مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنّ قضاء غير رمضان ليس فيه شي‌ء من الكفارات ، للأصل وعدم الدليل ، وبطلان القياس مع التأمل في الأصل.

وكذا في الواجب المطلق بالطريق الأولى ، وهو ظاهر.

ولكن ينبغي عدم الإفطار بعد النيّة مطلقا ، ولا يبعد التحريم بعد الزوال ، لما مرّ ، مؤيدا ب (لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (١).

واما المعيّن بالنذر وشبهه ، فيمكن وجوب الكفارة فيه من جهة ابطال النذر ونحوه ، فتجب كفارة النذر ، ونحوه ، وسيجي‌ء في محلّه.

وتدل عليه صحيحة على بن مهزيار قال : كتب بندار مولى إدريس : يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت ، فإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب اليه وقرأته : لا تتركه الّا من علّة ، وليس عليك صومه في سفر ، ولا مرض الّا أن تكون نويت ذلك ، وان كنت أفطرت فيه من غير علّة فتصدّق بعدد كل يوم على سبعة مساكين ، نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى (٢).

ولا يضر عدم توثيق (بندار) في الصحة ولا الكتابة (٣). ويستفاد منها :

١ ـ وجوب الكفارة في الصوم بالنذر المعيّن.

٢ ـ وكونها بما يصدق عليه التصدق مطلقا ، ويمكن حمله على المدّ والإطعام كما في غيره.

٣ ـ وعدم بطلان النذر بالإبطال عمدا أيضا كما هو الظاهر ، وسيجي‌ء ، وكذا العهد واليمين.

__________________

(١) سورة محمّد (ص) ـ آية ٣٣

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب بقيّة الصوم الواجب

(٣) وذلك لان المخبر بالكتابة والقراءة إذا كان ثقة كما في المقام فلا يضر جهالة الكاتب وهو هنا كذلك فان على بن مهزيار ثقة

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

٤ ـ وسقوط الصوم المنذور سفرا ومرضا.

٥ ـ وعدم سقوطه سفرا مع قصده ذلك في النذر بخصوصه على ما ذكروه ، فكأنهم فهموا ذلك من الاستثناء بقوله : (الّا ان تكون إلخ) بإرجاعه إلى السفر مع عدم الصراحة فتأمل.

وكفارة اليمين ظاهرة ، واما غيره فغير ظاهر ، وسيجي‌ء.

واما المعيّن لكفّارة ونحوها فلا كفارة فيه على الظاهر.

وما نجد دليلا على ما هو المشهور بينهم من وجوب كفارة إفطار شهر رمضان في إفطار يوم معيّن بالنذر ، لأنّ الأدلّة كما عرفت ليست إلا في شهر رمضان ، والقياس باطل.

قال المصنف في المنتهى ـ في مسألة وجوب الكفارة للنوم على غير نيّة الغسل ـ هل يختص هذا الحكم برمضان؟ فيه تردد ، ينشأ (من) تنصيص الأحاديث على رمضان من غير تعميم ولا قياس يدل عليه (ومن) تقسيم الأصحاب ، وقد مرّت الإشارة الى عدم التردد.

وقال بعد ذلك ـ بأوراق ـ : تجب الكفارة أيضا في قضائه بعد الزوال ، وفي النذر المعيّن قبل الزوال وبعده ، وفي الاعتكاف ذهب إليه علمائنا ، ثم نقل خلاف ابن ابى عقيل بعد ذلك ـ بصفحة ـ في القضاء.

ونقل في المختلف ، عن ابن ابى عقيل ما يدل على عدم الكفارة إلّا في أداء شهر رمضان.

فتأمّل ، فإنّ الإيجاب بلا دليل ، وجعل مجرد قول ما رآى من الأصحاب دليلا مشكل ، والاحتياط يقتضي الترك في الفتوى والفعل.

واما المحل فهو الذي يجب عليه الصوم ، والظاهر عدم الفرق بين الرجل

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والمرأة ، وقد مرّ البحث فيه في الجملة ، وما نعيد ذلك.

واما وجوب كفارة المرأة المكرهة أيضا على زوجها الذي أكرهها في صوم شهر رمضان فهو مشهور بينهم.

وقال في المنتهى : عليه أكثر علمائنا ، وعليه رواية المفضل بن عمر ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ، فقال : ان كان استكرهها ، فعليه كفارتان وان كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة ، وان كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا ، نصف الحدّ ، وان كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا (١).

وفي سند الرواية ضعف (٢).

وليست باجماعيّة فنحن من المترددين.

ونقل في المختلف ، عن ابن ابى عقيل أن ليس على الزوج المكره أيضا إلّا كفارة واحدة له.

والأصل ـ وعدم صحّة الدليل ، وظهور عموم الأدلّة في الواحدة ، وترك التفصيل في الاخبار المتقدمة في وجوب الكفارة على الذي واقع أهله ، واحتمال الاستحباب في خبر المفضل ـ يدلّ على عدم التردد في العدم ، فتأمّل واحتط.

