تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

٣٧٣ ـ على بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الرحمان بن سالم عن اسحق بن عمار قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : أخبرنى بأفضل المواقيت في صلوة الفجر ، فقال : مع طلوع الفجر ان الله يقول : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعنى صلوة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، فاذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين ، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٣٧٤ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا عن على بن الحكم عن ربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما عرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بالصلوة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين زاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع ركعات شكرا لله ، فأجاز الله له ذلك ، وترك الفجر لم يزد فيها ، لأنه يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٣٧٥ ـ في من لا يحضره الفقيه سئل الصادق عليه‌السلام : لم صارت المغرب ثلث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى أنزل على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله كل صلوة ركعتين ، فأضاف إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل صلوة ركعتين في الحضر ، وقصر فيها في السفر ، الا المغرب والغداة ، فلما صلى عليه‌السلام المغرب بلغه مولد فاطمة عليها‌السلام فأضاف إليها ركعة شكرا لله عزوجل ، فلما ان ولد الحسن عليه‌السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فلما أن ولد الحسين عليه‌السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فقال : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فتركها على حالها في السفر والحضر.

٣٧٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : جمعت الصلوات كلهن ودلوك الشمس زوالها ، وغسق الليل انتصافه ، وقال : انه ينادى مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل : من رقد عن صلوة العشاء الى هذه الساعة فلا نامت

٢٠١

عيناه ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : صلوة الصبح ، واما قوله : (كانَ مَشْهُوداً) قال : تحضره ملائكة الليل والنهار.

٣٧٧ ـ وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : ان الله افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس الى انتصاف الليل ، منها صلوتان أول وقتها من عند زوال الشمس الى غروبها ، الا ان هذه قبل هذه ، ومنها صلوتان أول وقتها من غروب الشمس الى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه.

٣٧٨ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : دلوكها زوالها ، غسق الليل الى نصف الليل ، ذلك أربع صلوات وضعهن رسول الله ووقتهن للناس ، وقرآن الفجر صلوة الغداة.

٣٧٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سعيد بن المسيب قال : سألت على ابن الحسين صلوات الله عليه فقلت له : متى فرضت الصلوة على المسلمين على ما هم اليوم عليه؟ قال : فقال : بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوى الإسلام ، وكتب الله عزوجل الجهاد ، زاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلوة سبع ركعات ، في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقرا الفجر على ما فرضت بمكة ، لتعجيل عروج ملائكة الليل الى السماء ، ولتعجيل ملائكة النهار الى الأرض ، فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلوة الفجر ، فلذلك قال عزوجل : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يشهده المسلمون ، ويشهده ملائكة النهار ، وملائكة الليل.

٣٨٠ ـ وباسناده الى أبى هاشم الخادم عن أبى الحسن الماضي عليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره : وما بين غروب الشمس الى سقوط الشفق غسق.

٣٨١ ـ وباسناده الى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل

٢٠٢

فكان فيما سأله ان قال : أخبرنى عن الله عزوجل لأي شيء فرض هذه الخمس صلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ، فاذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شيء دون العرش بحمد ربي جل جلاله ، وهي الساعة التي يصلى على فيها ربي ، ففرض الله عزوجل على وعلى أمتي فيها الصلوة وقال : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيمة ، فما من مؤمن يوافق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما الا حرم الله عزوجل جسده على النار ، واما صلوة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه‌السلام فيها من الشجرة ، فأخرجه الله عزوجل من الجنة فأمر الله عزوجل ذريته بهذه الصلوة الى يوم القيمة ، واختارها لامتى ، فهي من أحب الصلوات الى الله عزوجل ، وأوصانى أن أحفظها من بين الصلوات ، واما صلوة المغرب فهي الساعة التي تاب الله على آدم عليه‌السلام ، وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه عزوجل ثلاثمائة سنة من أيام ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة ، ما بين العصر الى العشاء وصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حوا وركعة لتوبته ففرض الله عزوجل هذه الركعات الثلاث على أمتي ، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عزوجل أن يستجيب لمن دعاه فيها وهي الصلوة التي أمرنى ربي بها في قوله عزوجل (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) واما صلوة العشاء الآخرة فان للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة ، أمرنى ربي عزوجل وأمتي بهذه الصلوة لتنور القبر ، وليعطيني وأمتي النور على الصراط ، وما من قدم مشت الى صلوة العتمة الا حرم الله عزوجل جسده على النار ، وهي الصلوة التي اختارها الله عزوجل قبلي للمرسلين ، واما صلوة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرن شيطان ، فأمرنى ربي عزوجل أن أصلى قبل طلوع الشمس صلوة الغداة ، وقبل ان يسجد لها الكافر لتسجد أمتي لله عزوجل وسرعتها أحب الى الله عزوجل ، وهي الصلوة التي يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٢٠٣

