تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

٣٩ ـ في مجمع البيان (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يعنى بذكر من معى ما هو كائن ، وبذكر من قبلي ما قد كان.

٤٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) قال : هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله ، وما قالت اليهود عزير بن الله ، وقالوا في الائمة ما قالوا ، فقال الله عزوجل : سبحانه انفة له (١) بل عباد مكرمون ، يعنى هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله ، وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قوله عزوجل : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ).

٤١ ـ في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة للائمة عليهم‌السلام المنقولة عن الجواد عليه‌السلام : السلام على الدعاة الى الله الى قوله : والمظهرين لأمر الله ونهيه ، وعباده المكرمين الذين (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ).

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل : وفيه والزمهم الحجة بان خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده وبأن لهم أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ، فهم العباد المكرمون (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، قال السائل : من هؤلاء الحجج؟ قال : هم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حل محله أصفياء الله الذين قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.

٤٣ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أمير المؤمنين عليه‌السلام في روايات الخاصة اختصم رجل وامرأة اليه ، فعلا صوت الرجل على المرئة ، فقال له على عليه‌السلام : اخسأ وكان خارجيا ، فاذا رأسه رأس الكلب ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال : ويحك لو أشاء أن آتى بمعاوية الى هاهنا على سريره لدعوت الله حتى فعل ، ولكن لله خزان لا على

__________________

(١) أنفة له اى تنزيه.

٤٢١

ذهب ولا فضة ولا انكار على اسرار ، هذا تدبير الله أما تقرأ : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ).

٤٤ ـ وروى الأصبغ بن نباتة قال : كنا نمشي خلف على عليه‌السلام ومعنا رجل من قريش فقال : يا أمير المؤمنين قد قتلت الرجال وأيتمت الأطفال وفعلت وفعلت؟ فالتفت اليه عليه‌السلام وقال : اخسأ فاذا هو كلب اسود فجعل يلوذ به ويبصبص (١) فرآه عليه‌السلام فرحمه فحرك شفتيه فاذا هو رجل كما كان ، فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية (٢) فقال : نحن عباد مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام : ما أتى جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمره الله بنزول هذه الآية : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر فقال رسول الله : ما أتيتني يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون قال : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فأخذت حمأة (٣) فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وعملت ذلك من غير أمر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني الله على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرني الله ان أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون امنت وعلمت ان ذلك كان لله رضى.

٤٦ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : وان الله اختص لنفسه بعد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من بريته خاصة علاهم بتعليته ، وسما بهم الى رتبته ، وجعلهم الدعاة بالحق اليه والأدلاء بالرشاد عليه لقرن قرن ، و

__________________

(١) بصبص الكلب : تحرك بذنبه.

(٢) ناواه : عاداه.

(٣) الحمأة : الطين الأسود.

٤٢٢

زمن زمن ، انشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتمجيده بتحميده ، وألهمها شكره وتمجيده ، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية ، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسموات ، وأشهدهم خلقه ، وولاهم ما شاء من أمره ، جعلهم تراجمة مشيته وألسن إرادته ، عبيدا (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ).

٤٧ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام زيارة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها يقول الزائر : يا ولى الله ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي الى ربك عزوجل ، فان لك عند الله مقاما محمودا ، وان لك عند الله جاها وشفاعة ، وقال الله : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى). وفي الكافي مثله سواء.

٤٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي ، ثم قال عليه‌السلام : انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله فما معنى قول الله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)؟ قال : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الله دينه.

٤٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : قال : هذه شرائع الدين الى أن قال : وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون ، لا يخلدون في النار ، ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين ، إذا ارتضى الله دينهم.

٥٠ ـ في كتاب التوحيد حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت له : يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

٤٢٣

فقال : حدثني أبي عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل ، قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا ابن رسول الله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال : يا با محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك وندم عليه ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالندم توبة ، وقال عليه‌السلام : من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فقلت له : يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال : يا با أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم انه سيعاقب عليها الا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له ، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار ، واما قول الله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) فإنهم (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الله دينه ، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات ، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.

٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم : قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) قال : من زعم انه امام وليس بإمام.

٥٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن على الباقر عليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه ، فقال له : جعلت فداك ما معنى قول الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : كانت السماء رتقا لا ينزل القطر ، وكانت الأرض رتقا لا يخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر ، وفتق الأرض بالنبات فانقطع

٤٢٤

عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى.

٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي ، فلقيا أبا عبد الله عليه‌السلام في المسجد الحرام فقال : هشام للأبرش : تعرف هذا؟ قال : لا ، قال : هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه فقال : الأبرش ، لاسألنه عن مسئلة لا يجيبني فيها نبي أو وصى نبي ، فقال هشام : وددت انك فعلت ذلك ، فلقي الأبرش أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : يا با عبد الله أخبرني عن قول الله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فما كان رتقهما وما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبرش هو كما وصف نفسه ، (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ، والماء على الهواء ، والهواء لا يحد ، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما ، والماء يومئذ عذب فرات ، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحى الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء ، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر و، وأجراها في الفلك ، وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب ، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب ، ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت ، ولم تمطر السماء عليها فتنبت ، ففتق السماء بالمطر ، وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فقال الأبرش : والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعده على ، فأعاد عليه وكان الأبرش ملحدا ، فقال : وانا أشهد انك ابن نبي ثلاث مرات.

٥٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن

٤٢٥

سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية قال : قال رجل من أهل الشام لأبي جعفر عليه‌السلام يا با جعفر قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فقال له أبو جعفر عليه‌السلام فلعلك تزعم انهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما من الاخرى؟ فقال : نعم ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : استغفر ربك فان قول الله عزوجل : (كانَتا رَتْقاً) يقول : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب ، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة ، فتق السماء بالمطر ، والأرض بنبات الحب ، فقال الشامي : اشهد انك من ولد الأنبياء ، وان علمك علمهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور عن أبي الربيع قال حججنا مع أبي جعفر عليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فقال : يا با جعفر فأخبرنى عن قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) قال : ان الله تبارك وتعالى اهبط آدم الى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا ، فلما تاب الله عزوجل على آدم صلى الله عليه أمر السماء فتفطرت بالغمام ، ثم أمرها فأرخت عزاليها (١) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار ، وتفيهت بالأنهار (٢) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها ، فقال نافع : صدقت يا ابن رسول الله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) أرخى الستر : أسد له. أرسله والعزالى جمع العزلاء : مصب الماء من الراوية وأرخى السماء عزاليها كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه القرب.

(٢) اى فتحت أفوامها والقياس «تفوهت» بالواو ويحتمل كونه «تفتقت» فصحف ، وفي روضة الكافي «تفهقت» من فهق الإناء : امتلأ.

٤٢٦

٥٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها.

٥٧ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام عبد الله بن بسطام قال : حدثنا ابن اسحق ابن إبراهيم عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام قال : حضرته يوما وقد شكى اليه بعض ، إخواننا ، فقال : يا ابن رسول الله ان أهلى كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون ، قال : وما هو؟ قال : وجع الرأس ، قال ، خذ قدحا من ماء واقرأ عليه : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ثم اشربه فانه لا يضره إنشاء الله تعالى.

٥٨ ـ وباسناده الى حماد بن عيسى يرفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا شكى أحدكم وجع الفخذين فليجلس في تور كبير وطست ، في الماء المسخن ، وليضع يده عليه وليقرأ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) قال : نسب كل شيء الى الماء ولم ينسب الماء الى غيره.

٦٠ ـ في تفسير العياشي عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنا عنده فسأله شيخ فقال : لي وجع وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ ، فقال له : ما يمنعك من الماء «الذي جعل الله من كل شيء حي» قال : لا يوافقني ، الحديث وقد كتب في النحل عند قوله تعالى : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ).

٦١ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده الى الحسين بن علوان قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن طعم الماء؟ فقال : سل تفقها ولا تسأل تعنتا ، طعم الماء طعم الحيوة ، قال الله سبحانه : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).

٦٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى الحسين بن علوان عن جعفر عليه‌السلام قال : كنت عنده جالسا إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون انه زنديق

٤٢٧

فأقبل أبو عبد الله عليه‌السلام يضرب فيه ويصعد ثم قال له : ويلك طعم الماء طعم الحيوة ، ان الله عزوجل يقول : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).

