تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

والداعي أنا.

قال : ثم أركبه جبرئيل البراق واسرى به الى بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب (١) الأنبياء وآيات الأنبياء فصلى [بها] ورده من ليلته الى مكة فمر في رجوعه فرأى عيرا لقريش (٢) وإذا لهم ماء في آنية فشرب منه وصب باقي ذلك ، وقد كانوا أضلوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه ، فلما أصبح قال لقريش : ان الله قد اسرى بى في هذه الليلة الى بيت المقدس فعرض على محاريب الأنبياء ، وانى مررت بعير لكم في موضع كذا وكذا ، وإذا لهم ماء في آنية فشربت منه وأهرقت باقي ذلك ، وقد كانوا أضلوا بعيرا لهم ، فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة من محمد سلوه : كم الأساطين فيها والقناديل؟ فقالوا : يا محمد ان هاهنا من دخل بيت المقدس فصف لنا أساطينه وقناديله ومحاريبه ، فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه وجعل يخبرهم بما يسألونه ، فلما أخبرهم قالوا : حتى تجيء العير ونسئلهم عما قلت ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وتصديق ذلك ان العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس ، يقدمها جمل أحمر ، فلما أصبحوا أقبلوا ينظرون الى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة ، فبينا هم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس يقدمها جمل أحمر فسألوهم عما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : لقد كان هذا ، ضل لنا جمل في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماءا وأصبحنا وقد أهريق الماء ، فلم يزدهم ذلك الا عتوا.

١٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حديد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصبح فقعد فحدثهم بذلك ، فقالوا له : صف لنا بيت المقدس قال : فوصف لهم وانما دخله ليلا فاشتبه عليه النعت ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : انظر هاهنا فنظر الى البيت فوصفه وهو ينظر اليه ، ثم نعت لهم ما كان من عير لهم فيما بينهم وبين الشام ، ثم قال : هذه عير بنى فلان يقدم مع طلوع الشمس ، يتقدمها

__________________

(١) جمع المحراب.

(٢) العير ـ بالكسر ـ الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة.

١٠١

جمل أورق (١) أو أحمر ، قال : وبعثت قريش رجلا على فرس ليردها ، قال وبلغ مع طلوع الشمس ، قال قرطة بن عبد عمرو : يا لهفا ان لا أكون لك جذعا (٢) حين تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك؟.

١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أبان بن عثمان عن أبى داود عن أبى بردة الأسلمي قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلى عليه‌السلام : يا على ان الله أشهدك معى في سبع مواطن ، اما أول ذلك فليلة اسرى بى الى السماء ، قال لي جبرئيل : أين أخوك فقلت : خلفته ورائي ، قال : ادع الله فليأتك به ، فدعوت الله وإذا بمثالك معى ، وإذا الملائكة وقوف صفوف فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيمة ، فدنوت فنطقت بما كان وما يكون الى يوم القيمة ، والثاني حين اسرى بى في المرة الثانية ، فقال لي جبرئيل : اين أخوك فقلت : خلفته ورائي فقال : ادع الله فليأتك به فدعوت الله فاذا مثالك معى ، فكشط لي (٣) عن سبع سموات حتى رأيت سكانها وعمارها ، وموضع كل ملك منها ، الى قوله : واما السادس لما اسرى بي الى السماء جمع الله لي النبيين ، فصليت لهم ومثالك خلفي.

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عيسى بن عبيد الله الأشعري عن الصادق جعفر بن محمد قال : حدثني أبى عن جدي عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن ، فنظرت الى بقعة بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك ، وإذا فيها شيخ على رأسه برنس (٤) ، فقلت لجبرئيل : ما هذه البقعة الحمراء التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك؟ قال : بقعة

__________________

(١) الأورق من الإبل : ما في لونه بياض الى سواد ، والتردد من الراوي.

(٢) الجذع : الشابة القوية من الإبل والمعز. والظاهر ان كلامه لعنه الله هذا جاريا مجرى الاستهزاء.

(٣) كشط كشيطا : رفع شيئا عن شيء قد غطاه.

(٤) البرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام.

١٠٢

شيعتك وشيعة وصيك على عليه‌السلام ، فقلت : من الشيخ صاحب البرنس؟ قال : إبليس ، قلت : فما يريد منهم؟ قال : يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ويدعوهم الى الفسق والفجور ، قلت : يا جبرئيل اهو بنا إليهم فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللامح ، فقلت : قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فان شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان.

