مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل (شيئا ـ خ ل) الى العصر ، أيجوز له ان يجعله قضاء من شهر رمضان؟ قال نعم (١).

فلا يعارض ما تقدم ، لإرساله وان قيل بقبول مرسلة البزنطي ، لما فهمت (٢) ، ما في المرسل ، وأنّ المصنّف قد ردّ مرسل ابن ابى عمير ـ في بحث تطهير النار ما احالته.

وقال المصنّف في المختلف ـ بعد ردّها بالإرسال ـ : ليس فيها انه ما نوى من اللّيل ، ويحتمل ان نوى صوما مطلقا ونسي القضاء فجاز له صرفه الى القضاء.

وهو بعيد ، لكن ظاهرها عدم الاعتداد بالنيّة حيث ما ذكر النيّة حينئذ أيضا ، فكأنها متروكة الظاهر بالإجماع الذي نقله في المختلف.

والظاهر عدم وجود خلاف صريح في عدم الإجزاء بالنيّة بعد الزوال سوى ما يفهم من ظاهر كلام ابن الجنيد (٣).

وحمل الشيخ ما يدل على قبل الزوال ، على الأفضل والأولى ، وأيضا الذمة مشغولة يقينا فلا بد من المسقط الشرعي ، وليس بحاصل ، والاحتياط أيضا يقتضي ذلك كما قاله ابن الجنيد أيضا انه الأحوط (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٩ من أبواب وجوب الصوم ونيّته

(٢) في عدم الاحتياج الى الوضوء في الأغسال ـ كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة

(٣) قال في المختلف مسألة : ظاهر كلام ابن الجنيد يقتضي تسويغ الإتيان بالنيّة بعد الزوال في الفرض مع الذكر أو النسيان ، لانه قال : ويستحب للصائم فرضا وغير فرض ان يبيّت الصيام من الليل لما يريد به ، وجائز أن يبتدئ بالنيّة وقد بقي بعض النهار ويحتسب به من واجب إذا لم يكن قد أحدث ما ينقض الصيام ، ولو جعله تطوعا كان أحوط ، ومنع ابن أبى عقيل من الإجزاء إذا لم ينو قبل الزوال مع النسيان ، وهو اختيار الشيخين ، وهو الوجه (انتهى)

(٤) تقدم في عبارته : قوله : ولو جعله تطوّعا كان أحوط.

٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن حمل المرسلة على قضاء صوم تضيّق وقته ونسيان ذلك.

فتأمّل ، فإن الظاهر أنّ مختاره (١) جيّد للعمل بمضمون روايتي (٢) عبد الرحمن بن الحجّاج إحداهما صحيحة.

ولا ينافيه الا الخبر المشهور (٣) ، وهو غير ثابت من طرقنا.

وصحيحة هشام غير صريحة في الواجب ، ومع ذلك غير صريحة في عدم الاجزاء بعد الزوال ، لاحتمال حمل الاحتساب من حين النيّة على قلّة الثواب بالنّسبة.

ويؤيّده خبر صالح (٤) ، وصحيحة ابن هشام (٥) ، والسهولة في النيّة ، وبعد حمل عامة (٦) النهار على قبل الزوال ، مع ان ترك التفصيل دليل العموم. نعم الاحتياط فيما قاله الأكثر فتأمّل.

وينبغي أن يكون الإجزاء قبل الزوال أيضا لمن لم يخطر بباله الصوم والفطر أو نسي النيّة ، واما إذا قصد الإفطار أو قصد الصوم ، ولكن ترك النيّة المعتبرة عندهم عمدا ففي الصحّة حينئذ تأمّل ، لحصول الضد في الجملة وتركها

__________________

(١) يعنى مختار ابن الجنيد ، وهو كفاية النيّة بعد الزوال لقضاء رمضان

(٢) المتقدمتين آنفا ، فان في الأولى منهما : الرّجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار أيصوم ذلك اليوم ويقضيه من رمضان وان لم يكن ذلك من اللّيل؟ قال : نعم إلخ ، وفي الثانية : الرجل يصبح ولم يطعم ، ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان إله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار؟ فقال نعم إلخ

(٣) وهو قوله (ص) : لا صيام لمن لم يبيّت إلخ

(٤) يعني يؤيّد كفاية النية ولو بعد الزوال ولو في قضاء رمضان من جهة إطلاق الجواب بقوله عليه السّلام : هذا كله جائز

(٥) من جهة إطلاق قوله (ع) : (فان بدا له أن يصوم بعد ما ارتفع النّهار فليصم) الشامل لما بعد الزوال أيضا

(٦) الظاهر ان المراد ب (عامة النهار) هو لفظة (الارتفاع الواقع في هذه الروايات)

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عمدا ، والاخبار كلّها أيضا غير صريحة في المطلق.

وبالجملة بعد اعتبار النيّة على الوجه الذي يعتبر ، فالصحّة حينئذ محلّ التأمل وان كان الظاهر ، الصحّة لظاهر الاخبار.

