[واعلم أنّه (١) قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كثرة حروفه وقلّتها بالنّسبة إلى كلام آخر مساو له] أي لذلك الكلام [في أصل المعنى] فيقال للأكثر حروفا إنّه مطنب ، وللأقلّ إنّه موجز [كقوله (٢) : يصدّ (٣)] أي يعرض (٤) [عن الدّنيا إذا عنّ] أي ظهر (٥) ، [سؤدد] أي سيادة [ولو برزت (٦) ، في زيّ عذراء ناهد] الزّيّ الهيئة ، والعذراء البكر ،
________________________________________
(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) معطوفة على جملة : (يُسَبِّحُونَ) فيكون ما بينهما اعتراضا.
والجواب من ذلك الإشكال إنّما هو يجعل واو في قوله : (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) للعطف لا للاعتراض ، فتخرج الآية عن كونها من قبيل الاعتراض.
(١) الضّمير للشّأن ، وحاصل الكلام في المقام أنّه قد تقدّم أنّ وصف الكلام بالإيجاز يكون باعتبار أنّه أدّى به المعنى حال كونه أقلّ من عبارة المتعارف ، مع كونه وافيا بالمراد ، وأنّ وصفه بالإطناب يكون باعتبار أنّ المعنى أدّى به مع زيادة عن المتعارف ، لفائدة أشار هنا إلى أنّ الكلام قد يوصف بهما في اصطلاح القوم باعتبار قلّة الحروف وكثرتها بالنّسبة إلى كلام آخر مساو لذلك الكلام في أصل المعنى ، فالأكثر حروفا منهما إطناب باعتبار ما هو دونه ، والأقلّ منهما حروفا إيجاز باعتبار أنّ هناك ما هو أكثر منه ، والباء في قوله : «باعتبار ...» للسّببيّة ، والباء في قوله «بالإيجاز» للتّعديّة.
(٢) أي كقول أبي تمّام من قصيدته الّتي رثى بها الحسين محمد بن الهيثم.
(٣) بفتح أوّله وكسر ثانيه ، لأنّه هو الّذي بمعنى يعرض ، وهو لازم ، وأمّا بضمّ الصّاد ، فهو بمعنى يمنع الغير ، فهو متعدّي.
(٤) بضمّ الياء من أعرض ، أي يعرض هذا الممدوح عن الدّنيا الّتي فيها الرّاحة والنّعمة بالغنى.
(٥) أي إذا ظهر له سيادة ورفعة.
(٦) أي لو ظهرت الدّنيا في زيّ عذراء ناهد ، الزّي بكسر الزّاي المعجمة ، والياء المشدّدة ، الهيئة العذراء البكر ، والنّاهد : هي المرأة الّتي نهد ثدييها أي ارتفع.
والشّاهد في المصراع الأوّل ، أعني «يصد عن الدّنيا إذا عنّ» حيث إنّه أقلّ حروفا من قوله : «ولست بنظّار إلى جانب الغنى» مع كونهما متّحدين في أصل المعنى المقصود.