تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) فبهتوا.

٤٤٥ ـ في أصول الكافي أحمد عن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الاية هكذا : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ) بولاية على عليه‌السلام الا كفورا» والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٤٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام قال : قلت لأبي ، على بن محمد عليهما‌السلام : هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال : مرارا كثيرة ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفضاء الكعبة إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم الوليد بن المغيرة المخزومي ، وابو البختري بن هشام وابو جهل بن هشام والعاص بن وائل السهمي ، وعبد الله بن امية المخزومي ، وكان معهم جمع ممن يليهم كثير ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر من أصحابه يقرء عليهم كتاب الله ويؤدى إليهم عن الله امره ونهيه ، فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحم أمر محمد (١) وعظم خطبه ، فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته (٢) وتوبيخه والاحتجاج عليه ، وابطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ، ويصغر قدره ، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه وباطله وتمرده وطغيانه ، فان انتهى والا عاملناه بالسيف الباتر (٣).

قال أبو جهل : فمن الذي يلي كلامه ومجادلته؟ قال عبد الله بن امية المخزومي : انا الى ذلك ، أنما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟ قال ابو جهل : بلى ، فأتوه بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن امية المخزومي فقال : يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا! زعمت انك رسول رب العالمين ، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين ان يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشى في الأسواق كما نمشي ، فهذا ملك الروم ، وهذا ملك الفرس ، لا يبعثان رسولا الا كثير مال

__________________

(١) استفحم الأمر : تفاقم اى عظم ولم يجر على استواء.

(٢) التقريع والتبكيت : التعنيف.

(٣) الباتر بمعنى القاطع.

٢٢١

عظيم حال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ، ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمد الا مسحور ولست بنبي.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل بقي من كلامك شيء؟ قال : بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا ما لا وأحسنه حالا ، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم ان الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : اما الوليد ابن المغيرة بمكة ، واما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل بقي من كلامك شيء يا عبد الله؟ فقال : بلى (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكة هذه ، فانها ذات أحجار وعرة وجبال تكسح أرضها (١) وتحفرها ، وتجري منها العيون ، فاننا الى ذلك محتاجون أو يكون لك جنة من نخيل وعنب ، فتأكل منها وتطعمنا ، «فتفجر الأنهار خلال» تلك النخيل والأعناب (تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فانك قلت لنا : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فلعلنا نقول ذلك (٢) ثم قال : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تأتى به وبهم وهم لنا مقابلون ، (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) تعطينا منه وتعيننا به فلعلنا نطغى ، فانك قلت : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ثم قال : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) اى تصعد في السماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) اى لصعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من الله العزيز الحكيم الى عبد الله بن امية المخزومي ومن معه ، بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فانه رسولي فصدقوه في مقاله ، فانه من عندي ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أومن بك أو لا نؤمن بك ، بل لو رفعتنا الى السماء وفتحت أبوابها

__________________

(١) الوعر : المكان الصلب ضد السهل. وتكسح أرضها اى تكنسها عن تلك الأحجار.

(٢) قال المجلسي (ره) قوله : «فلعلنا نقول ذلك» لعل الأظهر : فلعلنا لا نقول ذلك ، ويحتمل ان يكون المعنى : افعل ذلك لعلنا نقول ذلك فيكون مصدقا لقولك وحجة علينا ، وكذلك الكلام في قوله : «فلعلنا نطغى».

٢٢٢

وأدخلتناها لقلنا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) أو سحرتنا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما قولك : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ) الى آخر ما قلته ، فانك اقترحت (١) على محمد رسول الله أشياء : منها لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ، ورسول الله يرتفع من ان يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم بما لا حجة فيه ، ومنها لو جاءك به لكان معه هلاكك ، وانما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان بها لا ليهلكوا بها ، فانما اقترحت هلاكك ورب العالمين ارحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون ، ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه ، ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ، ويضيق عليك سبيل مخالفته ، ويلجئك بحجج الله الى تصديقه حتى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص ومنها ما قد اعترفت على نفسك انك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة ولا تصغي الى برهان ومن كان كذلك فدواؤه عذاب النار النازل من سمائه أو في حميمه أو بسيوف أوليائه.