ثم اعلم ان ظاهر بعض هذه الاخبار شاملة لمطلق الصوم ، متعينا كان كرمضان ، أو غيره ، عامدا أو غيره ، ولكنّها غير صريحة في الأوّل مع العمد ، فيحمل على الغير ، ويؤيّده الشهرة وترك الواجب عمدا كما مرّ.

واما ما يدل على اجزاء نيّة الصوم مطلقا ، ولو كان بعد الزوال فينبغي حملها على النافلة ، مثل صحيحة هشام بن سالم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يدخل إلى أهله فيقول : عندكم شي‌ء والا صمت ، فان كان عندهم شي‌ء أتوه به والا صام (١).

لعدم صراحته ، بل عدم ظهوره ، أيضا في الواجب ، ولما مرّ ممّا يدل على عدم الاجزاء بعد الزوال ، ولبعد تأخيره عليه السّلام الصوم الواجب وان كان موسعا ، وصومه ذلك لعدم شي‌ء.

وهذه الرواية تدل على جواز الصوم لعدم حصول شي‌ء ، ولا ينافي قصد القربة بعد ذلك وأيضا ظاهرها انه يكفى قوله : (والّا صمت) في نيّة الصوم فتصحّ النيّة مع الشرط ، وبلفظ (صمت) وكأن معناه (أمسكت قربة الى الله) فيفهم عدم الاحتياج الى القيود الأخر ، مثل كونه ندبا ، ومن الشهر الفلاني واليوم الفلاني فتأمل.

وموثقة أبي بصير (٢) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم المتطوع

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب وجوب الصيام

(٢) عطف على قوله : مثل صحيحة هشام بن سالم

٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

تعرض له الحاجة. قال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر ، وان مكث حتى العصر ثم بدا له (١) ، (أن يصوم فان لم يكن نوى ذلك) فله أن يصوم ذلك اليوم (٢).

وما في صحيحة هشام بن سالم المتقدمة : (وان نواه بعد الزّوال إلخ) (٣).

ويدل عليه رواية محمد بن قيس ، عن ابى جعفر عليه السّلام قال : قال علي عليه السّلام : إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ، ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو بالخيار ان شاء صام وان شاء أفطر (٤).

وتحمل على النافلة ويعمل بعمومها فتجوز النيّة في النافلة ما دام النهار باقيا ويحسب له صوما تاما ان كانت قبل الزوال ومن بعد الزوال من حين النيّة (٥) ، كما يجوز إفطاره وهو موجود في موثقة أبي بصير المتقدمة في الجملة.

وكذا في رواية سماعة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام : فأمّا النافلة فله أن يفطر اىّ وقت شاء الى غروب الشمس (٦).

وامّا جواز تقديم نيّة شهر رمضان كلّه عليه بيوم أو أيّام ، والاكتفاء بهما إذا نسي في يوم كلّه أو بعد الزوال (فليس له) دليل موجود في الكتب التي رأيناها.

وكذا اجزائها عن الشهر كلّه في أوّل ليلته الّا أنّ هنا نقل الإجماع على ذلك عن السيد والشيخ ، قال المصنف في المنتهى : (٧) ولم يثبت عندنا ذلك.

__________________

(١) في الفقيه والمقنع : (ان يصوم ولم يكن نوى ذلك)

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٨ من أبواب وجوب الصوم

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب وجوب الصوم

(٥) بمعنى كونه حينئذ أقل ثوابا من الأول

(٦) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ٨ من أبواب وجوب الصوم

(٧) المناسب نقل عبارة المنتهى قال : وجوز أصحابنا في رمضان ان ينوي من أول الشهر صومه أجمع (الى

٢٤

عن الأكل والشرب المعتاد وغيره

______________________________________________________

والحق انه عبادات منفصلة ، ولهذا لا يبطل البعض بفساد الآخر ، فالأولى تجديد النيّة لكل يوم من ليلته ، ويؤيده الخبر المشهور ، والاحتياط ، وما اعتبر في النيّة من المقارنة بالمنوي ، وقد علم الجواز (١) هنا من أوّل الليل وعدم المقارنة للعسر ، والإجماع ، والخبر ، وبقي الباقي بلا دليل فتأمّل ، فإن نقلهما الإجماع ، مع عدم ظهور المخالف قبله دليل ، بناء على كونه دليلا ، وقد يكتفى بأقلّ منه ، ولعل المصنف يؤل قولهما ، ولا شك ان التجديد أحوط.

وعلى تقدير جوازه فالظاهر انه مخصوص بشهر رمضان فقط ، فلا يقاس عليه الشهور المعيّنة بالنذر وشبهه ، لعدم نقل الإجماع فيها ، ولا يبعد الإكتفاء في الأثناء (٢) أيضا عن الباقي لثبوته بالطريق الاولى.

وقد يناقش في الأولوية مع اختصاص نقل الإجماع في الأوّل مع خلاف القوانين فيقتصر على موضع الإجماع ، فتأمّل.

قوله : «عن (من ـ خ ل) الأكل والشرب إلخ» دليل وجوب الإمساك عنهما ، وعن الجماع : هو الكتاب ، والسّنة ، وإجماع المسلمين.

