مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كبرت وضعفت عن الصيام فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيام في كل شهر؟ فقال : يا عقبة تصدق بدرهم عن كل يوم ، قال : قلت : درهم واحد؟ قال : لعلها كثرت عندك وأنت تستقل الدرهم؟ قال : قلت : إنّ نعم الله على لسابغة ، فقال : يا عقبة لإطعام مسلم خير من صيام شهر (١).

وكذا ما يدل على قضائه في الشتاء لو لم يصمه في الصيف ، مثل رواية أبي حمزة ـ كأنه الثمالي ـ قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر أؤخره إلى الشتاء ، ثم أصومها؟ قال : لا بأس بذلك (٢)

وينبغي اختياره في هذه الثلاثة بعينها كما قالوا.

واعلم أنّ أكثر الأخبار تفيد كون الخميس من أوّل الشهر ، والأربعاء من الوسط ، والخميس من الآخر ، وفي البعض تصريح ـ كما مرّ ـ بكون الخميس الأوّل ، والأربعاء الأوّل من العشر الثاني ، والخميس الأخير.

ويدلّ عليه أيضا رواية محمد بن مروان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) : الخميس في أوّل الشهر ، والأربعاء في وسط الشهر ، والخميس في آخر الشهر (٣) ، فتأمّل.

وفي رواية عبد الله بن سنان قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : إذا كان في أوّل الشهر خميسان فصم أوّلهما فإنه أفضل ، وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل (٤) فما في المجمل ومنها : الأربعاء بين الخميسين) (٥) ينبغي

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٣) الوسائل باب ٧ قطعة من حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٥) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب الصوم المندوب ، والحديث هنا منقول بالمعنى فلاحظ الوسائل

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

حمله على هذا المفصل ، مع احتمال التخيير.

وكذا فيما يدل على الأربعاء مطلقا ، مثل حسنة حريز ، قال : قيل لأبي عبد الله عليه السّلام : ما جاء في الصوم يوم الأربعاء؟ فقال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّ الله عز وجلّ خلق النار يوم الأربعاء فأوجب صومه ليتعوّذ به من النار (١).

ويدل على حمله على المذكور ، عدم ذكر الأصحاب استحبابه مطلقا.

ويؤيده رواية ابن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء ، فقال : اما الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال ، واما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار ، واما الصوم فجنّة (٢) وما في الصحيح ، عن إسحاق بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قال : انّما يصام يوم الأربعاء ، لأنّه لم يعذّب أمّة فيما مضى الا يوم الأربعاء وسط الشهر فيستحب أن يصام ذلك اليوم (٣).

ولا يضر كون محمد بن عيسى ، عن إسحاق (٤) ، لما مرّ غير مرّة.

وكذا يمكن التخيير بين ما تقدم وبين الاربعائين ، بينهما خميس خصوصا في الشهر الثاني ، لما دلّ عليه رواية أبي بصير ، قال : سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الشهر ، فقال : في كل عشرة أيّام يوم خميس ، وأربعاء ، وخميس ، والشهر الذي يليه

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢٠ من أبواب الصوم المندوب

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب الصوم المندوب

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٧ من أبواب الصوم المندوب

(٤) هكذا في النسخ كلها مطبوعة ومخطوطة ، والصواب : (محمد بن عيسى عن يونس) فان سند الخبر كما في الكافي هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار

١٨٢

وأيام البيض.

______________________________________________________

أربعاء وخميس وأربعاء (١) ، مع إضماره وضعف سنده.

كرواية إسماعيل بن داود قال : سألت الرضا عليه السّلام عن الصيام ، فقال : ثلاثة أيام في الشهر ، الأربعاء والخميس ، والجمعة ، فقلت : ان أصحابنا يصومون أربعاء بين خميسين ، فقال : لا بأس بذلك ، ولا بأس بخميس بين أربعائين (٢) فيكون الإنسان مخيّرا بين الثلاثة (٣) ، وعليه حملهما (٤) الشيخ ، وقال : الأصل في هذا الصوم النفل والتطوع ، فكيف في ترتيبه.

والظاهر ان الأولى (٥) أولى ، لكثرة الاخبار وأوضحها (٦) والشهرة بين الأصحاب ، ولكن قال في المنتهى : روى ابن بابويه ، عن العالم عليه السّلام أنّه سئل عن خميسين يتفقان في آخر الشهر (العشر ـ خ) فقال : صم الأول فلعلك لا تلحق الثاني (٧).

ويؤيده المسارعة إلى المغفرة ، والجمع أحوط.

