تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ويذكر الحج ، فقال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو أحد الجهادين ، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء ، أما انه ليس شيء أفضل من الحج الا الصلوة ، وفي الحج هاهنا صلوة ، وليس في الصلوة قبلكم حج ، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه ، أما ترى انه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك (١) وتمتنع فيه من النظر الى النساء ، وانا نحن هاهنا ونحن قريب ، ولنا مياه متصلة ، ما نبلغ الحج حتى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد ، وما من ملك ولا سوقة (٢) يصل الى الحج الا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها ، وذلك قوله عزوجل : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).

ـ في كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء

١٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أحد هما عليهما‌السلام قال : سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها ، فقلت : أليس لحمها حلال؟ قال : فقال : أليس قد بين الله لكم : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) وقال في الخيل : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) فجعل الاكل من الانعام التي قص الله في الكتاب ، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها (٣)

١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب ، فصعد

__________________

(١) شعث رأسه : تفرق شعره وجلده. والقشف ـ محركة ـ : رثاثة الهيئة وسوء الحال ورجل قشف ـ ككتف ـ : لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

(٢) السوقة الرعية يستوي فيه الواحد والجمع والمذكور والمؤنث.

(٣) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا : كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.

٤١

إبراهيم واسمعيل عليهما‌السلام على جبل جياد ثم صاحا : ألا هلا (١) قال : فما بقي فرس الا أعطاهما بيده ، وأمكن من ناصيته.

١٨ ـ عنه عن على بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيمة.

١٩ ـ عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الخير كله معقود في نواصي الخيل الى يوم القيمة.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبدوس بن أبي عبيدة قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : أول من ركب الخيل اسمعيل ، وكانت وحشية لم تركب ، فحشرها الله عزوجل على اسمعيل من جبل منى ، وانما سميت الخيل العراب ، لان أول من ركبها اسمعيل.

٢١ ـ في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال : بلغني ان الله تعالى خلق الخيل من أربعة أشياء ، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا ، ومن النار ، ومن دموع ملك يقال له إبراهيم ، ومن بين طيبة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع وباسناده الى محمد بن يعقوب عن على بن محمد باسناده رفعه قال : قال على عليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل : أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل ، وأول من ركب البغل ابن آدم عليه‌السلام وذلك كان له ابن يقال له معد ، وكان عشوقا للدواب ، وأول من ركب الحمار حوا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه (٢) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ، يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك ، ووارى عورتك ، فان يكن بيت يكنك فذاك ، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

__________________

(١) جياد : جبل بمكة وقيل : ان المعروف في كتب اللغة «أجياد» وهلا : رجز للخيل اى اقربى.

(٢) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.

٤٢

أو عذاب.

٢٤ ـ عن نافع بن عبد الحارث قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المسلم سعة المسكن ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء.

٢٥ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا أدعهن حتى الممات : ركوب الحمار مردفا الحديث.

٢٦ ـ وعن الامام الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لست بتاركهن حتى الممات : ركوبي الحمار موكفا (١) الحديث.

٢٧ ـ عن يعقوب بن سالم رفع الحديث الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.

٢٨ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما خلق الله خلقا الا وقد أمر عليه آخر يغلب به ، وذلك ان الله تبارك وتعالى لما خلق البحار في السماء فخرت وزخرت وقالت : أى شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها به وذللها ، ثم ان الأرض فخرت وقالت : أى شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها ، فذلت الأرض واستقرت.

٢٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : واما «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض ، وخضرة السماء منه ، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

٣٠ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران عن محمد بن على ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى الا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

__________________

(١) اى الذي وضع عليها الاكاف وهو برذعة الحمار.

٤٣

الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن محمد بن سنان قال : حدثنا المفضل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وذكر كالحديث السابق سواء.

على بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال : حدثنا سعيد الأعرج عن ابى عبد الله عليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن على بن حسان قال : حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير ، وهذه الأحاديث الاربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي هراسة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٢ ـ وباسناده الى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليه‌السلام : ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف ، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٣ ـ وبإسناد له آخر الى أبي هراسة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو ان الامام رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٤ ـ وباسناده الى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه : وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٣٥ ـ وباسناده الى الحسين بن على بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثنى عشر صلوات الله عليه وعليهم : بهم يمسك الله عزوجل السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

٣٦ ـ وقال الصدوق رضى الله عنه في هذا الكتاب : ويروى في الاخبار الصحيحة عن أئمتنا عليهم‌السلام ان من رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو واحدا من الائمة عليهم‌السلام قد

٤٤

دخل مدينة أو قرية في منامه فانه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون ، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

٣٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال : حدثنا داود الجصاص قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٣٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال : سأل الهيثم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النجم ، والعلامات الائمة.

٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الورد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن النجم.

٤١ ـ الهيتى وداود الجصاص عن الصادق ، والوشا عن الرضا عليهما‌السلام : النجم رسول الله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٤٢ ـ أبو المضا عن الرضا عليه‌السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : أنت نجم بنى هاشم.

٤٣ ـ وعنه قال عليه‌السلام : أنت أحد العلامات.

٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فانه

حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٤٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قلت : (النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سماه الله في غير موضع ، فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) وقال : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فالعلامات الأوصياء ، والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥

في مجمع البيان (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قيل : أراد به الاهتداء في القبلة قال ابن عباس : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بر كم وبحر كم.

٤٧ ـ وروى أبو الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء ، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه : تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في هذا المقام وموقعه منه.

٤٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة من بعده عليه وعليهم‌السلام.

٤٩ ـ في تفسير العياشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٥٠ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥١ ـ عن اسمعيل بن ابى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على ابن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : هو الجدي لأنه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.

٥٢ ـ عن اسمعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : ظاهر وباطن ، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البحر والبر ، لأنه لا يزول (١).

٥٣ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ)

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره) : يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٦

يبعثون قال : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الاول والثاني والثالث ، كذبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : والوا عليا واتبعوه ، فعادوا عليا ولم يوالوه ، ودعوا الناس الى ولاية أنفسهم ، فذلك قول الله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) قال : وأما قوله : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) فانه يعنى لا يعبدون شيئا (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) فانه يعنى وهم يعبدون ، وأما قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) يعنى كفار غير مؤمنين ، واما قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فانه يعنى انهم لا يؤمنون ، انهم يشركون إلهكم اله أحد فانه كما قال الله واما قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) فانه يعنى لا يؤمنون بالرجعة انها حق ، واما قوله : قلوبهم منكرة فانه يعنى قلوبهم كافرة واما قوله : وهم مستكبرون فانه يعنى عن ولاية على عليه‌السلام مستكبرون ، قال الله لمن فعل ذلك وعيد منه (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية على عليه‌السلام. عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله سواء.

٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يعنى انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) يعنى انها كافرة (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) يعنى عن ولاية على مستكبرون (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية على عليه‌السلام».

٥٥ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة قال : مر الحسين بن على عليهما‌السلام لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا : هلم يا بن رسول الله فأكل معهم (١) ثم تلا «ان الله لا يحب المستكبرين». (٢)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر : «فثنى وركه فأكل معهم» والورك ـ ككتف ـ ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

(٢) وتمام الحديث انه عليه‌السلام بعد ما أكل معهم ، ثم قال : قد أجبتكم فأجيبونى قالوا : نعم يا ابن رسول الله ، فقاموا معه حتى أتوا منزله ، فقال للرباب : أخرجى ما كنت تدخرين.

٤٧

٥٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ومن ذهب يرى ان له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين ، فقلت : انما يرى ان له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال : هيهات هيهات! فلعله ان يكون قد غفر له ما أتى ، وأنت موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام هذه الآية هكذا : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) في على (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا) يعنى بنى إسرائيل.

٥٨ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) في على (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) واما قوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) فانه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم ، قال الله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

٥٩ ـ عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعنى كفر الذين يتولونهم قال الله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

٦٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) قال : يحملون آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم ، وهو قول الصادق عليه‌السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حل إلا ووزر ذلك في أعناقهم (١) من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.