مثل قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٣) والاخبار الصحيحة الصريحة على ذلك كثيرة ، مثل

__________________

ان قال) : واعلم ان عندي في هذه المسألة إشكالا ، والحق أنها عبادات منفصلة ، ولهذا لا يبطل البعض بفساد الآخر بخلاف الصلاة الواحدة ، واليوم الواحد ، وما ذكره أصحابنا قياس محض لا يعمل به لعدم النصّ على الفرع وعلى علّته ، لكن الشيخ رحمه الله والسيد رضى الله عنه ادّعيا الإجماع ولم يثبت عندنا ، فالأولى تجديد النيّة في كل يوم من ليله (انتهى)

(١) اى جواز إيقاع النيّة في الصوم بدون المقارنة

(٢) أي أثناء شهر رمضان

(٣) البقرة ـ ١٨٧

٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ما في صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال ، الطعام ، والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء (١).

وما في صحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) (٢) قال : فقال النبي صلّى الله عليه وآله : إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب ، فقد أصبحتم (٣).

وما في صحيحة أبي بصير (في حديث) (٤) فقال : إذا اعترض الفجر ، وكان كالقبطيّة البيضاء فثمّ يحرم الطعام ويحلّ الصيام ، ويحلّ الصلاة ، صلاة الفجر (٥).

ونقل في المنتهى عليه إجماع المسلمين.

«فروع»

(الأول) قال في المنتهى : يقع الإفطار بالأكل والشرب للمعتاد بلا خلاف ، وامّا ما ليس بمعتاد فقد ذهب علمائنا إلى انه يفطر ، وان حكمه حكم المعتاد ، سواء تغذى به أو لم يتغذ به ، وهو قول عامّة أهل الإسلام إلّا ما

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) صدرها هكذا : سألت أبا عبد الله (ع) عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فقال : بياض النهار من سواد الليل ، قال : وكان بلال يؤذن للنبي (ص) وابن أم مكتوم ـ وكان أعمى ـ يؤذن بليل ويؤذن بلال حين يطلع الفجر فقال النبي (ص) إذا سمعتم إلخ

(٣) الوسائل باب ٤٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) صدرها هكذا : سألت أبا عبد الله (ع) فقلت : متى يحرم الطعام والشراب على الصائم ويحل صلاة الفجر؟ فقال إذا إلخ

(٥) الوسائل باب ٤٢ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

نستثنيه (انتهى).

وما استثنى الّا الحسن بن صالح ، وحكى عن أبي طلحة انّه كان يأكل البرد في الصوم ويقول : ليس بطعام ، ولا شراب.

ونقل في المختلف خلاف السيد وابن الجنيد في ذلك ، وانهما يقولان بعدم الفطر الا بالمعتاد ، وظاهر الآية ، والاخبار ، يدلّ على الفطر مطلقا ، للعموم وعدم ظهورهما في العادي لعدم ظهور عرف في استعمال الأكل والشرب في العادي ، نعم لا يؤكل ولا يشرب عادة إلّا البعض ، وذلك غير موجب عرفا في الاستعمال ولا حمل لفظهما عليه كما ثبت في الأصول ، فالمراد ما يصدقان عليه لغة.

ولأن الحكم انما يناسب ذلك لان الصوم بحصول الجوع والعطش ، فإذا جوّز غير المعتاد ولم يحصل الحكمة لجواز دفعهما بغير المعتاد.

ولأن العادة مختلفة ، فيلزم تجويز أكل شي‌ء لبعض وتحريمه لآخر ، فإذا اكلاه يكون البعض صائما ، والآخر مفطرا ، وارتكاب مثله من غير تصريح مشكل الّا أن يحمل على العادي في الجملة ، فتأمّل.

وكأنه ظن (١) في المنتهى رجوعهما (٢) عنه (أو) ما اعتبرهما (٣) لظنه حصول الإجماع بعدمها (أو) أوّل قولهما (٤) بمجرد الاحتمال لا الفتوى ، لانه نقل عن السيد

__________________

(١) إشارة إلى توجيه الإجماع الذي ادعاه في المنتهى بقوله : (وهو قول عامة أهل الإسلام) بأحد الوجوه الثلاثة

(٢) يعني السيد وابن الجنيد

(٣) يعنى ما اعتبر مخالفتهما باعتبار حصول الإجماع بعدهما

(٤) يعني أول صاحب المنتهى قولهما بأنهما لم يفتيا بذلك بل ذكراه بنحو الاحتمال

٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أنه قال : (الأشبه) وغير ذلك

(الثاني) انه لا فرق في الإبطال بين الأكل المتعارف وبين ما يسمى أكلا لغة ، مثل ابتلاع ما يستخلف تحت الأسنان ، وابتلاع السّكر ونحوهما ، ولهذا قالوا بعدم بطلان الصلاة بهما.

ودليله عموم الأدلّة المتقدمة ، والظاهر عدم الخلاف هنا عندنا ، وهذا دليل على السيد وابن الجنيد ، ولأنّ الواقع في الأدلّة هو النّهى عن الأكل والشرب ، وقد سلّمنا كونه أعم من العرفي وغيره ، فتأمّل.

(الثالث) لا شبهة في جواز ابتلاع الريق الذي في الفم للإجماع ، والحرج ، والأصل ، وعدم صدق الأدلّة ، والحكمة.