واما قولك يا عبد الله (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكة هذه فانها ذات أحجار وصخور وجبال تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فاننا الى ذلك محتاجون ، فانك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله ، يا عبد الله لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ قال : لا ، قال : أرأيت الطائف التي لك فيها بساتين اما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكسحتها وأجريت فيها عيونا استنبطتها قال : بلى ، قال : وهل لك فيها نظراء؟ قال : بلى ، قال : فصرت بذلك أنت وهم أنبياء؟ قال : لا ، قال : فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد لو فعلت على نبوته ، فما هو الا كقولك : لن نؤمن لك حتى تقوم وتمشي على الأرض أو حتى تأكل الطعام كما تأكل الناس.

واما قولك يا عبد الله : (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ) أو عنب فتأكل منها وتطعمنا و (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) أو ليس لأصحابك ولك جنان من نخيل وعنب بالطائف فتاكلون وتطعمون منها وتفجرون الأنهار خلالها تفجيرا؟ أفصرتم أنبياء

__________________

(١) اقترح عليه بكذا : تحكم وسأله إياه بالعنف ومن غير روية.

٢٢٣

بهذا؟ قال : لا قال : فما بال اقتراحكم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلت على صدقه ، بل لو تعاطاها لدل تعاطيها على كذبه لأنه يحتج بما لا حجة فيه ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم ، ورسول رب العالمين يجل ويرتفع عن هذا.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبد الله وأما قولك و (تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فانك قلت : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فان في سقوط السماء عليكم هلاككم وموتكم ، فانما تريد بهذا من رسول الله أن تهلك ورسول رب العالمين أرحم من ذلك ، لا يهلكك ولكنه يقيم عليك حجج الله وليس حجج الله لنبيه وحده على حسب اقتراح عباده ، لأن العباد جهال بما يجوز من الصلاح وما لا يجوز منه ومن الفساد ، وقد يختلف اقتراحهم ويتضاد حتى يستحيل وقوعه ، والله لا يجرى تدبيره على ما يلزمه بالمحال ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دوائه للمرضى على حسب اقتراحهم ، وانما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه ، أحبه العليل أو كرهه ، فأنتم المرضى والله طبيبكم ، فان انقدتم لدوائه شفاكم ، وان تمردتم أسقمكم ، وبعد فمتى رأيت يا عبد الله مدعى حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بينة على دعواه على حسب اقتراح المدعى عليه؟ إذا ما كانت تثبت لأحد على أحد دعوى ولا حق ، ولا كان بين ظالم ومظلوم ، ولا بين صادق وكاذب فرق.

ثم قال : يا عبد الله واما قولك (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) يقابلوننا ونعاينهم فان هذا من المحال الذي لا خفاء به ، لان ربنا عزوجل ليس كالمخلوقين يجيء ويذهب ويتحرك ويقابل ، حتى يؤتى به فقد سألتم بهذا المحال الذي دعوت اليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة ، التي لا تسمع ولا تبصر ، ولا تغني عنكم شيئا ، ولا عن أحد ، يا عبد الله أو ليس لك ضياع وجنان بالطايف وعقار بمكة وقوام عليها؟ قال : بلى قال : أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك؟ قال : بسفراء ، قال : أرأيت لو قال معاملوك وأكرتك وخدمك لسفرائك : لا نصدقكم في هذه السفارة الا أن تأتوا بعبد الله بن ابى امية نشاهده فنسمع منه ما تقولون عنه شفاها كنت توسعهم (١) هذا؟ أو كان

__________________

(١) وفي البحار منقولا عن المصدر «تسوغهم».

٢٢٤

يجوز لهم عند ذلك؟ قال : لا ، قال : فما الذي يجب على سفرائك؟ أليس ان يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم يجب عليهم أن يصدقهم؟ قال : بلى ، قال : يا عبد الله أرأيت سفيرك لو انه لما سمع منهم عاد إليك وقال : قم معى ، فإنهم اقترحوا على مجيئك معى ، أيكون لك أن تقول له : انما أنت رسول مبشر وآمر (١) قال : بلى ، قال : فكيف صرت تقترح على رسول رب العالمين مالا تسوغ لاكرتك ومعامليك ان يقترحوه على رسولك إليهم؟ وكيف أردت من رسول رب العالمين ان يستندم الى ربه بان يأمر عليه وينهى ، وأنت لا تسوغ مثل هذا على رسولك الى أكرتك وقوامك ، هذه حجة قاطعة لابطال ما ذكرته في كل ما اقترحته يا عبد الله.

