تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

الطرق في مبدأ ولايته مخوفة ، والطرق كلها غير مألوفة ، فمذ بسط الله بساط الأمان بولايته ألزمهم بحراسة المواطن في هذه الأماكن حتى أصلح الله حال العباد ، ونادى منادي الأمن بالبشرى والفلاح ، فاطمأنت النفوس بإقامة هذا الناموس ، فشكر سعيه في هذه المآثر الحميدة ، وحمد فعله في هذه المعدلة الظاهرة المجيدة ، وكثرت حجاج بيت الله العتيق وضربوا إليه آباط الإبل من كل فج عميق ، فيرون من الأمن ما كانوا يسمعون بها عيانا ، فيستخيرون الله أن تكون بلدا لهم سكنا وأهلها إخوانا ، وكانوا بعد الحج يرحل كل إلى بلده ، فلما تولى مكة وشاع ذكره رغب كل أحد في المجاورة ، وصارت مصرا من الأمصار حتى امتلأت جبالها بالبناء ، مع أنه كان قبل ذلك تنزل [الظباء](١) إلى المسجد الحرام من قلة الناس ، كما ذكره القطب (٢).

وقد ذكر رفاعة في الجغرافية : أن في مدة محمد علي باشا كانوا سكان مكة ثمانية آلاف ، وأما زمن صاحب الترجمة رحمه‌الله ونجله سيدنا الشريف عبد الله أدامه الله فنحو مائة ألف وزيادة ، وكل ذلك بسبب أمن الرعية ، كما ذكره ابن خلدون في مقدمة تاريخه : أن سبب كبر الأمصار أمن الحكام. اه.

وبنى صاحب الترجمة بيته بسوق الليل ، وكان ابتداء العمل سنة [ست](٣) وخمسين ، واقتنى من العبيد والعقار من غير ظلم أحد في ماله ،

__________________

(١) في الأصل : الذئاب. والتصويب من الإعلام.

(٢) الإعلام (ص : ١٢).

(٣) في الأصل : ستة.

٨٠١

وكان فارسا شجاعا ، صاحب سعد وإقبال. غزا الشرق سنة [ثلاث](١) وستين ، ومعه نحو ألفي (٢) فارس من العساكر ، فخضع له أمير الشرق فيصل ، ورتب عليه كل سنة ستة عشر ألف ريال (٣) تدفع كل سنة إلى الخزينة ولم يعهد قبل هذا ، وفيها يقول الأديب محمود :

بزهو ليالي الصفو جاء بشير

وأبدى التهاني بالسرور تسير

القصيدة مذكورة في ديوان الأديب محمود.

وكذلك غزا صاحب الترجمة اليمن وملك الحديدة وما والاها ، وفيها يقول الأديب محمود :

بشرى بنصر بالفتوح يسير

[وذوو عزيز](٤) حيث سرت يسير

وهي قصيدة طويلة فانظرها في ديوانه إن شئت ، ولو لا خوف الإطالة لذكرتها وأمثالها مما مدح به.

وكان فطينا ؛ قرأ بعض كتب العربية على شيخنا الشيخ حسين مفتي المالكية ، فمن فطانته ما أخبرني به شيخنا المذكور أن صاحب الترجمة رأى في الليل وهو نائم هذين البيتين ، [فحفظهما](٥) في النوم ، فلما أصبح [قالهما](٦) :

ما مات حسادك بل خلدوا

حتى يرو منك الذي يكمدوا

ولا خلاك الله من حاسد

فإن خيار الناس من يحسد

__________________

(١) في الأصل : ثلاثة.

(٢) في الأصل : ألفين.

(٣) الريال : نقود فضية ، وتعرف بالريال العثماني.

(٤) في الأصل : وذو عز. والتصويب لإقامة الوزن الشعري.

(٥) في الأصل : فحفظها.

(٦) في الأصل : قالها.

٨٠٢

ورأى مرة أخرى حين كان ولده سيدنا الشريف عبد الله غائبا في بعض الجهات ، فلما أصبح قال : أبشروا فقد جاء عبد الله ، فإني رأيت البارحة من حفظني هذا البيت وهو :

فألقت عصاها واستقر بها النوى

كما قر عينا بالإياب المسافر

أقول : وهذا البيت قاله الخليفة المنصور العباسي لما قتل أبا مسلم الخراساني فقيل له : هذا أول يوم من خلافتك ، فقال : فألقت عصاها ... إلخ. كذا في تاريخ ابن خلكان (١).

وفي أيامه جدد الحجر ـ بكسر الحاء ـ وعمّر الحرم الشريف ومقامات الأولياء والمساجد ، وكان مشهورا بالولاية ، ولم يزل كذلك حتى طلبه مولانا السلطان عبد المجيد خان سنة [سبع](٢) وستين إلى الآستانة العلية ليتحفه بأفخم التحف ، فأجاب إلى ذلك ، وكان ذلك في رجب ، فتوجه هو ونجله سيدنا الشريف عبد الله ، فلما وصلا صافح صاحب الترجمة مولانا السلطان وأقام بإقباله ، وولى إمارة مكة سيدنا الشريف عبد المطلب بن سيدنا الشريف غالب ، وكان وصوله مكة في ذي القعدة من السنة المذكورة وصحبته طوق من الذهب لوضعه على الحجر الأسود من طرق السلطنة ، فركب الطوق على الحجر ، وأمرت الدولة العلية صاحب الترجمة ببناء قلاع بين مكة والمدينة ، فبنى [أربع](٣) قلاع بالحربية : قلعة ببدر (٤) ، وقلعة

__________________

(١) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان (٢ / ٣٣٠).

(٢) في الأصل : سبعة.

(٣) في الأصل : أربعة.

