فظهر (١) أن ليس المراد بالجامع العقليّ ما يدرك بالعقل (٢) وبالوهميّ ما يدرك بالوهم ، وبالخياليّ ما يدرك بالخيال ، لأنّ (٣) التّضادّ وشبهه
________________________________________
قانون وضابط ، ولكون عدم حصر تلك الأسباب لا يمكن بيانها على ما ينبغي.
اعلم أنّ تلك الأسباب المقتضية لإثبات الصّور في الخيال تختلف باختلاف الأشخاص والأغراض والأزمنة والأمكنة ، وحيث كانت تلك الأسباب لا تنحصر ، فاختلاف الصّور باعتبار الحضور في الخيال لا ينحصر أيضا ، ولذا نجد الشّيء الواحد يشبّه بصور من الصّور الحسّيّة المخزونة في الخيال ، فيشبّهه كلّ شخص بصورة مخالفة لما يشبّهه بها الآخر ، لكون تلك الصّورة الّتي شبّهه بها كلّ واحد هي الحاضرة في خياله ، كما روي أنّ سلاحيّا وصائغا وبقّارا ومؤدّب أطفال طلع عليهم البدر ، فأراد كلّ واحد أن يشبّهه بأفضل ما في خزانة خياله ، فشبّهه المراد بالتّرس المذهّب ، والثّاني بالسّبيكة المدوّرة ، والثّالث بالجبن الأبيض يخرج من قالبه ، والرّابع برغيف أحمر يصل إليه من بيت ذي ثروة ، فالصّور الّتي من شأنها حصولها في الخيال اختلفت في حضورها في الخيالات بمعنى أنّها وجدت في خيال دون آخر ، لأنّ كلّ شخص شبّه بما هو ملائم لما هو مخالطه.
(١) أي فظهر من تفسير الشّارح للجوامع الثّلاثة بما تقدّم في بيانها.
(٢) أي خصوص ما يدرك بالعقل بأن يكون كلّيّا ، بل المراد بالجامع العقليّ أمر بسببه يقتضي العقل اجتماع الشّيئين إمّا بالذّات إن كان كلّيّا ، وإمّا بالواسطة إن كان جزئيّا ، وبعبارة أخرى أنّه لا يعتبر في الجامع العقليّ أن يكون كلّيّا ، بل يكون عقليّا ، ولو كان جزئيّا يدرك في الأصل بالوهم ، فتسمية الاتّحاد في التّصوّر مثلا جامعا عقليّا لكونه سببا في جمع العقل بين الشّيئين ، فيعلم من هذا أنّ الجامع العقليّ هو ما كان سببا في جمع العقل ، سواء كان مدركا بالعقل لكونه كلّيّا أو مدركا بالوهم لكونه جزئيّا ، فالمراد بالعقل أمر بسببه يقتضي العقل في المفكّرة سواء كان من مدركاته بنفسه أو لا ، والمراد بالجامع الوهميّ أمر بسببه يقتضي الوهم الاجتماع في المفكّرة سواء كان من مدركاته بنفسه أو لا ، وكذلك الخيال ، فليس المراد بالجامع العقليّ خصوص ما كان مدركا بالعقل.
(٣) تعليل للنّفي الّذي ادّعي في المراد الوهميّ والخياليّ ، وإنّما لم يلتفت إلى بيان النّفي الّذي ادّعي في العقليّ لوضوح إدراك العقل ما ذكره المصنّف فيه من الاتّحاد والتّماثل والتّضايف ،