تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

مَكانٍ ، وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) ، وحميم يغلي به جهنم منذ خلقت ، (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على ، وما في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها أعلاها أسفاط (١) حلل من سندس وإستبرق ، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط ، في كل سفط مأة حلة ، ما فيها حلة تشبه الأخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٢ ـ وقوله عزوجل : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) قال : نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا الثمار ، كما حكى الله عزوجل ، وفيهما نخل وزرع وماء وكان له جار فقير فافتخر الغنى على ذلك الفقير.

٨٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من رجل دعا فختم بقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله الا أجيب حاجته.

٨٤ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى الحسن بن على بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اربع لأربع الى قوله : والثالثة للحرق والغرق (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) ، وذلك انه يقول : و (لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ).

٨٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن عدة من أصحابنا عن على بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال لي : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : بسم الله آمنت بالله ، توكلت على الله ، ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله ، فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل على الله ، وقال :

__________________

(١) الفتر : القطع ، وفي بعض النسخ «القتر» بالقاف. والأسفاط جمع السفط : ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. وعاء كالقفة أو الجوالق.

٢٦١

ما شاء الله لا قوة الا بالله.

٨٦ ـ عنه عن بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : من خرج وحده في السفر فليقل ما شاء الله لا قوة الا بالله ، اللهم آنس وحشتى وأعنى على وحدتى وأد غيبتي (١).

٨٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن معنى لا حول ولا قوة الا بالله ، فقال : معناه لا حول لنا عن معصية الله الا بعون الله ، ولا قوة لنا على طاعة الله الا بتوفيق الله عزوجل.

٨٨ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع الى اربع؟ الى ان قال : وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله تعالى : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) فانى سمعت الله يقول بعقبها : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) وعسى موجبة.

٨٩ ـ في مجمع البيان : واحيط بثمره وفي الخبر ان الله عزوجل أرسل عليها نارا وغار ماؤها (٢).

٩٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله عن على بن حسان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قوله عزوجل : هنا لك الولاية لله الحق قال : ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن على بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) قال : ولاية أمير المؤمنين.

٩٢ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن

__________________

(١) وفي بعض النسخ «ورد غيبتي» والمختار موافق للمصدر.

(٢) غار الماء : ذهب في الأرض.

٢٦٢

إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن على بن الحسين عليه‌السلام حديث طويل في الزهد في الدنيا وفيه يقول عليه‌السلام : فهي كروضة اعتم مرعاها (١) وأعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها تمج عروقها الثرى وينطف فروعها الندى حتى إذا بلغ العشب ابانه (٢) واستوى بنانه هاجت ريح تحت الورق وتفرق ما اتسق ، فأصبحت كما قال الله : (هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً).

٩٣ ـ في نهج البلاغة أما بعد فانى أحذركم الدنيا الى أن قال : لا تعدوا إذا تناهت الى أمنية أهل الرغبة فيها ، والرضاء بها أن تكون كما قال الله سبحانه : (كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً).

٩٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سعيد بن النثر عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وثمان ركعات آخر الليل والوتر زينة الاخرة ، وقد يجمعهما الله عزوجل لأقوام.

٩٥ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ان المال والبنين حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله لأقوام.

٩٦ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن على بن عمر عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان كان الله عزوجل قال : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ان الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الاخرة.

٩٧ ـ في مجمع البيان وروى أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لجلسائه : خذوا جنتكم ، قالوا : حضر عدونا؟ قال : خذوا جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله

__________________

(١) اعتم النبت : تم طوله وظهر نوره.

(٢) مج الرجل الماء من فيه : رمى به. والثرى ـ كحصا : ندى الأرض ونطف الماء : إذا قطر قليل قليل ، والعشب : الكلاء الرطب ، وأبان الشيء : حينه أو أوله.

٢٦٣

والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن المقدمات ، وهن المنجيات ، وهن المعقبات ، وهن الباقيات الصالحات.