وفي من لا يحضره الفقيه مثل هذه العلل سواء.

٣٨٢ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن على بن عبد الله عن ابن فضال عن مروان عن عمار الساباطي قال : كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمنى ، فقال له رجل : ما تقول في النوافل؟ فقال : فريضة ، قال : ففزعنا وفزع الرجل فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : انما أعنى صلوة الليل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ان الله عزوجل يقول : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ).

٣٨٣ ـ في كتاب الخصال فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام : يا على ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا : لقاء الاخوان والإفطار من الصيام ، والتهجد في آخر الليل.

٣٨٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن النعمان عن بعض رجاله قال : جاء رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين انى قد حرمت الصلوة بالليل قال : فقال أمير المؤمنين : أنت رجل قد قيدتك ذنوبك.

٣٨٥ ـ وباسناده الى الحسين بن الحسن الكندي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلوة الليل ، فاذا حرم صلوة الليل حرم بها الرزق.

٣٨٦ ـ وباسناده الى آدم بن اسحق عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عليكم بصلوة الليل فانها سنة نبيكم ، ودأب الصالحين قبلكم ، ومطردة الداء عن أجسادكم.

٣٨٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : صلوة الليل تبيض الوجوه ، وصلوة الليل تطيب الليل وصلوة الليل تجلب الرزق.

٣٨٨ ـ وباسناده الى اسمعيل بن موسى عن جعفر عن أخيه على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : سئل على بن الحسين عليهما‌السلام : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال : لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره.

٢٠٤

٣٨٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى جابر بن اسمعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام ان رجلا سأل على بن ابى طالب من قيام الليل بالقرآن ، فقال له : أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله مخلصا ابتغاء ثواب الله قال الله عزوجل لملائكته : اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من جبة وورقة وشجرة ، وعدد كل قصبة وخوص ومرعى ، ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات ، وأعطاه كتابه بيمينه ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية ، وشفع في أهل بيته ومن صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر ، حتى يمر على الصراط مع الآمنين ومن صلى سدس ليلة كتب في الأوابين ، وغفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته ، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين حتى يمر على الصراط كالريح العاصف ، ويدخل الجنة بغير حساب ، ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك الا غبطه بمنزلته من الله عزوجل ، وقيل له : ادخل من أى أبواب الجنان الثمانية شئت ، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطى ملاء الأرض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاؤه وكان له بذلك عند الله عزوجل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد اسمعيل ، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (١) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات ومن صلى ليلة تامة تاليا لكتاب الله عزوجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطى من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته امه ، ويكتب له عدد ما خلق الله عزوجل من الحسنات ، ومثلها درجات ، ويثبت النور في قبره ، وينزع الإثم والحسد من قلبه ، ويجار من عذاب النار ويعطى برائة من النار ، ويبعث من الآمنين ، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته : يا ملائكتى انظروا الى عبدي أحيى ليلة ابتغاء مرضاتي ، أسكنوه الفردوس ، وله فيها ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، ولم يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة.

٣٩٠ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد

__________________

(١) اى المتلاطم.