واما تأكيد صوم أيام البيض وهي ثالث عشر ، ورابع عشر ، وخامس عشر ، فالترغيب موجود في روايات العامّة (٨).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب الصوم المندوب

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب

(٣) وهي المذكورة في الخبر الأخير (إسماعيل بن داود)

(٤) يعنى حمل خبر ابى بصير وإسماعيل بن داود

(٥) أي الطائفة الأولى الدالة على الأربعاء بين خميسين

(٦) هكذا في النسخ كلّها ، ولعل الأصوب (واوضحيّتها) بدل (أوضحها)

(٧) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

(٨) سنن ابى داود السجستاني (باب صوم الثلاثة من كل شهر) مسندا عن ابن ملحان القيسي ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يأمرنا أن نصوم البيض ، ثلاث عشرة ، واربع عشرة ، وخمس عشرة ، قال : وقال : هن كهيئة الدهر

١٨٣

ويوم الغدير.

والمباهلة.

ومولد النبي صلّى الله عليه وآله ، ومبعثه صلّى الله عليه وآله ، ودحو الأرض

______________________________________________________

وفي رواية الزهري الطويلة : مذكور ومعدود من الصوم الذي صاحبه بالخيار مثل صوم الخميس والجمعة (١).

واما ثواب صوم يوم الغدير ، فهو مذكور في بحث صلاته في التهذيب (٢) ، ولشهرته غنى عن الذكر ، وقد مرّ أيضا في محلّه ذكر صلاته ، وسيجي‌ء ما يدل عليه أيضا.

واما يوم المباهلة فهو على المشهور يوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة ، وقيل : الخامس والعشرين منه ، واستحباب صومه مذكور في المصباح وغيره من الكتب (٣).

واما مولد النبي صلّى الله عليه وآله فهو يوم السابع عشر من ربيع الأول على المشهور بين الأصحاب ، وفي الكافي هو الثاني عشر منه ذكره في بحث التواريخ (٤)

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب ، عن الزهري ، عن على بن الحسين عليهما السّلام قال : واما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار ، فصوم يوم الجمعة والخميس ، والاثنين وصوم يوم البيض

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب

(٣) لم نعثر على نقله في الوسائل ولم نعثر على ذكر صوم يوم المباهلة في المصباح في النسخة التي عندنا من المصباح فراجع ص ٧٠٣ ـ ٧١٢

(٤) قال ره : ولد النبي صلّى الله عليه وآله لاثنى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال وروى أيضا عند طلوع الفجر قبل ان يبعث بأربعين وحملت به امّه في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى وكانت في منزل عبد الله بن عبد المطلب وولدته في شعب ابى طالب في دار محمد بن يوسف

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

يدل على المشهور واستحباب صومه ، ودحو الأرض ، والغدير ، ما رواه الشيخ في كتاب صوم التهذيب ، عن أبي إسحاق قال : وحك (وجد ـ خ) في صدري ما الأيام التي تصام؟ فقصدت مولينا أبا الحسن على بن محمد عليهما السّلام ، وهو بصريّا (١) ولم أبد ذلك لأحد من خلق الله ، فدخلت عليه ، فلما أبصر بي (بصرني ـ خ ل) قال عليه السّلام : يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن؟ وهي الأربعة أوّلهن يوم السابع والعشرين من رجب ، يوم بعث الله تعالى محمدا صلّى الله عليه وآله إلى خلقه رحمة للعالمين ويوم مولده (صلى الله عليه وآله) وهو السابع عشر من شهر ربيع الأوّل ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه دحيت الكعبة ، ويوم الغدير فيه اقام رسول الله صلّى الله عليه وآله أخاه عليا عليه السّلام علما للناس واماما من بعده ، قلت : صدقت ، لذلك قصدت ، أشهد أنك حجة الله على خلقه (٢).

وفي رواية سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام ، قال : بعث الله محمدا صلّى الله عليه وآله رحمة للعالمين في سبعة وعشرين من رجب ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله عز وجل له صيام ستين شهرا ، وفي خمس وعشرين من ذي القعدة وضع البيت ، وهو أوّل رحمة (بيت ـ خ ل) وضعت على وجه الأرض فجعله الله عز وجل مثابة للناس وأمنا ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا (٣).

__________________

في الزاوية القصوى ، عن يسارك وأنت داخل الدار ، وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيرته مسجدا يصلى الناس فيه ـ أصول الكافي ج ١ ص ٤٣٩ باب مولد النبي صلّى الله عليه وآله ووفاته

(١) صريا موضع بقرب المدينة

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٦ وباب ١٤ حديث ٣ وباب ١٥ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٥ وباب ١٦ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

١٨٥

وعرفة ، لمن لا يضعّفه (لا يضعف ـ خ ل) عن الدعاء مع تحقق الهلال ،

______________________________________________________

وروى محمد بن عبد الله الصيقل قال : خرج علينا أبو الحسن يعنى الرضا عليه السّلام بمرو في يوم خمسة وعشرين من ذي القعدة ، فقال : صوموا ، فإني أصبحت صائما ، قلت : جعلنا فداك اى يوم هو؟ قال : يوم نشرت فيه الرحمة ، ودحيت فيه الأرض ، ونصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم عليه السّلام (١).

