مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل على عدم جوازه في السفر ما مرّ.

وخبر عقبة بن خالد ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل مرض في شهر رمضان فلما برء أراد الحجّ كيف يصنع بقضاء الصّوم ، قال : إذا رجع فليصمه (فليقضه ـ خ ل) (١).

(فما) ورد في التفريق بين يومين وخمسة أيام ، وانه ليس له أن يصوم أكثر من ستة أيّام في رواية عمار الساباطي (٢) ، (حمله) الشيخ على الجواز مع عدم صحّة السند ومنافاته للأكثر والأصح ومنع المسارعة (٣) إلى الخيرات المرغوبة في الكتاب والسنة. وكذا حمل ما روى في المنع عن قضائه في ذي الحجّة على قضائه سفرا بقرينة ما تقدم في خبر عقبة مع عدم صحّة السند والمعارضة بما تقدم من التصريح بالجواز فيه في الصحيحة وغيرها.

وهي رواية غياث بن إبراهيم عن ابى جعفر عن أبيه عن على عليهم السّلام ، قال : قال علىّ عليه السّلام ـ في قضاء شهر رمضان ـ ان كان لا يقدر على سرده فرّقه وقال : لا يقضى شهر رمضان في عشر ذي الحجّة (٤).

ويمكن حملها على الكراهة ـ لاستلزامه ترك التتابع الذي هو أفضل كما عرفت ـ على بعد ، وعلى التحريم باعتبار العشر كلّه ، وهذه محمولة أيضا على الاستحباب والفضل باعتبار قوله : وان كان لا يقدر إلخ.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) يعنى ان التفريق مانع عن المسارعة إلى الخيرات إلخ

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٨١

«المطلب الثالث في شهر رمضان»

وهو واجب بأصل الشرع على جامع الشرائط.

ويصح من المميّز والنائم مع سبق النيّة ، ولو استمرّ نومه من الليل قبل النيّة إلى الزوال قضى.

______________________________________________________

«المطلب الثالث في شهر رمضان»

قوله : «ويصحّ من المميّز إلخ»

وهذه العبارة صريحة كغيرها من عباراتهم في صحّة صوم المميّز على ما قلناه من صحّة العبادة التمرينيّة ، فالحكم بعدم صحّة وضوء المميّز وصلاته غير ظاهر ، وقد مرت الإشارة إليه مرارا.

ويدل على صحّة صوم النائم مع سبق النيّة ـ بعد الإجماع ـ (لكل امرء ما نوى) (١) وصدق الإمساك مع النيّة فيخرج عن العهدة ، واشتراط كونه مكلّفا في

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١١ من أبواب وجوب الصوم ونيّته وصدره : إنما الأعمال بالنيّات

٢٨٢

ومن المستحاضة إذا فعلت الأغسال ان وجبت ،

فإن أخلّت حينئذ قضت

______________________________________________________

وقت الإمساك غير مسلم ، ولو سلّم فجوابه أنّ المراد بالصحّة عدم وجوب القضاء وحصول الثواب بنيّته ، لا أنّه فعل المأمور به في وقته مكلفا به.

ويؤيّدها ما روى في الفقيه : قال الصادق عليه السّلام : نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح (١).

وممّا تقدّم ، ـ من اشتراط الصوم بالنيّة ووجوب قضاء ما فات ـ يفهم وجوب القضاء مع عدم النيّة والاستمرار

وبالحقيقة سبب القضاء هو ترك النيّة ، ولهذا لو كان حينئذ غير نائم أيضا لكان كذلك وكأنه لا خلاف فيه بناء على اشتراطه.

وصحته من المستحاضة التي تجب عليها الأغسال مع فعلها ظاهرة ، ولا يعقد الخلاف وان كان ظاهر كلام المفيد يفيد الاشتراط بجميع ما يجب عليها على نقل عنه.

والظاهر أنّ ترك الوضوء لا يضرّ وان قلنا بوجوبه معه ، للأصل وعدم دليل على اشتراطه به ، وكذا على اشتراط صحّة الغسل.

وأما إن أخلّت بالجميع فوجوب القضاء غير بعيد ، لما مرّ في صحيحة على بن مهزيار (٢) مع ما فيها

واما لو تركت البعض فغير ظاهر الدّليل الّا ان يكون إجماعا ، وهو غير ظاهر ، والرواية (٣) لا تدلّ عليه.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٧ من أبواب الصوم المندوب وتمامه : وعمله متقبل ودعائه مستجاب

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعني صحيحة على بن مهزيار

٢٨٣

وكذا البحث في غير رمضان.

ولو أصبح جنبا فيه أو في المعيّن تمّم صومه.

______________________________________________________

ولا ينبغي التردّد في عدم وجوب قضاء صوم النهار المتقدم بترك الغسل اللّيلي.

