تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

وفي مناسك الونائي ما نصه : فرع : قال في المجموع (١) : ولاية الكعبة وخدمتها وفتحها وإغلاقها ونحو ذلك حق مستحق ـ باتفاق العلماء ، كما نقله القاضي عياض وأوضحه بدليله في شرح مسلم (٢) ، وذلك ـ لبني طلحة الحجبيين من بني عبد الدار بن قصي ، وهم المشهورون الآن بالشيبيين.

قال العلماء : وذلك ولاية لهم عليها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتبقى دائما لهم ولذراريهم ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم» ، ولا يحل تفويض شيء من هذه الأمور لغيرهم [وليس](٣) لأحد منازعتهم فيها. اه كلام المجموع (٤).

وهناك كلام آخر ذكره الونائي فانظره إن شئت.

وفيه أيضا وقضية تعبيرهم بالبنين أن (٥) النساء لا حق لهن في ذلك [بأنفسهن](٦) ولا أبنائهن وهي ولاية مختصة بالذكور.

وأما بني البنات لا حق [لهم](٧) ؛ لأنهم ليسوا من بني شيبة. انتهى.

قال عثمان : فلما ولّيت ناداني فرجعت إليه فقال : «ألم يكن الذي قلت» فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة : «لعلك سترى هذا المفتاح بيدي أضعه حيث شئت» قلت : بلى. قال عثمان : أشهد أن لا إله إلا اله وأشهد

__________________

(١) المجموع (٧ / ٣٩٠).

(٢) شرح النووي على مسلم (٩ / ٨٣).

(٣) في الأصل : ولا.

(٤) المجموع (٧ / ٣٩٠).

(٥) قوله : أن ، مكرر في الأصل.

(٦) في الأصل : بنفسهن.

(٧) في الأصل : لهن.

٢٦١

أنك رسول الله. قال الشارح : وليس هذا ابتداء إسلامه ؛ لأنه أسلم وهاجر قبل الفتح.

وروى الأزرقي وغيره : أن هذه الآية وهي قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) [النساء : ٥٨] ، نزلت في عثمان بن طلحة حين أخذ عليه الصلاة والسلام المفتاح ـ أي : مفتاح الكعبة ـ ودخلها يوم الفتح فخرج وهو يتلوها ، فدعا عثمان فدفعها إليه وقال : «خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم» (١).

وقال عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه : لما خرج صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الكعبة خرج وهو يتلو هذه الآية ، ما سمعته يتلوها قبل ذلك (٢).

قال السيوطي : ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة (٣).

وروى الأزرقي نحوه من مراسيل ابن المسيب وقال في آخره : «خذوها خالدة تالدة لا يظلمكموها إلا كافر» (٤).

وروى ابن عائذ وابن أبي شيبة من مراسيل عبد الرحمن بن سابط أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم دفع المفتاح إلى عثمان فقال : «خذوها خالدة تالدة مخلدة ، إني لم أدفعها إليكم ولكن الله دفعها إليكم ، لا ينزعها منكم إلا ظالم» (٥).

فهذا يدل على باقي عقبهم إلى يوم القيامة ، وأصرحها حديث جبير بن مطعم : جاء جبريل عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة فإن المفتاح والسدانة في يد أولاد عثمان بن طلحة.

__________________

(١) أخرجه الأزرقي من حديث مجاهد (١ / ٢٦٥).

(٢) أخرجه الأزرقي في الموضع السابق.

(٣) الدر المنثور (٢ / ٥٧٠).

(٤) أخرجه الأزرقي (١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦).

(٥) ذكره ابن حجر في فتح الباري (٨ / ١٩).

٢٦٢

انتهى من المواهب وشرحها للعلامة الزرقاني (١).

وفي معالم التنزيل للبغوي (٢) عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) [النساء : ٥٨] ، نزلت في عثمان بن أبي طلحة حين أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح فرده له فكان المفتاح معه ، فلما هاجر إلى المدينة دفعه إلى شيبة ، فالمفتاح والسدانة في أيديهم إلى يوم القيامة. انتهى.

وفي الكشاف (٣) : لما دفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح إلى عثمان بعد نزول الآية هبط جبريل عليه‌السلام وأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن السدانة في أولاد عثمان أبدا. والسدانة إلى اليوم فيهم وإلى يوم القيامة.

وفي تفسير النيسابوري : لما دفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح لعثمان نزل جبريل عليه‌السلام وأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن المفتاح بيد أولاد عثمان ما دام هذا البيت ، وهو إلى يوم القيامة في أيديهم. انتهى.

وفي تنزيل الحقائق الربانية : هبط جبريل عليه‌السلام وأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن السدانة والمفتاح في يد أولاد عثمان إلى اليوم.

وفي تفسير الفخر الرازي (٤) : فهي في ولده إلى اليوم.

وفي روح البيان (٥) بعد ذكر حديث جبريل : وهي في ولده إلى اليوم.

وفي البيضاوي (٦) : نزل الوحي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن السدانة في أولاده أبدا.