وروى أيضا ، عن الحسن بن راشد ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له : جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال : نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما ، قال : قلت : واى يوم هو؟ قال : يوم نصب أمير المؤمنين عليه السّلام فيه علما للناس ، قلت : جعلت فداك واىّ يوم هو؟ قال : ان الأيام تدور ، وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة ، قلت : جعلت فداك وما ينبغي لنا ان نصنع فيه؟ قال : تصومه يا حسن وتكثر الصلاة على محمد وآله وتبرء الى الله عز وجلّ ممن ظلمهم حقّهم ، فإن الأنبياء عليهم السّلام كانت تأمر الأوصياء عليهم السّلام اليوم الذي يقام فيه الوصيّ أن يتخذ عيدا ، قال : قلت : فما لمن صامه منا؟ قال : صيام ستين شهرا ، ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب ، فإنه هو اليوم نزلت (أنزلت ـ خ) فيه السورة (النوبة ـ خ) على محمّد صلّى الله عليه وآله ، وثوابه مثل ستين شهرا لكم (٢).

واما تأكيد صوم عرفة ـ مع القيد (٣) والكراهة بدونه ـ فهو مستفاد من الاخبار والجمع بينهما

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ وباب ١٥ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب

(٣) وهو قول المصنف قده : وعرفة لمن لا يضعف عن الدعاء

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا لا يبعد الكراهة مع الشك واحتمال كونه يوم عيد.

تدل على الأوّل صحيحة سليمان بن جعفر الجعفري قال : سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول : كان ابى عليه السّلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف ويأمر بظل مرتفع ، فيضرب له فيغتسل ممّا يبلغ منه (من ـ خ ل) الحرّ (١) وفيها ، الاغتسال للتبرد ، وتحصيل الظل لذلك.

ويمكن كون صومه عليه السّلام في السفر فيدل على رجحان الصوم في السفر.

وعلى الثاني (٢) ، مثل رواية محمد بن قيس ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان (٣).

ويبعد الحمل هنا مع عدم الصحّة والصراحة.

ويدل على الجمع (٤) رواية حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن صوم يوم عرفة ، فقلت : جعلت فداك إنّهم يزعمون أنّه يعدل صوم سنة ، فقال : كان ابى لا يصومه ، قلت : ولم ذاك؟ قال : إنّ يوم عرفة يوم دعاء ومسألة وأتخوّف أن يضعّفني عن الدعاء ، واكره أن أصومه ، وأتخوّف ان يكون يوم عرفة يوم اضحى ، وليس بيوم صوم (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٢) يعني كراهة الصوم مع احتمال كونه يوم عيد

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ من أبواب الصوم المندوب

(٤) يعنى الجمع بين الخبرين المتقدمين

(٥) الوسائل باب ٢٣ حديث ٦ من أبواب الصوم المندوب

١٨٧

وعاشوراء حزنا

______________________________________________________

وأولى منها صحيحة محمد بن مسلم (ولا يضر وجود ابان بن عثمان) (١) عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن صوم عرفة ، قال : من قوى عليه فحسن ان لم يمنعك من الدعاء ، فإنّه يوم دعاء ومسألة فصمه ، وان خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه (٢).

وفيها دلالة على أفضليّة الدعاء من الصوم في الجملة ، فافهم.

وقد ظهر فائدة القيدين (٣) في استحباب صوم عرفة ، لعدم حسن صومه في يوم احتمل العيد ، والضعف ، وعليه يحمل بعض الأخبار العامّة كما مرّ

قوله : «وعاشوراء حزنا» الاخبار في صومه مختلفة ، بعضها يدلّ على استحبابه وان صومه كفّارة سنة (٤).

وان صومه وصوم التاسع يكفر ذنوب سنة (٥) وانه صلّى الله عليه وآله صامه (٦).

وان نوحا على نبيّنا وآله وعليه السّلام أمر بصومه الجنّ والإنس لمّا لزقت سفينته في هذا اليوم على الجودي (٧).

