في نفس الوقت باطنا والعكس صحيح أيضا. والسبب في ذلك هو محدودية وجودنا ، فالوجود المحدود لا يستطيع أن يكون غير ذلك ، إلّا أنّ الحديث عند ما يكون عن صفات الله فسيتغيّر الأمر ، حيث يمكن الجمع في هذه الحالة بين الظاهر والباطن ، وبين البداية والنهاية ، وذلك لطبيعة صفات الذات الإلهيّة المقدّسة اللامتناهية ، ولذلك فلا عجب هنا.
وقد وردت أحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمّة أهل البيت عليهمالسلام فيها توضيحات رائعة تساعد على تفسير هذه الآيات ذات المحتوى العميق ، ومن جملتها ما ورد في صحيح مسلم عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «اللهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء» (١).
ويقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «ليس لأوّليّته ابتداء ، ولا لأزليّته انقضاء ، هو الأوّل لم يزل ، والباقي بلا أجل .. الظاهر لا يقال ممّ؟ والباطن لا يقال فيم؟» (٢).
ويقول الإمام المجتبى عليهالسلام في خطبة له : «الحمد لله الذي لم يكن فيه أوّل معلوم ، ولا آخر متناه ... فلا تدرك العقول وأوهامها ، ولا الفكر وخطراتها. ولا الألباب وأذهانها صفته ، فتقول متى ولا بدع ممّا؟ ولا ظاهر على ما؟ ولا باطن فيما؟» (٣).
* * *
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٤٠٦.
(٢) نهج البلاغة ، خطبة ١٦٣.
(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٣٦.