تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم ثلث بالدعاء اليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) اى يدعو (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ).

٨٨ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ايها الناس انه من استنصح الله (١) وفق ، ومن اتخذ قوله دليلا هدى (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

٨٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام قال : الامام منا لا يكون الا معصوما ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ، وكذلك لا يكون الا منصوصا ، فقيل ، يا بن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن ، والقرآن يهدى الى الامام ، وذلك قول الله عزوجل : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

٩٠ ـ في تفسير العياشي عن أبي اسحق : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال : يهدى الى الولاية.

٩١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم عطف على آل محمد بنى امية فقال : و (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) قوله : و (يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) قال : يدعو على أعداءه بالشر كما يدعو لنفسه بالخير ويستعجل الله بالعذاب وهو قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).

٩٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : واعرف طريق نجاتك وهلاكك ، كى لا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظن ان فيه نجاتك ، قال الله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).

٩٣ ـ في تفسير العياشي عن سلمان الفارسي قال : ان الله لما خلق آدم فكان

__________________

(١) اى من أطاع أو امره وعلم انه يهديه الى مصالحه ويرده عن مفاسده ويرشده الى ما فيه نجاته ويصرفه عما فيه عطبه ، قاله ابن ابى الحديد في شرحه.

١٤١

أول ما خلق عيناه فجعل ينظر جسده كيف يخلق ، فلما حانت (١) ولم يتبالغ الخلق في رجليه فأراد القيام فلم يقدر ، وهو قول الله : «خلق الإنسان عجولا» وان الله لما خلق آدم ونفخ فيه لم يستجمع (٢) أن يتناول عنقودا فأكله.

٩٤ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما خلق الله آدم (نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) وثب ليقوم قبل أن يتم خلقه فسقط ، فقال الله عزوجل : «خلق الإنسان عجولا

٩٥ ـ عن أبي بصير (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) قال : هو السواد الذي في جوف القمر.

٩٦ ـ عن نصر بن قابوس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال السواد الذي في القمر : محمد رسول الله.

٩٧ ـ عن أبي الطفيل قال : كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا عليه‌السلام وهو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن هذا السواد في القمر؟ قال : هو قول الله (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ).

٩٨ ـ عن ابى الطفيل قال : قال على بن أبي طالب عليه‌السلام : سلوني عن كتاب الله فانه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، أو في سهل أو في جبل ، قال : فقال له ابن الكوا فما هذا السواد في القمر؟ فقال : أعمى سأل عن عمياء أما سمعت الله يقول : (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) فذلك محوها.

٩٩ ـ في كتاب الخصال حدثنا على بن أحمد بن موسى رضى الله عنه قال : حدثنا على بن الحسن قال : حدثنا سعد بن كثير بن عفير ، قال : حدثني ابن لهيعة وراشد بن سعد عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن البجلي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفى فيه : ادعوا لي أخى ، فأرسلوا الى على عليه‌السلام فدخل فوليا وجوههما الى الحائط وردا عليهما ثوبا فاسدى والناس محتوشوه (٣) وراء الباب فخرج على عليه‌السلام فقال رجل من الناس : أسر إليك نبي الله شيئا؟ فقال : نعم أسر الى ألف

__________________

(١) اى قربت.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر ونسخة البحار «لم يلبث» مكان «لم يستجمع».

(٣) أسدى بيده نحو الشيء : مدها. واحتوش القوم فلانا : اجتمعوا عليه وجعلوه في وسطهم.

١٤٢

باب ، في كل باب الف باب ، قال : ووعيته؟ قال : نعم وعقلته ، قال : فما السواد الذي في القمر؟ قال : ان الله عزوجل قال : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) قال له الرجل : عقلت يا على ووعيت.