١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حكى أبي عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الآخر عليه ثيابه ، فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل عليه‌السلام ثم قال : اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ، ولا يركبك بعد مثله ، قال فرقت به (١) ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه الآيات من السماء والأرض ، قال : فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني : يا محمد فلم أجبه ولم التفت اليه ، ثم نادى عن يساري : يا محمد فلم أجبه ولم التفت اليه ، ثم استقبلتني امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا ، فقالت : يا محمد أنظرني حتى أكلمك فلم التفت إليها ، ثم سرت فسمعت صوتا أفزعنى فنزل بى جبرئيل عليه‌السلام فقال : صل فصليت ، فقال : تدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت بطيبة وإليها مهاجرك ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي : أنزل فصل ، فنزلت وصليت فقال لي : أتدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت بطور سيناء حيث (كَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ، ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي : أنزل فصل ، فنزلت وصليت فقال لي أتدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت ببيت لحم ، وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم صلوات الله عليه.

ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا الى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي الأنبياء تربط بها ، فدخلت المسجد ومعى جبرئيل الى جنبي ، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا وأقيمت الصلوة ، ولا أشك الا وجبرئيل

__________________

(١) اى صعدت البراق بالنبي (ص)

١٠٣

سيتقدمنا (١) فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدّمني فأممتهم ولا فخر ، ثم أتانى الخازن بثلثة أواني ، إناء فيه لبن ، وإناء فيه ماء ، وإناء فيه خمر ، وسمعت قائلا يقول : ان أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وان أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وان أخذ اللبن هدى وهديت أمته ، قال : فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرئيل هديت وهديت أمتك ، ثم قال لي : ما ذا رأيت في مسيرك؟ فقلت : نادانى مناد عن يميني ، فقال لي : أو أجبته؟ فقلت : لا ولم التفت اليه ، فقال : ذاك داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك ، ثم قال لي : ما ذا رأيت؟ فقلت : نادانى مناد عن يساري فقال لي : أوأجبته؟ فقلت : لا ولم التفت اليه ، فقال : ذاك داعي النصارى ولو أجبته لنصرت أمتك من بعدك ، ثم قال لي ماذا اسستقبلك؟ فقلت : لقيت امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا ، فقالت : يا محمد أنظرني حتى أكلمك ، فقال لي : أوكلمتها؟ فقلت : لم اكلمها ولم التفت إليها ، فقال : تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل : تسمع يا محمد؟ قلت : نعم ، قال : هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما ، فهذا حين استقرت قالوا : فما ضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبض.

قال : فصعد جبرئيل وصعدت معه الى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له اسمعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) وتحته سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون الف ملك فقال : يا جبرئيل من هذا معك؟ قال ، محمد قال : وقد بعث؟ قال : نعم ، ففتح الباب وسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وتلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا ، فما لقيني ملك الا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه ، كريه المنظر ظاهر الغضب ، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء الا انه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة ، فقلت : من هذا يا جبرئيل فانى قد فزعت [منه]؟ فقال : يجوز أن تفزع منه فكلنا نفزع منه ، ان هذا مالك خازن النار لم يضحك

__________________

(١) وفي المصدر «يستقدمنا».

١٠٤

قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ، ولو ضحك الى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا الى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك ، فسلمت عليه فرد عليّ السلام وبشرنى بالجنة ، فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) : ـ الا تأمره [ان] يريني النار؟ فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمدا النار ، فكشف عنها غطاء وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت لتناولنى مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل فليرد عليها غطائها فأمرها فقال : ارجعي فرجعت الى مكانها الذي خرجت منه. ثم مضيت فرأيت رجلا آدما (١) جسيما ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أبوك آدم ، فاذا هو تعرض عليه ذريته فيقول : روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) الى آخرها (٢) قال ، فسلمت على أبي آدم وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي ، فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح.

ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور ينظر فيه ، مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا كهيئة الحزين فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك الموت دائبا (٣) في قبض الأرواح ، فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلمه ، فأدنانى منه فسلمت عليه وقال له جبرئيل : هذا نبي الرحمة الذي أرسله الله الى العباد ، فرحب بى وحيانى بالسلام ، فقال : أبشر يا محمد

__________________

(١) الآدم : الأسمر ، وهو الذي لونه بين السواد والبياض ويقال له بالفارسية «گندم گون».