واما إذا خرج من الفم ثم ابتلعه ، فقالوا : انه مفطر ، كأنه للصدق ، لانه يقال : أكل ريقه ويمكن إيجاب كفارة الإفطار بالمحرّم ، لأنهم يقولون انه إذا خرج من الفم يحرم أكله ، وما نعرف دليلهم

وقال في المنتهى : لو ترك في فيه حصاة أو درهما ، فأخرجه وعليه بلّة من الريق ثم أعاده في فيه ، فالوجه الإفطار قلّ أو كثر لابتلاعه البلل الذي على ذلك الجسم ، وقال بعض الجمهور : لا يفطر ان كان قليلا (انتهى).

الظاهر عدم الإفطار ، للأصل ، وعدم صدق الأدلة ، ولهذا ـ مع قولهم بالتحريم ـ (١) جوّزوا الأكل بالقاشوقة بإدخالها في الفم ، وكذا أكل الفواكه بعد العضّ مع بقاء الرطوبة في موضع العضّ ، وكذا في الشربة.

نعم لو كان عليه الريق باقيا ظاهرا كثيرا بحيث يصدق عليه أكل الريق يمكن ذلك لا مجرّد البلّة ، فإنه لا يقال للبلّة : الريق ، ولا لوضع ما فيه الريق في الفم :

__________________

(١) يعني انهم مع قولهم : بحرمة أكل الريق يجوّزون الأكل بالقاشوقة مع وجود رطوبة الريق في القاشوقة

٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الأكل والشرب.

وليس ذلك بأعظم من السواك المبلّل بالماء والريق أو الماء للمضمضة ، وذوق الطبيخ فتأمّل ، وهو اعلم.

واما ريق غيره ، فقالوا أيضا : انه حرام ، وما اعرف دليلهم ، وما رأيت دليل تحريم فضلات الحيوان المشتملة عليه ، فيلزم تحريم شعر الحيوانات كلّها

واما بطلان الصوم به ، فقال في المنتهى : لو خرج ريقه من فيه الى طرف ثوبه أو بين أصابعه ثم ابتلعه أفطر (انتهى).

ولعلّ دليله صدق الأدلة ، وعلى ذلك التقدير يلزمه كفارة الإفطار بالمحرّم مع شرائط التكفير ، ويمكن خروج ما ابتلعه بسبب تقبيل الفم ، ومصّ اللسان ، لدليله ، مع أنّ صدق الأكل والشرب اللذين هما دليلا الإفطار عليه ، غير ظاهر.

وهو رواية عائشة : ان النبي صلّى الله عليه وآله كان يقبّلها ، وهو صائم ويمصّ لسانها (١).

ومن طريقنا ، ما رواه الشيخ ـ في زيادات التهذيب في كتاب الصوم ـ في الصحيح ، عن ابى ولّاد الحنّاط ـ الثقة ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انّى أقبّل بنتا لي صغيرة وانا صائم ، فيدخل في جوفي من ريقها شي‌ء ، قال : فقال لي : لا بأس ليس عليك شي‌ء (٢).

ورواية على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل الصائم إله أن يمصّ لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟ قال لا بأس (٣).

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٢ ص ٣١١ باب الصائم يبلع الريق حديث ١.

(٢) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) الوسائل باب ٣٤ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في المنتهى : (حسنة على بن جعفر) وذلك غير واضح لوجود محمد بن أحمد العلوي (١) المجهول ، ويمكن كونها صحيحة ، لأنّهم قالوا : طريقه اليه صحيح (٢) فتأمّل.

وفي الموثق (لزرعة) عن ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الصائم يقبّل؟ قال : نعم ويعطيها لسانه تمصّ (٣)

ومعلوم وصول ريق الغير الى فم الصائم بالمصّ ، وظاهر في جواز بلعه.

ولأنّه سكت عن التفصيل ، وهو دليل العموم ، والّا يلزم الإغراء ، والأصل أيضا مؤيد خصوصا على مذهب من يقيّد بأكل المعتاد وشربه.

وصحيحة أبي ولّاد صريحة في الدخول في الجوف.

وترك التفصيل بالاختيار وعدمه ، مفيد للعموم

مع أنه كان ينبغي الفطر مطلقا ، كما في وضع شي‌ء في الفم عبثا ولعبا فابتلعه من غير اختياره.

(فجواب المصنف) (٤) بأنّا قد بيّنا أن المصّ لا يستلزم الابتلاع ، وحديث ابى ولّاد لم يذكر فيه ان الريق وصل الى جوفه بالمصّ لاستحالة (٥) ذلك في البنت شرعا فجاز ان يبلع شيئا من ريقها بسبب القبلة من غير شعور وتعمد (محلّ التأمل).

__________________

(١) وطريق الرواية كما في التهذيب هكذا : محمد بن احمد ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي البوفكي (النوفلي ـ خ) عن على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السّلام

(٢) في رجال الممقاني في أواخر ج ٣ ص ١٢ نقلا عن الميرزا محمد الأردبيلي صاحب جامع الرواة في مقام ذكر طرق الشيخ ره هذا لفظه : والى على بن جعفر صحيح في المشيخة والفهرست.

