مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

صام (١).

والظاهر ان معنا هما انه مخيّر في الخارج بين ان يفطر ويوجد ما يفسد الصيام فلا يكون صائما بعد الدخول ، وبين الإمساك فيكون صائما بعده.

وان ذلك يكون قبل الوصول الى محلّ الترخص لما ثبت من عدم جواز الإفطار بعد التجاوز عنه قبل زوال الشمس ، والأحوط عدم إيجاد الناقض مع العلم بالدخول قبله.

وانه يستفاد من هذه المسألة وأدلتها عدم الاعتداد بشأن النية كثيرا وان نيّة الإفطار ليست بمفسدة والجنابة كذلك

وانها لا تحتاج إلى النية في جميع النهار

وأنه لا يشترط في صحّة الصوم صوم جميع النهار ، بل يصح إذا وجد في أكثره وان كان الصوم في بعض أجزاءه ممّا لا يجوز ، بل يجب الإفطار في الجملة ، لأنه كان مسافرا في بعضه مع وجوب الإفطار فيه.

والرواية والفتوى أعم من ان قصد الإفطار أم لا وهذه (٢) مؤيدة لوقوع الصيام ـ واجبا موسعا كالقضاء والنذر ـ بعد قصد الإفطار فتقييد البعض قول المصنف (٣) : (ولو نوى الإفساد ثم جدّد نيّة الصوم إلخ بما إذا جدّد إلخ غير ظاهر الوجه وقد مرّت إليه الإشارة فتذكر وتدبر.

وأنه لا فرق بين افراد الصوم في ذلك كعدم الفرق بين المكلفين بل سائر الأعذار الموجبة للإفطار كالمذكورة في المتن وغيره

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) يعني رواية محمد بن مسلم الأخيرة

(٣) يعني فيما تقدم من عبارته ره في أواخر الخاتمة يعنى الشارح قده ان البعض قد قيد كلام المصنف في قوله : لو نوى الإفساد يكون المراد لو جدّد نيّة الإفساد لا أنها كانت مسبوقة : بالإفساد أوّلا ، فإن هذا التقييد في غير

٢٤١

والحائض والنفساء إذا طهرتا في الأثناء ،

والكافر إذا أسلم ، والصبي إذا بلغ ، والمجنون إذا أفاق ، والمغمى عليه.

______________________________________________________

الثالث المرأة إذا طهرت في النهار مطلقا ويدل على عدم صحّة صومها فقد شرطه وهو الطهارة من الحيض والنفاس تمام النهار والاخبار (١) أيضا.

ويدل على استحباب إمساكها بعد الظهر في النهار ما تقدم.

ورواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان ، فلما ارتفع النهار حاضت ، قال : تفطر ، قال : وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار؟ قال : تصلى وتتم صومها وتقضى (٢).

وحملت على الاستحباب ، لعدم صحّة السند ، ولما تقدم.

والطهر أعم من النفاس والحيض ، وما رأيت دليلا فيها للتفصيل المذكور في المسافر والمريض ، بل لا قائل به هناك

وكذا ما رأيت التفصيل (٣) في غيرهما من الكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه ، نعم سيجي‌ء عدم وجوب القضاء على بعضهم ، وان لا تفصيل فيهم ، فيمكن التشبيه في غير المريض ، وفي مطلق الاستحباب وفي الجملة اعتمادا على ما سيجي‌ء.

ويؤيده تغيير الأسلوب والاكتفاء في قوله : (في الأثناء إلخ) فتأمّل.

ودليل عدم الوجوب على هؤلاء فقد شرط وجوب الصوم في بعض النهار من الإسلام والعقل والبلوغ

__________________

محلّه لإطلاق صحيحة محمد بن مسلم

(١) راجع الوسائل باب ٥٠ من أبواب الحيض وباب ٢٨ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) يعنى التشبيه المستفاد من قول المصنف بين إسلام الكافر قبل الزوال أو بعده وكذا ما بعده من حكم الصبي إلخ

٢٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم انه ينبغي للمريض ان يكتفى في الإفطار على قدر ما يرتفع عنه الضرر بالصوم والإمساك عنه ، فلا يتعدى الى ما لا يضرّ إمساكه مثل الجماع لثبوت المنع والاقتصار على موضع اليقين ، لان المجوّز هو الضرر ، ولهذا قيّد المرض في الآية بالمضرّ (١).

ويحتمل جواز كل شي‌ء لحصول الرخصة بسبب المرض المضرّ ، ويؤيّده أن وجوب الإمساك عن المفطرات انما هو بسبب الصوم وأدلته وقد ارتفع وجوبه عنه وهو ظاهر.

