تفسير نور الثقلين - ج ٣

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٢

الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط ، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين ، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف (١) إذا نزل به ويحذره قومه ، قال : فلما راى قوم لوط ذلك قالوا : انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك ، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه ، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له. قال : وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط ، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة ، وان الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم ، قال ابو جعفر : فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط ، فبعث الله رسلا الى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل ، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا ، قال : فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا : سلاما قال سلام (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ) ابو جعفر عليه‌السلام : والغلام العليم هو اسمعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل : (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) فقال إبراهيم للرسل : فما خطبكم بعد البشارة؟ (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : فقال إبراهيم للرسل : (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) يقول : من عذاب الله لننذر قومك العذاب (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) قال أبو جعفر عليه‌السلام فقضوا الى لوط ذلك الأمر

__________________

(١) قرى الضيف : أضافه وأجاره وأكرمه.

٢١

(أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا الى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط «الحديث» وقد كتبناه بتمامه في هود.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كنت مع أبى عبد الله فلما مررنا بأحد قال : ترى الثقب الذي فيه؟ قلت : نعم ، قال اما انا فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث : كلال البصر (١) وانحناء الظهر ورقة القدم.

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال : صليت خلف ابى عبد الله عليه‌السلام فأطرق ثم قال : اللهم لا تقنطني من رحمتك ، ثم جهر فقال : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ).

٧٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه : قال الله يا ابن آدم بإحساني إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بى قنطت من رحمتي.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن علي بن فضال عن على بن رئاب عن أبى بكر الحضرمي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ليس مخلوق إلا وبين عينيه مكتوب : مؤمن أو كافر ، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم ، ثم ليس يدخل عليهم أحد الا عرفوه مؤمن أو كافر ، ثم تلا هذه الآية : ان في ذلك لآيات للمتوسمين.

٧٩ ـ احمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن على بن حسان عن عبد الكريم بن كثير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ويحك يا أبا سليمان! انه ليس من عبد يولد الا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر ، قال الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) نعرف عدونا من ولينا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن ابن ابى عمير قال : أخبرنى أسباط بياع الزطي قال : كنت عند ابى عبد الله عليه‌السلام فسئله

__________________

(١) كل بصره : أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.

٢٢

رجل عن قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم ، قال حدثني أسباط بن سالم قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت (١) فقال له : أصلحك الله ما تقول في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨٢ ـ محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : هم الامة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله عزوجل في قول الله (٢) عزوجل (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ).

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن الحسن بن على الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) فقال : هم الائمة (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال : لا يخرج منا أبدا.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم وأنا من بعده ، والائمة من ذريتي المتوسمون وفي نسخة اخرى : أحمد بن مهران عن محمد بن على عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.

٨٥ ـ احمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن على الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الامام فوض الله اليه كما فوض الى سليمان بن داود؟ فقال : نعم وذلك ان رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها ، وسأله

__________________

(١) هيت : بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.

(٢) متعلق بقوله : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٣

آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول ، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ) أعط بغير حساب» وهكذا هي في قراءة على عليه‌السلام ، قال : فقلت : أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال : سبحان الله أما تسمع الله يقول : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وهم الائمة (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) لا تخرج منها أبدا ، ثم قال لي : نعم ان الامام إذا أبصر الى الرجل عرفه وعرف لونه ، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو ، ان الله يقول : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) وهم العلماء ، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به الا عرفه ناج أو هالك ، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.

٨٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادق عليه‌السلام وروى عنه حديثا وقال عليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمد عليه‌السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج الى بينة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه ، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ).

٨٧ ـ في مجمع البيان وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ، قال : ان لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ، ثم قرء هذه الآية.

٨٨ ـ وروي عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم ، والسبيل طريق الجنة ، ذكره على بن إبراهيم في تفسيره (١).

٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله ، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال : حدثني أبى قال : حدثنا أحمد بن على الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون يوما وعنده على بن موسى الرضا عليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء

__________________

(١) «الذي في تفسير على بن إبراهيم الرواية الاخيرة» ، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه بلفظ «قال» كما هي عادته ، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيه عليه‌السلام. «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢٤

وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له : يا بن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال : بالنص والدليل ، قال له : فدلالة الامام فيما هي؟ قال : في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه أخباركم مما يكون؟ قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله ، قال : فما وجه أخباركم مما في قلوب الناس؟ قال له : أما بلغك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه ، وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين ، وقال عزوجل في كتابه العزيز : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) فأول المتوسمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أمير المؤمنين عليه‌السلام من بعده ، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين الى يوم القيمة ، قال : فنظر اليه المأمون فقال له : يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت ، فقال الرضا عليه‌السلام : ان الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ، ليست بملك ، لم تكن مع أحد ممن مضى الا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم ، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.

٩٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا قام القائم عليه‌السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان الا عرفه صالح هو أم طالح ، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.

٩١ ـ في كتاب معاني الاخبار الهلالي أمير المدينة يقول : سألت جعفر بن محمد فقلت له : يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسئلك عنها ، قال : ان شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى ، وان شئت فاسئل ، قال : فقلت له : يا بن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالى عنه؟ قال : بالتوسم والتفرس ، أما سمعت قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.

٩٢ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله : (لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : هم آل محمد الأوصياء عليهم‌السلام.

٢٥

٩٣ ـ عن ابى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين ، وهو السبيل المقيم ، ينظر بنور الله وينطق عن الله ، لا يعزب عنه شيء مما أراد.

٩٤ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : بينما أمير المؤمنين عليه‌السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره (١) إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها ، فقضى للزوج على المرأة ، فغضبت فقالت : لا والله ما هو كما قضيت ، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية ، ولا قضيتك عند الله بالمرضية ، قال : فنظر إليها أمير المؤمنين عليه‌السلام فتأملها ثم قال لها : كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع أيا سلفع (٢) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء ، قال : فولت هاربة وهي تولول وتقول : يا ويلي ويلي ويلي ثلثا ، قال فلحقها عمرو بن حريث (٣) فقال لها : يا امة الله أسئلك ، فقالت : ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال : انك استقبلت أمير المؤمنين عليا بكلام سررتينى به ثم قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت : ان ابن أبى طالب والله استقبلني فأخبرنى بما هو كتمته من بعلى منذ ولى عصمتي ، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء ، قال : فرجع عمرو بن حريث الى أمير المؤمنين فقال : له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له : وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء ، فقال له : ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام ، وركب الأرواح في الأبدان ، فكتب بين أعينها

__________________

(١) احتبى احتباء : جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها ، والبرنس ، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر ـ الإسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.

(٢) البذية : الفحاشة. والسلفع : السليط. وامرأة سلفع يستوي فيه المذكر والمؤنث. يقال : سليطة جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.

(٣) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام وأولياء بنى امية ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوته عليه‌السلام ، وقد ورد في ذمه روايات كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.

٢٦

كافر ومؤمن ، وما هي مبتلاة به الى يوم القيمة ، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم ثم انا من بعده ، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي ، انى لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب.

٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) قال : العفو من غير عتاب.

٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال قال على بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) قال : العفو من غير عتاب.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن على بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبى عمير عن أبى أيوب عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السبع (الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) هي الفاتحة؟ قال : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع المثاني؟ قال : نعم هي أفضلهن.

٩٨ ـ في تفسير العياشي ابن عبد الرحمن عمن رفعه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : هي سورة الحمد ، وهو سبع آيات : منها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين.

٩٩ ـ عن ابى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت : أصلحك الله وما المثاني؟ فقال : فاتحة الكتاب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

١٠٠ ـ عن سورة بن كليب عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : نحن المثاني التي أعطى نبينا.

١٠١ ـ عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : ان ظاهرها الحمد ، وباطنها

٢٧

ولد الولد ، والسابع منها القائم عليه‌السلام (١).

