مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوبا لجواز الإفطار في النفل بالمفطر الاتفاقي ، فالارتماس بالطريق الأولى.

ويمكن التحريم مطلقا على تقدير اعتقاد بقاء الصوم بحاله ، وعدم القول بأنه مفطر ، بل محرّم فقط ، لعموم الاخبار ، وهو بعيد ، فيخصّص عموم الأخبار كسائر الأخبار الدالة على وجوب الاجتناب بالواجب.

وما اختاره المصنف من التحريم وعدم القضاء والكفارة في الارتماس هو احد المذاهب.

(وقيل) : بوجوبهما أيضا ، وهو مذهب الشيخ المفيد ، ومذهب السيد في الانتصار والشيخ في أكثر كتبه ومذهب ابن البرّاج.

(وقيل) : بوجوب القضاء فقط وهو مذهب ابى الصلاح.

(وقيل) : بعدم وجوبه أيضا ، بل الكراهة ، ونسب ذلك في المنتهى الى السيد فالمذاهب أربعة ، وقال في المختلف : ثلاثة ، طرفان وواسطة (١) ، وجوبهما وعدمه أصلا ، ووجوب القضاء فقط.

فكأنه ما نظر الى تفصيل احد الطرفين (٢).

وجعل المذاهب أربعة في المنتهى ، ولكن جعل الرابع عدم الكراهة ، ونسبه الى ابن ابى عقيل والجمهور ، فتكون خمسة.

والظاهر ، التحريم لصحيحة الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : الصائم يستنقع في الماء ولا يرمس رأسه (٣).

وصحيحة حريز عنه عليه السّلام قال : لا يرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في

__________________

(١) عبارة المختلف هكذا : وفي الارتماس في الماء أقوال ثلاثة طرفان وواسطة (انتهى)

(٢) وهو التفصيل بين التحريم وعدم وجوب القضاء والكفارة كما اختاره المصنف هنا

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الماء (١) ولا شك في التحريم في المحرم.

وصحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال : الصائم يستنقع في الماء ويصب على رأسه ويتبرد بالثوب وينضح بالمروحة وينضح البوريا تحته ولا يغمس رأسه في الماء (٢) وصحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال ـ وفي الفقيه أربع خصال ـ الطعام والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء (٣) ـ والظاهر من النهي ، هو التحريم.

ولا يدل على عدمه رواية عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يكره (كره ـ خ) للصائم ان يرتمس في الماء (٤).

لعدم صحة السند ، وعدم صراحة (كره) في عدم التحريم وهو بمعنى التحريم كثير فيحمل عليه لما سبق.

واما وجوب القضاء والكفارة ففي الأخبار المتقدمة اشارة اليه خصوصا الأخير حيث يشعر بأنه يضر بالصوم ، وانه مثل الأكل والشرب والنساء ، فالقول به غير بعيد خصوصا القضاء ، ولنقل الإجماع عليهما عن الشيخ في المختلف.

الا أن (الأصل) ـ وعدم الصراحة ، واحتمال الضرر بغير الإفساد ووجوب القضاء والكفارة ، بل في العقاب فقط ، مثل العقاب بما يقارنه ، وعدم ثبوت الإجماع ، ولهذا قال الشيخ أيضا في بعض كتبه بعدم وجوبهما ـ (يدل) على العدم.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيده موثقة إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال : ليس عليه قضائه ولا يعودنّ (١) ونفى القضاء مستلزم لنفى الكفارة.

ويؤيده أيضا مقارنته بالإحرام في صحيحة حريز (٢).

مع عدم وجوبهما (٣) في الإحرام.

قال الشيخ في الاستبصار : فالوجه في هذين الخبرين (اى الأخبرين) (٤) وما جرى مجراهما ان نحمله على ضرب من التقيّة ، لأنّ ذلك موافق للعامة ، ويجوز ان يكون ذلك مختصا بإسقاط القضاء والكفارة وان كان الفعل محظورا لانه لا يمتنع ان يكون الفعل محظورا ولا يجوز ارتكابه ، وان لم يوجب القضاء والكفارة.

ولست اعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء (٥) ، انتهى.

يريد التصريح في ذلك ، فمذهب المصنف غير بعيد ، وينبغي الاحتياط فقوله : (على رأى) ، إشارة إلى مذهبه في وطى الدابة ، والكذب والارتماس والخلاف فيها.