وان الاولى للمسافر أيضا الاقتصار على ما يصدق عليه الإفطار وما لا يحصل معه الضعف.

وكذا عدم الجماع ، لما مرّ ، ولصحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان ، فان ذلك محرّم عليه (٢)

ولصحيحة ابن سنان ـ وهو عبد الله لقرائن وقد صرح به في الفقيه ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان ومعه جارية له أفله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال : سبحان الله اما يعرف هذا حرمة شهر رمضان إنّ له في الليل سبحا طويلا ، قلت : أليس له أن يأكل ويشرب ويقصّر؟ فقال : إنّ الله تبارك وتعالى قد رخّص للمسافر في الإفطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث (٣) السفر ولم يرخّص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر

__________________

(١) يعنى قيدت الآية المطلقة ـ في الاخبار ـ بالمضرّ

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٨ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) في الدعاء : أعوذ بك من وعثاء السفر اى مشقّته أخذا من الوعث ، وهو المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشقّ عليه يقال : رمل وعث ورملة وعثاء (مجمع البحرين)

٢٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

رمضان وأوجب عليه قضاء الصيام ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره ثم قال : والسنة لا تقاس وانّى إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلّا القوت وما اشرب كلّ الريّ (١).

ويدل على الجواز صحيحة على بن الحكم ، قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وهو مسافر فقال : لا بأس به (٢) كذا في التهذيب والاستبصار.

وفي الكافي ، عن على بن الحكم ، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي

والظاهر ان هذا هو الأصحّ ، لعدم نقل على بن الحكم هذا الثقة عن الامام عليه السّلام كما قال ابن داود ، ولهذا ما رأيته في خبر أنه نقل عنه عليه السّلام ، مع كثرة وقوعه في مثل هذا السند والنقل عنه ، ونقله عن الغير.

وعلى التقديرين ، الخبر صحيح ، لكون عبد الملك أيضا ثقة ، والظاهر أن (علىّ) (عليّا ـ ظ) هو أيضا الثقة الواقع في مثل هذا السند كثيرا ، ولثبوت نقل احمد بن محمد بن عيسى عنه (٣) لا عن غيره.

ومثلها رواية سهل ـ كأنه ابن اليسع الثقة عنه عليه السّلام (٤) ، ولا يضرّ مجهوليّة ابنه محمد (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٩ من أبواب من يصح منه الصوم وهكذا في النسخ ولكن لفظها في الوسائل في الموضعين هكذا : سألت أبا الحسن عليه السّلام يعنى موسى عليه السّلام عن الرجل يجامع أهله في السفر وهو في شهر رمضان؟ قال : لا بأس به والمظنون انه اختلط عليه قده لفظ رواية اليسع الآتية بهذه والأمر سهل

(٣) وسندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن الحكم ، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي

(٤) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) سندها كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة عمر بن يزيد ـ الظاهر انه الثقة أيضا ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان إله أن يصيب من النساء؟ قال :

نعم (١) ورواية محمد بن مسلم المتقدمة في جواز الوطي بعد العصر (٢) ، وهذه صريحة في النهار ، والظاهر من الأوّل (٣) أيضا ذلك ، إذ لا يسأل أحد عن الوطي في السفر في الليل.

على أن ترك التفصيل خصوصا في مثل هذا المقام ، دليل العموم ، والّا يلزم الإغراء بالجهل والمعصية وعموم أدلّة الإفطار في السفر من الكتاب (٤) والسنّة والإجماع.

ولأن الظاهر أن وجوب الإمساك عنه انما استفيد من وجوب الصوم ، ومعلوم عدم وجوبه على المسافر ، واستثنائه عن أدلة وجوب الصيام.

وتؤيّده الشهرة أيضا بين الأصحاب وعدم التقييد بحال الضرر والتعب في خبر مّا ، ونقل الإجماع في عدم وجوب الإمساك عن غيره في شرح الشرائع.

ويفهم الخلاف في التملّي من الأكل والشرب أيضا من الدروس (٥).

والأصل أيضا مع أدلة إباحة وطى الأهل والجمع بينهما بحمل ما يدل على

__________________

قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وهو مسافر ، قال : لا بأس

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١٠ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) يعني بالأول الخبر الأول وهو خبر عمر بن يزيد

(٤) وهو قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) ـ البقرة ١٨٤

(٥) قال في الدروس : ولا يحرم الجماع على المسافر خلافا للنهاية وحرّمه الحلبي على كل مفطر الا مع الضرورة ، وكذا التملي من الطعام والشراب ، والوجه الكراهيّة (انتهى)

٢٤٥

والواجب اما مضيّق كرمضان ، وقضائه ،

والنذر ، والاعتكاف.