٦٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : وقال الله عزوجل : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) فلما أحيى به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك بفضله ورحمته حيوة القلوب والطاعات.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام ، بعد ذكره السماوات السبع : جعل سفلاهن موجا مكفوفا ، وعليا هن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) يعنى من الشياطين اى لا يسترقون السمع واما قوله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) فانه لما أخبر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يصيب أهل بيته بعده صلوات الله عليهم ، وادعاء من ادعى الخلافة دونهم ، اغتم رسول الله فأنزل الله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَلْخَيْرِ فِتْنَةً) اى نختبر كم (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) فأعلم ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه لا بدان تموت كل نفس.

٦٦ ـ وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال : كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذي نسمع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نريهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعد هم ، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة (١).

٦٧ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال : كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك ، قلت : لا سألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي ، فقلت : أخبرني عمن قتل أمات؟ قال : لا ، الموت موت والقتل قتل ، قلت : ما أحد يقتل الا وقد مات فقال : قول الله اصدق من قولك فرق بينهما في القرآن قال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) وقال :

__________________

(١) الجائحة : النازلة. الشدة.

٤٢٨

ـ (لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) وليس كما قلت يا زرارة الموت موت والقتل قتل قلت : فان الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) قال : من قتل لم يذق الموت ، ثم قال : لا بد من ان يرجع حتى يذوق الموت.

٦٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام مرض فعاده إخوانه ، فقالوا : كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال : بشر ، قالوا : ما هذا كلام مثلك؟ قال : ان الله تعالى يقول : ونبلوكم بالخير والشر فتنة فالخير الصحة والغنى ، والشر المرض والفقر.

٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) قال : لما أجرى في آدم الروح من قدميه فبلغت الى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر ، فقال الله عزوجل : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ).

٧٠ ـ في مجمع البيان قيل في «عجل» ثلاثة تأويلات : منها أن آدم لما خلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا الى ثمار الجنة ، وقيل : هم بالوثوب فهذا معنى قوله : «من عجل» وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٧١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها والتساقط فيها عند إمكانها ، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت ، أو الوهن عنها إذا استوضعت ، فضع كل أمر موضعه ، وأوقع كل عمل موقعه.

٧٢ ـ في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مع التثبت يكون السلامة ، ومع العجلة يكون الندامة ، ومن ابتدأ العمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه.

٧٣ ـ وعن على عليه‌السلام قال في كلام طويل : لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا

٧٤ ـ في مجمع البيان (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) وقيل بموت العلماء ، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نقصانها ذهاب عالمها.

٧٥ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليهما‌السلام في الوعظ والزهد

٤٢٩

في الدنيا ذكرنا في هذه السورة بعضه عند قوله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ) الاية ويتصل به قوله عليه‌السلام ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عزوجل : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فان قلتم أيها الناس ان الله عزوجل انما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) اعلموا عباد الله ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنصب لهم الدواوين ، وانما يحشرون الى جهنم. وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام فاتقوا الله عباد الله.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله تبارك وتعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة ، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين ، وفي غير هذا الحديث : الموازين هم الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام ، وقوله عزوجل : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فان ذلك خاصة.

٧٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى هشام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) قال : هم الأنبياء والأوصياء.

٧٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن إبراهيم الهمداني يرفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قال : الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام.

٧٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قال : المجازاة (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها) اى جازينا بها ، وهي ممدودة أتينا بها ، ثم حكى عزوجل قول إبراهيم لقومه وأبيه : فقال و (لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) الى قوله : (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) قال : فلما نهاهم إبراهيم عليه‌السلام واحتج

٤٣٠

عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا ، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته الى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم معه ، فوكله ببيت الأصنام ، فلما ذهبوا به عمد إبراهيم عليه‌السلام الى طعام فأدخله بيت أصنامهم ، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له : كل فاذا لم يجبه أخذ القدوم (١) فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر ، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا الى الأصنام مكسرة فقالوا : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) وهو ابن آزر فجاؤا به الى نمرود ، فقال نمرود لآزر : خنتني وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال : ايها الملك هذا عمل امه وذكرت انها تقوم بحجته ، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال : ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت : ايها الملك نظرا منى لرعيتك ، قال : وكيف ذلك؟ قالت : رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل ، فقلت : ان كان هذا الذي تطلبه دفعته اليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس ، وان لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس وصوب رأيها ، ثم قال لإبراهيم : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) يا إبراهيم قال إبراهيم : فعله كبير هم هذا فاسئلوهم ان كانوا ينطقون فقال الصادق عليه‌السلام : والله ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيم ، فقيل : فكيف ذلك؟ فقال : انما قال : فعله كبير هم هذا ان نطق ، وان لم ينطق فلم يفعل كبير هم هذا شيئا ، فاستشار قومه في إبراهيم فقالوا (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فقال الصادق عليه‌السلام : كان فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم فإنهم قالوا لنمرود : (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم فانه لما استشار أصحابه في موسى عليه‌السلام : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ).

فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم

__________________

(١) القدوم : آلة النجر والبحت.

٤٣١

في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه الى إبراهيم عليه‌السلام كيف تأخذه النار ، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار ، وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق ، فوضع إبراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له : ارجع عما أنت عليه ، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملئكة الى السماء الدنيا ولم يبق شيء الا طلب الى ربه ، وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق؟ وقال الملائكة : يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله عزوجل : انه ان دعاني كفيته ، وقال جبرئيل : يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال : اسكت انما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت ، هو عبدي آخذه إذا شئت ، فان دعاني أجبته فدعا إبراهيم عليه‌السلام ربه بسورة الإخلاص : يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك ، قال : فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق ، فقال : يا إبراهيم هل لك الى من حاجة؟ فقال إبراهيم عليه‌السلام : اما إليك فلا ، واما الى رب العالمين فنعم ، فدفع اليه خاتما عليه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري الى الله ، وأسندت أمرى الى الله ، وفوضت أمري الى الله ، فأوحى الله عزوجل الى النار : كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال : وسلاما على إبراهيم وانحط جبرئيل عليه‌السلام وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود فقال : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط ، فخرج مهاجرا الى الشام ، ونظر نمرود الى إبراهيم عليه‌السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر : يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال : وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم ، وكان الضفدع (١) يذهب بالماء ليطفئ به النار ، قال : ولما قال الله عزوجل للنار (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) ، لم تعمل

__________________

(١) الضفدع : دابة مائية دقيقة العظام وهي كثيرة الأنواع وبالفارسية «غوك».

٤٣٢

النار في الدنيا ثلاثة أيام ، ثم قال الله عزوجل : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فقال الله عزوجل : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) الى الشام وسواد الكوفة.

٨٠ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة ان عليا عليه‌السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ)؟.

٨١ ـ في عوالي اللئالى وانه صلى‌الله‌عليه‌وآله مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ)؟.

٨٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فان هذا إبراهيم حد أصنام قومه غضبا لله عزوجل قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنما ، ونفاها من جزيرة العرب ، وأذل من عبدها بالسيف ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٣ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليهما‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى المهدي حديث طويل وفيه قال (ع) لما قال له هارون : كيف تكون ذرية رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ بعد ما نقل عليه‌السلام آية المباهلة ، واحتج بها على ان العلماء قد اجمعوا على ان جبرئيل قال يوم أحد : يا محمد ان هذه لهي المواساة من على ، قال : لأنه منى وانا منه ، فقال جبرئيل وانا منكما يا رسول الله ثم قال : لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار ، فكان كما مدح الله عزوجل خليله عليه‌السلام إذ يقول : (فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) انا معشر بنى عمك نفتخر بقول جبرئيل انه منا.

٨٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ثم قال : سألته عن قول الله عزوجل في قصة إبراهيم : (قالَ بَلْ فَعَلَهُ

٤٣٣

كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) قال : ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيم عليه‌السلام فقلت : وكيف ذاك؟ قال : انما قال إبراهيم : (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فكبيرهم فعل ، وان لم ينطقوا فلم يفعل كبير هم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيم عليه‌السلاموالحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد عن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا قد روينا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) فقال : والله ما سرقوا وما كذب ، وقال إبراهيم : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فقال : والله ما فعلوا وما كذب ، قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما عند كم يا صيقل؟ قال : قلت : ما عندنا فيها الا التسليم ، قال : فقال : ان الله أحب اثنين وأبغض اثنين : أحب الخطو فيما بين الصفين ، وأحب الكذب في الإصلاح ، وأبغض الخطو في الطرقات ، وأبغض الكذب في غير الإصلاح ان إبراهيم عليه‌السلام انما قال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ارادة الإصلاح ، ودلالة على انهم لا يفعلون ، وقال يوسف ارادة الإصلاح.

