمدينة عدة سنين ، ثم رجع إلى مكة ، وتوفي يوم الثلاثاء ثاني جماد الآخر سنة ألف ومائة وسبعة عشر ، وصلّي عليه بالحرم الشريف ، ودفن بتربته بأعلا الحجون من أعلا المعلا بالشعب الأقصى ، وكان متعبده قبل موته.

ومنهم سيدنا العارف بالله تعالى والدال عليه : الشيخ عمر العرابي (٣). توفي يوم الأربعاء رابع شهر رمضان بمكة سنة ثمانمائة وسبع وعشرين ،

__________________

(١) في الأصل : ثمانية.

(٢) ترجمته في : المختصر من نشر النور والزهر (ت : ٣٥٩ ، ص : ٣٣٤).

(٣) ترجمته في : الضوء اللامع (٧ / ١٣١) ، وإتحاف فضلاء الزمن (١ / ٢١٢ ـ ٢٢٩) ، والعقد الثمين (٥ / ٣٧٣).

٦٥٤

وصلّي عليه عند باب الكعبة ، ودفن بالمعلا بالشعب الأول منها ، قبره معروف في أول المعلا مقابل الشيخ علي الشولي.

وبها : أبو الغيث بن محمد شجر القديمي ينتهي نسبه إلى الشريف القديمي ابن الشجر ابن أبي بكر بن محمد بن إسماعيل بن أبي بكر العربادي بن علي بن محمد النجيب بن حسن بن يوسف بن حسن بن يحيى بن سالم بن عبد الله بن حسين بن آدم بن إدريس بن حسين بن محمد التقي الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم. هكذا نقل نسب السادة بني القديمي العلامة محمد بن أبي بكر [الأشخر](١) في رسالته.

قال : وأكثر ذرية الشريف شجر من ولده الشريف القديمي فإنه أعقب عمرو : الشجر ، والحسن ، وأبا القاسم ، وأحمد ، والمساوي ، وعز الدين ، ولكل من هؤلاء عقب مشهور ، وكان صاحب الترجمة من أولياء عصره ، له الجاه الواسع عند أمراء مكة ، وكانت تجار اليمن وغيرهم يستغيثون به في شدائد البحر ومضايق البرّ ، فيجدون بركة الاستغاثة به ، وكان يعمل المولد بالحرم في الموسم وغيره على طريقة أهل اليمن ، ويعمل أشغالهم ويلحن ألحانهم بنفسه ، وله رياضة واجتهاد في العبادة ، وهو المشهور عند المكيين بأبي الغيث بن جميل.

ومن كراماته : أنه وقف في الموسم على المكان الذي يفرّق فيه الصرّ

__________________

(١) في الأصل : الأشجر. والأشخر : ضرب من الشجر (لسان العرب ٤ / ٣٩٩) ، وانظر ترجمته في : شذرات الذهب (٤ / ٤٢٥) ، والبدر الطالع (٢ / ١٤٦) ، والنور السافر (ص : ٣٩٠).

٦٥٥

السلطاني بالحرم وقال : أعطوني ما يخصّني ، فقال له بعض الناس : هات تقرير سلطاني ، فما مضت ساعة حتى أتاهم بتقرير سلطاني من سلطان عصره السلطان محمد ، وكان من أولياء الله ومن أهل الخطوة (١) ، يقال : إن صاحب الترجمة فارق الجماعة [الذين يعطون](٢) الصرّ ، ودخل المطاف فوجد السلطان محمد في المطاف [وهو مختف](٣) فأمسكه وقال له : إن لم تكتب لي تقرير الصرّ لي ولأولادي وإلا فضحتك بين الناس ، فكتب له مرسوما تلك الساعة بمطلوبه ، فأتى به إليهم فأمضوه ، وكانت وفاته في المحرم سنة [أربع عشرة](٤) وألف ، ودفن بالمعلا بالشعب الأعلى ، بالقرب من ضريح سيدتنا خديجة رضي‌الله‌عنها. اه من خلاصة الأثر للمولى محمد المحبي الدمشقي (٥).

وممن دفن بها : الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ الأهوازي الحنفي ، طريقته قادرية ، توفي يوم الثلاثاء لثمان خلون من ربيع الأول سنة [ست عشرة](٦) بعد الألف ، وصلّي عليه بالمسجد الحرام ، ودفن بالمعلا بشعبة النور.

وممن دفن بها : الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي المحدث (٧) ، توفي رابع رجب سنة ألف ومائة [وأربع](٨) وثلاثين بعد العصر ، ودفن بالمعلا في محل الولي الشيخ عمر العرابي وقت أذان المغرب. انتهى.

__________________

(١) هذه إحدى مصطلحات الصوفية ، وكان الأجدر بالمؤلف الترفع عن ذكرها لمخالفتها منهج أهل السنة والجماعة.