واعلم ان الأخبار صريحة في تعلق الحكم بغمس الرأس فقط في الماء فلا يبعد التعميم في الانغماس.

والظاهر صحة الغسل مع الانغماس مطلقا الا ان يعلم كون وصول الماء

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) أي القضاء والكفارة

(٤) هما خبرا عبد الله بن سنان وإسحاق بن عمار

(٥) الى هنا كلام الاستبصار

١٠٣

ويكره تقبيل النساء ، ولمسهن ، وملاعبتهن.

______________________________________________________

إلى الرأس بالارتماس المحرّم ، وهو بعيد ، فتأمل فيه ، فإنه دقيق

قوله : «ويكره تقبيل النساء إلخ» هذا إشارة إلى عد المكروهات في الصوم ، ومنها مباشرة النساء.

ويدل عليها الاخبار ، مثل صحيحة محمد بن مسلم وزرارة جميعا عن ابى جعفر عليه السّلام انه سأل هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟ فقال : انّى أخاف عليه فليتنزه من ذلك الا ان يثق ان لا يسبقه منيّه (١).

وصحيحة جميل وزرارة وابى بصير جميعا عن ابى جعفر عليه السّلام (أيضا) قال : لا تنقض القبلة الصوم (٢) ـ وغير ذلك من الاخبار.

ويفهم من الأولى كراهة المسّ والملاعبة أيضا وجوازهما من غيرها أيضا وما في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام (في حديث) وقال : لا تباشروهن يعنى الغشيان في شهر رمضان بالنهار (٣).

واخرى له عنه عليه السّلام : والمباشرة ليس بها بأس ولا قضاء يومه ولا ينبغي له ان يتعرض لرمضان (٤) وقد مرّ أيضا في جواز مصّ اللسان ما يدل على الجواز.

والظاهر إطلاق الكراهيّة وتكون بالنسبة إلى الشباب وصاحب الشهوة

__________________

(١) الوسائل باب ٣٣ حديث ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣٣ حديث ١٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٣٣ حديث ١٦ منها وصدره هكذا : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يضع يده على جسد امرأته وهو صائم؟ فقال : لا بأس وان أمذى فلا يفطر قال : وقال إلخ

(٤) الوسائل باب ٣٣ حديث ١٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٤

والاكتحال بما فيه صبر أو مسك

______________________________________________________

الكثيرة أشدّ كما يشعر به بعض الاخبار ، مثل حسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام انه سئل عن رجل يمسّ من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟

فقال : ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المنى (١) وقال : لا تنقض القبلة الصوم (٢).

وصحيحة منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام ما تقول في الصائم يقبّل الجارية والمرأة؟ فقال : اما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس ، واما الشاب الشّبق فلا ، لانه لا يؤمن ، والقبلة إحدى الشهوتين ، قلت فما ترى في مثلي يكون له الجارية فيلاعبها؟ فقال لي : انك لشبق يا أبا حازم كيف طعمك؟ قلت : ان شبعت أضرّني ، وان جعت أضعفني؟ قال : كذلك انا فكيف أنت والنساء؟ قلت : ولا شي‌ء ، قال : ولكني يا أبا حازم ما أشاء ان يكون ذلك منى الا فعلت (٣)

ويحتمل اختصاص الكراهيّة بالأخير لحمل المطلق من الاخبار على المقيّد منها كما تقتضيه الأصول ، والاجتناب مطلقا أحوط.

وأيضا الظاهر انه أعم من ظن حصول المنى معه أم لا ، ويفهم إجماع الأصحاب على ذلك من المنتهى حيث ما نقل التحريم حينئذ إلا عن بعض الشافعيّة ويمكن المنع خصوصا إذا كان العادة والغالب حصوله فتأمّل.

واما الإكتحال فقال المصنف في المنتهى : ويكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل الى الحلق وليس بمفطر ولا محظور ذهب إليه علمائنا.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣٣ حديث ٢ عن زرارة عن ابى عبد الله (ابى جعفر)

(٣) الوسائل باب ٣٣ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وتدل عليه رواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام في الصائم يكتحل فقال : لا بأس به ليس بطعام ولا شراب (١).

ورواية ابن ابى يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الكحل للصائم؟ فقال : لا بأس به انه ليس بطعام يؤكل (٢).

وفيهما دلالة على عدم الإفساد بكلّ ما ليس بطعام ولا شراب فيشعر ان بمذهب السيد ولكن السند غير صحيح.

