مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ورجل أفطر في صحيحة جميل (١) ، أيضا.

وحسنة عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل وقع على اهله (٢).

وفي رجل أتى اهله وهو صائم وهي صائمة (٣).

وغيرها ممّا يدل على وقوع الموجب ، على الصوم وصدق الإفطار.

وقد تقدمت هذه كلها فارجع إليها وتأمّلها.

والأخير (٤) بعيد لعدم العموم الدال عليه.

ثم ما قبله (٥) لعدم صدق الإفطار على الثاني وان كان ما فعل مخالفا للأوّل فلا يتم دليله : (٦) أن الأوّل أوجب الإفطار بالوطي مثلا لدليل إيجابه ذلك ، وكذا الثاني إذا كان بالأكل مثلا لدليله.

ومنه يعلم ان دليله انّما يتم إذا كان المراد بالمخالف هو ما يكون له دليل بخصوصه ، على انه ليس في كلّ المخالف دليل ، وان أراد مجرد الاختلاف في الجنس أو النوع ، فما نجد له دليلا.

ثم ما قبله (٧) لعدم بقاء الإفطار أيضا ، سواء كفّر أم لا قال المصنف في

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٤) وهو التكرار مطلقا سمّاه أخيرا مع أنه ما قبل الأخير لكون المراد ، الأخير من الأقوال الأخر غير ما اختاره هو قده.

(٥) وهو التفصيل بين اختلاف الموجب ، فالتكرار وعدمه فالعدم.

(٦) قوله قده أن الأول إلخ بيان لدليل القول بالتفصيل.

(٧) وهو التفصيل بين التوسط في الكفارة وعدمه

١٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

المنتهى : قال الشيخ : ليس لأصحابنا فيه (اى في التكرار في اليوم) نصّ.

والّذي يقتضيه مذهبنا أنه لا تتكرر الكفارة (إلى قوله) : والأقوى ما اختاره الشيخ.

ثم قال ـ في الجواب عن استدلال السيد على التكرار ـ : بما (١) روى عن الرضا عليه السّلام أنّ الكفارة تتكرر بتكرّر الوطي (٢) : ورواية (٣) الرضا عليه السّلام لا يحضرني الآن حال رواتها (الى قوله) : وقول الشيخ رحمه الله : (ليس لأصحابنا نصّ فيه) يحتمل انه قال قبل وقوفه على هذه الرواية المنقولة عن الرضا عليه السّلام (انتهى).

ويحتمل أن يكون مراده نصا صالحا للاستدلال في مثل هذه المسألة ، فإنّ إثبات تكرّر الكفارات بعد ما تقدم يحتاج الى دليل قوىّ ولا يمكن إثباته بخبر نادر غير معلوم الرّواة ، وقصور عن الدلالة ، لعدم العموم يشمل جميع المفطرات في جميع الأوقات كما هو المدّعى.

والاكتفاء بعدم القائل في مثلها ـ مع أنّه غير ظاهر ـ مشكل.

على انه يحتمل كونها في يومين ، والاستحباب أيضا ، إذ ليس فيها ما يفيد الوجوب صريحا.

على أنّى ما وقفت الى الآن عليها ، وما رأيتها في كتابيه ، ولا في غيرهما.

واعلم أن المصنف في المختلف أشار برواية مثلها ، وقال : قال ابن ابى عقيل : ذكر أبو الحسن زكريا بن يحيى صاحب كتاب شمس المذهب عنهم

__________________

(١) بيان لاستدلال السيد ره

(٢) لاحظ الوسائل باب ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) مقول قوله : ثم قال

١٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عليهم السّلام : ان الرجل إذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء والكفارة ، فإن عاود إلى المجامعة في يومه ذلك مرّة أخرى فعليه في كلّ مرّة كفارة (١).

ولم يفت (٢) هو في ذلك بشي‌ء ، فيدل على ضعفها أيضا مع أنّها أيضا مخصوصة بالوطي مثلها ، وهو الظاهر من مذهب السيد ، وأنه ذكر في المنتهى عدم التعدد في الأكل والشرب ، وتردد في المختلف (٣) ، وقال : لو اختلف السبب كمن جامع وأكل في يوم واحد هل يتكرر الكفّارة أم لا؟ فيه تردد ينشأ من تعليق الكفّارة بالجماع والأكل مثلا وقد وجدا إلخ.

وهذه تدل على ما فهمنا من معنى الاختلاف ، ودليله ، وما رأيت للأسباب المختلفة أيضا دليلا بخصوصها ، بل مثل ما مرّ.

ومنه يعلم أيضا ضعف التكرار مطلقا ، فتأمّل.

ولعلّ دليله ـ بعد الرواية المتقدمة ـ مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني؟ قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع (٤).