وكذا بعد تحمّل كفّارة من ليس عليها كفارة لصحّة صومها اتفاقا.

والحمل على المجاز بان المراد إيجاب كفارتين عليه رأسا لا التحمل فتكون الكفارتان ، نظرا بحاله لا الى حالها بوجه ، بعيد غير محتاج ، وينبغي ترك التحمّل (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) وسندها كما في الكافي هكذا : على بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن المفضل بن عمر ج ٤ ص ١٠٣ ح ٩

(٣) لعل المراد : انه ينبغي له أن يؤدّى كفارتها لكن لا بعنوان التحمل عن الزوجة

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فإنه ليس في الرواية.

والظاهر أنه على تقدير التحمّل مخصوص بشهر رمضان وكونها زوجته دون الأمة ، والمزني بها ، واشتراط صومه وصومها ، فلا يتعدد في المجنون والمجنونة ونحوهما.

والظاهر انه لا تحمّل في العكس.

واما باقي الموجبات فقالوا : (منها) إيصال الغبار الغليظ الى الحلق.

وقد عرفت أن ليس لهم دليل واضح على ذلك ، وان الرواية المنقولة ضعيفة الاسناد ، ومقطوعة ، وغير مقيّدة بالغليظ ، ومشتملة على أحكام غير ثابت إيجابها ، مثل شمّ الرّيحة الغليظة كما ذكره في المنتهى.

وانها معارضة بأوضح وأكثر منها ، وانه لو صدق عليه الأكل والإفطار يوجب الكفّارة ، والّا فلا.

والأصل دليل قوى ، والصدق مطلقا غير ظاهر ، ولهذا قال المصنف في المنتهى ـ بعد الاستدلال على وجوب الكفارة ، وردّ دليل عدمه ـ : وبالجملة فإن السيد المرتضى رحمه الله لم يوجب الكفارة وهو قوىّ ، وقال أبو الصلاح : إذا وقف في الغبار لزمه القضاء (انتهى).

وهذا يشعر بإيجاب السيّد القضاء.

وقد نقل في المختلف عنه وعن ابن الجنيد أنّ غير المعتاد لا يبطل الصوم ولا ينقضه وان قال في المنتهى : ذهب علمائنا الى عدم الفرق بينه وبين المعتاد.

وبالجملة ، الأصل دليل قوّى وان قلنا بوجوب الاجتناب مطلقا ووجوب القضاء.

فلا بد للكفّارة من دليل آخر ، وليس بواضح ، فهو بعيد.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأبعد منه (١) إيجاب كفارات الجمع في الغبار المحرّم ، والاستمناء مطلقا ، والنخامة وان نزل عن الدّماغ قبل ان يصل فضاء الفم لخبر عبد السلام بن صالح (٢) كما قاله الشهيد الثاني في شرح الشرائع (٣).

لعدم (٤) صحته كما مرّ ، وعدم صراحته في كلّ محرّم ينزل الى الحلق أو مفطر كذلك ولهذا قال : في الفقيه الذي هو صاحب هذا المذهب وراوي الخبر المفتي به (٥) : فأنا افتى به فيمن أفطر بجماع محرّم عليه أو بطعام محرّم عليه.

ومعلوم عدم دخول الجميع (٦) فيه ، على ان الإفطار بالغبار والنخامة وتحريمها غير ظاهر ويدلّ على إباحتها ما روى في فضل ابتلاعها في المسجد تعظيما له.

واعتمد (٧) في صحته ، على ان عبد الواحد (٨) ممن نقل عنه الصدوق بغير

__________________

(١) يعنى أبعد من وجوب كفارة واحدة لغير المعتاد

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) قال في الشرائع : وقيل : يجب بالإفطار بالمحرّم ثلاث كفارات إلخ قال في المسالك : هذا قول الصدوق استنادا إلى رواية رواها بإسناده إلى الرضا عليه السّلام دلت على التفصيل وانما ترك المصنف العمل بها لأن في سندها عبد الواحد بن عبدوس النيسابوري وهو مجهول الحال ، مع انه شيخ ابن بابويه وهو قد عمل بها وهو في قوة الشهادة له بالثقة (الى ان قال) : ومن افراد المحرّم الاستمناء وإيصال الغبار الذي لا يسوغ تناوله في غير الصوم الى الحلق وابتلاع نخامة الرّأس إذا صارت في فضاء الفم أو مطلقا مع إمكان إخراجها على قول يأتي (انتهى)

(٤) تعليل لقوله قده : وأبعد منه

(٥) يعنى الخبر الذي أفتى الصدوق بمضمونه

(٦) اى جميع المذكورات من الغبار المحرّم والاستمناء إلخ لا يدخل في عبارة الصدوق ره

(٧) يعنى الشهيد الثاني في المسالك كما نقلنا عبارته آنفا من قوله ره : انه شيخ ابن بابويه وهو قد عمل بها وهو في قوة الشهادة له بالثقة

(٨) يعني عبد الواحد الواقع في طريق حديث كفارة الجمع ، فان سنده كما في التهذيب هكذا : أبو جعفر

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

واسطة ، وانه لم ينقل عن غير الثقة ، وان المصنف (١) قال في التحرير : ان الخبر صحيح ، وان ذلك تعديل له ، وان موثقة سماعة مؤيّده.

