تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

فقام وسلم ثم قال : يا سلمان قم وسلم على على بامرة المؤمنين فقام وسلم ، حتى إذا خرجا وهما يقولان : لا والله لا نسلم له ما قال أبدا فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) بقولكم من الله أو من رسوله (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ) يكون امة هي ازكى من امة قال : قلت : جعلت فداك انما نقرأها (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) فقال : ويحك يا زيد وما أربى ان يكون والله أزكى من أئمتكم (١) انما يبلو كم الله به يعنى عليا (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) بعد ما سلمتم على على عليه‌السلام بامرة المؤمنين (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى عليا (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين (٢) عن محمد بن اسمعيل عن منصور ابن يونس عن زيد بن الجهم الهلالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لما أنزلت ولاية على بن أبي طالب وكان من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سلموا على على بامرة المؤمنين فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما ، قوما فسلما عليه بامرة المؤمنين ، فقالا : أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من الله ومن رسوله ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) يعنى به قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما وقولهما : أمن الله أو من رسوله (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ) ازكى من أئمتكم» قال : قلت : جعلت فداك أئمة؟ قال : اى والله أئمة ، قلت : فانا نقرء أربى؟ قال : ما أربى وأومى بيده فطرحها ، (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) يعنى بعلى عليه‌السلام

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «ما اربى ان يكون والله كى ازكى من أئمتكم».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين ... اه».

٨١

(وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) يعنى بعد مقالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في على عليه‌السلام (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى به على عليه‌السلام (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) فانه حدثني أبى رفعه قال : قال ابو عبد الله : لما نزلت الولاية وكان من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم سلموا على علي عليه‌السلام بامرة المؤمنين فقالا : من الله ومن رسوله؟ فقال لهما : نعم حقا من الله ومن رسوله ، انه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيمة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة ، ويدخل أعدائه النار ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) يعنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الله ومن رسوله ، ثم ضرب لهم مثلا فقال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ).

٢١٠ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : التي نقضت غزلها امرأة من بنى تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن لوى بن غالب ، كانت حمقاء تغزل الشعر ، فاذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته ، فقال الله : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) قال : ان الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد ، فضرب لهم مثلا.

رجع الى رواية على بن إبراهيم في قوله : «ان تكون أئمة هي ازكى من أئمتكم» فقيل : يا ابن رسول الله نحن نقرأ (هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) قال : ويحك وما أربى وأومى بيده بطرحها (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) يعنى بعلى بن أبى طالب يختبر كم (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) قال على مذهب واحد وأمر واحد (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) قال : يعذب بنقض العهد (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) قال : يثيب (وَلَتُسْئَلُنَ

٨٢

عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

قوله : (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) قال هو : مثل لأمير المؤمنين عليه‌السلام (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) يعنى بعد مقالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى عن على (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢١١ ـ في تفسير العياشي متصلا بآخر ما سبق عنه اعنى قوله : (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه قال : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ) قوة بعد أنكاثا» عائشة هي نكثت ايمانها.

٢١٢ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس : ان رجلا من حضرموت يقال له عبدان ـ الاشرع قال : يا رسول الله ان امرء القيس الكندي جاورني في أرضى فاقتطع من أرضى (١) فذهب بها منى والقوم يعلمون انى لصادق لكنه أكرم عليهم منى ، فسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرء القيس عنه فقال : لا أدرى ما يقول ، فأمره أن يحلف ، فقال عبدان : انه فاجر لا يبالي أن يحلف ، فقال : ان لم يكن لك شهود فخذ يمينه ، فلما قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزل قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) الآيتان فلما قرأهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال امرء القيس : اما ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول ، لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضى ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرها ، فنزل فيه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً) الآية.

٢١٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قيل له : ان أبا الخطاب يذكر عنك انك قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت ، قال : لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت هكذا ، ولكني قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك ، ان الله عزوجل يقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) ويقول تبارك وتعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً).

٢١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)

__________________

(١) اقتطع من ماله قطعة : أخذ منه شيئا.

٨٣

قال : القنوع بما رزقه الله.

٢١٥ ـ في نهج البلاغة وسئل عن قول الله تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)؟ فقال : هي القناعة.

