مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصحّ بعد ذلك فيؤخّر القضاء سنة أو أقلّ من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ قال : أحبّ له تعجيل الصيام فان كان أخّره فليس عليه شي‌ء (١).

والأصل ، ولا يخفى ما فيه ، لعدم بقاء الأصل بعد الدليل الّا مع عدم العمل بالخبر الواحد كما هو مذهب ابن إدريس ، ولهذا نقل عنه القول بالقضاء فقط.

ولضعف الخبر بالإرسال وغيره.

ولاشتماله على عدم القضاء وعدم الإثم بالتأخير عن السنة أيضا من غير عذر ، والظاهر انه لا يقول به القائل.

واما دليل المشهور فهو حسنة محمد بن مسلم ـ لإبراهيم ـ عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السّلام قال : سئلتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر ، فقالا : ان كان برء ثم توانى قبل ان يدركه (الشهر خ ـ ل) (الرمضان خ) الآخر صام الذي أدركه (وتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على كل مسكين ـ يب) (٢) وعليه قضائه ، وان كان لم يزل مريضا حتى أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكلّ يوم مدّا على مسكين وليس عليه قضاء (٣)

ورواية أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا مرض الرجل من رمضان الى رمضان ثم صح فإنما عليه لكلّ يوم أفطر فدية طعام ، وهو مدّ لكل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٧ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) وتصدق عن الأول لكل يوم مدّا على مسكين ـ الكافي

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

مسكين ، قال : وكذلك أيضا في كفارة اليمين ، وكفارة الظهار مدّا مدّا ، وان صحّ فيما بين الرمضانين ، فإنما عليه ان يقضى الصيام ، فان تهاون به وقد صحّ فعليه الصدقة والصيام جميعا لكلّ يوم مدّ إذا فرغ من ذلك الرمضان (١).

أو هما مقيّدان ، (٢) ويدلان على وجوبهما مع التهاون والتواني (٣) فلا يجب بدونهما فيجب حمل المطلق المتقدم على المقيّد كما هو مقتضى الأصول.

ولكن سند الأخيرة ضعيف (٤) بالقاسم بن محمد ـ كأنه الجوهري الواقفي ـ وبعلىّ ، عن ابى بصير ـ الظاهر أنه على بن أبي حمزة البطائني قائد أبي بصير وهو يحيى بن القاسم ـ وليس هما (٥) بثقة ، ومشتملة على تأخر الكفارة عن رمضان آخر وليس بجيّد.

وفيه تأمل أما (أولا) ، فلعدم صراحة التهاون والتواني (٦) في عدم العزم على القضاء لاحتمال ان يراد بهما مجرد ترك القضاء للكسل والتأخير كما هو عادة الكثر المكلّفين قال في الصحاح : الهون ، السكينة والوقار.

ويؤيّده قوله تعالى (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (٧) وهو عدم الاستعجال والوقار على الظاهر وان كان بمعنى الاستحقار أيضا لكنه غير مناسب هنا أو أطلق على مجرد التأخير ، الاستحقار

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) هكذا في نسختين إحداهما مخطوطة والأخرى مطبوعة ، ولعل الصواب : (وهما) بإسقاط الالف

(٣) الأول في رواية أبي بصير والثاني في حسنة محمد بن مسلم المتقدمتين

(٤) وسندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن على ، عن ابى بصير

(٥) هكذا في النسخ ، ولكن الظاهر ان الصواب : وليسا هما بثقتين

(٦) الواقعين في روايتي أبي بصير ومحمد بن مسلم المتقدّمتين

(٧) الفرقان ـ ٦٣

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال فيه أيضا : الونى ، الضعف والفتور ، والكلال ، والإعياء

وهو أيضا غير صريح فيما أرادوه ، بل ظاهر فيما قلناه.

و (اما ثانيا) فلأنه لو كان المراد ما قالوه لزم ترك قسم آخر ، وهو الترك مع الصحّة وعدم التهاون والتواني ، مع انه ضروري.

و (ثالثا) عدم حسن المقابلة بين التواني واتصال المرض (١) من حصول برء و

(رابعا) أن غاية ما يستفاد منهما حكم التواني والتهاون وليس عدمهما مذكورا فيهما لا بنفي ولا إثبات ، فالحكم بذلك بغير دليل.

ولو ضمّ ذلك بالأصل والمفهوم ـ فيقال : ان الاخبار الصحيحة الصريحة مقدمة على المفهوم ورافعة للأصل.

و (خامسا) لا منافاة بين الاخبار حتى يحمل المطلق على المقيد ، وهي شرط الّا ان يقال : بحجيّة المفهوم ، وكونه أولى من عموم المنطوق ، وهو كما ترى ، وقد تحقق في محلّه والاحتياط مع الأخير (٢) ، وكذا كثرة الاخبار وصحتها ، بل في الحقيقة هما أيضا دليل الأخير فافهم ، ولهذا قرّبه الدروس (٣) ، ونقله عن الصدوقين رحمهما الله.