(٢) قال المجلسي (ره) : لعل الاستشهاد بالاية مبني على ان المراد بعتاب الأبرار في الآية أرواحهم ، لأنها محل العلوم والمعارف ، ويحتمل أن يكون ذكر الآية للمناسبة اى كما ان أعمالهم نثبت في عليين فكذا أرواحهم تصعد إليها.

(٣) دأب في عمل : استمر عليه وجد.

١٠٥

فانى ارى الخير كله في أمتك ، فقلت : الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ، ذلك من فضل ربي ورحمته على ، فقال جبرئيل : هو أشد الملائكة عملا ، فقلت : أكل من مات أو هو ميت فيما بعد تقبض روحه؟ فقال : نعم ، قلت : وتراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟ فقال : نعم ، فقال ملك الموت : ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكننى عليها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار الا وأنا أتصفحه (١) كل يوم خمس مرات وأقول : إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى أحد منكم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالموت طامة (٢) يا جبرئيل ، فقال جبرئيل : ان ما بعد الموت أطم وأطم من الموت (٣).

قال : ثم مضيت فاذا أنا بأقوام بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث فيأكلون الخبيث ويدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من أمتك يا محمد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده النار والنصف الآخر الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار ، وهو ينادى بصوت رفيع ويقول : سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج ، وكف برد هذا الثلج فلا تطفى حر هذه النار ، اللهم يا مؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب عبادك المؤمنين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماء وأطراف الأرض وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ، وملكان يناديان في السماء أحدهما يقول : اللهم أعط كل منفق خلفا والآخر يقول : اللهم أعط كل ممسك تلفا.

ثم مضيت فاذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل (٤) يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم ويخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الهمازون

__________________

(١) تصفح في الأمر : نظر فيه.

(٢) الطامة : الداهية تفوق ما سواها.

(٣) طم الشيء : كثر حتى علا وغلب.

(٤) المشافر جمع المشفر ـ بالكسر ـ وهو : شفة البعير.

١٠٦

اللمازون ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام ترضخ رؤسهم (١) بالصخر. فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل فقال : هؤلاء الذين ناموا عن صلوة العشاء ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) وإذا هم بسبيل آل فرعون ، يعرضون على النار غدوا وعشيا ، يقولون : ربنا متى تقوم الساعة؟ ثم مضيت فاذا أنا بنسوان معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء اللواتي تورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم (٢) ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتد غضب الله على امرأة ادخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم ، فاطلع على عوراتهم وأكل خزائنهم.

قال : ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من أطباق أجسادهم الا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم فقال : كما ترى خلقوا ، ان الملك منهم الى جنب صاحبه ما كلمه قط ، ولا رفعوا رؤسهم الى ما فوقها ولا خفضوها الى ما تحتها خوفا لله وخشوعا ، فسلمت عليهم فردوا على إيماء برؤسهم ولا ينظرون الى من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله الى العباد رسولا ونبيا ، وهو خاتم النبيين وسيدهم ، أفلا يكلمونه قال : فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا على بالسلام وأكرموني وبشروني بالخير لي ولامتى.

قال : ثم صعدنا الى السماء الثانية فاذا فيها رجلان متشابهان ، فقلت : من هذان يا جبرئيل؟ فقال : ابنا الخالة عيسى ويحيى ، فسلمت عليهما وسلما على واستغفرت لهما واستغفرا لي ، وقالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وإذا

__________________

(١) الرضخ : الدق والكسر.

(٢) اى يزنين ويلحقن أولاد الزنا بالأزواج فيرثون من أزواجهن كما قاله في البحار.

١٠٧

فيها من الملائكة وعليهم الخشوع وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك الا ويسبح الله ويحمده بأصوات مختلفه.

ثم صعدنا الى السماء الثالثة فاذا فيها رجل فضل حسنه على ساير الخلق كفضل القمر ليلة البدر على ساير النجوم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أخوك يوسف ، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، فاذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الاولى والثانية ، وقال لهم جبرئيل في أمرى مثل ما قال للآخرين ، وصنعوا بى مثل ما صنع الآخرون.

ثم صعدنا الى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، فاذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السموات ، فبشروني بالخير ولامتى ، ثم رأيت ملكا جالسا على سرير وتحت يديه سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فوقع في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم فهو قائم الى يوم القيامة.