واما قولك أو يكون ذلك بيت من زخرف وهو الذهب أما بلغك أن لعظيم مصر بيوتا من زخرف؟ قال : بلى ، قال : أفصار بذلك نبيا قال : لا قال : فكذلك لا توجب بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لو كانت له نبوة ، ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله.

واما قولك يا عبد الله أو ترقى في السماء ثم قلت : (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يا عبد الله الصعود الى السماء أصعب من النزول منها ، وإذا اعترفت على نفسك انك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول ، ثم قلت : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من بعد ذلك ثم لا أدري أومن بك أو لا أومن ، فانك يا عبد الله مقر انك تعاند حجة الله عليك ، فلا دواء لك الا تأديبه على يد أوليائه البشر ، أو ملائكته الزبانية ، وقد أنزل الله على حكمة جامعة لبطلان كلما اقترحته ، فقال تعالى : قل يا محمد (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) ما أبعد ربي عن ان يفعل الأشياء على ما تقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز ، و (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) لا يلزمني الا اقامة حجة الله التي أعطانى ، فليس لي ان آمر على ربي ولا أنهى ولا أشير ، فأكون كالرسول الذي بعثه ملك الى قوم مخالفيه فرجع اليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في البحار هكذا : «أليس يكون لك مخالفا؟ وتقول له : انما أنت رسول لا مشير ولا آمر؟ قال ... اه» وهو الظاهر.

٢٢٥

٤٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) فانها نزلت في عبد الله ابن أبى امية أخي أم سلمة رحمة الله عليها ، وذلك انه قال هذا لرسول الله بمكة قبل الهجرة ، فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى فتح مكة استقبله عبد الله بن أبى امية فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يرد عليه‌السلام فاعرض عنه ولم يجبه بشيء وكانت أخته أم سلمة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل إليها فقال : يا أختى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قبل إسلام الناس كلهم ورد عليَّ إسلامي ، فليس يقبلني كما قبل غيري؟ فلما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : بأبى أنت وأمي يا رسول الله سعد بك جميع الناس الا أخى من بين قريش والعرب ، رددت إسلامه وقبلت إسلام الناس كلهم الا أخى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أم سلمة ان أخاك كذبني تكذيبا لم يكذبني أحد من الناس ، هو الذي قال : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) قالت أم سلمة : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ألم تقل ان الإسلام يجب ما قبله؟ قال : نعم ، فقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إسلامه.

٤٤٨ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) اى عينا ، (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) اى بستان (مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) من تلك العيون (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انه سيسقط من السماء لقوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) قوله : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) والقبيل الكثير (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يقول : من الله الى عبد الله بن امية ان محمدا صادق ، وانى أنا بعثته ويجيء معه أربعة من الملائكة يشهدون ان الله هو كتبه ، فأنزل الله : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً).

٢٢٦

٤٤٩ ـ في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) قالوا : ان الجن كانوا في الأرض قبلنا ، فبعث الله إليهم ملكا ، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة ، وهو قول الله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً).

٤٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) قال : قال الكفار : لم لم يبعث الله إلينا الملائكة؟ فقال الله : لو بعثنا ملكا ولم يؤمنوا لهلكوا ، ولو كانت الملائكة «في الأرض (يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) فانه حدثني أبى عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء ، فامتقع لونه حتى صار كأنه كركمة (١) ثم لاذ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى حيث نظر جبرئيل ، فاذا شيء قد ملاء ما بين الخافقين مقبلا حتى كان كقاب من الأرض (٢) ثم قال : يا محمد انى رسول الله إليك أخيرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك أو تكون عبدا رسولا؟ فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى جبرئيل وقد رجع اليه لونه ، فقال جبرئيل : بل كن عبدا رسولا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكون عبدا رسولا فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد سماء الدنيا ثم رفع الاخرى فوضعها في الثانية ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة ، ثم هكذا حتى انتهى الى السابعة يعد كل سماء خطوة ، وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر (٣) فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى جبرئيل فقال : قد رأيتك ذعرا ما رأيت مثله ، وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك؟ فقال : يا نبي الله لا تلمني ، أتدري من هذا؟ قال : لا ، قال : هذا

__________________

(١) امتقع لونه : تغير من حزن أو فزع. والكركمة : الزعفران.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر : «حتى كان كقاب قوسين أو أدنى من الأرض».

