بحيث لا يحرّكها الغضب بسهولة (١) ولا تضطرب (٢) عند إصابة المكروه [وسائر الغرائز] جمع غريزة ، وهي الطّبيعة (٣) أعني ملكة تصدر عنها صفات ذاتيّة مثل الكرم (٤) ، والقدرة (٥) ، والشّجاعة (٦) ، وغير ذلك (٧). [وإمّا إضافيّة] عطف على قوله : إمّا حقيقيّة (٨) ، ونعني بالإضافيّة ما لا تكون هيئة متقرّرة
________________________________________
(١) الباء للملابسة متعلّق بالغضب ، أي لا يحرّكها الغضب الملتبس بسهولة ، وإنّما يحرّك الحليم الغضب القويّ ، ولذا يقال انتقام الحليم أشدّ على قدر غضبه.
(٢) أي ولا تضطرب النّفس عند إصابة المكروه.
(٣) أي السّجيّة والخصلة الّتي أودعها الله في كمون البشر من بدو خلقه له ، وإنّما سميت غريزة ، لأنّها لملازمتها للإنسان صارت كأنّها مغروزة فيه ، فهي فعيلة بمعنى مفعولة ، والغريزة في الاصطلاح ملكة تصدر عنها صفات ذاتيّة ، والمراد من الصّفات الذّاتيّة الأفعال الاختياريّة الّتي تصدر من الغرائز والملكات من دون اعتياد وكسب.
(٤) أي أنّ الكرم هو صدور بذل المال المسبّب عن الملكة الذّاتيّة الجبلّيّة الّتي تقتضي ذلك بسهولة.
(٥) أي وهي كيفيّة تصدر عنها الأفعال الاختياريّة من العقوبة وغيرها.
(٦) أي هي كيفيّة يصدر عنها بذل النّفس واقتحام الشّدائد بسهولة.
(٧) أي كأضدادها ، وهي البخل ، والعجز ، والجبن ، والبخل كيفيّة يصدر عنها المنع لما يطلب ، والعجز كيفيّة يصدر عنها تعذّر الفعل عند المحاولة ، وهو فعل يسند لصاحب العجز ، والجبن كيفيّة يصدر عنها الفرار من الشّدائد.
(٨) أي أنّ الصّفة الخارجيّة إمّا أنّ تكون حقيقيّة ، وهي الّتي لها تقرّر في موصوف واحد ، ومستقلّة بالمفهوميّة ، وقد تقدّم أنّها إمّا حسّيّة ، وإمّا عقليّة ، وأمّا أن تكون إضافيّة ، أي نسبيّة يتوقّف تعقّلها على تعقّل الغير ، ولم تستقلّ بالمفهومية ، إذ لم تكن متقرّرة في موصوف واحد ، بل نسبة بين الأمرين ، كما أشار إليه بقوله : «بل تكون معنى متعلّقا بشيئين» أي بحيث يتوقّف تعقّله على تعقّلهما ، ولا يكون مستقلا بالمفهوميّة ، كالأبوّة والبنوّة ، فإنّه ليس شيء منهما متقرّرا في ذات الأب والابن ، بل نسبة بينهما ، فالعقليّ بهذا المعنى شامل للاعتباري الوهمي ، فإنّه وإن لم يكن متحقّقا في الخارج إلا أنّه متقرّر ذهنا في موصوفه ، ومستقلّ بالمفهوميّة.