والظاهر كون المسافر مثل المريض في وجوب الكفارة لا سقوط القضاء وان كان السفر واجبا ما لم يكن مسقطا لاختياره وحينئذ يحتمل سقوطه أيضا.

__________________

(١) كما في حسنة محمد بن مسلم المتقدمة

(٢) أي المذهب الأخير وهو القول بالقضاء والكفارة معا مطلقا

(٣) قال في الدروس ص ٨١ : وأطلق الصدوقان وجوب الفدية (يعنى زائدا على القضاء) على من أدركه رمضان وكان قادرا لم يقض واكتفى ابن إدريس بالقضاء وان توانى وخبر محمد بن مسلم يدفعه ولكنه جعل دوام المرض مقابل التواني وهو يشعر بقول الصدوقين ولعله الأقرب (انتهى)

٢٦٣

ولو مات بعد استقراره وجب على وليّه القضاء

______________________________________________________

ويمكن فهمه من رواية الكناني (١) ، وممّا سيجي‌ء من نحو رواية منصور بن حازم (٢)

قوله : «ولو مات بعد استقراره وجب على وليّه القضاء» هذه المسألة خلاف الأصول فلا بد له من دليل قوىّ.

والظاهر عدم الخلاف بين الأصحاب في الجملة ، قال في المنتهى : ولو بري‌ء من مرضه زمانا يتمكن فيه من القضاء ولم يقض حتى مات قضى عنه وليّه ذهب إليه علمائنا (انتهى)

والظاهر أنّ مراده هنا أيضا ذلك (٣) بقوله : (ولو مات بعد استقراره) فيكون المراد أنه فاته المرض كما يدل عليه سوق الكلام وان احتمل ظاهر اللفظ العامّ العموم فيه وفي السفر وغيره.

والذي يدل عليه صحيحة حفص بن البختري ـ الثقة ـ وحسنته ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام؟ قال : يقضى عنه اولى الناس بميراثه ، قلت : فان كان أولى الناس به امرأة؟ فقال : لا الّا الرجال (٤)

وهذه تدل على مطلق الفائت عن الرجل ولو كان عمدا اختيارا.

وان اولى مطلق الذكر الّذي هو يأخذ الإرث ، وفيه إجمال.

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) فان استقرار الصوم انما يكون إذا تمكّن بعد الرمضان من القضاء بان يكون بمقدار القضاء متمكّنا منه ولم يقض فيستقر عليه

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الرجل أدركه شهر رمضان وهو مريض فتوفّي قبل ان يبرء؟ قال : ليس عليه شي‌ء ، ولكن يقضى عن الذي يبرء ثم يموت قبل أن يقضى (١)

وظاهرها مخصوص بالمريض الذي كان متمكنا من القضاء.

ولا ذكر فيها للولي (الولي ـ خ) وغيره فلا يبعد الوجوب من ماله سواء أوصى أم لا فيكون من الأصل.

فافهم فإنه يشكل مع الطفل والنزاع ، وانه خلاف ظاهر بعض الأصحاب.

ويمكن كونها (٢) عامّة في الرجل والمرأة ، فافهم ، وهو الأحوط والأولى فتأمل.

وصحيحة محمد بن الحسن ـ أظنّه محمد بن الحسن الصفّار وقد صرّح به في المنتهى ـ قال : كتبت الى الأخير عليه السّلام : رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيّام ، وله وليّان هل يجوز لهما ان يقضيا عنه جميعا خمسة أيّام ، أحد الوليّين ، وخمسة أيّام ، الآخر؟ فوقّع عليه السّلام : يقضى عنه أكبر وليّه عشرة أيام ولاء ان شاء الله (٣)

قال ابن بابويه في الفقيه : هذا التوقيع عندي مع توقيعاته الى محمد بن الحسن الصفّار بخطه عليه السّلام (انتهى) ـ بعد نقله هذا الخبر عن محمد بن الحسن الصفّار ـ

وقال أيضا : فان لم يكن له ولىّ من الرجال يقضى عنه وليّه من النساء ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) فانّ قوله عليه السّلام : ولكن يقضى عن الذي إلخ غير متعرض للقاضي وانه من هو؟ فيشمل كليهما

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد روى عن الصادق عليه السّلام ، قال : إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله (١).

وهذا الكلام يدل على إيجابه القضاء على الولي من النساء بعد عدم الرجال ، والرواية تدل على تسوية الحكم بالقضاء بين الرجال والنساء ، فتأمل.