(٣) الوسائل باب ٣٤ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) يعني في المنتهى ص ٥٦٣

(٥) لعل المراد من الاستحالة الشرعيّة عدم الجواز باعتبار استلزام المصّ الكذائي التهييج للشهوة وهو لا يجوز فكيف أجاب عليه السّلام بعدم البأس والله العالم

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وما ذكره) في شرح الشرائع بقوله : وما ورد من تسويغ الامتصاص ، لا يستلزم الازدراد (قد عرفت جوابه) مع أنّه يكفى صحيحة أبي ولاد ، وما ذكر (١) الجواب عنها.

قال (٢) في الدروس ـ بعد منع الاستلزام ـ : نعم في التهذيب عن ابى ولاد : لا شي‌ء في دخول ريق البنت المقبّلة في الجوف وتحمل على عدم القصد (انتهى).

ولو كان (٣) مبطلا لكان مع عدم القصد أيضا كذلك كما مرّ ، مع انها عامّة من غير معارض فتأمل.

(الرابع) قال في المنتهى : لو أبرز (انزل ـ خ ل) لسانه وعليه ريق (الماء ـ خ) لا يفطر ، لانه لم ينفصل عن محلّه المعتاد (انتهى).

وهو ظاهر مؤيد بالأصل وعدم صدق المبطل.

(الخامس) النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم تفطرا ، فلا فرق عند المصنف في المنتهى والتذكرة بينهما وبين الريق ، فلو خرجا ثم ابتلعا أفطرا.

وفي الشرائع (٤) فرّق وحكم بكون الأوّل مثل الريق ، والفطر بالثاني وان لم يصل الى الفم ونقل في شرح الشرائع عن الشهيد التسوية بينهما في جواز ازدرادهما ما لم يصلا الى فضاء الفم ، والمنع بعد وصولهما إليه ، لرواية غياث الآتية ، ولا دلالة

__________________

(١) ما نافية يعني لم يذكر في شرح الشرائع الجواب عن صحيحة أبي ولاد فهي كافية في إثبات الجواز

(٢) الظاهر ان الغرض من نقل عبارة الدروس ذكر أنّ صاحب الدروس قد أجاب عن صحيحة أبي ولاد

(٣) هذا اعتراض على حمل الدّروس

(٤) عبارة الشرائع هكذا : لا يفسد الصوم بابتلاع النخامة والبصاق ولو كان عمدا ما لم ينفصل عن الفم ، وما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل وتعدى الحلق من غير قصد لم يفسد الصوم ، ولو تعمّد ابتلاعه أفسد (انتهى)

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

فيها ، ثم حكم بأنّ كلامه أعدل ، وما رأيت ذلك في الدّروس الّا فيما ينزل عن الدماغ (١).

ومختار المصنف فيهما أولى ، للأصل ، وعدم ظهور صدق أدلة الإفطار ، وعموم موثقة غياث بن إبراهيم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته (٢).

والظاهر صدق النخامة عليهما أعم من الوصول الى الفضاء وعدمه ، ومن اختيار ازدراده وعدمه ، وهي مؤيّدة ، فلا يضر عدم صحّة سندها ، وينبغي الاحتياط ، ثم (٣) وجوب كفارة الجمع على تقدير ثبوتها في المحرّم ، وثبوت (٤) تحريم ما خرج من فمه ومن غيره ، سواء كان ريقا أو نخامة ، ظاهر.

وكذا عدمه (٥) في ابتلاع النخامة بعد الوصول الى فضاء الفم الذي قيل : حدّه مخرج الحاء المهملة ، وقيل : المعجمة ـ بعد القول بأنه حينئذ مفطر لما مرّ.

وقال في الدروس : وفي وجوب الكفارات الثلاث هنا نظر (انتهى).

ولا ينبغي (٦) ذلك ، لان وجوب كفارة الجمع على تقدير القول به انما هو فيما ثبت تحريمه من غير جهة الصوم ، وهنا غير ثابت ، ولو كان ثابتا لزم من غير نظر ، لا مع التردد في التحريم ، مع انه لا ينبغي ، لعدم دليله ، والأصل ، الحلّ.

__________________

(١) عبارة الدروس هكذا : والفصلات المسترسلة من الدماغ إذا لم تصل الى فضاء الفم لا بأس بابتلاعها للرواية ولو قدر على إخراجها ، ولو صارت في الفضاء أفطر لو ابتلعها ، وفي وجوب الكفارة الثلاثة هنا نظر وتجب لو كانت نخامة غيره (انتهى)

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) هذا بمنزلة الكبرى

(٤) وهذا بمنزلة الصغرى ، فينتج ان ابتلاع ما خرج من فمه أو ينزل من دماغه غير موجب للكفارة

(٥) يعني عدم وجوب الكفارة

(٦) يعني لا ينبغي النظر والتردد في هذا الحكم

٣٢

وعن الجماع قبلا أو دبرا حتى تغيب الحشفة

______________________________________________________

واما الجماع ، ففي القبل مفسد بلا خلاف على ما قاله في المنتهى ، وفيما تقدم من الآية (١) والاخبار دلالة عليه.