١٠٢ ـ قال حسان : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : ليس هكذا تنزيلها ، انما هي : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [نحن هم] والقرآن العظيم» ولد الولد.

١٠٣ ـ عن القاسم بن عروة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : سبعة أئمة والقائم.

١٠٤ ـ عن السدي عمن سمع عليا عليه‌السلام يقول : (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) فاتحة الكتاب.

١٠٥ ـ عن سماعة قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : لم يعط الأنبياء الا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم السبعة الائمة الذين يدور عليهم الفلك ، «والقرآن العظيم» محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٠٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام قال : سٌّألته عن قوله : (آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.

١٠٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : قال على عليه‌السلام لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وزاد الله عز ذكره محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب ، وهي السبع (الْمَثانِي ، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره) : ولعلهم انما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة ، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء ، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن ، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له «انتهى».

وقال بعض : ان المراد بالسبع المثاني النبي والائمة وفاطمة عليهم‌السلام فهم أربعة عشر سبعة وسبعة ، لقوله : المثاني ، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث الحر العاملي قدس‌سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج ٧ : ١١٤ وإثبات الهداة ج ٧ : ١٠٢.

٢٨

١٠٨ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره : وقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) هي من فاتحة الكتاب؟ فقال : نعم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأها ويعدها آية منها ، ويقول : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

١٠٩ ـ وباسناده الى الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا عن آبائه عن على عليه‌السلام انه قال : ان (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية من فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات تمامها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان الله تعالى قال لي : يا محمد (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

١١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا ، صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن وجه الله ، نتقلب في الأرض بين أظهر كم عرفنا من عرفنا ، ومن جهلنا فامامه اليقين (١).

وفى أصول الكافي مثله.

١١١ ـ في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول على عليه‌السلام وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

١١٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل (٢) وأعطيت المثاني مكان الزبور.

١١٣ ـ ابو على الأشعري عن الحسن بن على بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في تفسير العياشي وتفسير على بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار وغيره «فامامه السعير» وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا ، ولم أظفر على الحديث في مظانه في أصول الكافي.

(٢) قد مر في المجلد الاول صفحة ٢٥٨ لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل فراجع.

٢٩

عمرو بن جميع عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أوتى القرآن فظن ان أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى ، فقد عظم ما حقر الله ، وحقر ما عظم الله.

١١٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن على بن الحسين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطاه الله القرآن فرأى ان رجلا اعطى أفضل مما أعطى فقد صغر عظيما ، وعظم صغيرا ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٥ ـ في تفسير العياشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام قول الله : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نزل به ضيقة ، [فاستسلف من يهودي] (١) فقال اليهودي : والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية (٢) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى لامين الله في سمائه وأرضه ولو ائتمنتني على شيء لأديته إليك ، قال : فبعث بدرقة (٣) فرهنها عنده ، وأنزلت عليه : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا).

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن رمى ببصره الى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة الا في مطعم أو ملبس فقد قصر علمه ودنا عذابه ، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ، ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا ، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

__________________

(١) استسلف : اقترض.

(٢) الثاغية : الشاة ، والراغية : الناقة.

(٣) الدرقة ـ محركة ـ : الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.

٣٠

١١٧ ـ في مجمع البيان وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينظر الى ما يستحسن من الدنيا.

١١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال : قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله ، فقال : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).

١١٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : قال في الذين أبرزوا القرآن عضين ، قال : هم قريش.

١٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أبى عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبى جعفر الثاني عليه‌السلام قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : سئل رجل أبى فقال : يا ابن رسول الله سآتيك بمسئلة صعبة ، أخبرنى عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : فضحك أبى عليه‌السلام وقال : أبى الله أن يطلع على علمه الا ممتحنا للايمان ، كما قضى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم الا بامره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به ، حتى قيل له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) وايم الله انه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنه انما نظر في الطاعة وخاف الخلاف ، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض ، تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء ، ثم اخرج سيفا ثم قال : ها ان هذا منها قال : فقال أبى : اى والذي اصطفى محمدا على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره (١) وقال : انا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبى منه جهالة ، غير انى أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن على الحلبي

__________________

(١) الاعتجار : لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله : «ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه ... اه» وان شئت الوقوف على تمام الحديث راجع الأصول : باب شأن (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الحديث الاول.

٣١

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اكتتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مختفيا خائفا خمس سنين ، ليس يظهر أمره وعلى عليه‌السلام معه وخديجة ، ثم أمره الله عزوجل أن يصدع بما أمر ، فظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأظهر أمره.

١٢٢ ـ وفي خبر آخر انه عليه‌السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.

١٢٣ ـ وباسناده الى عبد الله بن على الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلثة عشر سنة ، منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر ، حتى أمره الله عزوجل ان يصدع بما أمر ، فأظهر حينئذ الدعوة.

١٢٤ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن على الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اكتتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة ، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر وظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب ، فاذا أتاهم قالوا : كذاب امض عنا.

١٢٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).

١٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فانها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلث سنين ، وذلك ان النبوة نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل أبو طالب الى النبي وهو يصلى وعلى بجنبه ، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب : صل جناح ابن عمك ، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بينهما ، فكان يصلى رسول الله وعلى عليه‌السلام وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة ، فلما أتى لذلك ثلث سنين ، أنزل الله عليه : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) وكان المستهزؤن برسول الله خمسة الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، و

٣٢

الحارث بن طلاطلة الخزاعي ، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه لما كان بلغه من أذائه واستهزائه ، فقال : اللهم أعم بصره ، واثكله بولده ، فعمي بصره وقتل ولده ببدر (١) فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جبرئيل عليه‌السلام ، فقال جبرئيل : يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك. قال : نعم ، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له ، فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك ، فدميت فلما مر بجبرئيل عليه‌السلام أشار الى ذلك ، فرجع الوليد الى منزله ونام على سريره ، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار اليه جبرئيل عليه‌السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار الى فراش ابنته ، فانتبهت ابنته فقالت : يا جارية أتحل وكاء القربة (٢)؟ قال الوليد : ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك ، فاجمعى لي ولدي وولد أخى فانى ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة : ان عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة ، فخذ كتابا من محمد الى النجاشي ان يرده ، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده : يا بنى أوصيك بخمس خصال فاحفظها : أوصيك بقتل أبي دهم الدوسي فانه غلبني على امرأتى وهي بنته ، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك ، ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى ، وأخاف ان تفتنوا بعدي ، ودمي في بنى خزيمة بن عامر ودياتي (٣) في ثقيف فخذه ولا سقف نجران على مائتا دينار فاقضها ، ثم فاضت نفسه ، ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار جبرئيل الى بصره فعمي ومات ، ومر به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار جبرئيل الى بطنه فلم يزل يستسقى حتى شق بطنه ، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل الى رجله فدخل يداه (٤) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله «ببدر» هكذا : «وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث بن طلاطلة الخزاعي ، فمر الوليد ... اه».

(٢) الوكاء ـ ككتاب ـ : رباط القربة.

(٣) وفي السيرة لابن هشام «ربائى». وفي المصدر «دياني».

(٤) كذا في النسخ والظاهر انه مصحف وفي المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره «فدخل عود في أخمص قدمه اه».