على انه قال في مواضع : كثيرا ما يقع الغلط في أمثاله فلا اعتبار به.

وبيّن في أصول الحديث : أنه إذا قال الراوي : أروي عن عدل لا يجوز العمل به.

وقد عرفت أن غير عبد الواحد أيضا ليس بصحيح ، فلا يكفى مجرّد تعديله.

وان (٢) موثقة سماعة مطلقة ليست مقيدة بالحرام والحلال.

وقال في التهذيب : يحتمل ان يكون الواو بمعنى (أو) أو يكون المراد الوطي المحرّم ، وأنّها مثل الوطي في الحيض في الإتيان بالأهل خاصّة ، وأنها مضمرة وفيها

__________________

محمد بن على بن الحسين بن بابويه ، عن عبد الله بن عبدوس النيسابوري ، عن على بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي

(١) يعنى به العلّامة قده قال في شرح الشرائع : ما هذا لفظه ، واعلم ان العلامة في التحرير في باب الكفارات شهد بصحة الرواية وهو صريح في التزكية لعبد الواحد وان كان قال في غيره من الكتب انه لا يحضره حاله وكيف كان فالعمل بها متعيّن مع اعتضادها بموثقة سماعة (انتهى)

(٢) وحاصل ما أورده قده على صاحب المسالك أمور أربعة (أحدها) ان صاحب المسالك قال في مواضع من المسالك انه كثيرا ما يقع الغلط والاشتباه في أمثال هذه التوثيقات التي ترجع الى النقل عن المشايخ (ثانيها) انه قد قرر في علم الحديث وكيفيّة نقله ان مجرد قول الراوي : أروي عن عدل لا يكفي في التوثيق لاحتمال ان يكون عدلا عنده وبنظره (ثالثها) وجود المناقشة في خصوص المقام فإنه ليس ضعف الحديث لأجل عبدوس فقط ، بل لأجل سائر رواة هذا الحديث أيضا كابن قتيبة وحمدان وعبد السلام (رابعها) ان موثقة سماعة التي جعلها مؤيّدة ليس فيها تقييد بالحرام بل هي مطلقة فتشمل الإفطار بالحلال أيضا مع ان الإطلاق غير مفتى به فان لفظ الموثقة هكذا : قال : سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا ، فقال : عليه عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا ، وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم وأنّى له مثل ذلك؟ الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٨٦

ويجب القضاء أيضا بفعل المفطر قبل مراعاة الفجر مع القدرة ، ويكون طالعا.

______________________________________________________

عثمان بن عيسى) (١) وتوثيقه غير ظاهر ، والحمل على الاستحباب محتمل.

وبالجملة الإفتاء على العموم الّذي قاله بمثل ما ذكره لا يخلو عن تأمّل.

وجعل وجه التردد في الشرائع عدم توثيق عبد الواحد فقط ، محل التردد.

فتأمّل.

وأنت بعد الإحاطة بما ذكرناه تعرف قوله : فلو فعل (الى قوله) خاصّة ، وما فيه فتأمّل.

قوله : «ويجب القضاء أيضا بفعل المفطر إلخ» هذه إشارة إلى باقي ما يوجب القضاء فقط ، وهي ثمانية ، وقد مرّت الثلاثة (٢).

(والرابع) الإفطار في نهار الصوم المعيّن مع عدم العلم بطلوع الفجر مع القدرة على المراعاة ، وتركها مع ظن البقاء.

فلو لم يقدر أو يراعى فالظاهر عدم شي‌ء عليه.

دليله (٣) حسنة الحلبي (ـ لإبراهيم ـ وقال في المنتهى : صحيحة) ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انه سئل عن رجل تسحّر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبيّن فقال : يتمّ صومه ذلك ثم ليقضيه ، قال : فان تسحّر في غير شهر رمضان بعد طلوع الفجر أفطر ، ثم قال : إنّ ابى عليه السّلام كان ليلة يصلى وأنا آكل فانصرف وقال : أمّا جعفر فقد أكل وشرب بعد الفجر فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان (٤).

__________________

(١) وسندها كما في الكافي هكذا : الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن سعيد ، عن سماعة

(٢) المتقدمة من تعمد القي‌ء والحقنة ومعاودة النوم للجنب»

(٣) يعنى دليل وجوب القضاء بفعل المفطر مع القدرة على المراعاة

(٤) أورد صدره في الوسائل باب ٤٤ حديث ١ وذيله باب ٤٥ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والطاهر أن المراد بغير شهر رمضان ، الصوم الغير المعيّن ، إذ الصوم المعيّن ممّا لا يؤمر بأكله.