وفي رواية عبد الحميد بن ابى العلاء أيضا عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بالكحل للصائم (٣).

وأنت تعلم ان هذه ليست بحجّة في عدم الكراهيّة ، ولا في الجواز بحيث يعلم دخوله المعدة فيحتمل الكراهيّة بدون القيد ، والتحريم معه فتأمّل.

واما ما يدل على كراهة المقيد بما فيه المسك أو الصبر كما هو المشهور والمذكور ، مثل رواية سماعة قال : سألته عن الكحل للصائم؟ فقال : إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فليس به بأس (٤).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن المرأة تكتحل وهي صائمة فقال : إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس (٥).

فيحمل عليه المطلق من الأخبار الدالّة على المنع والجواز وعدم الكراهيّة ، مثل ما مرّ.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) الوسائل باب ٢٥ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثل صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام انه سئل عن الرجل يكتحل وهو صائم فقال : لا إنى أتخوف أن يدخل رأسه (١).

وصحيحة سعد بن سعد الأشعري عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال :

سألته (عن الرجل) (عمن خ ل) يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذرّ عينه بالنهار وهو صائم؟ قال : يذرها إذا أفطر ولا يذرّها وهو صائم (٢).

وقريب منه ـ رواية الحسن بن على قال : سألت أبا الحسن (الرضا خ ل) عليه السّلام عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذرور وما أشبهه أم لا يسوغ له ذلك؟ فقال : لا يكتحل (٣).

وفيهما دلالة على جواز الصيام (الصوم خ ل) مع الرمد وحملت على الكراهيّة لا التحريم للإشعار فيها بذلك مثل قوله : (أتخوف) (٤).

ولظهور ان الممنوع هو الأكل ونحوه ممّا يصل الى المعدة على ما مرّ ، وهنا غير معلوم الوصول ، ولخبر الحسين (الحسن خ ل) بن عبد ربه (٥) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : اكتحل بكحل فيه مسك وانا صائم؟ فقال : لا بأس به (٦) ولا يبعد الكراهيّة مطلقا والشدة فيما فيه المسك ونحوه ، ولا شك ان الاجتناب مطلقا أحوط واولى.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) في الوسائل (أبي غندر) بدل (عبد ربه) وهو بضم الغين المعجمة وإسكان النون وفتح الدال المهملة ـ إيضاح.

(٦) الوسائل باب ٢٥ حديث ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٧

وإخراج الدم ، ودخول الحمام المضعفان ،

______________________________________________________

وما رأيت خبرا خاصا في الصبر على ما هو في المتن وأكثر المتون فوجه التخصيص غير ظاهر كأنه ذكر هو والمسك على سبيل التمثيل.

قوله : «وإخراج الدم إلخ» الذي في الرواية هو الحجامة لا مطلق إخراج الدم فيمكن التعميم لاستخراج العلة أو يكون لهم خبر ، ما رأيته.

ويفهم الإجماع على كراهة القصد أيضا من المنتهى.

فأما الذي يدل على كراهتها مع الضعف ، وعدمها مع عدمه فهو صحيحة سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم يحتجم ، فقال : لا بأس الّا ان يتخوف على نفسه الضعف (١).

وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الصائم أيحتجم؟ فقال : إني أتخوف عليه ، أما يتخوف به على نفسه ،؟ قلت : ما ذا يتخوف عليه؟ قال : الغشيان أو تثور (٢) به مرّة ، قلت : أرأيت ان قوى على ذلك ولم يخش شيئا؟ قال : نعم ان شاء (٣).

ورواية الحسين بن ابى العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الحجامة للصائم؟ قال : نعم إذا لم يخف ضعفا (٤).

وفي الحسين قول لا يضر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ١٠ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) أي يهيّج به الصفراء

(٣) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي ورد في النهي مطلقا أو الجواز مطلقا يمكن حملهما على المقيّد مثل صحيحة عبد الله بن ميمون ، عن ابى عبد الله عن أبيه عليهما السّلام قال : ثلاثة لا يفطرن الصائم ، القي‌ء والاحتلام ، والحجامة ، وقد احتجم النبي صلّى الله عليه وآله وهو صائم وكان لا يرى بأسا بالكحل للصائم (١).

أو على الجواز مطلقا ، فإن الكراهيّة لا تنافي الجواز ، وهذه تدل على جواز الاكتحال فيمكن تقييده بما مرّ فلا يكون مكروها أيضا.