ويمكن أن يؤثر تركه في الصّوم الآتي ، ولا دليل عليه أيضا ،.

ولا يبعد التيمّم على تقدير اشتراط الغسل فتأمّل.

قوله : «وكذا البحث في غير شهر رمضان» يحتمل التشبيه في جميع ما تقدم ، كما هو الظاهر ، وفي حكم المستحاضة فقط كما قيل ، وعلى كلا التقديرين دليل إلحاقها في غير شهر رمضان به غير واضح ، فإن صحيحة على بن مهزيار مخصوصة بشهر رمضان فتأمل وقد مرّ

قوله : «ولو أصبح جنبا فيه إلخ» يعني لو أجنب ليلا وأصبح كذلك ـ مع عدم العلم بالجنابة أو مع العلم بالنوم بنيّة الغسل ولم ينتبه حتى يدركه الفجر ، ولا يبعد شموله لمن أصبح جنبا مع تعذر الغسل ، لكن الأولى حينئذ التيمم ـ صحّ صومه في شهر رمضان وفي المعيّن بنذر ونحوه أيضا وقد مرّ دليله.

والأصل أيضا دليل مع عدم ظهور المعارض.

والظاهر أنّه لا خلاف في شهر رمضان والمعيّن ، واما في غيره كالنذر المطلق والقضاء فلا ينعقد ، فلا يجب الإتمام ، بل يمكن عدم الجواز

والدليل في قضاء شهر رمضان ، صحيحة عبد الله بن سنان قال : كتب أبي الى ابى عبد الله عليه السّلام وكان يقضى شهر رمضان ، وقال : انّى أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر فأجابه عليه السّلام : لا تصم هذا اليوم وصم غدا (١).

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

٢٨٤

وفي غيره لا ينعقد.

______________________________________________________

في دلالتها على الجاهل بالجنابة حتى طلع الفجر ، خفاء فافهم.

ورواية سماعة الآتية (١).

واما غيره (٢) فما اذكر فيه شيئا إلّا ما في رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر ، فقال : عليه أن يتم صومه ويقضى يوما آخر ، قلت : إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان ، قال : فيأكل يومه ذلك فليقض ، فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور (٣) من قوله عليه السّلام (٤) : لا يشبه إلخ.

مع ما في سندها ودلالتها وعدم ظهور الحكم الأوّل (٥) فيها الّا ان يقيّد بعدم نيّة الغسل وحينئذ ينبغي القضاء والكفارة أيضا عندهم.

وهذه مؤيّدة بعدم الكفارة فتأمّل فالحكم في الكل (٦) مشكل ولو في القضاء إذا صار مضيّقا لقرب شهر رمضان

__________________

(١) تأتى بعيد هذا

(٢) يعنى الدليل في غير قضاء شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) متعلق بقوله قدّس سره : ما في رواية عثمان بن عيسى إلخ والمراد ان محل الاستدلال من قوله عليه السّلام : لا يشبه رمضان إلخ فإنّه يدلّ على عدم اعتبار ما يعتبر في غير صوم شهر رمضان الا ما خرج بالدليل ، ولكن ضعف السند والدلالة مانع عن الاستدلال

(٥) يعنى بالحكم الأول قوله عليه السّلام : عليه أن يتم صومه ويقضى يوما آخر فإنه لو فرض عدم استيقاظه قبل الفجر فاللازم الحكم بالصحة وعدم القضاء

(٦) اما في القضاء فللتقييد بالعلم ، وامّا في غيره فكذلك مع عدم دلالة (لا يشبهه) على كون جميع الصيام الغير المعيّن يبطل بالجنابة ليلا وعدم الغسل ودلالتها على عدم كون المعيّن كرمضان وهو خلاف المطلوب (منه رحمه الله)

٢٨٥

ومن المريض إذا لم يتضرر به.

ويعلم رمضان برؤية الهلال ،

______________________________________________________

وكذا النذر المطلق خصوصا إذا تضيّق ، والكفارات خصوصا مع اشتراط التتابع والحكم بقضاء الصوم وإتمام ما فيه أو إفساده مع عدم قطع التتابع في الكفارة ليس له دليل واضح

وتخصيص الكفارة فقط بالإلحاق إلى شهر رمضان دون غيره ، يحتاج الى دليل ، كأنّه الأصل ، والخروج عن عهدة الواجب بالأمر بها مع التعيين وعدم جواز القطع كما في الصوم المعيّن دون غيرهما.

وهذا على تقدير تسليمه ، انما يتمّ مع فوريّة الكفارة ، وليست بواضحة.

قال في الدروس وهي غير فوريّة خصوصا إذا كان حق الله وعدم جواز القطع بعد الشروع.