وروى ، عن ابى جعفر عليه السّلام : انه اليوم الذي تاب الله عزّ وجلّ على آدم وحوّاء ، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السّلام على فرعون ، وهذا اليوم ولد فيه إبراهيم عليه السّلام (وسيجي‌ء انه ولد في أوّل ذي الحجّة) ، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس ، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم ، و

__________________

(١) فان سند الخبر كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

(٣) هما عدم حصول الضعف عن الدعاء ، وعدم احتمال كونه يوم العيد

(٤) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٥) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب الصوم المندوب

(٦) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب

(٧) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا اليوم الذي يقوم فيه القائم (١).

وبعضها على كراهته ، بل تحريمه ، مثل انه سنّة آل زياد (٢).

وانه صوم متروك.

وانه لا يصام ولا عرفة بمكة ولا بمصر من الأمصار.

وأنّه صوم ابن مرجانة عليه العذاب واللعنة.

وانه صيام الإعياء إلى قتل الحسين عليه السّلام.

وانّه يوم شؤم يتشأم به أهل الإسلام ولا يصام في مثله ولا يتبرك به وان يوم الاثنين يوم نحس قبض فيه النبي صلّى الله عليه وآله ، فمن صامهما وتبرّك بهما لقي الله عز وجل ممسوخ القلب ، وكان محشره مع الّذين سنّوا صومهما والتبرك بهما.

وان من صامه كان حظه من صومه حظ ابن مرجانة وحظه النار.

ويمكن نسخ الأوّل (٣) ، وحمل الآخر (٤) على صوم التبرك والشكر بوقوع قتله عليه السّلام فيه ، وهو حرام ، بل هو كفر مع العلم (نعوذ بالله منه) لانه بغض ذوي القربى الذين تجب مودتهم بالقرآن والاخبار ، بل من ضروريّات الدين ، وبغضهم كفر.

ويمكن الكراهيّة مع عدم ذلك القصد لكونه سنّة لهم واتصافا بصفاتهم.

وللإشعار بزيّهم ، مثل ما ورد في كراهة الاتصاف بأوصاف اليهود

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

(٢) لاحظ الوسائل لقوله قده : مثل انه سنة (الى قوله قده) : وحظه النار باب ٢١ من أبواب الصوم المندوب

(٣) يعني بالأوّل ما دل على استحباب صوم يوم عاشوراء

(٤) يعنى ما دل على الكراهة

١٨٩

وكل خميس وجمعة

وأوّل ذي الحجّة

______________________________________________________

والنصارى (١) ، والاستحباب أيضا مع الاتصاف بالحزن بحيث يضمحلّ ذلك الإشعار بالكليّة.

ولا يبعد استحباب محض الامتناع عن الأكل والشرب كسائر المشتهيات لا صومه سواء أفطر بعد العصر ليخرج عن الصوم ظاهرا كما هو المشهور المعمول أم لا

ويمكن حمل مثل المتن (٢) على ما قلناه من الاستحباب كما هو الظاهر ، وعلى ما بعده أيضا فتأمل.

واما صوم الخميس والجمعة مطلقا ، فما رأيت فيه شيئا بخصوصه الّا ما في رواية الزهري عدّهما من الصوم الذي صاحبه بالخيار (٣).

نعم قال في المنتهى : روى المفيد رحمه الله : قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من صام من شهر حرام ، الخميس ، والجمعة ، والسّبت كتب الله له عبادة تسعمأة سنة (٤) ، ونقله في الدروس أيضا.

والظاهر جميع هذه الأيام الثلاثة في أيّ شهر كان من أشهر الحرم الأربعة ، ذي القعدة ، وذي الحجّة ، ومحرّم ، ورجب.

وما يدلّ على تأكيد صوم أوّل ذي الحجّة ، وقيل : التسعة ذكر في المصباح

__________________

(١) ويدل على هذا الذي ذكره قده من قوله : ولا يبعد الاستحباب (الى قوله) : أم لا ، ما رواه في الوسائل نقلا من المصباح للشيخ الطوسي ره فراجع الوسائل باب ٢٨ حديث ٧ من أبواب الصوم المندوب

(٢) وهو قوله قدس سرّه وصوم عاشوراء حزنا ، فان التقييد بالحزن قرينة عدم ارادة الصوم المعهود ، بل هو صرف إمساك للحزن على ما أصاب سيد الشهداء عليه السّلام

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب الصوم المندوب

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

١٩٠

ورجب ، وشعبان

______________________________________________________

وغيره (١).

قال في الفقيه : روى عن موسى بن جعفر عليهما السّلام : من صام أوّل يوم من عشر ذي الحجّة كتب الله له صوم ثمانين شهرا وان صام التسع كتب الله له صيام الدهر (٢).

وروى ان في أوّل يوم ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة ، وفي تسع من ذي الحجّة أنزلت توبة داود عليه السّلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين سنة (٣).