٢٠٥

ذكر أهل المحشر : ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو المقام المحمود ، فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثنى على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ، ثم بالصالحين فتحمده أهل السموات وأهل الأرض ، فذلك قوله عزوجل : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) فطوبى لمن كان في ذلك اليوم له حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك اليوم حظ ولا نصيب.

٣٩١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان وابن أبى عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت المدينة الى أن قال : وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون.

٣٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيمة؟

فقال : يلجم الناس يوم القيمة العرق ، فيقولون : انطلقوا بنا الى آدم يشفع لنا فيأتون آدم فيقولون : اشفع لنا عند ربك ، فيقول : ان لي ذنبا وخطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحا فيردهم الى من يليه ، ويردهم كل نبي الى من يليه حتى ينتهوا الى عيسى ، فيقول : عليكم بمحمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء ، فيعرضون أنفسهم عليه ، ويسألونه فيقول : انطلقوا ، فينطلق بهم الى باب الجنة ، ويستقبل باب الرحمن ويخر ساجدا ، فيمكث ما شاء الله فيقول : ارفع رأسك واشفع تشفع ، وسل تعط ، وذلك قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).

٣٩٣ ـ وحدثني أبى عن محمد بن أبى عمير عن معاوية وهشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في ابى وأمي وعمى وأخ كان لي في الجاهلية.

٣٩٤ ـ حدثني ابى عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام ان صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر : غطى قرطك (١) فان قرابتك من

__________________

(١) القرط ـ بالضم ـ : ما يعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها.

٢٠٦

رسول الله لا ينفعك شيئا ، فقالت له : هل رأيت لي قرطا يا بن اللخناء ، ثم دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته وبكت ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى : الصلوة جامعة فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع؟! لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم لا يسألني اليوم أحد من أبوه الا أخبرته ، فقام اليه رجل فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك غير الذي تدعى له ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بال الذي يزعم ان قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام اليه عمر فقال : أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسوله ، اعف عنى عفا الله عنك ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) الاية.

٣٩٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على قال : قال علي عليه‌السلام : قد ذكر مناقب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ووعده المقام المحمود ، فاذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش الحديث.

٣٩٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا حشر الناس يوم القيمة نادى مناد : يا رسول الله ان الله جل اسمه قد أمنك من مجاراة (١) محبيك ومحبي أهل بيتك الموالين لهم فيك والمعادين لهم فيك ، فكافهم بما شئت ، فأقول : يا رب الجنة فأنادي بوئهم منها حيث شئت ، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به.

٣٩٧ ـ وباسناده الى أنس بن مالك ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقبلا على على بن أبي طالب صلوات الله عليه وهو يتلو هذه الاية : (فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) فقال : يا على ان ربي عزوجل ملكني بالشفاعة في أهل التوحيد من أمتي ، وحظر ذلك عمن ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك.

٣٩٨ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا قمت

__________________

(١) جاراه في الحديث مجاراة : اى جرى وخاض معه في الكلام ، وفي البحار «مجازاة» بالزاء المعجمة.

٢٠٧

المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم ، والله لا تشفعت فيمن أذى ذريتي.

٣٩٩ ـ وفيها أيضا قال الله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المقام الذي اشفع فيه لامتى.