وعلى عدم الإفطار بالاحتلام في النهار في مطلق الصوم.

وعلى عدم الإفطار بالقي‌ء ، ويمكن حمل القي‌ء على ما يحصل بغير الاختيار ، لا بالعمد والاختيار الموجب للقضاء أو يحمل الإفطار على إيجاب القضاء والكفارة ، وهو بعيد.

ومثل صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بأن يحتجم الصائم إلا في رمضان ، فإني أكره أن يغرّر بنفسه الّا ان لا يخاف على نفسه وانّا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا ليلا. (٢)

يفهم منها تأكيد الكراهيّة في شهر رمضان لعله لشدة الاهتمام بصومه أو لكثرته فتوقي الضعف فيه أكثر ، وحمل المنع المستفاد من هذه الاخبار ، على الكراهيّة لا على التحريم للإشعار فيها بها كما يفهم من التعليل بخوف الضعف ، وهو غير مناسب له بل للكراهية ، ولنقل الإجماع في المنتهى قال : ويكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة ، ولا يفطر بالحجامة ، وليست محظورة ، ذهب إليه علمائنا. (انتهى).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ١٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١٠٩

والسعوط بما لا يتعدى الحلق

______________________________________________________

واما (١) ما يدل على كراهة دخول الحمام مع الضعف ، فهو صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام انه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ فقال : لا بأس ، ما لم يخش ضعفا. (٢)

فإنها تدل على البأس معه فيكون مكروها ، وللعلة كما مرّ ويحمل على المقيّد ، نفى البأس في خبر ابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (٣) أو البأس على التحريم.

واما السعوط فقال المصنف في المنتهى : ومنع المفيد عن السعوط وهو الذي يصل الى الدماغ من انفه ، وأبو الصلاح أيضا ، وأفسدا به الصوم مطلقا. (انتهى)

الظاهر انه يريد به ، سواء دخل الحلق أم لا.

ونقل في المختلف عن الشيخ المفيد وسلار القضاء والكفارة ، وعن ابى الصلاح وابن البرّاج القضاء خاصة ، ونقل عن الشيخ في المبسوط انه مكروه ولا يفسد الصوم سواء بلغ الدماغ أم لم يبلغ الا ما ينزل الى الحلق فإنه يفطر ويوجب القضاء ، ثم قال : هو الصحيح عندي.

أما دليل عدم التحريم والإفساد مع عدم وصول الحلق ، فهو الأصل وعدم صدق المفطر ، فإنه انما يكون مع دخوله المعدة وهو ظاهر ، ومنه يعلم تحريمه مع الوصول عمدا عالما اختيارا والقضاء وهو ظاهر.

واما عدم الكفارة حينئذ فكأنه لعدم دليل خاص وعدم عموم دال على

__________________

(١) قد سبق متنه آنفا

(٢) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يدخل الحمّام وهو صائم قال : لا بأس ـ الوسائل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١١٠

وشمّ الرياحين خصوصا النرجس

______________________________________________________

وجوب الكفارة. بمطلق ما يصل الى الحلق عمدا وقد مرّ لكنه محلّ التأمل لأن إيصال الغذاء من الحلق إلى المعدة عمدا عالما مختارا ، يوجبها ، ولهذا اختار وجوبها أيضا في المختلف ، ولا نزاع في الوجوب مع صدق الأكل الا ان يحمل على الجهل أو عذر آخر.

واما دليل الكراهيّة فهو احتمال الوصول ، والخلاف ، وما في رواية ليث المرادي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم يحتجم ويصبّ في اذنه الدهن؟ قال : لا بأس إلا السعوط ، فإنه يكره (١).

وهذه تدل على نفى التحريم أيضا ، وعلى جواز الحجامة ، وصبّ الدهن في الاذن ، قال الشيخ : امّا السعوط فليس في شي‌ء من الاخبار انه يلزم المتسعط ، الكفارة ، وانما ورد مورد الكراهيّة ـ ولكن قال في الفقيه : ولا يجوز للصائم ان يستعط ـ والظاهر انه من تتمة صحيحة البزنطي (٢).

فالظاهر منه التحريم ، ويمكن الحمل على الكراهيّة ، وعلى وصول الجوف ، والاحتياط يقتضي العدم مطلقا.