واما في الدبر ، فمع الانزال كذلك ، بل الانزال مع العمد والعلم والاختيار مطلقا من غير فرق بين المرأة والرجل.

واما بدونه فالظاهر أنه كذلك لما مرّ (٢) من إيجابه الغسل عليهما ، والظاهر انه مستلزم لبطلان الصوم ، لأنّه مشروط بالطهارة في الجملة ، فتأمّل.

واما ما روى ـ في زيادات التهذيب ـ عن بعض الكوفيّين ، يرفعه الى ابى عبد الله عليه السّلام قال : في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة؟ قال : لا ينقض صومها ، وليس عليها غسل (٣).

وكذا ما رواه فيه ـ عن رجل ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا اتى الرجل المرأة في دبرها وهي صائمة لم ينقص صومها ، وليس عليها غسل (٤).

فقال الشيخ ـ فيه ـ هذا الخبر غير معمول عليه ، وهو مقطوع الاسناد ، ولا يعوّل عليه على أنه ليس من دأب الشيخ ردّ الخبر ، بل يؤل مهما أمكن.

ويمكن التأويل بعدم حصول غيبوبة الحشفة ، الموجبة للجنابة ، فتأمّل ، فإن الأصل (٥) معه ، وقد تقدم.

وأمّا الوطي في دبر الغلام ، فغير ظاهر الإفساد من غير فرق بين الفاعل والمفعول ، وقد تقدم (٦) ، مع التأمّل للأصل ، وعدم نصّ صحيح صريح ، بل لبعض الظواهر والشهرة

__________________

(١) هي قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) إلخ البقرة ـ ١٨٦

(٢) راجع المجلد الأول ص ١٣٣

(٣،٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٣ من أبواب الجنابة من كتاب الطهارة

(٥) يعني أصالة عدم الوجوب

(٦) راجع ج ١ ص ١٣٣

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل على الفساد به ، وبوطي دبر المرأة ما سيجي‌ء في خبري الحجاج والحفص ، واما في البهائم فالظاهر العدم للأصل وعدم دليل قوى على كونه مفسدا ولا على كونه موجبا للغسل كما تقدم.

واما دليل كون الانزال مفسدا وموجبا للغسل مع القيود (١) مطلقا ولو بالمساحقة بينهما أو بمساحقة المجبوب ، فالظاهر ، الإجماع المدّعى في المنتهى ، قال : الإنزال نهارا مفسد للصوم مع العمد سواء انزل باستمناء أو بملامسة أو قبلة بلا خلاف ، ويدل على بعض أفراده ، الخبر ، مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني؟ قال : عليه من الكفارة ، مثل ما على الذي يجامع (٢).

وفيها دلالة على وجوب الكفارة على مطلق المجامع ، فافهم.

ورواية سماعة ، قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل؟ قال : عليه إطعام ستين مسكينا ، مدّ لكلّ مسكين (٣).

ورواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل وضع يده على شي‌ء من جسد امرأته فأدفق فقال : كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة (٤).

ورواية حفص بن سوقة ، عمن ذكره ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل ، قال : عليه

__________________

(١) الظاهر انه (قده) أراد بالقيود ، العلائم الثلاث المشهورة ، الشهوة ، والفتور ، والدفق

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٣٤

وعن تعمّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر

______________________________________________________

من الكفارة مثل ما على الذي جامع في شهر رمضان (١).

وإيجاب الكفارة مستلزم لإفساد الصوم ، ويحتمل عدم الفرق في لزوم الكفارة بين الصيام ، مع التعيين.

وامّا حصوله عقيب النظر ، والملاعبة ، واللمس ، والتقبيل بشهوة وغيرها ، فالظاهر انه ان كان من عادته ذلك ، وتعمد فهو مفسد وموجب للكفارة ، وحكمه حكم الجماع ، ولا يبعد ذلك فيمن قصد به الانزال ، إذ ليس بأقلّ من الاستمناء باليد الموجب لذلك بالإجماع المدّعى في ذلك.

وكذا بدون قصده مع عادته الجارية بذلك وظنه ذلك.

واما بدونهما فاتفق ، فالظاهر عدم وجوب شي‌ء لجواز ذلك مع عدم العلم والظن بحصول الموجب ، مع احتمال القضاء كما في المضمضة لغير الصلاة ، وسيجي‌ء ان شاء الله تعالى.

قوله : «وعن تعمّد البقاء على الجنابة إلخ» هذه المسألة مشكلة ، وفيها خلاف لاختلاف الاخبار ، والذي ذهب إليه الأكثر خصوصا من المتأخرين أنّ ذلك مفسد وموجب للقضاء والكفارة.

وقال ابن ابى عقيل بوجوب الأوّل فقط ، والصدوق بعدم وجوب شي‌ء ، وأنه لا يجب الإمساك عنه ، بل يجوز البقاء على الجنابة عمدا حتى يصبح ، ثم يغتسل للصلاة فيصح الصوم والصلاة.