(٤) بدر : قرية عامرة من قرى الحجاز بأسفل وادي الصفراء ، على (١٥٥) كيلا من المدينة جنوبا غربيا ، عليها اليوم الطريق العامة إلى مكة وهي منها على (٣٠٥) أكيال. غزاها الشريف عبد المطلب بن غالب أمير مكة سنة ١٢٦٨ ه‍ ، وبنى بها قلعة ، وكانت إمرة البلد قبل الحكم السعودي عند الشريف ابن نامي ولا زالت ذريته هناك (معجم معالم

٨٠٣

بالحمراء ، وقلعة بالجديدية ، وقلعة ببئر عباس ، ورتب فيها العساكر الشاهانية لأجل تأمين الطرق ، ورتب فيها العساكر ، وصاحب الترجمة من سراة الأشراف ، صاحب همة عالية ، واقف على حدود الشرع الشريف ، لا تأخذه فيه لومة لائم ذلك فضل الله ، إلا أنه لم ينتظم له الحال حتى حصلت بينه وبين [محمد عزت باشه منافسة بالطائف ثم كذلك بينه وبين](١) كامل باشا ، ووقع بينهم القتال بسبب منع بيع الرقيق في السوق ، وذلك في صفر لسبع عشرة خلت منه ، وسيجيء خبر ذلك في الفتن. ولم تزل الفتنة بين صاحب الترجمة وكامل باشا حتى قدم سيدنا الشريف محمد بن سيدنا الشريف عبد المعين واليا على مكة ، وكان دخوله مكة في شعبان سنة ألف ومائتين [واثنتين](٢) وسبعين ، وكان ذلك اليوم القتال بالمعابدة ، فلما وصل سيدنا الشريف محمد تفرقت الجموع ، وتوجه سيدنا الشريف عبد المطلب إلى الطائف ، [وحوصر](٣) بها إلى شوال من التاريخ المذكور ، فتوجه إليه سيدنا الشريف محمد إلى الطائف ، ثم أتى سيدنا الشريف عبد المطلب صحبة سيدنا الشريف محمد حتى وصلوا مكة جميعا ، ثم توجه سيدنا الشريف عبد المطلب إلى الآستانة ، ووصلها مكرما معظما على أحسن حال ، وما زال سيدنا الشريف محمد بن عون واليا على مكة حتى اختاره الله سنة ألف ومائتين [وأربع](٤) وسبعين بعد صلاة الظهر لثنتي

__________________

الحجاز ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠).

(١) زيادة من ب. وقد شطب عليها في الأصل.

(٢) في الأصل : اثنين.

(٣) في الأصل : وحاصر.

(٤) في الأصل : أربعة.

٨٠٤

عشر خلت من شعبان ، ودفن بقبة السيدة آمنة ، والذي ورثه من الذكور : سيدنا الشريف عبد الله ، والشريف علي ، وسيدنا الشريف حسين ، والشريف عون ، والشريف سلطان ، والشريف عبد الله. ولما وصل الخبر بانتقال صاحب الترجمة ، وكان إذ ذاك سيدنا الشريف عبد الله بن سيدنا الشريف محمد بن عون ، فأنعمت عليه الدولة بالإمارة الجليلة. كان وصوله مكة غرة ربيع الأول سنة [خمس](١) وسبعين ، فدخلها بالهناء والسرور ، ووفدت عليه الشعراء بالقصائد.

وقد جمع ما قيل فيه السيد محضار بن عبد الله بن محمد السقاف في جزء ، فمن أراد ذلك فلينظره ثمة.

قرأ بعض كتب العربية على شيخنا حسين مفتي المالكية. وفي أيامه جدد الحجر والمقامات ومقام إبراهيم ، وجددت أرض زمزم بالرخام [وبلطت](٢) الأروقة.

وفي [ثلاث](٣) وثمانين رتب فقهاء إلى [القرى](٤) لتعليم الناس.

وفي [أربع](٥) وثمانين لخمسة عشر خلت من ربيع الأول أمر بإحياء سنة تسوية الصفوف ، ويقرأ قبل إقامة الصلاة (٦) : سووا صفوفكم (٧) ... الحديث ، وكان إذ ذاك وقت العصر ، وصاحب الترجمة هو الذي جلب

__________________

(١) في الأصل : خمسة.

(٢) في الأصل : بلطط.

(٣) في الأصل : ثلاثة.

(٤) في الأصل : القراي.

(٥) في الأصل : أربعة.

(٦) في ب زيادة : في كل وقت أن يقرأ المكبر.

(٧) في ب زيادة : فإن تسوية الصفوف ... إلخ.

٨٠٥

قصب السكر من مصر من بلدة يقال لها : أبيار (١) ، وأمر بغرسه بالوادي إلا أنه لم ينجح مثل قصب مصر ، وكذلك التين أبو شوك المسمى بتونس بالهندي ، والليمون الكبار ، وزهورات لم تعهد بالحجاز.

غزا عسير سنة ألف ومائتين [وثلاث](٢) وثمانين ، وكذا الشرق سنة [خمس](٣) وثمانين ، وبنى سرايته التي بالغزة في مقابلة مسجد الراية المعروف الآن بزاوية البدوي ، وكان ابتداء العمل ثلاثة عشر خلت من رجب سنة ألف ومائتين [وسبع](٤) وثمانين ولم يعهد شكلها في أرض الحجاز قبلها ، وكان مهندسها أحمد بيه من أهالي [اسلانبول](٥) وهي على كسم بناء سرايات دولة اسلانبول ، وهي فرجة للناظرين ، وسماها صاحب الترجمة : دار الشكر ، واقتنى من العقار شيئا كثيرا ، وكان صاحب أخلاق جميلة ، صاحب عقل وتدبير ، وكان يحب أهل العلم ويتألف الناس ويخاطبهم على قدر عقولهم ، محسن لمن أساء إليه ، محب لإخوته وبني عمه ويتألفهم إلى أن دعاه إلى [قربه](٦) ملك الملوك ، فنقله من منصب الدنيا الفاني إلى منصب الآخرة الباقي ، من بلد الله الأمين إلى جنة النعيم مع الحور العين ، وكانت وفاته ليلة الاثنين المبارك ثلاثة عشر خلت من جماد الآخر سنة ألف ومائتين [وأربع](٧) وسبعين ، ودفن يوم الاثنين بالطائف

__________________

(١) أبيار : اسم قرية بجزيرة بني نصر بين مصر والاسكندرية ، ينسب إليها أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أسد الربعي الأبياري (معجم البلدان ١ / ٨٥).