ودلالة رواية الحسن (٢) عامّة مثل الأولى في كلّ قضاء الشهر ، وكلّ ولي الا انه يقدم الأكبر وعدم الاجزاء عن غير الولي الأكبر ، فلا يصح التبرع عن الولي من الوارث وغيره ، ولا الاستيجار وغيره ولا وجوب على غيره.

ومشتملة على التتابع أيضا ، لعلّه الاستحباب.

ورواية حمّاد بن عثمان ، عمّن ذكره ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل يموت وعليه دين من شهر رمضان من يقضى عنه؟ قال : أولى الناس به ، قلت : فان كان أولى الناس به امرأة؟ قال : لا ، الّا الرجال (٣).

وهذه أيضا عامّة في كل ما فات من صوم شهر رمضان ، والوليّ الّا أنه نفى كونه امرأة ولكن سندها ضعيف ، ومع ذلك مرسلة.

ورواية أبي مريم الأنصاري ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا صام (مرض ـ يب خ ل) الرجل شهر رمضان (كذا في التهذيب والاستبصار) (٤) والظاهر (شيئا من شهر رمضان) كما في (الكافي والفقيه) فلم يزل مريضا حتى يموت فليس

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) هكذا في النسخ والصواب محمد بن الحسن يريد قده : ان مثل رواية حفص المتقدمة عامة مثل عموميّة الرواية الاولى في قضاء كل الشهر وكل وليّ

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) في النسخة التي رأيناها في الاستبصار هو كما في الكافي والفقيه راجع الاستبصار باب حكم من مات في شهر رمضان حديث ٥

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه شي‌ء (١) ، وان صحّ ثم مرض حتى يموت (ثم مات ـ خ) وكان له مال تصدّق عنه مكان كلّ يوم بمدّ ، فان لم يكن له مال تصدّق عنه وليّه (٢).

وفي الكافي والفقيه مثلها ، عن ابى مريم الأنصاري إلا انه قال : فان لم يكن له مال صام عنه وليّه.

وهذه تدل على تقديم التصدق من ماله على صوم الوليّ وتصدّقه عنه أيضا مع الإطلاق في الولي ، وتخصيصه بالقضاء والتصدق عنه من ماله إذا لم يكن له مال.

مع عدم صحة السند في الكافي ، ويحتمل الصحّة في التهذيب والاستبصار ، لأن الظاهر انّ أبا مريم هو عبد الغفّار الثقة.

وكذا في الفقيه على تقدير توثيق ابان بن عثمان وابى مريم الأنصاري (٣)

وما في رواية عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل يموت في شهر رمضان ، قال : ليس على وليّه ان يقضى عنه ما بقي من الشهر ، وان مرض فلم يصم رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مضى رمضان وهو مريض ثم مات في مرضه ذلك فليس على وليّه أن يقضى عنه الصيام ، فان مرض ولم يصم شهر رمضان ثمّ صحّ بعد ذلك فلم (ولم ـ خ) يقضيه ثم مرض فمات فعلى وليّه ان يقضى عنه ، لانه قد صحّ فلم يقض ووجب عليه (٤)

فعلم من هذه وغيرها وجوب القضاء عن الميّت مع استقراره عليه إذا مات

__________________

(١) في الفقيه فليس عليه قضاء

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) فان سند الحديث كما في الفقيه هكذا : روى ابان بن عثمان ، عن ابى مريم الأنصاري عن أبي عبد الله عليه السّلام ـ وطريق الصدوق الى ابان بن عثمان صحيح كما في المشيخة

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في المرض ، وكذا في الحيض والنفاس لما سيأتي.

واما إذا مات في السفر فيقضى عنه مطلقا (١).

ويدل على ذلك أخبار ، مثل رواية منصور بن حازم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت ، قال : يقضى عنه ، وإن امرأة حاضت في شهر رمضان فماتت لم يقض عنها ، والمريض في شهر رمضان لم يصح حتى مات لا يقضى عنه (٢).

ورواية محمد بن مسلم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل ان يخرج رمضان هل يقضى عنها؟ فقال : اما الطمث والمرض فلا ، واما السفر فنعم (٣)

وهذه سندها جيّد وان كان فيها (فيه ـ ط) على بن أسباط (٤) وفيه قول إلّا انه مقبول مع انها صحيحة في الفقيه على ما أظن فإنه رواها على بن الحكم ـ الثقة ـ واليه صحيح كما يظهر من الفهرست وغيره ، عن أبي حمزة ، وهو ثابت بن دينار ـ الثقة ـ عن ابى جعفر عليه السّلام قال : سألته عن امرأة الخبر (٥).