ويدل على ما اختاره ، الأصل ، وعدم ظهور دليل صحيح في الأوّلين ، والجمع بين الأدلّة ، والآية (٢) المتقدمة ، وظهور كون (حتّى) غاية للكل لبعد عدم

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) هي قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ). و (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ـ البقرة ـ ١٨٦

٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بيان الغاية للمباشرة مع بيانها لأخويها (١) ، ولظهور قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) في الليل كلّه.

وصحيحة العيص (عيسى ـ خ ل) بن القاسم ـ الثقة ـ ، في التهذيب والاستبصار ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل أجنب في شهر رمضان في (من ـ خ ل) أوّل الليل فأخّر الغسل حتى طلع (يطلع ـ خ ل) الفجر؟ قال : يتم صومه ولا قضاء عليه (٢).

وهذه مع ظهورها في العمد أو عمومها ، تدل على صحّة الصوم ، والاخبار في ذلك كثيرة جدا.

ومن أدلتها (٣) ، صحيحة حبيب الخثعمي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصلى صلاة الليل في شهر رمضان ، ثم يجنب ، ثم يؤخّر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر (٤).

والظاهر انه لا يمكن تأويلها إلّا بتكلف بعيد (٥).

وهذه مذكورة في الاستبصار بطريق آخر أظن صحته (٦).

وحسنة عبد الله بن المغيرة ، عن حبيب الخثعمي ـ في الفقيه ـ قال : قلت

__________________

(١) يعنى باخويها الأكل والشرب باعتبار المشاكلة في المفطرية

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعنى من أدلة صحّة الصوم مع البقاء على الجنابة عمدا ليوافق قول ابن ابى عقيل

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) قال في الوسائل ـ بعد نقلها ـ : أقول : حملها الشيخ على الضرورة ، وعلى التعمد مع العذر المانع من الغسل ، وعلى تعمد النوم دون ترك الغسل ممّا سلف ، ويحتمل كونه منسوخا ، وكونه من خصائصه صلّى الله عليه وآله ، وكون المراد بالفجر الأول دون الثاني ، ويحتمل الحمل على التقيّة.

(٦) الذي رأيناه في الاستبصار بسند آخر هو هكذا : محمد بن احمد بن يحي ، عن محمد بن عيسى ، عن احمد بن محمد ، عن حماد ، عن حبيب الخثعمي ص ٨٨ ج ٢ طبع الآخوندى

٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لأبي عبد الله عليه السّلام : أخبرني عن التطوع وعن (صوم ـ خ) هذه الثلاثة الأيام إذا أجنبت من أوّل الليل فاعلم أنّى قد أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر أصوم أو لا أصوم؟ قال : صم (١).

وصحيحة ابن ابى نصر البزنطي ، عن ابى سعيد القماط ـ وهو خالد بن سعيد الثقة ـ انه سأل أبو عبد الله عليه السّلام عمن أجنب في شهر رمضان في أوّل الليل فنام حتى أصبح؟ قال : لا شي‌ء عليه ، وذلك أنّ جنابته كانت في وقت حلال (٢).

وهذا التعليل إشارة إلى الفرق بين البقاء على الجنابة في الليل ، وبين إيقاعها في النهار ، فاستدلال العلامة في المختلف (٣) بإيجاب ما يجب في (الثاني) ، على إيجابه في الأوّل ، غير ظاهر (٤).

وصحيحة العيص بن القاسم إنّه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ، ثم يستيقظ ، ثم ينام قبل أن يغتسل قال : لا بأس (٥).

واما ما يدل على مذهب ابن ابى عقيل (٦) ، فهو أيضا أخبار كثيرة

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) قال في المختلف (بعد اختيار قول المشهور ، من ان تعمد البقاء على الجنابة من غير عذر في ليل شهر رمضان الى الصباح موجب للقضاء والكفارة) : ما هذا لفظه (لنا) أنّ الإنزال نهارا موجب للقضاء والكفارة ، فكذا استصحاب الانزال ، بل هنا آكد ، لأن الأول قد انعقد الصوم في الابتداء وهنا لم ينعقد (انتهى)

(٤) وجه اندفاع استدلال العلّامة وعدم ظهوره في مدّعاه ان قوله عليه السّلام : (ان جنابته كانت في وقت حلال) يدل على عدم وجوب شي‌ء إذا كانت جنابته في الليل لانه وقت يحل فيه الجنابة ، بخلاف الجنابة في النهار فإنه وقت لا يحل فيه الجنابة ـ فلا ملازمة بينهما فتفريع العلامة في قوله ره : فكذا استصحاب الانزال ـ غير ظاهر والله العالم

(٥) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) وهو وجوب القضاء وعدم وجوب الكفارة بالإصباح جنبا عمدا

٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة

مثل صحيحة أحمد بن محمد (١) ، عن ابى الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو اصابته جنابة ، ثم ينام حتى يصبح متعمدا ، قال : يتم ذلك اليوم وعليه قضائه (٢).

وصحيحة ابن ابى يعفور ـ الثقة ـ في التهذيب ، والاستبصار ، والفقيه (٣) ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يجنب في شهر رمضان ، ثم يستيقظ ثم ينام (٤) حتى يصبح ، قال : يتم صومه (يومه ـ خ ل فيه) ويقضى يوما آخر فان (وان ـ خ) لم يستيقظ حتى يصبح أتّم يومه (صومه ـ فيه) وجاز له (٥).