فالظاهر أنّ المراد به الصائم كما يشعر به (شهر رمضان) فإتيان غير الصائم لا يوجب ذلك ، وهو ظاهر ، ويشعر به غيرها أيضا مثل (وهو صائم) و (الإفطار) فيما تقدم مع عدم فهم العموم المطلوب (٥) فتأمّل

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعنى العلامة في المختلف بعد نقلها لم يفت بشي‌ء في هذه المسألة نفيا وإثباتا

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة والصواب (في المنتهى) لعدم وجود هذا العنوان في المختلف

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) في بعض النسخ المخطوطة : مع عدم فهم العموم المفهوم المطلوب ، وفي النسخة المطبوعة : مع عدم فهم العموم مطلقا

١٤٣

ولو أفطر ثم سقط الفرض باقي النهار فلا كفارة

______________________________________________________

قوله : «ولو أفطر إلخ» يعني لو أفطر من يجب عليه صوم شهر رمضان ظاهرا ، ثم سقط الفرض بسبب شرعيّ ، مثل أن حاضت المرأة بعد أكلها في نهار شهر رمضان أو سافر شخص بعد الإفطار لم يجب عليه الكفارة ، ولكن يأثم.

وجه عدم الكفارة أن سببها انما هو الإفطار في نهار الشهر وإفساد صومه مع وجوب الصوم عليه ، ومعلوم ان الصوم انما هو الى آخر النهار وقد علم عدم وجوبه عليه فيما بعد ، لثبوت ما علم به عدم الوجوب في باقي النهار.

واما الإثم فالظاهر انه متحقق (يتحقق خ) لعدم جواز أكله في تلك الحالة وهو ظاهر ان لم يعلم المسقط فيما بعد.

وان علم وجوده بعده فالظاهر انه كذلك أيضا لعدم جواز الأكل في النهار الواجب إمساكه في الجملة ظاهرا وان علم عدم وجوب الإمساك في جميع النهار.

ولهذا يجب عليه النيّة والصوم ما لم يسافر وان علم سفره على ما قالوه ، وكذا لو علم الحيض والمرض وغير ذلك.

على ان وجوب الإمساك ليس فرع الصوم ، إذ قد يجب مع عدم كونه صوما كما لو أفسد صومه ، بمفسد مّا.

بل لو لم يكن موجب الكفارة منحصرا في المفطر الذي يتبادر منه وروده على الصوم لقلنا بوجوب الكفارة أيضا مع احتمال الكفارة حينئذ لصدق المفطر أيضا ظاهرا ، وإفساد الصوم كذلك وفعله في نهار شهر رمضان مع الشرائط.

والظاهر أنّه بعيد في المفسد الاضطراريّ ، مثل الحيض ، وقريب في الاختياري ، مثل إنشاء السفر بعد الإفطار.

ويمكن كون الأوّل أولى للأصل وعدم ثبوت إيجاب فعل المفطر الكفارة مطلقا بحيث يشمل ما نحن فيه.

١٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وممّا ذكرنا يعلم التأمّل والنظر في جعل الخلاف في المسألة عند الأصحاب ـ كما أشير إليه في القواعد وغيره ـ مبنيّا على المسألة الأصوليّة.

وهي (١) أنه هل يجوز التكليف مع علم المكلّف بانتفاء شرط صحّة المكلّف به الذي ليس باختياريّ المكلّف وقت الفعل أم لا؟ فالقائل بالجواز يوجب الكفارة ، والقائل بالعدم ، العدم ، لعدم (٢) الشك في وجود التكليف وقت الإفطار لما بينّاه ، وكذا في تحريم الإفطار والإثم قبل حصول السبب وقد صرّحوا بذلك في عدم جواز الأكل للمسافر حتى يصل الى موضع الترخّص.

ولأن الحقّ في المسألة في الأصول هو عدم الجواز ، وأنّه لا ينبغي الخلاف عند أصحابنا فيها ، بناء على أصولهم ـ كما هو عند المعتزلة ـ من عدم جواز التكليف بما لا يطاق وعدم التكليف الّا بقصد حصول المأمور به وطلبه ، لا شي‌ء آخر كما حقق في موضعه الّا أنّه نقل الخلاف عن الشيخ فيهما في الإيضاح (٣).

وكأنه بعيد جدّا خصوصا الثاني.

__________________

(١) المناسب نقل عبارة الإيضاح بعينها وتمامها ـ قال ـ عند قول المصنف : لو سقط فرض الصوم بعد إفساده فالأقرب سقوط الكفارة : ما هذا لفظه ، أقول : هذه المسألة فرع على مسألة أصوليّة ، هي أنه إذا علم المكلّف انتفاء شرط التكليف عن المكلّف وقت الفعل ، هل يحسن منه تكليفه أم لا؟ الشيخ والأشاعرة على الأول ، والمصنف والمعتزلة على الثاني ، وهذه أيضا متفرعة على مسألة أخرى أصوليّة ، وهي انه هل يحسن الأمر لمصلحة ناشئة من نفس الأمر لا من نفس المأمور به في وقته أم لا يحسن الا مع مصلحة ناشئة منها؟ الشيخ وابن الجنيد والأشاعرة على الأوّل لحصول الثواب بعزم المكلّف على الفعل ، والمصنف والمعتزلة على الثاني ، وقد حقّق ذلك في الأصول وليس هذا موضعه ، فإنه يذكر في الفقه على سبيل المصادرة ، والأقوى عندي سقوط الكفارة لأنها مسبّبة عن الصوم وبانتفاء السبب ينتفى المسبب (انتهى) ج ١ ص ٢٣٠ طبع المطبعة العلمية بقم

(٢) تعليل لقوله قده : يعلم التأمل إلخ

(٣) تقدم آنفا نقل عبارة الإيضاح فلاحظ

١٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولانه (١) على تقدير تكليفه ، فلا شك في عدم إفطاره الصوم الذي هو الموجب ، إذ الإمساك في بعض النهار ليس بصوم ، ولا بموجب للكفارة ، وهو ظاهر ولان التكليف على تقدير القول به ليس لطلب الصوم وحصوله ، إذ لا مصلحة فيه ، بل المصلحة في الأمر نفسه للامتحان هل يمتنع ويوطّن نفسه على عدم الإفطار ليثاب أو لا؟ فيعاقب ، كما حقّقه المصنف رحمه الله وغيره في موضعه.