١٠٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور؟ قال : لما خلقهما الله عزوجل أطاعا ولم يعصيا شيئا ، فأمر الله عزوجل جبرئيل عليه‌السلام أن يمحو ضوء القمر فمحاه ، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، ولا علم الصائم كم يصوم ، ولا عرف الناس عدد السنين ، وذلك قول الله عزوجل : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) قال : صدقت يا محمد ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى القاسم بن معاوية عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال لما خلق الله عزوجل القمر كتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين وهو السوداء الذي ترونه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٢ ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال : قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، أخبرنى عن المحو الذي يكون في القمر؟ فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء أما سمعت الله يقول : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً).

١٠٣ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها. وقمرها آية ممحوة من ليلها ، وأجراهما في مناقل مجراهما ، وقدر مسير هما في مدارج درجهما ، ليميز بين الليل والنهار بهما ، وليعلم (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) بمقادير هما.

١٤٣

١٠٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير الصيرفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : فنظرت في كتاب لجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيمة الذي خص الله به محمدا والائمة من بعده عليهم‌السلام وتأملت مولد غائبنا وإبطاءه وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثر هم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام (١) من أعناقهم ، التي قال الله تعالى جل ذكره و (كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعنى الولاية ، فأخذتني الرقة واستولت على الأحزان.

١٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يقول : خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه ، حتى يعطى كتابه يوم القيمة بما عمل.

١٠٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) قال : قدره الذي قدر عليه.

١٠٧ ـ عن خالد بن نجيج عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ) قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه ، حتى كأنه فعله تلك الساعة فلذلك «قالوا (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)

١٠٨ ـ في مجمع البيان : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لا تجن يمينك عن شمالك ، وهذا مثل ضربه عليه‌السلام وفي هذا دلالة واضحة على بطلان قول من يقول : ان أطفال الكفار يعذبون مع آبائهم في النار ، انتهى.

١٠٩ ـ في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر في قول الله. (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) ، قال : تفسيرها أمرنا أكابرها.

__________________

(١) الربقة : العروة.

١٤٤

١١٠ ـ عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) مشددة منصوبة (١) تفسيرها كثرنا ، وقال : لا قرأتها مخففة.

١١١ ـ في مجمع البيان وقرأ يعقوب «آمرنا» بالمد على وزن عامرنا وهو قراءة على بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقرأ «أمرنا» بتشديد الميم محمد بن على عليهما‌السلام بخلاف.

١١٢ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي بعد كلام طويل قال الرضا عليه‌السلام : ألا تخبرني عن قول الله عزوجل : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) يعنى بذلك انه يحدث ارادة؟ قال : نعم ، قال : فاذا أحدث ارادة كان قولك ان الارادة هي هو أو شيء منه باطلا ، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ، ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك؟ قال سليمان : انه لم يكن عنى بذلك انه يحدث ارادة ، قال : فما عنى به؟ قال : عنى فعل الشيء ، قال الرضا عليه‌السلام : ويلك كم تردد في هذه المسئلة وقد أخبرتك ان الارادة محدثة لان فعل الشيء محدث ، قال : فليس لها معنى؟ قال الرضا عليه‌السلام : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له فاذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم ان الله عزوجل لم يزل مريدا قال سليمان : انما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل ، قال : ألا تعلم ان ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة فلم يحر جوابا (٢).

١١٣ ـ في مجمع البيان : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) قيل : القرن مأة سنة ، وروى ذلك مرفوعا ، وقيل : أربعون سنة ، رواه ابن سيرين مرفوعا.

١١٤ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ) يصليها مذموما مدحورا وروى ابن عباس ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : معنى الآية (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد وجه الله والدار الآخرة عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا ، وليس له ثواب في الآخرة ، وذلك ان الله سبحانه يؤتيه

__________________

(١) وفي تفسير الصافي «مشددة ميمه» وهو الظاهر.

(٢) اى لم يرد جوابا.

١٤٥

ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه. قال عز من قائل : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً).

١١٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) فليترك زينة الحيوة الدنيا.