٩٨ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ان عجزتم عن الليل أن تكابدوه ، وعن العدو أن تجاهدوه ، فلا تضجروا عن قول : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر فإنهن من الباقيات الصالحات فقولوها.

٩٩ ـ وقيل هي الصلوات الخمس وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٠٠ ـ وروى عنه أيضا : ان من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلوة الليل.

١٠١ ـ في كتاب ابن عقدة ان أبا عبد الله عليه‌السلام قال للحصين بن عبد الرحمن : يا حصين لا تستصغر مودتنا ، فانها من الباقيات الصالحات ، قال : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أستصغرها ولكن أحمد الله عليها.

١٠٢ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا جنتكم ، قالوا : يا رسول الله حضر عدو؟ فقال : لا ولكن خذوا جنتكم من النار ، فقالوا : فيمن نأخذ جنتنا يا رسول الله؟ قال : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيمة ولهن مقدمات ومؤخرات وهي الباقيات الصالحات (١) ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : ذكر الله عند ما أحل أو حرم وشبه هذا هو مؤخرات.

١٠٣ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى الحسن بن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه ذات يوم : أتدرون لو جمعتم ما عندكم من الانية والمتاع أكنتم ترونه تبلغ السماء؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : الا أدلكم على شيء أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : يقول أحدكم إذا فرغ من صلوته الفريضة : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله

__________________

(١) في المصدر «ولهن مقدمات ومؤخرات ومنجيات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات ... اه».

٢٦٤

أكبر ثلثين مرة ، فان أصلهن في الأرض وفرعهن في السماء ، وهن يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردي في البئر ، وميتة السوء ، وهن الباقيات الصالحات.

١٠٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد ابن محبوب عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برجل يغرس غرسا في حائط له ، فوقف له وقال : ألا ادلك على غرس اثبت أصلا ، وأسرع إيناعا (١) وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال : بلى فدلني يا رسول الله فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر فان لك ان قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة ، وهن من الباقيات الصالحات ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيمة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات ، وهن الباقيات الصالحات.

١٠٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) غشي عليه وحمل الى حجرة أم سلمة ، فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج ، فاجتمع المسلمون فقالوا : ما لنبي الله؟ قالت أم سلمة : ان نبي الله عنكم مشغول ، ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر فقال : ايها الناس انكم تحشرون يوم القيمة كما خلقتم حفاة عراة ، ثم قرأ على أصحابه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ثم قرأ (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).

١٠٧ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال عبد الله بن سلام : يا محمد أخبرنى عن وسط الدنيا؟ قال : بيت المقدس ، قال : ولم ذلك؟ قال : لان فيها المحشر والمنشر ، ومنه ارتفع العرش ، وفيه الصراط والميزان ، قال : صدقت يا محمد.

__________________

(١) ينع الثمر : أدرك وطاب وحان قطافه ، وأينع بمعنى ينع أيضا.

٢٦٥

١٠٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه : يحشر الناس على مثل قرصة النقي (١) فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغوا من الحساب.

١٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف على حمزة يوم أحد ، وقال : لولا انى أحذر نساء بنى عبد المطلب لتركته للعاوية والسباع ، حتى يحشر يوم القيمة من بطون السباع والطير.

١١٠ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما يقول الناس في هذه الاية (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) قلت : يقولون انها في القيمة ، قال : ليس كما يقولون انها في الرجعة ، يحشر الله في القيمة من كل امة ويدع الباقين ، انما آية القيمة : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).

١١١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرنى عن الناس يحشرون يوم القيمة عراة؟ قال : بل يحشرون في أكفانهم ، قال : انى لهم بالأكفان وقد بليت؟ قال : ان الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم ، قال : فمن مات بلا كفن؟ قال : يستر الله عورته بما يشاء من عنده ، قال : أفيعرضون صفوفا؟ قال : نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.