__________________

(١) وفي نسخة «في أعناقهما» على لفظ التثنية.

٤٨

٦١ ـ حدثني أبي عن ابن ابى عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة ، فقال فيها : واعلموا ان لكل حق طالبا ، ولكل دم ثائرا ، والطالب كقيام الثائر بدمائنا ، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور ، وهو الله الواحد القهار ، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتديه من بعده ، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء ، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب ، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم (١) فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق ، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا ، اما انه لم يبق الا الزمهرير شتائهم ، وما لهم من الصيف الا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور ، أوزار الآثام مع الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون اسمعوا واعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا فاقسم ثم اقسم لتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله الا من ظلم وعلى البادي يعنى الاول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم ، وأوزار كل من عمل بوزرهم الى يوم القيمة (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)

٦٢ ـ في مجمع البيان (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : أيما داع دعا الى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا الى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

٦٣ ـ في تفسير العياشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

سمعته يقول : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ولم يعلم الذين آمنوا (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) قال محمد بن كليب عن أبيه قال : انما شاء.

٦٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) قال : كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.

٦٥ ـ عن ابى السفاتج عن أبي عبد الله عليه‌السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

__________________

(١) العلقم : الحنظل وكل شجر مر. والصبر : عصارة شجر مر.

٤٩

مكرهم.

٦٦ ـ عن كليب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) قال : لا فأتى الله بنيانهم من القواعد ، وانما كان بيتا.

٦٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أهل البيت عليهم‌السلام «فأتى الله بنيانهم من القواعد»

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) قال : بيت مكر هم اى ماتوا فألقاهم هم الله في النار ، وهو مثل لأعداء آل محمد عليهم‌السلام.

٦٩ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكذلك إتيانه بنيانهم وقال عزوجل (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) فاتيانهم من القواعد إرسال العذاب.

٧٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قام رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار ، ويوم الأربعاء (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) (الحديث) وفي عيون الاخبار مثله سواء.

٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : ثم يوم القيمة (يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قالَ : الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الائمة عليهم‌السلام يقولون لأعدائهم : اين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

٧٢ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقوله : (الذين

٥٠

تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء ، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء ، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس ، لأن فيهم القوى والضعيف ، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله ، الا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه ، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي والمميت ، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.

٧٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) و (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) وما أشبه ذلك ، فمرة يجعل الفعل لنفسه ، ومرة لملك الموت ، ومرة للملائكة ، فاما قول الله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) و (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) و (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره يعلمون ، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة ، يصدرون عن أمره ، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب اليه وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).

٧٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وعن قول الله عزوجل : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وعن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وعن قول الله عزوجل (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) وعن قوله

٥١

عزوجل (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه الا الله عزوجل فكيف هذا؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس ، يبعثهم في حوائجه فتتوفيهم الملائكة ، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : انه ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتى يعلم الى اى منزلين يصير ، الى الجنة أم الى النار ، أعد وهو الله أو ولى ، فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة ، وشرع طرقها ونظر الى ما أعد الله له فيها ، ففرغ من كل شغل ، ووضع عنه كل ثقل ، وان كان عدو لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها ، ونظر الى ما أعد الله له فيها ، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور ، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ويقول ، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ويقول فيه عليه‌السلام أيضا ، عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة ، قال الله عزوجل : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ).

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن ابن مسكان عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) قال : الدنيا.

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : «طيبين» قال : هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم.

٥٢

٧٨ ـ وفيه قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال : في الحيوة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن ، وفي الآخرة عند الموت وهو قوله : (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ). قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.

٧٩ ـ في تفسير العياشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام : ما بعث الله نبيا قط الا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك قول الله في كتابه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً) منهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) بتكذيبهم آل محمد ثم قال : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) المكذبين.

٨٠ ـ عن صالح بن ميثم (١) قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : ذلك حين يقول عليه‌السلام انا أولى الناس بهذه الآية (٢). (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الى قوله : كاذبين.