واما كراهة شم الرياحين ، فدليل جوازه الأصل وعدم كون الشم داخلا في المفطر ، والأخبار الكثيرة

مثل صحيحة محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الصائم

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) في الفقيه ج ٢ ص ١١١ ح ١٨٦٩ (باب آداب الصائم إلخ) هكذا : وسأل أحمد بن محمد بن ابى نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان فقال : الصائم لا يجوز له ان يحتقن ـ ولا يجوز للصائم ان يستعط ، ولا بأس ان يصبّ الدواء في اذنه إلخ ـ ولكن لا يخفى انه نقل هذا الخبر بعينه عن هذا الراوي بعينه عنه (عليه السلام) في الكافي إلى قوله : ان يحتقن ولم يجعله في الوسائل أيضا من تتمة الخبر فلا حظ الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

يشمّ الريحان والطيب؟ قال : لا بأس به. (١)

وما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن (الرضا خ ـ صا) عليه السّلام عن الصائم يشمّ الرّيحان أم لا ترى ذلك له؟ فقال : لا بأس به (٢) والاخبار في ذلك كثيرة.

واما الكراهية فيدل عليها النهي الواقع في الاخبار مثل رواية الحسن بن راشد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : الصائم لا يشمّ الريحان (٣).

ورواية الحسن الصيقل عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ فقال : لا ولا يشمّ الريحان (٤).

وما في رواية الحسن (الحسين ـ خ) بن راشد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الصائم يشم الريحان؟ قال : لا ، لأنه لذة ويكره له ان يتلذذ (٥).

وحملت هذه على الكراهيّة للفظ (يكره) ، وعدم صحّة سند الاخبار ، وللجمع. وقال في المنتهى : وشمّ الرياحين مكروه ، ويتأكّد في النرجس وهو قول علمائنا اجمع. على أنه قال في المختلف : قال في النهاية : شمّ الرائحة الغليظة التي تصل الى الجوف يوجب القضاء والكفّارة ، وبه قال ابن البرّاج.

واستدل (٦) له برواية سليمان بن جعفر (حفص خ ل) المروزي (٧) التي

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ١٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٣٢ حديث ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٥) الوسائل باب ٣٢ حديث ٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) يعنى استدل العلامة (ره) في المختلف لابن البرّاج في المختلف

(٧) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ولفظ الحديث هكذا : سليمان بن حفص

١١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

تقدمت في مسألة الغبار.

وأجاب بمنع صحّة السند ، والإضمار ، واحتمال الجواب (١) عن الغبار لا الشمّ ، وبالقول بالموجب (٢) ، فإنّ الغلظة صفة الأجسام ، فجاز أن يكون المراد ذا الرّائحة.

قلت : فعلى هذا يمكن ارتفاع الخلاف ، لكون مرادهما أيضا ذلك ، فكأنه علم وصول ذي الرائحة إلى الحلق.

وبالجملة ، القول بالتحريم أو الفساد بمجرد الشمّ بهذه الرواية بعيد جدا.

والظاهر أنّ الكراهيّة في الرياحين ، لا الطيب الّا المسك ، للأصل وعدم صدق الريحان ، ولما مرّ من عدم البأس بالطيب.

ولرواية الحسن بن راشد ، قال : كان أبو عبد الله عليه السّلام إذا صام تطيّب بالطيب ، ويقول : الطيب تحفة الصائم (٣).

ولعموم ما يدل على الترغيب بالطيب من الاخبار ، ولعدم صحّة اخبار الكراهيّة في شمّ الريحان أيضا ، ولعدم ظهور قول الأصحاب بكراهة الطيب ، ولهذا قيّد بالرياحين.

__________________

قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين ، فان ذلك له فطر (مفطر ـ ئل) مثل الأكل والشرب والنكاح

(١) يعنى يحتمل ان يكون جواب الامام عليه السّلام بقوله عليه السّلام : فعليه صوم شهرين متتابعين إلخ عن دخول الغبار في الحلق لا عن الشمّ

(٢) الظاهر انه مبنىّ للمفعول يعنى ان ما أوجبه في عبارة النهاية من القضاء والكفارة نقول نحن أيضا به فإن الغلظة إلخ

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١١٣

وبلّ الثوب على الجسد ،

______________________________________________________

نعم تدل على كراهة المسك رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام (قال خ) إنّ عليّا عليه السّلام كره المسك أن يتطيّب به الصائم (١).