٨٦ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر ابن عمرو عن عطاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كذب على مصلح ثم تلا : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : والله ما سرقوا وما كذب ، ثم تلا : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ثم قال : والله ما فعلوه وما كذب.

٨٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكلام ثلاثة : صدق وكذب وإصلاح بين الناس.

٨٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال : قيل لابي جعفر عليه‌السلام وانا عنده : ان سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟

٤٣٤

فقال : ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجيء بالملائكة ، والله ما جاءت بهذا النبيون ، ولقد قال إبراهيم عليه‌السلام : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) وما فعله وما كذب.

٨٩ ـ وفي حديث أبي حمزة الثمالي انه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه‌السلام وقال : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك ، قال : فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين؟ فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فاذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه ، فقال ابن عمر : يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي! فقال : هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين؟ ثم قال : يا أيتها الحوت ، قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى ان بعث الله يونس ، فأوحى الله اليه : أن يا يونس تول أمير المؤمنين.

٩٠ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام وان إبراهيم عليه‌السلام لما وضع في المنجنيق غضب جبرئيل ، فأوحى الله تعالى اليه : ما يبغضك يا جبرئيل؟ فقال : خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه؟ فأوحى الله عزوجل : اسكت انما يعجل الذي يخاف الفوت مثلك فاما انا فانه عبدي آخذه إذا شئت ، قال : فطابت نفس جبرئيل فالتفت الى إبراهيم عليه‌السلام فقال : هل لك من حاجة؟ قال : اما إليك فلا ، فأهبط الله عزوجل عندها خاتما فيه ستة أحرف : لا اله الا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، فوضت

٤٣٥

أمرى الى الله أسندت ظهري الى الله حسبي الله ، فأوحى الله جل جلاله اليه : أن تختم بهذا الخاتم فانى أجعل النار عليك بردا وسلاما.

في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام مثله سواء.

٩١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه‌السلام في النار ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق.

٩٢ ـ في كتاب الخصال عن داود بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل ستة : النخلة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف ، الى أن قال عليه‌السلام : واما الضفدع فانه لما أضرمت النار على إبراهيم شكت هوام الأرض الى الله تعالى ، واستأذنته ان تصب عليها الماء ، فلم يأذن الله لشيء منها الا الضفدع ، فاحترق ثلثاه وبقي الثلث ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه‌السلام وفيه : فاذا نشر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك ، وثلاثة عشر ملكا ، كلهم ينظرون القائم عليه‌السلام ، وهم الذين كانوا مع نوح عليه‌السلام في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم عليه‌السلام حيث ألقى في النار.

٩٤ ـ وباسناده الى مفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول أتدري ما كان قميص يوسف عليه‌السلام؟ قال : قلت : لا ، قال : ان إبراهيم عليه‌السلام لما أوقدت له النار نزل اليه جبرئيل بالقميص ، وألبسه إياه ، فلم يضر معه حر ولا برد ، والحديث ، طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣٦

٩٥ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد مرفوعا الى أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان نمرود الجبار لما القى إبراهيم في النار نزل اليه جبرئيل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة (١) فألبسه القميص ، وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.

٩٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن هلال قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : لما القى إبراهيم عليه‌السلام في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوى ، فقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال : اما إليك فلا.

٩٧ ـ وباسناده الى محمد بن اورمة عن الحسن بن على عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما القى إبراهيم في النار اوحى الله عزوجل إليها : وعزتي وجلالي لئن آذيته لأعذبنك ، وقال : لما قال الله عزوجل : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) ما انتفع أحد بها ثلثة أيام وما سخنت ماءهم.

٩٨ ـ في أصول الكافي اسحق قال : حدثني الحسن بن ظريف قال : اختلج في صدري مسئلتان أردت الكتاب فيهما الى ابى محمد عليه‌السلام فكتبت اسأله عن القائم إذا قام بما يقضى واين مجلسه الذي يقضى فيه بين الناس؟ وأردت ان أسأله عن شيء لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى ، فجاء الجواب : سألت عن القائم إذا قام ، قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه‌السلام. لا يسأل البينة ، وكنت أردت ان تسأل الحمى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه على المحموم فانه يبرأ بإذن الله ان شاء الله : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) فعلقنا عليه ما ذكر ابو محمد عليه‌السلام فأفاق.

