تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

عليهم‌السلام قال : دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدته يبكى بكاء شديدا ، فقلت : فداك أبي وأمى يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال : يا علي ليلة اسرى بى الى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن ورأيت امرأة معلقة بشعرة يغلي دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها ، والحميم يصير في حلقها ، ورأيت امرأة معلقة بثدييها ، ورأيت امرأة تأكل جسدها والنار توقد من تحتها ، ورأيت امرأة شد رجلاها الى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب ، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها (١) وبدنها متقطع من الجذام والبرص ، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار ، ورأيت امرأة يقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار ، ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعائها ، ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب ، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار (٢).

قالت فاطمة عليها‌السلام : حبيبي وقرة عيني! أخبرنى ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال : يا بنتي اما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطى شعرها من الرجال ، واما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها ، واما المعلقة بثدييها فانها كانت تمنع زوجها من فراشها ، واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها ، واما التي كانت تأكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس ، واما التي شد يداها الى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء ، قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلوة ، واما الصماء العمياء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها ، واما التي يقرض لحمها بالمقاريض فانها كانت تعرض نفسها على الرجال ، واما التي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعائها فانها كانت قوادة ، واما التي

__________________

(١) المنخر : الأنف ـ وقيل : ثقبه.

(٢) المقامع جمع المقمعة : العمود من حديد.

١٢١

كانت رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فانها كانت نمامة كذابة ، واما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت قينة (١) بوجه حاسدة (٢) ثم قال : ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها.

٢٨ ـ وباسناده الى الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدنى على درنوك (٣) من درانيك الجنة ، ثم ناولني سفرجلة ، فاذا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها ، فقالت : السلام عليك يا محمد قلت : من أنت؟ قالت : انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلثة أصناف : أسفلى من المسك ، ووسطى من كافور ، واعلاى من عنبر ، وعجنني من ماء الحيوان ، قال الجبار : كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك.

٢٩ ـ وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا ، رجلا له في المشرق ورجلا له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه ، فقلت : يا جبرئيل من هذا؟ قال : ملك الموت عليه‌السلام.

٣٠ ـ في كتاب الخصال عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء رأيت رحما معلقة بالعرش تشكوا رحما الى ربها ، قلت : كم بينها وبينها من أب؟ قال : يلتقي في أربعين أبا.

٣١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن على عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في وصية له : يا على انى رأيت اسمك مقرونا الى اسمى في أربعة مواطن فأنست بالنظر اليه ، انى لما بلغت بيت المقدس في معراجي الى السماء وجدت على الصخرة مكتوبا : لا اله الا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : من وزيري؟ قال : على بن أبى طالب عليه‌السلام ، فلما انتهيت الى سدرة المنتهى وجدت

__________________

(١) القينة : المغنية.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «نواحة حاسدة».

(٣) الدرنوك : ماله خمل من بساط أو ثوب ، والجمع درانيك.

١٢٢

مكتوبا عليها : انى انا الله لا اله الا أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : من وزيري؟ فقال : على بن أبى طالب عليه‌السلام ، فلما جاوزت السدرة انتهيت الى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه : انا الله لا اله الا انا وحدي ، محمد حبيبي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فلما رفعت رأسى نظرت على بطنان العرش مكتوبا : انا الله لا اله الا انا محمد عبدي ورسولي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

٣٢ ـ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أعطانى الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليا خمسا : اسرى بى اليه وفتح له أبواب السماء حتى نظر الى ما نظرت اليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى ربي جل جلاله أتانى النداء : يا محمد قلت : لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله الى يا محمد فيما اختصصت بالملإ الأعلى؟ فقلت : لا علم لي الهى فقال : يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ قلت : الهى ومن أتخذ؟ تخير أنت لي يا الهى ، فأوحى الله الى : يا محمد قد اخترت لك من الآدميين على بن أبى طالب فقلت : الهى ابن عمى؟ فأوحى الله الى : يا محمد ان عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيمة ، وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من مؤمني أمتك ، ثم أوحى الله الى يا محمد انى قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا أقول يا محمد ، لأدخلن جميع أمتك الجنة الا من أبى من خلقي ، فقلت : الهى هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله الى : بلى ، فقلت : وكيف يأبى؟ فأوحى الله الى : يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدك ، وألقيت محبته في قلبك ، وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حيوتك ، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة فخررت لله عزوجل ساجدا شكرا لما أنعم على فاذا مناد ينادى : ارفع رأسك واسئلنى أعطك ،