١١٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : تقول أحرم لك شعري وبشرى ولحمى ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والطيب ابتغى بذلك وجهك والدار الآخرة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن على بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيمة برجل فيقال له : احتج ، فيقول : رب خلقتني وهديتني فأوسعت علي فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره ، فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره : صدق عبدي أدخلوه الجنة.

١١٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : العباد ثلثة (١) قوم عبدوا الله عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.

١١٩ ـ في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله على بن أبي طالب أمير المؤمنين في ما له ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويعطيني به الأمنة.

١٢٠ ـ وفيه وليس رجل فاعلم احرص على جماعة امة محمد وألفتها (٢) مني أبتغى بذلك حسن الثواب وكريم المآب.

__________________

(١) وفي بعض النسخ «العبادة ثلاث».

(٢) الالفة من التأليف ، ومرجع الضمير في «ألفتها» الامة.

١٤٦

١٢١ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة.

١٢٢ ـ وباسناده الى الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام في قوله عزوجل : «يوفون بالنذر» الآيات حديث طويل ستقف بتمامه إنشاء الله في «هل أتى» وفيه : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) قال : والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون لا نريد جزاء تكافوننا به ، ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكنا انما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه. قال عز من قائل : (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).

١٢٣ ـ في مجمع البيان وروى أن ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها ما بين السماء والأرض.

١٢٤ ـ وروى العياشي بالإسناد عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تقولن : الجنة واحدة ، ان الله يقول : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) ولا تقولن درجة واحدة ، ان الله يقول : «درجات بعضها فوق بعض» انما تفاضل القوم بالأعمال ، قال : وقلت له : ان المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه ، قال : من كان فوقه فله أن يهبط ، ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد ، لأنه لم يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوا التقوا على الاسرة.

١٢٥ ـ عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وانما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

١٢٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى عمرو بن ميمون ان ابن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يكون في النار قوم ما شاء الله أن يكونوا ، ثم يرحمهم‌الله فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نهر الحيوة يسميهم أهل الجنة الجهنميون ، لو أضاف أحدهم أهل الدنيا لاطعمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم وروحهم لا ينقص ذلك.

١٤٧

١٢٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن اسحق الأحمر عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فلان من عبادته ودينه وفضله كذا ، فقال : كيف عقله؟ قلت : لا أدرى ، فقال : ان الثواب على قدر العقل ، ان رجلا من بنى إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزاير البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر ، ظاهرة الماء ، وان ملكا من الملائكة مر به فقال : يا رب أرني ثواب عبدك هذا ، فأراه الله ذلك فاستقله الملك. فأوحى الله اليه : أن اصحبه فأتاه الملك في صورة انسى فقال له : من أنت؟ فقال : أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لا عبد الله معك فكان معه يومه ذلك ، فلما أصبح قال له الملك : ان مكانك لنزه وما يصلح الا للعبادة ، فقال له العابد : ان لمكاننا هذا عيبا فقال له : وما هو؟ قال : ليس لربنا بهيمة ، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فان هذا الحشيش يضيع ، فقال له الملك : ما لربك حمار؟ فقال : لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله الى الملك انما أثيبه على قدر عقله.

١٢٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة (١) الا بهما فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلا هذه الآية : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)

١٢٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ما هذا الإحسان؟ فقال : الإحسان أن تحسن صحبتهما ، وأن لا تكلفهما أن يسألاك [مما يحتاجان اليه] وان كانا مستغنيين ، أليس يقول الله عزوجل : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : واما قول الله عزوجل : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما)

__________________

(١) التلعة : القطعة المرتفعة من الأرض.

١٤٨

قال : ان أضجراك (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ، وَلا تَنْهَرْهُما) ان ضرباك ، قال : (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) قال : ان ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك قول كريم قال : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال : لا تمل عينيك (١) من النظر إليهما برحمة ورقة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقم قدامهما.

١٣٠ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن حديد بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أدنى العقوق أف ، ولو علم الله شيئا أهون منه لنهى عنه.