١١٢ ـ في كتاب الخصال باسناده الى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام انه جاء اليه رجل فقال : بأبى أنت وأمي عظني موعظة ، فقال عليه‌السلام : ان كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٣ ـ في مجمع البيان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يحشر الناس من قبورهم يوم القيمة حفاة عراة غرلا (٢) فقالت عائشة : يا رسول الله أما يستحيي بعضهم من بعض؟ فقال : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ).

__________________

(١) النقي : الخبز الحوارى ، وهو الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق.

(٢) الغرل جمع الأغرل : من لم يختن.

٢٦٦

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق في الانعام عند قوله : (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ما يصلح ان يكون مزيد بيان لقوله عزوجل : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) الاية.

١١٤ ـ في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة رفع الإنسان كتابه ثم قيل له : اقرءه ، قلت : فيعرف ما فيه؟ فقال : انه يذكره ، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم الا ذكره كان فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).

١١٥ ـ عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه كأنه فعله تلك الساعة ، فلذلك (يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : و (وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) الى قوله : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) قال : يجدون ما عملوا كله مكتوبا.

١١٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في هاروت وماروت وفيه بعد ان مدح عليه‌السلام الملائكة وقال : معاذ الله من ذلك ، ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى ، قالا : قلنا له : فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟ فقال : لا ، بل كان من الجن ، أما تسمعان الله تعالى يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) فأخبر عزوجل انه كان من الجن ، وهو الذي قال الله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ).

١١٨ ـ في أصول الكافي عنه (١) عن أبيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الملائكة كانوا يحسبون ان إبليس منهم ، وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب ، فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).

١١٩ ـ في تفسير العياشي عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن إبليس كان من الملائكة وهل كان يلي من أمر السماء شيئا؟ قال : لم يكن من الملائكة ولم يكن يلي من السماء شيئا ، كان من الجن وكان مع الملائكة ، وكانت

__________________

(١) قبله : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد. «منه عفى عنه».

٢٦٧

الملائكة تراه انه منها ، وكان الله يعلم انه ليس منها ، فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان.

١٢٠ ـ عن محمد بن مروان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن خطاب أو بابى جهل بن هشام فأنزل الله : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) يعنيهما.

١٢١ ـ عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعز الإسلام بابى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب فقال يا محمد قد والله قال ذلك ، ـ وكان أشد على من ضرب العنق ـ ثم اقبل على فقال : هل تدري ما أنزل الله يا محمد؟ قلت : أنت أعلم جعلت فداك ، قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في دار الأرقم ، فقال : اللهم أعز الإسلام بأبى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب ، فأنزل الله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).

١٢٢ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى جبلة بن سحيم عن أبيه قال : لما بويع أمير المؤمنين على بن أبي طالب بلغه ان معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له ، وقال : ان أقرنى على الشام أو الأعمال التي ولانيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد عرفت ، وقد ولاه الشام من كان قبلك ، فوله أنت كيما يتسق عرى الأمور ثم اعزله ان بدا لك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أتضمن لي عمرى يا مغيرة فيما بين توليته الى خلعه؟ قال : لا ، قال : لا يسألني الله عزوجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٣ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف ان الحسين عليه‌السلام قام يتمشى الى عبيد الله بن الحر الجعفي وهو في فسطاطه حتى دخل عليه وسلم عليه ، فقام اليه ابن الحر