٢١٦ ـ في مجمع البيان (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) فيه أقوال الى قوله : «ثانيها» انها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى وروى ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢١٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن على بن الحسن بن على عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : أول كل كتاب نزل من السماء (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فاذا قرأت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلا تبالي الا تستعيذ ، وإذا قرأت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ستر بك فيما بين السماء والأرض.

٢١٨ ـ في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) الى آخر السورة.

٢١٩ ـ في عوالي اللئالى وروى عن عبد الله بن مسعود قال : قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : وأعوذ بالله السميع العليم فقال لي : يا ابن أم عبد قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل.

٢٢٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام المغرب قال : فتعوذ بإجهار : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون» ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢١ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن على بن محبوب عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام فتعوذ بإجهار ، ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢٢ ـ في عيون الاخبار حديث طويل عن موسى بن جعفر عليه‌السلام وقد قال له

٨٤

هارون الرشيد : كيف قلتم : انا ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والنبي لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ) الآية.

٢٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فأوحى الى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.

٢٢٤ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) الآية.

٢٢٥ ـ عن سماعة عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) (١) (بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، وقال : ان الرجيم أخبث الشياطين ، قال : قلت له : لم سمى الرجيم؟ قال : لأنه يرجم ، قلت : فانفلت منها شيء (٢) قال : لا ، قلت فكيف : سمى الرجيم ولم يرجم بعد؟ قال : يكون في العلم انه رجيم.

٢٢٦ ـ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟ قال : نعم ، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر ان الرجيم أخبث الشياطين ، فقلت له : لم سمى الرجيم؟ قال : لأنه يرجم ، فقلت : هل ينفلت شيئا إذا رجم؟ قال : لا ولكن يكون في العلم انه رجيم.

٢٢٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : سمعت أبا الحسن على بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : معنى الرجيم انه مرجوم باللعن ، مطرود من الخير ، لا يذكره مؤمن الا لعنه وان في علم السابق إذا خرج القائم عليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه الا رجمه بالحجارة ، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

٢٢٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل : فقارى القرآن

__________________

(١) وفي المصدر «أستعيذ بالله السميع العليم ... اه».

(٢) انفلت : نجا وتخلص.

٨٥

يحتاج الى ثلثة أشياء : قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال ، فاذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).

٢٢٣ ـ في مجمع البيان والاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف في الصلوة وخارج الصلوة.

٢٢٤ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد ـ الرحمان عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فقال : يا با محمد يسلط الله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه ، وقد سلط على أيوب عليه‌السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه ، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم ، قلت قوله عزوجل : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) قال : الذين هم بالله مشركون ، يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.

٢٢٥ ـ في تفسير العياشي عن حماد بن عيسى رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) قال ليس له أن يزيلهم عن الولاية ، فاما الذنوب وأشباه ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم.

٢٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) قال : كان إذا نسخت آية قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مفتر فرد الله عليهم ، فقال : قل لهم يا محمد (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) يعنى جبرئيل ليثبت الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).

٢٢٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (رُوحُ الْقُدُسِ) قال : هو جبرئيل ، والقدس الطاهر (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) هم آل محمد (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).

٨٦

٢٢٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب اليه منها ، وليست بأكرم خلقه عليه ، فاذا أراد أمرا ألقاه إليها ، فألقاه الى النجوم فجرت به.

٢٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ) وهو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمى اللسان وكان قد اتبع نبي الله وآمن به ، وكان من أهل الكتاب ، فقالت قريش : هذا والله يعلم محمدا علمه بلسانه ، يقول الله : (وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ).

٢٣٠ ـ في مجمع البيان وقال عبيد الله بن مسلم : كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم أحدهما يسار واسم الآخر خير (١) كانا صقلبيين يقرآن كتابا لهما بلسانهم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما ، فقالوا : انما يتعلم منهما.

٢٣١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى داود بن القاسم قال : سمعت على بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : من شبه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن وصفه بالمكان فهو كافر ، ومن نسب اليه ما نهى عنه فهو كاذب ، ثم تلا هذه الآية (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ).

٢٣٢ ـ في تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام انه ذكر رجلا كذابا ثم قال : فقال الله : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).