واما تأكيد صوم رجب وشعبان فهو ظاهر غنى عن البيان ، والروايات الدالة على ثوابهما كثيرة.

مثل ما روى ، عن ابى جعفر محمد بن على الباقر عليهما السّلام قال : من صام من رجب يوما واحدا من أوّله أو وسطه أو آخره أوجب الله له الجنّة وجعله معنا في درجتنا يوم القيمة ، ومن صام يومين من رجب قيل له : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى ، ومن صام ثلاثة أيام من رجب قيل له : قد غفر الله لك ما مضى وما بقي ، فاشفع لمن شئت من مذنبي إخوانك وأهل معرفتك ، ومن صام سبعة أيّام من رجب أغلقت عنه أبواب النيران السبعة ، ومن صام ثمانية أيام من رجب فتحت له أبواب الجنّة الثمانية فيدخلها من ايّها شاء (٤).

__________________

(١) عبارة المصباح للشيخ الطوسي رحمه الله هكذا : ـ ذو الحجة ـ يستحب صوم هذا العشر الى التاسع فان لم يقدر صام أول يوم منه ، وهو يوم مولود (ولد ـ خ) إبراهيم الخليل عليه السّلام وفيه زوج رسول الله صلّى الله عليه وآله فاطمة عليها السّلام من أمير المؤمنين عليه السّلام وروى انه كان يوم السادس (انتهى)

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ٣ من أبواب الصوم المندوب

(٣) الوسائل باب ١٨ حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ٥ من أبواب الصوم المندوب

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وما في الرواية الطويلة ـ بحذف الإسناد ـ عن ابى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله :

ألا إنّ رجبا شهر الله الأصم ، وهو شهر عظيم (الى قوله صلّى الله عليه وآله) : ألا فمن صام من رجب يوما ايمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر وأطفئ صومه في ذلك اليوم غضب الله ، وأغلق عنه بابا من أبواب النار ، ولو اعطى ملاء الأرض ذهبا ما كان بأفضل من صومه ولا يستكمل له اجره بشي‌ء من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه لله عز وجلّ ، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشي‌ء من (في ـ خ) عاجل الدنيا فإعطاء الله عز وجل ، والا ادّخر له من الخير أفضل ممّا (ما ـ خ) دعى به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه (وعدّ ثواب كل يوم الى ان قال صلّى الله عليه وآله في آخره).

قيل : يا رسول (نبيّ ـ خ) الله فمن عجز عن صيام (شهر ـ خ) رجب لضعف أو لعلّة كانت به أو امرأة غير طاهرة يصنع ماذا لينال ما وصفت؟ قال : يتصدق في كل يوم برغيف على المسكين ، والذي نفسي بيده انه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم نال ما وصفت وأكثر ، وأنه لو اجتمع أهل (جميع ـ خ ل) الخلائق كلّهم وأهل السموات والأرض على ان يعدّوا (يقدروا ـ خ) قدر ثوابه ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.

قيل : يا رسول الله : فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال : يسبّح الله عز وجل من أول رجب الى تمام ثلاثين يوما بهذا التسبيح : سبحان الله الإله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الّا له ، سبحان الأعز الأكرم ، سبحان من لبس العزّ وهو له أهل (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ٩ من أبواب الصوم المندوب مع إسقاط جملات من أولها فراجع ثواب

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل انه شهر أمير المؤمنين عليه السّلام. (١)

واما شعبان فهو شهر رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ونقل انه صلّى الله عليه وآله قال : رحم الله من أعانني على شهري ونادى بذلك المنادي (٢).

وروى عن أمير المؤمنين عليه السّلام انه قال : ما فاتنى صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله صلّى الله عليه وآله ينادى شعبان ، ولن يفوتني في أيام حياتي صوم شعبان ان شاء الله تعالى (٣).

ولعلّه فيه اشعار بصومه في السفر ، فتأمّل فيه.

وروى عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : شعبان شهري وشهر رمضان شهر الله عز وجلّ ، فمن صام يوما عن شهري كنت شفيعه يوم القيامة ، ومن صام يومين من شهري غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، ومن صام ثلاثة أيّام من شهري قيل له : استأنف العمل (٤).

والاخبار في ذلك كثيرة في التهذيب أيضا ، وفي عدة اخبار فيه أنّ صوم شهرين متتابعين توبة من الله ، وكذا الوصل بينهما (٥).

