تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

يعقوب بن اسحق بن إبراهيم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

١٠٧ ـ وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في فضل على وفاطمة عليهما‌السلام وفيه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك الى طاعتك ويأمران بما يرضيك.

١٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال : ان الائمة في كتاب الله عزوجل إمامان : قال الله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الناس ، يقدمون ما امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم ، قال : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يقدمون أمرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله.

١٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : ونجيناه يعنى لوطا من القرية التي كانت تعمل الخبائث قال : كانوا ينكحون الرجال.

١١٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن المعلى أبي عثمان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) فقال : لا يكون النفش الا بالليل ، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار ، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار ، انما رعاها بالنهار وأرزاقها ، فما أفسدت فليس عليها ، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس ، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش ، وان داود عليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمان عليه‌السلام الرسل والثلاثة وهو اللبن والصوف في ذلك العام.

١١١ ـ احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له قول الله عزوجل :

٤٤١

(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) قلت : حين حكما في الحرث كان قضية واحدة؟ فقال : انه كان أوحى الله عزوجل الى النبيين قبل داود الى أن بعث الله داود : اى غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ، ولا يكون النقش الا بالليل ، فان على صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار ، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل ، فحكم داود بما حكمت به الأنبياء عليهم‌السلام من قبله ، وأوحى الله عزوجل الى سليمان (ع): واى غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع الا ما خرج من بطونها ، وكذلك جرت السنة بعد سليمان (ع) وهو قول الله عزوجل : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) فحكم كل واحد منهما بحكم الله عزوجل.

١١٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن اسحق شعر عن هارون ابن حمزة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البقر والإبل والغنم يكون في الرعي فتفسد شيئا هل عليها ضمان؟ فقال : ان أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان أصحابه يحفظونه ، وان أفسدت ليلا فانه عليها ضمان.

١١٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (ع) قال : ان الامامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين ، ليس للإمام ان يزويها عن الذي يكون من بعده ، ان الله تبارك وتعالى اوحى الى داود (ع) ان اتخذ وصيا من أهلك ، فانه قد سبق في علمي أن لا ابعث نبيا الا وله وصى من اهله ، وكان لداود عليه‌السلام أولاد عدة ، وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا ، فدخل داود حين أتاه الوحي فقال لها : ان الله عزوجل اوحى الى يأمرني ان أتخذ وصيا من أهلي ، فقالت له امرأته : فليكن إبني ، قال : ذاك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده انه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى الى داود : ان لا تجعل دون أن يأتيك أمري ، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم ، فأوحى الله عزوجل الى داود : ان أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب

٤٤٢

فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليه‌السلام ولده فلما ان قص الخصمان قال سليمان عليه‌السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان : ان الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله (١) وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل الى داود : ان القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به. يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره ، ولم يكن الا ما أراد الله عزوجل ، فقد رضينا بأمر الله عزوجل وسلمنا ، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزن صاحبه الى غيره.

١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان في بنى إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته (٢) وأفسدته ، فجاء صاحب الكرم الى داود فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داود عليه‌السلام : اذهبا الى سليمان عليه‌السلام ليحكم بينكما ، فذهبا اليه فقال سليمان عليه‌السلام : ان كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع الى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها الى صاحب الكرم ، وكان هذا حكم داود ، وانما أراد ان يعرف بنى إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ، ولو اختلف حكمهما لقال : كنا لحكمهما شاهدين.

١١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) قال لم يحكما انما كانا يتناظران ففهمها سليمان.

١١٦ ـ وروى الوشاء عن احمد بن عمر الحلبي قال : سألت أبا الحسن

__________________

(١) الجث : انتزاع لشجرة من أصله والحمل ـ بالكسر ـ ما يحمله الشجر من الثمرة.

(٢) اى أكلته.

٤٤٣

عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) قال : كان حكم داود رقاب الغنم ، والذي فهم الله عزوجل سليمان ان الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.

١١٧ ـ في مجمع البيان واختلف في الحكم الذي حكما به ، فقيل انه كان كرما قد بدت عناقيده (١) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم ، فقال سليمان عن هذا يا نبي الله أرفق (٢) قال : وما ذاك؟ قال : تدفع الكرم الى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، وتدفع الغنم الى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان ، ثم دفع كل واحد منهما الى صاحبه ماله وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

١١٨ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا. قال عز من قائل : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ).

١١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى هشام بن سالم عن الصادق عليه‌السلام انه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه‌السلام انه خرج يقرء الزبور ، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر الا جاوبه.

١٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من

__________________

(١) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره : ما تعقد وتراكم من حبه في عرق واحد وبالفارسية «خوشه».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «فقال سليمان : غير هذا يا نبي الله».

٤٤٤

هذا ، انه كان إذا قام الى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي (١) من شدة البكاء ، وقد امنه الله عزوجل من عذابه ، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه ويكون إماما لمن اقتدى به ، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا ، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك له الجبل فقال له : قر فليس عليك الا نبي أو صديق شهيد ، فقر الجبل مجيبا لأمره ، منتهيا الى طاعته ولقد مررنا معه بجبل ، وإذا الدموع تخرج من بعضه ، فقال له : ما يبكيك يا جبل؟ فقال : يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف ان أكون من تلك الحجارة ، قال : لا تخف تلك الحجارة الكبريت ، فقر الجبل وسكن وهدأ (٢) وأجاب لقوله.

١٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب : كان الناس لا يخرجون الى مكة حتى يخرج على بن الحسين عليه‌السلام فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر الا سبحوا معه ، ففزعت منه فرفع رأسه فقال : يا سعيد أفزعت؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله ، فقال : هذا التسبيح الأعظم.

وفي رواية سعيد بن المسيب قال : كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدين عليه‌السلام ، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض ، ويمنع نفسه ، فسبق يوما الى الرحل فألفيته وهو ساجد ، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه.

١٢٢ ـ في الكافي احمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي

__________________

(١) قال الجزري وفيه «انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأريز المرجل من البكاء» اى خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل ـ كمنبر ـ : القدر. والأثافي : الأحجار التي يوضع عليها القدر.

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.

٤٤٥

قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال : اوحى الله عزوجل الى داود عليه‌السلام انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئا قال : فبكى داود عليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى الله عزوجل الى الحديد ان : لن لعبدي داود ، فالان الله عزوجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا ، واستغنى عن بيت المال.

١٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) قال : تجري من كل جانب الى الأرض التي باركنا فيها قال : الى بيت المقدس والشام.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قام رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار ، ويوم الأربعاء ابتلى أيوب عليه‌السلام بذهاب ما له وولده.

١٢٥ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب.

١٢٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : ان أيوب عليه‌السلام ابتلى بغير ذنب ، وان الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا وقال عليه‌السلام : ان أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة ، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعظم الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس ، لئلا يدعوا له معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره ان يوصله

٤٤٦

اليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلوا بذلك على ان الثواب من الله تعالى على ضربين : استحقاق واختصاص ، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء ، متى شاء كيف شاء بأى شيء شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء ، وشقاوة لمن يشاء ، وهو عزوجل في جميع ذلك عدل في قضاءه ، وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده الا الأصلح لهم ولا قوة الا بالله.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها ، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش ، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس ، فقال : يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة ، فقال : قد سلطتك على دنياه ، فلم يدع له دنيا ولا ولدا الا أهلك كل شيء له ، وهو يحمد الله عزوجل ثم رجع اليه فقال : يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد اليه دنياه التي أخذتها منه ، فسلطني على بدنه تعلم انه لا يؤدى شكر نعمة ، قال الله عزوجل : قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه ولسانه وسمعه ، فقال أبو بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عزوجل فتحول بينه وبينه ، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.

١٢٨ ـ حدثنا أبي رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال : لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها ، وذكر كالسابق الى قوله : فتحول بينه وبينه ، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا : يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية الا لسريرة سوء ، فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا قال : فعند ذلك ناجى أيوب ربه عزوجل : رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم

٤٤٧

انه لم يعرض لي أمران قط الا لزمت أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قط الا وعلى لإخوانى يتيم ، فلو ان لي منك مقعد الخصم لا دليت بحجتي (١) قال : فعرضت سحابة فنطق فيها ناطق فقال : يا أيوب أدل بحجتك ، قال : فشد عليه مزره وجثا على ركبتيه وقال : ابتليتني وأنت تعلم انه لم يعرض لي أمران قط الا ألزمت أخشنهما على بدني ، ولم آكل أكلة من طعام الا وعلى لإخوانى يتيم. قال : فقيل له : يا أيوب من حبب إليك الطاعة؟ قال : فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال : أنت يا رب.

١٢٩ ـ وباسناده الى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب عليه‌السلام بلا ذنب فصبر حتى عير ، وان الأنبياء لا يصبرون على التعيير.