وقال في الفقيه : روى أنّ من تطيّب بطيب أوّل النهار وهو صائم لم يكد يفقد عقله (٢)

واما ما يدلّ على شدّة كراهة النرجس فهو رواية محمد بن الفيض (العيص خ) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام ينهى عن النرجس ، فقلت : جعلت فداك لم ذاك؟ قال : لانه ريحان الأعاجم (٣).

قال في الكافي : أخبرني بعض أصحابنا ان الأعاجم كانت تشمّ إذا صاموا وقالوا : انه يمسك الجوع.

ولعل شدتها من جهة اختصاصه بالنهي مع دخوله في المطلقات ، وقال الشيخ : يحتمل ان يراد بما في المطلقات النرجس.

قوله : «وبلّ الثوب على الجسد» الظاهر انه يريد لبس الثوب المبلول ، ودليل الجواز ظاهر.

وتدل على الكراهيّة رواية الحسن الصيقل المتقدمة (٤)

ورواية الحسن بن راشد ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت : الحائض تقضى الصلاة؟ قال : لا ، قلت : تقضى الصوم؟ قال : نعم ، قلت : من اين جاء ذا (هذا خ)؟ قال : إنّ أوّل من قاس إبليس ، قلت : الصائم يستنقع في الماء؟ قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ونقله في الفقيه في باب صوم السنة بقوله «قده» : وقال الصادق عليه السّلام : من تطيب الا ان في آخره لم يفقد عقله بإسقاط لفظة (لم يكد)

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٤) الوسائل باب ٣٢ حديث ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١١٤

وجلوس المرأة في الماء

______________________________________________________

نعم ، قلت : فيبلّ ثوبا على جسده؟ قال : لا قلت : من اين جاء ذا (هذا خ)؟ قال : من ذاك ، قلت : الصائم يشمّ الريحان؟ قال : لا ، لأنه لذة ويكره ان يتلذذ (١)

والظاهر انه على تقدير عصر الثوب تزول الكراهيّة فالمراد المبلول بالبل الكثير لا مجرد الرطوبة كما يفهم من رواية عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لا تلزق ثوبك (الى جسدك) وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره (٢)

ويحتمل العموم كما هو ظاهر غير هذه ، وتكون هذه لنفى شدة الكراهيّة.

وامّا الاستنقاع في الماء فالظاهر عدم الكراهية للرجل لما مر في خبر ابن راشد (٣).

وصحيحتي الحلبي (٤) ، ومحمد بن مسلم (٥) في الارتماس ، ولرواية حنان الآتية.

واما الكراهيّة للمرأة فتدل عليه رواية حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم يستنقع في الماء قال : لا بأس ، ولكن لا ينغمس فيه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بقبلها (بفرجها ـ كا يب) (٦)

وهي محمولة على الكراهيّة لعدم صحة السند ، وعموم الأخبار الكثيرة الصحيحة والأصل ، ولان الصوم انعقد شرعا ولا يصدق على ذلك ، المفطر ، والحمل غير متحقق (٧) فيمكن كون المراد في الرواية بذلك احتمال حمل الماء وخوف ذلك

__________________

(١) الوسائل باب ٤١ حديث ٣ من أبواب الحيض من كتاب الطهارة وباب ٣ حديث ٥ وباب ٣٢ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من كتاب الصوم

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣ ـ ٤ ـ ٥) الوسائل باب ٣ حديث ٥ ـ ٧ ـ ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٦) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٧) أي حمل الماء بالفرج

١١٥

ولو أجنب ونام ناويا للغسل فطلع الفجر أو أجنب نهارا أو نظر الى امرأة فأمنى أو استمتع (استمع ـ خ) فأمنى لم يفسد صومه.

______________________________________________________

كما يقال في علة الكراهيّة أمثال ذلك ، وعلى تقدير التحقق ، كون مثل ذلك حراما ومفطرا ، غير ظاهر وان كان القول بتحريم الحقنة بالمائع يشعر به.

ومن هذا علم عدم قوة القول بوجوب القضاء بذلك كما نقل عن ابى الصلاح ، والأحوط الترك.

قوله : «ولو أجنب ونام إلخ» هذا كله واضح ، ودليله ، الأصل ، وعدم ثبوت ما يرفعه وقد مرّ تحقيقه أيضا.