ثم صعدنا الى السماء الخامسة فاذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه ، حوله ثلثة من أمته (١) فأعجبتنى كثرتهم ، فقلت : من هذا؟ فقال : هذا المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، فاذا فيها من الملائكة الخشوع (٢) مثل ما في السموات.

ثم صعدنا الى السماء السادسة فاذا فيها رجل آدم طويل كأنه من شبوة (٣)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «حوله ثلاثة صفوف من أمته» وفي البحار «ثلة من أمته».

(٢) قال في البحار : لعله جمع خاشع كركوع وراكع. وفي بعض النسخ من الملائكة والخشوع وهو أصوب.

(٣) شبوة : أبو قبيلة وموضع بالبادية وحصن باليمن ، وعن شرح القاموس : ان شبوة بطن من القحطانية ، وهو شبوة بن ثوبان بن عبس بن شحارة بن غالب بن عبد الله بن عك ، وعن*

١٠٨

ولو ان عليه قميصين لنفد شعره منها ، فسمعته يقول : يزعم بنو إسرائيل انى أكرم ولد آدم على الله ، وهذا رجل أكرم على الله منى ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أخوك موسى بن عمران ، فسلمت عليه وسلم على ، واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات.

قال : ثم صعدنا الى السماء السابعة ، فما مررت بملك من الملائكة الا قالوا : يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة ، وإذا فيها رجل أشمط (١) الرأس واللحية جالس على كرسي فقلت : يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله تعالى؟ فقال : هذا يا محمد أبوك إبراهيم ، وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ، ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فسلمت عليه وسلم على ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات ، فبشروني بالخير ولامتى ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورأيت في السماء بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار ، وفيها بحار من ظلمة وبحار من ثلج ترعد فكلما فزعت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل فقال : أبشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله بما صنع إليك ، قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل وتعجبي ، فقال جبرئيل : يا محمد أتعظم ما ترى؟ انما هذا خلق من خلق ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى؟ وما لا ترى أعظم من هذا! ان بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب ، وأقرب الخلق الى الله أنا وإسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة حجب ، حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من الغمام ، وحجاب من الماء.

__________________

* الثعلبي انه ذكر في وصفه (ع) : كأنه من رجال أزدشنوءة ، وقال الفيروزآبادي : أز دشنوءة ـ وقد تشدد الواو ـ : قبيلة سميت لشنآن بينهم ، قال المجلسي (ره) بعد نقل الأقوال : وعلى التقادير شبهه (ص) بإحدى تلك الطوائف في لادمة وطول القامة.

(١) الشمط : بياض في الرأس يخالطه سواد.

١٠٩

قال : ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخر على ما أراده ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ورأسه عند العرش ، وملكا من ملائكة الله خلقه الله كما أراد ، رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء الى السماء السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه الى قرب العرش وهو يقول : «سبحان ربي حيث ما كنت لا تدري أين ربك من عظم شأنه» وله جناحان في منكبيه ، إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب ، فاذا كان في السحر نشر ذلك الديك جناحيه وخفق بهما (١) وصرخ بالتسبيح يقول : «سبحان الملك القدوس سبحان الله الكبير المتعال لا اله الا الله الحي القيوم» فاذا قال ذلك سبحت ديكة الأرض كلها ، وخفقت بأجنحتها ، وأخذت بالصراخ ، فاذا سكت ذلك الديك في السماء سكت ديكة الأرض كلها ، ولذلك الديك زغب أخضر (٢) وريش أبيض ، كأشد بياض [ما] رأيته قط ، وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة رأيتها قط.

قال : ثم مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعى أناس من أصحابى ، عليهم ثياب جدد ، وآخرين عليهم ثياب خلقان ، فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ، ثم خرجت فانقاد لي نهران ، نهر يسمى الكوثر ، ونهر يسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر ، واغتسلت من الرحمة ، ثم انقاد الى جميعا حتى دخلت الجنة فاذا انا على حافتيها (٣) بيوتي وبيوت أزواجى (٤) وإذا ترابها كالمسك ، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة ، فقلت : لمن أنت يا جارية؟ فقالت : لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت ، وإذا بطير كالبخت (٥) وإذا رمانها مثل الدلاء (٦) العظام وإذا شجرة لو أرسل طاير في أصلها ما دارها سبعمائة سنة ، وليست

__________________

(١) خفق الطائر : طار.

(٢) الزغب ـ محركة ـ : صغار الريش.

(٣) اى على طرفيها.

(٤) وفي البحار «وبيوت أهلى».