__________________

(١) المواهب اللدنية (١ / ٥٨٨) ، وشرحها (٢ / ٣٤٠ ـ ٣٤١).

(٢) معالم التنزيل (٢ / ٢٣٨).

(٣) الكشاف (١ / ٢٧٥).

(٤) التفسير الكبير (١٠ / ١٣٨).

(٥) روح البيان (٢ / ٢٢٦).

(٦) تفسير البيضاوي (٢ / ٢٠٥).

٢٦٣

قال محشّية الشيخ زاده : وهي في أيديهم إلى اليوم وإلى يوم القيامة.

وفي حاشية الجمل (١) : وهي في أيديهم إلى اليوم. انتهى.

وقال المحب الطبري (٢) بعد ذكر حديث جبير : ويشهد لهذا الحديث بقاء عقبهم إلى اليوم ، فإن المفتاح والسدانة في يد أولاد عثمان بن أبي طلحة إلى يوم القيامة. انتهى.

وقال ابن ظهيرة في فتاويه نقلا عن الشمس الحطاب المالكي ، ولفظ الحطاب : تنبيه على وهم وغلط : رأيت بخط بعض العلماء منقولا من كتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون للشريف محمد بن أسعد الحراني النسابة ما نصه :

الحجبيون بطن منسوبون إلى حجبة الكعبة ، وهم ولد شيبة بن عثمان بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن طلحة.

قال شيخ الشرف ابن أبي جعفر الحسيني النسابة : ذكر أنه ليس لبني عبد الدار عقب ، وقد درج عقبهم من زمان هشام بن عبد الملك ، فكل من يدعى إلى هذا البطن فهو في ضحّ. قال في النهاية (٣) : الضّحّ ـ بكسر الضاد وتشديد الحاء المهملة ـ : ضوء الشمس.

والمعنى والله أعلم : أنه في أمر بيّن البطلان مثل ضوء الشمس.

قال الشمس الحطاب : وذلك كله وهم وغلط مخالف للأحاديث وكلام الأئمة ، فما نقله الشريف النسابة [مردود](٤) بنصوص علماء مكة والمدينة

__________________

(١) حاشية الجمل (١ / ٣٩٤).

(٢) انظر : القرى (ص : ٥٠٣ ـ ٥٠٦).

(٣) النهاية في غريب الأثر (٣ / ٧٥).

(٤) في الأصل : فمردود.

٢٦٤

الذي لا يخفى عليهم مثل ذلك لو وقع ؛ فمن ذلك ما نقله ابن القاسم صاحب مالك رحمه‌الله في [كتاب](١) النذر من المدونة عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي‌الله‌عنه ونصه : وأعظم مالك أن يشرك مع الحجبة في الخزانة [أحد](٢) ؛ لأنها ولاية من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ دفع المفتاح لعثمان بن أبي طلحة. انتهى (٣).

قال القاضي عياض في التنبيهات : الخزانة : أمانة البيت. انتهى.

فالشريف النسابة يقول : إنه درج عقبهم في زمن هشام بن عبد الملك ، وقد مات هشام في ربيع الآخر سنة [خمس](٤) وعشرين ومائة ، وصريح كلام مالك أنهم موجودون في زمنه ، وقد عاش مالك إلى سنة [تسع](٥) وسبعين ومائة ، ولا شك أنه أدرك زمن هشام بن عبد الملك فإنه رضي‌الله‌عنه ولد بعد التسعين في المائة الأولى. فلو وقع ذلك في زمن هشام لما خفي على مالك ؛ لأن مثل هذا الأمر مما تتوفر الدواعي إلى نقله فلا يخفى على العوام فضلا عن العلماء ، ولو وقع ذلك لتنازعت قريش في ذلك وكانوا أحق به من غيرهم ، ولنقل ذلك المؤرخون في كلامهم وكتبهم ولم نقف عليه في كلام واحد منهم ، بل الموجود في كلامهم خلافه كما سنقف عليه ، وقد تلقى أصحاب مالك جميعهم ما ذكرناه عنه بالقبول ونقلوه في متونهم وشروحهم ، ولم ينكر أحد منهم ، بل نقله عن مالك جماعة من العلماء من غير أهل مذهبه ، وتلقوه كلهم بالقبول.

__________________

(١) في الأصل : كتابه.

(٢) في الأصل : أحدا.

(٣) المدونة الكبرى (٢ / ٤٧٩ ، ٣ / ٩٢).

(٤) في الأصل : خمسة.

(٥) في الأصل : تسعة.

٢٦٥

ومن ذلك : ما وقع في كلام الأزرقي (١) وأبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي [المكي](٢) مؤرخ مكة في غير موضع من تاريخهما ؛ فمن ذلك ما تقدم : أن ولد عثمان كانوا بالمدينة دهرا ثم قدموا وحجبوا مع بني عمهم شيبة بن عثمان. وقد بيّن الفاكهي أن ذلك كان في خلافة أبي جعفر المنصور ، وهو بعد هشام بن عبد الملك ؛ لأن أبا جعفر من بني العباس وهشام من بني أمية.