١٣٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل يبتلى المؤمن بكل بلية ، ويميته بكل ميتة ، ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوب عليه‌السلام كيف سلط إبليس على ماله وعلى أهله ، وكل شيء منه ، ولم يسلط على عقله ، ترك له يوحد الله عزوجل به.

١٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن على بن فضال عن عبد الله بن بكير وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قال : أحيى الله عزوجل له أهله الذين كانوا قبل البلية ، وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.

١٣٢ ـ في روضة الكافي يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قلت : ولده كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال : أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.

١٣٣ ـ على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور ابن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له :

__________________

(١) أدلى بحجته : أصغرها واحتج بها.

٤٤٨

(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فقال : يا با محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ، ولا يسلط على دينه ، قد سلط على أيوب عليه‌السلام فشوه خلقه ، ولم يسلط على دينه ، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

١٣٤ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : انا سيد الشيب ، وفي سنة من أيوب.

١٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في حديث أبي حمزة الثمالي ان على بن الحسين عليهما‌السلام دعا حوت يونس بن متى ، فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم ، وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد ، الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به على بن جهم في عصمة الأنبياء باسناده الى أبي الصلت الهروي قال : لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه‌السلام الى أن حكى قوله عليه‌السلام : واما قوله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) انما طن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عزوجل : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) اى ضيق عليه رزقه ، ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

١٣٧ ـ وباسناده الى على بن محمد الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال فما معنى قول الله عزوجل : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً

٤٤٩

فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)؟ فقال الرضا عليه‌السلام ، ذاك يونس بن متى عليه‌السلام ، ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن (أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) اى لن نضيق عليه رزقه ومنه قول الله عزوجل : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) اى ضيق عليه وقتر (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) : ظلمة الليلة وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) بتركى مثل هذه لعبادة التي فرغتني لها في بطن الحوت ، فاستجاب الله وقال عزوجل : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.

١٣٨ ـ في الكافي أحمد بن محمد العاصمي عن على بن الحسن التيملي عن عمرو بن عثمان عن أبي جميلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال له رجل من أهل خراسان بالربذة : جعلت فداك لم أرزق ولدا ، فقال له : إذا رجعت الى بلادك فأردت ان تأتى أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الى ثلاث آيات فانك سترزق ولدا إنشاء الله.

١٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قال : أنزله الله على أشد الأمرين ، وظن به أشد الظن وقال : ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس ، قلت : ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال : كان من أمر شديد ، قلت : وما كان سببه حتى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال : وكله الله الى نفسه طرفة عين.

١٤٠ ـ قال : وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش ، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء ، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت اليه وهو في جانب من البيت قائم ، رافع يديه يبكى وهو يقول : اللهم لا تنزع منى صالح ما أعطيتنى أبدا ، اللهم لا تشمت بى عدوى ولا حاسدا أبدا ، اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه

٤٥٠

أبدا ، اللهم ولا تكلني الى نفسي طرفة عين أبدا ، قال : وانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها ، فقال لها : ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبى أنت وأمي يا رسول الله ولم لا أبكى وأنت بالمكان الذي أنت به من الله ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا ، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا ، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا ، وان لا يكلك الى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال : يا أم سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله يونس بن متى الى نفسه طرفة عين ، فكان منه ما كان.

١٤١ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : و (ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) يقول : من اعمال قومه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) يقول : ظن أن لن يعاقب بما صنع.

١٤٢ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس ، فكان يونس يدعوهم الى الإسلام فيأبون ذلك ، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان : عابد وعالم ، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل ، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول : لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك ، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم ، فدعا عليهم فأوحى الله اليه : يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها ، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال العالم لهم : يا قوم أفزعوا الى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم ، فقالوا : كيف نصنع؟ فقال : اجتمعوا واخرجوا الى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد ، وبين الإبل وأولادها ، وبين البقر وأولادها ، وبين الغنم وأولادها ، ثم ابكوا وادعوا ، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا ، فرحمهم‌الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال ، وقد كان نزل وقرب منهم ، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم : ما فعل قوم يونس؟ قالوا ـ ولم يعرفوه ـ : ان يونس دعا عليهم

٤٥١

فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم‌الله وصرف ذلك عنهم ، وفرق العذاب على الجبال ، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به ، فغضب ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ وفيه أيضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال : يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه ، فدخل في بحر القلزم ، ثم خرج الى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ، ثم خرج في دجلة الغور ، قال : ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون ، وكان قارون هلك في أيام موسى ، ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة ، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره ، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به : أنظرنى فانى اسمع كلام آدمي ، فأوحى الله الى الملك : أنظره فأنظره ، ثم قال قارون : من أنت؟ قال : أنا المذنب العاصي الخاطئ يونس بن متى ، قال : فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال : هيهات هلك ، قال : فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال : هلك ، قال : فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال : هيهات ما بقي من آل عمران أحد ، فقال قارون : وا أسفا على آل عمران ، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا ، فرفع عنه ، فلما راى يونس ذلك نادى في الظلمات (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب الله له ، وأمر الحوت أن يلفظه (١) ، فلفظه على ساحل البحر ، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله (عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) ، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن.

