تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

وسبعين سنة وستة (١) أشهر وعشر ليال. انتهى.

وحكى المرجاني في بهجة النفوس عن النقاش في [صلاة](٢) واحدة عمر خمسين سنة ، ولم يقل خمسة وخمسين ، وفي صلاة يوم وليلة عمر [مائتي](٣) سنة وسبعين ، ولم يقل [وسبع](٤) وسبعين (٥).

وما ذكرناه يحصل بصلاة المنفرد نفلا ، وتزيد الحسنات بصلاة المكتوبة بجماعة على ما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن «صلاة الجماعة تفضل الفذ بخمس وعشرين صلاة». وفي رواية : «بسبع وعشرين درجة».

وعن أنس بن مالك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاة في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاة في مسجد يجمع فيه بخمسمائة صلاة ، وصلاة في بيت المقدس بخمسة آلاف ، وصلاة في مسجد المدينة بخمسين ألف صلاة ، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة» (٦). أخرجه الطبري في التشويق (٧).

وعن الأرقم أنه جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أين تريد»؟ فقال : أريد يا رسول الله هاهنا ـ وأومأ بيده إلى نحو بيت المقدس ـ قال : «ما يخرجك إليه ، تجارة؟» قال : لا ولكن أريد الصلاة فيه. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) في البحر العميق : وتسعة.

(٢) قوله : صلاة ، زيادة من البحر العميق (١ / ١٩).

(٣) في الأصل : مائتين. والتصويب من بهجة النفوس (١ / ١٨١).

(٤) في الأصل : سبعة.

(٥) بهجة النفوس (١ / ١٨١).

(٦) أخرجه ابن ماجه (١ / ٤٥٣ ح ١٤١٣) ، والطبراني في الأوسط (٧ / ١١٢).

(٧) التشويق إلى البيت العتيق (ص : ٢٢٠).

٤٢١

«فالصلاة هاهنا ـ وأومأ بيده إلى مكة ـ خير من ألف صلاة هاهنا ـ وأومأ بيده إلى الشام ـ». أخرجه أحمد (١).

وعن أبي الدرداء رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الصلاة في المسجد الحرام تفضل على غيره بثلاثة آلاف صلاة ، وفي مسجدي بألف صلاة ، وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة». حديث غريب من حديث [سعيد بن بشير ، عن إسماعيل بن عبيد الله](٢) ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، والصحيح ما تقدم من حديث ابن الزبير. انتهى. ذكره القرشي (٣).

وفي الدر المنثور للسيوطي (٤) : أخرج البزار وابن خزيمة والطبراني والبيهقي في الشّعب عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة» (٥).

وروى ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ) [الأنبياء : ١٠٦] قال : «[الصلوات](٦) الخمس في المسجد الحرام بالجماعة» (٧).

__________________

(١) أخرجه الحاكم (٣ / ٥٧٦) ، والمقدسي (٤ / ٨٣) ، والطبراني في الكبير (١ / ٣٠٦). ولم أجده في مسند أحمد.

(٢) في الأصل : سعد بن بشير عن إسماعيل بن عبد الله. والتصويب من الشعب (٣ / ٤٨٥) ، وانظر : تحفة الأشراف (٨ / ٢٣٩) ، وتقريب التهذيب (ص : ٢٣٤).

(٣) البحر العميق (١ / ١٩).

(٤) الدر المنثور (٢ / ٩٥).

(٥) أخرجه البيهقي في الشعب (٣ / ٤٨٥).

(٦) في الأصل : الصلاة. وانظر الدر المنثور (٤ / ٦١٣).

(٧) أخرجه الفاكهي (٢ / ٩٦ ح ١١٩٨) ، وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٨١) ، وعزاه للمفضّل الجندي. وانظر : الدر المنثور (٤ / ٦١٣).

٤٢٢

وقال وهب بن منبه : وجدت في التوراة مكتوبا : من شهد الصلوات الخمس في المسجد الحرام كتب الله له بها [اثني](١) عشر ألف ألف صلاة وخمسمائة ألف صلاة (٢). رواه [الجندي](٣) في فضائل مكة.

قال الإمام العالم تقي الدين [أبو](٤) عبد الله [محمد بن](٥) إسماعيل بن علي بن محمد [بن](٦) أبي الصيف اليمني في جزء مضاعفات الصلاة التي هي خير الأعمال في المساجد التي تشد إليها الرحال : اختلفت الروايات في التضعيف ، يحتمل إن صحت كلها أن يكون حديث الأقل قبل حديث الأكثر ، ثم تفضل الله بالأكثر شيئا بعد شيء ، كما قيل في الجمع بين رواية أبي هريرة في فضل الجماعة بخمس وعشرين وبين رواية ابن عمر بسبع وعشرين ، ويحتمل أن يكون الأعداد تنزل على الأحوال ، فقد جاء أن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعين إلى سبعمائة ، وأنها تضاعف إلى ما لا نهاية. قال تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٦١].

وروي : «تفكّر ساعة خير من عبادة قيام ليلة» (٧).

وروي : «خير من عبادة سنة» (٨) ، وذلك لتفاوت الأحوال ، وقد

__________________

(١) في الأصل : اثنا.