(٥) البخت : الإبل الخراسانية.

(٦) جمع الدلو.

١١٠

في الجنة منزل الا وفيها فتر (١) منها فقلت : ما هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذه شجرة طوبى قال الله تعالى : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فلما دخلت الجنة رجعت الى نفسي فسألت جبرئيل : من تلك البحار وهو لها وأعاجيبها؟ فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ولو لا تلك الحجب لتهتك نور العرش وكل شيء فيه ، وانتهيت الى سدرة المنتهى فاذا الورقة منها تظل امة من الأمم ، فكنت منها كما قال الله تعالى (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فناداني : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ) وقد كتبنا ذلك في سورة البقرة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رب أعطيت أنبيائك فضائل فأعطنى ، فقال الله عزوجل : قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي : لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ولا منجا منك الا إليك ، قال : وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت «اللهم ان ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك ، ذلي أصبح مستجيرا بعزتك وفقري أصبح مستجيرا بفناك ووجهي الفاني البالي أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي ، الذي لا يفنى» وأقول ذلك إذا أمسيت ثم سمعت الأذان ، فاذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي انا أكبر فقال : أشهد ان لا اله الا الله ، اشهد ان لا اله الا الله ، فقال عزوجل : صدق عبدي انا الله لا اله غيري ، قال : اشهد ان محمدا رسول الله ، اشهد ان محمدا رسول الله ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي ان محمدا عبدي ورسولي انا بعثته وانتجبته ، فقال : حي على الصلوة ، حي على الصلوة ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي دعا الى فريضتي ، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه ، فقال : حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فقال الله : هي الصلاح والفلاح والنجاح ، ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء عليهم‌السلام في البيت المقدس ، ثم غشيتني صبابة (٢) فخررت ساجدا ، فناداني ربي : انى قد فرضت

__________________

(١) الفتر بمعنى القطع وقد مر بهذا اللفظ في سورة الرعد أيضا وفي بعض النسخ «القتر» بالقاف.

(٢) الصبابة : رقة الشوق وحرارته.

١١١

على كل نبي كان قبلك خمسين صلوة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقم بها أنت في أمتك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فانحدرت حتى مررت على إبراهيم عليه‌السلام فلم يسألني عن شيء حتى انتهيت الى موسى ، فقال : ما صنعت يا محمد؟ فقلت : قال ربي فرضت على كل بنى قبلك خمسين صلوة وفرضتها عليك وعلى أمتك ، فقال موسى : يا محمد ان أمتك آخر الأمم وأضعفها ، وان ربك لا يرد عليك شيء (١) وان أمتك لا تستطيع أن تقوم بها. فارجع الى ربك فاسئله التخفيف لامتك ، فرجعت الى ربي حتى انتهيت الى سدرة المنتهى ، فخررت ساجدا ثم قلت : فرضت على وعلى أمتي خمسين صلوة ، ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخفف عنى ، فوضع عنى عشرا ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته فقال : ارجع لا تطيق ، فرجعت الى ربي فوضع عنى عشرا ، فرجعت الى موسى فأخبرته فقال : ارجع وفي كل رجعة أرجع اليه أخر ساجدا حتى رجع الى عشر صلوات ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته ، فقال : لا تطيق فرجعت الى ربي فوضع على خمسا ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته فقال : لا تطيق ، فقلت : قد استحييت من ربي ولكن أصبر عليها ، فناداني مناد : كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين ، كل صلوة بعشر ، ومن هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت لها عشرا ، وان لم يعمل كتبت له واحدة ، ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة ، وان لم يعلمها لم تكتب عليه.

فقال الصادق عليه‌السلام : جزى الله موسى عن هذه الامة خيرا فهذا تفسير قول الله عزوجل (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) الاية.

٢٠ ـ في من لا يحضره الفقيه بعد ان نقل عن الصادق عليه‌السلام حديثا وقال عليه‌السلام : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمره ربه بخمسين صلوة ، فمر على النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى انتهى الى موسى بن عمران عليه‌السلام فقال : بأى شيء أمرك ربك فقال : بخمسين صلاة ، فقال : اسئل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربك فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى بن عمران

__________________

(١) وفي بعض النسخ «لا يزيده شيء» وفي بعضها «لا يؤده شيء» والظاهران الأخير مصحف.