٢٦٨

وأخلى له المجلس ، فجلس ودعاه الى نصرته فقال عبيد الله بن الحر : والله ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن تدخلها ، ولا أقاتل معك ، ولو قاتلت لكنت أول مقتول ، ولكن هذا سيفي وفرسي فخذهما ، فأعرض عنه بوجهه فقال : إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في مالك (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر معاوية بن حرب : وأعجب العجب انه لما راى ربي تبارك وتعالى قد رد الى حقي في معدنه ، وانقطع طمعه في أن يصير في دين الله رابعا وفي امانة حملناها حاكما كر على العاص بن العاص فاستماله فمال اليه ثم أقبل به بعد أن أطمعه مصر ، وحرام عليه أن يأخذ من الفيء دون قسمته درهما ، وحرام على الراعي إيصال درهم اليه فوق حقه ، فأقبل يحبط البلاد بالظلم ، ويطأهم بالغشم (١) فمن تابعه أرضاه ، ومن خالفه ناواه ، ثم توجه الىّ ناكثا علينا ، مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا ، والأنباء تأتينى ، والاخبار ترد على بذلك ، فأتانى أعور ثقيف فأشار على ان أوليه البلاد التي هو بها لأداريه بما اوليه منها ، وفي الذي أشار به الرأى في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عزوجل في توليه لي مخرجا ، أو أصبت لنفسي في ذلك عذرا ، فأعملت الرأى في ذلك ، وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولى وللمؤمنين ، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد رأى ينهاني عن توليته ، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده ، ولم يكن الله ليراني ان اتخذ المضلين عضدا.

١٢٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) يعنى أيقنوا انهم داخلوها.

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث

__________________

(١) الغشم : الظلم.

٢٦٩

طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقد يكون بعض ظن الكافرين يقينا ، وذلك قوله : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) اى أيقنوا انهم مواقعوها.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم.

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم فلما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قريشا بخبر أصحاب الكهف قالوا : أخبرنا عن العالم الذي أمر الله عزوجل موسى أن يتبعه وما قصته؟ فأنزل الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) قال : وكان سبب ذلك انه كلم الله موسى تكليما ، وأنزل عليه الألواح وفيها كما قال الله عزوجل : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) رجع موسى عليه‌السلام الى بنى إسرائيل فصعد المنبر ، فأخبرهم ان الله عزوجل قد أنزل عليه التوراة وكلمه ، وقال في نفسه ما خلق الله تعالى خلقا أعلم منى ، فأوحى الله عزوجل الى جبرئيل عليه‌السلام : أدرك موسى قد هلك ، وأعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل اعلم منك ، فصر اليه وتعلم من علمه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على موسى عليه‌السلام وأخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطأ ودخله الرعب ، وقال لوصيه يوشع : ان الله عزوجل قد أمرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه ، فتزود يوشع حوتا مملوحا ، فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه ، فأخرج موسى عليه‌السلام الحوت وغسله الماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت ، وكان ذلك الماء ماء الحيوان ، فحيي الحوت ودخل في الماء ، فمضى موسى عليه‌السلام ويوشع معه حتى عييا ، فقال لوصيه : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) اى عناء فذكر وصيه السمكة ، فقال لموسى عليه‌السلام : انى نسيت الحوت على الصخرة فقال موسى عليه‌السلام : ذلك الرجل الذي رأينا عند الصخرة هو الذي نريده فرجعا (عَلى آثارِهِما قَصَصاً) ، اى عند الرجل وهو في صلوته ، فقعد موسى عليه‌السلام حتى فرغ من صلوته فسلم عليهما.

فحدثني محمد بن على بن بلال عن يونس قال : اختلف يونس وهشام ابن إبراهيم

٢٧٠

في العالم الذي أتاه موسى عليه‌السلام أيهما كان أعلم ، وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله عزوجل على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل : فكتبوا الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسألونه عن ذلك ، فكتب في الجواب أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزاير البحر ، فاما جالسا واما متكيا فسلم عليه موسى عليه‌السلام ، فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس فيها سلام ، قال : من أنت؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : انى وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا أطيقه ، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد صلوات الله عليهم من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل محمد صلوات الله عليهم حتى جعل موسى يقول : يا ليتني كنت من آل محمد صلوات الله عليهم حتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه ، وذكر له تأويل هذه الاية (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) حين أخذ الميثاق عليهم ، فقال (لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) فقال الخضر : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) فقال موسى عليه‌السلام : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) قال الخضر (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) يقول : (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) أفعله ولا تنكره على حتى أخبرك أنا بخبره ، قال : نعم.