٩٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : قولنا ان إبراهيم خليل الله فانما هو مشتق من الخلة ، والخلة انما معناها الفقر والفاقة ، وقد كان خليلا الى ربه فقيرا واليه منقطعا ، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا ، وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق ، فبعث الله عزوجل الى جبرئيل عليه‌السلام وقال له : أدرك عبدي ، فجاءه فلقيه في الهواء فقال

__________________

(١) الطنفسة : البساط.

٤٣٧

: كلفنى ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال : بل حبسي الله ونعم الوكيل انى لا اسأل غيره ، ولا حاجة الا اليه فسمى خليله اى فقيره ومحتاجه ، والمنقطع اليه عمن سواه.

١٠٠ ـ وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان إبراهيم عليه‌السلام لما القى في النار قال : اللهم انى أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتنى منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبار هم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان إبراهيم قد أسلمه قومه على الحريق فصبر فجعل الله عزوجل النار عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية ، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما الى منتهى أجله ، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف ، كما ان النار تحرق فهذا من قدرته لا تنكره (١).

١٠٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : خالف إبراهيم صلى الله عليه قومه وعاب آلهتهم ، الى قوله : فلما تولوا عنه مدبرين الى عيد لهم ، دخل إبراهيم صلى الله عليه الى آلهتهم بقدوم فكسرها الا كبيرا لهم ، ووضع القدوم في عنقه ، فرجعوا الى آلهتهم فنظروا الى ما صنع بها ، فقالوا : لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذي

__________________

(١) «في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال الحسين بن على بن أبي طالب عليه‌السلام لأصحابه قبل أن يقتل : قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي : يا بنى انك ستساق الى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين ، وهي أرض تدعى غمروا ، وانك تستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون الم مس الحديد ، وتلا (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما والحديث طويل أحذنا منه موضع الحاجة.» منه (ره)

٤٣٨

كان يعيبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار ، فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر اليه كيف تأخذه النار. ووضع إبراهيم عليه‌السلام في منجنيق وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب : ان دعاني كفيته.

فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام أن دعاء إبراهيم صلى الله عليه يومئذ كان : يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال : توكلت على الله ، فقال الرب تبارك وتعالى : كفيت ، فقال للنار : (كُونِي بَرْداً) قال : فاضطربت أسنان إبراهيم صلى الله عليه من البرد حتى قال الله عزوجل : (وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) وانحط جبرئيل عليه‌السلام فاذا هو جالس مع إبراهيم يحدثه في النار ، قال نمرود : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، قال : فقال عظيم من عظمائهم : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه ، قال : فآمن له لوط فخرج مهاجرا الى الشام هو وسارة ولوط.

١٠٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن ابى زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان إبراهيم صلى الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود ، فأوثق وعمل له حيرا (١) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بإبراهيم عليه‌السلام سليما مطلقا من وثاقه ، فأخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عند ذلك ، فقال : ان أخذتم ماشيتي ومالي فحقى عليكم أن تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم ، واختصموا الى قاضى نمرود وقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم ، فأخبر بذلك نمرود فأمر هم ان يخلوا سبيله و

__________________

(١) الحير : شبه الحظيرة.

٤٣٩

سبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه ، وقال : انه ان بقي في بلاد كم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٤ ـ في كتاب معاني الاخبار أبي رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن عيسى بن محمد عن على بن مهزيار عن أحمد بن محمد البزنطي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة قال : ولد الولد نافلة.

١٠٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل في وصف الامامة والامام وذكر فضل الامام يقول فيه عليه‌السلام : ثم أكرمه الله عزوجل بأن جعلها في ذريته وأهل الصفوة والطهارة فقال عزوجل : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا حتى ورثها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الله جل جلاله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فكانت خاصة ، فقلدها صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرض الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان ، بقوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) فهي في ولد على بن ابى طالب عليه‌السلام خاصة الى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

في أصول الكافي مثله سواء.

١٠٦ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير أبي العباس ابن عقدة عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما الصبر الجميل؟ قال : ذاك صبر ليس شكوى الى الناس ، ان إبراهيم بعث يعقوب الى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب اليه فاعتنقه وقال : مرحبا بك يا خليل الرحمن ، فقال يعقوب : لست بإبراهيم ولكني

٤٤٠