وهو أيضا غير واضح وان كان غير بعيد للنهى عن بطلان العمل (١) وغيره ، مع أنها قد تكون غيرها أيضا بهذه المناسبة كما أشرنا إليه. فتخصيص الكفارة بالانعقاد يحتاج الى مخصّص الا ان يقول بغيرها أيضا حينئذ

قوله : «ومن المريض» عطف على المميّز اى يصح صوم شهر رمضان بل مطلقا من المريض «إذا لم يتضرر» بسبب الصوم وقد مرّ دليله ، وهو الأصل وأدلة الصوم مع تقييد الأصحاب المريض في الآية بما يحصل معه الضرر كما في التيمم ، للاخبار والإجماع ، والعطف مؤيد لإرادة المعنى الحقيقي من الصحّة في المميّز أيضا فافهم

قوله : «ويعلم رمضان إلخ» إشارة إلى العلامات التي عيّنها الشارع

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٨ و ٢٠ من أبواب من يصح منه الصوم

٢٨٦

وبشياعه ،

______________________________________________________

للعلم برمضان ، لتوقف الصوم عليه.

وهي أقسام (الأول) الرؤية بنفسه ، ولا شك في اعتبارها عندنا لانه يحصل الضروري بدخول وقت ما يكلّف به ، ولا شي‌ء فوق ذلك.

والاخبار (١) الصحيحة الصريحة الدالة على ان الصوم للرؤية والفطر كذلك ، دالّة عليه.

وبخصوصه صحيحة على بن جعفر ، قال في الفقيه : سأل على بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السّلام عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده ولا يبصره غيره إله أن يصوم؟ قال : إذا لم يشك فليفطر ، والا فليصم (٢) (الثاني) الشياع ، ولا شك في أتباعه لو كان بحيث يفيد العلم كما قاله في المنتهى ٥٩٠ : ولو راى في البلد رؤية شائعة وذاع (شاع ـ خ) بين الناس الهلال وجب الصيام بلا خلاف لانه نوع تواتر يفيد العلم (انتهى) اما لو لم يفد ، بل يفيد الظن ، فإذا غلب بحيث صار احتمال العدم بعيدا جدّا ولا يحصل ما يقرّر العلم العادي ، فلا يبعد الاتباع أيضا.

وكأنّ في صحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن هلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على انه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال : نعم (٣)

اشعارا به حيث علّم الحكم بدخول الشهر حينئذ من غير ان يشترط العدالة في القوم ، بل اكتفى بأنهم قد اتفقوا على الرؤية حتى حكموا بأنه لليلتين ، وقال : يجوز ذلك اى جعله من الشهر لا جعله لليلتين ، وما شرط علمه ، بل اكتفى

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بقوله عليه السّلام : (إذا رآه القوم).

ولا شك في جريان العرف في القول بأنه رآى القوم إذا حصل له ما قلناه ، واما دون ذلك فالظاهر ، العدم لثبوت العمل باليقين والأصل عقلا ونقلا في الاخبار الّا بدليل شرعيّ خصوصا في مسألة الرؤية ، فان في بعض الروايات : (إيّاك ان تخرج عن اليقين) (١).

وفي أخرى عنه عليه السّلام : (ومن ادخل يوما من شهر رمضان فيه فلم يؤمن بالله ولا بي (٢).

ونفى الاعتبار بخمسين في الاخبار ، مثل ما في آخر صحيحة محمد بن مسلم : (وزاد حماد : وليس أن يقول رجل هو ذا هو ، لا أعلم إلا قال : ولا خمسون (٣) وسيجي‌ء مع غيرها.

والحصر في الاخبار الصحيحة بشهود العدل ، والرؤية في عدّ ثلاثين ، وإيجاب الإكمال في يوم الغيم ، وما يدل على النهي عن العمل بالظن مطلقا في الكتاب (٤) والسنّة.

__________________

(١) لم نعثر على هذه الرواية وان ورد ما هو بهذا المضمون ففي خبر إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام انّه قال : في كتاب على عليه السّلام : صم لرؤيته وأفطر لرؤيته وإيّاك والشك والظن إلخ الوسائل باب ٣ حديث ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ١٦ ذيل حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، ولفظه هكذا : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من الحق في رمضان يوما من غيره متعمدا فليس بمؤمن بالله ولا بي

(٣) الوسائل باب ١١ ذيل حديث ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان ويأتي تمامها بعيد هذا

(٤) اما الكتاب فكقوله تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ) ـ الانعام ١١٦ يونس ـ ٦٦ وقوله عز وجل (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلّا تَخْرُصُونَ) ـ الانعام ـ ١٤٨ وقوله عزّ من قائل (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ـ النجم ـ ٢٨ وغيرها من الآيات الذامة للعمل بالظن ، واما السنة فلاحظ الوسائل باب ١٢ من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء

٢٨٨

وبمضي ثلاثين من شعبان ،

وبشهادة عدلين

______________________________________________________

ولا يمكن الاستدلال على حجيته مطلقا بأنه يفيد الظن مثل الشاهدين ، أو بأنه إذا حصل به الظن الأقوى من الظن الحاصل من الشهود يلزم القول به بالطريق الأولى ـ لأن القياس غير معتبر ، ومفهوم الموافقة موقوف على العلم بعليّة ما يدّعى عليّته ، وبوجوده في الفرع ، وذلك فيما نحن فيه غير ظاهر ، والا يلزم دخول الشياع في جميع ما يدخل البيّنة.