٢٣٣ ـ عن معمر بن يحيى بن سالم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ، ان أهل الكوفة يروون عن على عليه‌السلام انه قال : ستدعون الى سبى والبراءة منى ، فان دعيتم الى سبى فسبوني وان دعيتم الى البراءة منى فلا تتبرؤا منى فانى على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : ما أكثر ما يكذبون على عليه‌السلام انما قال انكم ستدعون الى سبى والبراءة منى ، فان دعيتم الى سبى فسبوني وان دعيتم الى البراءة منى فانى على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يقل فلا تتبرؤا منى ، قال : قلت : جعلت فداك فان أراد الرجل يمضى على القتل ولا يتبرأ؟ فقال : لا والله [الا]

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ «حنتر».

٨٧

على الذي مضى عليه عمار ، ان الله يقول : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)

٢٣٣ ـ عن ابى بكر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال بعضنا : مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من على؟ فقال : الرخصة أحب الى أما سمعت قول الله في عمار : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٤ ـ عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته فقلت له : ان الضحاك (١) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى الى البراءة من على فكيف نصنع! قال : فابرء منه ، قال : قلت : أى شيء أحب إليك؟ قال : أن يمضون على ما مضى عليه عمار بن ياسر ، أخذ بمكة فقالوا له : أبرء من رسول الله فبرأ منه ، فأنزل الله عذره (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد : قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : فاما ما فرض الله على القلب من الايمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا ، والتسليم بان لا اله الا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وان محمدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله ، وهو قول الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) وقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فذلك ما فرض الله عزوجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣٦ ـ ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أوصنى فقال : لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت ، الا وقلبك مطمئن بالايمان ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) هو ضحاك بن قيس الشيباني الخارج بالكوفة سنة ١٢٧ في خلافة مروان والمقتول بكفرثوثا سنة ١٢٨ وقيل انه قتل سنة ١٢٩ ورأى رأى الخوارج والحرورية.

٨٨

٢٣٧ ـ على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام ان الناس يروون ان عليا قال على منبر الكوفة : ايها الناس انكم ستدعون الى سبى فسبوني ثم تدعون الى البرائة منى فلا تتبرؤا منى؟ فقال : ما أكثر ما يكذب الناس على على عليه‌السلام ثم قال : انما قال : انكم ستدعون الى سبى فسبوني ، ثم تدعون الى البرائة مني وانى لعلى دين محمد ولم يقل : فلا تتبرؤا منى ، فقال له السائل : أرأيت ان اختار القتل دون البرائة؟ فقال : والله ما ذلك عليه وما له الا ما مضى عليه عمار بن ياسر ، حيث أكرهه أهل مكة و (قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) ، فأنزل الله عزوجل (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عندها : يا عمار ان عادوا فعد فقد أنزل الله عزوجل عذرك وأمرك أن تعودان عادوا.

٢٣٨ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مروان قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ما منع ميثم رحمه‌الله من التقية؟ فو الله لقد علم ان هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال : حدثني عمرو بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع عن أمتي أربع خصال : خطاؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا ، وذلك قول الله عزوجل : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) وقوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٤٠ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية : وفرض الله على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) الآية.

٢٤١ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان التقية ترس المؤمن ولا ايمان لمن لا تقية له ، قلت : جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى :

٨٩

(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) قال : وهل التقية الا هذا؟

٢٤٢ ـ في مجمع البيان قيل نزل قوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) في جماعة أكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وامه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وامه ، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه ، ثم أخبر بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال قوم : كفر عمار فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلا ان عمارا مليء ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه ، وجاء عمار الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكى فقال عليه‌السلام : ما وراك؟ قال : شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح عينيه ويقول : ان عادوا لك فعدلهم بما قلت ، فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة.

٢٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مقر بالايمان ، قوله : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن بنى لوى يقول الله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ). ذلك بان الله ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم و (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) هكذا في قراءة ابن مسعود هذا كله في عبد الله بن سعد بن ابى سرح كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر.

٢٤٤ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يدعو أصحابه فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه اليه ، ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).