واما مخيّر كجزاء الصيد ، وكفارة أذى الحلق ، وكفارة رمضان ، واما مرتّب وهو كفّارة اليمين ،

______________________________________________________

التحريم على الكراهة

ويؤيده قوله عليه السّلام : (انى ما آكل الا القوت وما اشرب كل الري) (١) فإن الأكل فوق القوت ليس بحرام على ما نقل فيه الإجماع.

فحمل الشيخ في الكتابين اخبار الجواز على حال الضرورة والمشقّة الشديدة أو على غير النهار غير الأخيرة ، لا يخلو عن بعد ، والاحتياط معه واعلم ان الظاهر عدم الفرق بين الرجل والمرأة ، مع الاحتمال لعدم ذكر المرأة وأيضا عدم الفرق بين الصيام ، مع الاحتمال لعدم ذكر غير شهر رمضان ، وبين الزوجة والأمة

قوله : «والواجب اما مضيّق إلخ» إشارة إلى قسمة الصوم الواجب باعتبار تعيّنه وعدمه ، وأراد بالمضيّق هنا صوما لا بدل له اختياريّا ولا يكون بدلا عن غيره بقرينة قوله : (واما مخيّر إلخ)

ولعله أراد بالنذر ما يعمّ شبهه أو حذفه.

وأراد بالمخيّر ما له بدل اختياري ، وبالمرتب الذي له بدل من غيره بعد العجز عنه.

__________________

(١) كما في ذيل صحيح ابن سنان المتقدمة ولاحظ الوسائل باب ١٣ حديث ٥ من أبواب من يصح منه الصوم

٢٤٦

وقتل الخطأ ، والظهار ، ودم الهدى ،

وقضاء رمضان

______________________________________________________

وقوله : (وقتل الخطاء) عطف على اليمين ليكون التقدير : (وصوم كفّارة قتل الخطأ) وكذا التقدير فيما بعده.

ولو قال : (والقضاء) (١) بغير الضمير لكان اولى ليشمل قضاء النذر وشبهه ، والظاهر انّ الغرض المثال لا الحصر.

__________________

(١) أي في قوله : وقضاء رمضان

٢٤٧

«المطلب الثاني في شرائط الوجوب»

انما يجب على المكلّف السليم من التضرر به ، الطاهر من الحيض والنفاس

______________________________________________________

«المطلب الثاني في شرائط الوجوب»

قوله : «انما يجب على المكلف السليم إلخ» نقل في المنتهى الإجماع على عدم وجوب الصوم على غير البالغ ، والمجنون والأصل ، والخبر (١) أيضا دليل.

والظاهر ان الإغماء كالجنون لعدم العقل الذي هو مدار التكليف ، فما يفهم الوجوب عليه ، مع سبق النيّة كما نقل عن الشيخ المفيد (٢).

__________________

(١) لعل المراد بالخبر هو العام الآتي : (رفع القلم عن الثلاثة) أو اخبار (كل ما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر منه) فلاحظ الوسائل باب ٢٤ من أبواب من يصح منه الصوم ح ٦

(٢) يعنى يفهم من كلام المفيد ره في المقنعة وجوب الصوم على المغمى عليه إذا سبق منه النيّة لا مطلقا

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر ان المراد سقوط القضاء عنه بذلك لا كونه مكلّفا به حال الإغماء وأدّى واجبا عليه ، وبالجملة حكمه حكم المجنون كما قاله في المنتهى.

ثم الظاهر أنّ الحكم في النائم كذلك بمعنى عدم وجوب شي‌ء عليه حين نومه ، فليس هو في حال النوم فاعلا للواجب ومكلّفا به ، بل يسقط التكليف عنه بالكلّيّة كما هو ظاهر من العقل والنقل ، مثل رفع القلم عن النائم حتى ينتبه (١) نقله في المنتهى ، ومصرّح في سقوط الصلاة عنه في الأصول.

وان وجوب القضاء بأمر جديد ، لا أنه تابع لوجوب الأداء والّا يلزم سقوط القضاء لسقوط الأداء.

وان الشارع جوّز النوم للصائم رحمة له ، وكذا سقوط الصوم عنه وعدم إيجاب القضاء لصدور النيّة. منه شرع في الصوم أم لا ، على (٢) الاحتمال تخفيفا وتفضيلا ، ورحمة ، وليس هنا إسقاط ، بل عدم الإيجاب رأسا لذلك مؤيدا بقوله صلّى الله عليه وآله : (نيّة المؤمن خير من عمله) (٣) ، وان ذلك تعبّد.