والظاهر انه باطل بالإجماع ، بل بالكتاب والسنة ، والعقل ، إذ يلزم قتل النفس به وثبوت الزنا والرجم وغير ذلك ، ويلزم أيضا ثبوته ، بل سائر الأحكام ، بشهادة النساء إذا أفادت ظنا أقوى مع أنها منفيّة خصوصا هنا كما سيأتي.

والقول بخروجها بالإجماع ونحوه مبطل لكونه مفهوم الموافقة ، إذ لا يمكن ابطال بعض ما ثبت بالمفهوم مع القول به ، وبالأصل وهو ظاهر.

(الثالث) مضى الثلاثين وهذا أيضا موجود في الأخبار الصحيحة ، مثل صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السّلام قال : شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان ، فإذا صمت تسعة وعشرين يوما ثم تغيّمت السّماء فأتّم العدة ثلاثين (١).

والظاهر عدم الخلاف فيه ، إذ لا يمكن الشهر الهلالي أكثر منه كما تشهد به التجربة وعلم الهيئة.

(الرابع) شهادة العدلين مطلقا ، ودليله ـ بعد اعتبارها في الشرع في أعظم من هذا مثل قتل نفس ، وإثبات جميع حقوق الناس والفروج بها ، بالكتاب (٢)

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) البقرة ـ ٢٨٢ المائدة ـ ١٠٦

٢٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والسنة ، والإجماع ـ روايات ، مثل صحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام انّه سئل عن الأهلّة ، فقال : هي أهلّة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر ، قلت : أرأيت ان كان الشهر تسعة وعشرين يوما اقضى ذلك اليوم؟ فقال : لا الّا ان يشهد لك بيّنة عدول ، فان شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم (١).

وفيها دلالة ظاهرة على العمل برؤيته والعمل بالشهود العدل من غير احتياج الى ثبوتها عند الحاكم كما يشترط في بعض المسائل على ما قالوا.

وظاهر أيضا أنّ المراد ب (بيّنة عدول) هو الاثنان وما فوق لأنها صارت كالحقيقة الشرعيّة في هذا.

ويؤيّده صحيحة منصور بن حازم ـ الثقة ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال : صم لرؤية الهلال ، وأفطر لرؤيته ، فإن شهد فيكم شاهدان مرضيّان بأنهما رأياه فاقضه (٢) وهذا أظهر في المطلوب من الأوّل.

وصحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قال على عليه السّلام : لا يقبل شهادة النساء في الهلال إلّا شهادة رجلين (٣)

والظاهر ان الاستثناء منقطع ، وان المراد بالرجلين (عدلان) (٤) وهو ظاهر ومفهوم ممّا سبق.

ويؤيده صحيحة الحلبي ـ في الفقيه وغيره ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام ان

__________________

(١) أورد صدره في الوسائل باب ٣ حديث ٧ وذيله باب ٥ حديث ٩ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٤) ظاهر هذا الكلام من الشارح قده ان النسخة التي كانت عنده قدّس سره من التهذيب لم تكن فيها لفظة (عدلين) والا فهذه اللفظة موجودة في النسخ التي عندنا

٢٩٠

مطلقا على رأى.

______________________________________________________

عليّا عليه السّلام كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال إلّا شهادة رجلين عدلين (١)

وقوله : «مطلقا» اى سواء كان في السماء غيم أم لا ، وسواء كانا من خارج البلد أم لا.

وقوله : «على رأى» إشارة إلى خلاف الشيخ في كتابي الاخبار وغيرهما ، أنه إذا لم يكن في السماء غيم فلا يقبل أقل من خمسين رجلا عدد القسامة ، ومعه لا يقبل الّا رجلين من خارج البلد ، وهو مذهب بعض (قول ـ خ) العامّة.

ويدل عليه روايات (منها) صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي ولا بالتظني ، ولكن بالرؤية ، والرؤية ليس أن يقوم عشرة فنظروا فيقول : واحد منهم : هو ذا هو وينظر تسعة فلا يرونه ، إذا رآه واحد رآه (عشرة وألف) (٢) ، وإذا كانت علّة ، فأتم شعبان ثلاثين ، وزاد حماد فيه : وليس ان يقول رجل : هو ذا هو ، لا أعلم إلا قال : ولا خمسون (٣).