(٢) في الأصل : الذي يعطوا.

(٣) قوله : وهو مختف ، زيادة من خلاصة الأثر.

(٤) في الأصل : أربعة عشر.

(٥) خلاصة الأثر (١ / ١٣٩) ، وتنزيل الرحمات (٢ / ١٤٦).

(٦) في الأصل : ستة عشر.

(٧) ترجمته في : المختصر من نشر النور والزهر (ت : ٣١٢ ، ص : ٢٩٠).

(٨) في الأصل : أربعة.

٦٥٦

وممن دفن بها : الشيخ هبة الله بن عبد الحميد الشيرازي والد الشيخ [أبي](١) السعود المدفون بالفلق ، توفي الشيخ هبة الله ابن الشيخ عبد الحميد سادس شوال سنة ٩٠٩ ، ودفن بالمعلا بالشعب الأول ، على يسار الباب الذي يخرج منه إلى الحجون.

وبهذه الحوطة : الشيخ ملا (٢) علي القاري (٣) ، نزيل مكة ، ولد بهراة ورحل إلى مكة ، وأخذ بها عن جماعة من العلماء ، ألّف التآليف : شرح المشكاة ، وشرح الشفاء ، والشمائل ، والنخبة ، والشاطبية ، والجزرية ، ولخص موادا من القاموس سماها : الناموس ، وغير ذلك ، وكانت وفاته بمكة في شوال سنة أربع [عشرة](٤) وألف ودفن بالمعلا. اه ـ خلاصة.

وبها : الشيخ موسى المناوي بن علي ، توفي يوم الاثنين ثاني عشر شعبان سنة ثمانمائة وعشرين ، ودفن بالشعب الأقصى على يسار الذاهب إلى قبر السيدة خديجة بعلو حوطة الطواشي.

وبها : السيد أبو بكر بن سالم بن أحمد شيخان بن علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوي بن محمد بن علي بن محمد مولى الدويلة بن علي بن علوي بن الأستاذ الأعظم الفقيه المقدّم محمد بن علي بن محمد بن علي ، اسمه : علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن أحمد

__________________

(١) في الأصل : أبو.

(٢) الملّا : ـ بالضم والتشديد ـ تعني : العالم والفاضل والفقيه. وكانت كلمة (ملا ، مولى ، منلا) تطلق على كل من يحصل على رتبة المولوية ، كما كانت تطلق على من لهم في العلم مكانة رفيعة ، وفي المجتمع منزلة عالية (معجم الدولة العثمانية ص : ٢٠٦).

(٣) ترجمته في : خلاصة الأثر (٣ / ١٨٥) ، وعقد الجواهر والدرر (ورقة : ٤١) ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٤٠٢ ، ص : ٣٦٥) ، والأعلام (٥ / ١٢) ، ونشر الرياحين (١ / ٤٣٨).

(٤) في الأصل : عشر.

٦٥٧

بن عيسى بن محمد بن علي العريض بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم. هذا نسب آل شيخان سادات مكة المشرفة.

وأبو بكر هذا من أورع (١) أهل بيته ، سيدا فائقا ، شهما سريا فاضلا ، ولد بمكة ونشأ بها وتربّى تحت حجر والده وصحبه ، ولزم العلم والعبادة وسلك طريق أجداده ، [وعني](٢) بطريق الصوفية ، أخذ عن الشيخ [أحمد بن](٣) محمد القشاشي المدني ، والسيد محمد بن عمر الحبشي وغيرهم ، وله شرح على منسك الحج للخطيب الشربيني ، وكانت ولادته عصر يوم الثلاثاء عاشر جماد الأول سنة [ست](٤) وعشرين وألف ، وتوفي يوم الأحد سادس صفر سنة خمس وثمانين وألف ، ودفن بالمعلا بالحوطة الشهيرة في قبر والده وجده وجد أبيه. اه ـ خلاصة الأثر (٥).

وممن دفن بها : السيد علي المهدلي (٦) ، توفي في أوائل سنة ألف ومائة [وثمان](٧) وخمسين ، ودفن بالشعب الأقصى أمام قبر الوجيه سيدنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنهما ، ودفن بجنبه السيد حسن بن هارون جمال الليل ، وهو قريب من حوطة بيت الطواشي.

كان من أولياء الله ومن أهل الكشف ، بلغ من العمر ثمانين سنة ،

__________________

(١) في خلاصة الأثر : أبرع.

(٢) في الأصل : وعين. والمثبت من خلاصة الأثر (١ / ٨٣).

(٣) قوله : أحمد بن ، زيادة من خلاصة الأثر ، الموضع السابق.

(٤) في الأصل : ستة.

(٥) خلاصة الأثر (١ / ٨٢ ـ ٨٤). وانظر ترجمته في : المختصر من نشر النور والزهر (ت : ٢٨ ، ص : ٦٦) ، وإتحاف فضلاء الزمن (٢ / ١١٢).