ومن ذلك أيضا : ما ذكراه في كتاب العهد الذي كتبه الرشيد بين ابنيه المأمون والأمين ، وعلق في الكعبة ، وفيه شهادة جماعة من الحجبة. ولفظ الفاكهي : وكان الشهود الذين شهدوا في الشرطين من بني هاشم فلان وفلان سماهم ، ثم قال : ومن أهل مكة من قريش من بني عبد الدار بن قصي ، وسمى الجماعة [الذين](٣) سماهم الأزرقي وتاريخ الكتاب المذكور في سنة [ست](٤) وثمانين ومائة (٥).

ومن ذلك : ما ذكره الأزرقي (٦) في عمل أبي جعفر المنصور في المسجد الحرام كما تقدم فقال : وكان الذي ولي عمارة المسجد الحرام لأمير المؤمنين أبي جعفر زياد بن [عبيد الله](٧) الحارثي وهو أمير مكة ، وكان على شرطته عبد العزيز بن مسافع الشيبي جد مسافع بن عبد الرحمن.

__________________

(١) الأزرقي (١ / ١١١).

(٢) في الأصل : المكيين.

(٣) في الأصل : الذي.

(٤) في الأصل : ستة.

(٥) الأزرقي (١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩) ، ولم أجده في المطبوع من الفاكهي.

(٦) المرجع السابق (٢ / ٧٢).

(٧) في الأصل : عبد الله ، وهو خطأ. (انظر : الأزرقي ٢ / ٧٢).

٢٦٦

ومن ذلك : ما ذكره الأزرقي (١) لما تكلم على الذهب الذي على المقام فقال : حدثني جدي قال : سمعت عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة يقول : ذهبنا نرفع المقام في خلافة المهدي ـ وهو ولد أبي جعفر المنصور ـ ومات في سنة [تسع](٢) وستين ومائة.

ومن ذلك : ما ذكره النجم ابن فهد (٣) لما حج أمير المؤمنين المهدي العباسي نزل دار الندوة فجاءه عبيد الله بن عثمان بن إبراهيم بن عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي في نصف النهار فدخل عليه فقال : إن معي شيئا لم يحمل لأحد قبلك ، فكشف فإذا هو الحجر الذي فيه قدم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فسرّ المهدي بذلك وأعطاه المهدي جوائز كثيرة. وهذا يدل أن سدانة المقام بيد بني شيبة من قدم الدهر.

ومن ذلك : ما ذكره النجم ابن فهد (٤) أن المعتصم العباسي أرسل قفلا من ذهب إلى الكعبة ، وأن يرسل له عامله القفل القديم إلى بغداد فأبوا بنو شيبة ، وذلك في سنة مائتين [وخمس](٥) وعشرين إلى آخر ما تقدم.

ومن ذلك : أن الأزرقي (٦) والفاكهي (٧) رحمهم‌الله لما ذكرا أرباع مكة ؛ ذكرا جملة من أرباع بني شيبة ، ولم يذكرا أنها انتقلت إلى غيرهم كما هو

__________________

(١) أخبار مكة للأزرقي (٢ / ٣٦) ، وشفاء الغرام (١ / ٣٨٦).

(٢) في الأصل : تسعة.

(٣) إتحاف الورى (٢ / ٢٠٤).

(٤) إتحاف الورى (٢ / ٢٨٩).

(٥) في الأصل : وخمسة. وفي إتحاف الورى : مائتين وتسعة عشر.

(٦) انظر مبحث الرباع في : الأزرقي (٢ / ٢٣٣).

(٧) انظر مبحث الرباع في : الفاكهي (٣ / ٢٦٣).

٢٦٧

عادتهم ، وفي كلامهما مواضع كثيرة تدل على ذلك ، والأزرقي كان موجودا بعد الأربعين ومائتين ، والفاكهي كان موجودا بعد السبعين ومائتين ، وهما من أهالي مكة ، ولهم المعرفة التامة بأخبارها ، ولم [يذكرا](١) ذلك ، بل كلامهما صريح في خلافه كما ذكرنا ، ولو وقع ذلك لما خفي عليهما ولكان ذلك من أعظم ما ينبهان عليه ، وقد نبّها على ما هو أقل من ذلك كما يظهر ذلك لمن طالع كلامهما.

ومما يرد ما ذكره الشريف النسابة أيضا : ما ذكره الزبير بن بكار مؤلف كتاب النسب لما ذكر حديث دفع المفتاح إلى شيبة قال : فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة البيت دون سائر بني عبد الدار ، وعاش الزبير بن بكار إلى سنة [ست](٢) وخمسين ومائتين.