(٢) أخرجه الفاكهي (٢ / ٩٥ ح ١١٩٥) ، وذكره الفاسي في شفاء الغرام (١ / ٨١) ، وعزاه للجندي في فضائل مكة.

(٣) في الأصل : الجنيد.

(٤) في الأصل : أبي.

(٥) قوله : محمد بن ، زيادة من البحر العميق (١ / ٢٠) ، وانظر : تكملة الإكمال (٣ / ٦٣٢).

(٦) قوله : بن ، زيادة من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٧) أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (٧ / ١٩٠) عن الحسن قال : «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» ، وفي شعب الإيمان (١ / ١٣٦) عن أبي الدرداء ، وفي العظمة (١ / ٢٩٨) عن ابن عباس ، وفي صفوة الصفوة (١ / ٦٢٨) عن أم الدرداء.

(٨) ذكره القرطبي في تفسيره (٤ / ٣١٤) ، والعجلوني في كشف الخفاء (١ / ٣٧٠) ، والهروي

٤٢٣

يصلي [رجلان](١) فيكتب لحاضر القلب أجرها ولا يكتب للغافل قلبه ، فيجوز أن تكون المضاعفة الموجودة هاهنا تختلف باختلاف الأحوال. ذكره القرشي في البحر العميق (٢).

الفصل الثامن : فيما يتعلق بالمسعى والصفا والمروة

وذرع طول المسعى [وعرضه](٣) ، وعدد درج الصفا والمروة

قال التقي الفاسي في شفاء الغرام (٤) : الصفا هو مبدأ السعي ، هو في أصل جبل أبي قبيس ، وهو موضع مرتفع من جبل له درج ، وفيه [ثلاثة](٥) عقود ، والدرج من أعلا العقود وأسفلها ، والدرج [الذي](٦) أعلا العقود أربع درجات ، ووراء هذه الأربع ثلاث مساطب كبار ، على هيئة (٧) الدرج ، يصعد من الأولى إلى الثانية منها بثلاث درجات في وسطها ، وتحت العقود درجة ، وتحتها فرشة كبيرة ، [ويليها ثلاث](٨) درجات ، ثم فرشة مثل الفرشة السابقة تتصل بالأرض ، وربما علا التراب عليها فتغيب ، وعرض الفرشة السفلى : ذراع ونصف ذراع وقيراطان ،

__________________

في المصنوع (ص : ٨٢) وقال : ليس بحديث ، إنما هو من كلام السري السقطي رحمه‌الله تعالى.

(١) في الأصل : رجلين.

(٢) البحر العميق (١ / ١٩ ـ ٢٠).

(٣) في الأصل : وعرضها.

(٤) شفاء الغرام (١ / ٥٥٥).

(٥) في الأصل : ثلاث.

(٦) في الأصل : التي.

(٧) في شفاء الغرام : قمة.

(٨) في الأصل : فيها وثلاث. وانظر شفاء الغرام ، الموضع السابق.

٤٢٤

وعرض الفرشة العليا التي تحت العقود : ذراع (١) وثلثا ذراع ، وعرض [الثلاث](٢) الدرجات التي بين الفرشتين : ذراعان ونصف ذراع ، كل ذلك بذراع الحديد ، وتحت الفرشة السفلى التي تتصل بالأرض درج مدفون وهو ثمان درجات ، ثم فرشة مثل الفرشة السابقة ، ثم [درجتان](٣) ، وتحت هاتين الدرجتين حجر كبير يشبه أن يكون من جبل ، وهذا الدرج المدفون لم نره إلا في محاذاة العقد الأوسط من عقود الصفا.

والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه في مقابلة العقدين الأخيرين مثل ذلك.

وذرع ما بين وجه العقد الأوسط على الصفا إلى منتهى الدرج المدفون : ثمانية عشر ذراعا بالحديد ، وكان تحرير ذلك بحضوري بعد الأمر بالحفر عن الدرج المشار في سابع عشر شوال سنة [أربع عشرة](٤) وثمانمائة (٥).

وكان ابتداء الحفر عن ذلك في يوم السبت خامس عشر شوال المذكور. وكان الناس يأتون لمشاهدة ما ظهر من الدرج أفواجا ، وحصل لهم بذلك غبطة وسرور ؛ لأن كثيرا من الساعين لا يرقون في الدرج الظاهر ، خصوصا الساعين ركوبا على الدواب. وسبب الحفر عن ذلك : أنه حاك في نفس بعض فقهاء مكة في عصرنا عدم صحة سعي من لم يرق على الدرج الظاهر ؛ لأن بعض متأخري [فقهاء](٦) الشافعية أشار إلى أن في الصفا درجا مستحدثا ينبغي للساعي الاحتياط بالرقيّ عليه ، إلى أن يتيقن.

__________________

(١) في شفاء الغرام : ذراعان.

(٢) في الأصل : الثلاثة.

(٣) في الأصل : درجات. وانظر شفاء الغرام.

(٤) في الأصل : أربعة عشر.

(٥) إتحاف الورى (٣ / ٤٨٧).

(٦) في الأصل : الفقهاء.

٤٢٥

وسيأتي ذكر ذلك بنصه.