١١٢

فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بأربعين صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك ، فسئل ربه عزوجلفحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بثلاثين صلوة فقال : سل ربك التخفيف فأن أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربه عزوجل فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بعشرين صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام فقال له : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بعشر صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فانى جئت الى بنى إسرائيل بما افترض الله عزوجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا عليه ، فسأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عزوجل التخفيف فخفف عنه فجعلها خمسا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام ، فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بخمس صلوات ، فقال : سل ربك التخفيف عن أمتك فان أمتك لا تطيق ذلك ، فقال : انى لأستحيي ان أعود الى ربي وجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمس صلوات ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جزى الله موسى بن عمران عن أمتي خيرا وقال الصادق عليه‌السلام : جزى الله موسى بن عمران عنا خيرا.

٢١ ـ وروى عن زيد بن على بن الحسين عليه‌السلام انه قال : سألت أبي سيد العابدين عليه‌السلام فقلت له : انه أخبرنى عن جدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما عرج به الى السماء وأمره ربه عزوجل بخمسين صلوة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران : ارجع الى ربك فاسئله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال يا بنى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقترح على ربه عزوجل (١) ولا يراجعه في شيء يأمره به ، فلما سأله موسى ذلك وصار شفيعا لامته اليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى ، فرجع الى ربه عزوجل يسأله التخفيف الى ان ردها الى خمس صلوات قال : فقلت له : يا ابه فلم لم يرجع الى ربه عزوجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى أن يرجع الى ربه ويسأله التخفيف؟

__________________

(١) اقترح عليه كذا اى اختاره.

١١٣

فقال : يا بنى أراد عليه‌السلام أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلوة ، لقول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ألا ترى انه عليه‌السلام لما هبط الى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول : انها خمس بخمسين (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) قال فقلت له : يا أبة أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال : بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قلت : فما معنى قول موسى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجع الى ربك؟ قال : معناه معنى قول إبراهيم : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) ومعنى قول موسى عليه‌السلام (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) ومعنى قوله عزوجل : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) يعنى حجوا الى بيت الله ، يا بنى ان الكعبة بيت الله ، فمن حج بيت الله فقد قصد الى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى الى الله عزوجل ، وقصد اليه ، والمصلى ما دام في صلوته فهو واقف بين يدي الله تعالى ، فان لله عزوجل بقاعا في سماواته فمن عرج به الى بقعة منها فقد عرج به اليه ، الا تسمع الله عزوجل يقول : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) ويقول الله عزوجل في قصة عيسى بن مريم عليهما‌السلام : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) ويقول الله عزوجل : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج انتهى.

٢٢ ـ في الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن على بن الحكم عن ربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بالصلوة عشر ركعات ركعتين ركعتين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ما تروى هذه الناصبة؟ فقلت : جعلت فداك في ماذا؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم ، فقلت : انهم يقولون ان أبي بن كعب رآه في النوم ، فقال : كذبوا فان دين الله عزوجل أعز من أن يرى في النوم ، قال : فقال له سدير الصيرفي : جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل لما عرج

١١٤

بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى سماواته السبع اما أوليهن فبارك عليه والثانية علمه فرضه ، فأنزل الله محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور ، كانت محدقة بعرش الله ، تغشى أبصار الناظرين ، أما واحدا منها فأصفر ، فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة ، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة ، وواحد منها ابيض فمن أجل ذلك ابيض البياض ، والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة ثم عرج به الى السماء فنفرت الملائكة الى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل عليه‌السلام : الله أكبر الله أكبر ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أفواجا وقالت : يا محمد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته الى يوم القيمة علينا وانا لنتصفح وجوه شيعته كل يوم وليلة خمسا يعنون في كل وقت صلوة وانا لنصلي عليك وعليه ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه نور الاول وزادني حلقا وسلاسل.

وعرج بى الى السماء الثانية ، فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة الى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، ما أشبه هذا النور بنور ربنا؟ فقال جبرئيل : أشهد ان لا اله الا الله ، أشهد أن لا اله الا الله فاجتمعت الملائكة وقالت : يا جبرئيل من هذا معك؟ قال : هذا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : وقد بعث؟ قال : نعم ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فخرجوا الى شبه المعانيق (١) فسلموا على وقالوا : اقرأ أخاك السلام فقلت : أتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته الى يوم القيمة علينا ، وانا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا يعنون في كل وقت صلوة ، قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الاولى.