٨١ ـ عن سيرين (٣) قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)؟ قال : يقولون : لا قيامة ولا بعث ولا نشور ، فقال : كذبوا والله انما ذلك إذ قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم ، يقولون رجع فلان وفلان لا والله (لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) ، ألا ترى انه قال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها ، فقال الله : (بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ

__________________

(١) وفي المصدر : «عبد الله بن صالح بن ميثم» لكن الظاهر هو المختار.

(٢) وفي المصدر : «قال ذلك بهذه الاية ... اه».

(٣) واستظهرنا في هامش المصدر ان يكون مصحف السري وهو مشترك بين جمع من أصحاب الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.

٥٣

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

٨٢ ـ عن الفضيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : [أعلمنى] آية كتابك ، قال : اكتب بعلامة كذا وكذا ، وقل آية (١) من القرآن ، قلت لفضيل : وما تلك الآية؟ قال : ما حدثت أحدا بها غير بريد ، قال زرارة : أنا أحدثك بها : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الى آخر الآية ، قال : فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.

٨٣ ـ في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله : تبارك وتعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قال : فقال لي : يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال : قلت : ان المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله : صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله لا يبعث الموتى ، قال : فقال : تبا لمن قال هذا ، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال : قلت : جعلت فداك فأوجدنيه ، قال : فقال : يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم (٢) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم ، فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون الى يوم القيمة ، قال : فحكى الله قولهم فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).

٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فانه حدثني ابى عن بعض رجاله رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما يقول الناس فيها؟ قال : يقولون نزلت في الكفار ، قال : ان الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم : ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون ، فرد الله عليهم فقال : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ)

__________________

(١) وفي المنقول عن نسخة البرهان «وقرء آية ... اه».

(٢) قباع السيف : ما على طرف مقبضه.

٥٤

يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم. قال عز من قائل : انما أمرنا (لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى صفوان بن يحيى قال : قلت لأبى الحسن عليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من الله عزوجل ومن الخلق؟ فقال : الارادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك ، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.

٨٦ ـ في مجمع البيان : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) وروى عن على عليه‌السلام لنثوئنهم بالثاء : والقراءة لنبوئنهم.

٨٧ ـ في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : الذكر القرآن ، وآل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار انه عرض على أبي عبد الله بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها فقال له : كف واسكت ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون الا الكف عنه وو التثبت والرد على الائمة الهدى ، حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى ، ويعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

٨٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الذكر أنا ، والائمة عليهم‌السلام أهل الذكر.

٩٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن على بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا ـ تَعْلَمُونَ) قال : أهل الذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرضا عليه‌السلام فقلت جعلت فداك (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فقال : نحن أهل الذكر ونحن المسئولون ، فقلت : فأنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال : نعم. قلت : حقا

٥٥

علينا أن نسئلكم؟ قال : نعم ، قلت : حقا عليكم ان تجيبونا ، قال : [لا] ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ).

٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) فرسول الله الذكر : وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر.

٩٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسمعيل عن منصور بن يونس عن ابى بكر الحضرمي قال : كنت عند أبى جعفر عليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسئلة ما يحضرني منها مسئلة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال : بلى قد حضرني منها واحدة قال : وما هي؟ قال : قول الله تبارك وتعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من هم؟ قال : نحن ، قال : قلت علينا ان نسألكم ، قال : نعم ، قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : ذلك إلينا.

٩٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان من عندنا يزعمون ان قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) انهم اليهود والنصارى؟ قال : إذا يدعونكم الى دينهم ثم قال بيده (١) الى صدره : ونحن أهل الذكر ، ونحن المسئولون.

٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال على بن الحسين : على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم ، وعلى شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله عزوجل أن يسألونا قال : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب ، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.

٩٦ ـ احمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : كتبت الى الرضا عليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

__________________

(١) اى أشار.

٥٦

وقال الله عزوجل : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فقد فرضت عليهم المسئلة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) (١).