٤٠٠ ـ في تفسير العياشي عن خثيمة الجعفي قال : كنت عند جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنا ومفضل بن عمر ليلة ليس عنده أحد غيرنا ، فقال له مفضل الجعفي : جعلت فداك حدثنا حديثا نسر به ، قال : نعم إذا كان يوم القيمة حشر الله الخلايق في صعيد واحد حفاة عراة غرلا (١) قال : فقلت : جعلت فداك ما الغرل؟ قال : كما خلقوا أول مرة ، فيقفون حتى يلجمهم العرق (٢) فيقولون : ليت الله يحكم بيننا ولو إلى النار ، يرون أن في النار راحة مما هم فيه ، ثم يأتون آدم فيقولون : أنت أبونا وأنت نبي فسل ربك يحكم بيننا ولو الى النار ، فيقول : لست بصاحبكم خلقني ربي بيده ، وحملني على عرشه ، وأسجد لي ملائكته ، ثم أمرنى فعصيته ، ولكني أدلكم على إبني الصديق الذي مكث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم كلما كذبوا اشتد تصديقه : نوح. قال : فيأتون نوحا فيقولون : سل ربك يحكم بيننا ولوالى النار ، قال : فيقول : لست بصاحبكم انى قلت : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ولكني أدلكم الى من اتخذه الله خليلا في دار الدنيا ايتوا إبراهيم ، قال : فيأتون إبراهيم فيقول : لست بصاحبكم انى قلت : (إِنِّي سَقِيمٌ) ولكني أدلكم على من كلم الله تكليما : موسى ، قال : فيأتون موسى ، فيقولون له ، فيقول : لست بصاحبكم «انى قتلت نفسا» ولكني أدلكم على من كان يخلق بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله : عيسى ، فيأتونه فيقول : لست بصاحبكم ولكني أدلكم على من بشرتكم به في دار الدنيا : أحمد.

__________________

(١) قال الطريحي (ره) : في الحديث يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، قيل : هي أرض مستوية ، والغرل ـ بضم الغين ـ : من لم يختن.

(٢) قال الجزري : فيه : يبلغ العرق منهم ما يلجمهم اى يصل الى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام يعنى في المحشر.

٢٠٨

ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما من نبي ، آدم الى محمد صلوات الله عليهم الا وهم تحت لواء محمد ، قال : فيأتونه ثم قال : فيقولون : يا محمد سل ربك يحكم بيننا ولو الى النار قال : فيقول نعم أنا صاحبكم ، فيأتي دار الرحمن وهي عدن وان بابها سعته بعد ما بين المشرق والمغرب ، فيحرك حلقة من الحلق ، فيقال : من هذا؟ وهو أعلم به. فيقول : انا محمد ، فيقال : افتحوا له ، قال : فيفتح لي ، قال فاذا نظرت الى ربي (١) مجدته تمجيدا لم يمجده أحد كان قبلي ولا يمجده أحد كان بعدي ، ثم أخر ساجدا فيقول : يا محمد ارفع رأسك ، وقل نسمع قولك (٢) واشفع تشفع وسل تعط ، قال : فاذا رفعت رأسى ونظرت الى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول ثم أخر ساجدا فيقول : ارفع رأسك وقل نسمع قولك ، واشفع تشفع ، وسل توجه ، فاذا رفعت رأسى ونظرت الى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول والثاني ، ثم أخر ساجدا فيقول : ارفع رأسك وقل نسمع قولك واشفع تشفع ، وسل توجه ، فاذا رفع رأسي ونظرت الى ربي أقول : رب احكم بين عبادك ولو الى النار فيقول : نعم يا محمد ، قال : ثم يؤتى بناقة من ياقوت أحمر وزمامها زبرجد أخضر حتى أركبها ، ثم آتى المقام المحمود حتى أقضى عليه ، وهو تل من مسك أذفر محاذ بحيال العرش ، ثم يدعى إبراهيم فيحمل على مثلها فيجيء حتى يقف عن يمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده يضرب على كتف على بن أبي طالب ، قال : ثم يؤتى والله بمثلها فيحمل عليها ، فيجيء حتى يقف بيني وبين أبيك إبراهيم ، ثم يخرج مناد من عند الرحمن فيقول : يا معشر الخلايق أليس العدل من ربكم أن يولى كل قوم ما كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون : بلى واى شيء عدل غيره ، فيقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عيسى هو الله وابن الله فيتبعونه الى النار ويقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عزيرا ابن الله حتى يتبعونه الى النار ويقوم كل شيطان أضل فرقة فيتبعونه الى النار حتى تبقى هذه الامة

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : اى الى عرشه ، أو الى كرامته ، أو الى نور من أنوار عظمته.

(٢) وفي المصدر «يسمع» بالياء بدل «نسمع».

