ولقد عبّر بعض المفسّرين عن ذلك بأنّه : الأوّل بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء ، والظاهر بلا اقتراب ، والباطن بلا احتجاب.
وعبّر البعض الآخر عنه تعبيرا رائعا آخر : الأوّل ببرّه ، والآخر بعفوه ، والظاهر بإحسانه وتوفيقه إذا أطعته ، والباطن بستره إذا عصيته.
وباختصار فإنّه محيط بكلّ شيء ، وإنّه (بداية ونهاية ، وظاهر وباطن) عالم الوجود.
وفسّر بعض المفسّرين (الظاهر) هنا بمعنى «الغالب» (من الظهور بمعنى الغلبة) ونلاحظ في بعض خطب نهج البلاغة قرينة على هذا المعنى حيث يقول عليهالسلام حول خلق الأرض : «هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته» (١).
ولا مانع من جمع هذين التّفسيرين.
وعلى كلّ حال فإنّ أحد نتائج هذه الصفات المتقدّمة هو ما جاء في نهاية الآية الكريمة : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) إذ أنّ من كان في البداية ويبقى في النهاية ، وموجود في ظاهر وباطن العالم .. سيكون عالما بكلّ شيء قطعا.
* * *
بحث
جمع الأضداد في صفات الله :
من الواضح أنّ الكثير من الصفات لا يمكن جمعها فينا نحن البشر ، وكذا الأمر بالنسبة للموجودات الاخرى. فمثلا : من كان في أوّل الصفّ لا يمكن أن يكون في نفس الوقت في آخره ، وكذلك إذا كنت ظاهرا فليس بالمقدور أن تكون
__________________
(١) نهج البلاغة ، خطبة ١٨٦.