ومعلوم أن التوطين وعدم العزم على إفطار صوم لا يكون في نفس الأمر صوما ولا موجبا للكفارة وهو ظاهر.

ولأنه يمكن الكفارة مع القول بعدم إمكان التكليف لما عرفت.

واعلم ان الظاهر أنه ليس ممّا نحن فيه ما لو علم كونه عيدا مثلا ، فإنه حينئذ يعلم عدم التكليف في وقت الإفطار في نفس الأمر بالكليّة ، بل بالنسبة إلى الظاهر (٢) فقط.

فيمكن حصول الإثم فقط من جهة التكليف الظاهري بالنسبة إليه بخلاف غيره ، فإنّه مكلف في نفس الأمر بالإمساك وان تحقق العلم بعدم كونه صوما لحصول المفسد فيه كما مرّ.

وانه (٣) لا فرق في المسألة بين كون المسقط اختياريّا مع تجويز المكلّف إيّاه كالسفر الاختياري وعدمه ، كالحيض والسّفر الضّروري ، وكون الاختيار لسقوطها وعدمه كما مرّ واختار المصنف عدم سقوطها في الاختياريّ ، فتأمل.

__________________

(١) عطف على قوله قده : من عدم جواز التكليف بما لا يطاق ، وكذا قوله قده : ولا من التكليف على تقدير إلخ

(٢) اى ان التكليف بالإمساك بالنسبة إلى الظاهر فقط

(٣) عطف على قوله قده : ان الظاهر أنه إلخ وكذا قوله قده : وان مبنى المسألة والخلاف إلخ

١٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة يمكن عدم الكفّارة مطلقا كما قاله المصنف.

وأنّ مبنى المسألة والخلاف هو كون الموجب للكفّارة هل هو مطلق فعل المفطر في نهار رمضان مع التكليف بالإمساك في الجملة والصوم ظاهرا أم لا؟ بل إن الموجب هو إفطار يوم وجب صومه.

والظاهر أنّه الأخير ، إذ لا كفارة هنا في غير الصوم ، إذ المفروض كفّارة الصوم لا غير ، ومعلوم بالإجماع عدم وجوب صوم هذا اليوم في نفس الأمر ، وتحقّق عدم ذلك (١) بعد حصول المفطر ظاهرا أيضا ، إذ قد أشرنا الى أنّ الّذي يقول بوجوب الصوم وبجواز (يجوّز خ) هذا التكليف لا يمكنه القول بطلب الصوم من المكلف في نفس الأمر مع علمه بامتناعه وهو ظاهر.

ومعلوم ان ذلك سفه ولا يقع من عاقل أصلا ، فكيف من الواجب تعالى ، ومسلّم من الخصم حتى من بعض القائلين بعدم امتناع التكليف بما لا يطاق ، فكيف الأصحاب؟.

بل نقول : الغرض من التكليف قد يكون حصول المكلّف به ، وقد يكون شيئا آخر مثل الثواب على التوطين والقبول والتهيّأ للفعل في وقته ، وعدمه مع عدم ذلك.

وقد حقّق ذلك المصنف وغيره وأشار إليه ولده في الإيضاح حيث قال : وهذه أيضا (أي المسألة الأصوليّة) متفرّعة على مسألة أخرى أصوليّة ، وهي أنه هل يحسن الأمر لمصلحة ناشئة من نفس الأمر لا من نفس المأمور به في وقته أم لا يحسن الّا مع مصلحة ناشئة منها (٢)؟ (انتهى).

__________________

(١) يعنى ان الصائم بعد حصول المفطر يكشف عن عدم تكليفه بالصوم واقعا وانما هو كان مأمورا به ظاهرا

(٢) إيضاح الفوائد ج ١ ص ٢٣٠ طبع المطبعة العلمية ـ قم

١٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا طلب (١) للصوم حقيقة ، بل للتوطين فقط ، فلا يكون هذا ممّا نحن فيه ، لأنّ الأمر حقيقة ، بالتوطين ـ بهذا اللفظ ـ فيكون مجازا (٢).

ولا شك في حصول شرائطه وعدم امتناعه كما هو المفروض.

وهذا (٣) كلام جيّد جدا فافهمه ، لا ما قيل من الأصوليّة المتقدمة ، لما مرّ.

ولهذا أوجب الكفارة من لا يقول بالجواز في المسألة (٤) كالمحقق على الظاهر والمصنف رحمه الله في القواعد في المسافر اختيارا بعد تعمّد الإفطار وأسقطها في السفر الضروري على رأى (٥) ، بل لا معنى للقول به بعد تحقيق المقام.