فما ذكره الشهيد الثاني في شرح الشرائع من كونه مكلّفا دون المغمى عليه والمجنون وبين وطوّل فيه البحث ، غير ظاهر ، وما نفهمه ، وهو أعلم.

وأيضا الظاهر عدم الخلاف في الوجوب والإجزاء مع زوال المانع عن

__________________

فراجع ص ٥٦ من المقنعة

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١٠ من أبواب مقدمات العبادات من قول على عليه السّلام لعمر بن الخطاب معاتبا له : (اما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ)

(٢) قيد لقوله ره : أم لا

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٣ ـ ١٥ ـ ١٧ ـ ٢٢ من أبواب مقدمات العبادات ولكن في حديث ١٧ : نيّة المؤمن أفضل من عمله ، وفي حديث ٢٢ نيّة المؤمن أبلغ من عمله

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الكل قبل الفجر

وأيضا ، الظاهر الاستحباب بعده في غير المريض والمسافر مع زوال عذرهما وعدم الإفساد قبل الزوال ، سواء أفسدوا أم لا ، قبل الزوال وبعده.

(ولعل الفرق بين الصبي والمجنون ـ خ) (١) وبين ما تقدم في المسافر والمريض ـ من الوجوب عليهما (٢) مع زوال المانع قبل الزوال وعدم الإفساد ، والاستحباب فيهما (٣) مطلقا هو انهما (٤) غير صالحين للصوم ، وليس لهما صلاحيّة الصوم الواجب في جزء من النهار لذاتهما ، بخلاف المسافر والمريض ، فان المانع فيهما خارجي ، وفي المجنون عارضي ، والإغماء كذلك ، تأمل ، والظاهر الفرق.

ويؤيّده أن العقل شرط التكليف مطلقا بحيث لا يجوز للمكلّف التكليف بدونه

وان السفر والمرض مانعان لوجوب الصوم رحمة ورخصة منه تعالى.

وان الواجب انما هو الصوم ، وهو عبارة عن الإمساك في كل النهار ، ومع فقد جزء منه ـ والحال انهما غير صالحين للتكليف أصلا بالذّات ـ لا يجب الكلّ.

والوجوب عليهما (٥) لنصّ ، لا يدل على كون غيرهما كذلك.

واما الفرق بين الحائض والنفساء ، وبين المسافر والمريض فما تقدم من

__________________

(١) في نسختين أخريين اللتين إحداهما مخطوطة والأخرى مطبوعة هكذا : (ولعل الفرق بينها في الصبي والمجنون إلخ) ولا يخفى ان ما أثبتناه في الأصل أظهر وأصوب

(٢) اى على المسافر والمريض

(٣) يعني في الصبي والمجنون

(٤) أي الصبي والمجنون

(٥) اى على المريض والمسافر

٢٥٠

فلا يجب الصوم على الصبي ، و (لا على) المجنون ، ولا المغمى عليه وان سبقت (سبق ـ خ) منه النيّة ،

ولا المريض المتضرر به ، ولا الحائض ، ولا النفساء.

______________________________________________________

كون الإفطار لهما رخصة ورحمة ، ووجوب الصوم عليهما بالشرطين (١) ، للنّص كما تقدم ، بخلاف الأولين ، فان افطارهما لفقدان الشرط ووجود النص ، فتأمل واحتط

فقوله ره : «فلا يجب الصوم (الى قوله) النيّة» متفرع على اشتراط التكليف نفى للوجوب عليهم مطلقا ، سواء وجد الشرط قبل الزوال وقبل الإفساد أم لا.

فقوله ره : (فيما سبق) : «والحائض والنفساء إلخ) (٢) غير جيّد ، لانه يدل على تساوى حكمهم حكم المسافر والمريض ، وقد عرفت أنه ليس كذلك على ما صرّح به هنا وسيجي‌ء أيضا.

ففي تلك العبارة (٣) إجمال.

والمراد التشبيه في الاستحباب لا في التفصيل أيضا كما علم من هنا ، وممّا سيجي‌ء وقد أشرنا هناك

وقوله : «ولا المريض (الى قوله) ويشترط» متفرّع على اشتراط السلامة

__________________

(١) أحدهما كون الحضور والصحّة قبل الزوال ثانيهما عدم إتيانه بالمفطر حينئذ

(٢) حيث قال : ويستحب للمسافر الإمساك (إلى قوله) : والحائض والنفساء إذا طهرتا في الأثناء فلاحظ الوسائل

(٣) يعني بها العبارة السابقة من قول المصنف قده : وكذا المريض إذا برء ، والحائض والنفساء إذا برئتا ، فقول المصنف : وكذا ، تشبيه في أصل استحباب الإمساك لا في التفصيل بين زوال العذر بالنسبة إلى الحائض والنفساء ، قبل الزوال أو بعده

٢٥١

ويشترط في رمضان ، الإقامة فلا يصح صومه سفرا يجب فيه القصر.