وصحيحة أبي أيوب الخزاز إبراهيم بن عثمان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : كم يجزى في رؤية الهلال؟ فقال : إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض الله ، فلا تؤدّوا بالتظني ، وليس رؤية الهلال ان يقوم عدّة فيقول واحد : قد رأيته ، ويقول الآخرون لم نره ، وإذا رآه واحد رآه مأة ، وإذا رآه مأة رآه

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) عشرة آلاف خ ئل (رآه ألف ـ خ كا)

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان واعلم أن من قوله عليه السّلام : وإذا كانت علّة إلى آخر الحديث ليس منقولا في الكافي

٢٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ألف ، ولا يجزى في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علّة أقلّ من شهادة خمسين ، وإذا كانت في السماء علّة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر (١) وقريب منها رواية الحبيب الخزاعي (٢) (الخثعمي خ) ـ (الجماعي ـ خ)

وهذه (٣) صريحة في نفى العمل بما يفيد الظن في الهلال ، وقد مرّ ، بل في مطلق الفريضة

وكأنّ الشيخ حمل ما في صحيحة منصور وغيرها من الأخبار الدّالّة على سماع العدلين مطلقا على الغيم ، وكونها من خارج البلد لهاتين (٤).

ويمكن أن يقال انّ ما تقدم ـ من عموم ثبوت سماعهما في الأعظم (٥) بالثلاثة ، بل بالعقل أيضا والا يلزم تعطيل أكثر الأحكام المنافي للحكمة ـ يدل على تقديم مدلول الأول ، ويؤيّده الشهرة العظيمة بين الطائفة.

ويبعد حمل هذه الاخبار الصحيحة الكثيرة على أمر نادر (٦) لا يكاد ان يقع مع عدم صحّة الأخيرة وعدم وضوح صحّة ما زاد حماد ، إذ لم يعلم نقل محمد بالطريق المذكور (٧) ذلك ، ولا الإسناد إلى حماد ونقله عمن؟ واشتماله على نفى

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١٣ من أبواب أحكام شهر رمضان وليعلم ان كونها قريب منها من قوله (ع) : ولا يجزى في رؤية الهلال إلخ فلاحظ الوسائل

(٣) يعني صحيحة أبي أيوب وما هو قريب منها

(٤) يعني لصحيحة محمد بن مسلم وصحيحة أبي أيوب الخزاز

(٥) يعنى ما هو أعظم من الصوم من مثل القتل وحقوق الناس والفروج بالأدلة الثلاثة ، الكتاب والسنة والإجماع

(٦) وهو فرض وجود الغيم

(٧) وطريق الحديث كما في التهذيب هكذا : على بن مهزيار ، عن محمد بن ابى عمير ، عن (ابى خ) أيوب عن محمد بن مسلم ، وفي الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن على بن الحكم عن أبي أيّوب

٢٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

خمسين مع قوله به

ومنع المصنف في المنتهى صحّة خبر أبي أيوب أيضا كأنه لوجود يونس بن عبد الرحمن (١) ، وفيه قول خصوصا إذا كان منفردا بالنقل فإنه هو الناقل أيضا في خبر الحبيب (٢)

ولو سلّمت الصحّة (٣) كما هو الظاهر ، لقبول يونس وتوثيقه ، فيقال : حمل تلك (٤) مع كثرتها وصحتها ـ من غير كلام والتأييد بما مرّ ـ على هذه ، ليس بأقرب من حمل هذه (٥) على التقية ، (أو) مع ظن الخطاء لبعد ان يشهد دون الخمسين بالرؤية مع كثرة الناظرين سليمى الحاسّة معهم أو في موضع آخر ، (أو) على ان لا يقبل بالنسبة إلى الحاضرين والناظرين لا مطلقا ، ويحمل دون الخمسين على عدم العدول.

بل هذا (٦) الحمل أقرب ، إذ يلزم اطراح القول بشهادة العدلين بحمل اخباره على الغيم مع كونه من خارج البلد مع ان ظاهر تلك الأخبار ، بل صريحها مناف لمضمون الأخيرين ، الذي هو مذهب الشيخ فتأمل.

__________________

الخزاز عن محمد بن مسلم

(١) وسنده كما في التهذيب هكذا : سعد عن العباس بن موسى ، عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز

(٢) سند خبر الحبيب كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حبيب الخزاعي (القناعى خ ـ الجماعي ـ خ)

(٣) يعنى لو سلمت صحة ما دل على عدم سماع شهادة خمسين

(٤) اى الأخبار الأوّلة الدالة على سماع الشاهدين

(٥) يعني الأخبار الدالة على عدم سماع خمسين

(٦) يعنى الحمل على احد الأمور الثلاثة المذكورة من التقية أو ظن الخطاء أو بالنسبة إلى الحاضرين

٢٩٣

والمتقاربة كبغداد والكوفة متحدة بخلاف المتباعدة.