ثم عرج بى الى السماء الثالثة فنفرت الملائكة وخرت سجدا وقالت سبوح

__________________

(١) المعانيق جمع المعناق : الفرس الجيد العنق ـ بفتحتين ـ وهو ضرب من السير للدابة والإبل ، وقولهم : انطلقنا الى الناس مما نيق اى مسرعين.

١١٥

قدوس ربنا ورب الملائكة والروح ، ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟ فقال جبرئيل : اشهد ان محمدا رسول الله ، فاجتمعت الملائكة وقالت : مرحبا بالأول ومرحبا بالآخر ، ومرحبا بالحاشر ومرحبا بالناشر ، محمد خير النبيين وعلى خير الوصيين ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم سلموا على وسألونى من أخى؟ قلت : هو في الأرض فتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد يحج البيت المعمور كل سنة وعليه رق (١) ابيض فيه اسم محمد واسم على والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وشيعتهم الى يوم القيمة ، وانا لنبارك عليهم في كل يوم وليلة خمسا يعنون في وقت كل صلوة ، ويمسحون رؤسهم بأيديهم ، قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الاول.

ثم عرج بى حتى انتهيت الى السماء الرابعة ، فلم تقل الملائكة شيئا ، وسمعت دويا (٢) كأنه في الصدور ، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء ، وخرجت الى شبه المعانيق فقال جبرئيل : حي على الصلوة حي على الصلوة ، حي على الفلاح حي على الفلاح فقالت الملائكة : صوتان مقرونان معروفان فقال جبرئيل عليه‌السلام : قد قامت الصلوة قد قامت الصلوة فقالت الملائكة : هي لشيعته الى يوم القيمة ثم اجتمعت الملائكة وقالت : كيف تركت أخاك؟ فقلت لهم : وتعرفونه؟ قالوا : نعرفه وشيعته وهم نور حول عرش الله ، وان في البيت المعمور لرقا من نور ، فيه كتاب من نور ، فيه اسم محمد وعلى والحسن والحسين والائمة وشيعتهم الى يوم القيمة ، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل ، وانه لميثاقنا وانه ليقرء علينا كل جمعة ، ثم قيل لي : ارفع رأسك يا محمد ، فرفعت رأسى ، فاذا أطباق السماء قد خرقت والحجب قد رفعت ثم قال لي : طأطئ رأسك انظر ماذا ترى فطأطأت رأسى فنظرت الى بيت مثل بيتكم هذا وحرم مثل حرم هذا البيت لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع الا عليه فقيل لي : يا محمد ان هذا الحرم وأنت الحرام ولكل مثل ثم اوحى الله الى يا محمد اذن من صاد (٣)

__________________

(١) الرق : جلد رقيق يكتب فيه.

(٢) الدوي : الصوت.

(٣) سيأتى معناه في الحديث.

١١٦

فاغسل مساجدك وطهرها وصلّ لربك فدنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن ، فتلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : ان اغسل وجهك فانك تنظر الى عظمتي ، ثم اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى فانك تلقى بيدك كلامي ، ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء ورجليك الى كعبيك ، فانى أبارك عليك ، وأوطيك موطئا لم يطأه أحد غيرك ، فهذا علة الأذان والوضوء ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : يا محمد استقبل الحجر الأسود وكبرني على عدد حجبي ، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا ، لان الحجب سبع ، فافتتح عند انقطاع الحجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة ، والحجب متطابقة بينهن بحار النور ، وذلك النور الذي أنزله الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلث مرات لافتتاح الحجب ثلث مرات ، فصار التكبير سبعا والافتتاح ثلاثا ، فلما فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله اليه سمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في أول السورة ، ثم أوحى الله اليه : أن احمدني فلما قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نفسه : شكرا فأوحى الله عزوجل اليه : قطعت حمدي فسم باسمي ، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن الرحيم مرتين ، فلما بلغ ولا الضالين قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) شكرا فأوحى الله اليه : قطعت ذكرى فسم باسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في أول السورة ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ثم أمسك عنه الوحي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله الواحد الأحد الصمد ، فأوحى الله اليه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ، ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي ، كذلك الله ربنا ، فلما قال ذلك ، أوحى الله اليه : اركع لربك يا محمد فركع ، فأوحى الله اليه وهو راكع قل : سبحان ربي العظيم وبحمده ، ففعل ذلك ثلثا ، ثم أوحى الله اليه : ان ارفع رأسك يا محمد ، ففعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام منتصبا ، فأوحى الله