(٦) ترجمته في : تنزيل الرحمات (٢ / ٢٦٩).

(٧) في الأصل : ثمانية.

٦٥٨

وكان عليه تابوتا على أربعة أحجار ، أطراف الحجارة محفورة.

وممن دفن بها : القاضي أحمد بن عيسى المرشدي (١) ، ترجم له في السلافة ، توفي يوم الخميس لخمس خلون من ذي الحجة سنة ألف [وتسع](٢) وأربعين.

وبها : الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن عبد السلام بن موسى بن أبي بكر بن أكبر بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن داود البيضاوي الشيرازي الأصل المكي الزمزمي (٣) ، نسبه كبير زمزم ؛ لأن جده علي بن محمد قدم مكة في سنة ثلاثين وسبعمائة من العراق ، فباشر عن الشيخ سالم بن ياقوت المؤذن في خدمة بئر زمزم ، فلما ظهر له خيره نزل له عنها ، وزوّجه ابنته فولد منها ولده أحمد المذكور ، وصار لهم أمر البئر ، وكان معه أيضا سقاية العباس ، وما زالوا يتوالدون إلى أن ولد صاحب الترجمة عبد العزيز ، وكانت ولادته بمكة سنة [سبع](٤) وتسعين وتسعمائة بعد وفاة جده لأمه ابن حجر ، وتوفي ليلة الأحد لثمان بقين من جماد الأول سنة [اثنتين](٥) وسبعين وألف. ذكره الشلي في تاريخه عقد الجواهر ، وترجم له في السلافة.

__________________

(١) ترجمته في : سلافة العصر (ص : ٩٢) ، وخلاصة الأثر (١ / ٢٦٦) ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٩١ ، ص : ١١٥) ، وإتحاف فضلاء الزمن (٢ / ١١٤).

(٢) في الأصل : تسعة. وفي السلافة وخلاصة الأثر : ١٠٤٧ ه‍ ، وفي إتحاف فضلاء الزمن سنة : ١٠٨٦ ه‍.

(٣) ترجمته في : عقد الجواهر والدرر (ق : ١٢١) وفيه : أنه ولد سنة : ٩٧٧ ه‍ ، وسلافة العصر (ص : ١٨٧) ، ونشر النور (١ / ٢١٥) ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٢٨١ ، ص : ٢٥٩). وفيه : أنه ولد سنة : ٩٧٥ ه‍ ، وإتحاف فضلاء الزمن (٢ / ٨١).

(٤) في الأصل : سبعة.

(٥) في الأصل : اثنين.

٦٥٩

[ومنهم](١) الشيخ محمد بن أحمد المنوفي (٢) ، ذكره الحموي في النتائج ، كان من صدور العلماء الراسخين ، من خطباء الحرم المكي والأئمة ، مبجلا عند الأشراف حتى امتحن من الشيخ سليمان المغربي في دولة الشريف بركات ، رماه عنده بأنه من أعوان الشريف سعد بن زيد فأخرجه من مكة ومكث بمصر سنين ، ثم رجع مكة وتوفي بها ودفن بالمعلا سنة ألف [وإحدى](٣) وتسعين.

ومنهم : الشيخ عبد الله بن الشيخ سعيد باقشير (٤) ، ترجم له في السلافة. ولد بمكة سنة ألف وثلاثة وبها نشأ ، وحفظ القرآن والشاطبية وجوّد وأحكم علم القراءات. أخذ الفقه والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية عن السيد عمر بن عبد الرحيم البصري ، والبرهان اللقاني عام حجه ، والإمام محمد بن عبد الله الطبري ، والشيخ عبد الملك العصامي ، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن علان ، وأحمد المكي وغيرهم ؛ كالسيد محمد الشلي ، والسيد أحمد بن أبي بكر شيخان ، والسيد محمد بن عمر شيخان ، وعلي العصامي ، وعبد الله العباسي وغيرهم.

ألّف الكتب النافعة ؛ منها : شرح مختصر الإرشاد ، وذكر فيه خلاف التحفة والنهاية والمفتى به ، لكنه لم يكمله ، ومنظومة اختصر فيها الجوهرة في

__________________

(١) في الأصل : ومنها.

(٢) ترجمته في : سلافة العصر (ص : ١٢٤) ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٥٥٦ ، ص : ٤٨٦) ، ونفحة الريحانة (٤ / ١٧٢).

(٣) في الأصل : إحدى.

(٤) ترجمته في : سلافة العصر (ص : ٢١٧) وفيه : أنه توفي سنة : ١٠٧٨ ه‍ ، والمختصر من نشر النور والزهر (ت : ٣١١ ، ص : ٢٨٩) ، وإتحاف فضلاء الزمن (٢ / ٨٤) ، ونشر الرياحين (١ / ٢٨٢).

٦٦٠