١٢٩ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : انه لما كان من أمر موسى عليه‌السلام الذي كان ، أعطى مكتل (١) فيه حوت مملح ، قيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين عند مجمع البحرين ، لا يصيب منها شيء ميتا الا حيي يقال له الحيوة ، فانطلقا حتى (٢) بلغا الصخرة وانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب في يده حتى خدشه وانفلت (٣)

__________________

(١) المكتل ـ كمنبر ـ : الزنبيل.

(٢) وفي بعض النسخ «فانظر الى» مكان «فانطلقا».

(٣) انفلت : تخلص.

٢٧١

منه ونسيه الفتى ، «فلما جاوزا» الوقت الذي وقت فيه أعنى موسى (قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قالَ أَرَأَيْتَ) الى قوله : (عَلى آثارِهِما قَصَصاً) فلما أتاها وجد الحوت قد خر في البحر فاقتصا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر اما متكيا واما جالسا في كساء له ، فسلم عليه موسى فعجب من السلام وهو في أرض ليس فيها سلام فقال : من أنت؟ قال : انا موسى ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك؟ «قال : (أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) قال : انى وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه وقد قال له : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) فحدثه عن آل محمد وعما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أمير المؤمنين وعن ولد فاطمة وذكر له من فضلهم وما أعطوا حتى جعل يقول : يا ليتني من آل محمد ، وعن مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه وتلا هذه الاية (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فانه أخذ عليهم الميثاق.

١٣٠ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان وصى موسى بن عمران يوشع ابن نون ، وهو فتاه الذي ذكر الله في كتابه. وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثل هذا الأخير سواء.

١٣١ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام ـ وقد سأله بعض اليهود عن مسائل ـ : وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وكذبتم ، هي عين الحيوة التي غسل يوشع بن نون السمكة ، وهي العين التي شرب منها الخضر صلوات الله عليه ، وليس يشرب منها أحد الا حيي؟ قال : صدقت والله انه لبخط هارون وإملاء موسى.

١٣٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي الطفيل عامر بن واثلة عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : واما أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون انها العين التي تحت صخرة بيت المقدس وكذبوا ، ولكنها عين الحيوان التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة ، فلما

٢٧٢

أصابها ماء العين عاشت وشربت ، فاتبعها موسى عليه‌السلام وصاحبه الخضر ، بلغنا قال اليهودي : اشهد بالله لقد صدقت.

١٣٤ ـ وباسناده الى إبراهيم بن يحيى المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : واما قولك أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون انها العين التي ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا ، وهي عين الحيوة التي انتهى موسى وفتاه فغسل فيها السمكة المالحة فحييت ، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء الا حيي ، وكان الخضر على مقدمة ذي القرنين يطلب عين الحيوة ، فوجدها الخضر عليه‌السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.

١٣٥ ـ وباسناده الى الحكم بن مسكين عن صالح عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان عليا عليه‌السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وكذبتم ، هي عين الحيوة التي غسل يوشع بن نون فيها السمكة التي شرب منها الخضر ، وليس يشرب منها أحد إلا حيي ، قال : صدقت والله انه لبخط هارون وإملاء موسى.

١٣٦ ـ في مجمع البيان وقد ذكر موسى والخضر عليه‌السلام وروى مرفوعا انه قعد على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.

١٣٧ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان موسى أعلم من الخضر.

١٣٨ ـ عن بريد عن أحمدها قال : قلت له : ما منزلتكم في الماضين أو من تشبهون بهم؟ (١) قال : الخضر وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

١٣٩ ـ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما مثل على ومثلنا من بعده من هذه الامة كمثل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة ، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه ، وذلك ان الله قال لموسى : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ثم قال : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ)

__________________

(١) وفي المصدر «وبمن تشبهون منهم ... اه».