١٢٣

فقلت : الهى اجمع أمتي من بعدي على ولاية على بن أبى طالب ليردوا جميعا على حوضي يوم القيمة ، فأوحى الله الى : يا محمد انى قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم لأهلك [به] من أشاء وأهدى به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى ، لا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضنى ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد أحبك ، ومن أحبك فقد أحبنى قد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك ان اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلى خلفه عيسى بن مريم ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا (١) أنجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض ، فقلت : الهى ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله الى عزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل ، وكثر الغوا (٢) وقل العمل ، وكثر القتل وقل فقهاء الهادين ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ قبل قبورهم (٣) مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وصارت أمتك الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة ، وأعوانهم ظلمة ، وذووا الرأى منهم فسقة ، وعند ذلك ثلاث خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة بيد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج ، وخروج رجل من ولد الحسين بن على ، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور السفياني ، فقلت : الهى ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله الى وأخبرني ببلاء بنى امية وفتنة ولد عمى العباس وما يكون وما هو كائن الى يوم القيمة ، فأوصيت

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «كما ملئت ظلما وجورا» بدون لفظة «منهم» والظاهر انها زيادة من النساخ.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «وكثر القراء ... اه» والظاهر المناسب للسياق.

(٣) وفي المصدر «واتخذ أمتك قبورهم مساجد».

١٢٤

بذلك ابن عمى حين هبطت الأرض وأديت الرسالة والحمد لله على ذلك ، كما حمده النبيون وكما حمده كل نبي قبلي ، وما هو خالقه الى يوم القيمة.

٣٤ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن آبائه عن على عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول في آخره : وانه لما عرج بى الى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى ، ثم قال : نقدم يا محمد ، فقلت : يا جبرئيل أتقدم عليك؟ قال : نعم ، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين ، وفضلك خاصة ، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت الى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد ان هذا انتهاء حدى الذي وضعه الله لي في هذا المكان ، فان تجاوزته احترقت أجنحتى لتعدى حدود ربي جل جلاله ، فزج بى زجة (١) في النور حتى انتهيت الى حيث ما شاء الله عزوجل في ملكوته ، فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلى فتوكل فانك نوري في عبادي ، ورسولي الى خلقي ، وحجتي في بريتي ، لمن تبعك خلقت جنتي ، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري ، ولاوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي ، فقلت : يا رب ومن أوصيائى؟ فنوديت يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وانا بين يدي ربي الى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر ، مكتوب عليه اسم كل وصى من أوصيائى ، أولهم على بن أبى طالب وآخرهم مهدي أمتي ، فقلت يا رب أهؤلاء أوصيائى من بعدي؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليائى واحبائى وأصفيائى وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك ، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائى ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولا مدنه بملائكتى ، حتى

__________________

(١) زج بالشيء : رمى به. وفي المصدر «زخ بى زحة» بالخاء وهو أيضا بمعناه ، قال الجزري في النهاية : في الحديث : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار اى دفع ورمى.

١٢٥

تعلو دعوتي (١) ويجمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي الى يوم القيمة.

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلوة اذن جبرئيل ، وأقام الصلوة ، فقال : يا محمد تقدم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدم يا جبرئيل ، فقال له : انا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.