وهذا الكلام يوهم أن بعض الدرج الموجود الآن محدثا ؛ لأنه ليس هناك درج سواها حتى يحمل الكلام عليها. وذاكرني الفقيه المشار إليه بما حاك في نفسه فقلت له :

الظاهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بالدرج المحدث غير الدرج الظاهر ، ويتحقق ذلك بالحفر عنه ، فحفرنا حتى ظهر لنا من الدرج ما ذكرنا ، ويبعد جدا أن يكون مجموع الدرج المدفون والظاهر محدثا في غير محل السعي ، حتى لا يجزئ الوقوف عليه في السعي ، وإنما المحدث بعض الدرج المدفون ؛ لكونه في غير محل السعي على ما يقتضيه كلام الأزرقي (١) ؛ لأنه قال فيما روينا عنه بالسند : ذرع ما بين الركن الأسود إلى الصفا : مائتا ذراع واثنان وستون ذراعا وثمانية عشر أصبعا. انتهى.

والصفا الذي ذكر الأزرقي ذرع ما بينه وبين الحجر الأسود وهو محل السعي ، وما ذكره الأزرقي في ذرع ما بين الصفا والحجر الأسود إما أن يكون إلى مبدأ الدرج المدفون تحت العقود ، أو إلى العقود ، أو إلى ما وراء ذلك ، وفي كلّ الوجوه نظر غير الوجه الثاني.

أما الأول : فلأن من الحجر الأسود إلى مبدأ الدرج المدفون : مائتا ذراع وإحدى وعشرون ذراعا وربع ذراع وثمن ذراع بذراع الحديد ، يكون ذلك بذراع اليد : [مائتي](٢) ذراع وثلاثة وخمسين ذراعا بذراع اليد ، على ما حرّرناه ، وذلك دون ما ذكره الأزرقي في مقدار ما بين الحجر الأسود

__________________

(١) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ١١٨) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٥٦).

(٢) في الأصل : مائتا.

٤٢٦

والصفا بعشرة أذرع إلا [ربعا](١) ، فدلّ ذلك على أنه لم يرده لمخالفة المقدار الذي ذكره. والله أعلم.

وأما الوجه الثالث : فلأن من الحجر الأسود إلى العقد الوسط الذي بالصفا : مائتا ذراع وتسعة وثلاثين ذراع وربع ذراع وثمن ذراع بالحديد ، يكون ذلك باليد : مائتي ذراع وثلاثة وسبعين [ذراعا](٢) ـ بتقديم السين ـ وأربعة أسباع ذراع ، على ما حرّرناه ، وذلك يزيد على مقدار ما ذكره الأزرقي عشرة أذرع وخمسة أسباع ذراع وثلاثة أرباع ؛ خمس سبع ذراع ، فدلّ ذلك على أنه لم يرده لمخالفة القدر الذي ذكرناه.

وأما الوجه الرابع : فالنظر فيه كالنظر في الوجه الثالث ؛ لأنه إذا كان الوجه الثالث غير المراد لما فيه من المخالفة كما ذكره الأزرقي بسبب الزيادة ؛ فالوجه الرابع غير المراد من باب أولى ؛ لكثرة الزيادة فيه على الزيادة التي في الوجه الثالث ، خصوصا إذا قيل أن المراد موضع جدار البيت المشرف على الصفا ، فإن من العقد الوسط إليه : سبعة عشر ذراعا ـ بتقديم السين ـ بذراع الحديد ، يكون ذلك بذراع اليد : تسعة عشر ذراعا ـ بتقديم التاء ـ وثلاثة [أسباع](٣) ذراع. والله أعلم.

وإذا كان في كلّ من هذه الوجوه نظر ، تعين أن يكون المراد الوجه الثاني ؛ لموافقة كلام الأزرقي ؛ لأن من أول الفرشة التي تحت الدرجات الثلاثة إلى آخر الفرشة التي فوقها تحت الدرجة التي تحت العقد الوسط : عشرة أذرع باليد ، وذلك هو المقدار الزائد على ما ذكره الأزرقي في مقدار

__________________

(١) في الأصل : ربع.

(٢) في الأصل : ذراع.

(٣) في الأصل : أسابع.

٤٢٧

ما بين الحجر الأسود والصفا.

وإنما ذكر الأزرقي ذرع ما بين الحجر الأسود والصفا ليتبين ما وراء ذلك محل للسعي ، والفرشة السفلى المشار إليها من وراء [الذرع](١) المذكور فتكون محلا للسعي على هذا ، ويصح سعي من وقف عليها ، فلا يقصر الساعي عنها ، ولا يجب عليه الرقي على ما وراءها. والله أعلم.

والفرشة المشار إليها : هي التي سبق أن التراب يعلو عليها فتغيبت. انتهى (٢).

وذرع ما بين الصفا والمروة ـ لأنه ـ أي الفاسي ـ قال فيما روّينا عن الأزرقي بالسند : من الصفا إلى المروة طواف واحد ـ : سبعمائة ذراع وستة وستون ذراعا ونصف. فيكون طواف السبع بينهما : خمسة آلاف وثلاثمائة ذراع وخمسة [وستين](٣) ذراعا ونصف ذراع. انتهى كلام الأزرقي (٤).