٢٧٣

وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته ، وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء وانهم قد اثبتوا جميع العلم والفقه في الدين مما يحتاج هذه الامة اليه ، وصح لهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلموه وليس كل علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا عرفوه ، وذلك ان الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم فيسئلون عنه ، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحيون أن ينسبهم الناس الى الجهل ، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا ، فيطلب الناس العلم من معدنه ، فلذلك استعملوا الرأى والقياس في دين الله ، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل بدعة ضلالة فلو انهم إذا سئلوا عن شيء من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه الى الله والرسول ، واولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد عليهم‌السلام ، والذي منعهم من طلب العلم العداوة والحسد لنا ، ولا والله ما حسد موسى العالم وموسى نبي الله يوحى اليه ، حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم ، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى الى العالم ، وسأله ليتعلم منه العلم ويرشده.

فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه ولا يصير معه ، فعند ذلك قال العالم فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى وهو خاضع له يستنطقه على نفسه كى يقبله : ستجدني إنشاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا وقد كان العالم يعلم ان موسى لا يصبر على علمه ، فكذلك والله يا اسحق بن عمار حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم ، لا يحتملون والله علمنا ولا يصبرون عليه ، كما لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه وراى ما راى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروها ، وكان عند الله رضا وهو الحق ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ

٢٧٤

وهو عند الله الحق.

١٤٠ ـ عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : بينما موسى قاعد في ملأ من بنى إسرائيل قال له رجل : ما أرى أحدا اعلم بالله منك ، قال موسى : ما أرى ، فأوحى الله اليه بل عبدي الخضر ، فسأل السبيل اليه فكان له آية الحوت ان افتقده وكان من شأنه ما قص الله.

١٤١ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان سليمان أعلم من آصف وكان موسى أعلم من الذي اتبعه.

١٤٢ ـ في أصول الكافي أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن اسحق الأحمر عن عبد الله بن حماد عن سيف التمار ، قال : كنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام جماعة من الشيعة في الحجر ، فقال : علينا عين ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، فقال : ورب الكعبة ورب البيت ثلاث مرات لو كنت بين موسى وخضر لأخبرتهما أنى أعلم منهما وأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما‌السلام أعطيا علم ما كان ، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراثة.

١٤٣ ـ ابو على الأشعرى عن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن حمران بن أعين قال : قلت لأبى جعفر عليه‌السلام : ما موضع العلماء؟ قال : مثل ذي القرنين وصاحب موسى.

١٤٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام كان محدثا ، فقلت : فيقول نبي ، قال : فحرك بيده هكذا ثم قال : أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى ، أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم انه قال : وفيكم مثله.

١٤٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر

٢٧٥

وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : قلت له : ما منزلتكم ومن تشهون ممن مضى؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

١٤٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن حارث بن المغيرة عن حمران بن أعين قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام كان محدثا ، فخرجت الى أصحابى فقلت : جئتكم بعجيبة ، فقالوا : وما هي؟ قلت : سمعت أبا جعفر يقول : كان على عليه‌السلام محدثا ، فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فرحت اليه فقلت : انى حدثت أصحابى بما حدثني ، فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال لي : يحدثه ملك ، قلت : تقول انه نبي؟ فحرك يده هكذا أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى ، أو كذي القرنين أو ما بلغكم انه قال : وفيكم مثله.

١٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه‌السلام انه قال : ان الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله تبارك وتعالى الى قومه ، فدعاهم الى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه ، وكانت آيته انه كان لا يجلس على خشبة يابسة ، ولا أرض بيضاء الا أزهرت خضرا ، وانما سمى خضرا لذلك وكان اسمه تاليا بن ملكان بن عامر بن أرفخش د بن سام بن نوح عليه‌السلام.

١٤٨ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول موسى لفتاه : «آتنا غدائنا» وقوله : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) فقال : انما عنى الطعام ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان موسى لذو جوعات.