٢٠٩

ثم يخرج مناد من عند الله فيقول : يا معشر الخلايق أليس العدل من ربكم ان يولى كل فريق من كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون : بلى ، فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم شيطان ثالث فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولاه ، ويقوم على فيتبعه من كان يتولاه ثم يقوم يزيد بن معاوية فيتبعه من كان يتولاه ، ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاه ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما ، ثم يقوم على بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمد بن على فيتبعهما من كان يتولاهما ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني ، وكأنى بكما معى ، ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا (١) ويؤتى بالكتب فتوضع فنشهد على عدونا ، ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقا ، قال : قلت : جعلت فداك فما المرهق؟ قال : المذنب ، فاما الذين اتقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله (بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، قال : ثم جائته جارية له فقالت : ان فلان القرشي بالباب ، فقال : ائذنوا له ، ثم قال لنا : اسكتوا.

٤٠١ ـ عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله ان أناسا من بنى هاشم أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي ، وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها فنحن أولى بها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بنى عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ، ولكني وعدت بالشفاعة ، ثم قال : والله أشهد انه قد وعدها فما ظنكم يا بنى عبد المطلب إذا أخذت بحلقة الباب أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟.

ثم قال : ان الجن والانس يجلسون يوم القيامة في صعيد واحد ، فاذا طال بهم الموقف طلبوا الشفاعة فيقولون : الى من؟ فيأتون نوحا فيسألونه الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي (٢) فيقولون الى من؟ فيقال : الى إبراهيم فيأتون الى إبراهيم فيسألونه

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : كناية عن ظهور الحكم والأمر من عند العرش وخلق الكلام هناك.

(٢) وقال (ره) : قد رفعت حاجتي اى الى غيري والحاصل انى أيضا استشفع من غيري فلا استطبع شفاعتكم ، ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول كناية عن رفع الرجاء اى رفع عنى طلب الحاجة لما صدر منى من ترك الاولى.

٢١٠

ـ الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي ، فيقولون الى من؟ فيقال : ايتوا موسى فيأتونه فيسألونه الشفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون : الى من؟ فيقال : ايتوا عيسى ، فيأتونه ويسألونه الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون : الى من؟ فيقال ايتوا محمدا ، فيأتونه فيسألونه الشفاعة فيقوم مدلا حتى يأتى باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب ثم يقرعه فيقال : من هذا؟ فيقول : احمد ، فيرحبون (١) ويفتحون الباب ، فاذا نظر الى الجنة خر ساجدا يمجد ربه ويعظمه ، فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تعط ، واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيدخل من باب الجنة ، فيخر ساجدا ويمجد ربه ويعظمه فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيقوم فما يسأل شيئا الا أعطاه إياه.

٤٠٢ ـ عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام قال في قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال : هي الشفاعة.

٤٠٣ ـ عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم في قول الله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال : يقوم الناس يوم القيمة مقدار أربعين عاما وتؤمر الشمس فتركب على رؤس العباد ، ويلجمهم العرق ، وتؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيشفعون به فيدلهم على نوح ، ويدلهم نوح على إبراهيم ، ويدلهم إبراهيم على موسى ، ويدلهم موسى الى عيسى ، ويدلهم عيسى فيقول : عليكم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين فيقول محمد : أنا لها (٢) فينطلق حتى يأتى باب الجنة فيدق ، فيقال : من هذا ـ والله أعلم ـ فيقول : محمد ، فيقال : افتحوا له ، فاذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا ، فلا يرفع رأسه حتى يقال له : تكلم واسئل تعط واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها ، فيرفع رأسه حتى انه ليشفع من قد أحرق بالنار ، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قول الله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).

__________________

(١) وفي تفسير البرهان «فيجيئون».

(٢) وفي بعض النسخ «ايها لها».

٢١١

٤٠٤ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم ، قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال ، وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق اداه ، ومنه قوله : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) فانها نزلت يوم فتح مكة ، لما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخولها أنزل الله : «قل يا محمد (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) الآية.