ومن ذلك : ما ذكره ابن حزم الظاهري في كتاب جمهرة النسب (٣) ونصه : وهؤلاء [بنو](٤) عبد الدار بن قصيّ. [وولد](٥) لعبد الدار : عبد مناف وعثمان [والسبّاق](٦). ثم تكلم على أولاد عبد مناف والسبّاق إلى أن قال : فولد لعثمان بن عبد الدار : عبد العزّى وشريح [فولد شريح : قاسط](٧) ، [قتل](٨) يوم أحد كافرا ، وولد لعبد العزى بن عثمان بن عبد الدار : عبد الله وهو أبو طلحة ، وكان على بني عبد الدار يوم الفجار ،

__________________

(١) في الأصل : يذكروا.

(٢) في الأصل : ستة.

(٣) جمهرة أنساب العرب (ص : ١٢٥ ، ١٢٧).

(٤) في الأصل : بني. والمثبت من الجمهرة.

(٥) في الأصل : ولد.

(٦) في الأصل : وأسباق ، وكذا وردت في الموضع التالي. والمثبت من الجمهرة.

(٧) ما بين المعكوفين زيادة من الجمهرة ، وانظر : سيرة ابن هشام (٢ / ١٢٨).

(٨) في الأصل : وقتل.

٢٦٨

فولد أبو طلحة : عثمان ، أسلم ، وطلحة وأبو سعيد وكلاب قتلوا كلهم كفارا يوم أحد. فولد طلحة بن أبي طلحة : عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، دفع إليه المفتاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال : فبنو طلحة إلى اليوم ولاة الكعبة دون سائر بني عبد الدار ، وعدّ منهم جماعة ، وعاش إلى سنة [ست](١) وخمسين وأربعمائة.

ومن ذلك : ما ذكره الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب (٢) في ترجمة شيبة بن عثمان بعد أن ذكر عن الزبير بن بكار ما نقلناه ونصه : قال أبو عمر : وشيبة هذا جد بني شيبة حجبة الكعبة إلى اليوم ، وعدّ منهم جماعة ـ أي : في كتابه جمهرة العرب ـ وعاش ابن عبد البر إلى سنة [ثلاث](٣) وستين وأربعمائة.

قال ابن فرحون في الديباج المذهب في طبقات المالكية (٤) : ذكر أن الحافظ ابن عبد البر كانت له اليد الطائلة في علم النسب. انتهى.

ومن ذلك : ما ذكره العلّامة ابن الأثير في كتاب الأنساب له وسيأتي كلامه.

ومن ذلك : ما ذكره أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي في كتابه نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب (٥) مما يدل على بقاء عقبهم ، وعدّ منهم جماعة ، وعاش إلى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.

ومن ذلك : ما ذكره القاضي تقي الدين الفاسي فإنه ترجم لجماعة

__________________

(١) في الأصل : ستة.

(٢) الاستيعاب (٢ / ٧١٣).

(٣) في الأصل : ثلاثة.

(٤) الديباج المذهب (ص : ٣٥٨).

(٥) نهاية الأرب (ص : ٢٨٣ ـ ٢٨٤).

٢٦٩

منهم في العقد الثمين ، وسيأتي ما ترجم وكرر ذكرهم في شفاء الغرام وغيره من تأليفه ، ولم يعرج على انقراضهم بوجه من الوجوه. انتهى.

ثم قال الشمس الحطاب : ولو كان ما ذكره الشريف النسابة حقيقة ما خفي على هؤلاء العلماء الأعلام.

ومن ذلك : ما تقدم من أن جبريل قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان.

قال الحافظ المحب الطبري : وشهد لك باتصال ذريته الموجودون في زماننا.

وقال الواحدي قبله : وهو إلى اليوم في أيديهم ، وعاش الواحدي إلى سنة ثمان وستين وأربعمائة.

وقال المحب الطبري في الباب الثامن والعشرين من كتاب القرى (١) : الحجابة : منصب بني شيبة ، ولّاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياها ، وهم إلى اليوم. انتهى.

وقال العلماء في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خالدة تالدة» إشارة إلى بقاء عقبهم. انتهى.

وأما ما ذكره الأزرقي (٢) من أن معاوية رضي‌الله‌عنه أخدم الكعبة عبيدا فلا دلالة فيه على انقراض الحجبة ؛ لأن خدّام الكعبة غير ولاة فتحها كما هو معلوم مقرر إلى زماننا ، وكثير ما يقع في كلام الأزرقي والفاكهي ذكر الحجبة ثم ذكر خدمة الكعبة أو عبيدها ، وهذا مما يدل على التغاير بينهما ، وكيف يتوهم انقراضهم زمن معاوية والنصوص المتقدمة

__________________

(١) القرى (ص : ٥٠٣).

(٢) الأزرقي (١ / ٢٥٤).

٢٧٠

صريحة في [بقائهم](١).

وقد ذكر ابن الأثير في كتاب الأنساب : أن شيبة بن أبي طلحة عاش إلى زمن يزيد بن معاوية. وكلام ابن الأثير مما يدل على بقائهم إلى زمنه ، وعاش إلى سنة [ثلاث](٢) وستمائة (٣).

قال الحطاب : وإنما نبهت على ذلك وإن كان كالمقطوع به خشية أن يقف مما لا علم عنده على ما نقل عن الشريف النسابة فيتوهم ما ذكر عن الشريف النسابة. انتهى من فتاوى ابن ظهيرة.