١٣١ ـ عنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه ، وهو من أدنى العقوق ، ومن العقوق ان ينظر الرجل الى والديه فيحد النظر إليهما.

١٣٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي المأمون الحارثي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال : ان من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره ، الى أن قال : وإذا قال له أف فليس بينهما ولاية.

١٣٣ ـ عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن درست بن أبي منصور عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : سأل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما حق الوالد على الولد؟ قال : لا يسميه باسمه ، ولا يمشى بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له (٢)

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : الظاهر : «لا تملأ» بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العياشي واما على ما في نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة ، ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة ، ولعل الاستثناء في قوله «الا برحمة» منقطع ، والمراد بملاء العينين حدة النظر.

(٢) اى لا يفعل ما يصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آبائهم ، وقد يسب الناس والد من يفعل فعلا شنيعا قبيحا.

١٤٩

١٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) قال : لو علم ان شيئا أقل من أف لقاله (وَلا تَنْهَرْهُما) اى ولا تخاصمهما ، وفي حديث آخر : اى بالألف فلا تقل لهما أفا (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) اى حسنا (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال : تذلل لهما ولا تتبختر عليهما (١).

١٣٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الصادق عليه‌السلام : قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) قال : الوالدين محمد وعلى.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وحرم الله تعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير لطاعة الله تعالى ، والتوقير للوالدين ، وتجنب كفر النعمة وابطال الشكر ، وما يدعو في ذلك الى قلة النسل وانقطاعه ، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما ، وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد ، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما.

١٣٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه إذا قال المؤمن لأخيه : أف ، انقطع ما بينهما ، فان قال : أنت كافر كفر أحدهما ، وإذا اتهمه انماث (٢) الإسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

١٣٨ ـ عن موسى بن بكر الواسطي قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : الرجل يقول لابنه أو لابنته : بأبى أنت وأمي أو بأبوى أترى بذلك بأسا؟ فقال : ان كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا ، وان كانا قد ماتا فلا بأس.

١٣٩ ـ عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلثة من عاندهم ذل : الوالد ، والسلطان ، والغريم.

١٤٠ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يلزم الوالدين من العقوق لولدهما إذا كان الولد صالحا ، ما يلزم الولد لهما.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «لا تتجبر عليهما».

(٢) انماث الشيء : ذاب.

١٥٠

١٤١ ـ عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ثلثة لم يجعل الله تعالى لأحد من الناس فيهن رخصة : بر الوالدين برين كانا أو فاجرين ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وأداء الامانة للبر والفاجر.

١٤٢ ـ في من لا يحضره الفقيه في باب الحقوق المروية باسناده عن سيد العابدين عليه‌السلام : واما حق أمك أن تعلم انها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرا الا بعون الله وتوفيقه واما حق أبيك ، فان تعلم انه أصلك فانك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يحبك فاعلم ان أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة الا بالله.

١٤٣ ـ في مجمع البيان روى عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن جده أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لاتى به.

١٤٤ ـ وفي رواية اخرى عنه عليه‌السلام قال : أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أيسر منه أو أهون منه لنهى عنه.

١٤٥ ـ وفي خبر آخر فليعمل العاق ما شاء ان يعمل ، فلن يدخل الجنة.

١٤٦ ـ وروى ابو أسيد الأنصاري قال : بينا نحن عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال : نعم الصلوة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهد هما من بعد هما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما.

١٤٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر ابن خلاد قال : قلت لأبى الحسن الرضا عليه‌السلام : أدعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟ قال : أدع لهما وتصدق عنهما ، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.

١٥١

١٤٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله من أبر؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك قال : ثم من؟ قال : أباك.

١٤٩ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الا أدخله الله الجنة بإقراره ، وهو ايمان التصديق ، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك الا من أشرك بالرحمن ، وتصديق ذلك ان الله عزوجل انزل عليه في سورة بنى إسرائيل بمكة : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الى قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف ، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء مما نهى عنه.