ويدل على التفصيل رواية سماعة بن مهران ، قال : سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ، فقال : ان كان قام فنظر ولم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتمّ صومه ولا اعادة عليه ، وان كان قام فأكل وشرب ثم نظر الى الفجر فرأى (فرآه ـ خ) انه قد طلع (الفجر ـ خ ئل) فليتم صومه ويقضى يوما آخر ، لأنه بدء بالأكل قبل النظر ، فعليه الإعادة (١).

ويفهم من المنتهى كونه إجماعيا فلا يضر عدم صحّة الرواية الثانية ، والعقل أيضا مساعدة.

اما عدم القضاء على الأول (٢) فللأصل ، ولعدم تكليفه بأكثر من وسعه وقد بذل الجهد فهو معذور ، وليس بأقلّ من حال الناسي.

واما القضاء في موضعه (٣) فلتقصيره في الجملة وان ظن بقاء الليل وكان الأكل جائزا.

«فروع»

(الأوّل) ) الظاهر جواز الأكل مع الظن ويحتمل مع الشك أيضا قبل المراعاة ، للأصل وعدم العلم بوقت الصوم الممنوع إفطاره.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٤ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) أي الأول المذكور في رواية سماعة

(٣) أي في فرض أكله في موضعه بمجرد القيام من دون مراعاة

(٤) وليعلم ان هذه الفروع ضبطت في بعض النسخ بترتيب حروف التهجى ونقلناها بهذه الصورة للتسهيل.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا في فعل ما يشترط فعله في اللّيل ، مثل صلاة الليل ، ووجوب القضاء لا يستلزم الإثم ولا يتبعه.

(الثاني) الظاهر عدم الفرق بين الصائم مطلقا في صحته في الثاني (١) وعدم احتسابه صوما في الأول (٢) فلا بد من بدله في غير المعيّن وان لم نقل له القضاء فينبغي اكله.

(الثالث) الظاهر انقطاع التتابع في الجملة فيما يشترط فيه التتابع فيأكل ويستأنف.

(الرابع) الظاهر عدم الفرق بين المكلفين في ذلك ، والمفطرات إجماعا ، وغيره.

ويمكن الصحّة مع العجز مطلقا كما يفهم من تقييد الأصحاب.

ويمكن ان يقال : بوجوب الإعادة لصدق الإفطار عمدا اختيارا المستلزم للقضاء غالبا بل الكفارة ، أيضا.

لكن هنا تسقط ، للجهل والعذر ، ولأنه يصدق عليه أنه أفطر قبل المراعاة ، وهو المستلزم للقضاء ، للخبر كما يفهم ممّا في الحسنة (ثم خرج من بيته وقد طلع) (٣).

ويمكن سقوطه عنه إذا اعتمد على من يجوز له الأكل بقوله ، والقضاء مطلقا أحوط.

__________________

(١) يعني ما لو أكل بعد المراعاة فتبيّن الخلاف

(٢) يعنى ما لو أكل قبل المراعاة فتبيّن الخلاف.

(٣) الوسائل باب ٤٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٨٩

وبالإفطار باخبار الغير بعدم الطلوع مع القدرة على المراعاة مع طلوعه

______________________________________________________

(الخامس) ) الإفطار لإخبار الغير بعدم طلوع الفجر مع القدرة على المراعاة بنفسه ، وقد طلع.

وهو قريب من الرابع (٢) ، فدليله يصلح دليلا له مع حسنة معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا ، فتقول : لم يطلع بعد ، فآكل ثم انظر ، فأجد قد كان طلع حين نظرت ، قال : (اقضه) (٣) اما انك لو كنت أنت الذي نظرت (لم يكن (٤) عليك شي‌ء) (٥).

والظاهر أنّه تجري فيه الفروع المتقدمة ، ويزيد عليها بعدم الفرق في المخبر بين كونه عدلا وغيره ، ولو كان (ناخ) عدلين فيمكن عدم القضاء ، لأنهما حجّة شرعيّة.

والظاهر القضاء لان كونهما حجّة شرعيّة في الجملة لا يستلزم كونهما كذلك دائما ، وعلى تقديره (٦) لا يستلزم عدم القضاء ، لأن الحجيّة لا تستلزم عدم القضاء عند ظهور الخلاف ، ويحتمل القضاء لما مرّ ، فتأمّل.

ومع القدرة وكون المخبر عدلا يمكن سقوط القضاء ، والظاهر العدم ولا شك انّه أحوط.