والعجب من الشهيد الثاني أنه أوجب الكفارة في شرح الشرائع مستدلا بهتك حرمة الصوم مع قوله : ومبنى المسألة على المسألة الأصوليّة وذكر هذه المسألة المتقدمة

وقد عرفت عدم الصوم في نفس الأمر ، وعدم البناء (٦) ، وانه لا ينبغي القول في المسألة الأصوليّة بالجواز (٧) ، إذ الظاهر أنه لا يقول به أحد منا بعد

__________________

(١) الظاهر انه تفرع على قوله قده : وقد يكون شيئا آخر مثل الثواب إلخ ويحتمل كونه تفريعا على ما عنونه ثانيا في الإيضاح ـ والله العالم

(٢) يعنى تعلق الأمر بالصوم في هذه الصورة مجازا لأنه حقيقة متعلق بالتوطين لحصول الثواب

(٣) يعنى وهذا المبنى الثاني الذي ذكره في الإيضاح من ابتناء المسألة على مسألة أخرى أصوليّة لا المسألة الأصولية الأولى المتقدمة

(٤) أي في المسألة الأصوليّة المتقدمة ـ كذا في هامش بعض النسخ الخطيّة

(٥) قال في الشرائع : فرع ، من فعل ما يجب معه الكفارة ثم سقط فرض الصوم بسفر أو حيض وشبهه قيل : تسقط الكفارة ، وقيل : لا وهو الأشبه (انتهى) وقال في القواعد : (الرابع) لو جامع ثم أنشأ سفرا اختيارا لم تسقط الكفارة ولو كان اضطرارا سقطت على رأى (انتهى) الإيضاح ج ١ ص ٢٣٨ طبع قم

(٦) يعنى عدم بناء وجوب الكفارة على المسألة الأصوليّة الأولى

(٧) يعني لا ينبغي القول بجواز الأمر مع علم الآمر بانتفاء شرطه

١٤٨

ويعزّر المتعمّد للإفطار ، فإن عاد ثانيا عزّر ، فان عاد ثالثا قتل.

______________________________________________________

التحقيق كما أشرنا إليه فتأمّل.

قوله : «ويعزر المتعمّد للإفطار إلخ» الظاهر أنّ مراده من أفطر عمدا اختيارا عالما بكون ما أفطر به ممّا لا يجوز في الصوم فعله والفساد به مع اعتقاده تحريمه فيجب على الحاكم تعزيره بما يراه كما في سائر المحرّمات.

ودليله امتناع المكلّفين عن المحرّمات خوفا من ذلك ليحفظ أحكام الشرع وحرمة الإسلام ويمكن الإجماع أو الخبر (١).

واما مع إظهار اباحته لذلك فهو مرتدّ يقتل إذا كان مسلما فطريا الّا ان يمكن في حقه الجهل بتحريم مثله ، فيعلّم ويعرّف أحكام الشرع ، ومنها تحريم ما أفطر به ، فلو أنكر بعد علمه فيعمل به ما يعمل بالعالم.

والظاهر أنّه هكذا حكم من لم يكن مسلما فطريا ، ودليل قتله وسائر أحكامه مذكور في محلّه

وممّا يدل عليهما (٢) بخصوصه في هذا المحلّ صحيحة بريد العجلي ، قال : سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام؟ قال : يسئل هل عليك في إفطارك اثم؟ فان قال : لا ، فان على الإمام ان يقتله ، وان قال : نعم ، فان على الامام ان ينهكه (٣) ضربا (٤)

لعل المراد بالمفطر فيها من علم بكون الإفطار حراما ، وفيها دلالة على

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) يعنى على التعزير والقتل

(٣) اى يشدّد عليه العقوبة يقال : نهكه السلطان كسمعه ـ ينهكه نهكا ونهوكة اى بالغ في عقوبته والنّهك ، المبالغة في كلّ شي‌ء (مجمع البحرين)

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان

١٤٩

والمكره لزوجته بالجماع يتحمّل عنها الكفارة ، وصومها صحيح ، ولو طاوعته فسد صومها أيضا وكفّرت ، ويعزّر الواطئ بخمسة وعشرين سوطا.

______________________________________________________

وجوب القتل والتعزير على الامام ، وكون التعزير بالضرب.

واما ما يدلّ على القتل في المرتبة الثالثة ـ كما هو مذهب البعض ـ فلعله يدلّ عليه بعض الاخبار ، مثل رواية سماعة قال : سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرّات وقد رفع الى الامام ثلاث مرّات؟ قال : يقتل في الثالثة (١).

ولكنها مضمرة وغير صحيحة مع الاحتياط في الدم ، والأصل يقتضي عدم القتل فيها ، بل في الرابعة كما هو مذهب البعض في قتل فاعل الكبيرة ، ولا شك انه أحوط وسيجي‌ء تحقيقه ان شاء الله تعالى.

واعلم أنّه حذف في المتن (غير المستحلّ) للظهور

قوله : «والمكره إلخ» قد مرّ دليل تحمّله كفارتها مع الشرائط ، وان المراد وجوب الكفارتين عليه ، وان التحمل مجاز ، وكذا تعزيره بمقدار التعزيرين مع الإكراه عليها ، ودليله ، وتعزير كل واحد بخمسة وعشرين سوطا مع مطاوعتها ، وهو خبر مفضل بن عمر (٢) ، ومرّ أنّه غير صحيح ، وان ليس هنا إجماع لوجود القائل بعدمه وان نقل دعوى إجماعهم في المنتهى على مضمونه ، فيمكن حمله على الاستحباب ، ولا شك أنّ التحمل أحوط.