قال الفاسي (٥) : وقد حررت أنا ذرع ذلك فجاء من وسط جدار الصفا وهو من محاذاة نصف العقد الأوسط من عقود الصفا إلى [الأزج](٦) ـ أي : العقد الذي على المروة من داخله ـ : ستمائة ذراع وثلاثة وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ بالحديد وسبعة أثمان ذراع ، يكون ذلك بذراع اليد : سبعمائة ذراع وسبعين ذراعا وسبع ذراع ـ بتقديم السين في السبعمائة ـ وفي السبع من محاذاة نصف العقد الوسط من عقود الصفا إلى الدرجة العليا

__________________

(١) في الأصل : الدرج ، والتصويب من شفاء الغرام (١ / ٥٥٨).

(٢) شفاء الغرام (١ / ٥٥٧ ـ ٥٥٨).

(٣) في الأصل : وستون.

(٤) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ١٢٠) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٥٨).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٥٥٩).

(٦) في شفاء الغرام : الدرج.

٤٢٨

بالمروة التي كهيئة الدكة الكبيرة من داخل الأزج : ستمائة ذراع وثمانون ذراعا إلا ثمن ذراع بذراع الحديد ، يكون ذلك باليد : سبعمائة ذراع وسبعة [وسبعون](١) ذراعا ـ بتقديم السين في السبعمائة وفي السبعة وفي السبعين ـ.

وما ذكره الأزرقي في مقدار ما بين الصفا والمروة يدل على أنه لم يرد به إلى ما وراء الأزج بالمروة ، وإنما مراده : البدء وما قرب منه ؛ لأنه لأنه لو أراد إلى ما وراء الأزج لم يكن المقدار الذي ذكره موافقا لذلك ؛ لما فيه من النقص عن ذلك. والله أعلم.

قال الفاسي (٢) : وما ذكرناه في مقدار ما بين وسط عقود الصفا والأزج [التي](٣) بالمروة في اعتبار ذرع ذلك باليد يقرب مما ذكره الأزرقي في ذرع ذلك ؛ لأن ما ذكرناه يزيد على ما ذكره الأزرقي في ثلاثة أذرع ونصف ذراع وسبع ذراع. ولعل الأزرقي لم يعتبر ما ذكره من الموضع الذي اعتبرنا منه ، وإنما اعتبر ذلك من طرف العقد الذي يلي العقد الوسط. والله أعلم.

وذرع عقود الصفا الثلاثة : إحدى وعشرون ذراعا إلا ثمن ذراع بالحديد ، وطول الدرجة الأخيرة من درج الصفا السفلى التي تلي الأرض في محاذاة الثلاثة العقود التي بالصفا : اثنان وعشرون ذراعا بالحديد.

وذكر الأزرقي على ما ذكره الفاسي شيئا من خبر درج الصفا والمروة فنذكر ذلك لإفادته ؛ لأن الأزرقي قال فيما رويناه عنه : حدثني محمد بن

__________________

(١) في الأصل : وسبعين.

(٢) شفاء الغرام (١ / ٥٥٩).

(٣) في الأصل : الذي.

٤٢٩

أحمد بن محمد قال : كان الصفا والمروة يشتد فيهما من سعى بينهما ، ولم يكن [فيهما](١) بناء ولا درج ، حتى كان عبد الصمد ، قال : كان عبد الصمد في خلافة أبي جعفر المنصور ، فبنى درجهما التي هي اليوم [درجهما](٢) ، فكان أول من أحدث بنيانها ، ثم كمل بعد ذلك بالنورة في زمن مبارك الطبري وذلك في خلافة المأمون (٣). انتهى.

وذكر الأزرقي (٤) على ما ذكره الفاسي (٥) : أن درج الصفا [اثنتا عشرة](٦) درجة.

وذكر ابن جبير (٧) على ما رواه الفاسي (٨) : أن درج الصفا [أربع عشرة](٩) درجة.

وذكر ابن بطوطة (١٠) لما حج سنة سبعمائة خمسة وعشرين : أن درج الصفا أربعة عشر وفي [أعلاه](١١) مسطبة ، وأن درج المروة خمسة وذكر عقد المروة.

__________________

(١) في الأصل : بينهما ، والمثبت من الأزرقي (٢ / ١٢٠).

(٢) قوله : درجهما ، شطب في الأصل ، والمثبت من ب. وانظر الأزرقي ، الموضع السابق.

(٣) الأزرقي (٢ / ١٢٠) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥٥٩ ـ ٥٦٠).

(٤) الأزرقي (٢ / ١١٩).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٥٦٠).

(٦) في الأصل : اثنا عشر.

(٧) رحلة ابن جبير (ص : ٨٤).

(٨) شفاء الغرام (١ / ٥٦٠).

(٩) في الأصل : أربعة عشر.

(١٠) رحلة ابن بطوطة (١ / ١٦٢).

(١١) في الأصل : أعلا.

٤٣٠

وذكر النووي على ما ذكره الفاسي (١) : أن درج الصفا إحدى [عشرة](٢) درجة. وسبب هذا الاختلاف أن الدرج يعلو عليها التراب فيخفيها. قال الفاسي : وما أظن النووي شاهد ذلك من عدد الدرج التي للصفا ، وإنما قلّد في ذلك الأزرقي أو غيره من المصنفين ؛ لأنه يبعد أن تعلو الأرض من عهد النووي إلى اليوم [علوا](٣) يغيب من الدرج الذي بالصفا القدر الذي وجدناه مدفونا. اه.