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا بن عطاء ترى زاغت الشمس (١) فقلت : جعلت فداك وما علمي بذلك وانا معك؟ فقال : لا لم تفعل وأوشك ، قال : فسرنا فقال : قد فعلت ، قلت : هذا المكان الأحمر؟ قال : ليس يصلى هاهنا ، هذه أودية النمال وليس يصلى ، قال : فمضينا الى أرض بيضاء قال : هذه سبخة (٢) وليس يصلى بالسباخ ، قال : فمضينا الى أرض حصباء (٣) ، فقال : هاهنا فنزل ونزلت فقال : يا ابن عطاء أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في مسجد الكوفة؟ قال : قلت نعم ، فقال : أولئك شيعة أبي على ، هذه صلوة الأوابين ، إن الله يقول انه (كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً).

__________________

(١) زاغت الشمس : اى مالت وزالت عن أعلى درجات ارتفاعها.

(٢) السبخة واحدة السباخ : هي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت الا بعض الأشجار.

(٣) الحصباء. صفار الحصى.

١٥٢

١٥١ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول في قوله : (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) قال : هم التوابون المتعبدون.

١٥٢ ـ عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يا با محمد عليكم بالورع والاجتهاد وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة ممن صحبكم ، وطول السجود ، وكان ذلك من سنن الأوابين ، قال أبو بصير : الأوابون التوابون.

١٥٣ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من صلى أربع ركعات في كل ركعة خمسين مرة قال هو الله أحد كانت صلوة فاطمة صلوات الله عليها ، وهي صلوة الأوابين.

١٥٤ ـ عن محمد بن حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت صلوة الأوابين خمسين صلوة كلها بقل هو الله أحد.

١٥٥ ـ في مجمع البيان (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) الأواب التواب. الى قوله : وقيل انهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء روى ذلك مرفوعا.

١٥٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى ان قال عليه‌السلام : والآية الخامسة قول الله تعالى : و (آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الامة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ادعوا لي فاطمة ، فدعيت له فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة ، قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين ، فقد جعلتها لك لما أمرنى الله به ، فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

١٥٧ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول

١٥٣

فيه عليه‌السلام : ثم قال جل ذكره (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وكان على عليه‌السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له ، والاسم الأكبر وميراث العلم ، وآثار علم النبوة.

١٥٨ ـ على بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن على بن أسباط قال : لما ورد أبو الحسن موسى على المهدي رآه يرد المظالم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له : وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال : ان الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فدك وما والاها ، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب (١) فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ولم يدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من هم ، فراجع في ذلك جبرئيل عليه‌السلام وراجع جبرئيل ربه ، فأوحى الله اليه : ان ادفع فدك الى فاطمة عليها‌السلام ، فدعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : يا فاطمة ان الله أمرنى أن أدفع إليك فدك ، فقالت : قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك ، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها ، فأتته فسألته ان يردها فقال لها : ايتني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك ، فجاءت بأمير المؤمنين عليه‌السلام وأم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض ، فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت : كتاب كتبه لي ابن ابى قحافة ، قال : أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ، ثم تفل فيه ومحاه وحرقة ، وقال لها : هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الجبال (٢) في رقابنا ، فقال له المهدي : يا أبا الحسن حدها

__________________

(١) الإيجاف : السير الشديد ، وفي قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) قالوا : المعنى ما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا ، وانما مشيتم على أرجلكم ، فلم تحصلوا أموالهم بالغلبة والقتال ولكن الله سلط رسله عليه وحواه أموالهم.

(٢) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول : في بعض النسخ بالحاء المهملة اى ضعى الحبال لترفعنا الى حكم ، قاله تحقيرا وتعجيزا ، وقاله تفريعا على المحال بزعمه ، اى انك إذا أعطيت ذلك ووضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك ، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكت فاحكمى على رقابنا أيضا بالملكية. وفي بعض النسخ بالمعجمة اى ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعي.