ولا شك في صحّة صومها مع الإكراه ، لما تقدم من عدم بطلان الصوم

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٥٠

وفي التحمّل عن الأجنبيّة المكرهة قولان.

______________________________________________________

بالإكراه وفساده مع المطاوعة ، وكفارتها أيضا لوقوع الموجب وهو الإفطار مع الشرائط

واما التحمل عن الأجنبيّة المكرهة ففيه القولان ، التحمّل ، وعدمه.

ودليل الأوّل مفهوم الموافقة ، فان التحمّل في الزنا أولى لكثرة قبح الموجب هنا.

وهو ممنوع ، إذ لا يثبت مفهوم الموافقة إلا مع العلم بالعلة في المنطوق ووجودها في المفهوم ، وهو هنا غير معلوم ، والأصل يقتضي العدم وهو ـ مع عدم الدليل ـ دليل الثاني وان كان المصنف هنا متوقفا مع اختياره في القواعد التحمل.

وفي المنتهى العدم ، كأنّه الاولى ، للأصل وعدم ثبوت كون العلّة غلظ الذنب ، وهو على تقدير التسليم قد لا يسقط به بخلاف الأصل ذكره في المنتهى ، وهو يدل على سقوط الذنب بالتكفير. والاحتمالان يجريان في إكراهها إيّاه (١) ، وهنا الأول (٢) أضعف لعدم ظهور الأقبحيّة وفي وطى النائمة وهما (هنا خ) أبعد.

ونقل عن الشيخ هنا أيضا التحمل ، فيمكن لو فعلت وهو نائم.

واعلم انه ما يفهم من المتن وجوب التعزير على المرأة على تقدير المطاوعة ، ولا وجوب التحمّل (٣) عنها على تقدير الإكراه مع وجودهما في المستند وكلام الأصحاب ، وصرّح أيضا في المنتهى بذلك ولم يذكر تحمّل التعزير في القواعد أيضا.

ويمكن ان يراد بالواطى أعم من الفاعل والمفعول ، ولكن مع المطاوعة في الأخير فيلزم حينئذ تحمّل المكره التعزير عنها أيضا كالكفارة ، وهو بعيد.

__________________

(١) يعني إكراه الزوجة زوجها

(٢) يعنى عدم التحمّل

(٣) يعنى وجوب تحمّل التعزير

١٥١

وتبرّع الحيّ بالتكفير ، يبرئ ذمّة الميّت.

______________________________________________________

وأيضا استقرب في القواعد التحمل في الأمة المكرهة.

وهو محلّ التأمل لعدم شمول النص لها ، وعدم مفهوم الموافقة هنا ، وهو أظهر من عدم التحمل في الأجنبيّة.

واما المتعة ، فيمكن التحمل عنها لوقوع (امرأته) (١) في المستند مع ترك التفصيل وهو ظاهر في العموم وعدم الفرق.

وكذا أوجبها (٢) على المسافر المكره امرأته ، مع احتمال العدم.

كأنّه لصدق النصّ وعلّة الإكراه.

وفيه تأمل ، إذ الظاهر من النص كونه من (في ـ خ ل) الصائم ، ولهذا أوجب عليه أيضا الكفارة فيه ، وقد تكون العلّة صومه مع اكراه الصائمة (٣)

قوله : «وتبرع الحيّ بالتكفير يبرء ذمّة الميّت» المصدر مبتدا ، وفعل المضارع خبره وفي الحكم خلاف

وظاهر أكثر العبارات يفيد الإبراء في الميّت خصوصا إذا كفّر الوارث ويؤيده وجوب الصوم على الوليّ ، وما مرّ في بحث الزكاة من جواز إعطاء الزكاة لديّانه ومقاصته لبراءة ذمتّه من الدين لأن الكفّارة أيضا دين لعدم الفرق المعقول بين الدّين والكفارة خصوصا إذا كان زكاة ، لأن الظاهر أنّ المراد وصول النفع الى الفقراء بسبب فعله.

__________________

(١) والأوّل نقل الرواية : المفضل بن عمر عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال : ان كان استكرهها فعليه كفارتان وان كان طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وان كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ ، وان كان طاوعته ضرب خمسة وعشرين وسطا وضربت خمسة وعشرين سوطا ـ الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) أي الكفارة تحملا عن المرأة الصائمة

(٣) وفيما نحن فيه الأول مفقود ـ كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة

١٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ليسقط ذنب (١) كما قاله في شرح الشرائع (٢) ، وهو يحصل بفعل الغير.

وهذا (٣) في الإطعام والعتق ظاهر في الحيّ والميّت الا أنه في الميّت أظهر.

وينبغي الجواز في الصوم أيضا في الميّت ، لما مرّ ، مع عدم إمكان فعله (منه خ ل) ، وكون إبراء ذمّته امرا مطلوبا للشارع.

ويرشدك اليه جواز الصلاة والصوم وسائر العبادات عنه ، وله ، وما يدل على انتفاعه بفعل الخير (الغير ـ خ ل) مع انتفاع الفاعل (٤).