٣٣

ومات ، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل الى وجهه فخرج الى جبال تهامة فأصابته السمائم (١) واستسقى حتى انشق بطنه ، وهو قول الله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام على الحجر فقال : يا معشر قريش ، يا معاشر العرب ادعو كم الى شهادة ان لا اله الا الله ، وانى رسول الله ، وآمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب ، وتدين لكم العجم ، وتكونون ملوكا في الجنة ، فاستهزؤا منه وقالوا : جن محمد بن عبد الله ، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب ، فاجتمعت قريش الى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا ، وفرق جماعتنا ، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ، ونزوجه اى امرأة شاء من قريش ، فقال له أبو طالب : ما هذا يا ابن أخى؟ فقال : يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله ، بعثني الله رسولا الى الناس ، فقال : يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم ، فقال : يا عم انى لا أستطيع ان أخالف أمر ربي ، فكف عنه أبو طالب ، ثم اجتمعوا الى أبي طالب فقالوا : أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا ، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة ، ويقول فيها : ولما رأيت القول لاود بينهم (٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل (٣) وننصره حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل (٤)

__________________

(١) السمائم جمع السموم : الريح الحارة.

(٢) قوله : «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة : كلما يوثق به ويعول عليه.

(٣) قوله «يبزى» اى يقهر ويغلب ، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة اى لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧ : ٣٣٨ «نبزى» اى نقهر ، وناضل عنه : حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.

(٤) صرعة : طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه : نسيه. والحلائل جمع الحليلة : الزوجة.

٣٤

قال : فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة ، جمع أبو طالب بنى هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة ، لئن شاكت محمدا شوكة لاتين عليكم يا بنى هاشم فأدخله الشعب ، وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين ، فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة ، فدخل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه ، فقال : يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما ، فجزاك الله عنى خيرا أعطني كلمة اشفع لك بها عند ربي ، فروى انه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله الرضا ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية (١).

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله الى فرعون وأراه الآية الكبرى؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله الله الى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث ، وأبي بن خلف ، ومنبه ونبيه إبني الحجاج ، والى المستهزئين : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن الطلاطلة فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى تبين لهم انه الحق ، قال اليهودي : لقد انتقم الله لموسى من فرعون؟ قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة ، فاما المستهزؤن فقد قال الله عزوجل : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فقتل

__________________

(١) غير خفي على المحقق الخبير والمطالع البصير لأخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليه ان أبا طالب كان مؤمنا ينقى قومه ويستر دينه ، وعليه الشيعة الامامية ، ويعرف ذلك من سيرته وكلماته وأشعاره أيضا ، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر فيه اشعاره وأحواله ، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه وإسلامه رضى الله عنه فراجع ج ٧ ـ : ٣٣٠ ـ ٤٠٩. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمى (ره) على عقيدتهم ، أو كان منه صلى‌الله‌عليه‌وآله على ظاهر حال ابى طالب والله العالم.

٣٥

الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد ، فاما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق ، فأصابه شظية منه (١) فانقطع أكحله حتى أدماه فمات ، وهو يقول قتلني رب محمد ، واما العاص بن وائل السهمي فانه خرج في حاجة له الى موضع فتدهده (٢) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ، واما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنة زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه : امنع عنى هذا فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا الا نفسك فقتله ، وهو يقول : قتلني رب محمد ، واما الأسود بن الحارث فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده ، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار الى موضع ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي ، وبقي حتى أثكله الله عزوجل ولده ، واما الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع الى أهله فقال : أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول : قتلني رب محمد ، وروى ان الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات ، وهو يقول : قتلني رب محمد كل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك انهم كانوا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له : يا محمد ننتظر بك الى الظهر فان رجعت عن قولك والا قتلناك ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام عن الله من ساعته فقال : يا محمد السلام يقرء عليك السلام وهو يقول : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) يعنى أظهر أمرك لأهل مكة وادعهم الى الايمان قال : يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدونى؟ قال له : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) قال : يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال : قد كفيتهم فأظهر امره عند ذلك ، واما بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف ، وهزم الله الجمع وولوا الأدبار ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال : المستهزؤن بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الشظية : كل فلقة من شيء كفلقة العود أو القضبة.

(٢) تدهده الحجر : تدحرج.

٣٦

خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب ، والحارث بن عطية الثقفي.

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا ، فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون ، فقال الله جل ذكره : يا محمد و (لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة ، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت اليه نفسه.