١١٧

عزوجل اليه : ان اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا ، فأوحى الله عزوجل اليه ، قل سبحان ربي الأعلى ففعل صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ثلثا ثم أوحى الله اليه : استو جالسا ففعل ، فلما رفع رأسه من سجوده واستوى جالسا نظر الى عظمة تجلت له ، فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه ، فسبح الله ثلثا فأوحى الله اليه : انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة ، فمن أجل ذلك صارت ركعة وسجدتين ثم أوحى الله عزوجل اليه : اقرأ الحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ اولا ، ثم أوحى الله اليه : اقرأ انا أنزلناه فانها نسبتك ونسبة أهل بيتك الى يوم القيمة ، وفعل في الركوع ما فعل في المرة الاولى ، ثم سجد سجدة واحدة ، فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه فسبح أيضا ، ثم أوحى الله اليه : ارفع رأسك يا محمد ثبتك ربك ، فلما ذهب ليقوم قيل : يا محمد اجلس فجلس ، فأوحى الله اليه : يا محمد إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فألهم ان قال : بسم الله وبالله ولا اله الا الله والأسماء الحسنى كلها لله ، ثم أوحى الله اليه : يا محمد صل على نفسك وعلى أهل بيتك ، فقال : صلى الله عليّ وعلى أهل بيتي وقد فعل ، ثم التفت فاذا بصفوف الملائكة والمرسلين والنبيين فقيل يا محمد سلم عليهم فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فأوحى الله عزوجل اليه : ان السلام والتحية والرحمة والبركات أنت وذريتك ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : ان لا يلتفت يسارا ، وأول آية سمعها بعد قل هو الله أحد وانا أنزلناه آية أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة ، ومن أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا.

وقوله : سمع الله لمن حمده ، لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع ضجة الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل فمن أجل ذلك قال : سمع الله لمن حمده ، ومن أجل ذلك صارت الركعتان الاوليان كلما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما ، فهذا الفرض الاول في صلوة الزوال يعنى صلوة الظهر.

٢٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن عباس قال : دخلت عائشة

١١٨

على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقبل فاطمة ، فقالت له : أتحبها يا رسول الله؟ قال : أما والله لو علمت حبى لها لازددت لها حبا ، انه لما عرج بى الى السماء الرابعة أذن جبرئيل واقام ميكائيل ، ثم قيل لي : ادن يا محمد ، فقلت : أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال : نعم ان الله عزوجل فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلك أنت خاصة ، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني فاذا أنا بإبراهيم عليه‌السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة ، ثم انى صرت الى السماء الخامسة ومنها الى السادسة فنوديت : يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك على ، فلما صرت الى الحجب أخذ جبرئيل عليه‌السلام بيدي فأدخلنى الجنة ، فاذا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي ، فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال : هذه لأخيك على بن أبي طالب عليه‌السلام وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل الى يوم القيمة ، ثم تقدمت امامى فاذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك ، وأحلى من العسل ، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما أن هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء انسية ، فاذا اشتقت الى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها‌السلام.

٢٥ ـ في عيون الاخبار حدثني محمد بن إبراهيم بن اسحق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن هاشم قال : حدثنا أحمد بن بندار قال : حدثنا احمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أوحى الىّ ربي جل جلاله فقال : يا محمد انى اطلعت الى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا ، وشققت لك من اسمى اسما فانا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فانا العلى الأعلى وهو علي وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نور كما ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين

١١٩

يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي (١) ثم أتانى جاحدا بولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي ، يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت : نعم يا رب ، فقال عزوجل : ارفع رأسك ، فرفعت رأسى فاذا انا بأنوار على وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد ابن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري ، قلت : يا رب من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الائمة وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائى ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفى قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل والسامري.

٢٦ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله أخبرنى عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال : نعم وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد دخل الجنة وراى النار لما عرج به الى السماء ، قال : فقلت له : ان قوما يقولون انهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقال عليه‌السلام : لا هم منا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبنا وليس من ولايتهم على شيء ويخلد في نار جهنم ، قال الله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى الى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه‌السلام فأدخلنى الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليهما‌السلام ، ففاطمة حورية انسية ، فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة عليها‌السلام.

٢٧ ـ وباسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن محمد بن على الرضا عن أبيه الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن على ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب

__________________

(١) الشن البالي : القربة الخلقة.

١٢٠