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) في الأصل : خمسة.

(٤) في الأصل : سبعة.

(٥) في الأصل : اسنبولي.

(٦) في الأصل : أقربه.

(٧) في الأصل : أربعة.

٨٠٦

في قبة الحبر ابن عباس رحمه‌الله آمين. والذي ورثه من الذكور : الشريف علي والشريف محمد.

ولما وصل الخبر إلى الباب العالي بالآستانة وكان بها السيد النبيل الرئيس الكامل سلالة النسب الطاهر سيدنا الشريف حسين بن المرحوم سيدنا الشريف محمد بن عون فأنعمت عليه الدولة العلية ، وكان السلطان المعظم السلطان عبد الحميد بن السلطان عبد المجيد خان ، فمضى صاحب الترجمة لديه ، وأنعم عليه مشافهة بإمارة مكة مثل ما كان أخاه وأباه ، ووصل هذا الخبر إلى مكة يوم الثلاثاء سادس رجب سنة ألف ومائتين [وأربع](١) وسبعين فنادى المنادي بشوارع مكة بأن البلاد بلاد الله وبلاد السلطان ، وأن أمير مكة الشريف حسين ، ووصى له على المقام بعد صلاة المغرب على عادة أمراء مكة ، ثم وصل جدة ، وكان وصوله يوم الخميس إحدى وعشرين خلت من شعبان ، ودخل مكة يوم الاثنين [خمس](٢) وعشرون خلت من شعبان بموكب عظيم لابس النيشان العثماني المرصع من الرتبة الأولى. وكان عفيفا متعففا يحب الفقراء والعلماء ، هين ، صاحب شفقة ، إلى أن ساقته المنية ، وتوجه إلى جدة ولما دخلها فقبل أن ينزل إلى البيت الذي كان مراده ينزل فيه طعنه رجل فقير خبيث أظنه من نسل المجوس ، وهو من أفغانستاني كابلي. كذا قيل ، ولم يعلم سبب طعنه ، وذلك ضحوة يوم الأحد ، فمات بتلك الطعنة يوم الاثنين ، وحمل على أعناق الرجال ودفن بالمعلا على أبيه بجانب السيدة آمنة ، وختم له بالشهادة ، ولقاتله باللعنة.

__________________

(١) مثل السابق.

(٢) في الأصل : خمسة.

٨٠٧

ولما وصل هذا الخبر إلى دار الخلافة وكان سيدنا الشريف عبد المطلب بن المرحوم سيدنا الشريف غالب ، فاستدعاه مولانا السلطان المعظم الغازي عبد الحميد خان ، فأنعم عليه مشافهة ، وأكرمه بالنيشان العثماني المرصع من الرتبة الأولى وكان ذلك يوم الأربعاء ثلاثة عشر ربيع الثاني. ثم توجه إلى الباب العالي في موكب عظيم وهناك تلي الفرمان السلطاني المؤذن بتوجه الإمارة بغاية التعظيم والتكريم بحضور أعيان رجال الدولة. وبعد ذلك توجه إلى منزله بالعساكر السلطانية عن يمينه وشماله. واستقبل من الأعيان من وفد إليه من أجل التهنئة.

وهذه ترجمة الخط الهمايوني : وزيري سمير المعالي ، بناء على وقوع ارتحال الشريف حسين باشا أمير مكة المكرمة رحمه‌الله ، وجعلت خدمة الإمارة الجليلة المنحلة إلى عهدة الشريف عبد المطلب الأسبق ، وأجريت مأموريته بحضورنا وأرسل إلى بابنا العالي. فمجزوم عندنا أن المشار إليه يصرف بتوفيق الله سعيه وهمته في إكمال الأمن والراحة إلى الحرمين المحترمين كما هو مطلوبنا في ١٥ ربيع الآخر سنة ١٢٩٧. كذا في الجوائب.

وكان وصول خبر ولايته يوم الخميس سبع وعشرين ربيع آخر سنة ألف ومائتين [وسبع](١) وتسعين.

ثم بعد ذلك توجه من الآستانة ، ووادعه مولانا المعظم ورجال دولته ، وأنعمت عليه الدولة ببابور من بوابير الدولة لتوصله إلى جدة ، فتوجه فيه ، فقبل وصوله جدة طلع إلى الينبع ، فأقام في الينبع ثلاثة عشر يوما ، ثم توجه إلى المدينة وزار جده عليه الصلاة والسلام ، ودعا للدولة العلية ، وجلب لها

__________________

(١) في الأصل : سبعة.

٨٠٨

الدعوات الخيرة ، وأقام بها أربعة عشر يوما ، ثم توجه إلى الينبع ، وركب منها إلى أن وصل جدة ، وكان وصوله يوم السبت ثمانية عشر جماد الآخر ، ثم توجه إلى مكة ، وكان وصوله ليلة الجمعة الساعة [الرابعة](١) من الليل في موكب عظيم ، ودخلها بالهناء والسرور.