______________________________________________________

قوله : «والمتقاربة كبغداد والكوفة إلخ» ينبغي ان يراد بالمتقاربة ما لا يختلف في المطالع والمغارب كما قال في المنتهى ٥٩٠ : وقال الشيخ : ان كانت البلاد متقاربة لا يختلف في المطالع كبغداد والبصرة كان حكمها واحدا ، وان تباعدت كبغداد ومصر كان لكلّ بلد حكم نفسه ان كان بينهما هذه المسافة (انتهى).

ووجهه ظاهر بعد الفرض ، لأنه إذا نظر وما رآى في هذا البلد ورآى في بلد آخر يصدق عليه أنّه ما رآى فيفطر ، لصدق الأدلة المفيدة أنه ليس من الشهر في هذا البلد فلا تنفع الرّؤية في بلد آخر لأهل هذا البلد ، ولا يستلزم الصدق.

مع أنه علم بالفرض من مخالفته المطالع عدم استلزام إمكان الرؤية هنا ، بل قد يكون ممتنعا ، فلو لم يكن يلتفت اليه ، قد يلزم صوم أقل من تسعة وعشرين يوما.

وبالجملة ينبغي النظر اليه كما في أوقات الصلاة ، فإن طلوع الفجر في بلد ، لا يستلزم إيجاب صلاة الفجر في بلد لم يطلع وان علم ذلك بالدليل أو بالشهود انه قد طلع الفجر هناك هذا الوقت.

فقول (١) المصنف ـ في المنتهى : بعدم الفرق ـ بعد الرؤية في بلد مّا ، في إيجاب الصوم والإفطار ـ بين المتقاربة والمتباعدة بدليل ثبوته بالرؤية في بلد ، وبالشهود في آخر فيصدق عليه انه شهد الشهر فيجب عليه الصوم أو الإفطار بالآية (٢) والاخبار المتقدمة الدالة على وجوبهما بهما وقد صدق هنا.

بعيد ، لما مر ، ولان الظاهر ان المراد بمن شهد الشهر أنهم رأوا في البلد الذي

__________________

(١) مبتدا وخبره قوله قده : بعيد

(٢) مثل قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ـ البقرة ١٨٥

٢٩٤

فلو سافر قبل (بعد ـ خ) الرؤية ولم ير ليلة احدى وثلاثين صام معهم وبالعكس يفطر التاسع والعشرين.

ولو اشتبه شعبان عدّ رجب ثلاثين.

ولو غمت الشهور أجمع فالأولى العمل بالعدد.

______________________________________________________

هم فيه كما هو المتبادر ، ولو لم يكن ظاهرا نحملها عليه ، لما مرّ قد يحصل العلم بعدم إمكان الرّؤية في هذا البلد ولزوم صوم أقل من تسعة وعشرين يوما وكأنّ لهذا رجع المصنف في سائر كتبه.

واما المسألة المتفرّعة (١) على هذا القول فظاهرة.

قوله : «ولو اشتبه شعبان إلخ» كون عدّ رجب ثلاثين ، وكذا شعبان ظاهر ، لأن الأصل والاستصحاب يقتضي عدم الخروج عن الشهر الأوّل حتى يعلم ، ولا يعلم الا بالعدّ ثلاثين.

وأيضا يدل عليه ما في الاخبار (٢) والآية (٣) من الأمر بإكمال العدّة ثلاثين والتمام ، وهو بألفاظ مختلفة مثل إياك والخروج عن اليقين (٤)

قوله : «ولو غمّت الشهور أجمع فالأولى العمل بالعدد» اى العمل بالحساب بعد غيم الشهور كلّها ، بان يعد خمسة أيام من السنة الماضية ، مثلا لو كان أوّل شهر رمضان السنة الماضية ، يوم الاثنين ، يكون الجمعة أوّله في هذه السنة.

فدليله إنّ هذا طريق الى معرفته وقد تعذّر غيره فتعيّن ذلك ، وكونه طريقا

__________________

(١) مثل قول المصنف : فلو سافر قبل الرؤية إلخ

(٢) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) مثل قوله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) ـ البقرة ـ ١٨٥

(٤) قد مرّ آنفا عدم العثور على هذا الحديث بهذا اللفظ نعم قد ورد : إيّاك والشك والظن ـ الوسائل باب ٣ حديث ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

يعلم من حساب الشهور والسنة ، فان التفاوت يكون ذلك المقدار غالبا.