ولو صام عالما بالقصر (التقصير ـ خ) لم يجزئه ، ولو جهل أجزأه ، ولو قدم قبل الزوال ولم يتناول أتمّ واجبا وأجزأه وحكم المريض حكمه

______________________________________________________

والطهارة

وكان الاولى (١) ان يقول : (المقيم) بدل قوله : (ويشترط) وقد عرفت الاستثناء من عدم الوجوب على المسافر ، يريد بالإقامة الموجبة للإتمام وعدم السفر الموجب للقصر كما يشعر به قوله : يجب فيه القصر (التقصير ـ خ)

قوله : «ولو صام عالما إلخ» قد مرّ دليله وتفصيله في كتاب الصلاة ، وهنا أيضا في الجملة مع أدلّة ما تقدم وما تأخّر.

وكون (حكم المريض حكمه) يحتمل أن يكون في قوله : (ولو قدم إلخ) فقط ، وذلك أيضا قد مرّ ، وفيه (٢) وفي كون الجاهل بوجوب الإفطار معذورا والعالم غير معذور ، وذلك غير بعيد ، لما مرّ من احتمال كون الجهل عذرا خصوصا في مثل هذه المسألة التي الظاهر أن مقصود الشارع التخفيف عن المكلف والمصلحة له ، ولهذا قال جمع من العامة : بأنه رخصة.

وفي المريض رواية (٣) أيضا عندنا كما أشرنا اليه ، وعدم ظهور الفرق بينهما.

مع انه يفهم من التهذيب كون الجهل عذرا في أكثر المسائل كما يفهم من

__________________

(١) يعني الاولى ان يقول المصنف ره بدل قوله : (ويشترط في رمضان الإقامة) : (والمقيم في رمضان)

(٢) يعنى ويحتمل ان يكون التشبيه في قول المصنف : ولو قدم إلخ وفي قوله : لو صام عالما بالقصر إلخ معا

(٣) لعله ره يريد بالرواية قوله عليه السّلام : وكل من أفطر لعلّة في أول النهار ثم قوى بعد ذلك أمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا وليس بفرض فإنها متعرضة منطوقا لأحد شقي المسألة منطوقا والشق الآخر مفهوما فراجع الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من أبواب يصح منه الصوم

٢٥٢

وشرط القضاء ، التكليف ، والإسلام ، فلا يجب قضاء ما فات عن (من ـ خ) الصبي والمجنون ،

______________________________________________________

التتبع كما أشار إليه الشهيد الثاني (١) بحيث يفهم منه كونه معذورا مطلقا

قوله : «وشرط القضاء إلخ» إشارة إلى شرائط وجوب القضاء ولا شك في شرطيّة التكليف اى كون الشخص بالغا عاقلا وقت الفوت ، لا كونه مكلّفا بالصوم ودليله الأصل ، والنقل ، والعقل مؤيد في الجملة.

وكذا اشتراط الإسلام (لأن الإسلام يجبّ ما قبله) (٢) ويدل عليه الخبر أيضا ، بل الإجماع.

ولعل المراد ان الإسلام عن الكفر الأصلي مسقط للقضاء ، لا انّه لا يجب على الكافر حال كفره ، فان الظاهر انه مكلف بالفروع كلها الا ان الإسلام يسقطها ، وليس الإسلام عن الارتداد شرطا ، بل يجب عليه قضاء زمان ردّته بعد الرجوع أيضا ولا فرق بين الفطرية والملية.

ولعل دليلهم عدم الدليل على السقوط مع عموم أدلة القضاء وعدم ظهور شمول ، مثل الإسلام يجبّ ما قبله.