ولما لم ينتظم له الحال لسوء رجال دولته وكبر سنه ، وكاد أن يكون الحجاز حكمه فوضى ، وحصل الظلم لجيران بلد الله الحرام لاحتجابه عن الرعية وعدم وصولهم إليه ، وشاع ذلك ، كما ذكره صاحب الجوائب ، ووصل الخبر بهذا إلى الأبواب العالية ، فأرسلت الدولة إلى الحجاز المعظم عثمان باشا والي الحجاز أمر العساكر بالقبض عليه ، فقبض عليه ٢٧ شوال سنة ١٢٩٩. وقام بأمر الإمارة سيدنا الشريف عبد الله باشا إلى أن قدم [أخوه](٢) سيدنا المعظم ليث بني غالب سيدنا الشريف عون الرفيق باشا ، وصحبته الفرمان السلطاني بتوليه إمارة مكة والحجاز حامل للنيشان العثماني المرصع من الرتبة الأولى ، وكان قد أعطي له في ٧ شوال من التاريخ ، وقبله أعطي النيشان المجيدي. وكان وصوله مكة يوم .. (٣) ما فعل الحكومة ما كانت نشأت فتنة عرابي أحد رجال حكومة مصر. وبسببها جلبت الإنكليز إلى مصر وتغلبهم عليها ، ثم بعد ذلك ثورة السودان وإهمال رجال حكومة مصر في ذلك حين عم الخراب السودان ومصر كل ذلك من إهمال رجال حكومتها ، وأصلها رجل واحد سوداني ، ولو فعلوا

__________________

(١) في الأصل : أربعة.

(٢) في الأصل : أخيه.

(٣) هنا بياض في الأصل قدر سطر.

٨٠٩

مثل ما فعل (١) [الحكومة السنية حكومة مكة].

ذكر بعض من حج من الخلفاء والسلاطين

وذكر الفتن والسيول والصواعق والوباء والغلاء الذي حصل بمكة

وما ناسب ذلك مما حصل في البلاد ، والنيران التي ظهرت حول المدينة وما

ناسب ذلك مما ظهر بالبلدان من الخسف وغير ذلك من العبر.

لا شك أن الأخبار في هذا المعنى كثيرة ، لكن لعدم العناية به لم يدون في كل وقت ، ونحن نذكر حسب ما اطلعنا عليه.

ففي سنة [اثنتي عشرة](٢) حج بالناس سيدنا أبو بكر رضي‌الله‌عنه (٣) ، وقد بويع له بالخلافة يوم الاثنين لثنتي عشر خلت من ربيع الأول سنة إحدى [عشرة](٤) ، وأنفذ جيش أسامة الذي عقد لواءه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الشام ، وقاتل أهل الردة ومسيلمة الكذاب حتى قتله (٥) ، ثم توفي أبو بكر رضي‌الله‌عنه ، وولي مكانه سيدنا عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه (٦) ، وحج بالناس جميع خلافته إلا السنة الأولى حج بالناس عبد الرحمن بن عوف (٧).

__________________

(١) شطب في الأصل بعد هذا على بقية الفقرة ، وهي قدر ستة أسطر ، وقد أكملت الفقرة في الهامش بخط مغاير بما بين المعكوفين.

(٢) في الأصل : اثنا عشر.

(٣) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٢) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٣) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣) ، وتاريخ الطبري (٤ / ٢٧) ، والبداية والنهاية (٦ / ٣٥٣) ، ومروج الذهب (٤ / ٣٩٦) ، والذهب المسبوك (ص : ١٢ ، ١٣).

(٤) في الأصل : عشر. وانظر : إتحاف الورى (١ / ٥٩٤) ، ومنائح الكرم (١ / ٥١١).

(٥) سمط النجوم (٢ / ٣٣٨).

(٦) إتحاف الورى (٢ / ٤).

(٧) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٢) ، ومنائح الكرم (١ / ٥١٤) ، والطبقات الكبرى (٣ / ١٧٧) ، وتاريخ الطبري (٢ / ٣٨٠) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٣).

٨١٠

وفي [سبع عشرة زاد](١) سيدنا عمر في المسجد النبوي (٢).

وفيها : كان القحط بالحجاز.

وفيها : استسقي بسيدنا العباس ، فسقي (٣).

وفي ثلاثة وعشرين توفي سيدنا عمر رضي‌الله‌عنه ، واستخلف سيدنا عثمان رضي‌الله‌عنه ، وحجّ بالناس جميع خلافته إلا السنة الأولى حج بالناس سيدنا عبد الرحمن ، وكذا السنة الأخيرة حج بالناس سيدنا عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنهما (٤).

وفي أربعة وعشرين أصاب الناس رعاف ، وأصاب سيدنا عثمان (٥).

وفي ستة وعشرين زاد سيدنا عثمان في المسجد الحرام (٦).

وفي تسعة وعشرين زاد سيدنا عثمان في المسجد النبوي ، وسقفه وبناه بالحجارة المنقوشة ، وجعل أعمدته حجارة ، وجعل طوله مائة وستين ذراعا وعرضه مائة وخمسين (٧).

وفي خمسة وثلاثين استشهد سيدنا عثمان ، وقصته معلومة لا يحتمل

__________________

(١) في الأصل : سبعة عشر زيد.

(٢) انظر زيادة سيدنا عمر في : بهجة النفوس والأسرار (١ / ٢١٢ ـ ٢١٣).

(٣) عن أنس ، «أن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه : كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسّل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسّل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون».

أخرجه البخاري في صحيحه (١ / ٣٤٢ ح ٩٦٤) كتاب الاستسقاء ، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا.

(٤) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٢) ، وتاريخ الطبري (٥ / ١٣٩) ، والبداية والنهاية (٧ / ١٨٧) ، ومنائح الكرم (١ / ٥٢٨).

(٥) تاريخ الخلفاء (ص : ١٥٤) ، وسير أعلام النبلاء (١ / ٥٤) ، والبداية والنهاية (٧ / ١٥٠).