ولكن ينبغي تقييد النوم بظن الانتباه للعادة ونحوها ، وأيضا بما إذا لم يكن بعد انتباهه فيجب القضاء ، وبعد انتباهتين فيجب القضاء والكفارة بناء على ما مرّ من اقتضاء مذهب المصنف في المتن ذلك.

وتقييد قوله : (أو أجنب نهارا) بعدم كونه عمدا اختيارا وعالما ، بل قد يكون بالاحتلام ونحوه.

وكذا قوله : (أو نظر الى امرأة فأمنى أو استمتع (ـ استمع خ ـ) (١) بعدم قصد ذلك مع العادة بحصول المنى حينئذ فتأمّل.

وان الظاهر أنّ مثل الاحتلام بالنهار لا يضرّ بمطلق الصوم ندبا وواجبا معيّنا وغير معيّن ، قال في المنتهى : ولا نعلم فيه خلافا ، وقد مرّ ما يدلّ عليه.

وما ذكره في الفقيه : (ومن احتلم بالنهار في شهر رمضان فليتمّ صومه ولا قضاء عليه) (٢) وكأنه في صحيحة منصور بن حازم ما يؤيده.

__________________

(١) استمع جماع الغير ـ كذا في هامش بعض النسخ

(٢) ذكر في الفقيه هذه العبارة بعد نقل صحيحة منصور الدالة على عدم البأس في جعل النواة والخاتم في الفم وعدم بطلان الصوم بذلك فقول الشارح قده : كأنه في صحيحة منصور بن حازم ظاهره كونه جزء منها ،

١١٦

ولو تمضمض للتبرد ، فدخل الماء حلقه ، فالقضاء ، بخلاف مضمضة الصلاة ، والتداوي ، والعبث على رأى ،

______________________________________________________

قوله : «ولو تمضمض للتبرد إلخ» قال في المنتهى : ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء ، وللرواية.

وكذا لا خلاف في وجوب القضاء والكفّارة مع تعمّد ابتلاع الماء حينئذ واما ان ابتلعه بغير اختياره ، فان كانت للصلاة فلا قضاء عليه ولا كفارة ، وان كانت للتبرد أو العبث وجب عليه القضاء خاصة وهو قول علمائنا.

والذي يقتضيه الأصول عدم القضاء أيضا حينئذ وعدم التحريم ويدل على عدم التحريم الاخبار مثل تشبيه القبلة بها في الصوم.

ولكن يفهم من المنتهى (١) وغيره وجوب القضاء والتحريم إذا لم يكن لغرض صحيح حيث استدل على القضاء للتبرد والعبث بالتحريم وبعدمه على عدم القضاء للوضوء.

وأنت تعلم عدم ظهور دليل التحريم واستلزامه القضاء فتأمل.

واما الروايات فهي مثل صحيحة الحلبي (في زيادات التهذيب) عن ابى عبد الله عليه السّلام في الصائم يتوضأ للصلاة فدخل الماء حلقه؟ قال : ان كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء (شي‌ء خ كا) وان كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء (٢) ، ومثله في الكافي في الحسن عن حماد.

__________________

ولكن الظاهر انه من فتوى الصدوق رحمه الله كما هو دأبه من جعل الفتوى عقيب نقل الحديث ـ فلاحظ الفقيه ولكن لا حاجة الى جعله جزء منها ـ لورود الأخبار الأخر الدالة على عدم بطلان الصوم بالاحتلام في النهار فلاحظ الوسائل باب ٢٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(١) قال في المنتهى ص ٥٧٩ : ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافّة سواء كان في الطهارة أو غيرها ، لأن النبي صلّى الله عليه وآله قال لعمر لما سأله عن القبلة : أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟ فقال : لا بأس ، قال : فمه انتهى

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثلهما رواية يونس ، قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شي‌ء وقد تم صومه ، وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة ، والأفضل للصائم أن لا يتمضمض (١).

وظاهرها عدم القضاء في الوضوء لصلاة الفريضة ، والقضاء في غيره مطلقا ، وهو خلاف ما ذكره الأصحاب.

نعم رواية سماعة قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال : عليه قضاءه وان كان في وضوء فلا بأس به (٢) تشعر بما ذكره الأصحاب كما في المتن ، ولكنها غير صحيحة مع الإضمار

ويدل على عدم شي‌ء مطلقا الا مع القصد ، موثقة عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يتمضمض ، فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال : ليس عليه شي‌ء إذا لم يتعمد ذلك ، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء؟ قال : ليس عليه شي‌ء ، قلت : فان تمضمض الثالثة؟ قال : فقال : قد أساء ليس عليه شي‌ء ولا قضاء (٣).