__________________

(١) يعنى الخامس ممّا يوجب القضاء دون الكفارة

(٢) وهو فعل المفطر قبل مراعاة الفجر إلخ

(٣) (تتم يومك ثم تقضيه ـ خ كا)

(٤) (ما كان عليك قضائه ـ خ كا)

(٥) الوسائل باب ٤٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) اى على تقدير استلزام الحجيّة في الجملة ، الحجيّة دائما

٩٠

وبالإفطار مع الإخبار بطلوعه لظن كذبه والقدرة على المراعاة مع طلوعه ،

______________________________________________________

(السادس) الإفطار مع الاخبار بطلوعه وظن كذبه والقدرة على الاطلاع وقد طلع ، وهذه أيضا مثل سابقتها فروعا ودليلا ، بل هنا القضاء أوضح لعدم الاطلاع مع القدرة والإخبار به.

واما عدم الكفّارة فلعدم العلم والعمد الموجبين لهما ، وللأصل وظن عدم الإفطار به لظن كونه في الليل.

وتدل على القضاء فقط أيضا ، صحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل خرج في شهر رمضان ، وأصحابه يتسحّرون في بيت فنظر الى الفجر فناداهم : أنّه قد طلع الفجر فكفّ بعض ، وظن بعض أنّه يسخر فأكل فقال : يتمّ صومه ويقضى (١).

وهذه أيضا مشتركة في بعض الفروع المتقدم (مة ـ خ ل).

وتزيد بأنّه قال في المنتهى ص ٥٧٨ : لو أخبره عدلان بطلوع الفجر فلم يكف فالأشبه وجوب القضاء والكفارة لأن قولهما محكوم به شرعا فيترتب عليه توابعه (انتهى).

وفيه تأمّل ، والأصل عدمها وان قلنا بعدم جواز الأكل ، ولعدم صدق تعمّد الإفطار الموجب لها ، وعدم التفصيل في الخبر ، يدلّ على تعميم الحكم سواء كان المخبر عدلين أم لا.

وبأن (٢) الظاهر عدم الفرق بين القدرة على الاطلاع بنفسه أم لا ، فلو لم يقيّد الجواز بها لكان أولى.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٧ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الظاهر انه عطف على قوله قده : بأنه قال في المنتهى

٩١

وبالإفطار للإخبار بدخول الليل ثم يظهر الفساد ،

وللظلمة الموهمة دخول الليل ، ولو ظن لم يفطر

______________________________________________________

(السابع) الإفطار للإخبار بدخول اللّيل ولم يدخل ، وهذا بعينه مثل ما تقدم.

ويمكن هنا عدم الجواز خصوصا مع كونه فاسقا ، وعدم حصول الظن فيمكن الكفارة أيضا حيث لم يكن الإفطار له جائزا الّا ان يكون جاهلا بذلك ، فالظاهر ، العدم حينئذ فتأمل.

(الثامن) الإفطار للظلمة الموهمة دخول الليل ، ولو ظن لم يفطر ، يعنى لو توهم بحيث لم يحصل له ظن دخول الليل ، بل الوهم أو الشك فأفطر ثم علم عدم الدخول يجب القضاء فقط دون الكفارة.

ودليله ظاهر ، لأنّ الأصل عدم الدخول ، وحكم الاستصحاب يقتضي عدم الإفطار فيكون آثما ويجب عليه القضاء ، بل يمكن وجوب الكفارة أيضا الّا ان يقال : انه توهّم جواز الأكل بذلك فيكون جاهلا.

والظاهر أنّه معذور في الكفارة ، ولكن غير معذور عند المصنف كما صرّح به في المنتهى ويمكن ان يحمل (الموهمة) (١) على ما يفيد ظنا مّا وقوله : (ولو ظن) على الظن الغالب وهو بعيد.

والذي يظهر ، وجوب القضاء مع الظن مطلقا كما هو مختار المنتهى ، بل مع الجزم أيضا مع تبيّن الفساد ، ولصدق الإفطار في نهار الصوم الواجب فيكون باطلا موجبا للقضاء ، وعدم حصول الصوم كما في منافي الصلاة.

__________________

(١) يعني : هذه اللفظة الواقعة في عبارة الماتن ره وكذا قوله : (ولو ظن)

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وسقوط (١) الكفارة لجهله وحصول الشبهة ، والأصل مع عدم ثبوت الكلية (٢).

ولصحيحة أبي بصير وسماعة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا أنّه اللّيل فأفطر بعضهم ، ثمّ إنّ السحاب انجلى ، فإذا الشمس ، فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إنّ الله عز وجلّ يقول (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) ، فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاءه ، لأنه أكل متعمدا (٣).

وروى مثلها سماعة بسند آخر.

ولا يضرّ وجود محمد بن عيسى ، عن يونس (٤) ، لأنهما لا بأس بهما مع التأييد المتقدم.

وذهب جماعة منهم الشيخ ـ في التهذيب ـ الى عدم وجوب القضاء أيضا للظن وحملوا هذه على الشك والوهم ، لرواية أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل صام ثم ظن أنّ الشمس قد غابت ، وفي السماء غيم ، فأفطر ، ثم إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال : قد تمّ صومه ولا يقضيه (٥).