(٦) الأزرقي (٢ / ٦٩) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٩) ، ومنائح الكرم (١ / ٥٢٩).

(٧) انظر زيادة سيدنا عمر في : صحيح البخاري (١ / ١٧١ ح ٤٣٥) ، وبهجة النفوس والأسرار (١ / ٢١٤ ـ ٢١٥).

٨١١

القلب ذكرها (١).

وفي تسعة وثلاثين وقع قتال بين قثم بن عباس عامل سيدنا علي بن أبي طالب وبين يزيد الذي بعثه سيدنا معاوية لإقامة الحج وأخذ البيعة له بمكة ، ووقع الصلح على أن يعزل كل منهما ويختار الناس من يصلي بهم ، فاختاروا شيبة بن عثمان الحجبي فصلّى بهم وحجّ بهم (٢).

وفي أربعين استشهد سيدنا علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، قتله ابن ملجم ألجمه الله بلجام من النار (٣).

وفيها : وقفت الناس بعرفة الثامن ، وضحّوا يوم التاسع ، وقف بهم المغيرة بن [شعبة](٤). حكاه الفاسي (٥).

وفي تسعة وأربعين استشهد الحسن بن علي بالمدينة مسموما ، سمّته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس (٦).

وفي ستين توفي معاوية (٧).

وفي ستة وستين وقف بعرفة أربعة ألوية ، لواء لابن الزبير عن الجماعة ،

__________________

(١) انظر : الطبقات الكبرى (٣ / ٦٤ ـ ٧٤) ، وسمط النجوم (٢ / ٥١٩ ـ ٥٣١).

(٢) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٢) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٩) ، وغاية المرام (١ / ٦٨) ، وتاريخ الطبري (٦ / ٧٩) ، ومروج الذهب (٤ / ٣٩٧) ، ومنائح الكرم (١ / ٥٣٥).

(٣) تاريخ الخلفاء (ص : ١٧٥ ـ ١٧٦) ، وتاريخ الطبري (٣ / ١٥٥ ـ ١٥٦) ، والطبقات الكبرى (٣ / ٣٧) ، ومنائح الكرم (١ / ٥٣٧).

(٤) شطب في الأصل على كلمة : شعبة ، وكتب بعدها : سعد. والمثبت من الفاسي.

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٣) ، وانظر : الكامل (٣ / ١٧٤) ، ومروج الذهب (٤ / ٣٩٨).

(٦) تاريخ الخلفاء (ص : ١٩٢) ، والكامل (٣ / ٣١٥) ، وسير أعلام النبلاء (٣ / ٢٧٤) ، ومآثر الإنافة (١ / ١٠٦) ، والبداية والنهاية (٨ / ٤٣) ، ووفيات الأعيان (٢ / ٦٦) ، والتحفة اللطيفة (١ / ٢٨٣) ، والمنتظم (٥ / ٢٢٦).

(٧) تاريخ الطبري (٣ / ٢٦١) ، وتاريخ خليفة بن خياط (١ / ٢٢٩) ، والنجوم الزاهرة (١ / ١٥٣) ، والكامل (٣ / ٣٦٨) ، ومنائح الكرم (٢ / ١٠) ، وسمط النجوم (٣ / ١٥٤).

٨١٢

ولواء لابن عامر عن الخوارج ، ولواء لمحمد بن الحنفية عن الشيعة ، ولواء من أهل الشام لبني أمية (١).

وفي سبعة وسبعين (٢) كتب اليزيد إلى عبيد الله بن زياد بالعراق يقاتل سيدنا الحسين بن علي رضي‌الله‌عنهما ، فقاتله إلى أن استشهد سيدنا الحسين رضي‌الله‌عنه ، وفي قتله قصة طويلة لا يحتمل القلب ذكرها ، وقتل معه ستة عشر [نفرا](٣) من أهل بيته ، وكان قتله يوم عاشوراء بكربلاء (٤) ، وعند قتله مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف (٥) الصفر ، والكواكب يضرب بعضها بعضا ، واحمرّ أفق السماء ستة أشهر ، ولم ينقلب حجرا من بيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم ، وصار الورس الذي في عسكرهم رمادا ، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون لحمها مثل النار ، وطبخوه فصار مثل العلقم ، وتكلّم رجل في الحسين بكلمة فرماه الله بكوكب فطمس بصره. ذكره السيوطي وغيره (٦).

وفي ثمانية وستين كان خروج المختار الكذاب ابن أبي عبيدة الثقفي (٧) ، ادّعى النبوة وأن جبريل ينزل عليه ، فجهز عليه ابن الزبير وقتله (٨).

__________________

(١) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٤) ، وانظر : إتحاف الورى (٢ / ٧٧) أحداث سنة أربع وستين ، ودرر الفرائد (ص : ١٩٧) ، ومنائح الكرم (٢ / ٢٧).

(٢) كيف يكون هذا والحسين بن علي توفي في عام ٦١ ه‍ ، ويزيد توفي في عام ٦٤ ه‍ ، وعبيد الله بن زياد توفي في عام ٦٦ ه‍؟

(٣) في الأصل : نفر.

(٤) كربلاء : ـ بالمد ـ وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي رضي‌الله‌عنه في طرف البرية ثم الكوفة (معجم البلدان ٤ / ٤٤٥).

(٥) الملحفة : اللّباس الذي فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه (لسان العرب ، مادة : لحف).

(٦) تاريخ الخلفاء (ص : ٢٠٧). وانظر : سمط النجوم (٣ / ١٨٦ ـ ١٨٧).

(٧) كان خروج المختار الكذاب سنة ٦٦ ه‍ ، وكان قتله في السنة التي ذكرها المؤلف. انظر : المختصر في أخبار البشر (١ / ١٩٤ ـ ١٩٥).

(٨) سمط النجوم (٣ / ٢٤٢).