(٣) الصر ـ بالكسر ـ : طائر كالعصفور اصفر.

٢٢٧

إسرافيل حاجب الرب ولم ينزل من مكانه منذ خلق الله السموات والأرض ، فلما رأيته منحطا ظننت انه جاء بقيام الساعة ، فكان الذي رأيت من تغيير لوني لذلك فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع الى لوني ونفسي ، أما رأيته كلما ارتفع صغر ، انه ليس شيء يدنو من الرب الأصغر لعظمته ، ان هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه ، واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء ، فاذا تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ، ثم ألقاه إلينا ، فنسعى به في السموات والأرض ، انه لأدنى خلق الرحمن منه ، بينه وبينه تسعون حجابا من نور ينقطع دونها الأبصار ما لا يعدون يوصف وانى لأقرب الخلق منه وبيني وبينه مسيرة ألف عام.

٤٥١ ـ وقوله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) قال : على جباههم (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) اى كلما انطفت فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة يرفعه الى على بن الحسين صلوات الله عليهما ، قال : ان في جهنم واديا يقال له سعير إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله : (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً).

٤٥٢ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر رفعه الى أحدهما في قول الله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) قال : على جباههم.

٤٥٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سليمان بن راشد باسناده رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تحشر المرجئة عميانا امامهم أعمى ، فيقول بعض من يراهم من غير أمتنا : ما يكون امة محمد الا عميانا ، فأقول لهم : ليسوا من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم بدلوا فبدل بهم وغيروا فغير ما بهم.

٤٥٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو ذر في خبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يا با ذر يؤتى بجاحد على يوم القيمة أعمى أبكم يتكبكب في ظلمات يوم القيمة ، ينادى : يا حسرتنا على ما فرطت في جنب الله ، وفي عنقه طوق من النار.

٤٥٥ ـ في مجمع البيان وروى أنس بن مالك ان رجلا قال : يا نبي الله كيف

٢٢٨

يحشر الكافر على وجهه يوم القيمة؟ قال : ان الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ، أورده البخاري ومسلم في الصحيح.

٤٥٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) قال : لو كانت الأمور بيد الناس لما أعطوا الناس شيئا مخافة الفناء (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) اى بخيلا واما قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) قال : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والحجر والعصا ويده والبحر.

٤٥٧ ـ في تفسير العياشي عن سلام عن أبي جعفر في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) قال : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والحجر والبحر والعصا ويده.

٤٥٨ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سألنى نفر من اليهود عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران عليه‌السلام؟ فقلت : العصا وإخراجه يده من جيبه بيضاء ، و (الْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر قالوا : صدقت والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥٩ ـ في كتاب الخصال عن هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التسع آيات التي اوتى موسى ، فقال : (الْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده.

٤٦٠ ـ في الكافي على بن محمد عن عبد الله بن اسحق عن الحسن بن على بن سليمان عن محمد بن عمران عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام يهودي من أهل يثرب قد أقر له من في يثرب من اليهود انه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل قال : وقدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام في عدة من أهل بيته ، فلما انتهى الى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا الى أمير المؤمنين

٢٢٩

صلوات الله عليه انا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ، ولنا إليك حاجة ، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون باليمين فما حاجتكم؟ فقال عظيمهم : يا بن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : وأية بدعة؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز انك عمدت الى قوم شهدوا أن لا اله الا الله ، ولم يقروا ان محمدا رسول الله فقتلتهم بالدخان ، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : فنشدتك بالتسع آيات التي أنزلت على موسى عليه‌السلام بطور سيناء ، وبحق الكنايس الخمس القدس ، وبحق السبت الديان (١) هل تعلم ان يوشع بن نون أتى بقوم بعد وفاة موسى شهدوا ان لا اله الا الله ولم يقروا ان موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهودي : نعم اشهد أنك ناموس موسى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦١ ـ في مجمع البيان (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) اختلف في هذه الآيات التسع الى قوله : وقيل : انها تسع آيات من الأحكام ، روى عبد الله بن سلمة عن عنوان (٢) بن عسال ان يهوديا قال لصاحبه : تعال حتى نسأل هذا النبي ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن هذه الآية فقال : هو ان لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرفوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ، ولا تمشوا بالبريء الى سلطان ليقتله ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ، ولا تقذفوا المحصنات ، ولا تولوا للفرار يوم الزحف ، وعليكم خاصة يا يهود أن لا تعتدوا في السبت ، فقبل يده وقال : اشهد انك نبي.