١٤٩ ـ عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه‌السلام شكى موسى الى ربه الجوع في ثلثة مواضع : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ، لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) فقال : انما عنى الطعام.

١٥٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى محمد بن أبي عباد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول يوما : يا غلام آتنا الغداء ، فكأني أنكرت ذلك ، فبين الإنكار في فقرأ

٢٧٦

(قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا) فقلت : الأمير أعلم الناس وأفضلهم.

١٥١ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان موسى صعد المنبر وكان منبره ثلث مراق (١) فحدث نفسه ان الله لم يخلق خلقا أعلم منه ، فأتاه جبرئيل فقال له : انك قد ابتليت وأنزله فان في الأرض من هو أعلم منك فأطلبه ، فأرسل الى يوشع انى قد ابتليت فاصنع لنا زادا وانطلق بنا واشترى حوتا من حيتان الحية فأخرج بآذربيجان ثم شواه ، ثم حمله في مكتل ، ثم انطلقا يمشيان فانتهيا الى شيخ مستلق معه عصاه ، موضوعة الى جانبه وعليه كساء إذا قنع رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطى رجليه خرج رأسه ، قال : فقام موسى يصلى وقال ليوشع : احفظ على ، قال : فقطرت قطرة من الماء (٢) في المكتل ، فاضطرب الحوت ، ثم جعل يثب من المكتل ، قال : وهو قوله : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) سربا قال : ثم انه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره ، فقال : يا موسى ما أخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر ، قال : ثم قام يمشى فتبعه يوشع.

قال موسى وقد نسي الزبيل (٣) يوشع ، وانما أعيى حيث جاوز الوقت فيه ، فقال : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) الى قوله : (فِي الْبَحْرِ عَجَباً) قال فرجع موسى يقص أثره حتى انتهى اليه وهو على حاله مستلق فقال له موسى : السلام عليك فقال السلام عليك يا عالم بنى إسرائيل ، قال : ثم وثب فأخذ عصاه بيده ، قال : فقال له موسى : انى قد أمرت «ان (أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) فقال كما قص عليكم : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : فانطلقا حتى انتهيا الى معبر (٤) فلما نظر إليهم أهل المعبر قالوا : والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا اليوم ، فحمل عليهم فلما ذهبت السفينة كثرت الماء خرقها قال له موسى كما أخبرتم ، ثم قال : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).

__________________

(١) مراق جمع المرقاة ـ بفتح الميم وكسرها ـ : الدرجة.

(٢) وفي المصدر «من السماء» بدل «من الماء».

(٣) الزبيل : الزنبيل.

(٤) المعبر : ما عبر به النهر والمراد هنا السفينة.

٢٧٧

قال : وخرجا على ساحل البحر فاذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر ، في أذنيه درتان فتوركه العالم (١) فذبحه قال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) قال (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) خبزا نأكله فقد جعنا ، قال : وهي قرية على ساحل يقال له ناصرة ، وبها سمى النصارى نصارى فلم يضيفوهما ولم يضيفوا بعد هما أحدا حتى تقوم الساعة ، وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين البيعة لمعاوية ، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسن بن على لعبد الله ابن على : لعنك الله من كافر ، فقال له : قد قتلته يا با محمد ، وكان مثل الجدار فيكم على والحسن والحسين (٢)

__________________

(١) اى جعله على وركه معتمدا عليها.