وقد ترجم القاضي تقي الدين الفاسي في كتابه العقد الثمين لجماعة منهم في طبقات المحدثين فمنهم : إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ديلم بن محمد بن علي بن غانم بن مفرج الشيبي ، فاتح الكعبة ، توفي بمكة سنة خمسمائة [وتسع](٤) وستين (٥).

ومنهم : إدريس بن غانم بن مفرج الشيبي ، أبو غانم : شيخ الحجبة فاتح الكعبة ، ولي سنة ستمائة [وسبع](٦) وخمسين (٧).

ومنهم : جعفر بن الحسن (٨) الشيبي ، أبو الفضل المكي (٩).

ومنهم : أحمد بن ديلم بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ديلم بن

__________________

(١) في الأصل : بقائه.

(٢) في الأصل : ثلاثة.

(٣) اللباب في تهذيب الأنساب (٢ / ٢٢٠).

(٤) في الأصل : وتسعة.

(٥) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ١٩٢) ، وإتحاف الورى (٢ / ٥٣٥).

(٦) في الأصل : وسبعة.

(٧) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ١٧٥) ، والمنهل الصافي (٢ / ٢٨٦).

(٨) في العقد الثمين : الحسين.

(٩) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ٢٧٢).

٢٧١

محمد الشيبي ، مجد الدين أبو العباس المكي : شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. هكذا نسبه أبو حيان ، وأنه ولد سنة ستمائة [واثنتين](١) وأربعين ، وتوفي في غرة ذي القعدة سنة سبعمائة [واثنتي عشرة](٢) ، وأنه كان ناظر الحرم ، وتولى شيخ الحجبة أربعين سنة (٣).

ومنهم : غانم بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن عبيدة بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان. هكذا نسبه الآقشهري ، توفي سنة سبعمائة [وثلاث](٤) وأربعين (٥).

ومنهم : أحمد بن علي بن محمد الشيبي الحجبي. سمع من الشيخ فخر الدين التوزري ، والقاضي عز الدين ابن جماعة بعض السنن سنة سبعمائة [وثلاث](٦) وخمسين ، وسمع من الشيخ خليل المالكي ، ومات بعد الشيخ علي بن راجح (٧).

ومنهم : أحمد بن يوسف بن أحمد بن صالح بن عبد الرحمن الحجبي. أجاز (٨) له في الحديث الحافظ الدلاصي ، تولى فتح الكعبة تسعة أشهر لما

__________________

(١) في الأصل : واثنين.

(٢) في الأصل : واثنا عشر.

(٣) ترجمته في : (العقد الثمين ٣ / ٢٣) ، والدليل الشافي (١ / ٤٦) ، والنجوم الزاهرة (٩ / ٢٢٣) ، والمنهل الصافي (١ / ٢٩٥) ، وإتحاف الورى (٣ / ١٤٩).

(٤) في الأصل : وثلاثة.

(٥) ترجمته في : العقد الثمين (٥ / ٤٤٤) ، وإتحاف الورى (٣ / ٢٢٦).

(٦) في الأصل : ثلاثة.

(٧) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ٧١).

(٨) الإجازة : تكون بالقول أو القراءة أو المناولة أو المكاتبة أو إعلاما أو وصية أو وجادة من الشيخ (انظر : الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص : ١١٩ ـ ١٢٩ ، ونزهة النظر بشرح نخبة الفكر في مصطلح حديث أهل الأثر ص : ٧٦ ـ ٨١ ، وتدريب الراوي في

٢٧٢

غاب محمد بن أبي بكر بن ناصر بن يحيى العبدري. توفي بمكة ودفن بالمعلا سنة سبعمائة [وتسع](١) وسبعين (٢).

ومنهم : أحمد بن أبي بكر بن محمد الشيبي الحجبي. سمع من الكمال بن حبيب سنة [ثمان](٣) وثمانين وسبعمائة (٤).

ومنهم : أحمد بن عبد الملك الشيبي ، أبو زرارة الحجبي (٥).

ومنهم : أحمد بن علي بن [أبي](٦) راجح بن محمد بن إدريس ، توفي في أوائل ثمانمائة وثمانية غريقا في البحر المالح وهو متوجه إلى بلاد اليمن ، روى عن يوسف بن عبد الأعلى ، سمع من الحافظ أبو بكر المقرئ بالمسجد الحرام (٧).

ومنهم : محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبي (٨).

ومنهم : محمد بن إدريس بن غانم بن مفرج العبدري الشيبي الحجبي (٩).

ومنهم : محمد جمال الدين بن نور الدين ، شيخ الحجبة وفاتح الكعبة ، ولي فتح الكعبة بعد قريبه فخر الدين بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن

__________________

شرح تقريب النواوي ٢ / ٨ ـ ٦٠).

(١) في الأصل : تسعة. وفي هامشه بخط الدهلوي : «أو سبعمائة وتسع وخمسين. كذا وجد بخط الجمال الطبري».

(٢) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ١٢٢).