__________________

الاعمال : ثواب صوم رجب ، وكتاب الأمالي ، المجلس الثمانون

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ١٦ من أبواب الصوم المندوب ، قال : وفي كتاب مسار الشيعة قال روى عن أمير المؤمنين عليه السّلام انه كان يصوم رجبا ويقول : رجب شهري وشعبان شهر رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ وشهر رمضان شهر الله عز وجل

(٢) الوسائل باب ٢٩ قطعة من حديث ٣٣ من أبواب الصوم المندوب والظاهر ان ما نقله الشارح قده هنا منقول بالمعنى فراجع الوسائل

(٣) الوسائل باب ٢٩ قطعة من حديث ٣٣ من أبواب الصوم المندوب

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢٥ من أبواب الصوم المندوب

(٥) راجع الوسائل باب ٢٩ حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب

١٩٣

ومكروه:

______________________________________________________

وفي صوم شعبان أخبار كثيرة ممّا ورد (١) في النهي عن ذلك فهو متروك ومحمول على صيام الوصال كما حمله عليه في التهذيب.

قوله : «ومكروه إلخ» قيل : المراد بالكراهة في العبادات مطلقا قلّة الثواب ، لا المعنى المشهور الأصولي الذي هو أحد الأقسام الخمسة ، لأن العبادة على تقدير وقوعها موجبة للثواب قطعا فلا يكون تركها أولى.

ويمكن ان يقال : بجواز كون تركها أولى ، مثل كون فعلها موجبا للعقاب ، ولا بعد في قول الشارع : لو فعلت هذه العبادة في وقت كذا أو مكان كذا على هذا الوجه فلا ثواب ولا عقاب ولو لم تفعل لكان أحبّ الىّ ، لحصول مثله في الحرام.

نعم لو قبل الشارع تلك من المكلّف وأسقط التكليف به لم تكن مكروهة بهذا المعنى ، بل المعنى الّذي قيل (٢) ، لان قبول العبادة وإجزائها عن الموظّفة لا بدّ له من ثواب جزما ، وهو ظاهر كما في الصلاة الواجبة في الأمكنة المكروهة والأزمنة كذلك.

ويدلّ على ما قلناه (٣) عدم ورود النهي بهذا المعنى (٤) في الأصول والفروع الّا نادرا.

بل لا يحسن النهي مثلا عن صوم أوّل يوم من رجب في السفر بمعنى أن ثوابه قليل بالنسبة إلى الحضر كما قيل ، نعم يمكن ذلك بالنسبة إلى عدمه ، وما يقولون به ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ ذيل حديث ٤ من أبواب الصوم المندوب ، وفيه كان صلى الله عليه وآله ينهى الناس ان يصلوهما (شعبان ـ برمضان) وحمله الصدوق على الإنكار لا الاخبار كما نقله عنه في الوسائل

(٢) يعنى من قلّة الثواب بالنسبة

(٣) من ارادة الكراهة الاصطلاحيّة بمعنى عدم حسن العمل لا بمعنى قلّة الثواب.

(٤) يعنى كون المراد في الكراهة قلّة الثوب

١٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ومعلوم أيضا أن عدمه ليس بعبادة. فتأمل ، إذ لا يناسب منع شخص عن عبادة في وقت لقلّة ثوابها بالنسبة إلى ثوابها في وقت آخر مع عدم إمكان فعله إلّا في الوقت الثاني خصوصا مع عدم القرينة.

(فإن قيل) ان نوى الصوم فصار تشريعا حراما ، لأنّه ليس بمشروع كما هو المفروض ، وان لم ينو فلا يكون صوما مكروها.

(قيل له) يمكن اختيار الأخير ، وان المراد بالصوم المكروه ليس كونه صوما شرعيّا ومكروها ، بل ما يشبهه كالحرام ، فان الحرام ليس بصوم مشروع وحرام.

أو المراد بقصد الصوم والعبادة في الجملة ، لا مع تحقق جميع شرائطها.

أو يكون النهي ، عن مجرد التشبيه بالصائمين ، والعابدين ، وان لم يكن مع النيّة والشرائط المعتبرة في الصحّة.

ويمكن اختيار الأوّل أيضا وعدم تسليم التشريع ، لجواز ان يكون جعل بعض الأشياء ـ ممّا يتقرّب به الى الله ـ مكروها بالمعنى الذي قلناه (١) بنصّ من الشارع ولا محذور ولا يلزمه اعتقاد أنّه صوم ورد الشرع به ، بل يكفى ـ للفعل مع النيّة ـ احتمال كونه ممّا يتقرب ، وتجويز الشارع له ، واحتمال ارادته من نهيه الترخص فقط وقلّة الثواب مثلا.

وعلى تقدير لزوم الاعتقاد والجزم في نيّة هذه العبادة مثلا للكراهة فنقول : يلزم كون الاعتقاد حراما وتشريعا.