٨١٣

وفي مائة قدم كتاب من عمر بن عبد العزيز رضي‌الله‌عنه إلى عامله بمكة ينهى عن كراء بيوت مكة ، وتسوية الناس بمنى (١).

وفي مائة وثمانية [وخمسين](٢) أمر المنصور العباسي بالقبض على سفيان الثوري بمكة وعباد بن كثير ، فقبض عليهما وتخوف الناس ، فمات المنصور قبل دخوله مكة عند بئر ميمون الحضرمي ، وكفاهم الله شره (٣).

وفي مائة وستين حج بالناس المهدي ، وفرّق أموالا عظيمة يقال : إنها ثلاثون ألف ألف درهم وثلاثمائة ألف دينار وصلت إليه من مصر ، ومائة ألف دينار وصلت إليه من اليمن ، ومائة ألف ثوب وخمسون ألف ثوب فرّق ذلك كله على أهل مكة ، وأمر بتوسعة المسجد الحرام ، وهو أول خليفة حمل الثلج إليه إلى مكة (٤).

وفيها : ظهر المقنع الساحر المدعي النبوة ، وأرى الناس أعاجيب كثيرة. قال الذهبي : [ادعى](٥) الربوبية بناحية مرو (٦) ، أرى الناس قمرا آخر في السماء يراه المسافرون من مسيرة شهرين ، واستغوى خلقا [كثيرا](٧) من الجهلة حتى عبدوه وقاتلوا معه مع قبح صورته ، وكان قد اتخذ وجها من

__________________

(١) الأزرقي (٢ / ١٦٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٣٤) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٠٤) ، والعقد الثمين (٥ / ٤٥١) ، وشفاء الغرام (٢ / ٢٩٧) ، ومنائح الكرم (٢ / ٥٦).

(٢) في الأصل : عشر. والتصويب من المصادر التالية.

(٣) تاريخ الخلفاء (ص : ٢٦٢) ، وسير أعلام النبلاء (٧ / ٢٥١) ، وإتحاف الورى (٢ / ١٩٤) ، وسمط النجوم (٣ / ٣٨٦).

(٤) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٦) ، وأخبار مكة للأزرقي (٢ / ٧٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥) ، وسمط النجوم (٣ / ٣٩٠) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٤).

(٥) في الأصل : الدعى.

(٦) مرو : هي مرو الشاهجان ، وهي مرو العظمى ، أشهر مدن خراسان وقصبتها ، بينها وبين نيسابور سبعون فرسخا (معجم البلدان ٥ / ١١٢ ـ ١١٣).

(٧) في الأصل : كثير.

٨١٤

ذهب يستر به وجهه فقيل له : المقنع ، فأرسل إليه المهدي جيشا فقتلوه لعنه الله (١).

وفي مائة [وثلاثة](٢) وثمانين جاءت الحبشة فوقعوا بجدة ، فخرج الناس من مكة غزاة في البحر وأميرهم عبد الله بن إبراهيم المخزومي عامل الرشيد فنصرهم الله عليهم (٣).

وحج الرشيد حججا منها في سنة مائة [وتسع](٤) وسبعين ، قسم بالحرمين مالا عظيما ألف ألف وخمسين ألف دينار ، وجعل العهد الذي عقده بين ابنيه المأمون والأمين في الكعبة ، وهو آخر خليفة حج من العراق ، أحرم بالحج من بغداد (٥) ، ومشى من مكة إلى عرفة ، وشهد المشاهد كلها ماشيا ، واعتمر في رمضان في هذه السنة شكرا على قتل الوليد بن طريف (٦).

وفي سنة [خمس وأربعين](٧) ومائة : [انتثرت](٨) الكواكب من أول

__________________

(١) سير أعلام النبلاء (٧ / ٣٠٦) ، وانظر : تاريخ الخميس (٢ / ٣٣٠) ، والكامل (٥ / ٢٣٠) ، والبداية والنهاية (١٠ / ١٤٥) ، والنجوم الزاهرة (٢ / ٣٨) ، وتاريخ خليفة (ص : ٤٣٧) ، وتاريخ الطبري (٤ / ٥٦٠) ، وسمط النجوم (٣ / ٣٩١).

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) الفاكهي (٣ / ٥٥) ، وشفاء الغرام (١ / ١٦٦) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٣٢).

(٤) في الأصل : تسعة.

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٨) ، والمحبر (ص : ٣٨) ، وتاريخ الطبري (١٠ / ٩٥) ، والكامل (٦ / ٦٨) ، والبداية والنهاية (١٠ / ٢٠٠) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٤٥).

(٦) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٧) ، وانظر أخبار الوليد في : الكامل (٥ / ٣٠٢) ، وتاريخ الطبري (١٠ / ٦٢ ـ ٦٥) ، ووفيات الأعيان (٢ / ١٧٩) ، والنجوم الزاهرة (٢ / ٩٥) ، والذهب المسبوك للمقريزي (٤٨ ـ ٤٩) ، ومرآة الجنان (١ / ٣٧٠) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٣٠).

وفي الأصل : الوليد بن ظريف.

(٧) في الأصل : أربعين. والتصويب من حسن المحاضرة (٢ / ١٦٥).

(٨) في الأصل : تنثرت. والتصويب من حسن المحاضرة ، الموضع السابق.

٨١٥

الليل إلى الصباح فخاف الناس. ذكره صاحب المرآة. كذا في حسن المحاضرة في أخبار مصر للحافظ السيوطي رحمه‌الله (١).

وفي مائة [وتسعة](٢) وتسعين وقف الناس بعرفة بلا إمام ، وصلوا بلا خطبة ، وسبب ذلك : أن أبا السرايا (٣) داعية ابن طباطبا بعث حسينا الأفطس للاستيلاء على مكة (٤) ، وكان وصوله يوم عرفة (٥). وتقدم خبره في الأمراء (٦).