__________________

(١) في المسالك

(٢) مصباح المسند (للثقة الشيخ قوام القمي الوشنوي الإمامي دامت إفاداته) نقلا عن مسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ٢٠٥ مسندا عن ابى شماسة (ولفظ الحديث هكذا) قال : ان عمرو بن العاص قال : لما القى الله عز وجل في قلبي الإسلام قال : أتيت النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ليبايعني فبسط يده الىّ ، فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، قال : فقال لي : رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : يا عمرو اما علمت ان الهجرة يجب ما قبلها من الذنوب ، اما علمت أن الإسلام يجبّ ما كان قبله من الذنوب وعن ص ١٩٩ وفيه قال صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : بايع فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله ، وان الهجرة يجبّ ما كان

٢٥٣

والمغمى عليه

______________________________________________________

ولعله نقل الإجماع أيضا على ذلك ، ولهذا قال : (١) (ولا الكافر الأصلي ، ويجب القضاء على المرتد).

قوله : «والمغمى عليه» اى لا يجب عليه القضاء لفقد الشرط وهو العقل.

ويدل عليه أيضا صحيحة أيوب بن نوح (الثقة) قال : كتبت الى ابى الحسن عليه السّلام عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضى ما فاته أم لا؟ فكتب عليه السّلام : لا يقضى الصوم ولا يقضي الصلاة (٢).

ومثله مكاتبة على بن محمد القاشاني (٣) ، ومثلها صحيحة على بن مهزيار الا انه قال : سألته (٤) بالضمير ، ومعلوم أنه الإمام عليه السّلام.

ويدل عليه قوله عليه السّلام : فكتب عليه السّلام : لا يقضى الصوم مع عدم المعارض نعم يدلّ على قضاء الصلاة بعض الاخبار ، وقد مرّ في بحثها.

ويشعر بالفرق بينها وبين الصوم ما في صحيحة رفاعة (الثقة) : يقضيها كلها لأنّ أمر الصلاة شديد (٥).

__________________

قبلها وعن اسد الغابة (ج ٥ ص ٥٤) قال : وروى محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كنت جالسا مع رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم منصرفة من الجعرانة فاطلع هبار بن الأسود من باب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (الى ان قال) : فقال رسول الله صلّى الله عليه (وآله) قد عفوت عنك وقد أحسن الله إليك حيث هداك الله الى الإسلام ، والإسلام يجبّ ما قبله (انتهى)

(١) يعنى فيما يأتي في عبارة المصنف ره

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم وفيه : فكتب عليه السّلام : لا يقضى الصوم ولم يذكر الصلاة

(٤) الوسائل باب ٢٤ مثل حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم

(٥) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب قضاء الصلاة من كتاب الصلاة

٢٥٤

وان لم تسبق منه النيّة ، ولا الكافر الأصلي

ويجب القضاء على المرتدّ ، والحائض ، والنفساء ،

والنائم ،

______________________________________________________

قوله : «وان لم يسبق منه النيّة» إشارة إلى قول من يقول بعدم القضاء ان سبق النيّة كالنائم لوجوبه عليه ، والاجزاء عنه حينئذ

قوله : «ويجب القضاء على المرتد إلخ» الظاهر عدم الخلاف في ذلك كلّه عند الأصحاب.

ويؤيّده في المرتد وجوبه عليه مثلا حال ارتداده وتركه اختيارا فبقي في العهدة.

وفي الحائض الأخبار (١) خصوصا الّذي بيّن فيه عدم القياس بالصلاة ، وقد مرّ مرارا.

والفرق أيضا ، إذ التكليف بقضاء الصلاة شاقّ لتكررها وكثرتها مع تكرّر الحيض في كل شهر كما هو الغالب بخلاف الصوم ، فإنه في السنة شهر واحد ، وهذا بيّن.

والنفساء حائض ، والإجماع حكم بالاتحاد على الظاهر

والظاهر ان النائم مع عدم سبق النيّة يقضى لذلك.

واما مع سبق النيّة فلا يقضى ، للأصل ، مع عدم ما يدلّ على القضاء الذي لا بدّ له من أمر جديد ، مع انه نوى وقصد الصوم وما تعمّد في تركه وما أفسده.

على ان النوم غالبا أمر غير اختياري ، وقد يكون ضروريا ، مع انه قريب من المكلّف ، ولهذا قيل : انه مكلّف.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤١ و ٥٠ من أبواب الحيض من كتاب الطهارة وباب ٢٥ من أبواب من يصح منه الصوم

٢٥٥

والساهي.

ولو أسلم الكافر أو أفاق المجنون أو بلغ الصبي قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم ، ولو كان بعده لم يجب.

______________________________________________________

ولانه حصل الغرض من الصوم وهو الإمساك عن المفطرات لله في الجملة ، ولهذا قالوا : بوجوب القضاء لو لم ينو لفوته عنه بالكلّية ، فيبقى في العهدة فيجب القضاء ، لعل الكبرى اجماعيّة (١) فتأمّل.