واما الفعل على هذا الوجه الذي لم يظهر شرطيته فما ثبت كونه حراما ، وانما البحث فيه لا في النيّة والاعتقاد كما أشير إليه في الذكرى (٢) في تقديم الاستنشاق

__________________

(١) وهو كونه بحيث يكون تركه أولى من فعله

(٢) قال في الذكرى ص ٩٥ : تقديم المضمضة على الاستنشاق مستحب ، وفي المبسوط : لا يجوز العكس ، والمأخذ أن تغيير هيئة المستحب هل توصف بالحرمة؟ لما فيه من تغيير الشرع أو يترك المستحب تبعا لأصلها هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعيّة التغيير ، اما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة اما الفعل فلا وتظهر الفائدة في التأثيم ونقص الثواب وإيقاع النيّة (انتهى كلامه رفع مقامه)

١٩٥

وهو النافلة سفرا

______________________________________________________

على المضمضة بقصد الاستحباب من جواز كون القصد والجزم حراما دون الاستنشاق وهو ظاهر.

وبالجملة بعد ورود النص (١) في نهى الصوم مثلا وثبوت نصّ آخر دال على عدم تحريم الصوم فيه (٢) نقول : بعدم هذا التشريع (٣) ، لمّا مرّ.

وأمثاله كثيرة ، مثل منع المتخلّي والجنب عن قراءة القرآن المكروهة لهما ، فإنه لا معنى للمنع عن ذلك لقلّة الثواب ، وهو ظاهر.

والحاصل أنّه ينبغي القول بالأقسام الأربعة (٤).

واما كراهة صوم النافلة سفرا ، فهو مذهب البعض ، وقيل بالتحريم لعدم الفرق بين الفريضة والنافلة في ذلك ، ولمنع صلاة النافلة معللا بأنه لو صحّت النافلة لما منع من الفريضة (٥).

ولعموم أدلّة منع الصوم في السفر ، مثل رواية محمد بن حكيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صلّيت عليه (٦).

__________________

(١) كما يأتي عن قريب نقل روايات النهي عن الصوم في السفر

(٢) يعني في السفر

(٣) يعنى عدم لزوم التشريع في الصوم في السفر

(٤) وهي الصوم الواجب والمستحب والمحرم والمكروه

(٥) الوسائل باب ٢١ حديث ٤ من أبواب أعداد الفرائض ومتنها هكذا : عن أبي يحيى الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن صلاة النافلة بالنهار ، فقال : يا بنىّ لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة

(٦) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب من يصحّ منه الصوم

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فكأنها محمولة على المبالغة أو الذي يعتقد مشروعيته مع ثبوت خلافه فيكفر فلا يصلّى عليه وان كان سنده ضعيفا في التهذيب ، فلا يضرّ لانه صحيح في الفقيه.

وصحيحة صفوان بن يحيى ، عن ابى الحسن عليه السّلام سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم فقال : ليس من البر ، الصيام (الصوم ـ خ) في السفر (١) ظاهره عام ، لأنّ ذكر السبب ليس بمخصص ، ولكن في دلالته على التحريم تأملا وان كان الظاهر ذلك حيث ورد في منع شهر رمضان.

ولصحيحة أحمد بن محمد ، قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصيام بمكة والمدينة ونحن في سفر قال : أفريضة؟ قلت : لا ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة ، قال : فقال : تقول : اليوم وغدا؟ قلت : نعم ، قال : لا تصم (٢) وفيها دلالة على التحريم في الأمكنة الأربعة ، فافهم.

ولصحيحة زرارة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله يصوم في السفر في شهر رمضان ولا غيره (٣).

ولا يضر وجود ابان بن عثمان في السند (٤) ، الا ان في الدلالة على التحريم تأملا

وما روى في الفقيه ، عن أبان بن تغلب ، عن ابى جعفر عليه السّلام قال :

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، وتمامه : وكان يوم بدر في شهر رمضان وكان الفتح في شهر رمضان

(٤) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن ابان بن عثمان ، عن زرارة

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصّروا ، وإذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساءوا استغفروا الحديث (١).

وروى أيضا فيه ـ أظنه في الصحيح ـ عن عمار (محمّد ـ خ ك) بن مروان ـ الثقة ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : من سافر قصّر وأفطر الّا ان يكون رجلا سفره الى صيد (في صيد ـ يب) أو في معصية الله أو رسولا (رسول ـ قيه) لمن يعصى الله عز وجل أو في طلب عدوّ أو شحناء أو سعاية (أو سعاية ضرر ـ كا يب) أو ضرر على قوم من المسلمين (٢). وهي مرويّة في التهذيب والكافي أيضا ، لكن غير صحيح.