١٥٤

لي ، فقال : حد منها جبل أحد ، وحد منها عريش مصر ، وحد منها سيف البحر ، وحد منها دومة الجندل (١) فقال له : كل هذا؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين هذا كله ، ان هذا [كله] مما لم يوجف على أهله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب ، فقال : كثير وأنظر فيه.

١٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) يعنى قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزلت في فاطمة ، فجعل لها فدك والمسكين من ولد فاطمة وابن السبيل من آل محمد ، وولد فاطمة.

١٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن على بن الحسين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين : اما قرأت هذه الآية : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)؟ قال : نعم ، قال عليه‌السلام : فنحن أولئك الذين أمر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤتيهم حقهم.

١٦١ ـ في مجمع البيان وأخبرنا السيد أبو الحمد الى قوله : عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزل : قوله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) أعطى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة فدك ، قال عبد الرحمن بن صالح : كتب المأمون الى عبيد الله بن موسى (٢) يسأله عن قصة فدك ، فكتب اليه عبيد الله بهذا الحديث ، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية ، فرد المأمون فدك على ولد فاطمة.

١٦٢ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أنزل الله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل قد عرفت

__________________

(١) قال ياقوت : عريش مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم في وسط الرمل. ثم ذكر بعد كلا له وجه تسميته بالعريش فراجع. وسيف البحر : ساجله. ودومة الجندل : حصن بين المدنية والشام يقرب من تبوك وهي الى الشام أقرب ، سميت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم (ع) ، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٢) هو عبيد الله بن موسى العبسي من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من الهجرة النبوية.

١٥٥

المسكين فمن ذوي القربى؟ قال : هم أقاربك ، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة ، فقال : ان ربي أمرنى أن أعطيكم مما أفاء الله عليّ ، قال : أعطيتكم فدك.

١٦٣ ـ عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى فاطمة فدكا؟ قال : كان وقفها ، فأنزل الله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) فأعطاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حقها ، قلت : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها؟ قال : بل الله أعطاها.

١٦٤ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك ، قال : هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك ، قال : فأتت أم أيمن فقال لها : بم تشهدين؟ قالت : أشهد ان جبرئيل أتى محمدا فقال : ان الله يقول : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) فلم يدر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من هم ، فقال : يا جبرئيل سل ربك من هم؟ فقال : فاطمة ذوي القربى فأعطاها فدكا ، فزعموا ان عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر.

١٦٥ ـ عن أبي الطفيل عن على عليه‌السلام قال : قال يوم الشورى : أفيكم أحد تم نوره من السماء حين قال : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قالوا : لا.

١٦٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن على بن حديد عن منصور بن يونس عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : ولا تبذر تبذيرا قال : لا تبذر ولاية على.

١٦٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال : جاء رجل الى أبي عبد الله عليه‌السلام : فقال له عليه‌السلام : اتق الله ولا تسرف ولا تقتر ، ولكن بين ذلك قواما ، ان التبذير من الإسراف ، قال الله عزوجل : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً).

١٦٨ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) قال : من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر. ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد.

١٦٩ ـ عن ابى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في قوله : «ولا تبذر تبذيرا» قال بذر الرجل قال : ليس له مال قال : فيكون تبذيرا في حلال؟ قال : نعم.

١٥٦

١٧٠ ـ عن جميل عن اسحق بن عمار في قوله : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) قال : لا تبذر في ولاية على عليه‌السلام

١٧١ ـ عن بشر بن مروان قال : دخلنا على ابى عبد الله عليه‌السلام فدعى برطب فأقبل بعضهم يرمى النوى قال : فأمسك أبو عبد الله عليه‌السلام يده فقال : لا تفعل ان هذا من التبذير وان الله لا يحب الفساد.

١٧٢ ـ في مجمع البيان (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال لعناية كن زاملة للمؤمنين فان خير المطايا أمثلها وأسلمها ظهرا ولا تكن من المبذرين.

١٧٣ ـ و (إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) الآية وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لما نزلت هذه الآية إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطى قال : يرزقنا الله وإياكم من فضله.