٤٠٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابى عبد الله عن حماد عن حريز عن إبراهيم بن نعيم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الاية (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) فاذا عاينت الذي تخافه فاقرأ آية الكرسي.

٤٠٧ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) قال : إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل.

٤٠٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه خطبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير وفيها : معاشر الناس لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه ، ولا تستنكفوا من ولايته ، فهو الذي يهدى الى الحق ويعمل به ، ويزهق الباطل وينهى عنه.

٤٠٩ ـ في مجمع البيان قال ابن مسعود : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود في يده ، ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَ

٢١٢

زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).

٤١٠ ـ في الخرائج والجرائح عن حكيمة خبر طويل وفيه ولما ولد القائم عليه‌السلام كان نظيفا مفروغا منه ، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).

٤١١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى سليمان بن خالد قال : حدثنا على بن موسى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة والأصنام حول الكعبة ، وكانت ثلاثمائة وستين صنما ، فجعل يطعنها بمخصرة (١) في يده ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) وما يبدئ الباطل وما يعيد» فجعلت تنكب لوجهها.

٤١٢ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وانما الشفاء في علم القرآن لقوله (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) للناس ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية ، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا).

٤١٣ ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما الشفاء في علم القرآن لقوله : (ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) لأهله لا شك فيه ولا مرية الى آخر ما سبق.

٤١٤ ـ عن محمد بن أبي حمزة رفعه الى أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يزيد الظالمين آل محمد حقهم الا خسارا

٤١٥ ـ في كتاب طب الائمة قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاية قط وقال بإخلاص نية ـ ومسح موضع العلة ـ : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) الا عوفي من تلك العلة أية علة كانت ومصداق ذلك في الآية حيث يقول : (شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

٤١٦ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يا ابن سنان لا بأس

__________________

(١) المخصرة : ما يتوكأ عليه كالعصا.

٢١٣

بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن أليس الله يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

٤١٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : النية أفضل من العمل ، ألا وان النية هي العمل ، ثم تلا قوله عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) يعنى على نيته ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن أحمد بن يونس عن أبي هاشم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : انما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وانما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ).

٤١٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال صالح بن الحكم : سئل الصادق عليه‌السلام عن الصلوة في البيع والكنايس (١)؟ فقال : صل فيها قلت : أصلي فيها وان كانوا يصلون فيها؟ قال : نعم أما تقرأ القرآن : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) صل على القبلة ودعهم.

٤٢٠ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد الناب عن حكم ابن الحكم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وسئل عن الصلوة في البيع والكنائس؟

فقال : صل فيها قد رأيتها ما أنظفها ، قلت : أصلي فيها وان كانوا يصلون فيها؟ فقال : نعم اما تقرء القرآن : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) صل القبلة وغربهم.

٤٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)

__________________

(١) البيع جمع البيعة : معبد النصارى. والكنائس جمع النيسة : متعبد اليهود.

٢١٤

اى على نيته (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) فانه حدثني أبي عن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة أوقف المؤمن بين يديه ، فيكون هو الذي يتولى حسناته فيعرض عليه عمله ، فينظر في صحيفته ، فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه ، وترتعد فرائصه (١) وتفزع نفسه ، ثم يرى حسناته فتقر عينه وتسر نفسه وتفرح روحه ، ثم ينظر الى ما أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه ، ثم يقول الله عزوجل للملائكة : هلموا بالصحف التي فيها الأعمال التي لم يعملوها ، قال : فيقرءونها فيقولون : وعزتك انا لنعلم انا لم نعمل منها شيئا ، فيقول : صدقتم نويتموها فكتبناها لكم ، ثم يثابون عليها.

٤٢٢ ـ واما قوله : و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل ، وكان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع الائمة عليهم‌السلام ، وفي خبر آخر هو من الملكوت.

٤٢٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الائمة وهو من الملكوت.

٤٢٤ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابى أيوب الخزاز عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد ، ممن مضى غير محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الائمة يسددهم ، وليس كلما طلب وجد.