وذكر سليمان بن خليل في الرد على أبي حفص [بن](٤) الوكيل ـ من الشافعية ـ في إيجابه الرقي على الصفا والمروة ، وتعليله إيجاب ذلك بأنه [لا يمكنه استيضاح](٥) ما بينهما إلا بالرقي [عليهما](٦) ، وقد كان هذا قبل أن يعلو الوادي ؛ لأن الدّرج كانت كثيرة ، وكان الوادي نازلا حتى إنه كان يصعد درجا كثيرا ليرى البيت حتى أنه كان يمر الفرسان في المسعى والرماح قائمة معهم ، ولا يرى من في المسجد إلا رؤوس الرماح ، فأما اليوم فإنه يرى البيت من غير أن يرقى على شيء من الدرج (٧).

وفي شفاء الغرام أيضا (٨) : المروة : الموضع الذي هو منتهى السعي ، وهو في أصل جبل قعيقعان ، على ما قاله أبو [عبيد](٩) البكري. وقال النووي :

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ٥٦٠).

(٢) في الأصل : عشر.

(٣) قوله : علوا ، زيادة من شفاء الغرام.

(٤) زيادة من شفاء الغرام.

(٥) في الأصل : لا يمكن استيفاء. والمثبت من شفاء الغرام (١ / ٥٦٠).

(٦) في الأصل : عليها. والمثبت من شفاء الغرام.

(٧) شفاء الغرام (١ / ٥٦٠).

(٨) شفاء الغرام (١ / ٥٨٣).

(٩) في الأصل : عبيدة. وانظر : كشف الظنون (٢ / ١٦٦٤).

٤٣١

إنه أنف من جبل قعيقعان. وعبارة القاموس (١) : قعيقعان كزعيفران : جبل بمكة وجهه إلى أبي قبيس ؛ لأن جرهم كانت تجعل فيه أسلحتها فتقعقع فيه ، أو لأنهم لما تحاربوا وقطورا قعقعوا بالسلاح في ذلك المكان.

وذكر المحب الطبري في شرح التنبيه : المروة في الأصل : الحجر الأبيض البرّاق. ثم قال : وقد بني على الصفا والمروة أباني حتى سترتهما ، حيث لا يظهر منهما غير يسير في الصفا. قال : والمروة أيضا في وجهها عقد كبير مشرف ، والظاهر أنه جعل علما لحدّ المروة ، وإلا لكان وضع ذلك عبثا ، وقد تواتر كونه حدا بنقل الخلف عن السلف ، وطابق الناسكون عليه ، فينبغي للساعي أن يمرّ تحته ويرقى على البنيان المرتفع عن الأرض. انتهى.

قال الفاسي (٢) : قلت : البناء المرتفع الذي أشار إليه المحب كهيئة الدكة وله درج.

وذكر الأزرقي (٣) والبكري في درج المروة ما يخالف حالها اليوم ؛ أما الأزرقي فإنه قال في الترجمة التي ترجم عليها بقوله : ذكر ذرع ما بين الركن الأسود إلى الصفا ، وذرع ما بين الصفا والمروة : وعلى المروة [خمس عشرة](٤) درجة. انتهى.

وذكر في هذه الترجمة ودرج الصفا ، ونص كلامه [اثنتا عشرة](٥) درجة من حجارة. انتهى.

وذكر النووي أن فيها درجتين. قال الفاسي : والذي فيها الآن واحدة.

__________________

(١) القاموس المحيط (ص : ٩٧٤).

(٢) شفاء الغرام (١ / ٥٨٣).

(٣) الأزرقي (٢ / ١١٩).

(٤) في الأصل : خمسة عشر.

(٥) في الأصل : اثنا عشر.

٤٣٢

والعقد الذي بالمروة جدّد بعد سقوطه في آخر سنة إحدى وثمانمائة أو في أول التي بعدها ، وعمارته من جهة الملك الظاهر برقوق صاحب مصر (١) ، واسمه مكتوب بسبب هذه العمارة في أعلا العقد ، وفي الصفا أيضا ، وما أظن عقد الصفا بني ، وإنما أظن أنه نوّر وأصلح. ومن تحت عقد المروة إلى أول درجة [الدركة](٢) التي بالمروة داخل العقد : سبعة أذرع ، ومن تحت العقد التي بالمروة إلى الجدار الذي يستدبره مستقبل القبلة : ثمانية عشر ذراعا وثلث ذراع ، كل ذلك بذراع اليد ، واتساع هذا العقد ستة عشر ذراعا بذراع الحديد المصري (٣).

وأما عرض المسعى فحكى العلّامة قطب الدين الحنفي في تاريخه نقلا عن تاريخ الفاكهي (٤) أنه خمسة وثلاثون ذراعا أي : من باب علي إلى ما قابله من جهة سوق الليل. انتهى.

وفي شفاء الغرام (٥) ونصه قال : الميلان الأخضران (٦) اللذان يهرول الساعي بينهما في سعيه بين الصفا والمروة : هما العلمان اللذان أحدهما بركن المسجد الذي فيه المنارة التي يقال لها : منارة باب علي ، والآخر : في جدار باب المسجد الذي يقال له : باب العباس ، والعلمان المقابلان لهذين

__________________

(١) إتحاف الورى (٣ / ٤١٦).