٢٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) قوله : و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا

٩٠

يَصْنَعُونَ) قال : نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان (١) وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير ، وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هذا ألين ، فكفروا بأنعم الله واستخفوا بنعمة الله ، فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتى أحوجهم الله الى ما كانوا يستنجون به حتى كانوا يتقاسمون عليه.

٢٤٦ ـ في محاسن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا الى النقي (٣) وصنعوا منه كهيئة الأفهار فجعلوه في مذاهبهم (٤) فأخذ هم الله بالسنين فعمدوا الى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن ، فبعث الله على ما في الخزائن ما أفسده حتى احتاجوا الى ما كان يستطيبون به في مذاهبهم ، فجعلوا يغسلونه ويأكلونه.

وفي حديث أبي بصير قال : نزلت فيهم هذه الآية : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الى آخر الآية.

٢٤٧ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان قوما في بنى إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا الى التماثيل يبيعونها ويأكلونها ، وهو قول الله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).

٢٤٨ ـ عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبي يكره أن يمسح

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «الثرثار» مكان «البليان». في الموضعين وهو الظاهر.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر (باب فضل الخبز ...) «عن محمد بن سنان عن عيينة».

(٣) النقي ـ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء ـ : الخبز المعمول من الباب الدقيق.

(٤) الأفهار جمع الفهر : الحجر ملاء الكف. والمذاهب جمع المذهب : المتوضأ وفي بعض النسخ «مناهيهم» بدل «مذاهبهم».

٩١

يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيما له الا أن يمصها ، أو يكون الى جانبه صبي فيمصها ، قال : فانى أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم ، ثم قال : ان أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا الى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة قال عليه‌السلام : فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله الا أكلته من شجر أو غيره ، فبلغ بهم الجهد الى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به ، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الى قوله : (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).

٢٤٩ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن على بن محمد بن سعد عن محمد بن مسلم عن اسحق بن موسى قال : حدثني أخي وعمى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ثلثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم ، مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه ، ومجلسا ذكر أعدائنا فبه جديد وذكرنا فيه رث ، ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم ، قال : ثم تلا أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلث آيات من كتاب الله كأنما كن فيه أو قال كفه (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد محمد بن أحمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه في جامعه وحدثنا به محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال حدثني عبد الرحمان بن أبى نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال : كتب أبو عبد الله عليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين : إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عزوجل عنها كان خارجا من الايمان ، وساقطا عنه اسم الايمان ، وثابتا عليه اسم الإسلام ، فان تاب واستغفر عاد الى الايمان ولم يخرجه الى الكفر والجحود والاستحلال ، فاذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك ، فعندنا

٩٢

يكون خارجا من الايمان والإسلام الى الكفر ، وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم ، فضربت عنقه وصار الى النار ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال عزوجل : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) قال : هو ما كانت اليهود تقول : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا).

٢٥٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه : ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.

٢٥٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام وقال بعده وبهذا الأسناد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : والامة واحدة فصاعدا كما قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) يقول : مطيعا لله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٤ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام عن قول الله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) قال : شيء فضل الله به.

٢٥٥ ـ قال أبو بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) قال : سماه الله امة.

٢٥٦ ـ يونس بن ظبيان عنه (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً) امة واحدة.

٢٥٧ ـ عن سماعة بن مهران قال : سمعت عبدا صالحا (١) يقول : لقد كانت الدنيا وما [كان] فيها الا واحد يعبد الله ، ولو كان معه غيره إذا لأضافه اليه حيث يقول : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فصبر بذلك ما شاء الله ثم ان الله

__________________

(١) وفي المصدر «العبد الصالح» بدل «عبدا صالحا».

٩٣

آنسه بإسماعيل واسحق فصاروا ثلثة.

٢٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) وذلك انه على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان امة واحدة ، واما قانتا فالمطيع ، واما الحنيف فالمسلم ، (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : الى الطريق الواضح.

٢٥٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء ، لأنه المنهج الأوضح ، قال الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) فلو كان لدين الله تعالى سلك أقوم من الاقتداء لندب أوليائه وأنبيائه اليه.