٣٦ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم عن أبى الحسن موسى عليه‌السلام قال : قلت : لأى علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده ويقال في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال : يا هشام ان الله تبارك وتعالى خلق السموات سبعا ، والأرض سبعا والحجب سبعا ، فلما اسرى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى ، رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يقول الكلمات التي يقال في الافتتاح فلما رفع له الثاني كبر ، فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب ، وكبر سبع تكبيرات ، فلذلك العلة يكبر للافتتاح في الصلوة سبع تكبيرات ، فلما ذكر ما راى من عظمة الله ارتعدت فرائصه (٢) فابترك على ركبتيه وأخذ يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر اليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده ، فلما قال سبع تكبيرات سكن ذلك الرعب ، فلذلك جرت به السنة.

٣٧ ـ وباسناده الى اسحق بن عمار قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : كيف صارت الصلوة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال : إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم ، ان أول صلوة صلاها رسول الله

__________________

(١) وفي المصدر «حتى يعلن عوتى».

(٢) الفريصة : لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.

١٢٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله ، وذلك انه لما اسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى ، قال : يا محمد ادن من صاد (١) فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك ، فدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى حيث أمره الله تبارك وتعالى فتوضأ وأسبغ وضوئه (٢) ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلوة ، ففعل فقال : يا محمد اقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الى آخرها» ففعل ذلك ثم أمره ان يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) ثم أمسك فيه القول فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) فقال : قل (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فأمسك عنه القول ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي كذلك الله ربي ، كذلك الله ربي ، فلما قال ذلك قال : اركع يا محمد لربك ، فركع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وهو راكع : سبحان ربي العظيم وبحمده ، ففعل ذلك ثلثا ، ثم قال : ارفع رأسك يا محمد ففعل رسول الله ، فقام منتصبا بين يدي الله عزوجل ، فقال : اسجد يا محمد لربك ، فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا فقال : قل : سبحان ربي الأعلى وبحمده ، ففعل ذلك رسول الله ثلثا ، فقال له : استو جالسا يا محمد ففعل ، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر امره ربه عزوجل فسبح أيضا ثلثا ، فقال : انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله ، فقال له : اقرأ يا محمد وافعل كما فعلت في الركعة الاولى ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية ، فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه عزوجل ، فسبح أيضا ثم قال له : ارفع رأسك ثبتك الله ، واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، و (أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد ،

__________________

(١) مر في حديث الكافي معناه وانه ماء يسيل من ساق العرش ، وسيأتى في آخر الحديث أيضا.

(٢) أسبغ فلان الوضوء : أبلغه مواضعه ووفى كل عضو حقه.

١٢٧

اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ففعل ، فقال : سلم يا محمد واستقبل (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه تبارك وتعالى مطرقا فقال : السلام ، فأجابه الجبار جل جلاله فقال : وعليك السلام يا محمد ، بنعمتي قويتك على طاعتي وبعصمتي إياك اتخذتك نبيا وحبيبا ، ثم قال أبو الحسن عليه‌السلام : وانما كانت الصلوة التي أمر بها ركعتين وسجدتين ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله انما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره [عظمة] ربه تبارك وتعالى ، فجعله الله عزوجل فرضا ، قلت : جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟ فقال : عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوة ، وهو ما قال الله عزوجل : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) انما امره أن يتوضأ ويقرء ويصلى.

٣٨ ـ أبى (ره) قال : حدثنا الحسين بن محمد العطار عن محمد بن الحسن الصفار ولم يحفظ اسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر ، فذهب السمك ليأخذها وذهب الدعموص (٢) ليأخذها ، فقالت السمكة : هي لي وقال الدعموص : هي لي ، فبعث الله عزوجل إليهما ملكا ليحكم بينهما فجعل نصفها للسمكة ، ونصفها للدعموص.

٣٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : لأي علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الآخرة وصلوة الغداة ، وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله عزوجل اليه الملائكة تصلى خلفه ، وأمر نبيه ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ، ثم فرض عليه العصر ولم يضف اليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفى القراءة ، لأنه لم يكن وراه أحد ، ثم فرض عليه المغرب وأضاف اليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب

__________________

(١) وفي المصدر «فقال : سلم يا محمد واستقبل فاستقبل رسول الله ... اه».