(٢) في الأصل : الركن ، والمثبت من شفاء الغرام (١ / ٥٨٤).

(٣) شفاء الغرام (١ / ٥٨٤).

(٤) أخبار مكة (٢ / ٢٤٣).

(٥) شفاء الغرام (١ / ٥٩٨).

(٦) الميل : هو سارية خضراء بخضرة صباغية وهي التي إلى ركن الصومعة التي على الركن الشرقي من الحرم على قارعة المسيل الى المروة وعن يسار الساعي إليها ، منها يرمل في السعي ـ أي يمشي سريعا ـ (انظر : رحلة ابن جبير ص : ٨١) واليوم استعيض عنها بطلاء عقدين من عقود المسعى باللون الأخضر مع إضافة أنوار كهربائية خضراء عليها.

٤٣٣

العلمين : أحدهما في دار عبّاد بن جعفر ، ويعرف اليوم بسلمة بنت عقيل ، والآخر في دار العباس ، ويقال [لها](١) اليوم : رباط العباس ، ويسرع الساعي بينهما في سعيه إذ توجه من الصفا إلى المروة إذا صار بينه وبين العلم الأخضر الذي بالمنارة المشار إليه ، والمحاذي له نحو ستة أذرع ، على ما ذكره صاحب التنبيه وغيره.

قال المحب الطبري في شرح التنبيه : وذلك لأنه أول محل الانصباب في بطن الوادي ، وكان ذلك الميل موضوعا على بناء ، ثم على الأرض في الموضع الذي شرع منه ابتداء السعي ، وكان السيل يهدمه ويحطمه ، فرفعوه إلى أعلا [ركن](٢) المسجد ، ولم يجدوا أقرب من ذلك الركن فوقع متأخرا عن محل ابتداء السعى بستة أذرع. انتهى.

وذكر سليمان بن خليل نحو ذلك بالمعنى ، وسبقهما إلى ذلك إمام الحرمين أبو المعالي الجويني ، ولم يذكر الأزرقي سبب هذا التغيير مع كونه ذكر أن بالمنارة المشار إليها علم السعي ، وهذا يقتضي أن يكون التغيير المشار إليه وقع في عصره أو قبله ، ويبعد أن يكون التغيير ذلك بسبب ولم يذكره الأزرقي ، كما يبعد خفاء سبب ذلك عليه ؛ لأنه كثير العناية بهذا الشأن ، والله أعلم. انتهى.

وذكر الأزرقي (٣) على ما ذكره الفاسي في صفة هذه الأعلام ، وأن ذرع ما بين العلم الذي بباب المسجد إلى العلم الذي يحاذيه على باب دار العباس وبينهما عرض المسعى : خمسة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع ، ومن

__________________

(١) في الأصل : له. والتصويب من شفاء الغرام.

(٢) في الأصل : الركن.

(٣) الأزرقي (٢ / ١١٩).

٤٣٤

العلم الذي على دار العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عبّاد الذي بحذاء العلم الذي في جدار المنارة وبينهما الوادي : مائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعا ـ يعني : طول ما بين هذين العلمين ـ ، وقد حررنا مقدار ما بين هذه الأعلام طولا وعرضا ، وذلك أن من العلم الذي في جدار باب المسجد المعروف بباب العباس عند المدرسة الأفضلية إلى العلم [الذي يقابله](١) في الدار المعروفة بدار العباس رضي‌الله‌عنه : ثمانية وعشرون ذراعا إلا ربع ذراع بذراع الحديد ، يكون ذلك بذراع اليد : إحدى [وثلاثين](٢) ذراعا وخمسة [أسباع](٣) ذراع ، وذلك ينقص عما ذكره الأزرقي في مقدار ما بين هذين العلمين (٤).

ومن العلم الذي بالمنارة المعروفة بمنارة باب علي إلى الميل المقابل له في الدار المعروفة بدار سلمة ـ أقول : هي الآن معروفة بالخاسكية ـ : أربعة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع وقيراطان بذراع الحديد ، يكون بذراع اليد : سبعة وثلاثين ـ بتقديم السين في السبعة ـ ونصف ذراع وسدس سبع ذراع.

ومن العلم الذي بباب المسجد المعروف بباب العباس ـ رضي‌الله‌عنه ـ إلى العلم الذي بمنارة باب علي : مائة ذراع وثلاثة أذرع وربع ذراع بالحديد ، يكون ذلك باليد : مائة ذراع وثمانية عشر ذراعا.

ومن الميل الذي بدار العباس إلى الميل الذي بالدار المعروفة الآن بدار

__________________

(١) في الأصل : المقابله. والتصويب من شفاء الغرام (١ / ٥٩٩).

(٢) في الأصل : وثلاثون.

(٣) في الأصل : أسابع.

(٤) شفاء الغرام (١ / ٥٩٩).

٤٣٥

سلمة : ستة وتسعون ذراعا ـ بتقديم التاء ـ وثلث ذراع بالحديد ، يكون ذلك باليد : مائة ذراع وعشرة أذرع [وثلثي](١) سبع ذراع.