٤٢٥ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق من خلق الله ، وانه يزيد

__________________

(١) الفريصة : لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.

٢١٥

في الخلق ما يشاء.

٤٢٦ ـ حمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) قالا : ان الله تبارك وتعالى أحد صمد ، والصمد الشيء الذي ليس له جوف ، فانما الروح خلق من خلقه بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرسل.

٤٢٧ ـ وفي رواية أبي أيوب الخزاز قال : أعظم من جبرئيل وليس كما ظننت.

٤٢٨ ـ عن ابى بصير عن أحدهما قال : سألته عن قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ما الروح؟ قال : التي في الدواب والناس ، قلت وما هي؟ قال : هي من الملكوت من القدرة.

٤٢٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفخ؟ فقال : ان الروح متحرك كالريح ، وانما سمى روحا لأنه اشتق اسمه من الريح ، وانما أخرجت على لفظ الروح لان الروح مجانس للريح ، وانما اضافه الى نفسه لأنه اصطفاها على ساير الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت ، فقال : «بيتي» وقال لرسول من الرسل «خليلي» وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر. وفي الكافي مثله سواء.

٤٣٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى مسعدة بن زياد قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ان روح آدم لما أمرت أن تدخل فكرهته ، فأمرها أن تدخل كرها وتخرج كرها.

٤٣١ ـ في كتاب علل الشرائع أخبرنى على بن حاتم قال : أخبرنا القاسم ابن محمد قال : حدثنا حمدان بن الحسين عن الحسن بن الوليد عن عمران الحجاج عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : لأي علة إذا خرج الروح من الجسد وجد له مسا وحيث ركبت لم يعلم به؟ قال : لأنه نما عليه البدن.

٤٣٢ ـ في نهج البلاغة قال : وخرجت الروح من جسده فصار جيفة

٢١٦

بين أهله.

٤٣٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرنى عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره؟ قال : يذهب فلا يعود ، قال : فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع اليه أبدا ، كما لا يرجع ضوء السراج اليه أبدا ذا انطفى ، قال : لم تصب القياس لان النار في الأجسام كامنة ، والأجساد قائمة بأعيانها كالحجر والحديد ، فاذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار مقتبس منها له ضوء ، فالنار ثابتة في أجسامها ، والضوء ذاهب ، والروح جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا وليس بمنزلة السراج الذي ذكرت ، ان الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف ، وركب فيه ضروبا مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك ، هو يحييه بعد موته ويعيده بعد فنائه ، قال : فأين الروح؟ قال : في بطن الأرض حيث مصرع البدن الى وقت البعث ، قال : فمن صلب أين روحه؟ قال : في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض ، قال : فأخبرنى عن الروح أغير الدم؟ قال : نعم الروح على ما وصفت لك مادته من الدم ، ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك ، فاذا جمد الدم فارق الروح البدن ، قال : فهل توصف بخفة وثقل ووزن؟ قال : الروح بمنزلة الريح في الزق ، إذا نفخت فيه امتلاء الزق منها ، فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ، ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن.

٤٣٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ابى ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا قالوا : حدثنا أحمد بن ابى عبد الله البرقي قال : حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري عن محمد بن على الثاني عليه‌السلام قال : أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ذات يوم ومعه الحسن بن على وسلمان الفارسي وأمير المؤمنين عليه‌السلام متك على يد سلمان (ره) فدخل المسجد الحرام ،

٢١٧

فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه‌السلام فجلس ثم قال : يا أمير المؤمنين أسئلك عن ثلاث مسائل ان أخبرتنى بهن علمت ان القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم ، انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ، ولا في آخرتهم وان تكن الاخرى علمت انك وهم شرع سواء ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : سلني عما بدا لك ، قال : أخبرنى عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه‌السلام الى أبي محمد الحسن بن على عليه‌السلام فقال : يا أبا محمد أجبه ، فقال : أما ما سألت عنه من امر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح ، والريح معلقة في الهوى ، الى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فاذا اذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح ، وجذبت تلك الريح الهوى ، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها ، وان لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهوى الريح وجذبت الروح فلم ترد الى صاحبها الا الى وقت ما يبعث

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (١).