وقال عليه السّلام : لا يفطر الرجل في شهر رمضان الّا بسبيل حق (٣).

وحسنة الحلبي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل صام في السفر فقال : ان كان بلغه أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء ، وان لم يكن بلغه فلا شي‌ء عليه (٤) وفي الدلالة خفاء ، فافهم.

وما في مضمرة سماعة : فقال : لا صيام في السفر (٥).

(وما) في رواية عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام فقال : لا يصوم في السفر. (٦)

(و) في موثقة زرارة ، عن ابى جعفر عليه السّلام ـ في صوم أمّ زرارة سفرا ـ

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٦ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب صلاة المسافر

(٣) أورده في الفقيه باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ، مرسلا

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٥) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٦) الوسائل باب ١٠ قطعة من حديث ٦ من أبواب من يصحّ منه الصوم

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال عليه السّلام : لا تصوم قد وضع الله عنها حقّه وتصوم هي ما جعلت على نفسها (١) (دلالة) على سقوط النافلة بالطريق الأولى ، فافهم.

وموثقة عمار الساباطي ـ في الزيادات ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يقول : لله علىّ أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقل فيعرض له أمر لا بدّ له أن يسافر أيصوم وهو مسافر؟ قال : إذا سافر فليفطر ، لانه لا يحلّ له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية (٢).

ولا يخفى ما فيها من المبالغة من وجوه.

وبالجملة ، الظاهر من الأدلّة ، التحريم كما هو مذهب البعض ، مثل الشيخ المفيد لما نقل عنه في التهذيب : ولا يجوز أن يصوم في السفر تطوعا ولا فرضا.

وقال فيه بعد نقل بعض ما تقدم من الأخبار : ولو خلّينا بظاهر (وظاهر ـ خ) هذه الأخبار لقلنا : أنّ صوم التطوع في السفر محظور كما ان صوم الفريضة محظور غير أنه ورد فيه من الرخصة ما نقلنا عن الحظر إلى الكراهة (انتهى).

وذكر على ذلك رواية إسماعيل ابن سهل ، عن رجل ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : خرج أبو عبد الله عليه السّلام من المدينة في أيّام بقين من شهر شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان وهو في السفر ، فأفطر فقيل له : أتصوم شعبان فتفطر شهر رمضان؟ فقال : نعم ، شعبان الى ان شئت صمته وان شئت لا ، وشهر رمضان عزم من الله عز وجل علىّ الإفطار (٣).

ورواية الحسن بن بسام الجمّال ، عن رجل قال : كنت مع ابى عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ قطعة من حديث ٣ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٨ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب من يصحّ منه الصوم

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام فيما بين مكّة والمدينة في شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر ، فقلت له : جعلت فداك أمس كان من شعبان وأنت صائم واليوم شهر رمضان وأنت مفطر؟ فقال : ان ذلك تطوع ، ولنا أن نفعل ما شئنا ، وهذا فرض ، فليس لنا ان نفعل الّا ما أمرنا (١).

قلت : كأن هذا دليل القائلين بالكراهيّة.

لكن سندها ضعيف جدا ، وليس فيه رجل معلوم التوثيق الّا محمد بن يعقوب ، وواحد من العدّة (٢).

روى الأوّل ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العبّاس ، عن محمد بن عبيد الله (عبد خ ل) بن رافع (واسع خ ل) عن إسماعيل بن سهل عن رجل.

و (عدّة) (٣) معلومة (٤) ، و (سهل بن زياد) ضعيف ـ قال في المنتهى : ضعيف جدا ـ والباقي معلوم ومع ذلك فيه الإرسال ب (رجل).

وكذا الثاني ، الّا أنّ بعد سهل بن زياد ، على بن بلال ، عن الحسن بن بسّام الجمال ، عن رجل وكأنهما واحدة ، يمكن حملهما على النذر المقيّد بالسفر ، وكونه

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب من يصحّ منه الصوم

(٢) الظاهر ان المراد من الواحد من العدة هو محمد بن ابى عبد الله المسمى ب (محمد بن جعفر الأسدي الثقة)

(٣) في خلاصة الرجال للعلامة الحلّي قده في الفائدة الثالثة من الخاتمة : ما هذا لفظه قال الشيخ ـ الصدوق محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي (الى ان قال) : وكلما ذكرته في كتابي المشار اليه : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، فهم على بن محمد بن علّان ، ومحمد بن ابى عبد الله ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن عقيل الكليني (انتهى)

(٤) يعني معلومة انهم لم يوثقوا في كتب الرجال الا واحدا منهم كما تقدم

٢٠٠