ورواية الوشاء ـ كأنه الحسن بن على وهو حسن مصرّح في الكافي والاستبصار. والتهذيب ـ عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال : سمعته يقول : إذا

__________________

(١) أي مع الاستقرار وعدمه

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) سندها كما في التهذيب هكذا : على بن الحسن بن فضال ، عن على بن أسباط ، عن علاء ، عن محمد بن مسلم

(٥) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان ورواه في الكافي أيضا عن عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن أبي حمزة

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مات الرجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علّة فعليه ان يتصدق عن الشهر الأوّل ويقضى الشهر الثاني (١) وهذه تدل على قضاء غير صوم شهر رمضان أيضا وجواز التصدق بل (وعلى ـ خ) وجوبه بدل الصوم.

ولكن السند ضعيف بعدّة عن سهل بن زياد.

ومع عدم ظهور من يجب عليه الصوم والتصدق ، كأنه الولي وحذف للظهور.

واعلم ان هنا ابحاثا (الأول) المقضي عنه ، والظاهر ممّا سبق انه المكلّف الذي أوجب عليه القضاء الّا المسافر فإنه يجب القضاء عنه (٢) وان لم يجب عليه كما سيأتي ولم يقض ومات سواء كان رجلا أو امرأة ، أبا أو أمّا أو غيرهما ، لصدق ما في الرواية على الغير أيضا ، لعدم الفرق ، وكون عادة الشارع بيان حكم الرجل وإحالة المرأة عليه.

ويشعر بالتغليب لفظة (الذي) في الصحيحة المتقدمة (٣) وان كان السؤال عن الرجل ورواية محمد (٤) الأخيرة أيضا ، وهي صحيحة وصريحة في وجوب القضاء عن المرأة التي ماتت في السفر.

فتخصيص بعض الأصحاب الحكم بالرجل للأصل وذكر (الرجل) في الروايات والاختصار على موضع المتفق محلّ التأمل ، وكذا تخصيصهم بالأب ، وهذا أبعد.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعنى بمجرد ادراك شهر رمضان حيّا

(٣) يعني رواية محمد بن مسلم المتقدمة التي هي صحيحة الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الثاني) المقضي ، الظاهر انه مطلق الصلاة والصوم الّذين يجب قضائهما ، سواء كانت الصلاة اليوميّة وغيرها ، وصوم شهر رمضان وغيره ، فاتتا اختيارا أم لا ، سفرا أم حضرا ، لعموم صحيحة حفص (١).

وان مات سفرا لا يشترط القدرة على قضائه بأن رجع واقام ثم فاته الصوم بخلاف المرض والحيض والنفاس لما مرّ في الخبر الصحيح (٢).

ويمكن ان يكون السّر (٣) أنّ السفر يحصل باختيار المكلف وان كان واجبا بخلافها (٤) وان القدرة فيها مسلوبة دونه (٥)

وان المسافر قادر على الأداء والقضاء سفرا من غير حصول ضرر بأن ينوي الإقامة بخلافها ومنه علم الفرق بين المسافر والمريض لو استمرّ كل منهما الى الرمضان الآخر ، فيمكن وجوب القضاء على المكلّف نفسه لقطع السفر المتصل ان لم يكن واجبا والّا فبعد الانقطاع بالطريق الاولى حيث وجب على الغير.

ويؤيده انه لو لم يكن كذلك لزم تجويز إسقاط الصوم بالكلّية عنه بان يكون مسافرا دائما بحيث لا يقضى الشهر كلّه أصلا.

والكفارة مع تخلل الحضر الذي يمكن القضاء فيه بالطريق الاولى حيث وجبت على المريض ، ويشعر به ما في رواية الكناني (٦).

فلا يبعد إيجاب قطع السفر الغير الضروري مع ضيق وقت القضاء ، ومع

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان حيث قال : واما السفر فنعم

(٣) يعنى سر الفرق بين السفر وغيره من المرض والحيض والنفاس

(٤) يعنى بخلاف المرض والحيض والنفاس

(٥) يعنى دون السفر

(٦) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٧٠

وهو أكبر أولاده الذكور.

______________________________________________________

عدم فعله ، لزوم كفارة التأخير أيضا ، فتأمّل.

(الثالث) القاضي ، فالمشهور بين المتأخرين انه أكبر أولاده الذكور بمعنى ان لا يكون ذكر أكبر منه في الأولاد.

وظاهرهم انه الولد الأول ، لا ولد الولد ، وما رأيت ما يدلّ عليه أصلا ، وهم اعلم ، وقد سمعت ما في الأدلة من ذكر الولي.

والظاهر انه الوارث أو الذي له التصرف واولى الناس بميراثه ، مع خلوّ البعض عنهما ، بل (يقضى) (١) فمع انحصار الوارث في غير الولد ولو كان المولى وضامن الجريرة والامام عليه السّلام على الاحتمال ، ظاهر الاخبار يقتضي الوجوب عليه.