ورواية زيد الشحّام ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل صائم ظنّ أنّ الليل قد كان ، وأن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ، ثم إن السحاب

__________________

(١) عطف على قوله ره : وجوب القضاء

(٢) يعنى لم يثبت انه كلما يجب القضاء تجب الكفارة أيضا

(٣) الوسائل باب ٥٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم والآية في سورة البقرة ١٨٧

(٤) وسندها كما في الكافي هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابى بصير وسماعة

(٥) الوسائل باب ٥١ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

انجلى ، فإذا الشمس لم تغب ، فقال : تم صومه ولا يقضيه (١).

وصحيحة زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكفّ عن الطعام ان كنت قد أصبت منه شيئا (٢).

واستدلّوا (٣) أيضا بأنّ التكليف منوط بالظن لعدم العلم وقد حصل.

وأجاب (٤) المصنف في المنتهى ـ بعد اختيار الأوّل (٥) والاستدلال عليه بما قلناه ـ بان الحديث الأوّل (٦) في طريقه (محمد بن الفضيل) وهو ضعيف ، وفي طريق الثاني (٧) (أبو جميلة) وهو ضعيف أيضا ، وبأن الحديث الثالث لا دلالة فيه على محلّ النزاع وهو سقوط القضاء ، والتكليف منوط باستمرار الظن ولم يحصل هناك كمن ظنّ الطهارة وصلّى ثم تبيّن فساد ظنه (انتهى).

ومحمد بن الفضيل مشترك بين المصرّح بتوثيقه (٨) والضعيفين ، وما

__________________

(١) الوسائل باب ٥١ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٥١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعنى الجماعة الذين منهم الشيخ

(٤) يعني أجاب العلامة عن استدلال الشيخ وجماعة

(٥) يعني وجوب القضاء

(٦) يعنى حديث ابى الصباح ، فإنّ سنده كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن ابى الصباح الكناني

(٧) يعني حديث زيد الشحام ، فانّ سنده هكذا : على بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام

(٨) فالمصرح بتوثيقه هو محمد بن فضيل بن غزوان الضبّي مولاهم ، وثقه الشيخ والعلامة ، وابن داود ، وصاحبي الوجيزة والبلغة والحاوي ، والضعيفان هما محمد بن فضيل بن كثير الأزدي الكوفي الصيرفي ، ضعّفه الشيخ ، ومحمد بن فضيل الرزقي ، وهو مجهول أو محمد بن فضيل بن عطاء المدني الكوفي راجع تنقيح المقال

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

اعرف (١) كونه ضعيفا ، وهو اعرف.

وان (٢) في الحديث الثاني (على بن الحسن بن فضال) وفيه ما فيه مع ان الطريق اليه غير صحيح (٣).

وصحيحة زرارة مشتملة على كون دخول الوقت بمجرد غيبوبة القرص وقد مرّ البحث فيه وان ظاهرها يقتضي عدم القضاء مطلقا ولو لم يتفحّص عن القرص ، بل مجرد أنّ الغيبوبة مسقط ، وانه محلّ التأمّل.

على انها غير صريحة في عدم القضاء لأنّ قوله : (مضى صومك) لا يدل على عدم القضاء بعد الإفطار خصوصا مع الحكم بوجوب إعادة الصلاة ، فإنها لما كانت واقعة في غير وقتها مع بقاء الوقت أمكنه أن يقول : (أعدت) والإعادة في الصوم ما كان يمكن ، فقال : (مضى ولكن لا يأكل شيئا آخر).

فيمكن ان يجب القضاء للدليل الذي ذكره ، فكأنه لذلك قال (٤) : والحديث الثالث إلخ فتأمّل.

ويمكن الجمع بينهما بحمل الأول على الاستحباب وجواز ترك القضاء لاشتمال

__________________

للمامقانى ص ١٧٢ ج ٣

(١) يعنى لا أعرف ان محمد بن فضيل الواقع في طريق هذا الخبر هل هو الموثق أو الضعيف ، ولكن العلّامة ره اعرف بما قال حيث حكم بصورة البتّ بضعفه

(٢) شروع في الجواب عن استدلال الشيخ والجماعة

(٣) طريق الشيخ اليه هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن على بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف ، بابن الحاشر سماعا منه واجازة عن على بن محمد بن الزبير ، عن على بن الحسن بن فضال

(٤) يعنى كان العلامة في المنتهى لأجل عدم دلالة قوله (ع) (مضى صومك) على عدم القضاء قال : والحديث الثالث لا دلالة فيه على محلّ النزاع

٩٥

وحكم الموطوء حكم الواطى.

ويحرم وطي الدابّة.

______________________________________________________

الرواية الأولى على (محمد بن عيسى عن يونس) ، ولو كانت صحيحة زرارة خالية عن القصور لكان القول به متعينا.