وفي الحيّ يمكن المنع مطلقا لأنها (٥) عبادة متعلقة بنفسه فيكون المطلوب حصولها منه بخصوصه فما دام أمكن حصولها منه لا تصح من الغير كسائر العبادات.

ويدل على الجواز ما مرّ (٦)

ويؤيّده جواز الوكالة فيها (٧) على الظاهر بخلاف العبادات.

فليست (٨) بعبادة محضة مطلوب فيها فعلها منه بخصوصه ، بل الغرض

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب (الذنب)

(٢) قال في المسالك : ويلحق بها (أي الزوجة) الأجنبيّة من باب مفهوم الموافقة ، فإنّ تحمّل الكفارة عن الزوجة تغليظ في الحكم والعقوبة وهما في المحرّم أولى ، ويضعّف بأن الكفارة مسقطة للذنب أو مخففة له غالبا (انتهى موضع الحاجة).

(٣) يعنى تبرع الحيّ عن الميّت في الإطعام والعتق جوازه ظاهر عن الحيّ والميّت وفي الميّت أظهر

(٤) راجع الوسائل باب ٢٨ من أبواب الاحتضار من كتاب الطهارة وباب ١٢ من أبواب قضاء الصلاة من كتاب الصلاة وباب ٢٧ ـ ٢٨ ـ ٢٩ ـ من أبواب النيابة في الحج ، من كتاب الحج

(٥) أي الكفارة

(٦) أي ما مرّ من الأدلّة

(٧) يعني في الكفارات

(٨) يعنى خصال الكفارات الثلاث

١٥٣

«خاتمة»

يكفي في المتعيّن نيّة الصوم غدا متقربا الى الله تعالى لوجوبه أو ندبه ، ولا بد في غيره من التعيين.

ويجب إيقاعها ليلا في أوّله أو آخره ، والناسي يجدّد الى الزّوال ،

______________________________________________________

حصول الفعل ممّن يكون والّا لم يصح التوكيل.

وأيضا يؤيّده ما مرّ من جواز إخراج الزكاة عن الحيّ بإذنه الا انه يعتبر هنا أيضا الاذن مع ما عرفت في اشتراط الاذن ، فتذكّر.

ويعلم ممّا ذكر كون ذلك في غير الصوم كما هو مختار الشرائع (١).

وانه لو علم عجز الحيّ عنها يلحق بالميّت كما قيل في الحج ، فتأمّل ، والاحتياط مهما أمكن لا يترك.

«خاتمة في النيّة»

قوله : «يكفي في المتعيّن نيّة الصوم» قد عرفت أنّ قصد الصوم والقربة يكفي في المتعيّن من رمضان وغيره.

وفي قوله : (أو ندبه) حيث جعل من المتعيّن ، تسامح ، ولا شك أنّ التعيين والأداء ، وتعيين الشهر وسبب الوجوب مع ما ذكر أحوط وأولى.

وكذا عرفت ما يجب في غير المتعيّن ، والاحتياط لا يترك.

قوله : «ويجب إيقاعه ليلا إلخ» قد عرفت دليله أيضا.

__________________

(١) قال في الشرائع لو تبرع متبرع بالتكفير عمن وجبت عليه الكفارة جاز ، لكن يراعى في الصوم الوفاة (انتهى)

١٥٤

فان زالت فات وقتها وقضى.

ولا بدّ في كل يوم من رمضان من نيّة على رأى.

ولا يكفي المتقدمة عليه للناسي على رأى.

ولا يقع في رمضان غيره ، فلو نوى غيره لم يجز عن أحدهما على رأى.

______________________________________________________

قوله : «فان زالت إلخ» هذا في غير شهر رمضان ممكن كما مرّ ، ويحتمل فيه الى العصر كما مرّ وفي النافلة يكفي بقاء شي‌ء من النهار بعد النيّة كما (لما ـ خ) مر

قوله : «ولا بدّ في كلّ يوم إلخ» قد مرّ دليله ، والخلاف فيه مع ما فيه ، وان الأول أولى

قوله : «ولا يكفي المتقدمة إلخ» إشارة إلى ردّ من جوّز تقديم النيّة على الشهر كلّه يوما أو اليومين وثلاثة ، ولم يقل بسقوط الوجوب في الشهر ، بل مع ذلك يوجبها فيه على العالم المتذكّر ، وفائدته (١) اجزائها للناسي ولو لم يذكر الى الليل ، فلا يقضى ذلك اليوم وقد مرّ أنه لا دليل عليه ـ كما لا دليل يعتدّ به ـ على الجواز في أوّل الليلة أو بعدها الى آخر الشهر ، والاكتفاء بها عن كلّ ليلة كما قال به بعض الأصحاب ـ إلّا تخيّل كونه عبادة واحدة.

وهو مؤيد لعدم اعتبار مقارنة النيّة على الوجه المذكور ، لكنه بعيد ، فتأمّل

قوله : «ولا يقع في رمضان غيره إلخ» لا شك في ذلك إذا كان عمدا عالما لانه زمان متعيّن شرعا ـ بنصّ من الكتاب والسنّة والإجماع ـ لفعل فيه لا يزيد عليه ولا ينقص ، فلا يقع فيه غيره ، فلو نوى فيه صوما غير صوم الشهر عمدا عالما لا يقع ذلك الصوم صحيحا شرعيا (شرعا ـ خ) لما مرّ ، وللنهى المستفاد من الأمر بإيقاع صوم الشهر فيه فقط ويبطل.