١٤٤ ـ وفيه أيضا وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام ، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر ، (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب له ربه ،

__________________

(١) لفظ فلان الشيء من فيه : رمى به.

٤٥٢

فأخرجته الحوت الى الساحل ، ثم قذفه فألقاه بالساحل ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبياءه بحبسه يونس في بطن الحوت ، حيث ذهب مغاضبا مذنبا : وأما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة ، وقدرته القاهرة ، وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم ، وان يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل.

١٤٦ ـ في تفسير العياشي عن أبى عبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه‌السلام كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى عليه‌السلام بعثه الله الى قومه ، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم ، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه : فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا الى منازلهم من رؤس الجبال ، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم ، وحمدوا الله على ما صرف عنهم ، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه ، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا ، لما خفيت أصواتهم عنهما ، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس ينظران الى ما صار اليه القوم ، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأعناقهم ، ونظرا الى أهل القرية مطمئنين ، قال يونس لتنوخا : يا تنوخا كذبني الوحي وكذبت وعدي لقومي ، لا وعزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي ، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحرايلة (١) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه ، فيقول له : يا كذاب! فلذلك قال :

__________________

(١) مر في الجزء الثاني صفحة ٣٢٦ بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.

٤٥٣

(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) الاية ورجع تنوخا الى القرية.

١٤٧ ـ عن الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم ، ووجوههم صفر ، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود ، قال وكان الله وأعدهم ان يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم ، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها ، ولبسوا المسوح (١) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم ، والرماد على رؤسهم ، وضجوا ضجة واحدة الى ربهم ، وقالوا : آمنا باله يونس ، قال : فصرف الله عنهم العذاب الى جبال آمد (٢) قال : وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا ، فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله : (مُغاضِباً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ عن معمر قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : ان يونس لما أمره الله عزوجل بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم ، وبين البهائم وأولادها ثم عجوا الى الله وضجوا ، فكف الله العذاب عنهم ، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي حديث أبى حمزة الثمالي انه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه‌السلام وقال له : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك ، قال : فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين ، فأمر بشد عينه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فاذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه بها ، فقال ابن عمر : يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي ، قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين ، ثم قال : يا أيتها الحوت قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم ، وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا

__________________

(١) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ : الكساء من شعر.

(٢) قال الحموي : آمد ـ بكسر الميم ـ أعظم ديار بكر.

٤٥٤

سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى أن صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى ان بعث الله يونس فأوحى الله اليه أن يا يونس : تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام له.

قال : فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى الى : ان التقمي يونس ولا توهني له عظما ، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معى في البحار في ظلمات ثلاث ، ينادى انه لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية على بن أبي طالب والائمة الراشدين من ولده عليهم‌السلام ، فلما ان آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر ، فقال زين العابدين عليه‌السلام : ارجع ايها الحوت الى وكرك (١) فرجع الحوت واستوى الماء.

١٥٠ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء يوم الأربعاء : يا من سمع الهمس من ذي النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث : ظلمة الليل ، وظلمة قعر البحر وظلمة بطن الحوت.

١٥١ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى الحسن بن على بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربع لأربع ، الى قوله : والرابعة للغم واللهم (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) قال الله سبحانه : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

١٥٢ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع الى اربع ، الى قوله عليه‌السلام وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع الى قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فانى سمعت

__________________

(١) الوكر : عش الطائر.

٤٥٥

الله يقول بعقبها : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

١٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى على بن محمد الصيمري الكاتب قال : تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا مثله ، وابطأ على الولد فصرت الى أبى الحسن على بن محمد بن الرضا (ع) فذكرت ذلك له فتبسم ، وقال : اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) قال : ففعلت فما أتى على حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا.