(٢) قال المجلسي (ره) في بيان الحديث : اما كون ترك الحسين عليه‌السلام البيعة لمعاوية لعنه الله شبيها بخرق السفينة لأنه عليه‌السلام بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة ، وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة. منه : ظهور كفر بنى امية وجورهم على الناس. وخروج الخلق عن طاعتهم. ومنها : ظهور حقيقة أهل البيت عليهم‌السلام وإمامتهم إذ لو بايعه الحسين عليه‌السلام أيضا لظن أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهم‌السلام ولاة الأمر. ومنها : ان بسبب ذلك صار من بعده من الائمة عليهم‌السلام آمنين مطمئنين ينشرون العلم بين الناس الى غير ذلك من المصالح التي لا يعلمها غيرهم ، ولو كان ما ذكره المورخون من بيعته عليه‌السلام له أخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداء ، ولا يبعد أن يكون في الأصل يزيد بن معاوية فسقط السقاط الملعون هو وأبوه ، واما ما تضمن من قول الحسن عليه‌السلام لعبد الله بن على فيشكل توجيهه لأنه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد وغيره ، والقول بأنه عليه‌السلام علم انه لو بقي بعد ذلك ولم يستشهد مع الحسين عليه‌السلام ردا على المفيد ، وذكر صاحب المقاتل وغيره انه صار الى المختار ، فسئل ان يدعو اليه ويجعل الأمر له فلم*

٢٧٨

١٥٢ ـ في مجمع البيان سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أخبرنى أبي بن كعب قال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ان موسى قام خطيبا في بنى إسرائيل فسئل أى الناس أعلم؟ قال : أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم اليه ، فأوحى الله اليه ان لي عبدا ، بمجمع البحرين هو أعلم منك ، قال موسى : يا رب فكيف لي به؟ قال : تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل ، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤسهما فناما ، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه ، فسقط في البحر (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبر بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد ، قال موسى لفتاه آتنا غدائنا (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ، قالَ) : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله تعالى به فقال فتاه : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ) الاية قال : وكان للحوت سربا ، ولموسى وفتيه عجبا ، فقال موسى : «ذلك ما كنا نبغى» الاية قال : رجعا يقصان الأثر حتى انتهيا الى الصخرة ، فوجدا رجلا مسجى بثوب ، فسلم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ، قال : أنا موسى ، قال : موسى بنى إسرائيل؟ قال نعم أتيتك «لتعلمني (مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) يا موسى انى على علم من الله لا تعلمه علمنيه ، وأنت على علم من الله علمك لا أعلمه أنا ، فقال له موسى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فقال الخضر : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فَانْطَلَقا) يمشيان على

__________________

* يفعل ، فخرج ولحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف. قوله : «فقال له» اى أمير المؤمنين عليه‌السلام «قد قتلته» اى سيقتل بسبب لعنك أو هذا اخبار بأنه سيقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره واما مثل الجدار فلعل المراد ان الله تعالى كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامين بصلاح أبيهما فكذلك حفظ العلم لصلاح على والحسن والحسين عليهم‌السلام في أولادهم الى أن يظهره القائم للخلق أو حفظ الله علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم فأقام عليا عليه‌السلام للخلافة بعد أن أصابه ما اصابه من المخالفين والله يعلم.

٢٧٩

ساحل البحر فمرت سفينة وكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوه بغير قول.

فلما (رَكِبا فِي السَّفِينَةِ) لم يفجأ الا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم (١) فقال له موسى : قوم حملونا بغير قول ، عمدت الى سفينتهم «فخرقتها (لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كانت الاولى من موسى نسيانا ، قال : وجاء عصفور فوقع على جوف السفينة فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخضر : ما علمي وعلمك من علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذ ابصر الخضر غلاما يلعب بين الغلمان ، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتطعه فقتله ، فقال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : وهذا أشد من الاول (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ) الى قوله : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) كان مايلا ، فقال الخضر (٢) بيده فأقامه ، فقال موسى : قوم قد اتيناهم ولم يضيفونا ، «فلو (شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما.

١٥٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : والصبر ما أوله مر وآخره حلو فمن دخله من أواخره فقد دخل ، ومن دخله من أوائله فقد خرج ، ومن عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر ، قال الله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما‌السلام و (كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).

١٥٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه قال : ان موسى بن عمران ، لما كلمه الله تكليما وأنزل عليه التورية ، وكتب (لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) ، وجعل

__________________

(١) القدوم : آلة النجر والنحت.

(٢) اى أشار.

٢٨٠