ويؤيده ما ورد أن نوم الصائم عبادة (٢) ، فلو كان النوم مطلقا موجبا للقضاء ومفسدا لم يكن كذلك ، ففهم منه عدم منع الصائم عن النوم شرعا ، فمن توهم ذلك ارتكب بعيدا ، ويتوهم ذلك من الدروس (٣) ، وليس بمفهوم.

ولعل المراد بالساهي ، الذي يفسد الصوم نسيانا ، وقد مرّ عدم الفساد به وصحة صومه فلا قضاء.

ويمكن ان يراد به الغافل عنه في تمام النهار بعد نيّته ليلا فيكون مثل النائم ، واما لو لم ينو أصلا نسيانا حتى تجاوز محلّه ، فيمكن وجوب القضاء عليه ، لما قلناه في النائم من الفوت عنه والبقاء في العهدة ، مع احتمال العدم ، للأصل وعدم (لعدم ـ خ) ظهور كون ذلك موجبا ، مع كون القضاء بأمر جديد ، والاحتياط ظاهر.

قوله : «ولو أسلم الكافر إلخ» قد مرّ (٤) ذلك كلّه.

__________________

(١) يحتمل ان يكون مراده قده بالكبرى أن كل ما فات عنه يجب قضائه ، ويحتمل ان يكون المراد : كل ما يبقى في العهدة يجب قضائه

(٢) الوسائل باب ١٨ قطعة من حديث طويل معروف بالخطبة الشعبانيّة من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) عبارة الدروس ص ٧٥ هكذا : والنائم بحكم الصائم مع سبق النيّة وانتباهه قبل الزوال وتجديدها ، ولو نام أياما قضى ما لم ينو له ، وفي المبسوط يصح كلّها مع سبق النيّة بناء على اجزاء النيّة للأيّام (انتهى)

(٤) عند قوله قدس سرّه : الثاني المريض إلخ وقوله قده : وما رأيت تفصيلا في غيرها من الكافر إلخ فراجع

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدلّ على عدم الوجوب على الكافر إذا أسلم في أثناء النهار ـ مع ما مرّ من الأصل وفقد شرط صومه الذي هو انما يكون في تمام النهار وغير ذلك ـ صحيحة العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيّام هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال : ليس عليهم قضاء ، ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلّا ان يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر (١).

وهذه مؤيّدة للفرق بين الكفر وعدم العقل والحيض ، وبين السفر والمرض بما مرّ فتأمّل

والاخبار ـ على عدم وجوب القضاء على الكافر بعد الإسلام إلّا الأيام التي أسلم وترك ـ كثيرة.

والعقل يساعده ، والخبر المشهور (الإسلام يجبّ ما قبله) (٢) يكفى مع الاتفاق على مضمونه من العامّة والخاصّة على الظاهر.

ولكن خبر الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أسلم بعد ما دخل في شهر رمضان أيّاما فقال : يقضى ما فاته (٣).

يدلّ على وجوب قضاء ما فات منه من صوم الشهر ، ولكنه غير صحيح ، لوجود القاسم بن محمد ـ كأنّه الجوهري الواقفي ـ وابان بن عثمان (٤) وفيه قول.

وحمله الشيخ على ما فاته لعارض ، مرض ونحوه بعد الإسلام أو كان ممن لا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) تقدم ذكر محلّه آنفا عند شرح قول المصنف : وشرط القضاء إلخ فراجع

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن ابان بن عثمان عن الحلبي

٢٥٧

ولو فاته رمضان أو بعضه بمرض ومات في مرضه سقط ،

واستحب لوليه القضاء.

______________________________________________________

يعلم وجوب صوم الشهر عليه.

وهذا يدل على عدم كون الجاهل معذورا في القضاء.

ويؤيّد التأويل (١) بان الفوت انما يقال : إذا كان الشي‌ء فرضا ، ولا فرض على الكافر بالاتفاق.

واعترضه العلامة في المنتهى بأن الصوم كان فرضا على الكافر حال كفره أيضا ، لما ثبت من تكليف الكافر بالفروع عندنا.

والدخل في تأييد التأويل لا يدفع التأويل ، مع انه يمكن ان يراد : الفوت انما يقال على الفرض الذي يكون صحيحا أو مقدورا للفاعل مع تلك الحالة (٢) التي فات فيها ، ولا يقال : فات الفرض على الحائض ، ويمكن الفرق (٣).

ولكن مثل هذا النزاع في مثله هيّن.

ويمكن ان يحمل على الاستحباب أيضا جمعا بين الأدلة ، على انك قد عرفت عدم الصحّة (٤) فلا يصح الاحتجاج بها خصوصا بعد ما مضى.