وفي مائتين نهب الحاج ببستان ابن عامر وهو بطن نخلة ، ونهبت كسوة الكعبة الشريفة (٧).

وفي مائتين وأربعة [وعشرين](٨) قلّ ماء زمزم فحفر فيها محمد بن الضحاك تسعة أذرع فزاد ماؤها ، وأول من فرش أرضها بالرخام المنصور ثاني الخلفاء من بني العباس (٩).

وفي مائتين وثمانية أصاب الناس في الموقف حرّ شديد ، ثم أصابهم

__________________

(١) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٥). وانظر : النجوم الزاهرة (٢ / ٧).

(٢) في الأصل : تسعة.

(٣) هو : أبو السرايا السري بن منصور الشيباني داعية ابن طباطبا العلوي المكي ، توفي سنة (٢٠٠ ه‍) ، انظر أخباره في : البداية والنهاية (١٠ / ٢٤٤) ، ومقاتل الطالبيين (٣٣٨) ، والطبري (١٠ / ٢٢٧).

(٤) في الأصل : ابن طبطاب حسن الأفطس بعث جيشا إلى مكة. وانظر شفاء الغرام.

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٨) ، وتاريخ الطبري (١٠ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠) ، والكامل (٦ / ١١٣) ، والعقد الثمين (٤ / ١٩٦ ـ ١٩٨).

(٦) (ص : ٧١٢).

(٧) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٩) ، والعقد (١ / ١٨٥) ، والكامل (٦ / ١١٥) ، وغاية المرام (١ / ٣٩٩) ، ومنائح الكرم (٢ / ١٤٧).

(٨) زيادة من معجم البلدان.

(٩) معجم البلدان (٣ / ١٤٨). وانظر : تاريخ عمارة المسجد الحرام لباسلامة (ص : ٢١٧ ـ ٢١٨).

٨١٦

مطر ، [واشتد البرد عليهم](١) بعد ساعة من ذلك الحر ، وسقطت قطعة من الجبل الذي عند الجمرة ـ أي : جمرة العقبة ـ قتلت جماعة من الحجاج (٢).

وفي مائتين وخمسين لم يقف الناس بعرفة لا ليلا ولا نهارا ، وقتل خلق كثير بسبب فتنة إسماعيل بن يوسف العلوي. وقد تقدم خبر ذلك عند ذكر أمراء مكة ، ولم يقف إلا إسماعيل وجماعته (٣).

وفي مائتين [واثنين](٤) وستين خاف الناس أن يبطل الحج تلك السنة. وسبب ذلك : وقع قتال بين الجزّارين والحنّاطين بمكة يوم التروية ، ثم تحاجزوا ، وقتل بين الفريقين نحو عشرة أنفار (٥).

وفي سنة [ست](٦) وستين نهبت الأعراب كسوة الكعبة (٧) ، وظهرت القرامطة بالكوفة (٨).

وفي تسعة وستين ومائتين وقع قتال بين حج المصري أصحاب ابن [طولون](٩) وحج العراقي أصحاب أحمد بن الموفق ، وكان الظفر

__________________

(١) في الأصل : وأشد عليهم. وانظر شفاء الغرام.

(٢) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٩) ، وتاريخ الطبري (١١ / ٩) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٩٨).

(٣) شفاء الغرام (٢ / ٣٦٩) ، وتاريخ الطبري (١١ / ١٣٦) ، والكامل (٧ / ٥٨) ، والبداية والنهاية (١١ / ٩) ، ومروج الذهب (٤ / ٤٠٦) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٥).

(٤) في الأصل : اثنين.

(٥) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٠) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٣٨) ، وتاريخ الطبري (١١ / ٢٤٣) ، والكامل (٧ / ١٠٩) ، والبداية والنهاية (١١ / ٣٥) وفيه : الخياطين والخزازين.

(٦) في الأصل : ستة.

(٧) شفاء الغرام الموضع السابق ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٤١) ، وتاريخ الطبري (١١ / ٢٥٨) ، والمنتظم (٥ / ٥٦) ، والكامل (٧ / ١٢٠) ، والبداية والنهاية (١١ / ٣٩).

(٨) الكامل (٦ / ٣٦٣) ، والعبر (٢ / ٦٥) وذكر ابتداء القرامطة في الكوفة سنة : ٢٧٨ ه‍.

(٩) في الأصل : طالون. وانظر شفاء الغرام.

٨١٧

لأصحاب ابن الموفق (١).

وفي مائتين وتسعين خرج الحسين بن ذكرويه القرمطي [وظهرت](٢) شامة في وجهه وزعم أنها آيته ، وجاءه ابن عمه عيسى مهرويه ، وزعم أن لقبه المدثر ، وأنه المعين في السورة ، ولقب غلاما له المطوق بالنور ، وظهر بالشام وأفسد ، ودعي له على المنابر ، ثم قتل سنة مائتين [وإحدى](٣) وتسعين (٤).

وفي تسعة وتسعين ومائتين كانت واقعة بين عجّ بن حاج (٥) وبين الأجناد بمنى ثاني عشر ذي الحجة ، وأصابت الحجاج في عودهم عطش شديد فمات منهم جماعة. وحكي أن أحدهم كان يبول في كفه ويشربه (٦).

وفي أربعة عشر (٧) وخمسة عشر (٨) وستة عشر (٩) وثلاثمائة لم يحج أحد من العراق ؛ للخوف من القرامطة ، وأهل مكة حجوا سنة أربع عشر على

__________________

(١) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٠) ، وتاريخ الطبري (١١ / ٢٣٠) ، والكامل (٧ / ١٤٢) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٤٣).

(٢) في الأصل : وظهر.

(٣) في الأصل : وواحد.