١٥٤ ـ في عوالي اللئالى روى عن سيد العابدين عليه‌السلام انه قال لبعض أصحابه : قل لطلب الولد : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) واجعل لي من لدنك وليا يرثني» في حيوتى ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا اللهم انى أستغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم سبعين مرة.

١٥٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود ، ثم يقول : اللهم انى أسئلك بما سئلك به زكريا إذ قال : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) ، اللهم هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء اللهم باسمك استحللتها ، وفي أمانتك أخذتها ، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا ، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.

١٥٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن الحارث النضري قال قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : انى من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد؟ فقال : ادع وأنت ساجد : رب هب لي من لدنك وليا (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) قال : ففعلت فولد لي على والحسين.

١٥٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية على بن إبراهيم في قوله : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) قال : كانت لا تحيض فحاضت.

٤٥٦

١٥٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلثة أوجه ، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع ، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة ، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.

١٥٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما الى الوجه.

١٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبى إسحاق عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك الى السماء ، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك الى السماء.

١٦١ ـ وباسناده الى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه الى السماء ، وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه الى السماء.

١٦٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مر بى رجل وانا ادعو في صلوتى بيساري فقال : يا عبد الله بيمينك! فقلت : يا عبد الله ان الله تبارك وتعالى حقه على هذه كحقه على هذه ، وقال : الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما والأحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

١٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) قال : راغبين راهبين ، وقوله : (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) قال : مريم لم ينظر إليها شيء وقوله : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) قال : روح مخلوقة يعنى من أمرنا.

١٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا : وأجده يقول : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ

٤٥٧

مُؤْمِنٌ) فلا كفران لسعيه ويقول : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) اعلم في الاية الاولى ان الأعمال الصالحة لا تكفر ، واعلم في الثانية ان الايمان والأعمال الصالحة لا تنفع الا بعد الاهتداء قال عليه‌السلام : واما قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فلا كفران لسعيه» وقوله : (إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) فان ذلك كله لا يغني الا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله ، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بين الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) وبقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).

١٦٥ ـ في مجمع البيان و (حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) وروى محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام انه قال : كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.

١٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فانه حدثني أبي عن ابن أبى عمير عن ابن سنان عن أبى بصير عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله وأبى جعفر عليهما‌السلام قالا : كل قرية أهلك الله عزوجل أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، فهذه الاية من أعظم الدلالة في الرجعة لان أحدا من أهل الإسلام لا ينكران الناس كلهم يرجعون الى القيامة ، من هلك ومن لم يهلك «انتهى كلامه».

١٦٧ ـ وفيه أيضا قال الصادق عليه‌السلام : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، فاما الى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون. وقوله عزوجل : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) قال : إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج الى الدنيا ويأكلون ثم احتج عزوجل على عبدة الأوثان فقال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ

٤٥٨

جَهَنَّمَ) الى قوله : (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ).

١٦٩ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الاية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا ، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الاية فقال ابن الزبعرى : أمحمد تكلم بهذه الاية؟ فقالوا : نعم ، قال ابن الزبعرى : لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال : يا محمد أرأيت الاية التي قرأت آنفا ، فينا وفي آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال : بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وفي آلهتهم ، الا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى : خصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه ، وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فضحت قريش وضحكوا ، قالت قريش : خصمك ابن الزبعرى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قلتم الباطل اما قلت : الا من استثنى الله وهو قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) وقوله : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يقول : يقذفون فيها قذفا وقوله : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) يعنى الملائكة وعيسى بن مريم عليهما‌السلام.

١٧٠ ـ في مجمع البيان وقراءة على عليه‌السلام «حطب» بالطاء.

١٧١ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين (١) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار ، وذلك انهما عبدا فرضيا.

١٧٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله تبارك وتعالى يأتى يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك ، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد ، فيقول كل من عبد غير

__________________

(١) العقير : المقطوع القوائم.

٤٥٩

الله : ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة : اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون الى النار ما خلا من استثنيت ، فأولئك عنها مبعدون.

١٧٣ ـ في محاسن البرقي وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله يأتى بكل شيء يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال : اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون الى النار.

١٧٤ ـ عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري الدهني أو عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب قال : قال : ان الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أو غيره مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من ياقوت ، فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلالأ ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ).

١٧٥ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعلى عليه‌السلام : يا على أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون. فيكم نزلت هذه الاية : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) وفيكم نزلت : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

١٧٦ ـ في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله ، وأزارهم ملائكته ، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا ، وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

١٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) يعنى في البحار إذا

٤٦٠