قوله : «ولو فاته رمضان إلخ» وجه السقوط ظاهر وهو الأصل وعدم الدليل ، مع أنّ القضاء لا بد له من دليل ، وعدم استقرار الوجوب عليه لعدم القدرة ، والمراد به عدم الوجوب ، ويدلّ عليه الاخبار أيضا.

واما دليل استحباب القضاء على الوليّ فكأنه إجماع ، قال في المنتهى : قال

__________________

(١) يعني تأويل الشيخ

(٢) والمفروض انه لا يصح منه ولا يكون قادرا على الصوم حال كفره فلا يصدق الفوت

(٣) يعنى يمكن الفرق بين الكافر والحائض

(٤) يعنى سندا بوجود الجوهري وابان بن عثمان

٢٥٨

ولو استمرّ مرضه (الى رمضان ـ خ) آخر سقط الأوّل ،

وكفّر عن كل يوم (منه ـ خ) بمدّ.

ولو برء بينهما وترك القضاء تهاونا قضى الأوّل وكفّر ،

______________________________________________________

أصحابنا : انه يستحب القضاء عنه وهو حسن لأنّه طاعة فعلت عن الميّت فوصل اليه ثوابها.

فيه تأمّل ، لأن فعل طاعته عن الميّت خصوصا مع عدم استحبابها ولا وجوبها عليه في محلّ الفوت ، بل كانت محرّمة تحتاج الى دليل.

لعلّ له دليلا على ذلك ، إذ المراد فعل الطاعة وجعل ثوابها له ، مثل الصلوات والتصدقات والزيارات ، لما ثبت عندهم من وصول ثوابها اليه مطلقا.

واما لو استمرّ المرض حتى اتصل برمضان آخر بحيث ما حصل له زمان يمكن صوم جميع ما تقدم فوته ، سواء أمكن له البعض أم لا ، وسواء كان فاته الكل أو البعض ،

فقالوا : لا قضاء لذلك عند الأصحاب لما مرّ.

ولكن تجب الكفارة ويستحب القضاء ، لصحيحة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أفطر شيئا من رمضان في عذر ، ثم أدرك رمضان آخر وهو مريض فليتصدق ، بمدّ لكلّ يوم ، فأما أنا فإنّي صمت وتصدقت (١) ودلالتها عليهما (٢) واضحة.

ويدل على وجوب الكفارة حسنة محمّد بن مسلم وصحيحة زرارة أيضا وستسمعهما وغيرهما أيضا.

واما إذا برء بمقدار زمان يمكنه الصوم ولم يصم سواء ما صام أصلا أو صام

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعنى على وجوب الكفارة واستحباب القضاء

٢٥٩

وان لم يتهاون قضى لغير كفارة

______________________________________________________

بعضها وبقي البعض فالمشهور ما ذكره المصنف من وجوب القضاء والكفارة على المتهاون اى غير العازم على القضاء ، سواء كان عازما على عدمه أم لا.

والقضاء فقط على العازم الّا انه كان يؤخّر لكونه جائزا له ذلك ثم حصل له مانع من الصوم حيث ما كان متوقعا مثل المرض.

ويمكن كون السفر الضروري والنسيان وما يعدّ عذرا لا مقصرا فيه كذلك.

وقيل بوجوب القضاء فقط مطلقا ، وقيل : بالفدية معه مطلقا.

ومنشأ الخلاف اختلاف الأخبار.

ويدل على الأخير صحيحة زرارة وحسنته ـ لإبراهيم ـ عن ابى جعفر عليه السّلام في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض ولا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : يتصدق عن الأوّل ويصوم الثاني ، فإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا ويتصدّق عن الأول (١) وصحيحة أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل. عليه من شهر رمضان طائفة ، ثم أدركه شهر رمضان قابل ، فقال : (ان كان صحّ فيما بين ذلك ثم لم يقضه حتى أدركه شهر رمضان قابل فإنّ ـ يب) عليه ان يصوم وان يطعم كلّ يوم مسكينا ، فان كان مريضا فيما بين ذلك حتى يدركه (أدركه ـ خ) شهر رمضان قابل فليس عليه الّا الصيام ان صح ، وان تتابع المرض عليه فلم يصح فعليه ان يطعم لكل يوم مسكينا (٢).

وهذه عامة في ذوي الأعذار مطلقا على الظاهر ، فتأمّل.

ولعلّ مستند الثاني رواية سعد بن سعد ، عن رجل ، عن ابى الحسن

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٦٠