(٣) في الأصل : ثمانية.

(٤) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ١٣) ، وإتحاف الورى (٣ / ٣٦٠).

(٥) ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ٥٢).

(٦) قوله : أبي ، زيادة على الأصل. وانظر مصادر ترجمته.

(٧) انظر ترجمته في : العقد الثمين (٣ / ٦٧) ، والضوء اللامع (٢ / ٣٢) ، وإتحاف الورى (٣ / ٤٥٠).

(٨) انظر ترجمته في : العقد الثمين (٢ / ١١٢).

(٩) انظر ترجمته في : العقد الثمين (٢ / ١١٧).

٢٧٣

محمد بن أبي بكر في صفر أواسط ربيع الأول سنة [سبع عشرة](١) وثمانمائة ولم يزل متوليا حتى مات ، سكن زبيد (٢) لمدة سنين ، وكان يتردد منها إلى مكة ، ثم استقر بها من حين ولي الكعبة حتى توفي بها قبل الظهر يوم الخميس ثالث عشر جماد الأول سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة وقد قارب الستين.

ومنهم : محمد بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن عبيدة بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شعيب بن شيبة ... إلخ النسب (٣). انتهى ما ذكره الفاسي.

ومن ذلك (٤) : ما وجد في حجر مكتوب في حوطة بني شيبة بالمعلا : أبو بكر بن جمال الدين بن محمد سراج الدين بن محمد بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبيدة بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن شعيب بن عثمان بن طلحة ، وأنه توفي سنة تسعمائة وأربعين (٥).

ومن ذلك : ما ذكره الشيخ عبد القادر في درر الفرائد (٦) : الشيخ أبو السعود الحجبي ، وجرت بينه وبين ناظر الحرم لما أن أرادوا إصلاح سقف

__________________

(١) في الأصل : سبعة عشر ، وكذا وردت في الموضع التالي.

(٢) زبيد : اسم واد به مدينة يقال لها : الحصيب ، ثم غلب عليها اسم الوادي فلا تعرف إلا به ، وهي مدينة مشهورة ظاهرا أحدثت في أيام المأمون ، وبإزائها ساحل غلافقة وساحل المندب (معجم البلدان ٣ / ١٣١).

(٣) انظر ترجمته في : العقد الثمين (٢ / ٣٣٥).

(٤) أجرى الدهلوي عددا من الإضافات والشطب على هذه الفقرة في الأصل ، وقد نقلناها من ب.

(٥) في ب والأصل : وأربعة ، وقد صوبها الدهلوي في الهامش إلى : وأربعين. وهو الصواب. (انظر : نيل المنى ١ / ٥١٠).

(٦) درر الفرائد (ص : ٢٢ ـ ٢٣).

٢٧٤

البيت سنة ثمانمائة وتسع (١) وخمسين.

ومن ذلك ما ذكره القطب في أعلام الناس (٢) : الشيخ راجح الشيبي ، ذكره عند معاليق البيت وعدّ منهم جماعة.

ومن ذلك : ما ذكره السنجاري في منائح الكرم (٣) ، ذكر جمال الدين بن قاسم الشيبي الحجبي ، وأنه وضع قناديل الزيت في بيته في الصفا لما أرادوا عمارة الكعبة زمن السلطان مراد خان كما تقدم.

ومن ذلك : ما ذكره السنجاري (٤) ، ذكر عبد الواحد بن محمد الشيبي ، توفي سنة [ثلاث عشرة](٥) ومائة بعد الألف جماد الثاني.

وشيخ الحجبة الآن الموجود (٦) في زماننا وهو عام ألف ومائتين [وتسعة](٧) وثمانين الشيخ العالم الفاضل عبد الله بن المرحوم الشيخ محمد الشيبي شيخ الحجبة بن زين العابدين بن محمد بن عبد المعطي بن عبد الواحد [أبي](٨) المكارم بن جمال الدين بن قاسم بن أبي بكر بن جمال الدين بن محمد بن عمر بن محمد بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبيدة بن

__________________

(١) في الأصل : تسعة.

(٢) الإعلام (ص : ٦٠).

(٣) منائح الكرم (٤ / ٦٩).

(٤) لم أقف عليه في المطبوع من منائح الكرم.

(٥) في الأصل : ثلاثة عشر.

(٦) أدخل الدهلوي أيضا على هذه الفقرة عددا من التغييرات ، فقد كشط على العام الذي أشار إليه المؤلف وهو عام ١٢٨٩ وكتب بدلا منه عام ١٣٢٩ وهو يوافق عصر الدهلوي ، كما أنه غيّر اسم شيخ الحجبة الموجود في زمن المصنف وهو الشيخ عبد الله بن محمد الشيبي إلى اسم شيخ الحجبة الموجود في عصر الدهلوي ، وهو : محمد صالح بن أحمد. عليه فقد أثبتنا هذه الفقرة كما وضعها المؤلف دون الزيادات والتعديلات التي أدخلها الدهلوي مستعينين بنسخة ب.

(٧) في الأصل : تسعة.