ويمكن حمل الأول على الاستحباب ، ولكن هذه غير صحيحة مع صحيحة فيها وتفصيلها فتحمل هذه على الوضوء للفريضة كما هو مقتضى الأصول وان كان هو خلاف قول الأصحاب فيشكل ذلك.

ولكن القول بما قالوه أيضا مشكل ، لعدم الدليل الواضح ، بل الواضح

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

١١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

القول بمضمون الأول (١) كما هو مقتضى الأدلة.

ويشكل أيضا الجمع بين ما في المتن من عدم شي‌ء في المضمضة للعبث وبين الإجماع المفهوم من قول المنتهى : وان كان للتبرّد أو العبث الى آخره.

وفي رواية زيد الشحام عن ابى عبد الله عليه السّلام في الصائم يتمضمض؟ قال : لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرّات قال : وقد روى مرّة واحدة (٢) والعمل بمضمونها ليس ببعيد وان لم تكن صحيحة لموافقتها القولين.

بل لا يبعد ترك المضمضة ولو كان للوضوء في الفريضة لما مرّ في الخبر (٣) ، وللتجنب عن احتمال المفسد ، واحتمال بقاء الرطوبة مع الريق ، ودخوله الحلق مع عدم ثبوت استحباب المضمضة والاستنشاق بدليل قوى مطلقا فتأمل.

والظاهر عدم الفرق بين المضمضة والاستنشاق ، واحتمال العمل فيه بالأصل من عدم إيجاب شي‌ء أصلا لعدم دليل موجب وعدم صحة القياس.

وظاهر كلام الشيخ في التهذيب وجوب الكفارة أيضا حيث قال : والمضمضة والاستنشاق قد بيّنا حكمهما ، انه إذا كان للصلاة فلا شي‌ء عليه بما يدخل منه في حلقه ، وان كان لغير الصلاة فعليه القضاء والكفارة.

ثم استدل (٤) عليه برواية سليمان بن جعفر (حفص خ) المروزي قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين

__________________

(١) الظاهر ان المراد من الأول الخبر الأول المتقدم وهو صحيحة الحلبي

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ١ ـ ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٣) يعني خبر يونس على الظاهر أو خبر عمار

(٤) يعنى الشيخ في التهذيب

١١٩

ولو ابتلع بقايا الغذاء في أسنانه عامدا كفّر.

ولو صبّ في إحليله دواء فوصل (الى ـ خ) جوفه فالقضاء على رأى

______________________________________________________

فان ذلك له فطر (مفطر ئل) مثل الأكل والشرب والجماع (١).

وهي غير صحيحة لجهل سليمان ، ومقطوعة ، وغير صريحة فيها لقوله (غبار) ، على ان الظاهر انها محمولة على العمد والاختيار كما يظهر من التشبيه وغيره وما بيّن فيما سبق إلا رواية يونس ، وقد عرفت دلالتها.

وبالجملة هذه المسألة أيضا من المشكلات حيث ان الروايات خلاف مقتضى الأصل ، وخلاف كلام الأصحاب ، فإن قلنا بها يلزم طرح قولهم ، وبالعكس ، العكس.

وظاهر المصنف هنا وجوب القضاء للتبرد فقط دون العبث ، ولوضوء الصلاة مطلقا ، وللتداوي وهو خلاف ما في المنتهى وبعض العبارات والروايات أيضا.

ولعل الرأي (٢) إشارة إلى خلاف وجوب القضاء في العبث ، ويمكن جعله إشارة إلى خلاف الشيخ وغيره في وجوب الكفارة أيضا ، وانه ألحق التداوي بالصلاة وجعل الصلاة أعم كغيره للأصل ، فتأمل.

قوله : «ولو ابتلع بقايا الغذاء إلخ» دليله واضح وهو صدق الأكل الموجب للقضاء والكفارة الا ان يفرض (يعرض خ ل) الجهل أو النسيان وغير ذلك

قوله : «ولو صبّ في إحليله دواء فوصل إلى جوفه ، فالقضاء على رأى» لعل سبب وجوب القضاء دخول المفطر إلى المعدة الذي هو ممنوع ومفسد ، والكفّارة

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) يعني في قول المصنف والتداوي والعبث على رأى

١٢٠