(٢) الدعموص : دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت.

١٢٨

الفجر نزل ففرض الله عزوجل عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها ، وصار التسبيح أفضل من القرائة في الأخيرتين لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزوجل فدهش ، فقال : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فلذلك صار التسبيح أفضل من القرائة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى الى السماء إذا انا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة وزبرجد ، وأعلاها ذهبة حمراء ، فقلت : يا جبرئيل ما هذه؟ فقال : هذا دينك أبيض واضح مضى ، قلت : وما هذه وسطها؟ قال : الجهاد ، قلت : فما هذه الذهبة الحمراء؟

قال : الهجرة ، وكذلك علا ايمان على عليه‌السلام على ايمان كل مؤمن.

٤١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى به جبرئيل الى مكان فخلى عنه ، فقال له : يا جبرئيل أتخلينى على هذه الحال؟ فقال : امضه فو الله لقد وطيت مكانا ما وطاه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبى جعفر الثاني عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله خلق الإسلام فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما عرصته فالقرآن واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فانه لما اسرى بى الى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل عليه‌السلام لأهل السماء استودع الله حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم في قلوب الملائكة ، فهو عندهم وديعة الى يوم القيمة ثم هبط بى الى الأرض فنسبني الى أهل الأرض ، فاستودع عزوجل حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي ، فمؤمنى أمتي يحفظون وديعتي الى يوم القيمة ، الا فلو ان رجلا من أمتي عبد الله عزوجل عمره أيام الدنيا ، ثم لقى الله عزوجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره الا عن نفاق.

١٢٩

٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة أو الفضيل عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلوة فأذن جبرئيل عليه‌السلام واقام فتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصف الملائكة والنبيون خلف محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٤ ـ محمد بن الحسن وعلى بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبد الله الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : يا هارون بن خارجة كم بينك وبين المسجد الكوفة يكون ميلا؟ قلت : لا قال : أفتصلي فيه الصلوة كلها؟ قلت : لا ، قال : أما لو كنت بحضرته لرجوت الا تفوتني فيه صلوة ، وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي الا وقد صلى في مسجد كوفان حتى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى الله به قال له جبرئيل عليه‌السلام : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان ، قال : فاستأذن لي ربي حتى آتيه فأصلي فيه ركعتين فاستأذن الله عزوجل فأذن له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : قال لي : يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت : جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله راى ربه في صورة شاب ، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم فقال : يا احمد ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله ان يرى ، وأردتم أنتم التشبيه؟ دع هذا يا أحمد ، لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.

٤٦ ـ وحدثني أبى عن حماد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها من خارجها ، وخارجها من داخلها ، من ضيائها ، وفيها بيتان من در وزبرجد ، فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال : هذا لمن أدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد

١٣٠

بالليل والناس نيام ، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧ ـ حدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من سبق الى بلى رسول الله ، وذلك انه كان أقرب الخلق الى الله تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل عليه‌السلام لما اسرى به الى السماء : تقدم يا محمد لقد وطأت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولو لا ان روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ، وكان من الله عزوجل كما قال الله (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) اى بل أدنى.

٤٨ ـ حدثني أبى عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأوحى اليه في على ما أوحى من شرفه ومن عظمته عند الله ، ورد الى البيت المعمور ، وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما أوحى اليه في على ، فأنزل الله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) يعنى الأنبياء ، فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) فقال الصادق عليه‌السلام : فو الله ما شك وما سأل.

٤٩ ـ وحدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبى عبيدة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها‌السلام ، فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عائشة انى لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فأدنانى جبرئيل عليه‌السلام من شجرة طوبى وناولني من ثمارها ، فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري ، فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها قط الا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.