٤٦٢ ـ (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) وروى ان عليا عليه‌السلام قال في «علمت» والله ما علم عدو الله ، ولكن موسى هو الذي علم فقال : لقد علمت.

٤٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أراد أن يخرجهم من الأرض ، وقد علم

__________________

(١) الديان : الحاكم. القاضي.

(٢) وفي المصدر «صفوان» بدل «عنوان».

٢٣٠

فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات الا الله عزوجل. قال عز من قائل : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً).

٤٦٤ ـ في تفسير العياشي عن العباس عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام ذكر قول الله : يا فرعون يا عاصي.

٤٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أراد ان يخرجهم من الأرض ، وقد علم فرعون وقومه ما انزل تلك الآيات الا الله عزوجل.

٤٦٦ ـ وفي رواية على بن إبراهيم «فأراد» يعنى فرعون (أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) ان يخرجهم من مصر (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) اى من كل ناحية.

٤٦٧ ـ وفيه قبل قوله وفي رواية على بن إبراهيم متصل بقوله عزوجل : وقوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) يقول جميعا.

٤٦٨ ـ في مجمع البيان و (قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) الاية وروى عن على عليه‌السلام : «فرقناه» بالتشديد.

٤٦٩ ـ في الكافي على بن محمد باسناده قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها؟ قال : يضع ذقنه على الأرض ان الله عزوجل يقول : و (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً).

٤٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها؟ قال : يسجد ما بين طرف شعره ، فان لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن ، فان لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر ، فان لم يقدر فعلى ذقنه ، قلت : على ذقنه؟ قال : نعم اما تقرء كتاب الله عزوجل «و (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً).

٢٣١

٤٧١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن على بن ابى حمزة عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير مصوت ، وباللفظ غير منطبق ، وبالشخص غير مجسد ، وبالتشبيه غير موصوف ، وباللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ، ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون ، فهذه الأسماء التي ظهرت ، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى ، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان ، فذلك اثنى عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما ، فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، البارئ ، الخالق ، المصور ، الحي ، القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، (البادي خ) ، المنشى البديع ، الرفيع ، الجليل ، الكريم ، الرزاق المحيي ، المميت ، الباعث ، الوارث ، فهذه الأسماء ، وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة وهذه الأسماء الثلاثة أركان ، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).

٤٧٢ ـ احمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله عن محمد بن عبد الله وموسى بن عمرو الحسن بن على بن عثمان عن ابن سنان ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام هل كان الله عزوجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال : نعم ، قلت يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجا الى ذلك ، لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة ، فليس يحتاج أن يسمى نفسه ، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف ، فأول ما اختار لنفسه العلى العظيم ، لأنه

٢٣٢

أعلى الأشياء كلها ، فمعناه الله واسمه العلى العظيم هو أول أسمائه ، علا على كل شيء.

٤٧٣ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : والذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ، وأكرم أهل بيته ، ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن السرق فانه لا يزل قد يسرق لي الشيء بعد الشيء ليلا ، فقال : اقرأ إذا أويت الى فراشك : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الى قوله : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الحسين بن سعيد الخزاز عن رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الله غاية من غياه والمغيى غير الغاية ، توحد بالربوبية ، ووصف نفسه بغير محدودية ، فالذاكر الله غير الله ، والله غير أسمائه ، وكل شيء وقع عليه اسم شيء سواه فهو مخلوق ، الا ترى الى قوله : «العزة لله» «العظمة لله» وقال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) وقال : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فالأسماء مضافة اليه ، وهو التوحيد الخالص.

٤٧٥ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام يا على أمان لامتى من السرق (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا) الى آخر السورة.

٤٧٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : المخافة ما دون سمعك ، والجهر أن ترفع صوتك شديدا.

٤٧٧ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أعلى الامام أن يسمع من خلفه وان كثروا قال : ليقرء قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)

٢٣٣

٤٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لم تسمع نفسك ، واقرأ ما بين ذلك.

٤٧٩ ـ وروى أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الإجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك ولا تسمع من معك الا سرا.