__________________

(١) يعني فائدة تقديم النيّة ، وفي بعض النسخ (وفائدتها) يعني فائدة هذه النيّة

١٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر عدم النزاع فيه الّا ان يكون وقتا لا يجوز فيه صومه مثل السفر ، فهنا يحتمل وقوع الغير فيه كما نقل عن الشيخ ، وسيجي‌ء.

وأمّا أجزائه من صومه ففيه خلاف ، واختار المصنف عدمه لفساد هذه النيّة ، لكونها منهيّة ، ولعدم نيّة صوم الشهر ، لان الفرض انه انما نوى غيره.

ونقل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وعن المعتبر (١) ، الاجزاء عنه ، لتعيّن الزمان لصوم الشهر فقط فلا يمكن له صرفه الى غيره ، فلا ينصرف الى الغير بقصده ، ويكفى لانعقاده مجرّد قصد الصوم والقربة لتعيّن زمانه له وعدم صلاحيّته للغير ، ويكون الزائد لغوا.

وفيه تأمل ، لأنّ أدلتهم المقتضية لوجوب النيّة تقتضي عدم حصول صوم الشهر الا بنيّته مثل (لكل امرئ ما نوى) (٢) و (انّما الأعمال بالنيات) (٣) ، والمفروض انه ما نواه ، بل نوى ما لا يجتمع معه ، لانه قصد صوما غيره فهو كما يقصد الوجوب في مقام الندب ، وبالعكس

والظاهر عدم جواز مثله واجزائه عمدا عالما ـ وان قلنا بالاكتفاء بالقربة وعدم الاحتياج إلى الزائد ـ للفرق بين عدم اعتبار شي‌ء واعتبار ما ينافيه عمدا عالما ، فلا يلزم من الأوّل جواز اعتبار الثاني ، وهو ظاهر مكشوف.

ولأنّ هذه النيّة من العالم العامد منهي عنها ، والنهي يدل على الفساد ، ومع

__________________

(١) قال في المعتبر : الرابع إذا نوى الحاضر في شهر رمضان غيره من الصيام مع جهالته بالشهر وقع عن رمضان لا غير وكفت نيّة القربة وسقطت نيّة التعيين وكذا ان كان عالما بالشهر ونوى غيره وقيل : لا يجزى مع العلم (الى ان قال) : والأول أولى لأن النية المشترطة حاصلة وهي نيّة القربة وما زاد لغو لا عبرة به فكان الصوم حاصلا بشرطه فيجزي عنه (انتهى)

(٢) راجع الوسائل باب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ح ١٠

(٣) راجع الوسائل باب ٢ حديث ١٢ ـ ١٣ من أبواب وجوب الصوم

١٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فسادها يفسد الصوم ، فلا يجزى عن شي‌ء كما مر.

ويبعّد الحكم (١) ، بأن نيّة الصوم متقربا غير منهيّ فلم تبطل ، وانما المنهيّ كونه عن غير الشهر فهو يبطل.

لأنّه قصد واحد الى جعل فعل لأمر مّا فليس المقصود والمعقول إلّا أمرا واحدا عند الفاعل بقصده ، فجعله متعددا وجعل بعضه صحيحا مع اعتقاد عدم فعله ذلك مع اشتراطه ، بعيد ، فتأمل.

واما الجاهل (٢) والناسي (٣) مطلقا ، فيمكن الصحّة ، لما مرّ من دليل الصحّة مع عدم النهي المذكور وأصل الصحّة ، وكونهما معذورين ، وحصول الغرض ، وهو الإمساك في ذلك اليوم وعلى وجه القربة مع عدم تعلّق نهى به.

ولعدم النزاع في ذلك ، ولهذا قبل ابن إدريس كلام من يقول بالاجزاء حال النسيان والجهل.

ولصحّة صوم يوم الشّك بنيّة شعبان ندبا عن شهر رمضان ، والظاهر انه لا خلاف فيه على ما نعلم (٤).

ويدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة الدالة على اجزاء صوم يوم الشك عن صوم شهر رمضان فلا يجب القضاء بعد العلم.

مثل صحيحة سعيد الأعرج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انى صمت اليوم الذي يشك فيه فكان من شهر رمضان أفأقضيه؟ فقال : لا ، هو يوم

__________________

(١) يعنى يحكم بكون الحكم بعدم الاجزاء ـ استنادا إلى النهي عن هذه النيّة ـ بعيدا ووجه البعد ان نيّة الصوم متقربا إلخ ويحتمل ان يكون المراد ان كون نيّة الصوم غير منهي عنها بعيد وانما المنهي نية صوم غير الشهر ، ووجه البعد انه قصد واحد إلخ ولعل هذا المعنى أظهر من الأول

(٢ ـ ٣) يعني لا يعلم انه شهر رمضان أو علم ونسيه فنوى صوم غيره فيه

(٤) يعنى لا خلاف في اجزاء الصوم في المسألة المفروضة بالنسبة إلى الجاهل والناسي

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفقت له (١)

وحسنة معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان ، فيكون كذلك ، فقال : هو شي‌ء وفّق له (٢).