١٢٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا ، وان من جزع جزع قليلا ، ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك ، فان الله عزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق فصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في مجمع البيان : و (كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) اى المصلين عن الضحاك وابن عباس قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزنه أمر فرغ الى الصلوة (١).

__________________

(١) فرغ الى الشيء : قصد.

٣٧

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي جعفر عليه‌السلام قال : من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا ، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرءها لم يحاسبه الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا ، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من يبايع القائم عليه‌السلام جبرئيل ، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس ، ثم ينادى بصوت ذلق (١) تسمعه الخلايق : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

٤ ـ عن ابن مهزيار عن القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه انه عليه‌السلام تلى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) فقلت : يا سيدي يا ابن رسول الله فما الأمر؟ قال : نحن أمر الله عزوجل وجنوده.

٥ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : إذا أخبر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بشيء الى وقت فهو قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) حتى يأتى ذلك الوقت ، وقال : ان الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان. وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما نقلنا عنه سابقا ، وفي

__________________

(١) الذلق : الفصيح.

٣٨

رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفر عليه‌السلام نحوه.

٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال : نزلت لما سألت قريش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان ينزل عليهم (١) فأنزل الله تبارك وتعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن أسباط عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام يسئله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل ، فكرر ذلك على الرجل ، فقال له : لقد قلت عظيما من القول ، ما أحد يزعم ان الروح غير جبرئيل ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : انك ضال تروى عن أهل الضلال يقول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) والروح غير الملائكة عليهم‌السلام.

٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) يقول : بالكتاب.

وقال على بن إبراهيم في قوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) قال : خلقه من قطرة من ماء منتن (٢) فيكون خصيما متكلما بليغا ، وقال أبو الجارود في قوله : و (الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ) والدفء : حواشي الإبل ، ويقال بل هي الادفاء (٣) من البيوت والثياب.

٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليه‌السلام قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أى المال خير؟ قال : زرع زرعه صاحبه وأدى (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) ، قيل : وأى مال بعد الزرع خير؟ قال : رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر ، يقيم الصلوة ويؤتى الزكاة ، قيل : فأى المال بعد الغنم خير؟ قال : البقر تغدو بخير وتروح بخير

__________________

(١) وفي المصدر «أن ينزل عليهم العذاب».

(٢) وفي المصدر «من قطرة من ماء مهين».

(٣) ادفأه من الحائط وغيره كنه اى ستره.

٣٩

قيل : فأى المال بعد البقر خير؟ قال : الراسيات (١) في الوحل المطعمات في المحل (٢) نعم المال النخل ، من باعه فانما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة (اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) ، الا أن يخلف مكانها ، قيل : يا رسول الله فأى المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل : فأين الإبل؟ قال : فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار ، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتى خيرها الا من جانبها الاشأم.

١٠ ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت ، وإذا أدبرت أقبلت ، والبقر إذا أقبلت أقبلت ، وإذا أدبرت أدبرت ، والإبل أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت ، وإذا أدبرت أدبرت ، ولا يجيء خيرها الا من الجانب الا شأم ، قيل : يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال : فأين الأشقياء الفجرة؟.

١١ ـ عن الحارث قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالغنم والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير ، قال : فقيل له : يا رسول الله فأين الإبل؟

قال : تلك أعناق الشياطين ويأتى خيرها من الجانب الأشأم ، قيل : يا رسول الله ان سمع الناس بذلك تركوها فقال : إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.

١٢ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة ، فمن كان في منزلة شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم ، وكذلك في الثلاث يقول : بورك فيكم.

١٣ ـ عن الحسن بن مصعب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان لله تعالى في كل يوم وليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلو لا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.

١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) قال : حين ترجع من المرعى ، قوله : و (تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) قال : الى مكة والمدينة وجميع البلدان.

١٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

__________________

(١) اى الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.

(٢) المحل : الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.

٤٠