٤٨٠ ـ في الاستبصار روى حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه؟ فقال : اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته ، وعليه الاعادة ، وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شيء عليه وقدمت صلوته.

٤٨١ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام يقولان : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان بمكة جهر بصوته ، فيعلم بمكانه المشركون ، فكانوا يؤذونه فأنزلت هذه الآية عند ذلك.

٤٨٢ ـ عن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الجهر بها رفع الصوت ، والمخافة ما لم تسمع اذناك ، «وما بين ذلك» ما تسمع أذنيك.

٤٨٣ ـ عن الحلبي عن بعض أصحابنا عنه قال : قال أبو جعفر لابي عبد الله عليه‌السلام : يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما ، قال : وكيف ذلك يا أبة؟ قال : مثل قول الله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) سيئة (وَلا تُخافِتْ بِها) سيئة (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).

٤٨٤ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ).

٢٣٤

٤٨٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).

٤٨٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : لأى علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الاخرة وصلوة الغداة وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ قال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله عزوجل اليه الملائكة تصلى خلفه ، وأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ، ثم فرض عليه العصر ولم يضف اليه أحدا من الملائكة وامره ان يخفى القرائة لأنه لم يكن وراءه أحد ثم فرض عليه المغرب وأضاف اليه الملائكة وأمره بالإجهار ، وكذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عزوجل عليه الفجر ، فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله ، كما بين للملائكة ، فلهذه العلة يجهر فيها والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨٧ ـ في قرب الاسناد للحميري وباسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن رجل يصلى الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن يجهر؟ قال : ان شاء جهر وان شاء لم يجهر.

٤٨٨ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : تفسيرها ولا تجهر بولاية على ولا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك (وَلا تُخافِتْ بِها) يعنى لا تكتمها عليا وأعلمه بما أكرمته.

٤٨٩ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية في قول الله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : لا تجهر بولاية على فهو في الصلوة ، ولا بما أكرمته به حتى آمرك به ، وذلك قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) فانه يقول : ولا تكتم ذلك عليا ، يقول : أعلمه بما أكرمته فأما قوله :

٢٣٥

(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) يقول : تسألنى ان آذن لك أن تجهر بأمر على بولايته ، فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خم ، فهو قوله يومئذ : اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (١).

٤٩٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال : يا نبي الله الغالب على الدين ووسوسة الصدر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، قال : فصبر الرجل ما شاء الله ثم مر على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهتف به فقال : ما صنعت؟ فقال : أدمنت ما قلت لي يا رسول الله فقضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري.

٤٩١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الثمالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله لقد لقيت من وسوسة الصدر وانا رجل مدين معيل محوج (٢) فقال له : كرر هذه الكلمات : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، فلم يلبث ان جاء فقال : اذهب الله عنى بوسوسة صدري ، وقضى عنى ديني ووسع على رزقي.

٤٩٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : فقد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا من الأنصار ، فقال : ما غيبك عنا؟

__________________

(١) «في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن النضر بن سويد عن خالد بن حماد ومحمد بن الفضيل عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) ، قال : يعنى لا تكتمها عليا وأعلمه ما أكرمته به ، (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) فانه يعنى اطلب الى وسلني ان آذن لك ان تجهر بولاية على وادع الناس إليها فاذن له يوم غدير خم. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) المدين ـ بفتح الميم ـ : المديون. والمعيل : ذو عيال. والمحوج : المحتاج.

٢٣٦

فقال : الفقر يا رسول الله وطول السقم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الا أعلمك كلاما إذا قلته ذهب عنك الفقر؟ فقال : بلى يا رسول الله ، فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل : لا حول ولا قوة الا بالله توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، فقال الرجل : والله ما قلته الا ثلثة أيام حتى ذهب عنى الفقر والسقم.

٤٩٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان قال : شكوت الى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : الا أعلمك شيئا إذا قلته قضى الله دينك وأنعشك وانعش حالك (١) فقلت : ما أحوجني الى ذلك؟ فعلم هذا الدعاء ، قل في دبر صلوة الفجر : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، اللهم انى أعوذ بك من البؤس والفقر ومن غلبة الدين والسقم ، وأسئلك ان تعينني على أداء حقك والى الناس.

٤٩٤ ـ في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : والرجل إذا قرأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، أن يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، قلت : فان لم يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال : ليس عليه شيء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩٥ ـ في كتاب التوحيد خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : الحمد لله الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا.