وذكر الأزرقي (٢) : أن من العلم الذي على باب المسجد إلى المروة خمسمائة ذراع ونصف ذراع.

وقد حررنا مقدار ما بين العلم المشار إليه والأزج ـ أي : العقد الذي بالمروة ـ فكان أربعمائة ذراع واثنين وتسعين ذراعا ـ بتقديم التاء ـ وثلث ذراع بذراع اليد ، وحررنا ما بين العلم الذي بالمنارة ووسط عقود الصفا ، فكان من سمت الميل الذي بالمنارة إلى عقود الصفا : مائة ذراع وستون ذراعا وثلث ذراع بذراع اليد.

وذكر الأزرقي ما يقتضي : أن موضع السعي فيما بين الميل الذي بالمنارة والميل المقابل له لم يكن مسعى إلا في خلافة المهدي العباسي. انتهى ما ذكره الفاسي (٣).

وقد تقدم الكلام على ما أدخل في الحرم من المسعى في زيادة المهدي عند ذكر زيادة المهدي مستوفيا ، فانظره. انتهى.

فائدة : في روح البيان (٤) : الصفا والمروة بابان من الجنة وموضعان من [مواضع](٥) الإجابة ، ما بينهما قبور سبعين ألف نبي ، وسعيهما يعدل سبعين رقبة. انتهى.

__________________

(١) في الأصل : وثلثين.

(٢) الأزرقي (٢ / ١٩٩).

(٣) شفاء الغرام (١ / ٦٠٠).

(٤) روح البيان (١ / ٢٦٣).

(٥) في الأصل : موضع. والتصويب من روح البيان.

٤٣٦

الفصل التاسع : في ذكر عرفة ، وبيان محل موقفه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها

ومسجد عرفة وحدود الحرم من جميع جهاته ، وحدود عرفة من جميع

جهاته ، وفضل يوم عرفة ، وذكر المزدلفة وحدّها ، والمشعر الحرام ووادي

المحسر ، وذكر منى وحدودها ، والجعرانة ، وبيان المحل الذي أحرم منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها وفضلها ، والتنعيم ، وبيان مسجد عائشة رضي‌الله‌عنها ، وذكر

الحديبية ، وفضل جدة

أما حدود الحرم ؛ ففي شفاء الغرام (١) : حدّه من جهة عرفة من بطن نمرة (٢) اختلف فيه نحو ثمانية عشر ميلا على ما قاله القاضي أبو الوليد الباجي ، وإحدى عشر ميلا على ما ذكره الفاكهي والأزرقي (٣). وتسعة أميال ـ بتقديم التاء ـ على ما ذكره ابن أبي زيد ، وسبعة على ما ذكره الماوردي في الأحكام السلطانية (٤).

ثم اعلم أنهم اختلفوا في قدر الميل (٥) ، قيل : ألف ذراع ، وهو قول ابن حبيب. ووقع في بعض نسخ ابن الحاجب تشهيره ، وقيل : ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وهو أصح ما قيل على ما ذكره ابن عبد البر ، وهو الذي درج

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ١٠٨ ـ ١٠٩).

(٢) نمرة : ناحية بعرفة نزل بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقيل : الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من نمرة على أحد عشر ميلا. وقيل : الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف (معجم البلدان ٥ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥).

(٣) الأزرقي (٢ / ١٣١) ، والفاكهي (٢ / ٨٦).

(٤) الأحكام السلطانية (ص : ٢٨٧).

(٥) الميل : قدّر قديما بأربعة آلاف ذراعا ، والذراع تساوي أربعة وعشرون إصبعا ، والإصبع يساوي ست شعيرات مضموم بعضها إلى بعض. وهو الميل الهاشمي وهو بري وبحري ، فالبري يقدر الآن بما يساوي ١٦٠٩ من الأمتار ، والبحري بما يساوي ١٨٥٢ من الأمتار (انظر : النجوم الزاهرة ١٤ / ٢٩٥ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٨٩٤).

٤٣٧

عليه الفاسي في شفاء الغرام في تحرير الميل ، وقيل : أربعة ، وهذا هو الذي تعتمده أهل الحساب ، وعليه أكثر الناس على ما قاله الباجي ، وقيل : ستة ، وهو قول الأصمعي وعليه جمع من الشافعية.

إذا علمت هذا ؛ فحد الحرم من جهة الطائف على طريق عرفة من بطن نمرة على ما حرره الفاسي (١) بالذرع والميل ؛ فمن باب بني شيبة إلى [العلمين](٢) اللذين هما علامة حد الحرم من جهة عرفة : سبعة وثلاثون ألف ذراع ومائتا ذراع وعشرة أذرع وسبع (٣) ذراع بذراع اليد ، يكون ذلك أميالا عشرة وثلاثة أخماس ميل وخمس سبع ميل وخمس سبع عشر ميل يزيد سبع (٤) ذراع ، هذا على القول بأن الميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع ، وهو الذي ينبغي أن يعتبر في حدود الحرم ؛ لكونه [غالبا](٥) أقرب إلى موافقة ما هو المشهور [في قدرها](٦).