٢٦٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله ابن سليمان الصيرفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ثم قال : أنتم والله على دين إبراهيم ومنهاجه ، وأنتم أولى الناس ، أنتم على ديني ودين آبائي.

٢٦١ ـ عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن اسحق بن عمار عن عباد ابن زياد قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم.

٢٦٢ ـ في تفسير العياشي عن عمر بن أبي ميثم قال : سمعت الحسين بن على صلوات الله عليه يقول : ما أحد على ملة إبراهيم الا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء.

٢٦٣ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما أبقت الحنيفية شيئا حتى ان منها قص الشارب والأظفار ، والأخذ من الشارب والختان.

٢٦٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فأخبر انه تبارك وتعالى أول من دعا الى نفسه ودعا الى طاعته واتباع امره ، فبدء بنفسه وقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم ثنى برسوله فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ

٩٤

رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعنى بالقرآن.

٢٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه. قوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال : بالقرآن.

٢٦٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد العسكري عليه‌السلام : ذكر عند الصادق عليه‌السلام الجدال في الدين وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام نهوا عنه فقال الصادق عليه‌السلام : لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا ، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما امر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت ، وإحياؤه له ، فقال الله حاكيا عنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال الله في الرد عليه : «قل ـ يا محمد ـ (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وستقف إنشاء الله على تتمة لهذا الكلام في العنكبوت عند قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ) الآية.

٢٦٧ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٢٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم أحد : من له علم بعمى حمزة؟ فقال الحارث بن الصمت (١) : أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة ، فكره أن يرجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبره ، فقال رسول الله لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا على أطلب عمك فجاء على عليه‌السلام فوقف على حمزة فكره أن يرجع اليه ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى وقف عليه ، فلما رأى ما فعل به بكى ثم

__________________

(١) وفي بعض الكتب «الحارث بن الصمة».

٩٥

قال : ما وقفت موقفا قط أغلظ على من هذا المكان ، لئن أمكننى الله من قريش لأقتلن سبعين رجلا منهم ، فنزل عليه جبرئيل فقال : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) فاصبر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اصبر.

٢٦٩ ـ في تفسير العياشي عن الحسين بن حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال : اللهم لك الحمد وإليك المشتكى ، وانك المستعان (١) على ما أرى ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن ظفرت لأمثلن ولأمثلن ، قال : فأنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر أصبر.

__________________

(١) وفي المصدر «وأنت المستعان ... اه».

٩٦

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السالم قال : من قرأ سورة بنى إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم ويكون من أصحابه. في مجمع البيان وتفسير العياشي عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة بنى إسرائيل وذكر الى آخر ما في كتاب ثواب الأعمال.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من قرء سورة بنى إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطى في الجنة قنطارين من الأجر ، والقنطار ألف أوقية ومأتا أوقية ، والاوقية منها خير من الدنيا وما فيها.

٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله سبحان : فقال أنفة الله (١) وفي رواية اخرى عن هشام عنه مثله.

٤ ـ عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال : ذلك في السماء اليه اسرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : ان الناس يقولون انه بيت المقدس؟ فقال : مسجد الكوفة أفضل منه.

٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن سيار عن أبي مالك الأزدي عن اسمعيل الجعفي قال : كنت في المسجد قاعدا وابو جعفر عليه‌السلام في ناحية ، فرفع رأسه فنظر الى السماء مرة والى الكعبة مرة ، ثم قال

__________________

(١) قال الطريحي (ره) : وفي الحديث : سئلته عن سبحان الله؟ فقال : أنفة هو كقصبة اى تنزيه لله تعالى ، كما ان سبحان تنزيه ، قال بعض الشارحين : الانفة في الأصل الضرب على الأنف ليرجع ثم استعمل لتبعيد الأشياء ، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.