٤٩٦ ـ وباسناده الى المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الحمد لله الذي لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك.

٤٩٧ ـ وباسناده الى يعقوب السراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في حديث له : لم يلد لان الولد يشبه أباه ولم يولد فيشبه من كان قبله.

٤٩٨ ـ وباسناده الى حماد بن عمرو النصيبي قال : سألت جعفر بن محمد عليه‌السلام

__________________

(١) نعشه الله نعشا : رفعه وأقامه. تداركه من هلكة. جبره بعد فقر وسد فقره.

٢٣٧

عن التوحيد فقال : واحد صمد أزلى صمدي لا ظل له يمسكه ، وهو يمسك الأشياء بأظلتها لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك ، ولم يكن له كفوا أحد.

٤٩٩ ـ وباسناده الى ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه‌السلام انه قال : واعلم ان الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك.

٥٠٠ ـ في نهج البلاغة لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الأبناء.

٥٠١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه‌السلام وكان من قول أبي عبد الله عليه‌السلام : لا يخلو قولك انهما اثنان من ان يكونا قديمين قويين ، أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فان كانا قويين فلم لا يدفع كل منهما صاحبه وينفرد بالتدبير. وان زعمت ان أحدهما قوى والآخر ضعيف ، ثبت انه واحد كما تقول للعجز الظاهر في الثاني ، فان قلت : انهما اثنان لم يخل من ان يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا ، والتدبير واحدا ، والليل والنهار والشمس والقمر ، دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على ان المدبر واحد ، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين ، حتى يكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد الى ما لا نهاية له في الكثرة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٠٢ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل فعرف القلب بعقله انه لو كان معه شريك كان ضعيفا ناقصا ولو كان ناقصا ما خلق الإنسان ، ولاختلفت التدابير ، وانتقصت الأمور مع التقصير الذي به يوصف الأرباب المتفردون والشركاء المتعاينون.

٥٠٣ ـ في مصباح الزائر لابن طاوس (ره) في دعاء الحسين عليه‌السلام يوم عرفة :

٢٣٨

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) فيكون موروثا ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) فيضاده فيما ابتدع ، ولاولى من الذل فيرفده فيما صنع.

٥٠٤ ـ في كتاب طب الائمة باسناده الى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل من خراسان الى على بن الحسين عليه‌السلام فقال : يا بن رسول الله حججت ونويت عند خروجي ان أقصدك فان بى وجع الطحال وان تدعو لي بالفرج. فقال له على بن الحسين عليه‌السلام : قد كفاك الله ذلك وله الحمد ، فاذا أحسست به فاكتب هذه الاية بزعفران وماء زمزم واشربه ، فان الله تعالى يدفع عنك ذلك الوجع : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ، وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً).

٥٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) قال : لم يذل فيحتاج الى ولى ينصره.

٥٠٦ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام حاكيا عن الله تبارك وتعالى : وأعطيت لك ولأمتك التكبير.

٥٠٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رجل عنده : الله أكبر فقال : الله أكبر من أى شيء؟ فقال : من كل شيء ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : حددته ، فقال الرجل : كيف أقول؟ قال : قل : الله أكبر من أن يوصف.

٥٠٨ ـ ورواه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد عن جميع بن عمير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أى شيء الله أكبر؟ فقلت : الله أكبر من كل شيء ، فقال : وكان ثم شيء فيكون أكبر منه؟ فقلت : فما هو؟ قال : أكبر من أن يوصف.

٢٣٩

٥٠٩ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده الى سليمان بن مهران قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فكيف صار التكبير يذهب بالضغاط هناك (١) قال : لان قول العبد : الله أكبر معناه الله أكبر من أن يكون مثل الأصنام المنحوتة والآلهة المعبودة دونه.

٥١٠ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف أن يزيد لعنه الله قال للمؤذن : قم يا مؤذن فأذن ، فقال : الله أكبر الله أكبر فقال زين العابدين عليه‌السلام : صدقت ، الله أكبر من كل شيء.

٥١١ ـ في مجمع البيان وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أهله هذه الآية وما قبلها عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير.

__________________

(١) الضغاط : المزاحمة. وقوله : «هناك» اى عند باب بنى شيبة في الحرم ، والحديث بتمامه مذكور في الفقيه في باب نكت في حجج الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.

٢٤٠