وموثقة سماعة قال : سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدري أهو من شعبان أو من شهر رمضان؟ فصامه فكان (فصامه ـ يب) من شهر رمضان ، قال : هو يوم وفّق له ولا قضاء عليه (٣).

والظاهر انه من الإمام عليه السّلام.

ورواية بشير النبّال ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن صوم يوم الشك ، فقال : صمه ، فإن يك من شعبان كان تطوعا ، وان يك من شهر رمضان ، فيوم وفّقت له (٤).

وغيرها من الاخبار الكثيرة.

فهذه الاخبار كلّها تدل على اجزاء الصّوم في شهر رمضان عنه مع جهل كونه منه ، وانه كذلك يجزى عنه وان صام بقصد شعبان لعمومها ، بل ظهورها في ذلك.

لأنّ الظاهر انه ما ينوي حينئذ إلّا عن شعبان وندبا.

وللتصريح بذلك في خبر سماعة ، عن ابى عبد الله عليه السّلام حيث قال

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب وجوب الصوم ونيته

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب وجوب الصوم ونيته

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٦ من أبواب وجوب الصوم ونيته

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب وجوب الصوم ونيّته

١٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ فيه ـ بعد قوله عليه السّلام : (فاعتد به) (١) ـ : فإنما هو شي‌ء وفّقك (الله ـ له خ) انما يصام يوم الشك من شعبان ولا يصومه من شهر رمضان ، لانه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك ، وانما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان ، فان كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضّل الله عز وجلّ وبما قد وسّع الله على عباده ، ولو لا ذلك لهلك الناس (٢).

ولما (٣) في رواية محمد بن شهاب الزّهري ، قال : سمعت علىّ بن الحسين عليهما السّلام يقول : يوم الشك أمرنا بصيامه ونهينا عنه ، أمرنا أن يصومه الإنسان على انه من شعبان ونهينا عن أن يصومه الإنسان على انه من شهر رمضان وهو لم ير الهلال (٤).

وحمل الشيخ ـ على الصوم بنيّة شهر رمضان ـ ما ورد في النهي عن صوم يوم الشك وقضائه على تقدير صومه.

مثل صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السّلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان ، فقال عليه السّلام : عليه قضائه وان كان كذلك (٥) ويمكن (٦) القول بالجواز والاجزاء عن شهر رمضان وان قصده أيضا مع

__________________

(١) يعنى اعتد بصوم يوم الشك في احتسابه من رمضان

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته

(٣) عطف على قوله قده : في خبر سماعة يعني قد صرّح في هذا الخبر أيضا بأنه ينوي يوم الشك عن شعبان لا على قوله قده : (وللتصريح بذلك)

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيّته

(٥) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم ونيته

(٦) واعلم انه قد تعرّض حكم العمد فحكم بعدم الإجزاء ، ثم تعرض لحكم الجهل بالموضوع ونسيانه فحكم بالإجزاء بقي التعرض لحكم الجهل بالحكم ، فقوله قده : ويمكن القول بالجواز إلخ بيان للأخير فلا تغفل

١٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

جهله بعدم جواز ذلك له لعموم الأخبار.

مثل صحيحة الكاهلي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان؟ قال : لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إلى من أن أفطر يوما من شهر رمضان (١).

بل هذه ظاهرة في قصده من شهر رمضان ، فافهم.

وهذه مذكورة في الكافي ، والتهذيب ، والفقيه مرّتين (٢) مع شهرة مضمونها بين الأصحاب ونقل الصدوق فيه أيضا ، عن أمير المؤمنين عليه السّلام : لأن أفطر يوما من شهر رمضان أحبّ الىّ من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان (٣).

وقال : قال مصنف هذا الكتاب رضى الله عنه : وهذا حديث غريب ولا أعرفه الا من طريق عبد العظيم بن عبد الله الحسنى المدفون بالري في مقابر الشجرة وكان مرضيا ، رضى الله عنه (٤) (انتهى).

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم ونيّته

(٢) قوله قده : (مرتين) قيد للأخير يعنى نقله الصدوق في باب صوم يوم الشك مرتين مرّة في الحديث الأول واخرى في الحديث الأخير

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٨ من أبواب وجوب الصوم ونيّته وقال في الوافي : معنى الحديث ان إفطار يوم الشك بنية شعبان إذا لم يعلم انه من شهر رمضان أحبّ الى من صيامه بنيّة انه من شهر رمضان وذلك لان إفطاره على تلك النيّة جائز مرخص فيه وصيامه على هذه النية بدعة منهي عنه (انتهى)

(٤) ولا يخفى ان هذه العبارة توهم ، أنّ الصدوق رحمه الله ذكر قوله : قال مصنف هذا الكتاب إلخ عقيب نقله قول أمير المؤمنين عليه السّلام : لأن أفطر يوما من شهر رمضان إلخ وليس كذلك وانما ذكره عقيب نقله ره عن أمير المؤمنين عليه السّلام : لأن أصوم يوما من شعبان أحب الى إلخ فراجع الفقيه (باب صوم الشك) الحديث الأخير ، وكأنّ ما ذكره الشارح قده هنا من قوله : ونقل الصدوق فيه أيضا بمنزلة جملة معترضة ، بين ما نقله أوّلا من خبر الكاهلي الموافق لما نقله الصدوق مرّتين عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، وبين قوله قده : وقال : قال

١٦٠