٤٣٥ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى النوفلي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة الى السماء فقلت له : وتصعد روح المؤمن الى السماء؟ قال : نعم ، قلت : حتى لا يبقى منه شيء في بدنه؟ قال لا ، لو خرجت حتى لا يبقى منه شيء إذا لمات ، قلت : فكيف تخرج؟ فقال : أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوءها وشعاعها في الأرض ، فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتهما ممدودة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣٦ ـ في مجمع البيان يجوز أن يكون الروح الذي سألوا عنه : جبرئيل عليه‌السلام

__________________

(١) «في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فأخبرنى ما جوهر الريح؟ قال : الريح هواء إذا تحرك سمى ريحا ، فاذا سكن سمى هواء وبه قوام الدنيا ، ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شيء على وجه الأرض ونتن ، وذلك ان الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شيء وتطيبه ، فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن وتغيير تبارك الله أحسن الخالقين. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢١٨

على قول الحسن ، أم ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، لكل وجه سبعون ألف لسان يسبح الله بجميع ذلك ، على ما روى عن على عليه‌السلام.

٤٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وذلك ان اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الروح ، فقال : (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قالوا : نحن خاصة؟ قال : بل الناس عامة ، قالوا : فكيف يجتمع هذان يا محمد تزعم انك لم تؤت من العلم الا قليلا ، ولقد أوتيت القرآن وأوتينا التورية ، وقد قرأت : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) وهي التورية (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) فانزل الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) يقول : علم الله أكبر من ذلك وما أوتيتم كثيرا فيكم قليل عند الله.

٤٣٨ ـ في تفسير العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قال : تفسيرها في الباطن انه لم يؤت العلم الا أناس يسير ، فقال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) منكم.

٤٣٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى حنان بن سدير عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال ، وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.

٤٤٠ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي حديث طويل وفيه قال الرضا عليه‌السلام : يا جاهل فاذا علم الشيء فقد أراده ، قال سليمان : أجل قال : فاذا لم يرده لم يعلمه؟ قال سليمان : أجل ، قال : من أين قلت ذاك وما الدليل ان إرادته علمه وقد يعلم مالا يريده أبدا؟ وذلك قوله : و (لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب ولا يذهب به أبدا؟ قال سليمان لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد

٢١٩

فيه شيئا ، قال الرضا عليه‌السلام : هذا قول اليهود فكيف قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟ قال سليمان : انما عنى بذلك انه قادر عليه ، قال : أفيعد ما لا يفي به؟ فكيف قال : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) وقال عزوجل : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) وقد فرغ من الأمر؟ فلم يحر جوابا. وفي كتاب التوحيد مثله سواء.

٤٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال الأمر الى أن قال سليمان : ان الارادة هي القدرة ، قال الرضا عليه‌السلام : وهو يقدر على ما لا يريد أبدا لا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فلو كانت الارادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به بقدرته ، فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع ثم تفرق القوم.

٤٤٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار بالتوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يذكر فيه تفسير حروف المعجم وفي آخره قال عليه‌السلام : ان الله تعالى نزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ثم قال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).

٤٤٣ ـ وباسناده الى الرضا عليه‌السلام انه ذكر القرآن يوما فعظم الحجة فيه ، والاية المعجزة في نظمه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٤٤ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أبي عبد الله عليه‌السلام ان ابن أبي العوجاء وثلثة نفر من الدهرية اتفقوا على ان يعارض كل واحد منهم ربع القرآن وكانوا بمكة ، وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل ، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم عليه‌السلام أيضا قال أحدهم : انى لما رأيت قوله : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ) كففت عن المعارضة وقال الآخر : وكذا أنا لما وجدت قوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) أيست من المعارضة ، وكانوا يسترون ذلك ، إذ مر عليهم الصادق عليه‌السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا

٢٢٠