ويمكن إخراج من لا يرث من الأقارب ، مثل العبد (٢) والقاتل ، مع احتمال العموم ، لصدق الوارث عرفا ، سواء حاز إرثا أم لا ، لان الظاهر من (الاولى بالميراث) على تقدير الفرض فلا يحتاج إلى الفعليّة كما قيل ذلك في أحكام الميّت مع احتمال التوقف على ذلك.

ومع تعدده يمكن تقديم الأكثر نصيبا ، وتقديم من قدّم في احكامه ، والأسن ، والاشتراك فيه فيوزع ، وكون الكسر كفائيا كما قيل في الولدين الكبيرين اللّذين ولدا من أمين في زمان واحد.

وظاهر بعض الاخبار هو الأول الا ان صحيحة محمد بن الحسن (٣)

__________________

(١) يعني في بعض الاخبار ذكر الولي وفي بعضها ذكر (الاولى بميراثه) وفي بعضهما لم يذكر واحدا منهما بل عبر لقوله (ع) : (يقضى) المقتضى للإطلاق

(٢) يعنى ولد العبد والقاتل

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

تقتضي الأسنّ ، ومع التساوي التوزيع الذي مضى.

ومع فرض كون الصغير بالغا دون الكبير (١) يحتمل الوجوب على الأول ، وظاهر الخبر هو الثاني.

والظاهر اشتراط الذكورة للنفي الصريح في الخبر الصحيح (٢) مع كونها أولى الناس بالميراث ويحتمل سقوطه عن الذكر أيضا.

وظاهره مع عدم الذكر أيضا فيسقط القضاء عنها.

ويحتمل التصدق وإخراج الصوم من أصل ماله لو كان كما سيجي‌ء.

وأيضا الظاهر عدم اشتراط وجود شرائط التكليف ورفع موانعه أيضا من القاضي ، فيجب على أولى الناس به بعد اتصافه بالشرائط كالبلوغ.

مع احتمال العدم (٣) للأصل وحمل الاخبار على الفعل بعد الموت بلا فصل.

ثم ان الظاهر أنّ هذا الوجوب ترتيبىّ بين التصدق من مال الميّت ثم الصوم ويحتمل التخيير بينهما ، وتعيين الصوم كما هو مذهب أكثر المتأخرين ، واما الصلاة فمتعيّنة والأول (٤) منسوب الى المرتضى ، قال في الدروس : وقال المرتضى :

__________________

(١) وهذا يتصور في البلوغ بالاحتلام والإنبات

(٢) وهو صحيح حفص فراجع الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان ففيه : يقضى عنه اولى الناس بميراثه ، قلت : فان كان اولى الناس به امرأة؟ فقال : لا الا الرجال

(٣) اى عدم لزوم وجود الشرائط ولازمه عدم الوجوب على غير البالغ ولو بعد بلوغه لعدم فعليّة بلوغه حين الموت

(٤) يعنى الترتيب

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يتصدق عنه ، فان لم يكن له مال صام وليّه (انتهى).

والظاهر التصدق بمدّ على مستحق الزكاة عن كل يوم ، لما فهم من صورة عدم القضاء من الاخبار وصرّح به في الدروس ، وهو ظاهر.

ودليله (١) صحيحة أبي مريم المتقدمة : (فان لم يكن له مال صام عنه وليه).

ويحتمل تأخير الصوم عن التصدق من ماله أيضا ، لما في هذه الرواية في طريق التهذيب والاستبصار : (فان لم يكن له مال تصدق عنه وليّه).

والتخيير بينهما فيكون ـ بعد عدم ماله ـ مخيرا بين التصدق من ماله (٢) والصوم للجمع بين ما روى في التهذيب والاستبصار ، وبين ما في الكافي والفقيه ، وما في الاخبار الدالة على القضاء ويحتمل التخيير بين القضاء والتصدق مطلقا إمّا من ماله لو كان ، والّا فمن مال نفسه للجمع بين الاخبار ، فإن الأخبار الكثيرة واردة في القضاء ويبعد تقييد الكلّ بعدم التصدق أصلا بخبر واحد (٣) مع اختلاف في متنه ، وإمكان المناقشة في صحّة سنده ، وإمكان حمله على جواز التصدق واستحبابه.

وانه على تقدير العجز يتعين الصوم.

والتخيير موافق للمشهور أيضا في الجملة بان عمل بالقضاء ، فإنه يخرج عن العهدة على المشهور أيضا.