٥٠ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن أبى حمزة الثمالي عن أبى الربيع قال : حججت مع أبى جعفر عليه‌السلام في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان

١٣١

معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فنظر نافع الى أبي جعفر عليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس؟ قال نبي أهل الكوفة محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب ، فقال : لآتينه فلا سألنه عن مسايل لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي ، قال : فاذهب اليه فاسئله لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكى على الناس فأشرف على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : يا محمد بن على انى قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيب فيها الا نبي أو وصى نبي أو ابن نبي ، فرفع أبو جعفر عليه‌السلام رأسه فقال : سل عما بدا لك فقال : كم كان بين عيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من سنة؟ قال : أخبرك بقولك أم بقولي؟ قال أخبرنى بالقولين جميعا ، فقال : اما في قولي فخمسمائة سنة واما في قولك فستمائة سنة ، قال : أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) من الذي سئل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام : هذه الآية (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) كان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث اسرى به الى البيت المقدس ، انه حشر الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل فاذن شفعا وأقام شفعا وقال في إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بالقوم ، فلما انصرف قال : سل يا محمد من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا : نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله ، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فقال نافع : صدقت يا با جعفر ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ وباسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت قيعان يقق (١) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من

__________________

(١) القيعان جمع القاع : أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. واليقق المتناهى في البياض وقد تكسر القاف.

١٣٢

فضة ولبنة من ذهب ، وربما أمسكوا فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت : فما نفقتكم؟ قالوا : قول المؤمن في الدنيا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فاذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا.

٥٢ ـ وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلنى الجنة وأجلسنى على درنوك من درانيك الجنة (١) فناولني سفر جلة فانفلقت نصفين ، فخرجت من بينهما حوراء ، فقامت بين يدي فقالت : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا رسول الله ، فقلت : وعليك السلام من أنت؟ قالت : انا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلثة أنواع ، أسفلى من المسك ، ووسطى من العنبر ، وأعلاى من الكافور ، وعجنت بماء الحيوان ، ثم قال جل ذكره لي : كوني ، فكنت لأخيك ووصيك على بن أبي طالب صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى العشاء الاخرة وصلى الفجر في الليلة التي اسرى به فيها بمكة.

٥٤ ـ عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : حدث أبو سعيد الخدري ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان جبرئيل قال لي (٢) ليلة اسرى بى وحين رجعت فقلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال : حاجتي ان تقرأ على خديجة من الله ومنى السلام ، وحدثنا عند ذلك انها قالت حين لقيها نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها الذي قال جبرئيل ، قالت : ان الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرئيل السلام. قال عز من قائل (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

٥٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة

__________________

(١) الدرنوك : ماله خمل من البساط ، وقد مر.

(٢) وفي البحار «أتانى» مكان «قال لي» وهو الظاهر.

١٣٣

ذاته ولا مقدور ، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور ، قال : قلت : فلم يزل الله متحركا؟ قال فقال : تعالى الله ان الحركة صفة محدثة بالفعل ، قال : قلت : فلم يزل الله متكلما؟ قال : فقال : ان الكلام صفة محدثة ليست بأزلية ، كان الله عزوجل ولا متكلم.

٥٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى ، وفيه : قال السائل فيقول : انه سميع بصير؟ قال : وهو سميع بصير سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ، ليس قولي : انه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه انه شيء والنفس شيء آخر ، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا ، وأقول يسمع بكله لا ان الكل له بعض ، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك الا الى انه السميع البصير ، العالم الخبير ، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى (١).

٥٧ ـ وفيه عن على عليه‌السلام حديث طويل وفيه كان ربا ولا مربوب : وإلها إذ لا مألوه ، عالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع ، سميع لا بآلة ، وبصير لا بأداة.

٥٨ ـ وعن الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به ، كما ان جزأنا الذي به نسمع لا يقوى على النظر به ، ولكن أخبر أنه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى ، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر كما انا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا اليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٥٩ ـ وباسناده الى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام ، انه قال له رجل وكيف سمى ربنا سميعا؟ قال : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولا نصفه (٢) بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون و

__________________

(١) «وفي أصول الكافي مثله سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) وفي المصدر «ولم نصفه» وهو الأوفق بحسب السياق.