ويؤيده خبر عمران الزعفراني ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : تطبق السماء علينا بالعراق ، اليوم واليومين والثلاثة ، فأيّ يوم نصوم؟ قال : انظروا اليوم الذي صمت من السنة الماضية ، وصم يوم الخامس (١) ، ولكن كون الغالب ذلك غير معلوم ، والخبر ضعيف السند.

ويؤيد الترك (٢) أنّه لو كان هذا الحكم صحيحا كان الواجب العمل به دائما ، سواء كان مع الغيم أم لا ، ورمضان وغيره ،

وكأنّه لذلك حمله الشيخ على الصوم من شعبان ، فكأنه يصير مثل يوم الشك فيصومه على انه من شعبان ، فان كان من الشهر كتب له ويوم وفق له والا حسب له نافلة (٣)

فلا ينبغي الخروج من الأمر بإكمال الشهر المستفاد من الآية والأخبار الصحيحة مؤيدا بالاستصحاب والأصل مع تعيين شغل الذمة بأمثال هذه.

مع ان الشيخ والعلامة ادعيا ثبوت أخبار دالّة على حصر العلامة بين الرؤية ومضى ثلاثين ، بل ادعى الشيخ ذلك في ظاهر القرآن أيضا كما سيجي‌ء.

وكأنه لذلك قال العلّامة في غير هذا بعدم اعتبار العدد ، فيعد الشهور ثلاثين ثلاثين ويكمل العدّة من يوم تحقق دخول الشهر ولا اعتبار بالجدول ، ولا الحساب مطلقا ،

ولا اعتبار بغيبوبته بعد الشفق فلا يحكم بكونه لليلتين ويعمل بمقتضاه ،

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعنى ترك العمل بهذا الخبر

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لما مرّ من دليل العقل والنقل.

وحمل الشيخ خبر إسماعيل بن الحرّ (بحر ـ خ ل) ـ المجهول ـ عن أبى عبد الله عليه السّلام قال : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين (١) ـ على وجود الغيم والعلّة في السماء ، مع عدم ظهور الصحّة والصراحة أيضا لجواز كونه لليلتين في نفس الأمر ، وما نحن نكون مأمورين بالعمل به ، بل بالظاهر.

وكذا قيل : لا اعتبار بالتطوّق المستفاد من صحيحة مرازم ـ الثقة ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث (ليال ـ خ كا) (٢)

وحملها الشيخ على ما حمل (حملت ـ خ) عليه رواية إسماعيل (٣) ، ولا يخلو عن بعد ، وما سبق لا يصلح للتعارض ، إذ لا منافاة بينها وبين الأصل لجواز الخروج عنه بالدليل ، وكذا الخروج عن اليقين ، وكذا الأمر بإكمال العدّة ثلاثين المستفاد من الآية والاخبار الصحيحة ، وكذا العمل بالرواية إذا ثبت علامة أخرى بالدليل.

كما لا منافاة بين الأوّل والثاني ، وكذا الخروج عن الشهرة ، ولهذا عمل بهما الشيخ في الجملة

ولكن الخروج عن ذلك كله بناء على هذا الخبر وحده مشكل ، لما سبق ، ولإعراض أكثر الأصحاب عنه ، وانه قد يرى التطوّق مع الجزم بكونه من ليلته.

وان ما ذكر فيه من الظّل أيضا غير ظاهر ، ولا نعلم قول أحد به وان كان

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان وفيه إسماعيل بن الحسن

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

يفهم العمل في الجملة من حمل الشيخ كما مرّ ، فالعمل بالاحتياط أحسن إن أمكن ، والا فالأوّل قريب مع احتمال الثاني.

ويحتمل الحمل على التقيّة والتطوّق الكثير وغير ذلك الله يعلم ، والمسألة مشكلة.

كالعمل بالرؤية قبل الزوال وبعده ، على ما يدل عليه حسنة حماد بن عثمان ـ لإبراهيم ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال : إذا رأى الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية ، وإذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة (١).

ورواية عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير ، قالا : قال أبو عبد الله عليه السّلام :

إذا رئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال ، وإذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان (٢).

وسند هذه أيضا جيّد (٣) ، إذ ليس فيه من فيه الّا الحسن بن على بن فضال ، والظاهر انه ثقة غير فطحيّ وان قيل : انه فطحيّ.