(٨) في الأصل : أبو.

٢٧٥

حمزة بن بركات بن عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، واسمه : عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي ، يلتقي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قصي.

لطيفة : أعطى الله مفتاح الجنة لرضوان ، ومفتاح الكعبة لبني شيبة. كذا في نزهة المجالس.

مسألة : جرت العادة في بني شيبة أن يكون المفتاح عند أكبرهم سنا ، وذلك من فعله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنه دفعه إلى عثمان بن أبي طلحة مع وجود شيبة بن عثمان ، ولما مات عثمان ولي شيبة ، والظاهر أن ذلك شأن ولاة البيت من زمن الجاهلية ؛ لأن قصيا خلف عليه عبد الدار وهو أكبر أولاده. كذا في منائح الكرم (١).

وقال ابن ظهيرة في فتاويه ونصه : إذا اختلفوا هل يقضى لهم بما جرت العادة من تقديم أكبرهم سنا وربما كان غير مرضي الحال؟ لم أر في ذلك نصا لأحد من العلماء. والظاهر أنه يقضى للأكبر وإن كان غير مرضي الحال ، وإنما يجعل معه مشرفا منهم ، والقضاء بما جرت به العادة تشهد له مسائل كثيرة. اه.

[وفي](٢) مجموع العلامة الأمير المالكي ونصه : ولا يجوز مشاركة خدمة الكعبة حيث قاموا بشؤونها في أمورها ؛ لأنها ولاية منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لرهط عثمان خادمها عام الفتح.

وفي الحطاب : وعادتهم أن المفتاح مع كبيرهم ، ونقل أن الوقف إذا جهل شرطه عمل بما اعتيد في صرفه ، وكثيرا ما سمعته من شيخنا ، ولا

__________________

(١) منائح الكرم (١ / ٣٨٥).

(٢) في الأصل : في.

٢٧٦

يجوز أخذ دراهم على المفتاح. انتهى.

الفصل السابع عشر : في فتح الكعبة في زمن الجاهلية والإسلام

اعلم أن من عادات بني شيبة اختياريا أن الكعبة المشرفة كانت تفتح في الجاهلية يوم الاثنين والخميس ، وفي صدر الإسلام يوم الجمعة والاثنين ، وفي أوقات أخر من أيام السنة ، منها : بكرة الثاني عشر من ربيع الأول ، وفي بكرة ثاني عشر من رجب وثالث عشر ذي القعدة ، وفي بعض أيام الموسم في الثمان الأول من ذي الحجة وفي لياليها. كذا في درر الفرائد.

قلت : وأما في زماننا فتفتح في أوقات من كل سنة فتوحات عامة لجميع الناس [ست عشرة](١) مرة ثمان للرجال وثمان للنساء ، أولها : صبح عاشر المحرم للرجال وثانية للنساء ، ثانيها : ثاني عشر ربيع الأول للرجال وثانيه للنساء ، ثالثها : أول جمعة من رجب للرجال والسبت للنساء ، رابعها : سبعة وعشرين للرجال وثامن وعشرين للنساء ، خامسها : يوم النصف من شعبان [والسادس](٢) عشر للنساء ، سادسها : أول جمعة من رمضان للرجال والسبت للنساء ، سابعها : آخر جمعة من رمضان للرجال والسبت للنساء ، ثامنها : خمسة عشر من ذي القعدة للرجال وستة عشر للنساء ، وفتحها في جميع ما تقدم نحو [ثلاث](٣) ساعات بكرة النهار ثم تغلق ، وقد تفتح مرارا أخر لأجل [الدعاء](٤) أو غسل أرضها أو تلبيس كسوتها أو ما يقتضيه الحال.

__________________

(١) في الأصل : ستة عشر.

(٢) في الأصل : السادس.

(٣) في الأصل : ثلاثة.

(٤) في الأصل : دعاء. والمثبت من الغازي (١ / ٤٧٦).

٢٧٧

[وحين فتوح الكعبة المعظمة يفتحها أسنّهم أو واحد منهم من طرفه ، ويجتمع من السدنة بني شيبة من وجد منهم إلا من تعذر منهم عند باب الكعبة وداخلها عند الدخول ـ أي : دخول الزوار ـ إلى أن ينتهي زيارة الزوار ، ثم يغلقون الباب ويذهبون إلى بيت المفتاح ، وهناك يقتسمون ما ورد إليهم من هدايا الزوار بينهم غائبا وحاضرا ، شيوخا وأطفالا ، ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ، ويجعلون لأسنّهم ـ أي : شيخهم ـ سهمين.

وأما الهدايا من الزوار الواردة في الأيام الأخيرة فيجعلون لشيخهم منها الثلث والباقي يقتسمونه على ما ذكر بينهم بالسوية](١).

فائدة : ذكر الفاكهي (٢) : كان من سنن المكيين وهم على ذلك إلى اليوم إذا ثقل لسان الصبي وأبطأ كلامه عن وقت عادته جاؤوا به إلى الحجبة وسألوهم أن يدخلوا مفتاح الكعبة في فمه فيتكلم بإذن الله تعالى ، وذلك مجرّب إلى وقتنا هذا. اه.