(٤) الكامل (٦ / ٤١٧) ، والبداية والنهاية (١١ / ٩٦) ، وسير أعلام النبلاء (١٣ / ٤٨١ ـ ٤٨٣) ، والعبر (٢ / ٩٠ ـ ٩٤) ، وسمط النجوم (٣ / ٤٨٢).

(٥) عج بن حاج : هو أمير الترك ، مولى الخليفة المعتضد ، وقد ولاه مكة من عام ٢٨١ حتى عام ٢٩٥ ه‍ (الأزرقي ٢ / ٨٨ ، والعقد الثمين ٥ / ١٨٨).

(٦) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٠) ، وتاريخ الطبري (١١ / ٤٠٦) ، والكامل (٨ / ٢٠) ، والبداية والنهاية (١١ / ١٠٨) ، والمنتظم (٦ / ٨٢).

(٧) شفاء الغرام (٢ / ٣٧١) ، والبداية والنهاية (١١ / ١٥٤) ، والنجوم الزاهرة (٣ / ٢١٥) ، والمنتظم (٦ / ٢٠٢).

(٨) شفاء الغرام (٢ / ٣٧١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٧٣) ، والمنتظم (٦ / ٢١٠).

(٩) شفاء الغرام (٢ / ٣٧١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٧٤) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٢٤).

٨١٨

قلة (١).

وفي سبعة عشر وثلاثمائة وافى الناس القرمطي في الحج ، وفعل ما فعل بالناس (٢). وتقدم إيضاح ذلك عند فضل الحجر الأسود (٣).

وفي تسعة عشر (٤) ، وعشرين ، وثلاثة وعشرين (٥) ، وأربعة وعشرين (٦) ، وتسعة وعشرين ، واثنين وثلاثين (٧) ، وأربعة وثلاثين (٨) ، وخمسة وثلاثين (٩) وثلاثمائة لم يحج أحد من أهل العراق بسبب ظهور القرمطي. حكاه الفاسي.

وفي واحد وأربعين وثلاثمائة كانت فتنة بين حج المصري وحج العراقي بسبب الخطبة ، ثم صحت الخطبة لأحمد بن الفضل (١٠).

وفي [تسع](١١) وأربعين وثلاثمائة رجع الحج المصري من مكة فنزلوا واديا فجاءهم سيل فأخذهم كلهم وألقاهم في البحر عن آخرهم. كذا في

__________________

(١) شفاء الغرام (٢ / ٣٧١) ، ومروج الذهب (٤ / ٤٠٧) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٣٤).

(٢) شفاء الغرام (٢ / ٣٧١) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٥) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٧٤) ، وسمط النجوم (٣ / ٤٨٩) ، والبداية والنهاية (١١ / ١٦٠) ، والمنتظم (٦ / ٢٢٢).

(٣) ص : ١٧٤.

(٤) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٢) ، ودول الإسلام (١ / ١٩٤).

(٥) شفاء الغرام الموضع السابق ، والكامل (٨ / ١٠٨) ، والبداية والنهاية (١١ / ١٨٣) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٨٥).

(٦) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٣) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤١) ، ومروج الذهب (٤ / ٤٠٨) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٨٦).

(٧) شفاء الغرام ، الموضع السابق.

(٨) شفاء الغرام ، الموضع السابق ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٩٢) ، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة (١ / ٣٠٩) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٢).

(٩) شفاء الغرام ، الموضع السابق ، والنجوم الزاهرة (٣ / ٢٩٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٣٩٣).

(١٠) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٤) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٥).

(١١) في الأصل : تسعة.

٨١٩

حسن المحاضرة (١).

وفي خمسة وخمسين وثلاثمائة كان الدعاء لكافور الإخشيدي على المنابر (٢).

وفيها : قطعت بنو سليم الطريق على الحجيج من أهل مصر ، وأخذوا منهم عشرين ألف بعير بأحمالها ، وعليها من الأموال والأمتعة ما لا يقوّم كثيرة ، وبقي الحاج في البوادي فهلك أكثرهم. كذا في حسن المحاضرة (٣).

وفي سبعة وخمسين وثلاثمائة لم يحج أحد من أهل [الشام](٤) ولا مصر (٥).

وفيها أو [التي](٦) بعدها أذّنوا بمصر : بحيّ على خير العمل ، وفيها شرعوا في بناء الجامع الأزهر. كذا في تاريخ الخلفاء (٧) والفاسي.

وفي ثلاثة وستين وثلاثمائة [خرج](٨) بنو هلال على الحاج فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وضاق الوقت وبات الحج ، ولم يسلم إلا من مضى مع الشريف على طريق المدينة فتمّ حجهم (٩).

__________________

(١) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٧). وانظر : الكامل (٧ / ٢٦٧) ، والبداية والنهاية (١١ / ٢٣٦) ، وتاريخ الخميس (٢ / ٣٥٤) ، ودرر الفرائد (ص : ٤٠١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٤٠١).

(٢) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٥) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٦).

(٣) حسن المحاضرة (٢ / ١٦٧).

(٤) في الأصل : العراق. وانظر : المصادر التالية.

(٥) دول الإسلام (١ / ٢٢١) ، والنجوم الزاهرة (٤ / ١٨) ، وتاريخ الخلفاء (ص : ٤٠١ ـ ٤٠٢) ، والبداية والنهاية (١١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١) ، وشفاء الغرام (٢ / ٣٧٥) ، وإتحاف الورى (٢ / ٤٠٥) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٤).

(٦) في الأصل : الذي.

(٧) تاريخ الخلفاء (ص : ٤٠٢).

(٨) في الأصل : خرجوا.

(٩) شفاء الغرام (٢ / ٣٧٧) ، والكامل (٨ / ٢٣٣) ، والبداية والنهاية (١١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٤٥) ، وإتحاف الورى (٢ / ٤١٠).

٨٢٠