__________________

(١) يعني دليل مذهب المرتضى الذي هو الترتيب

(٢) حاصل كلامه قده انه يجمع بين خبري أبي مريم فان ما في الكافي : فان لم يكن له مال صام عنه وليه وما في التهذيب : فان لم يكن له مال تصدق عنه وليه فيجمع بينها بالتخيير ويلاحظ هذا الجمع مع اخبار القضاء فتصير اخبار القضاء مقيدة بعدم وجود المال للميت

(٣) وهو خبر ابى مريم المذكور آنفا

٢٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن القائل غير ظاهر الّا انه قال (١) : لو تصدق الولي بدلا عن الصوم من مال الميّت أو من ماله لم يجز ويظهر من كلام الشيخ التخيير (انتهى).

والترتيب مذهب السيد وهو غير بعيد ، ولا قصور في الاختلاف (٢).

والمناقشة (٣) ضعيفة ، وأصل البراءة مؤيّد في الجملة ، وبعض الاخبار (٤) والآيات ، مثل (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلّا ما سَعى) (٥).

وان دليل التعيين هو الاخبار الأوّل ، ويلزم حذف خبر ابى مريم (٦) ونحوه فتأمّل.

والظاهر أنّ التصدق من أصل ماله لا من الثلث لظاهر الرواية.

وان ظاهر رواية محمد بن الحسن (٧) هو التعيين على الولي بحيث لا يجوز لغيره قريبا كان أو بعيدا بالاذن وعدمه ، بأجرة وعدمها.

وكذا ظاهر أكثر الأخبار حيث أوجب على الولي.

وسقوط الواجب عنه يحتاج الى دليل ، وليس بواضح ، والأصل عدمه.

فتقريب الدروس (٨) اجزاء الاستيجار مع عجز الولي وقدرته واحتمال

__________________

(١) يعنى قال في الدروس

(٢) يعني في اختلاف متن خبر ابى مريم المنقول في التهذيب والاستبصار مع المنقول في الكافي والفقيه

(٣) يعنى المناقشة المذكورة في السند بقوله قده : وإمكان المناقشة في صحة سنده

(٤) وهو خبر ابى مريم الدال على الترتيب ولو باختلاف الكتب الأربعة ـ بين التصدق ان كان له مال والصوم ان لم يكن له مال

(٥) النجم ـ ٣٩

(٦) تقدم ذكر محلّه آنفا

(٧) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٨) قال في الدروس : فروع خمسة ، الأول لو استأجر الولي غيره فالأقرب الاجزاء سواء قدر أو عجز ، ولو تبرع الغير بفعله احتمل ذلك (انتهى)

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

اجزاء التبرع محلّ التأمل.

نعم ظاهر بعض الاخبار ، مثل صحيحة محمد بن مسلم : (يقضى عن الذي يبرء ثم يموت) (١) من دون قيد الولي ، والأولى ، يشعر بذلك (٢).

بل يحتمل جواز القضاء بما له بحيث يستأجر من أصل ما له ولو كان له الولي ولو لم يكن الوارث قابلا لذلك يفعل ذلك ، الحاكم أو من بيده ما له أو بعض العدول على تقدير تعذره مع التأمّل.

والظاهر تقييد هذه الصحيحة (٣) بما قيّد به غيرها أو بعدم الوليّ.

مع انه حينئذ يمكن السقوط لعدم الفاعل والقابل.

والقضاء (٤) بالاستيجار ونحوه لعموم هذه الصحيحة.

والكفارة إلى التصدق بمدّ لوجودها في بعض الاخبار وفي بعض الصور والقضاء مع عدم الولي أصلا غير بعيد لوجود التكليف به في هذه الصحيحة (٥) ، والأصل عدم تقييدها بوجود الوليّ.

فينبغي جواز القضاء من صلب ماله للحاكم ، ولمن له تصرف في ماله ، بل لكلّ من يقدر عليه مع الوثوق.

مع احتمال العدم وحملها على وجوبه على الولي كسائرها فيسقط بالأصل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) حاصل كلامه قده : انه استظهر أوّلا من صحيحة محمد بن مسلم جواز الاستيجار ثم عدل ، وقال :

والأولى ان يقال : انها مشعرة بذلك لا ظاهرة

(٣) يعني صحيحة محمد بن مسلم المشتملة على قوله (ع) : (يقضى عن الذي يبرء)

(٤) الظاهر انه عطف على السقوط في قوله : ويمكن السقوط يعنى يمكن القضاء إلخ وكذا قوله قده :

والكفارة

(٥) يعني صحيحة محمد بن مسلم

٢٧٥

ولو تعدّدوا قضوا بالتقسيط وان اتّحد الزمان

______________________________________________________

وغيره قال في الدروس ص ٨١ : ومع عدم الولي يتصدق من أصل ماله عن كل يوم بمدّ (انتهى) والعلّة غير ظاهرة الا ما أشرنا إليه (١).