وقال ابن ظهيرة (٣) : قال بعض شيوخنا : وإلى عصرنا هذا وهو سنة [خمس](٤) وثمانمائة.

قال ابن ظهيرة : وهو إلى وقتنا هذا سنة [أربع](٥) وتسعمائة ، ولا يخصّون بذلك من ثقل لسانه بل يفعلون ذلك بالصغار مطلقا تبرّكا بذلك ، ورجاء أن يمنّ عليهم بالحفظ والفهم ، وقد فعل بنا آباؤنا وفعلنا نحن بأبنائنا.

__________________

(١) زيادة من الغازي (١ / ٤٧٦). وقد عزاه الغازي إلى التحصيل.

(٢) لم أقف عليه في المطبوع من الفاكهي. وانظر : شفاء الغرام (١ / ٣٥٣).

(٣) الجامع اللطيف (ص : ٤٩).

(٤) في الأصل : خمسة.

(٥) في الأصل : أربعة.

٢٧٨

الفصل الثامن عشر : في المصابيح التي تقاد حول المطاف

قال الأزرقي (١) : أول من استضاء في المسجد الحرام ؛ عقبة بن الأزرق ، وكانت داره ملاصقة لجدار المسجد الحرام من ناحية باب الكعبة ، والمسجد يومئذ ضيق ، ليس بين جدار المسجد والمقام إلا شيء يسير ، فكان يضع المصباح على حرف جداره ، وكان المصباح كبيرا يستضيء به على زمزم والمقام وعلى المسجد. وأول من رتب القناديل : معاوية بن أبي سفيان.

قال الأزرقي (٢) : وكان مصباح [زمزم](٣) على عمود طويل مقابل زمزم والركن الأسود ، والذي وضعه خالد بن عبد الله القسري. فلما كان محمد بن سليمان واليا على مكة في خلافة المأمون وضع عمودا طويلا مقابله بحذاء الركن الغربي ، فلما ولي [ابن](٤) داود مكة جعل عمودين ، أحدهما بحذاء الركن اليماني ، والآخر بحذاء الركن الشامي ، فلما ولي الواثق أرسل بعشرة أعمدة فجعلت حول المطاف يستضاء بها على أهل المطاف.

ثم قال الأزرقي : وكان حول المطاف عشرة [أعمدة](٥) من نحاس يستضاء بها على أهل المطاف بعث بها الواثق العباسي. انتهى. ذكره القرشي (٦).

__________________

(١) الأزرقي (١ / ٢٨٦).

(٢) المرجع السابق (١ / ٢٨٧).

(٣) قوله : زمزم ، زيادة من الأزرقي ، الموضع السابق.

(٤) قوله : ابن ، زيادة على الأصل. وهو : محمد بن داود بن علي بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. انظر ترجمته في : العقد الثمين (٢ / ١٥).

(٥) في الأصل : أعمد.

(٦) البحر العميق (٣ / ٢٧٠).

٢٧٩

وفي كتاب مكة للأزرقي (١) : أن الأعمدة [التي](٢) أرسل بها الواثق كانت في قصر بابك بناحية أرمينية (٣) كانت في صحن داره ، فلما قتل أرسل بها الواثق. انتهى.

ثم قال القرشي (٤) : وأما عددها اليوم فاثنان وثلاثون عمودا ، منها ثمانية عشر [آجرّا مجصصا](٥) ، وأربعة عشر حجارة منحوتة دقيقة ، وبين الأساطين أخشاب ممدودة تعلق فيها القناديل ، وكانت في موضع الأساطين أخشاب على صفة الأساطين ، وسبب عملها هو للاستضاءة للطائفين يوضع عليها القناديل.

قال عز الدين ابن جماعة : والأساطين [التي](٦) حول المطاف الشريف [أحدثت للاستضاءة بالقناديل التي تعلق بينها](٧) بعد العشرين وسبعمائة [وكانت](٨) من خشب ثم جعلت من حجارة سنة [تسع](٩) وأربعين وسبعمائة ، ثم ثارت ريح عاصفة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة فألقتها ثم جددت [فيها](١٠). انتهى ما ذكره القرشي.

__________________

(١) الأزرقي (١ / ٢٨٨).

(٢) في الأصل : الذي.

(٣) أرمينية : بلد معروف يضم كورا كثيرة ، سميت بذلك لكون الأمن فيها. وقيل : سميت بأرمون بن لمطي بن يومن بن يافث بن نوح (معجم ما استعجم ١ / ١٤١).

(٤) البحر العميق (٣ / ٢٧٠).

(٥) في الأصل : آجر مجصص.

(٦) في الأصل : الذي. والتصويب من البحر العميق (٣ / ٢٧٠).

(٧) زيادة من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٨) في الأصل : كانت. والتصويب من البحر العميق ، الموضع السابق.

(٩) في الأصل : تسعة.

(١٠) زيادة من البحر العميق (٣ / ٢٧٠).

٢٨٠