وينبغي عدم الإفطار بمثله وعدم العمل بالظن ، فان التكليف يقيني ، والأصل بقائه حتى يتحقق الليل والخروج عنه نعم ، العمل بالظن لا بأس به مع الترغيب في السحور (١) وقد يضطر اليه مع أنّ الاحتياط في الكلّ بل في كلّ شي‌ء لا يترك بوجه.

وقال في الفقيه ـ بعد نقل هذه الروايات الثلاثة (٢) الدالة على عدم القضاء ـ : (بهذه الأخبار أفتى ولا أفتى بالخبر الذي أوجب القضاء ، لأنه رواية سماعة بن مهران (٣) وكان واقفيّا).

فكأنه ما اطلع على رواية أبي بصير (٤) ، ويدل كلامه أيضا على عدم توثيق كل من في كتابه فافهم.

قوله : «وحكم الموطوء حكم الواطى» قد مرّ أنه كذلك مع الشرائط والدليل.

قوله : «ويحرم وطي الدابّة» الظاهر عدم الخلاف في تحريم وطي الدابّة ، في شهر رمضان وغيره ، على الصائم وغيره ، وانما الكلام في إفساده الصوم ووجوب القضاء والكفارة وعدمه ، وقد مرّ البحث عنه.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٤ ـ ٥ من أبواب آداب الصائم

(٢) المنقولة في باب ٥١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل وقد سبق من الشارح قده نقلها

(٣) الوسائل باب ٥٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) المذكور في تلك الرواية مع سماعة والمفروض انها معه اما صحيحة أو حسنة

٩٦

والكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السّلام

______________________________________________________

وقال المصنف في المنتهى : ان العدم قوىّ ، وهو قول ابن إدريس للأصل وعدم الدليل وبطلان القياس.

قوله : «والكذب على الله إلخ» لا شك في تحريم مطلق الكذب مطلقا ، وانه على الله آكد ، وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السّلام قريب منه ، وعلى الصائم آكد وأشد خصوصا في الواجب ، وفي شهر رمضان أعظم.

والظاهر أنّ منه بيان المسائل الدينيّة على خلاف ما هي عليه فينبغي الاحتياط التام.

وامّا الإفساد به الموجب لوجوب القضاء والكفارة أيضا فقد نقله في المنتهى عن الشيخين واستدلالهما (١) عليه برواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم ، قال : قلت له : هلكنا ، قال : ليس حيث تذهب ، انما ذلك ، الكذب على الله ، وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السّلام (٢).

والفطر (٣) مستلزم لهما لما مرّ في الصحيحة الموجبة لهما وبرواية (٤) سماعة قال : سألته عن رجل كذب في شهر رمضان فقال : قد أفطر وعليه قضائه وهو صائم يقضي صومه ووضوئه إذا تعمّد (٥).

__________________

(١) يعنى نقل المنتهى استدلال الشيخين

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعنى ان التعبير بالفطر في هذا الخبر مستلزم لوجوب القضاء والكفارة معا لما في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة فراجع الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) عطف على قوله قده : برواية أبي بصير ، وكذا قوله قده : وبالإجماع يعني دعوى الإجماع على القضاء والكفارة معا بالكذب على الله إلخ

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالإجماع ـ ثم نقل احتجاج الآخرين (١) بالأصل.

والجواب (٢) عن الحديثين بأنهما مشتملان على ما منعتم من العمل به ، وهو نقض الوضوء بالكذب فيكون الاستدلال ضعيفا.

ويرده (٣) بما سيجي‌ء عن التهذيب.

على أنّ (٤) الحديث الثاني ضعيف السند بعثمان بن عيسى وسماعة (٥) وهما واقفيّان ، وأيضا غير مسندة الى الامام عليه السّلام ، بل مضمرة ولا نسلّم (٦) أن الإفطار يستلزم وجوب الكفارة ، إذ قد يحصل ولم تجب الكفارة كما مرّ.

والإجماع ممنوع مع وجود الخلاف.

ثم قال : (والأقرب (٧) الإفساد عملا بالرواية الاولى).

الذي رأيته في التهذيب هو وجوب القضاء فقط ، وانه أشار (٨) الى دفع

__________________

(١) ففي المنتهى ـ بعد نقل قول الشيخين ـ ما هذا لفظه : وخالف فيه السيد المرتضى وابن ابى عقيل رحمهما الله وهو قول الجمهور كافّة ، وهو الأقرب عندي ، لنا الأصل براءة الذمة وعدم وجوب الكفارة (انتهى)

(٢) من هنا شروع في الجواب عن استدلال الشيخين لوجوبهما معا وهكذا رده في المنتهى بما هو قريب مما هنا

(٣) هذا ردّ لهذا الجواب الذي هو مضمون ما أورده العلامة ره في المنتهى

(٤) هذا جواب ثان عن استدلال الشيخين

(٥) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة

(٦) هذا جواب عن دعوى الملازمة بين عنوان الإفطار الوارد في الخبر وبين وجوب الكفّارة