١٣٤

شخص وغير ذلك ، ولم نصفه بلحظ العين (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠ ـ وباسناده الى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق انه يسمع بغير الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال : فقال : كذبوا وألحدوا وشبهوا ، تعالى الله عن ذلك ، انه سميع بصير يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع ، قال : قلت : يزعمون انه بصير على ما يعقلونه؟ قال : فقال : تعالى الله انما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك.

٦١ ـ وباسناده الى حماد بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : لم يزل الله يعلم؟ قال : انى يكون يعلم ولا معلوم ، قال : قلت : فلم يزل الله يسمع؟ قال : انى يكون ذلك ولا مسموع ، قال : قلت : فلم يزل يبصر؟ قال : اين يكون ذلك ولا مبصر ثم قال : لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة.

٦٢ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وقلنا انه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش الى الثرى من الذرة الى أكبر منها في برها وبحرها ، ولا تشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند ذلك سميع لا بأذن ، وقلنا انه بصير لا ببصر لأنه يرى أثر الذرة السمحاء (٢) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء ، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجية (٣) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها ، فقلنا عند ذلك انه بصير لا كبصر خلقه.

٦٣ ـ وباسناده الى الحسين بن خالد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل عليما قادرا جبارا قديما سميعا بصيرا ، فقلت له : يا بن رسول الله ان أقواما يقولون لم يزل الله عالما بعلم ، وقادرا بقدرة وحيا بحيوة ، وسميعا بسمع ، وبصيرا ببصر

__________________

(١) وفي المصدر «ولم نصفه بنظر لحظ العين».

(٢) السمحاء : السوداء.

(٣) الدجية : المظلمة.

١٣٥

فقال عليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى ، وليس من ولايتنا على شيء ، ثم قال عليه‌السلام لم يزل الله عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام بصيرا إذ لا منظور اليه من خلقه.

٦٥ ـ وفيه قال عليه‌السلام : وكل سميع غيره بصير عن لطيف الأصوات ، ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام.

٦٦ ـ وفيه والسميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة (١).

٦٧ ـ وفيه بصير لا يوصف بالحاسة.

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) يقول : الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح ، قال الله في كتابه : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال أيضا : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).

٦٩ ـ حدثني أبي [عن ابن أبي عمير] عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول : أمسيت أشهد انه ما أمسى بى من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له ، له الحمد على [بها] والشكر كثيرا فأنزل الله عزوجل : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً).

٧٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عنه حفص بن البختري انه قال : كان نوح عليه‌السلام يقول : إذا أصبح وأمسى : اللهم انى أشهدك انه ما أصبح وأمسى من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها على حتى ترضى وبعد الرضا ، يقولها إذا أصبح عشرا ، وإذا أمسى عشرا فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن

__________________

(١) وفي بعض نسخ النهج «والبصير بلا تفريق آلة».

١٣٦

أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : فما عنى بقوله في نوح (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)؟ قال : كلمات بالغ فيهن ، قلت : وما هن؟ قال : كان إذا أصبح قال : أصبحت أشهدك ما أصبحت بى من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فانها منك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد على ذلك ، ولك الشكر كثيرا ، كان يقولها إذا أصبح ثلثا وإذا أمسى ثلثا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فانزل الله سبحانه : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى).

٧٣ ـ عن ابن ابى عمير عن ابن رئاب عن اسمعيل بن الفضل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات : اللهم ما أصبحت بى من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر على يا رب حتى ترضى وبعد الرضا فانك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٧٤ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا أبي رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان نوحا انما سمى عبدا شكورا لأنه كان يقول إذا أصبح وأمسى : اللهم انى أشهدك انه ما أصبح وامسى بى من نعمة لي وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك. لك الحمد ولك الشكر بها حتى ترضى إلهنا.