٩٧

(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) وكرر ذلك ثلث مرات ، ثم التفت الى فقال : أى شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قلت : يقولون : اسرى به من المسجد الحرام الى البيت المقدس ، فقال : ليس كما يقولون ، ولكنه اسرى به من هذه الى هذه وأشار بيده الى السماء ، وقال : ما بينهما حرم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن ابن عباس قال : قالت اليهود للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : موسى خير منك قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولم؟ قالوا : لان الله عزوجل كلمه أربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشيء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك ، قالوا : وما ذاك؟ قال : قوله عزوجل : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) وحملت على جناح جبرئيل عليه‌السلام حتى انتهيت الى السماء السابعة ، فجاوزت (سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) ، حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش : (إِنِّي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) الرءوف الرحيم ، ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني ، فهذا أفضل من ذلك ، فقالت اليهود : صدقت يا محمد وهو مكتوب في التورية ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عرج بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مأة وعشرين مرة ، ما من مرة الا وقد أوصى الله تعالى فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية لعلى والائمة من ولده عليهم‌السلام أكثر مما أوصاه بالفرايض.

٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن على بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه‌السلام وانا حاضر فقال : جعلت فداك وكم عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال : مرتين ، فأوقفه جبرئيل عليه‌السلام موقفا فقال له : مكانك يا محمد ، فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ان ربك يصلى ، فقال : يا جبرئيل فكيف يصلى؟ قال : يقول

٩٨

سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى ، فقال : اللهم عفوك عفوك قال : وكان كما قال الله : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فقال له أبو بصير : جعلت فداك ما (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)؟ قال : ما بين سيتها (١) الى رأسها ، فقال : كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق (٢) ولا أعلمه الا وقد قال زبرجد ، فنظر في مثل سم الإبرة (٣) الى ما شاء الله من نور العظمة ، فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، قال : لبيك ربي قال : من لامتك من بعدك؟ قال الله أعلم قال : على بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين ، قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام لأبي بصير : يا با محمد والله ما جاءت ولاية على من الأرض ، ولكن جاءت من السماء مشافهة.

٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال : سألت زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال : تعالى عن ذلك ، قلت : فلم اسرى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء؟ قال : ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ وباسناده الى أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن جده عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دفع الى على عليه‌السلام لما حضرته الوفاة القميص الذي اسرى به فيه.

١١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : لأى علة عرج الله عزوجل نبيه الى السماء ومنها الى سدرة المنتهى ومنها الى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقال عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان ، ولكنه عزوجل أراد أن يشرف ملائكته وسكان سمواته ويكرمهم بمشاهدته ويريد من عجائب عظمته ما يخبر به

__________________

(١) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة : ما عطف من طرفيها.

(٢) اى يتحرك ويضطرب.

(٣) سم الإبرة : ثقبها.

٩٩

بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

١٢ ـ في روضة الكافي أبان عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أتى جبرئيل عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار ، مضطرب الأذنين ، عينيه في حافره وخطاه مد بصره ، فاذا انتهى الى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فاذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه ، أهدب العرف الأيمن (١) له جناحان من خلفه.

١٣ ـ في عيون الاخبار باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة ، ليست بالقصير ولا بالطويل ، فلو ان الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة ، وهي أحسن الدواب لونا.

١٤ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بالبراق ومعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، قال : فأمسك له واحد بالركاب ، وأمسك الآخر باللجام ، وسوى عليه الآخر ثيابه ، فلما ركبها تضعضعت فلطمها جبرئيل عليه‌السلام فقال لها : قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله ، ولا يركبك أحد مثله بعده ، الا انه تضعضعت عليه.

١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وروى الصادق عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بينا أنا راقد بالأبطح وعلى عليه‌السلام عن يميني وجعفر عن يساري ، وحمزة بين يدي ، وإذا أنا بحفيف (٢) أجنحة الملائكة وقائل يقول : الى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال : الى هذا وأشار الى ، وهو سيد ولد آدم وهذا وصيه ووزيره وخليفته في أمته ، وهذا عمه سيد الشهداء حمزة ، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة ، دعه فلتنم عيناه ولتسمع أذناه وليعى قلبه ، واضربوا له مثلا : ملك بنى دارا ، واتخذ مائدة (٣) وبعث داعيا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الملك الله والدار الدنيا ، والمائدة الجنة

__________________

(١) اى طويلة وكان مرسلا في جانب الأيمن.

(٢) الحفيف : الصوت.

(٣) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «مأدبة» مكان «مائدة» في الموضعين المأدبة : طعام صنع لدعوة أو عرس.

١٠٠