٩٧ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد ابن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام وقال الله جل ذكره : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال الكتاب الذكر وأهله آل محمد عليهم‌السلام أمر الله عزوجل بسؤالهم ، ولم يؤمروا بسؤال الجهال ، وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : وأنزلنا عليك (الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

٩٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس ذكر الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى أن قال : واما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى ، (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فنحن أهل الذكر فاسئلونا ان كنتم لا تعلمون ، فقالت العلماء : انما عنى بذلك اليهود والنصارى ، فقال أبو الحسن : سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا الى دينهم ويقولون انه أفضل من دين الإسلام؟ فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال : نعم الذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله ، وذلك بين في كتاب الله عزوجل حيث يقول في سورة الطلاق : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) فالذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) قال في الوافي : ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد ، كأنه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية ، ولعل المراد انه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك مالا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.

٥٧

نحن أهله ، فهذه التاسعة.

٩٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا عبد الله بن محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من المعنون بذلك؟ فقال : نحن والله ، فقلت : فأنتم المسئولون؟ قال : نعم ، قلت : ونحن السائلون؟ قال : نعم ، قلت : فعلينا ان نسألكم؟ قال : نعم ، قلت : وعليكم أن تجيبونا؟ قال : ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا ، ثم قال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ). (١)

١٠٠ ـ في روضة الكافي حدثني على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في رسالة طويلة الى أصحابه : واعلموا انه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس ، فقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس ، أغناهم الله عن ذلك بما أتاهم من علمه ، وخصهم به ووضعه عند هم كرامة من الله ، أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم ، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم ، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به الى الله باذنه الى جميع سبل الحق ، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به وجعله عندهم الا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة ، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر ، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم ، وامر بسؤالهم ، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان ، لأنهم جعلوا أهل الأيمان في علم القرآن عند الله كافرين ، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين ، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما ، وجعلوا ما حرم الله

__________________

(١) «في بصار الدرجات محمد بن الحسن عن أبى داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (ع) : قول الله تبارك وتعالى : «فاسئلوا» وذكر مثل ما في تفسير على بن إبراهيم منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٥٨

في كثير من الأمر حلالا ، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.

١٠١ ـ وفيها خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيها عليه‌السلام : إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر ، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟.

١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال الباقر عليه‌السلام : نحن أهل الذكر.

١٠٣ ـ في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : كتب الى انما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا ، وإذا خفنا خاف ، وإذا امنا أمن ، قال الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) الآية فقد فرض عليكم المسئلة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.

١٠٤ ـ عن إبراهيم بن عمر عمن سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ان عهد نبي الله صار عند على بن الحسين عليه‌السلام ، ثم صار عند محمد بن على ، ثم يفعل الله ما يشاء ، فالزم هؤلاء فاذا خرج رجل منهم معه ثلثمائة رجل ، ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا الى المدينة حتى يمير بالبيداء ، فيقول : هذا مكان القوم الذين خسف بهم ، وهي الآية التي قال الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ).

١٠٥ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام سئل عن قول الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) قال : هم أعداء الله ، وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الأرض.

١٠٦ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه‌السلام : ولا تكونوا من الغافلين المائلين الى زهرة الدنيا (الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) فان الله يقول في محكم كتابه : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ

٥٩

يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) فاحذروا ما حذر كم الله بما فعل بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب ، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغير كم فان السعيد من وعظ بغيره.

١٠٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) يا محمد وهو استفهام (أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) قال : إذا جاؤا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم فيأخذهم في تلك الحالة (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) قال : على تيقظ (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ١٠٨ ـ قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) قال : تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله لأنه ليس شيء الا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.

١٠٩ ـ قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) قال : الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه (١).

١١٠ ـ في مجمع البيان (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) الآية وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ان لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم الى يوم القيمة ترعد فرائصهم من مخافة الله ، لا تقطر من دموعهم قطرة الا صار ملكا ، فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا : ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.

١١١ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : و (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) يعنى بذلك ولا تتخذوا إمامين انما هو امام واحد. قال عز من قائل : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ).

١١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة الا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

__________________

(١) وفي المصدر : «يأمرون فيه».

٦٠