ثم قال ص ٨١ : وقال الحلبي : ومع عدم الولي يصام عنه من ماله كالحج (انتهى) ودليله غير ظاهر غير ما ذكر مع عدم بيان من له ذلك ، ولا يبعد ما قلنا هذا مع عدم الولي مطلقا

قال في الدروس : ثم الولي عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير وعند المفيد : لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذكور ، فان فقدوا فالنساء وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار (انتهى)

وأنت قد عرفت خلاصة الاخبار ، وانه ليس فيها اسم للولد ، بل تقديم أكبر ولييه في توقيع محمد بن الحسن (٢) فقد يكون ذلك أبا.

وان النساء نفى الحكم عنهن بخصوصهن في الاخبار مثل صحيحة حفص (٣) مع حصر الأدلة فيهن وهو أعلم بالاخبار وكلام القدماء والمختار.

وقال في الفقيه : فان لم يكن له ولىّ من الرجال قضى عنه وليّه من النساء (٤)

قوله : «ولو تعددوا إلخ» قد أشرنا إلى تعددهم وجواز صوم الكلّ في يوم واحد كما هو المشهور في الصوم عن الميّت بالاستيجار وغيره.

قيل : بناء على عدم وجوب الترتيب في الصوم فيجوز وقوع أيام كثيرة في

__________________

(١) من الإطلاق المفهوم من قوله عليه السّلام : (يقضى عن الذي يبرء) من غير تقييد بالقاضي الخاص

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) لعلّ غرضه قدّس سرّه من نقل هذا الكلام ان الصدوق كان من القدماء وكان قبل الشيخين وقد افتى بقيام النساء مقام الرجال وكأنه تأييد لما نسبه في الدروس الى القدماء ـ والله العالم

٢٧٦

ويوم الكسر واجب على الكفاية. ولو تبرّع احد سقط

______________________________________________________

يوم واحد بخلاف الصلاة ، فإنه يجب في قضائها الترتيب فلا يجوز إيقاع صلاتين منها في زمان واحد كتقديم المتأخّرة.

وفيه تأمل إذ قد قيل : بوجوب الترتيب في قضاء الصوم وان نفاه في الدروس على انهم ادّعوا الإجماع في صوم الكفارة على ذلك.

وأنه قد يكون المانع أنّ الواجب على الميّت كان صوم ثلاثين يوما فكيف يبرء بالصوم في يوم واحد ، وقد يكون للزمان دخلا من جهة الشرافة ، والطول ، والقصر كما قيل مثله في كفارة ثلاثين مسكينا.

ولكن الجواز مقتضى الأصل ، والسهولة في الشرع ، ومطلوبيّة المسارعة إلى الخيرات خصوصا في الوصيّة وعدم ثبوت وجوب الترتيب ولو في الكفارات لعدم ثبوت الإجماع مع الأصل القوى ، وعدم ثبوت ثلاثين يوما ، لان الواجب هو ما كان يفعله الميّت ، وليس الزمان جزء ولا شك انه ليس عليه الا صوم ثلثين يوما مثلا كصلاة يوم أو سنة.

ولا شك أنه يجوز فعلها في ساعة واحدة لو كان مقدورا فيجوز فعله أيضا في زمان يسعه ويسوغ

وانما كان على الميّت ان يقضى في ثلاثين يوما لعدم إمكان غير ذلك ، لا لأنه يجب الإيقاع فيه كالأداء كالصلوات الخمس فإنها يجب أدائها في أوقات مخصوصة كل يوم خمسة فقط ، وفي القضاء بحسب القدرة.

ويؤيده عدم تعيين الوقت للقضاء ، لان القضاء مأخوذ فيه الخروج عن الوقت وعدم توقيته بعد ان كان موقتا ، مع أن الاحتياط لو أمكن حسن

قوله : «ويوم الكسر واجب على الكفاية إلخ» لوجود الوجوب ، ولا ترجيح فيكون كفائيا مع احتمال القرعة.

٢٧٧

ولو كان الأكبر أنثى لم يجب عليها وتتصدّق عن كل يوم بمدّ من تركته ،

______________________________________________________

ولعلّ الأوّل أظهر لصدق الوليّ والأولى بالإرث على كلّ واحد فيجب عليه ، لما دلّت عليه الاخبار (١)

فلو فعل أىّ واحد تبرء ذمته وذمة الآخر لحصول الواجب وعدم بقائه حتى يفعله هو وغيره ، ولا اثم على الآخر كما في سائر الواجبات الكفائيّة.

وهذا معنى قوله : (ولو تبرّع احد سقط) أي أحد الأولياء لا الأجنبيّ لعدم تكليفه به والأصل عدم سقوط تكليف الولي بفعل غيره.