(فردّهما) ـ مع ذلك وعدم التعارض الصريح بينهما وبين ما تقدم من ظاهر القرآن المستفاد منه الأمر بإكمال الصوم ، وكون الأهلّة مواقيت (٤) وتكميل العدّة (٥) ، والاخبار (٦) الكثيرة الصحيحة الصريحة في اعتبار الإتمام بالثلاثين

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) سنده كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله عن ابى جعفر ، عن ابى طالب عبد الله بن الصلت ، عن الحسن بن على بن الفضال ، عن عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير

(٤) إشارة إلى قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ) ـ البقرة ١٨٩

(٥) إشارة إلى قوله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) إلخ ـ البقرة ١٨٥

(٦) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ورؤية الهلال (مشكل) لعدم صريح المنع عن غيرها وعدم الحصر فيها فلا منافاة إذا ثبت علامة أخرى بدليل.

والظاهر انهما دليلان بعد ثبوت العمل بالخبر الواحد ، فقول (١) الشيخ : فهذان الخبران أيضا ممّا لا يصحّ الاعتراض بهما على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة لأنهما غير معلومين ، وما يكون هذا حكمه لا يجب المصير اليه ، مع انهما لو صحتا لجاز أن يكون المراد بهما إذا شهدا مع رويته قبل الزوال شاهدان من خارج البلد بان ذلك اليوم من شوال مع عدم المانع والعلّة من غيم ونحوه في السماء.

وهذا بناء على مذهبه من عدم العمل بالشاهدين الّا مع الغيم ، وكونهما من خارج ، والّا فلا فائدة في الرّؤية حينئذ ، ولا فرق بين الرؤية قبل الزوال وبعده وقد صرّح به (لا يخلو عن تأمل).

وكذا (٢) قول العلّامة (٣) : فان في طريق الثاني منهما ابن فضال وهو ضعيف ، ومع ذلك فلا يصلحان لمعارضة الأحاديث الكثيرة الدالة على انحصار الطريق في الرؤية ومضى ثلاثين لا غير (انتهى).

لسلامة الأولى ـ كما يفهم من كلامه أيضا ـ (٤).

وعدم ظهور ضعف الحسن ، بل صرّح بعدمه في الخلاصة (٥) وعدم الحديث

__________________

(١) مبتدا وخبره قوله : (لا يخلو عن تأول)

(٢) يعني هذا القول أيضا ضعيف

(٣) يعني في المنتهى ص ٥٩٠

(٤) حيث انه رحمه الله ضعف من تعرض لضعف الاولى منهما ولم يتعرض لحال سند الثانية

(٥) قال في الخلاصة ص ٢٠ الطبعة الأولى : ما هذا لفظه : الحسن بن على بن فضال الشملى بن بكر بن مولى تيم بن تغلبة يكنى أبا محمد روى عن الرضا عليه السّلام وكان خصيصا وكان جليل القدر عظيم المنزلة زاهدا ورعا ثقة في رواياته (انتهى)

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الدال على الحصر ، وانما الموجود الأمر بهما ، فالحصر ليس بصريح ، فلو ثبت غيرهما بدليل شرعيّ يجب اتباعه فلا يعارض ، بل قد يدعى شمول ما يدل على الرّؤية فتأمّل ، بل يجب حمله عليها لوجوب حمل المجمل على المفصل فتأمّل.

ولكن ظهور تلك الاخبار (١) ، في عدم الغير ، لانه لو كان علامة أخرى لذكرت كما هو الغالب.

فتأمل ، فإنه قد يقال : ذكرت في خبر آخر ، ولهذا (٢) ما ذكر الرؤية والثلاثين جمعا في جميع الأخبار.

والأصل (٣) ، وعدم الخروج عن اليقين ، والشهرة حتى قال في المنتهى : وهو مذهب أكثر علمائنا الّا من شذّ منهم لا نعرفه فبالحقيقة لا قائل به يؤيّد الأوّل.

الا انه نقل في المختلف عن السيد المرتضى أنه قال : هذا صحيح مذهبنا ـ اى اعتبار الرؤية قبل الزوال ـ وقال أيضا : انه ادعى السيد أن عليا عليه السّلام وابن مسعود ، وابن عمر ، وانس قالوا به ولا مخالف لهم واختار المصنف فيه (٤) اعتبار الرؤية قبل الزوال للصوم دون الفطر.

وما نجد له دليلا على التفصيل ، نعم ذكر الاحتياط ، وفيه تأمل واضح ، والدليل يقتضي عدم هذا التفصيل ، بل التفصيل بقبليّة الزوال وبعديته ، وهو أعرف.

__________________

(١) اى الاخبار الظاهرة في حصر الهلال بالرؤية ظاهرة في عدم ثبوتها بغير الرؤية

(٢) يعنى مضى الثلاثين أيضا ممّا يثبت به الهلال ومع ذلك لم يذكر في تلك الاخبار فإنه شاهد على عدم ارادة الحصر

(٣) يعنى هذه الأمور أيضا مؤيدة لعدم ثبوت الهلال بالرؤية قبل الزوال بالنسبة إلى الليلة الماضية

(٤) يعني في المختلف

٣٠٠