٧٥ ـ ابى (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) قال : انه كان يقول إذا أصبح وامسى : أصبحت وربي محمود ، أصبحت

١٣٧

لا أشرك به شيئا ولا ادعو مع الله إلها آخر ، ولا اتخذ من دونه وليا ، فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (كانَ عَبْداً شَكُوراً) قال : كان إذا أمسى وأصبح يقول : أمسيت أشهد انه ما أمست بى من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له ، له الحمد بها والشكر كثيرا.

٧٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) قال : قتل علي بن أبي طالب وطعن الحسن عليه‌السلام و (لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قال : قتل الحسين عليه‌السلام (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) فاذا جاء نصر دم الحسين بعثنا (عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الا قتلوه وكان وعد الله مفعولا خروج القائم عليه‌السلام (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) خروج الحسين عليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان المؤدون الى الناس ان هذا الحسين قد خرج لا يشك المؤمنون فيه وانه ليس بدجال ولا شيطان ، والحجة القائم بين أظهرهم ، فاذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين انه الحسين عليه‌السلام جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن على عليه‌السلام ، ولا يلي الوصي الا الوصي.

٧٨ ـ وفي تفسير العياشي بعد أن نقل هذا الحديث الى آخره قال : وزاد إبراهيم في حديثه : ثم يملكهم الحسين عليه‌السلام حتى يقع حاجباه على عينيه.

٧٩ ـ في مجمع البيان وقراءة علي عليه‌السلام «عبيدا لنا».

٨٠ ـ في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان يقرء :

(بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ثم قال : وهو القائم وأصحابه (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ).

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وخاطب الله امة محمد فقال : (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) يعنى فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) يعنى

١٣٨

ما ادعوه من الخلافة (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) يعنى يوم الجمل (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) اى طلبوكم وقتلوكم (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) يتم ويكون (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) يعنى لبني امية على آل محمد (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ َفِيراً) من الحسن والحسين إبني علي عليهم‌السلام وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد.

٨٢ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته : ايها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تشغر برجلها (١) فتنة شرقية تطأ في خطامها (٢) ملعون ناعقها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها (٣) فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دجلة أو حولها ، لا مأوى يكنها (٤) ولا أحد يرحمها ، فاذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وبأى واد سلك ، فعندها توقعوا الفرج ، وهو تأويل هذه الاية (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) والذي فلق الحبة وبرىء النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتى يولد لصلبه ألف ذكر ، آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل ، عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم (٥) الآفات والشبهات.

٨٣ ـ عن رفاعة بن موسى قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان أول من يكر

__________________

(١) اى ترفع برجلها ، قيل : كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدر ، أو هو كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها.

(٢) الخطام ـ ككتاب ـ : كلما يجعل في أنف البعير ليقتاد به.

(٣) قال المجلسي (ره) : ولعل المعنى من يتحرز من إنكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه «انتهى» وفي بعض النسخ «المتحرض» بالضاد ولعله الأنسب بحسب السياق ، ثم قال المجلسي (ره) : وساير الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته والمقصود واضح.

(٤) اى يسترها.

(٥) وفي المصدر «عنهم الآفات ... اه».

١٣٩

الى الدنيا الحسين بن على عليهما‌السلام ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة (١) ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).

٨٤ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن الحسين بن على بن فضال عن أبيه قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) قال ، (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) رب يغفر لها ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصلا بآخر تفسيره المتقدم اعنى قوله : وسبوا نساء آل محمد (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) «يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه ليسوؤا وجوهكم» يعنى يسود وجوههم و (لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه وأمير المؤمنين صلوات الله عليه و (لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) اى يعلو عليكم فيقتلوكم ، ثم عطف على آل محمد عليه وعليهم‌السلام فقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) اى ينصركم على عدو كم ثم خاطب بنى امية فقال و (إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعنى ان عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم و (جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) اى حبسا يحصرون فيها ، ثم قال عزوجل : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي) اى يبين (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً).

٨٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال : يهدى الى الامام.

٨٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن

__________________

(١) القذة : ريش السهم ، وهذا القول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان ، وقد تكرر ذكره في الحديث.

١٤٠