كما لا يسقط سائر واجبات المكلّف بفعل الآخر إلا في مواضع مخصوصة كقضاء الدين وردّ السلام على ما قيل.

وهو غير ظاهر الّا ان يكون الرادّ ممن سلّم عليه فيدخل تحت التكليف.

مع الاحتمال (٢) لان الغرض فعل ما في ذمّة الغير.

وقد يمنع ذلك (٣) ، ويدل عليه توقيع محمد المتقدم (٤) فتأمل

قوله : «ولو كان الأكبر إلخ» كون عدم الوجوب على الأنثى ظاهر ، وقد مرّ دليله.

واما التصدق فغير ظاهر دليله كما أشرنا اليه الّا ان يراد الاستحباب تشبيها ببعض صور التصدق مثل ان مات قبل الاستقرار على ما قيل ، خروجا عن الخلاف وان تخلّل الصحّة ووجوده في بعض الروايات (٥) وان لم يكن في صورة عدم

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ ـ ٦ ـ ٧ ـ ١١ ـ ١ و ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) اى احتمال سقوط الواجب بفعل الأجنبي من دون اذن الولي

(٣) أي يمنع كون الغرض فعل ما في ذمة الميّت

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٥) وهو خبر ابى مريم على نقل التهذيب وبعض نسخ الاستبصار كما تقدّم

٢٧٨

ولو كان عليه شهران متتابعان صام الوليّ شهرا وتصدّق من تركة الميّت عن آخر.

______________________________________________________

الوليّ ، وبالجملة ما اعرف وجهه ، وهو اعرف

قوله : «ولو كان عليه شهران إلخ» دليله خبر الحسن بن على الوشاء المتقدم (١) مع بيان ضعف السند.

وينبغي كون التصدق من الشهر الأوّل والصوم عن الثاني كما هو ظاهر الخبر (٢).

وأنّ التصدق هو مدّ من طعام عن كلّ يوم ، وظاهر الخبر وجوب ذلك ، ويحتمل التخيير.

وظاهر الأدلّة المتقدّمة تعيين الصوم في الصوم المعيّن مع ضعف هذه الرّواية.

قال في الدروس ص ٨٢ : وأوجب ابن إدريس قضائهما الّا ان يكونا من كفارة مخيّرة فيتخيّر وتابعه الفاضل لضعف الرواية والأوّل ظاهر المذهب (انتهى).

وكلام ابن إدريس جيد ، ولكن استثنائه غير ظاهر ، إذا لتخيير في الكل لا يستلزم التخيير في الاجزاء وكأنه حمل عليه الرواية. (٣)

وكون الأوّل أيضا ظاهر المذهب غير ظاهر فتأمل في مسألة وجوب القضاء عن الميّت على الولي ، فإنها من المشكلات ، وما فهمناها كما ذكرها الأصحاب ، بل قد ذكرت الروايات والاحتمالات لعدم القدرة على الخروج عن المشهورات والعجز

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعنى خبر الحسن بن على الوشاء

(٣) يعنى حمل رواية الحسن بن على الوشاء على فرض كون الشهرين ـ المتتابعين اللتين عليه من الكفارة المخيّرة لا مطلقا

٢٧٩

ويستحب تتابع القضاء.

______________________________________________________

عن التقليدات.

قوله : «ويستحب تتابع القضاء» دليله حسنة عبد الله سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فان قضاه متتابعا أفضل ، وان قضاه متفرقا فحسن ولا بأس (١) ـ وهي صحيحة في التهذيب.

وحسنة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا كان على الرجل شي‌ء من صوم شهر رمضان فليقضه في أيّ شهر شاء أيّاما متتابعة ، فان لم يستطع فليقضيه كيف شاء ، وليحص الأيّام ، فإن فرق فحسن ، وان تابع فحسن (٢).

وهذه صحيحة في الفقيه والتهذيب أيضا مع زيادة قوله : قال : قلت : أرأيت ان بقي عليه شي‌ء من صوم شهر رمضان أيقضيه في ذي الحجة؟ قال : نعم (٣)

وفي مثلها دلالة مّا على اباحة صوم أيّام التشريق وعدم فوريّة القضاء في الجملة فتأمّل ، ومحمولة على الفضيلة لما تقدم ، ولما في آخرها وغير ذلك.

من مثل ما في رواية سليمان بن جعفر عن ابى الحسن عليه السّلام ، قال : لا بأس بتفريق قضاء شهر رمضان ، وانما الصيام الّذي لا يفرق كفارة الظهار ، وكفّارة الدم ، وكفارة اليمين (٤) ورواية عبد الرحمن بن ابى عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجّة وأقطعه ، قال! اقضه في ذي الحجة ، واقطعه إن شئت. (٥) وهذه صحيحة في الفقيه.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٥) الوسائل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٨٠