ومن عتبة المعلا إلى العلمين اللذين هما علامة لحد الحرم من هذه الجهة : خمسة وثلاثون ألف ذراع وثلاثة وثمانون ذراعا وثلاثة أسباع ذراع

__________________

(١) شفاء الغرام (١ / ١١٦).

(٢) في الأصل : الأعلام. وانظر شفاء الغرام ، الموضع السابق.

والعلمان الموضوعان في عرفة هما حدّ الحرم الشريف ، وقد وضعهما إبراهيم عليه‌السلام ، ثم جددا في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم عام ٦٧٦ ه‍ جددهما صاحب إربل ، وعام ٦٨٣ ه‍ جددهما المظفر اليمني ، ثم أحمد الأول العثماني في عام ١٠٢٣ ه‍.

(٣) في شفاء الغرام : وسبعا.

(٤) في شفاء الغرام : سبعي.

(٥) في الأصل : غالب. وانظر شفاء الغرام.

(٦) قوله : في قدرها ، زيادة من شفاء الغرام.

٤٣٨

بذراع اليد ، يكون ذلك عشرة أميال وسبع سبع ميل وخمس سبع عشر ميل وخمس خمس سبع عشر ميل.

ومقدار ما بين العلمين اللذين هما حدّ الحرم والجدار القبلي من مسجد عرفة : ألف ذراع وسبعمائة ـ بتقديم السين ـ وثلاثة أذرع بذراع الحديد ، يكون بذراع اليد : ألف ذراع وتسعمائة ذراع [وأربعون ذراعا](١).

ومكتوب في العلمين اللذين هما حد الحرم : اللهم أيّد النصر والظفر عبدك الشاكر ، يوسف بن عمر فهو الآمر بتجديد هذا العلم الفاصل بين الحل والحرم ، وأن ذلك في سنة ثلاث (٢) وثمانين وستمائة.

ويوسف : هو الملك المظفر صاحب اليمن (٣).

وما بين مكة ومنى : ثلاثة عشر ألف ذراع وثلاثمائة ذراع وثمانية وستون ذراعا ، وذلك من جدار باب بني شيبة إلى طرف العقبة التي هي حدّ منى من أعلاها.

ومقدار ما بين منى [والعلمين](٤) المشار إليهما : ثلاثة وعشرون ألف ذراع [وثمانمائة](٥) ذراع واثنان وأربعون ذراع وسبع (٦) ذراع ، وذلك من طرف العقبة إلى الأميال المشار إليها. انتهى. شفاء الغرام (٧).

وحدّه من جهة العراق أربعة أقوال : سبعة على ما ذكره الأزرقي ،

__________________

(١) في الأصل : وأربعين ذراع ، والصواب ما أثبتناه. وفي شفاء الغرام : وستة وأربعين.

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) شفاء الغرام (١ / ١١٨).

(٤) في الأصل : والعلمان.

(٥) في الأصل : وثلاثمائة. والمثبت من شفاء الغرام (١ / ١٢٠).

(٦) في شفاء الغرام : وسبعا.

(٧) شفاء الغرام (١ / ١١٩ ـ ١٢٠).

٤٣٩

وثمانية على ما ذكره ابن أبي زيد في النوادر ، وعشرة على ما ذكره سليمان بن خليل ، وستة على ما ذكره أبو القاسم بن خرداذبه (١).

وأما ما حرره الفاسي بالذراع والأميال ونصه : أما من جهة العراق فمن جوار باب بني شيبة إلى العلمين اللذين هما علامة على حدّ الحرم من هذه الجهة ، وهما العلمان اللذان تجاه وادي نخلة : سبعة وعشرون ألف ذراع ومائة ذراع واثنان وخمسون ذراعا باليد ، يكون ذلك أميال سبعة ـ بتقديم السين ـ وخمسة أسباع ميل وثلاثة أسباع عشر ميل يزيد ذراعين.

ومن عتبة باب المعلا إلى العلمين المشار إليهما : خمسة وعشرون ألف ذراع ، وخمسة وعشرون ذراعا باليد ، يكون ذلك أميال سبعة ـ بتقديم السين ـ وسبع ميل ونصف سبع عشر ميل. انتهى. شفاء الغرام (٢).

وحدّه من جهة التنعيم أربعة أقوال : ثلاثة على ما ذكره الأزرقي (٣) ، ونحو أربعة على ما ذكره ابن أبي زيد ، وأربعة على ما قاله الفاكهي (٤) ، وخمسة على ما ذكره أبو الوليد الباجي (٥).

وأما ما حرره الفاسي بالذراع والأميال ونصه : من جهة التنعيم : فمن باب جدار المسجد الحرام المعروف بباب العمرة إلى [العلمين](٦) اللذين هما علامة على حدّ الحرم : اثنا عشر ألف ذراع وأربعمائة ذراع وعشرون

__________________

(١) في الأصل : جوردانة. وانظر شفاء الغرام (١ / ١٠٩ ـ ١١٠) ، والمسالك والممالك (ص : ١٣٢).

(٢) شفاء الغرام (١ / ١٢١).

(٣) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ١٣٠ ـ ١٣١).

(٤) أخبار مكة للفاكهي (٥ / ٦١).

(٥) شفاء الغرام (١ / ١١٢).

(٦) في الأصل : الأعلام.

٤٤٠