١٧٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بعد ذكر فاطمة عليها‌السلام وما تلقى من الطحن.

كتاب الشيرازي : انها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام ولا ثياب ولو لا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت يا فاطمة انى لا أريد أن ينفك عنك أجرك الى الجارية ، وانى أخاف ان يخصمك على بن أبي طالب يوم القيمة بين يدي الله عزوجل إذا طلب حقه منك ، ثم علمها صلوة التسبيح فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : مضيت تريدين من رسول الله الدنيا فأعطانا الله ثواب الاخرة قال أبو هريرة : فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عند فاطمة أنزل الله على رسوله (: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) يعنى عن قرابتك وابنتك فاطمة «ابتغاء» يعنى طلب (رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) يعنى طلب رزق من ربك (تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) يعنى قولا حسنا فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليها جارية للخدمة وسماها فضة.

١٧٥ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها

١٥٧

كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً) محسورا قال : الإحسار الفاقة.

١٧٦ ـ على بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن عجلان قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فجاء سائل فقام الى مكتل (١) فيه تمر فملأ يده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثم جاء آخر فقال : الله رازقنا وإياك. ثم قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه ، فأرسلت اليه امرأة ابنا لها فقال : انطلق اليه فاسئله فان قال : ليس عندنا شيء ، فقل أعطني قميصك قال ، فأخذ قميصه فرمى به اليه ، وفي نسخة اخرى فأعطاه ، فأدبه الله تبارك وتعالى على القصد فقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).

١٧٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) فبسط كفه وفرق أصابعه وحناها شيئا (٢) وعن قوله تعالى ، (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) فبسط راحته وقال : هكذا وقال : القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شيء.

١٧٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ثم علم الله جل اسمه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف ينفق ، وذلك انه كانت عنده أوقية من الذهب فلم يكن عنده ما يعطيه ، فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله رحيما رقيقا ، فأدب الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمره فقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) يقول : ان الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال (٣).

__________________

(١) المكتل : زنبيل من خوص.

(٢) اى اعوجها يسيرا.

(٣) حسر الرجل : أعيا وكل وانقطع.

١٥٨

١٧٩ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن بعض أصحابه عنه قال : قال أبو جعفر لأبي عبد الله عليه‌السلام : يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما ، قال : وكيف ذلك يا أبه؟ قال : مثل قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٠ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) قال : فضم يده وقال : هكذا.

١٨١ ـ عن محمد بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) قال : الإحسار الإقتار.

١٨٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) فانه كان سبب نزولها ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده ، فجاء رجل فسأله فلم يحضره شيء ، فقال : يكون إنشاء الله ، فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعط قميصك وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يرد أحدا عما عنده ، فأعطاه قميصه ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) فنهاه الله عزوجل أن يبخل ويسرف ويقعد محسورا من الثياب ، فقال الصادق عليه‌السلام : المحسور العريان.

١٨٣ ـ في تهذيب الأحكام الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) قال : ضم يده فقال : هكذا (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) قال : بسط راحته وقال : هكذا. قال عز من قائل : (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) الآية.

١٨٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة ، فعدل فيها ليبتلى من أراد بميسورها ومعسورها ، وليختبر بذلك

١٥٩

الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.

١٨٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسن بن ميمون عن محمد بن صالح عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم بعث الله محمدا وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا أدخله الجنة بإقراره ، وهو ايمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك الا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك ان الله عزوجل أنزل في سورة بنى إسرائيل بمكة (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الى قوله : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف ، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء (١) مما نهى عنه ، وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها ، وقال : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً).

١٨٦ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عمار عن ابى إبراهيم قال : لا يملق حاج أبدا ، قلت : وما الاملاق؟ قال : قول الله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)

١٨٧ ـ عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحاج لا يملق أبدا قال :

__________________

(١) اجترح : اكتسب.

١٦٠