(٧) هكذا في نسخ شرح الإرشاد كلها ، لكنه مخالف لما صرّح به في المنتهى كما نقلناه آنفا بقوله : وهو الأقرب (أي عدم الإفساد إلخ) وقد صرح في التذكرة أيضا بعدم إفساد الصوم وهو الموافق لما سيصرح هنا بعدم وجوب القضاء ولم نجد هذه العبارة في المنتهى أيضا فلاحظ ص ٥٣٧

(٨) يعنى ان الإيراد الذي أورده في المنتهى على الحديثين المذكورين من اشتمالهما على انتقاض الوضوء بالكذب على الله كما في خبر ابى بصير أو مطلقا كما في خبر سماعة ، قد تفطن له الشيخ رحمه الله بنفسه وأجاب عنه بقوله ره : قوله عليه السّلام في هذا الخبر الى آخره

٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الجواب عن اشتمالهما على ما منعوا منه بقوله : بعد نقل الحديثين.

قوله عليه السّلام في هذا الخبر (١) (يقضي وضوئه) على وجه الاستحباب بدلالة ما ذكرناه في كتاب الطهارة ، فليس يلزم (٢) على ذلك قضاء الصوم ، لأنا لو خلّينا وظاهر الخبر ، كنّا نقول بوجوب قضاء الطهارة أيضا ، وانما صرفناه الى الاستحباب للدليل الذي قدمناه وليس ذلك موجودا في قضاء الصوم فبقي على ظاهره في وجوب القضاء على من فعل ذلك ، على العمد دون النسيان (انتهى).

نعم وجوبهما مصرّح في كلام الشيخ المفيد الذي نقله في التهذيب ، فايجابهما بعيد لعدم الكفارة فيهما.

والثاني كالصريح في القضاء فقط ، وهو يدل على العدم في الأوّل أيضا حيث قال : (انه قد أفطر) مع أنّه ما أوجب إلّا القضاء ، ومعلوم عدم استلزام الفطر الكفارة ، وأنّ الاحتياط لا يقتضي الوجوب ، وهو ظاهر.

ولا يبعد حملهما على الاستحباب للأصل ، وحصر المفطر في الخبر الصحيح المتقدم (ولا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال) (٣) والكذب ليس منها.

ويؤيّده حمل الثاني في قضاء الوضوء على ذلك (٤) ، إذ يبعد حمل لفظة يقضي

__________________

(١) يعني خبر سماعة

(٢) يعني بعد حمله هذا الحكم على الاستحباب بقرينة ما ذكرناه في كتاب الطهارة فلا يلزم علينا ان نقول بعدم قضاء الصوم لان ظاهر هذا الخبر ثبوت النقض فيهما غاية الأمر خرجنا عنه في خصوص الوضوء بدليل فنحكم في قضاء الصوم بظاهر الخبر

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) أي حمل الخبر الثاني أعني خبر سماعة في قضاء الوضوء على الاستحباب

٩٩

والارتماس ولا قضاء ولا كفارة على رأى.

______________________________________________________

صومه ووضوئه على الوجوب في الأوّل والندب في الثاني (١) ، مع عدم دلالته على الوجوب.

على ان سبب حمل الخبر في الوضوء على الاستحباب ، هو مثل ما قلناه من حصر النواقض في أمور ليس الكذب منها.

وليس نقض الوضوء بالكذب في خبر صريحا ، وهو ظاهر بالنظر الى ما تقدم في أدلّة نواقض الطهارة.

وأيضا الحديث الثاني ليس فيه تقييد الكذب ، والظاهر عدم القائل بوجوبهما (٢) بالكذب المطلق وأن الحديثين ليسا بصحيحين (اما) الأوّل ، فلوجود منصور بن يونس (٣).

وقال في الخلاصة : قال الشيخ : انه واقفي ، وقال النجاشي : انه ثقة.

والوجه عندي التوقف فيما يرويه ، والرّد لقوله ، لوصف الشيخ له بالوقف ، وما اعرف وجه ترك المصنف منع صحته.

واما الثاني فلما مرّ ، ويؤيده قول أكثر العلماء.

فاختيارى (٤) أيضا مقيّد ، لما عرفت من عدم صحّة الرواية الاولى ، وعدم معارضة الأصل بالاحتياط ، وهو ظاهر ، والاحتياط يقتضي عدم الترك وعدم الفتوى فتأمّل.

قوله : «والارتماس إلخ» اى ويحرم الارتماس عمدا على الصائم

__________________

(١) يعني خبر ابى بصير

(٢) يعنى وجوب الوضوء ووجوب قضاء الصوم

(٣) سنده كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن ابن ابى عمير ، عن منصور بن يونس عن ابى بصير

(٤) الظاهر ان المراد ان اختياري أيضا مقيد بوجوب القضاء فقط دون الكفارة

١٠٠