وصحيحة معاوية بن عمّار ـ الثقة ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يجنب من أوّل اللّيل ، ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ، قال : ليس عليه شي‌ء ، قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح ، قال : فليقض ذلك اليوم عقوبة (٦).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في (شهر ـ خ) رمضان ، ثم ينام قبل ان يغتسل ، قال : يتم صومه ، ويقضى ذلك اليوم الّا ان يستيقظ قبل ان يطلع الفجر ، فان انتظر ماء ليسخن أو يستقى فيطلع (فطلع ـ خ) الفجر فلا يقضى يومه (٧) (صومه ـ خ)

وفيها اشعار مّا بعدم الوجوب مضيّقا ، وبعدم وجوب التيمّم للصوم ،

__________________

(١) في هامش بعض النسخ المخطوطة : كأنه البزنطي الثقة ـ من خطه رحمه الله (انتهى)

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) روى ابن ابى يعفور ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له إلخ (قيه)

(٤) ثم يستيقظ ثم ينام ، ثم يستيقظ ثم ينام حتى إلخ (قيه)

(٥) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٧) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فافهم.

وامّا ما يدل على الأوّل المشهور وعليه الأكثر ، وهو لزوم القضاء والكفّارة على من ترك الغسل عمدا عالما حتى يطلع الفجر الثاني ، فهو ما أشرنا إليه ، من استدلال العلامة في المختلف ، وهو لزوم ذلك من وجوبهما في وقوع الجنابة نهارا مع مضىّ بعض النّهار قبلها متطهّرا ، ففي عدم حصول الطّهارة أصلا بالطريق الأولى ، وقد مر جوابه ، مع انه لا يتمّ إلا في بعض الأفراد ، وهو ظاهر.

وما رواه أبو بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل أجنب في شهر رمضان باللّيل ثم ترك الغسل متعمّدا حتى أصبح ، قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين ، أو يطعم ستين مسكينا (١) قال : وقال : انه لخليق (حقيق ـ خ ل) أن لا يدركه ابدا (٢).

وقال في المنتهى : انها صحيحة ، وفي المختلف : انها موثقة ، والثاني أظهر لوجود إبراهيم بن عبد الحميد (٣) الذي قيل : إنه واقفيّ ثقة.

ورواية سليمان بن جعفر (حفص ـ خ ل) المروزي ، عن الفقيه عليه السّلام (٤) قال : إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح ، فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ، ولا يدرك فضل يومه (٥).

__________________

(١) في التهذيب المطبوع ـ بعد قوله : مسكينا ـ هكذا (وقضى ذلك اليوم ويتم صيامه ولن يدركه ابدا ـ خ)

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) سنده كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن ابى عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى بصير

(٤) يعنى موسى بن جعفر ، فان سليمان هذا من أصحابه والرضا عليهما السّلام كما في رجال الممقاني ج ٢ ص ٥٦

(٥) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ومرسلة إبراهيم بن عبد الحميد (الله ـ خ ل) ـ مضمرة ، عن بعض مواليه ، قال : سألته عن احتلام الصائم ، فقال : إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل وان أجنب ليلا في شهر رمضان ، فليس له أن ينام ساعة حتى يغتسل ، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح ، فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ويتمّ صيامه ، ولن يدركه أبدا (١).

وهذه الثلاثة (٢) مع عدم صحتها ، لا تعارض ما تقدم ، مع قصور متن الأخيرة والتخالف بينهما في إيجاب الكفارة كما ترى.

وحمل الشيخ ، التي تدل على عدم شي‌ء ، على تعمّد النوم بعد العلم بالجنابة بقصد الغسل قبل الفجر ولم يتنبّه اتفاقا حتى أدركه الفجر ، لا انه تعمد وترك الغسل.

وقيّد بعض الأصحاب ذلك وجواز النوم له ، بكون الانتباه عادة له

والتي لا يمكن ذلك فيها ـ مثل صحيحة حبيب (٣) ـ حملها على التقيّة أو العذر ، مثل البرد ، والانتظار لتسخين الماء أو لأن يستسقى الماء كما مرّ في صحيحة محمد بن مسلم (٤) ويمكن حمل الفجر فيها على الأوّل.

ولا يخفى بعد ذلك كلّه ، لوجود التعمد في البعض ، والعموم في الآخر ، وبعد التقيّة لأنّه نقل الخبر من غير سؤال أحد ، وأسند عليه السّلام اليه صلّى الله عليه وآله (٥) ، ومثل ذلك يبعد التقيّة فيه ، لانه لم يظهر ضرورة للإنشاء من عنده بغير سؤال ، ولا يحتاج الإسناد إليه

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعني الثلاثة الأخيرة ، وهي رواية أبي بصير وإبراهيم بن عبد الحميد وسليمان بن جعفر

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) إشارة إلى رواية حبيب الخثعمي المتقدمة الدالة على بقائه صلّى الله عليه وآله على الجنابة متعمدا

٤٠